Skip to main content

Full text of "المحارب الدبلومسي معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن الى افغانستان .. مايكل والتز .. تقدريم بيتر بيرجن"

See other formats







معارك ari‏ مقاتلى القبعات الخضر 


من وا إلى أفغانستان 





تقديم: Hu‏ بيرجن 






7 : 
معطي 5 مركز الإمارات للدراسات والبحوت الاسترائيجية 
كك 

QUT 





المحارب الدبلوماسى 
معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر 
من واشنطن إلى أفغانستان 


تأليف: مايكل ج. والتز 
التقديم: بيتر بير جن 


مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية 


أنشئ مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في 14 
مارس 1994؛ Gy‏ إعداد البحوث والدراسات الأكاديمية للقضايا 
السياسية والاقتصادية والاجتاعية المتعلقة بدولة الإمارات العربية المتحدة 
ومنطقة الخليج والعالم العربي. ويسعى المركز لتوفير الوسط الملائم لتبادل 
الآراء العلمية حول هذه ال موضوعات» من خلال قيامه بنشر الكتب 
. والبحوث وعقد المؤتمرات والندوات. كا يأمل مركز الإمارات للدراسات 
والبحوث الاستراتيجية أن يسهم بشكل فعال في دفع العملية التنموية في 
دولة الإمارات العربية المتحدة. 


يعمل المركز في إطار ثلاثة محالات هي مجال البحوث والدراسات» 
ومجال إعداد الكوادر البحثية وتدريبهاء ومجال خدمة المجتمع» وذلك من 
أجل تحقيق أهدافه الممثلة في تشجيع البحث العلمي النابع من تطلعات 
المجتمع واحتياجاته» وتنظيم الملتقيات الفكرية» ومتابعة التطورات 
العلمية ودراسة انعكاساتهاء وإعداد الدراسات المستقبلية» وتبني 
البرامج التي تدعم تطوير الكوادر البحثية المواطنة» والاهتام بجمع 
البيانات والمعلومات وتوثيقها وتخزينها وتحليلها بالطرق العلمية الحديثة» 
والتعاون مع أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة في مجالات الدراسات 
والبحوث العلمية. 


المحارب الدبلوماسى 
معارك أحد مقاتلى القبعات 
الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


This is an authorized translation of Warrior Diplomat: A Green Beret’s 
Battles from Washington to Afghanistan, by Michael G. Waltz, and 
published in 2014 by the University of Nebraska Press, USA. The ECSSR 
is indebted to the author and publisher for permitting the translation, 
publication and distribution of this work under its name. 


حتوى الكتاب لا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر المركز 
للطبعة العربية 
© مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية 2019 
جميع الحقوق محفوظة 
الطبعة الأولى 2019 


النسخة العادية 978-9948-24-553-7 ISBN‏ 
النسخة الإلكترونية 978-9948-24-552-0 ISBN‏ 


توجه جميع المراسلات إلى العنوان الآتي: 
مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية 


ص. ب : 4567 
أبوظبى -دولة الإمارات العربية المتحدة 
هاتف: 9712-4044541+ 
فاكس: 9712-4044542+ 


E-mail: pubdis@ecssr.ae 
Website: http://www.ecssr.ae 


3 
مهدى إلى عائلات الث 
اء مر“ 
لشهداء من جنودنا؛ 


A‏ مو 
k ut‏ وبنا. 


المحتويات 


تقديم EA PSR TR Te ee Mere eee TEN cere eee‏ 
تمهيد De‏ 
شكر وتقدير 199000 
مقدمة: فتاة صغيرة في غزني A cca ec Ua‏ 
الفصل الأول: حالة الحرب .. مكتب وزير الدفاع STS‏ 
الفصل الثاني: العرب والأفغان والأمريكان .. حرب الأفكار 855 
الفصل الثالث: وادي تاجاب .. الدورية والكمين ملم Os‏ 
الفصل الرابع: المستوصف في أتشين .. معضلات التنمية sis rere tae‏ 139 
الفصل الخامس: الطريق إلى قلعة موسى .. عودة طالبان IB‏ 
الفصل السادس: الفرنسيون في "وادي معروف" .. بيدق في لعبة دبلوماسية مسي 205 
الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء SERN en nee ES‏ 
الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 212100101101008 


الفصل التاسع: قبيلة مانجال .. حماية أشخاص لا نستطيع الوصول إليهم ass‏ 341 


الفصل العاشر: الشيخ في خوست .. النفور من المخاطرة وضريبة التقاعس chy eee‏ 


الفصل الحادي عشر: دهم ليل .. نظام الاعتقال والإفراج لس nee‏ 
الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني BOT cee‏ 
الفصل الثالث عشر: على الحدود مع باكستان .. هب الصاروخ الأحمر Cre ee‏ 
الفصل الرابع عشر: قبائل شامكاني .. مبادرة الدفاع المجتمعي AO‏ 
الفصل الخامس عشر: وأشنطن مرة أخرى .. وداعاً للمشكلات RO‏ 
ا حوامش SIS Oa ia eae ae‏ 
المصادر والمراجع O E OOOO‏ ا 51 


ee 


سكماك م 


مع اقتراب الحرب الأفغانية ظاهرياً من نبايتها بعد ثلاثة عشر ble‏ طويلة» كتب 
الكثيرون من تورطوا في المغامرة الأمريكية في جنوب آسيا تحليلات ما بعد الحرب؛ 
تفسر أطول الحروب التي خاضتها أمريكا. وقدّم الصحفيون وصانعو السياسات» 
والجنود جميعهم» وجهات نظرهم حول الأمور الصحيحة والأمور الخاطئة التي حدثت. 
وما يميز كتاب والتز عن بقية الكتب هو أن التجربة التي خاضها في أفغانستان كانت على 
المستوى السياسي الرفيع وعلى الجبهات الأمامية في جميع أنحاء البلاد. 


تولى والتز في البداية عمله لدى مكتب نائب مساعد وزير الدفاع لمكافحة 
المخدرات؛ حيث ساعد وزارة الدفاع في الحصول على التمويل وإنشاء البرامج 
والاستراتيجية الخاصة بنشاطات مكافحة المخدرات في أفغانستان» ثم عمل مستشاراً 
خاصاً لنائب الرئيس ريتشارد تشيني لجنوب آسيا ومكافحة الإرهاب. ويأخذ والتز 
القراء في جولة إلى داخل البنتاجون ومبنى مكتب آيزنهاور التنفيذي؛ حيث يجري طبخ 
السياسات» وهي ليست عملية جميلة. 


ويوضح والتز Lal‏ باعتباره كان قائداً لإحدى وحدات القوات الخاصة في الجيش 
الأمريكي» وقام بالكثير من عمليات الانتشار والتعبئة في أفغانستان والشرق الأوسطء 
كيف أثرت هذه السياسات في مقاتلي الحرب على الأرض عندما حاولوا العمل مع 
شركائهم من قوات التحالف» وقوات الأمن الأفغانية» والسكان المحليين. 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وبا أنه حترف وذو تدريب جيد» يقول والتز منذ البداية إنه لى يكن يبدو أن هناك 
رؤية استراتيجية خاصة لأفغانستان؛ ما جعل جهود التحالف أصلاً كردود فعل بطبيعتها. 
ولم يزدد هذا الأمر إلا تعقيداً بسبب قرار الولايات المتحدة الأمريكية غزو العراق عام 
3» الذي col‏ إلى تحويل طريق الموارد والخيرات الأساسية عن أفغانستان. وهذا 
موضوع يكرره المؤلف في جميع فصول الكتاب: وهو أن الرجال والنساء على الأرض لم 
يكن لديهم الأدوات التي يحتاجون إليها لإحداث تغييرات فاعلة. ولا يسع المرء سوى أن 
يتساءل: ماذا سيكون وضع أفغانستان حالياً لو eel‏ حصلوا على تلك الأدوات؟ 


وبعد السنوات التي قضاها والتز في الخدمة» فإنه يعتبر أحد الأشخاص الأكثر 
تأهيلاً لجمع هذين الجانبين من الحرب الأفغانية معاًء والقصة التي يروما هي قصة نيات 
حسنة على ما يبدو ولكنها أيضاً تتحدث عن بيروقراطية مرتبكة وغير منسقة وخانقة. 
ومع أنه لا يخشى انتقاد أرباب عمله السابقين - وهي ميزة استثنائية في واشنطن - فهو 
يبن أيضاً كيف أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) لم يكن مستعداً على الإطلاق للمهمة في 
أفغانستان. وبعد أن عمل جنباً إلى جنب مع مجموعة متنوعة من دول التحالف في عدد من 
الولايات الأفغانية» من هرات في الغرب إلى قندهار في الجنوب» رأى والتز عن كثب إلى 
أي مدى تضاءلت قدرات أوروبا القتالية في الحروب منذ الحرب العالمية الثانية. ولم تكن 
قوات الناتوء التي توقعت مهمة لحفظ السلام مماثلة لتلك التي في البوسنة» مستعدة 
لعشرات السنين من الحرب المدمرة التي كانت قد حطمت البلاد. وبالإضافة إلى ذلك» 
جاء كل شريك دولي بسلسلة القيادة و"المحاذير" الوطنية الخاصة به» وهي التي كانت 
تمل كيف ومتى يمكن إجراء المهام الأمنية والتفاعل مع السكان المحليين. وبرغم أن بعض 
الضباط الواسعي الحيلة كانوا قادرين على التفكير في حلول odd‏ القيود» فإن والتز يسرد 
بالتفصيل كيف غضبت هذه الوحدات المختلفة بسبب القيود» وأحرجت يسبب عدم 
تمكنها من تقديم المزيد من المساعدة. فالإحباط في عدد لا بحصى من الفرص الضائعة 
كان أمرا واضحاً. 


10 


تقديم 


ولكن في حين أن الكثير من مشكلات الناتو كانت تنبع من عدم قدرته على العمل 
في ظل قيادة موحدة» فقد عانى الجيش الأمريكي مشكلة معاكسة. وفي إحدى مراحل 
الكتاب» يسرد والتز بالتفصيل كيف أنه اضطر إلى السير في إجراءات أحد طلبات 
المهمات عبر سلسلة ضمت اثني عشر قائداً ختلفاً. كا يقول إن الجنرال كارل إيكنبيري» 
قائد القوات الأمريكية في أفغانستان آنذاك» فرض إجراءات أكثر صرامة بخصوص 
الموافقة على عمليات الولايات المتحدة في عام 2005 بعد أن اشتكى الرئيس الأفغاني حامد 
كرزاي من الغارات الليلية التي كان يجري تنفيذها. وبعد أربع سنوات كان الوضع على 
الأرض قد تخيّر» ولكن القاعدة التي كانت تقول إنه يجب الحصول على موافقة إيكنبيري 
وخلفائه على جميع المهمات» لم تتغير. وكانت النتيجة نظاماً يتطلب السير في سلسلة 
إجراءات المهمة مسبقاً قبل أسبوع على الأقلء ولم يتمكن هذا النظام من الاستجابة 
بالسرعة الكافية للصراع السريع التغير. 


وعلى الرغم من أن والتز يسلط الضوء على عدد من القضايا المختلفة في الكتاب» 
بدءاً بعدم امتلاك شركاء الناتو معدات متوافقة» وصولاً إلى قصور فرق المتطوعين» فإنه 
يجادل بأن إعلان الرئيس باراك أوباما في عام 2009 زيادة عدد القوات الأمريكية في 
أفغانستان ووضع جدول زمني لانسحابها كان خطاً جسيم في المجهود ا حربي. وفي رأيه. 
"في الوقت الذي أعلن فيه (أوباما) أنه سيرسل إلى جيشنا ومدنيينا الموارد التي كانوا قد 
استحقوها منذ زمن طويل» سحب البساط من تحتهم» بحيث حرمهم من أي تأثير كانوا 
سيحدثونه حتى قبل وصوهم". وبدأت المنطقة بأسرها التحضير ل "أفغانستان ما بعد 
الوجود الأمريكي"» وغالباً بطرق تعارضت مع مصالح الولايات المتحدة الأمريكية» كما 
بدأ شركاء الناتو والوكالات المدنية الاستعداد للخروج من أفغانستان. وبدلاً من الحديث 
عن LAS‏ تحقيق الفوز في أفغانستان» كان تركيز واشنطن منصباً على مجرد إنباء "الحرب 
الجيدة". كان كل ما سمعه الأفغان هو أن الولايات المتحدة الأمريكية ستتخلى عنهم مرة 
أخرى» وعلمت طالبان أن كل ما عليها فعله هو الصمود لفترة تتجاوز هذه الزيادة في 
القوات. 


11 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


ويرى والتز أن ما يزيد كل هذه الأمور lege‏ هو أن الولايات المتحدة الأمريكية 
وبعد سنوات من الوقوع في الأخطاء نفسها مراراً وتكراراً» تبدو أخيراً مؤهلة للوصول إلى 
صيغة رابحة. فقوات العمليات الخاصة تعمل جنباً إلى جنب مع القبائل الرئيسية في 
المناطق الاستراتيجية» وقوات الأمن الأفغانية تتولى القتال ضد التمرد» والشركات 
المتعددة الجنسيات تستثمر في الاقتصاد الأفغاني. إن ما ينقصنا هو رسالة إيجابية ومتسقة 
تجعل الأفغان يعرفون أن الولايات المتحدة الأمريكية ستكون معهم لوقت طويل» وتفسر 
للجمهور الأمريكي لاذا ما تزال قواتنا في أفغانستان» بعد ثلاث سنوات من قتل أسامة بن 
لادن في باكستان. 


وكا يقول والتزء OB‏ أفغانستان هي المكان الذي يقاس فيه الوقت بالقرون» وليس 
بالعقود. فالولايات المتحدة الأمريكية في إحدى المرات كوّنت وجهة نظر ذات أفق بعيد 
تجاوز الوضع الحالي في| يتعلق بالأولويات الاستراتيجية؛ فقد أرسلت GV‏ الجنود 
ليتمركزوا في كوريا الجنوبية؛؟ حيث ما زالوا هناك إلى اليوم» والحاجة تدعو إلى التزام SOU‏ 
في أفغانستان. ربا لا تكون تلك حجةً جاذبة سياسياً نقدمها إلى الناخبين» وخاصة في 
بيئة اليوم الشديدة التحزّب» ولكن بدلاً من أن نقول للجمهور مراراً وتكراراً إن القتال في 
أفغانستان صعب وإن الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تغادر» يتعين على صانعي 
السياسات أن يبينوا بوضوح لاذا على الولايات المتحدة الأمريكية إبقاء مشاركتها هناك. 


في كتاب "المحارب الدبلوماسي" يوضح والتز بصورة مؤلمة أن جميع الجنود 
الأمريكيين» ومقاتلي قوات التحالف» والمدنيين الأفغان الذين دعموا هذا المجهود الحربي» 
استحقوا أفضل بكثير Le‏ حصلوا عليه. كا cs‏ والتز بصفته صانع سياسات ومقاتلاً 
ميدانياًء كيف أن القرارات التي تتخذ من وراء مكتب يبعد آلاف الأميال عن الجبهة ها 
عواقب حقيقية جداً وقاتلة في بعض الأحيان. 


12 


هو 


دمهيد 


بعد بضعة أشهر فقط من جلوسي في غرفة عمليات البيت الأبيض» وجدت 
نفسي أحدّق في وزيرستان الشمالية» في باكستان» معقل الإرهاب الدولي» ونقطة انطلاق 
التمرد المستعر في شرق أفغانستان. كان ذلك عام 2009» وكنت أتولى قيادة إحدى 
وحدات الاحتياط التابعة للقوات الخاصة الأمريكية على الحدود الأفغانية. عندها فقط 
أدركت LE‏ مدى a‏ الأشخاص الذين يشاركون في صياغة سياسة الولايات المتحدة 
الأمريكية الخاصة بالحرب» ومن ثم Lal‏ ي ذهبون إلى منطقة الحرب من أجل القيام 
شخصياً بتنفيذ الاستراتيجيات التي ينادون بها. وعدد أقل منهم يحظى بالفرصة للعودة 
بعدئذٍ إلى واشنطن مرات متعددة» في محاولة لمعالجة التباينات الكبيرة بين المهدف من 
السياسات وما يحدث فعلياً في الميدان. 


إن هدفي من إعداد هذا الكتاب هو شرح الأخطاء التي اقترفناها في كيفية تنفيذ 
الحرب في أفغانستان. وبرغم أفضل النيات» فقد كانت إدارة جيشنا وحكومتنا هذه الحرب 
معيبة للغاية. وبصراحة» فإن نتائج سياساتنا لم تكن تستحق تضحيات رجال» مشل: 
براين وودز» وماثيو بوتشيئوء والآلاف أمثالهم تمن لم يعودوا موجودين Line‏ وأعتقد 
جازماً أن المؤرخين سوف يشيرون إلى خمسة أخطاء رئيسية في أثناء دراستهم للجهود 
المبذولة في أفغانستان لشرح الأسباب التي جعلتنا نواجه مثل هذه الصعوبة هناك» وهي: 
(1) النقص المزمن في الموارد لتحقيق الاستقرار في البلاد (كانت أوجه قصور حلف الناتو 
را GGG‏ غ م و قله PE‏ 
(3) النفور من المخاطر في تنفيذ العمليات. (4) عدم قدرتنا على التعامل مع ملاذ طالبان 
في باكستان. (5) إعلان ميقات انسحاب مسبقاً - 2014. ولا بد من أن يقوم أحد 
المشاركين المباشرين بمناقشة هذه الأخطاء وتوثيقها على مستويات متعددة. 


13 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد pli.‏ القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وقد حاولت أن أكشف نقاط هذه السياسة من خلال تجربتي الشخصية في 
الميدان. ويوضح كل فصل موضوعاً؛ مثل الأخطاء الرئيسية المذكورة سابقاًء وقضايا 
الضحايا المدنيين» وجهودنا المفككة في مجال التنمية. كا أنني لا أتناول الكثير من القضايا 
المهمة التي كان لها أيضاً تأثير هائل ني الحرب» مشل: تصرفات الرئيس حامد كرزاي» 
وتأثير إيران» وانتشار الفساد من جهات متعددة طوال فترة الحرب؛ وإغفال هذه القضايا 
هو انعكاس لعدم مشاركتي الشخصية خلال فترات خدمتي القتالية أكثر من كونه يتعلق 
بأهميتها. وأدرك أيضاً أن the‏ كبيراً يقع على عاتق الأفغان أنفسهم فيم بخص المشكلات 
التي ما زالوا يواجهونها. إلا أن ذلك الموضوع وحده يمكن أن يكون له OLS‏ منفصل 
LE‏ وللأسف» فقط عندما بدا أخيراًء أننا نضع الأمور في نصابها الصحيح ب "زيادة 
القوات" عام 2010» قامت إدارة أوباما بتقويض الآثار الإيجابية لتلك الزيادة من خلال 
إعلان انسحاب القوات الأمريكية بحلول نهاية عام 2014. وهناك فصول عدة تسلط 
الضوء على الضرر المباشر الذي أوقعه هذا الإعلان على جهودنا في الميدان لتأمين الدعم 
من القبائل الأفغانية» وهو الذي ما يزال يؤثر في نفسية الناس في المنطقة. 


وبرغم أن تركيزي Cats‏ في المقام الأول على سياساتنا الخاطئة وعدم كفاية 
Las‏ فإن هناك تبايناً متأصّلاً في الكتاب؛ حيث أحاول أيضاً أن أؤكد لماذا كانت 
الحرب» وما تزال» تستحق أن نخوضها. وآخر ما أريده هو أن يقوم القراء GEL‏ هذا 
الكتاب وهم مُقرّون Ob‏ الحرب في أفغانستان كانت صعبة للغاية» ومن ثم لا تستحق 
المتابعة. فبرغم صعوباتها ال حائلة» فإن تحقيق الاستقرار في أفغانستان ما يزال في صميم 
مصلحتنا الوطنية. ومنع أفغانستان من الانزلاق مرة أخرى إلى الفوضى أمر أساسي 
هزيمة القاعدة والتطرف الأيديولوجي لحركة طالبان على المدى الطويلء تماماً مثلما كان 
دعم ألمانياء واليابان» وكوريا ضرورياً هزيمة أيديولوجيّة الشيوعية بعد الحرب العالمية 
الثانية. وأخشى GUT‏ أعقاب انسحاب أمريكي سنرى أفغانستان في حالة حرب أهلية» 
وباكستان المسلحة نووياً في حالة عدم استقرار؛ وتنظيم القاعدة في حالة انبعاث. إن 
الانخراط على المدى الطويل حالة يصعب تعليل أسباهاء ولكن من أجل أطفالناء ينبغي 


لصانعي القرار لدينا أن يتحلوا بالشجاعة لتحقيقها برغم أخطائنا الفادحة على مدى العقد 


الاي 


من المؤكد أنه سيكون هناك أناس لن يقدّروا بعض الانتقادات التي أوجههاء 
وسوف يكرهون ما يقرؤونه وسيختلفون معه. لقد قاومت الكتابة في البداية انطلاقاً من 
معرفتي بأن هناك أشخاصاً من Lele‏ "المهنيين الصامتين" في العمليات الخاصة 
سيعتبرون أن هذا المشروع هو لخدمة مصالح ذاتية أو لتقديم الأعذار لفشل شخصي. 
لم يكن في نيتي توجيه لوم فردي. في الواقع كانت الصعوبات التي واجهناها في أفغانستان 
أكبر بكثير من أي شخص» وهي نتيجة لعيوب جوهرية في كيفية تنظيم حكومتنا ودعمها 
للحوافز من أجل تجنب المخاطر. في النهاية قام أحد الناصحين الأمينين بتوبيخي بشكل 
مقنع قاتلاً: "إن هذا هو نوع الروايات المأخوذة من مصدرها الأصلي التي سيرجع إليها 
ا مؤرخون عندما ينظرون خلفاً إلى هذه الحرب. إن واجبك هو أن تنجح في التعبير عن 
وجهة نظرك الفريدة lim‏ بصفتك محارباً دبلوماسياً". 


من المهم بالنسبة إلي أن أقول إني سعيت إلى Sle‏ هويات أولئك الذين سيبقون في 
qo!‏ وني طريق الأذى والخطر وهم يقومون بتنفيذ مهمات الأمة. وقد استخدمت 
الأسماء الأولى فقط للأشخاص الذين ما يزالون على رأس عملهم. هؤلاء الرجال يعرفون 
من هم وما co glad‏ وأنهم كانوا دائ حط إعجابي واحترامي. 


إنني أصف الأحداث كما أتذكرهاء ويضاف إليها العشرات من دفاتر الملاحظات 
الصغيرة ذات الأغلفة السوداء التي احتفظت بها معي في واشنطن وفي الميدان. وهذه 
الدفاتر تغطي كل شيء» بدءاً من الاجتماعات في البيت الأبيض إلى مجالس الشورى التي 
تناولنا خلالها الشاي مع الشيوخ الأفغان. وقد قام عدد من الزملاء والمشاركين في تلك 
الأحداث بمراجعة المسودات المكتوبة بخط اليد لضان ذقتها. lay‏ لا يكون الحوار الفعلي 
شديد Bal‏ ولكنه ينقل جوهر ما قيل. وقصتي هي باعتراف الجميع عبارة عن وجهة نظر 


15 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


واحدة» رحلة رجل واحد من طرف إلى الطرف الآخر من العام في خوض أطول حرب 
من حروب أمتنا. 


وقد سمح مكتب مراجعات ما قبل النشر والحاية التابع لوزارة الدفاع» ومكتب 
إدارة منافذ المعلومات التابع للبيت الأبيض» ووزارة الخارجية» بنشر هذا الكتاب. 


16 


شكر وتقدير 


لا يكتب أحد bts‏ أو يضع سياسة» أو يخوض حرباً بمفرده. وأنا أدين بالعرفان 
للأشخاص المذكورة أسماؤهم أدناه من كان لهم تأثير مباشر ودائم في تلك الجوانب 
الثلاثة من حياتي. 


فقد شجعني الدكتور مارين ثتريمكي على تسجيل تجاربي مع الحرب وإحباطاتي 
بسببها من خلال الكتابة. وغامرت المحررتان هيلاري كلاجيت وأليشيا كريستنسن» 
والناشرء دار بوتوماك للكتب» بالتعامل مع aly:‏ يكتب أول مرة. وقام الدكتور جو 
بلادي» والرقيب فئة أولى (متقاعد) براين داني» وبيلي كاهيل من مؤسسة نيو أمريكاء 
بعمليات مراجعة لا تكل وصبورة وتفصيلية للمخطوطةء ما حسّن كثيراً من كتابتي. 
وأبدى te‏ بيرجن لطفاً بكتابة تصدير Ke‏ عن جوهر الكتاب. 


أفضل تجاه أفغانستان من جانب البنتاجون والناتو. وشرفنى جون هانه وسامانثا رافيتش 
بمنحي الفرصة للعمل في البيت الأبيض فيا قد يتضح أنها أفضل وظيفة شغلتها في حياتي. 


وأمضت ابنتي آندرسون ليالي ونهايات أسبوع متعددة مع والدها أمام الحاسوب. 
وأتاحت أمي فرصاً لا حصر لا لطفل بائس من جاكسونفيل» فلوريداء وقدَّمت لي مثالاً 
b>‏ على الحلم الأمريكي. وعنيّت زوجتي السابقة كيلي بابنتنا خلال فترات خدمتي في 
أفغانستان وتحملت عبء خدمتي. ومن دون أزواج في جبهة الوطن لن يتمكن جيش 
المتطوعين من البقاء. 

سوف يظل الجنود والشعب في أفغانستان يحظيان بإعجابي؛ فقد وقفنا إلى جانبهم 
وتقاسمنا تضحياتهم لدى كفاحهم لتهيئة مستقبل يخلو من التطرف. Gy‏ قناعة راسخة 
ob‏ مستقبقْ كلا البلدين سوف يبقيان مرتبطين الواحد بالآخر على نحو لا انفصام فيه على 


17 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


مدى الجيل المقبل على الأقل. وأتوجه بشكر خاص إلى رجال قوب المهمات 6 و7 التابعتين 
لقيادة القوات الخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة. فقد أبدوا شجاعة كأمثلة على 
التحمل وعلى مستقبل أفضل للمنطقة. وأتوجه بالشكر بصفة خاصة إلى زملائي من Tm‏ 
القبعات الخضر الواردين في هذا الكتاب. وقد كان أعلى شرف أناله في حياتي» أن أخدم 
بلدنا إلى جانب أولئك الأمريكيين العظام. 


وأخيراً أشكر الله على كوني ما زلت على قيد الحياة. وسوف أبذل قصارى جهدي 
لتلا أستهين أبداً بهذه النعمة» ولكي أستوفي الدور الذي أراده لي. 


18 






خريطة (1): أفغانستان 


9 


1 


فتاة صغبر ةق غزني 


لم يجرؤ أحد على إصدار أي صوت. كنا في قلب بلاد طالبان» نتسلل بهدوء سيراً . 
على الأقدام» على بعد كيلومترات عدة من مركباتنا وأسلحتها الثقيلة. حتى إننا كنا أبعد 
عن أقرب قاعدة لقوات التحالف أو أي نوع من التعزيزات. وخيّمت علينا جدران مبنية 
من الطوب والطين بارتفاع عشرين قدماً في أثناء تسللنا في رتل طويل يضم عناصر من 
القوات الخاصة الأمريكية» والشرطة الأفغانية» والقوات الخاصة الأفغانية نسير بصمت 
عبر الأزقة الفضيقة والممرات الترابية لقرية منجور Mangur‏ في ولاية غزني. كان الكثير 
من الجدران السميكة مدعوماً بأبراج تشبه القلاع وفيها شقوق للنوافذ» OLS‏ لبعض 
النوافذ egle‏ ومعظمها لم يكن كذلك» وانتظرت أن يظهر خيال بندقية كلاشنكوف 
81-7 من إحدى تلك النوافذ ثم تبدأ بإطلاق النار. 


وتمكنت من خلال نظارات الرؤية الليلية التي أضعها أن أرى العشرات من 
خطوط أشعة الليزر الخضراء تومض منتقلة من نافذة إلى أخرى» وتمسح قمم جميع 
الجدران والمداخل. كانت أشعة الليزر وبقع الضوء غير مرئية إلا من خلال النظارات 
وتنبعث من الملحقات المركبة بشكل متواز تماماً مع ماسورة سلاح كل رجل» بحيث إن 
الرصاصة تصيب المكان الذي يضربه شعاع الليزر. 


كان Gut‏ في تلك الليلة الملا حساني. كان لبلدة منجور معنى خاص بالنسبة إلي 
وإلى رجال مفرزة العمليات ألفا-21 التابعة للقوات الخاصة؛ التي هي أحد ستة طواقم 
كانت تحت Gold‏ في صيف عام 2009. لقد كانت المكان الذي قتل فيه أول جندي في 
وحدتي في أثناء الاشتباك القتالي» وهو الرقيب براين وودزء فضلاً عن موت أفضليء نائب 


21 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


قائد وحدة الشرطة الوطنية الأفغانية (ANP)‏ التي كانت مشتركة مع مفرزة العمليات 
ألفا-21. وكانت القرية كبيرة نسبياً وتقع في قلب مديرية أندار المضطربة في ولاية غزني 
شرق أفغانستان» وكان معظم سكانها من قبيلة أندار التي كانت واحدة من أولى القبائل 
التي دعمت عودة نشاط طالبان وعارضت الحكومة المحلية في مدينة غزني» واعتبرتها 
فاسدة وغير فعالة. 


خريطة (2): كمين منجورء ولاية غزني 





22 


مقدمة: فتاة صغيرة في غزني 


لقد أراد رجالي فعلاً الوصول إلى الملا حساني. وكان قائداً من المستوى المتوسط 
ومعروفاً عنه قيامه بالتمثيل بجثة قائد شرطة مديرية أندار بصورة وحشية» وكذلك 
فعل بالعديد من شيوخ قبيلة أندار الذين عارضوه عندما استولت طالبان على معظم 
ولاية غزني» مديرية تلو الأخرى في عام 2009. قاد حسماني الكمين الذي أسفر عن 
مقتل براين وأفضلي بالإضافة إلى إصابة عدد من رجال الشرطة الأفغانية الآخرين. لقد 
قامت خلية الاستخبارات التابعة للفريق بتتبع أثره لأشهر عدة» وكان مصدر في القرية 
E iene E S urea‏ 
كبير لحدوث تبادل حطر لإطلاق GUI‏ لذلك كنت قد أحضرت جرا فريقاً إضافياًء 
وهو مفرزة العمليات ألفا-23» مع شركائهم من مغاوير الجيش الوطني الأفغاني» 
بالإضافة إلى خلية قيادة وتحكم صغيرة من مَقَرْي الموجود في شرق أفغانستان. وبما أن 
خلية القيادة التابعة لي كانت موجودة. OP‏ قيادة مفارز العمليات ألفا استطاعت أن 
تركز على توظيف فرقها إلى جانب شركائهم من الشرطة الأفغانية في SU‏ 
التكتيكي» في حين تولينا نحن الاهتام بتنسيق أي دعم مطلوب» مشل الطائرات» أو 
التعزيزات» أو الإجلاء الطبي (medevac)‏ 


وكانت الخطة تقضي ob‏ تنقسم كل مفرزة عمليات ألفا وكذلك شركاؤها إلى 
قسمين. فقد خططنا لمهاجمة منزل حساني وثلاثة مجمعات أخرى في وقت واحد. أحدها 
يعود إلى مساعده» والثاني كان عبارة عن مدرسة قيل Lel‏ كانت تستخدم أيضاً كموقع 
dire aot E‏ ال قربا حيس ويه وكات تعن ماده Lal‏ 
كمكان بديل للنوم. كان معظم قادة التمرد يتناوبون على أماكن النوم بشكل منتظم من 
أجل تجنب الغارات الليلية» أي عندما لا يكونون في حالة استراحة أو إعادة التزود بالمؤن 
في المناطق القبلية الباكستانية المجاورة التي ينعدم فيها القانون. تطلّبت عملية دهم كل 
المجمعات في وقت واحد مستوى أعلى من التنسيق والتعقيد» ولكن من المؤمل أن يمنع 
ذلك حسماني من الحرب في حال كان قد قام بتبديل المنزل منذ أن رآه مصدرنا آخر مرة. 


23 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


ومن شأن ذلك أيضاًء أن يمنع أحد مساعديه أو قربائه من شن هجوم مضاد بمجرد أن 
نبداً الغارة. كان منزل حساني هو الهدف الرئيسي لمفرزة العمليات ألفا-21 والشرطة» 
بالإضافة إلى منزل قريبه. أما الهدف الرئيسي لمفرزة العمليات ألفا-23 والمغاوير فكان 
مساعد حساني وتخبأ الأسلحة في المدرسة. 


لم يكن لدى مقار قيادتنا العليا حوامات مخصصة ها بشكل دائم» ولذلك كنا نضطر 
إلى طلبها من القيادة الأمريكية التقليدية عند تنفيذ كل مهمة. [Sy‏ كانت الحال» فقد قوبل 
طلب الحصول على إسناد SLI LL‏ بالرفض. ومن المؤكد أن قيادة سياراتنا على الطريق 
الوحيد المؤدي إلى القرية من شأها أن تكشف هويتنا لطالبان. وبدلاً من ذلك لجنا إلى 
تكتيك يسمى تحييد المركبات. قدنا سياراتنا الحامفي المدرعة ليلاً وأنوارها مطفأة بالكامل 
إلى بقعة بعيدة ب| فيه الكفاية لمنع ضجيج المحركات من تحذير طالبان» ولكن قريبة ب فيه 
الكفاية من الوصول إلى الهمدف سيراً على الأقدام. كان معنا حبر أفغاني من القرية 
المجاورة» وكان من المفترض أن يقودنا على طريق آمن إلى المدف. كنا نعتزم أصلاً 
الالتفاف على أطراف قرية منجورء ولكن انتهى بنا الأمر بطريقة أو بأخرى ونحن نمشي 
في وسطها LE‏ وعندما كنا نمشي متعثرين على الطريق الرئيسي عبر القرية» تماماً في 
المكان الذي ل نكن نريد الذهاب cad]‏ بدأت أتساءل إذا ما كان المخبر يخوننا ويقودنا إلى 
الوقوع في فخ أو لا. 

استمعت لجهاز اللاسلكي الذي معي. قام جرانت» قائد فريق مفرزة العمليات 
ألفا-21 في الخط الأمامي» بتذكير الجميع بتوخي المزيد من الحذر في أثناء سيرنا البطيء في 
طريقنا الذي يمر بالمحالٌ التجارية في سوق القرية. كان جرانت خريج ويست بوينت وذا 
خبرة في فترة خدمته الثانية بصفته قائد فريق في أفغانستان» ونادراً ما كان يغضب حتى في 
ظل أصعب الظروف» مثل سلوك منعطف خاطئ في قرية تقع تحت سيطرة حركة 
طالبان. 


24 


مقدمة: فتاة صغيرة في غزني 





من الواضح أننا كنا على حافة UI‏ لأن الكثير من القرى تعيّن حارساً ليلياً يعمل 
بأجر ويكون مسلحاً في بعض الأحيان» وذلك لكي يقوم بحراسة ble‏ المغلقة. فإذا 
صادفناه» فإنه في أحسن الأحوال سوف ينبّه الجميع إلى وجودنا؛ وني أسوأ الأحوال فإنه 
سيفتح النار. رصدنا الحارس الليلي نائ على سرير خفيف مصنوع من الخشب والحبال 
فقط فوقنا على سطح lel tol‏ وهو كوخ مبني من الطين. واستطعنا رؤية خيال بندقيته 
الكلاشنكوف 416-47 متكئة على سريره. ومض أكثر من اثني عشر شعاعً ليزر من 
الأشعة ما تحت ال حمراء على جسده؛ حيث أبقى العناصر الذين يضعون مناظير الرؤية 
الليلية بنادقهم Uae‏ عليه» على حين تسللت بقية المجموعة JS‏ هدوء. لقد تمنيت له بألا 
يستيقظ ويسمعنا ويصل إلى تلك البندقية. فهي لن تكون مجرد ليلة سيئة له فقط إن فعل 
ذلك» بل كان من OLE‏ ذلك أن يؤدي إلى فضح المهمة بأكملها. 


وصلنا إلى حافة المدينة من دون وقوع حوادث» ورأيت خيالات الكثير من 
المجمعات الكبيرة تلوح في المدى عبر عدد من الحقول المحروثة. وكانت هذه هني النقطة؛ 
حيث كان على الفرق أن تفترق وتتوجه نحو أهدافها المختلفة. ومن ورائي» همس 


25 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


جيسونء قائد فريق مفرزة العمليات ألفا-223 في جهازه اللاسلكي خاطباً فريقه ومغاوير 
الجيش الأفغاني كي يتوقفوا. كان جيسون ضابطاً متلى الجسم ميالا إلى الحياة الاجتماعية 
وفطناً. وكان سلوكه المريح يجعل من السهل على المرء أن يقلل من شأنه. ولكنه كان ذكياً 
إل tm‏ لا دق tebe y‏ دكا دا Ve‏ ر فد كان خر he oh pal cd be Bet‏ 
خوذته يومض [ew‏ كان يسير على طول رتل من قوات الأفغان؛ حيث كان يحصيهم 
ويتأكد من el‏ ذهبوا مع المجموعة الصحيحة على الدرب الصحيح نحو المهدف 
الصحيح. ضحكت بيني وبين نفسي عندما رأيت شبح جيسون القصير والضخم وهو 
يشير بإحباط ويركض عائداً على الطريق» ليسترد اثنين من قوات المغاوير الأفغانية كانا قد 
توقفا لسبب غير مفهوم في منتصف الطريق» على حين مشت بقية المجموعة بعيداً. فقد 
كانت قوات المغاوير هي نخبة الجيش الأفغاني وكانوا يحصلون على تدريب أكثر ومعدات 
أفضل» وقد تم تخصيص مفرزة عمليات ألفا لتدريبهم بشكل مستمر. ولكنهم كانوا 
ما يزالون يرتكبون الأخطاء باستمرار» وكان لا بد من إدارتهم عن كثب. 


وبشكل عام» يميل جنود الجيش الوطني الأفغاني إلى أن يكونوا أفضل تدريباً 
وأكثر قدرةء وأقل فساداً من الشرطة الوطنية الأفغانية. ومع ذلك» كانت قوة الشرطة 
التي شاركت مفرزة العمليات ألفا-21 هي المعادل الأفغاني لفرقة التدخل السريع 
SWAT‏ وكانت تنفذ العمليات جنباً إلى جنب مع فرق القوات الخاصة منذ 11 سبتمير. 
كانوا معروفين بانضباطهم» وقد كنت أصتفهم في مرتبة تضاهي القوات الخاصة الأفغانية 
في أي وقت. وكانت قوات المغاوير خليطاً عرقياً من الطاجيك والأوزبك والهزارة 
والبشتون (البشتون هم المجموعة العرقية الموجودة في جنوب وشرق أفغانستان والتي 
شكلت حركة طالبان) من أجل ضمان عدم هيمنة أي جماعة عرقية رئيسية واحدة على 
الجيش. ولكن وحدة الشرطة الوطنية الأفغانية كانت بأكملها تقريباً من المزارة» وهي 
مجموعة عرقية تعرضت لقمع وحشي في أثناء حكم طالبان. كانت وحدة الشرطة جيدة 
ولكن كان لأعضائها حسابات قديمة لتصفيتها مع حركة طالبان التي بهيمن عليها 
البشتون» ويمكن أن يكونوا عدوانيين جداً عند القيام بهذا النوع من المهمات في القرى 


26 


مقدمة: فتاة صغيرة في غزني 


ذات الميول الطالبانية. وقد عرفت مفرزة العمليات ألفا-21 أن عليها مراقبتهم عن كثشب» 
ولاسيا في منجور؛ حيث قتل الرجل الثاني في سلسلة قيادتهم. 


التحقت بمؤخرة رتل الفريق الثاني الذي انقسم عن مفرزة العمليات ألفا-23 
متوجهاً إلى مجمع مساعد حساني. وكان هذا المجمع موجوداً في موقع مركزي على تلة 
صغيرة تقع تقريباً في وسط الأهداف الأربعة» وكنت أرغب في أن أتخذ لنفسي موقعاً 
هناك لأنه سيكون أفضل مكان للحفاظ على الاتصال اللاسلكي إذا ما اشتبكنا في تبادل 
لإطلاق النار. 


وفي أثناء تحركنا عبر الحقول متجهين نحو هدفناء لم أستطع أن أتمالك نفسي عن 
التفكير في آخر مرة تحدثت فيها مع براين وودز» قبل أشهر من نشر القوات» وذلك في 
أثناء تدريباتنا التي سبقت المهمة في معسكر غيرنسي بولاية وايومنغ (الولايات المتحدة 
الأمريكية). 


2 5 e Be 
بيده كي أدخل غرفته في الثكنة: "يا سيدي» دعني أطلعك‎ UI قال براين مشيرا‎ 
كان‎ M4 فخر على قطعة جديدة هي "الجزء العلوي" للبندقية‎ JS على شيء". أطلعني‎ 

قد اشتراه. وقال بابتسامة عريضة: "إن لها ماسورة عائمة". 


قلت: "جميل"؛ وشرعت أسأله أسئلة كثيرة حول السلاح. كان رجالي خبراء حقاً 
في مجالاتهم» وأنا أحببت التعلم منهم. 


استمتع براين بإطلاعي على كل تفصيل من تفاصيل لعبته الجديدة ولماذا كانت 
تلك البندقية الاستثنائية تتفوق على الكثير من قطع الأسلحة الأخرى التي نشرها الفريق 
في أنحاء الغرفة» والآن أصبحت على الفور من الأشياء التي تجاوزها الزمن من وجهة 
نظر براين. وبرغم أنه كان المسعف الطبي للفريق» وكان قد تدرب إلى مستوى مساعد 
طبيب إصابات» فقد كان شغفه الحقيقي هو البنادق. وبغض النظر عن تخصصات كل 
عنصر من عناصر القوات الخاصة. فإنهم كانوا يحبون أحدث المعدات» بدءاً من أحدث 


27 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


نوع من جعب المخزونات المعلقة على دروعهم الواقية وصولاً إلى ختارات تلك السنة من 
أصواف باتاغونيا. بعض الشبان» مثل براين» وصل هوسهم بالعتاد إلى مستويات غير 


وبعد مرور أشهر على دردشتنا في غرفته داخل SH‏ ذهبت مفرزة العمليات ألفا 
التي يتبع براين لها في مهمة لإعادة فتح البازار الذي كان قد أمر بإغلاقه أحد قادة طالبان 
المتحالف مع حسماني. وكانت مفرزة العمليات WI‏ قد حاولت أن تدهم منزل القائد في 
الليلة السابقة» ولكن عرباتهم المدرعة الثقيلة التي يصل وزنها إلى 20 طناً والمحصنة ضد 
الكمائن والمقاومة للألغام (MRAP)‏ علقت مرات عدة في خنادق التصريف التي كانت 
تتقاطع في جميع أنحاء الولاية. واستغرق انتشال المركبات الثقيلة الليل بطوله» ولم يعد لدى 
مفرزة العمليات ألفا أي وقت لتنفيذ عملية الدهم» فقرروا شن هجوم عنيف على بازار 
القرية خلال النهار» على الرغم من التزايد الكبير لخطر التعرض لانفجار عبوة ناسفة. 
كانوا مصممين على إضعاف قبضة طالبان الخانقة على المنطقة» حتى إن كان ذلك يعني 
عبور مديرية أندار» التي A‏ مرتعاً للمنافسة القبلية ولنشاط op poll‏ في ولاية غزني 
المضطربة على نحو متزايد. 


وفي أثناء مرور الفريق عبر بلدة منجورء تلقت المركبة التى كانت تسير في المقدمة 
وتقل US‏ من براين ورقيب الاتصالات الأول في الفريق» توني» بعض النيران المتقطّعة من 
مختلف أنحاء أحد الحقول. واندفع فريق الشرطة الوطنية الأفغانية المشترك مع مفرزة 
العمليات ألفا في عرباتهم الحامفي في المجوم نحو مصدر النيران» ولم يكن أمام توني وبراين 
أي خيار سوى اللحاق بهم بمركباتهم المحصنة ضد الكمائن والمقاومة للألغام وهي أكبر 
الممرات في سلسلة من البساتين واستمر إطلاق النيران المزعجة. وفي نباية المطاف أمر توني 
كلاً من براين والشرطة للخروج من سياراتهم ومواصلة المطاردة سيراً على الأقدام. 
وكان توني الرقيب الأول والمحارب القديم الذي ناوب على مهمات متعددة في أفغانستان 


28 


مقدمة: فتاة صغيرة في غزني 


في السيارة التي تتقدم القافلة. وقد قال لي لاحقاً: "بالعودة إلى ذكريات الماضي» فإن المرة 
الوحيدة على الإطلاق التي رأيت فيها براين متردّداً تحت وابل الرصاصء وللحظة 
واحدة» كانت عندما قلت للجميع أن يغادروا المركبة. لقد كان صوته نوعاً ما مختلفاً عند 
استجابته للموقف؛ ثم أخذ نفساً عميقاً والتقط حقيبته الطبية وقفز خارجاً من الباب 
الخلفي". وتحرك فريق الشرطة الوطنية الأفغانية مع براين وتوني متجهاً نحو مجموعة من 
الرجال شاهدوهم على بعد Hee‏ ياردة. وفجأةً» انهمر وابل من رصاص الأسلحة الآلية من 
بين خط من الأشجار إلى يسارهم. وقد شرح توني لاحقاً ما حدث: "كنا نقف LE‏ وسط 
حقل مفتوح من دون أي تغطية ولا مكان نركض إليه» والرصاص يتطاير في كل مكان من 
حولناء حتى إننا استطعنا سماع أصوات الطلقات وهي تطير بالقرب من رؤوسنا بصوت 
فرقعتها وأزيزها المميز. وانبطح العديد من أفراد الشرطة الوطنية الأفغانية على الأرض 
واضعين رؤوسهم بين أرجلهم متكورين كالكرة. وكنت أفكر "بحق الجحيم! YBU‏ 
يطلق أحد النارء ما الخطأ الذي حدث؟". 


"صرخت في الشرطة للرد على النيران وأنا أتخذ وضعية الرمي جائياً (على ركبة 
واحدة) ورفعت سلاحي. كان الرصاص يضرب التراب أمامي. واستدار براين وتحرّك 
نحو العنصر الأفغاني الذي كان متكوّراً على نفسه كالطفل على بعد أمتار ALE‏ وانحنى 
فوقه حتى أصبحا وجهاً لوجه. صاح براين: "ماذا تفعلون بحق الجحيم؟ دعنا نذهب!"» 
وفجأة» انفجر الجزء الخلفي من رأس براين. لقد رمّته قوة الضربة على ظهره وسقط على 
الأرض بقوةٍ شديدة. رأيت وجهه وأدركت على الفور أن براين قد مات. وتحطم قلبي 
لخسارته. 


إلى الأمام. وكنت أمام خيار إما البقاء مكشوفاً للخطر في متتصف هذا الحقل والموت وإما 
مهاجمة الكمين. تقدّمت إلى الأمام بمشية سريعة وبندقيتي مرفوعة وأطلقت خزناً من 
الرصاص نحو خط الأشجار وأنا أتقدم. وعندما نزلت على ركبتي متخذاً وضعية الرمي 


29 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


جائياً ونظرت إلى الخلف نحو صديقي الملقى في الحقل» رأيته يتحرك. كان براين على قيد 
الحياة! صرخت في المترجم كي يقول للشرطة ob‏ تمشط خط الأشجار وتنظفه من أي 
عنصر Gas‏ من عناصر طالبان ثم عدت إلى براين مصماً على إنقاذ حياته". 

قضى تون الساعة اللاحقة Vole‏ إبقاء براين على قيد الحياة. وفي الوقت نفسهء 
حاول التحدث إلى بقية فريقه وإطلاعهم على موقعه والتنسيق لطلب مروحية الإجلاء 
الطبي. وأسرع بفتح حقيبة الإسعافات الطبية الموجودة مع براين» وقام بحشو الشاش في 
جرح الرأس محاولا بيأس أن يتذكر كل ما كان براين قد علّمه إياه في أثناء تدريبهم الطبي. 
كان براين يتنفس» ولكن بصعوبة كبيرة. وكان فمه يمور بالدم والمخاط اللذين كانا 
يخرجان من بين أسنانه المصطكة. 


وروى توني قائلاً: "كنت أعرف أنني بحاجة إلى فتح مجرى هواء بسرعة لمساعدته 
على التنفس. كنت بحاجة إلى إدخال خرطوم بطول ستة بوصات في فتحة أنفه. لذلك 
لجأت إلى حيلة كان قد علمني إياها منذ وقت طويل» وهي استخدام دم وخاط المصاب 
لتزليق الأنبوب. وقد نجحت تلك التقنية. ومع فتح مجرى الهواء» أصبح التنفس أسهل 
عليه. وبعد ذلك ركزت على تحسين محيط أمني صغير من أجل منع أي هجوم مرتد» وهنا 
كنت وحيداً في إحدى أكثر المناطق خطورة في أفغانستان كلهاء معزولاً عن بقية فريقي من 
مفرزة العمليات ألفاء مع الُسعف الوحيد في فريقنا وهو يحتضر.ء والكثير من رجال 
الشرطة الأفغانية وهم يرتعشون جداً في شبه حالة من الذعر. فاستخدمت إشارات اليد 
والذراع التي كنت قد علّمتها للشرطة الوطنية الأفغانية في أثناء التدريب من أجل 
توجيههم إلى المواقع وتخصيص قطاعات إطلاق النار. حاولت توسيع المحيط أكثر من 
ذلك» ولكن الأفغان رفضوا ترك تلاحمهم. وكل) ازدادت إشاراتي إليهم بالتوجه نحو 
مواقع جديدة» قل تحرّكهم. وعندما أوعزت لشرطي شاب للانتقال مسافة imd‏ 
وعشرين Lie‏ نحو الغرب» كان ينتقل BLL‏ خطوتين فقط في ذلك الاتجاه". 


30 


مقدمة: فتاة صغير ة في غزني 


كان توني يحاول عبثاً Lal‏ إخبار فريقه عن موقعه باستخدام معالم الأرض. ولم يكن 
قد جلب معه أي قنابل دخانية OY‏ هذه العملية كان من المفترض أصلاً أن تكون مهمة 
ليلية. ولحسن BH‏ أن براين كان قد خطط للأمر مسبقاً. فأخرج تون قنبلة دخان أخضر 
من درعه الواقية» ورمى بها في الحقل المفتوح حتى تمكن فريقه من العثور عليهم|. وبداً 
براين بالدخول في حالة صدمة وتشنج» وقام توني بفك ملابسه عنه» وبداً بفرك بطنه 
لتهدئته. ومع تصاعد الدخان الأخضر الذي JRE‏ سحابة يمكن رؤيتها فوق المنطقة 
بأكملهاء جلس هناك محتضناً رأس براين ومنتظراً الموت من كمين آخر في حال لم يصل إليه 
فريقه» ثم وصلت مفرزة العمليات WI‏ بعد دقائق وقامت بإرشاد مروحيّة الإجلاء الطبي. 
وعندما هبطت المروحيّة وسط موجة من الغبار» قبل توني جبين براين وصاح للطبيب 
الموجود على متن المروحيّة قائلاً: "اعتن به!" وكانت تلك الكلمات الأخيرة نفسها التى 
وجُهتها زوجة براين إلى تون عندما اجتمعوا لتناول العشاء قبل السفر إلى أفغانستان: 
la opel!‏ 

كان بقاء براين على قيد الحياة دليلاً على إصراره على تدريب وإعادة تدريب زملائه 
على المهارات الطبية. وكان التدريب المتبادل على المهارات المتخصصة عنصراً أساسياً من 
عقيدة ol pill‏ الخاصة. وبوجود فرق صغيرة تضم اثني عشراً رجلاً تعمل في بعض أكثر 
الأماكن بعداً في العالم» كان من الضروري أن يكون أعضاء الفرق قادرين على دعم 

قال توني لي لاحقاً إنه عندما كان أفراد الفريق يتذمرون خلال التدريب الطبي» كان 
براين يقول لهم: "يا شباب» هذا ليس لأجلكم» إنه لأجلي. بط أنني المسعف الطبي الوحيد 
في فريقكم» فإذا تعرضت لإصابة» فإنني أعتمد عليكم LOS‏ رفاق لتقوموا بالاعتناء بي» 
لذلك سأتأكد تماماً يا رفاق من أنكم تعرفون ما تفعلونه"!. 

وعلى الرغم من خطورة الجرح» فإن توني قد تمكن من تحقيق استقرار حالة براين 
فترة طويلة بم فيه الكفاية لإيصاله إلى مروحيّة الإجلاء الطبي» وتم في ناية ا مطاف نقله 


31 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


إلى المستشفى العسكري االضخم في لانتشتول بألمانيا. وهناك» على الرغم من إعلان 
الأطباء أن براين في حالة وفاة دماغية» تم إبقاؤه على قيد ا حياة لفترة كافية لإعلام زوجته 
ونقلها جواً إلى ألمانيا. وتمكنت من قضاء ليلة أخيرة مع زوجها قبل أن يفصله الأطباء في 
اليوم اللاحق عن الأجهزة الطبية التي كانت تحافظ على حياته. وكان ذلك بتاريخ 16 
أغسطس 2009. 


اضطر أفراد مفرزة العمليات ألفا لدى عودتهم إلى مركباتهم» إلى خوض القتال في 
طريق عودتهم إلى قاعدتهم. فعند مغادرتهم بلدة منجورء بدأ Lal‏ من القذائف 
الصاروخية (آر بي جي) ونيران الرشاشات يتطاير من اتجاهين عبر الحقول المفتوحة على 
مصراعيها نحو القافلة. وعندما اكتشف توني مكان وجود مدفع رشاش يطلق النيران من 
مجمع ble‏ بجدار على بعد مئات عدة من الأمتار إلى يمينهم» أمر الرماة الموجودين في 
مركبته المحصنة ضد الكمائن والمقاومة للألغام أن يباشروا إطلاق النار على المجمع 
باستخدام المدفع الرشاش الثقيل الموجود على مركبتهم. 


ضربت قذيفة "آر بي جي" صاروخية إحدى مركبات الهامفي التابعة للشرطة 
الأفغانية التي كانت تسير مباشرة أمام المركبة المحصنة والمقاومة للألغام. لقد ضربت 
النافذة الخلفية اليمنى وقطعت رأس أفضلي» نائب قائد وحدة الشرطة. وتطاير الانفجار 
في أرجاء المركبة وقطعت الشظايا جزءاً من عنق السائق. أما بقية أفراد الشرطة فقد 
حاولوا بشكل محموم إخراج أصدقائهم من مركبة ال هامفي قبل أن تبدأ بالاشتعال. لم 
يتمكن توني من ترك شركائه من الشرطة خلفه» وعلم أنه كان Lille‏ تماماً في منتصف 
منطقة قاتلة إلى أن يتمكنوا من إجلاء الجرحى. وطلب إلى سائقه أن يوقف المركبة المحصنة 
.والمقاومة للألغام إلى جانب مركبة الشرطة Hell‏ حتى يتمكن من حماية الأفغان من 
الضربات النارية الأشد. 


وأضاف توني: "كانت طلقات الرشاش الثقيل من عيار 0.50 بوصة التي تنطلق 
من مركبتي المحصنة والمقاومة ضد الكمائن تدوّي cle prey‏ واستطعت أن أرى رشقات 


32 


مقدمة: فتاة صغيرة في غزني 


أعيرتها النارية تضرب جميع أنحاء الجدران الطينية لمجمع طالبان. ولكن الشيء 
الملعون كان مبنياً مثل حصن. ÉSE‏ من رؤية فوهات الأسلحة تلمع وهي ترد بأعيرتها 
النارية علينا من النوافذ والسطح» وتمكتا من ساع أعيرتها النارية وهي تضرب على 
مركبتنا. وقد أدركنا أننا سنواجه وقتاً صعباً في الحصول على موافقة لاستدعاء الدعم 
الجوي من أجل قصف المجمّعء OV‏ المقر سيطالبنا بتأكيد عدم وجود مدنيين في المجمع 
قبل التصريح للطيار بالانخفاض لقصفه. لم يكن هناك معنى لعبور الحقل المفتوح في 
وجه نيران الرشاشات للتأكد من عدم وجود مدنيين. أعدت الاتصال لاسلكياً بجرانت 
لأخبره بأننا كنا عالقين في مكاننا؛ حيث إن المزيد من الأعيرة النارية المعادية يضرب 
جانب المركبة". 


كانت مفرزة العمليات ألفا في وضع (BU‏ وتم منعها من تكرار قصف المجمع لأنه 
قد يكون هناك مدنيون في الداخل مع عناصر طالبان. وكان ذلك الحذر المفرط من قبل 
مقر القيادة الأعلى ناجماً عن "التوجيهات التكتيكية" التي صدرت في الشهر السابق عن 
الجنرال ستانلي ماكريستال» القائد الجديد - ذي الرتبة الرباعية النجوم - للقوة الدولية 
للمساعدة الأمنية (إيساف). فقد وجّه كل جندي في أفغانستان SEL‏ كل التدابير الممكنة 
لتجنب التسبب بسقوط ضحايا من المدنيين في ساحة المعركة. وقد ركزت التوجيهات 
بشكل خاص على استخدام المدفعية والقوة الجوية. 


لقد أدركنا الحاجة إلى ضبط النفس في ظروف حرب غير نظامية» وإلى بذل قصارى 
جهدنا في سبيل تجنب إيذاء المدنيين الذين كنا نحاول أن نكسبهم إلى جانبنا. كان ذلك مبداً 
أساسياً من مبادئ مكافحة التمرد. ولكن جانباً أساسياً آخر كان يتيح للوحدات 
الصغيرة المرونة في التعامل مع الحالات التكتيكية المعقدة على الأرض. وللأسف» فقد 
تسببت تلك التوجيهات بجعل عدد من القيادات الفرعية تنتقد تقريباً أي استخدام للدعم 
الجوي القريب. وكثيراً ما كانت كثرة الأسئلة والقلق تجعل من استخدامه أمراً غير عملي. 
إن نزع تلك الوسيلة من مجموعة الوسائل التي كانت متاحة جعل خيارات الوحدة 


33 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


محدودة للغاية في حالات كتلك التى وجدت مفرزة العمليات ألفا-21 نفسها فيها عصر 
ذلك اليوم الرهيب خارج منجور. ولم يكن أمام قيادتها أي خيار سوى أن تأمر العناصر 
والشرطة الوطنية الأفغانية في المركبات الخلفية من القافلة بالهجوم على المجمع المحصّن 
سيراً على الأقدام. ولحسن الحظ أن رجاها التفوا حول موقع رامي الرشاش من طالبان 
ودمروه من دون وقوع المزيد من الخسائر. ولكن التنفيذ المفرط الىاسة للتوجيه elt‏ 
بسقوط ضحايا من المدنيين أدى إلى إعاقة جهودنا الرامية إلى صد طالبان لبقية فترة 
الخدمة. 


أعادني نباح كلب إلى الوقت الحاضره وسرعان ما استعدت تركيزي الذهني. 
استطعت من خلال نظارتي للرؤية الليلية أن أرى شبحاً أسود لكلب قادم إلينا مباشرةً. 
لقد أدرك الجميع أنه سيكشف عن وجودنا dy‏ فقام أحد العناصر الموجودين أمامي 
بتوجيه شعاع ليزر الأشعة ما تحت الحمراء إلى عيني الكلب feb the‏ أمل إزعاجه 
وإجباره على الاستدارة والعودة. ولكن CASI‏ ظل مقبلاً راكضاً عبر الحقل» ونباحه يزداد 
أكثر فأكثر وهو يقترب منا. 


سمعت صوت بندقية 114 تطلق النار باستخدام كاتم الصوت. وتعثر الكلب 
وتدحرج للأمام؛ حيث إن انتفاضّه جعله يتدحرج لأقدام أخرى عدة ككرة من الفرو 
والغبارء ثم لم يتحرك. وتوقف رتلنا للحظة منصتاً GY‏ صوت من سكان المجمّع أو أي 
إشارة أخرى على الخطر. 


حثثنا الخطى عندما بدأنا التحرك مرة أخرى نتسلق الجدران المنخفضة وننزل 
خنادق ونخرج من أخرى. وکلا زاد تفكيري في براين وبناته اللواتي تركهن وراءه» زادت 
رغبتي في قتل le‏ وحقيقة أن براين JS‏ وهو في طريقه لمساعدة القرويين الأفغان في 
إعادة فتح ble‏ جعلتني أكثر غضباً. كنت قد cole‏ رجالي مبادئ مكافحة التمرد طوال 
السنوات القليلة الماضية. وباعتباري قادماً من البتتاجون والبيت الأبيض» فقد كنت 
أعرف أنه كان علينا أن نحرّل اهتمامنا من استهداف قادة طالبان إلى حماية السكان من 


34 


مقدمة: فتاة صغير ة في غزي 


تخويف المتمردين» وكسب تأييد القبائل المتعاطفة. ولكن في هذه الليلة أردت فقط موت 
Glee‏ ووجدت نفسي آمل أن أكون أنا من يضغط على الزناد. 


انسللنا خلسةً على طول الجدار الخرساني الخارجي للمجمع المستهدف» وانخفضنا 
تحت نوافذ عدة لنمرٌ منها بصعوبة؛ حيث كان كل واحد منا يحمل 60 رطلاً من العتاد 
مشدودة إلى أكتافه. كنت أستطيع الرؤية على طول رتل الجنود الأفغان والأمريكيين حتى 
البوابة المعدنية السوداء الثقيلة. ألقيت نظرة سريعة على جهاز تحديد الموقع العالمي GPS‏ 
الذي ألبسه في معصمي ووجدت أننا كنا في المكان المناسب. 


واتصل قادة الفرق التابعة لمفرزتي العمليات ألفا-21 و23 عبر الجهاز اللاسلكي. 
قال جرانت: "إلى رأس السهم 0-2 هنا زأس السهم 1-2 9 وصلت إلى هدفي". 


ومست gle” Suu‏ وأنا أقف على بعد بضع أقدام من نافذة مجمع أحد 
مساعدي طالبان» بدت همسات المكتومة أشبه بالصراخ. فوضعت يدي على فمي لكتم 


ومس جيسون عبر شبكة اللاسلكي: "رأس السهم 3-2 غير جاهز". 


كانت كل فرقة مستعدة خارج هدفها؛ حيث وضعت العبوات الناسفة على 
الأبواب وهي جاهزة للتفجير. كانوا أهدافاً مكشوفة كامنة وهم ينتظرونني لإعطاء الضوء 
الأخضر لنبدأ lee‏ بضرب أهدافنا old‏ واحد. 


همست في ساعتي قائلاً للرجل القيادي في خليتي: "دعنا ننطلق!" ورأيت أحد 
رجال المغاوير يكافح لتسليم أدوات عدة لقطع المسامير من أجل كسر الققل الموجود على 
البوابة. وتمت إزالة السلسلة الحديدية وتسللنا بخفة إلى الفناء» ley‏ ركض أحد العناصر 
بسرعة إلى الباب مع عبوة ناسفة. وبقي اثنان من الأفغان وراءنا عند البوابة للحفاظ على 
الأمن في الخلف. 


35 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وتحدث جيسون عبر اللاسلكي حالما تم وضع العبوة الناسفة على الباب الخشبي 
الثقيل المؤدي إلى المنزل الفعليء قائلاً: "رأس السهم 3-2 جاهز". 


وقلت عبر الشبكة اللاسلكية: "عند إشارتي 5 4 616263 هجوم!". 


انفجرت العبوة الناسفة على الباب» وضربتني موجة الصدمة الناجمة عن الانفجار 
في الصدر مباشرةً وبقوة أكبر بكثير من المعتاد. وتوقف رتل الجنود المعروف باسم 
"التشكيلة". كانت العبوة الناسفة كبيرة جداًء وكانت تحوي الكثير من المتفجرات. وقف 
الجميع هناك مصدومين لثانية واحدة ثم اندفعوا إلى المجمّع. 


قال أحدهم بنبرة Ble‏ عبر الشبكة: "اللعنة» العبوة محشوّة كثيراً أنها e" Jah‏ في 
إشارة إلى الكمية الزائدة من المتفجرات التي كانت على ما يبدو في العبوة الناسفة. 


كان يوجد في الداخل فناء آخر كبير» وفي الطرف البعيد منه كانت هناك سلسلة من 
غرف منخفضة السقف يتم الجلوس فيها على الأرض. وعندما انطلق الجنود والمغاوير 
بسرعة عبر الفناء لتمشيط الغرف وهم يشقون طريقهم حول حيوانات الماعز والأغنام 
سمعت صوت إطلاق نار من أسلحة رشاشة من مسافة في اتجاه مجمّع حساني. 


وني الحال» بدأثٌ الركض مع زيكي - عنصر وحدة التحكم الجوي التكتيكي 
المشترك TAC)‏ - على السلا المؤدية إلى السطح» بحيث نستطيع الحصول على أفضل 
استقبال لاتصالات اللاسلكي عبر BVI‏ الصناعية» وليتمكن زيكي من الحصول على أي 
دعم أو إجلاء طبي جوي لازم. كان عناصر وحدة التحكم الجوي التكتيكي المشترك 
رجال جو من سرب التكتيكات الخاصة التابع للقوات الجوية» مدربين تدريباً خاصاً 
للتحكم في جميع أنواع الطائرات» للتأكد من lel‏ وضعت النوع الصحيح من الذخائر في 
المكان المناسب وفي الوقت المناسب. كان زيكي رجلاً أيرلندياً طويلاً وضخ)ء ومغروراًء 
وجيداً جداً في وظيفته. في جبال أفغانستان المعزولة؛ حيث يمكن لفريق صغير بسهولة أن 
يجد نفسه محاصراً وبعيداً لساعات عن أقرب وحدة صديقة» كانت وحدة التحكم الجوي 


36 


مقدمة: فتاة صغيرة في غزني 


التكتيكي المشترك هي شريان الحياة لعمليات الإجلاء الطبي والتعزيزات» ومن ثم فإن ها 
دوراً حاساً في بقاء الفريق. 


وعند وصولنا إلى السطح كانت النيران البعيدة قد هدأت. وقلت لزيكي: "كان 
إطلاق النار كثيفاً Moe‏ 


فأجابني: "نعم» هل تريدني أن أتصل و أعطي إشارة القوات في حالة اشتباك ؟" عند 
الإعلان عبر اتصالات [BVI‏ الصناعية Ob‏ القوات في حالة اشتباك» يتم تحويل جميع 
الوحدات الأخرى إلى قناة بديلة. وتحصل الوحدة التي تخوض حالة اشتباك مع العدو على 
الأولوية في المعاملة عبر مسرح العمليات عندما يتعلق الأمر بطائرة استطلاع مثل الطائرة 
من دون طيار من طراز "بريداتور"» بالإضافة إلى إسناد جوي قريب من قبل القوات 
الجوية. وقد كافحت جميع الوحدات الموجودة في أفغانستان باستمرار في سبيل الحصول 
على هذه المكاسب النادرة لكي يتم تخصيصها لمهماتهاء وني كثير من الأحيان لم تتمكن من 
الحصول عليها. وكان كل ذلك يتغيّر عندما يتم طلب دعم للقوات المشتبكة بسبب وضع 
الوحدة في رأس القائمة على الفور. 


قلت: "نعم» اطلب الدعم؛ هذه المنطقة مزعجة» وأريد أن يكون بعض الدعم 
جاهزاً في حال بدأ مقاتلو حساني بالخروج من مجمعاتهم ومهاجمتنا". 


أذاع جيسون. قائد الفريق التابع للمفرزة 223 على شبكة اللاسلكي المحلية العاملة 
بالتردد 724 الذي دخل Gal‏ اليمنى» OL‏ المدرسة كانت خالية من الخطر. لقد وجدوا مخزناً 
صغيراً من القذائف الصاروخية آر بي جي بالإضافة إلى صناديق عدة من ذخائر الأسلحة 
الرشاشة. لقد كان تكتبكاً اعتيادياً بالنسبة إلى طالبان أن يهاجمونا انطلاقاً من المدارس 
والمستوصفات الصحية» ومن ثم يلقون اللوم علينا عبر آلتهم الدعائية عندما كنا نرد على 
إطلاق النار ونسبب الأضرار هذه الأبنية» أو في الحالات الأسوأء نتسبب بإصابة مدنيين 
أفغان. 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وبعد لحظات» أذاع جيسون أن المجمع الذي كنت موجوداً فيه قد خضع لتفتيش 
كامل وكان "جحراً جافا"» أي إن ال هدف لم يكن موجوداً هناك. قال جيسون: "لا شيء 
سوى النساء والأطفال. ولكن أحد الأولاد أفشى بعفوية أن والده كان في باكستان". هذا 


الولد كان ابن مساعد lem‏ 


وقفت أنا وزيكي على السطح» ننظر باتجاه إطلاق النار الذي كنا قد سمعناه سابقا 
بالقرب من مجمع حسماني» بانتظار أن يقوم فريق مفرزة العمليات ألفا-21 بإعلان 
وضعهم. وعندما وقفنا هناك نرتجف من البرد في تلك الليلة الصافيةء تمكنا من سماع 
صوت يشبه Wy ge‏ بطبقة صوت عالية وطويلة انساب عبر الحقول peta‏ 
آذاننا لكي نحاول التحقق من الصوت. القد كان من دون شك صوت عويل امرأة أفغا 


الأولى أن 71 اجام د نر لادان 


نادى جرانت من مجمع Sub gla‏ "سيدي» لقد حصلنا على جائزة» ولكنني 
أحتاج إليك كي تنزل هنا إلى مكاني". كانت الجائزة كلمة رمزية تستخدم في الاتصال 
للإبلاغ عن أننا قد قتلنا أو اصطدنا هدفنا. 


لقد أدركت أن هناك خطاً ما قد حدث عندما نزلت بحذر على السلم الضيق المبني 
من الحجارة الطينية إلى الفناء» وأحضرت مترجماً واثنين من المغاوير» وبدأت المشي 
السريع de‏ ترابي باتجاه بجمع حسماني. ولدى اقترابي من المجمع» أصبح صوت 
العويل أعلى. لقد بدا ىا لو أن أحدهم قد اقتلع روح المرأة. مشى جرانت على الممر 
ليقابلني» واكتشفت أننا السبب. | 


قال جرانت عندما أصبحنا وجهاً لوجه: "لقد قتلنا Lb‏ صغيرة". وقف كلانا 
هناك. كان لدى جرانت طفلان صغيران» SUI By‏ خطرت ببالي ابنتي الصغيرة. 


38 


مقدمة: فتاة صغيرة في غزني 


وتمتمت وأنا أطرق برأسي إلى الأرض: "اللعنة» اللعنة» اللعنة! ماذا حدث بحق 
الجحيم؟". 

أجات seule‏ "لسثا متأكدين te Le LO‏ تقذ دخلك تشتكيلة الشنرطة 
الوطنية الأفغانية AUT‏ وقبل أن نتمكن حتى من تتبعهم إلى الداخل» فتح حساني النار من 
الجانب البعيد للمجمع. وأخطأ وقامت الشرطة الأفغانية بالرد عليه. ويبدو أن الفتاة 
كانت تقف إلى جانبه. ما هذا الإنسان الأحمق الذي يفتح النار ببندقيته الكلاشنكوف بينا 


ابنته واقفة إلى جانبه؟". 


وتساءلت بإحباط: "ماذا حدث Gow‏ الجحيم لكل التدريب الذي قدمناه للشرطة 


على إطلاق النار ا موجه من وضعية جيدة ومواتية؟". 


وأجاب جرانت: "حسناً يا مايك. لقد بذلنا قصارى جهدنا في تدريب هؤلاء 
الرجال. إنهم ليسوا بمستوى عناصر شرطتك العاديين. أنت تعلم ذلك. بحق الجحيم» 
إنني أكاد أقارنهم بالمغاوير. ولكن الطريق ما زالت طويلة أمامهم حتى يجيدوا إطلاق النار 
وإصابة الهدف بدقة. وهناك أيضاً حقيقة أنهم جميعاً من المزارة» وكم كانوا غاضبين من 
أجل أفضلي. وها هو قائد طالبان المسؤول عن موت أفضلي يطلق النار عليهم. بحق 
الجحيم» ربا كانوا يقومون بتفريغ سنوات قمع الهزارة على رأسه". 
قلت: "صدقني» لقد فهمت» ولكن علينا أن نستمر بإخبار هؤلاء الرجال بأن 
يقة الرمي العشوائي (أطلق نيرانك Ey‏ وصلٌ) في الرد على النيران هي طريقة غير 
مقبولة. Loe‏ سأذهب للاتصال بال هاتف عبر BY‏ الصناعية وأدعو فريق العمليات 
الخاصة وأعطيهم بلاغاً". 


الخاصة وعناصر إسناد. وكانت تتمركز في مطار باجرام الضخم» وهو القاعدة الأمريكية 
الرئيسية في أفغانستان في الشمال الشرقي من كابول. كا توجد في باجرام مقار قيادتنا 


39 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


العليا من "المستوى التالي"» وهي قوة مهمات العمليات الخاصة المشتركة المجمّعة» بقيادة 
عقيد من القوات الخاصة العسكرية كان مسؤولاً عن جميع طواقم القوات الخاصة التابعة 
للجيش» والقوات الخاصة للبحرية الأمريكية» وقوات العمليات الخاصة التابعة لمشاة 
البحرية» وقوات العمليات الخاصة للتحالف الذي يضم ستة بلدان حليفة. لإ أرغب في 
إعلان الخبر السيّى عبر اتصالات الأقمار الصناعية؛ OF‏ جميع الوحدات والمقار كانت 
ترصد الشبكة» وبدلاً من ذلك» اتصلت بمقر قيادتي مباشرةً عبر هاتف BVI‏ الصناعية. 


قلت لجرانت: "عد لإنهاء استكشاف الموقع سعياً وراء Ge‏ وأبلغ الشرطة 
الوطنية الأفغانية أو المترجمين لكي يحاولوا التحدث مع الأسرة» واحصل على أكبر قدر 
ممكن من المعلومات. وفي نهاية المطاف سوف نبحث عن طريقةٍ ما لتصحيح هذا الأمر من 
خلالهم؛ إن كان ذلك ممكناً". كان من الواضح أنه يخشى العودة إلى المجمع لمواجهة 


الأسرة. 


منذ أن أصدر الجنرال ماكريستال توجيهاته التكتيكية بخصوص 8 سقوط 
ضحايا من المدنيين» كان يواجه ويحاسب أي ضابط آمر تابع له تسبّب جنوده بالأذى 
لشخص مدني» ولاسي) إذا لم يقدم هؤلاء الضباط الآمرون تفسيراً مفصلاً له في غضون 
ساعات من الحادث. إن تعدد مستويات التسلسل الهرمي لضباط الأركان بيني وبينه 
سيحتاج إلى سلسلة من التقارير خلال فترة زمنية ضيقة للغاية. وكان المسوغ من وراء 
هذه التقارير التي لا تعد ولا تحصىء هو إيصال الحقائق إلى مقر القوة الدولية 
للمساعدات الأمنية حتى يتمكنوا من الاتصال بوسائل الإعلام المحلية والدولية بأسرع 
وقت ممكن. في السنوات السابقة» كنا قد وجدنا أنفسنا في وضع رد الفعل ومتخلفين 
باستمرار عن دورة الأخبار عندما يتعلق الأمر بسقوط ضحايا من المدنيين. وكانت طالبان 
تتغلب علينا دائ في ترويج روايتها للأحداث عبر وسائل الإعلام. كنا نخسر حرب 
المعلومات» WY‏ كنا نستغرق وقتاً للتحقيق في كل Bole‏ وقد وافقتٌ LU‏ على أنه ينبغي 
لنا تقليل الخسائر في صفوف المدنيين في إطار حملتنا الرامية إلى مكافحة التمرد» وإظهار 


40 


مقدمة: فتاة صغيرة في غزني 


الحقائق في أسرع وقت بممكن للمساعدة في حرب الأفكار التي تدور رحاها في وسائل 
الإعلام الدولية. وبالإضافة إلى ذلك» عرفت مباشرةً من المصدر الأصلي وذلك من 
خلال فترة عملي في واشنطن أن الجنرال ماكريستال سيتعامل أيضاً مع الرئيس كرزاي. 
ولكن عندما شاهدت المستويات المتعددة لمقار القيادة تبالغ في استجابتها لتوجيهات 
ماكريستال من خلال التشكيك في العمليات إلى حد التسبّب بشللهاء تساءلت إذا ما كنا 
قد ذهبنا بالفكرة بعيداً عا هو مقبول أو لا. لم يكن باستطاعتنا الاستمرار في إغضاب 
الشعب الأفغاني والرئيس كرزاي» لكن لم يكن باستطاعتنا أيضاً التنازل عن أرض المعركة 
بالكامل لحر كة طالبان. 


قبل عام تقريباًء في سبتمبر 2008 جلست في غرفة العمليات في البيت الأبيض 
بصفتي مستشاراً أول لنائب الرئيس ديك تشيني لشؤون جنوب آسيا خلال اجتماع 
مرئي عبر الفيديو بين الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن والرئيس كرزاي. عقد 
الاجتماع في أعقاب حادثة أودت بحياة ما يقارب تسعين مدنياً في ولاية فرح في جنوب 
غرب أفغانستان. 


"صباح الخير» يا صاحب السعادة". قال الرئيس بوش عندما جلس في كرسي على 
رأس الطاولة. وكانت الطاولة تمتد على طول الغرفة الضيقة» مع شاشات مسطحة تغطي 
الجدار البعيد. وكانت الجدران المتبقية عارية إلا من ختم الرئاسة الكبير المعلق على الحائط 
خلف الرئيس. ويمتد بشكل مواز للكراسي الجلدية الكبيرة الموجودة على طاولة المؤتمر» 
صف وحيد من الكراسي i ee‏ إلى الحائط على جانبي الغرفة. 


على الطاولة إلى يسار الرئيس» كان يجلس مستشاره للأمن القومي ستيفن هادلي» 
ds‏ یمین الرئيس جلس رئيس أركانه» جون بولتون. كان بولتون يجلس حيث كان يجلس 
نائب الرئيس ديك تشيني Bale‏ خلال اجتماعات مجلس الأمن القومي» وأنا جلست 
خلفه مباشرة في الكرسي الذي يكون محجوزاً fole‏ للشخص الذي يرافق تشيني. في 
الجانب الآخر من الغرفة» جلس "قيصر الحرب" الفريق دوغ لوت» والمسؤول الأول 


41 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


عنده لشؤون أفغانستان» العقيد جون وود. وكان كلا الرجلين قد أصر على أن يعقد 
الرئيس الاجتماع المرئي من أجل تهدئة الوضع. كلاهما كان يعرف أن العلاقات كانت 
حرجة ني الشرق الأوسط وجنوب آسياء وسعى كلاهما إلى الاستفادة من حسن النية بين 
UIs, re nea‏ تمل ol‏ رشاع كر راق be adden‏ ات ج OLY I‏ ادان 
وسائل الإعلام الدولية. 

"صباح الخير» سيادة الرئيس. أرى أن الإعصار لم يوقف خطابك أمام المؤتمر". 
أجاب كرزاي» مذكّراً بخطاب الرئيس عبر الأقمار الصناعية أمام مؤتمر الحزب الجمهوري 
عام 2008 في ولاية مينيسوتا. 


"l> L مستاء‎ ga": قال بوش‎ 


أجاب كرزاي Chie‏ الجبين: "أنا بالفعل مستاءٌ جداًء يا سيادة الرئيس. أنا 
غاضب". 


سأل بوش: "هل أنت مستاءٌ مني؟". 

"أنا مستاءٌ جداً جداً. أنا مستاءٌ بسبب استمرار قتل هؤلاء الناس الأبرياء في هذه 
الحوادث» وأنا مستاء من جيشك. أنا لست غاضباً منك يا صديقى. ولكن لولاك أنت 
لربها كان غضبي أكبر!". 

ردد اليس hue rhe ws‏ ولو لای آنا لزنا كدت انث Mee‏ 

ضحك كلا الرجلين. 

قلت في نفسى» "مدهش. والآن هذا يضبط نبرة الحديث!". 

قال كرزاي: "نعم» نعم» أنت على حق يا سيادة الرئيس. أنت تعلم أنك بمنزلة 


أخ. حوادث التفجير هذه التي تجري في شنداند؛ هذا النوع من الأمور سوف يكلفنا دعم 
الشعب الأفغاني. أعلم أننا لا Gis‏ على الأرقام» ولكن» هناك بالتأكيد حمسون طفلاً وأربع 


42 


مقدمة: فتاة صغير ة في غزني 


عشرة امرأة لقوا حتفهم. يجب أن تكون شراكتنا صادقة. أريد الذهاب إلى الشعب 
الأفغاني. سأذهب غداً إلى مكان وقوع الحادث في شنداند» وأود أن أقدم تعازي الرئيس 
الأمريكي. هؤلاء الناس عادة ما ينسون مع الوقت» ولكن نحن OV‏ نتجادل حول صحة 
وقوع هذه الوفيات". 


لقد أمكنني (SAS‏ بوش وهما يشدان على بعضه| بعضاً غيظاً. وقال بعد صمت 
طويل: "في أي وقت يخسر فيه بريء whe‏ يكون الأمر مؤلاً. أنت تعلم أنه لم تكن هناك 
نية لفعل ذلك. فعلى العكس من طالبان» عندما تحدث هذه الأمور معناء فإن الأمرّ يكون 
حادثاً. أنت تعرف ذلك يا صديقي. أرجو أن ترسل تعازيّ عندما تتحدث إلى شعبك. إني 
حقاً أحبك. أنا أطالب بالحقيقة مثلك. وأنا لا أنتقدك cof‏ أو الجيش الأمريكي» بل هما 
مجرد ery‏ نظر. ولكننا نحتاج إلى مساعدتك علناً. LÍ‏ أدرك الضغوط الملقاة عليك؛ 
ولكنك لا تستطيع القول بأنك تحب الأمريكيين» ومن ثم تقول لشعبك إن الأمريكيين 
يقتلوننا" كما قال الرئيس Fa ga‏ 


"بالضبط!"» قلت في نفسي. كنت آمل أن يضغط الرئيس على كرزاي في هذه 
النقطة. وقد أذهلني أن كرزاي لم يتفوٌه بأي كلمة عندما قامت طالبان باستمرار بقتتل 
المدنيين بالعبوات الناسفة المزروعة على جانبي الطريق» وتفجير السيارات المفخخة وسط 
الأسواق المزدحمة» حتى إنها قامت برش الحمض الحارق على الفتيات الصغيرات اللواتي 
يحاولن الذهاب إلى المدرسة. وعلى النقيض من US‏ فإن Bole‏ وحيدة وقعت من جانب 
التحالف» تجعل كرزاي يشجب الولايات المتحدة الأمريكية ويستنكرها عبر جميع 
المحطات الوطنية الأفغانية المسموعة والمرئية. وأنا أعرف أنه كان يضع نصب عينيه المشهد 
السياسي المحلي» وأننا يجب أن نفي بوعودناء ولكن طالبان ارتكبت تلك الجرائم عن 
قصدء ونحن لم نفعل ذلك. للأسف» فإن توجيه الانتقاد القاسي إلى كرزاي لم يكن 
أسلوب بوش في الواقع. فقد كان يكنّ احتراماً كبيراً انصب كرزاي كرئيس سيادي 
للدولة» ويعتقد أنه كان عليه المحافظة على علاقة قوية بينه) باعتبارهما زعيمي دولتين 


43 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


تخوضان حرباً معاً. كان بوش يعرف kel‏ إن لم يتمكنا من إجراء محادثات مثل هذه للتعبير 
عن PEE‏ بصراحة» فإن العلاقة كاملة بين البلدين ستدفع الثمن. كانت هناك أمور 
كثيرة جداً على المحك» وكان هذا هو الحد الذي سيمازس عنده الضغط على كرزاي. 


وأجاب كرزاي: "الناس لا يريدون لأمريكا أن pls‏ إنهم يدعمون الولايات 
المتحدة الأمريكية بقوة» ولكنهم يريدون تغييراً في السلوك. ينبغي لنا أن نقدم التغيير. فإذا 
فشلناء فإن أفغانستان ستصبح هباءً مرة أخرى. علينا ألا نضيع حب أمريكا. ولكن عدد 
هذه الحوادث fat‏ منها Ke‏ ثقيلاً". 


)5 بوش متابعاً وبمهارة موضوع الخطاب العام: "أوافقك الرأي. المفارقة هي أن 
جنودنا وجنودكم يشكلون قوى من أجل الخير. وعناصر طالبان في هذا النوع من الأمور 
لا يُعتبرون أشراراً. علينا أن نكسب حرب الدعاية"» ثم تابع قائلاً: "علينا أن نواصل 
استراتيجيتنا لتحقيق النصرء أنتم بحاجة إلى المزيد من القوات الأمريكية؛ لتساعدكم على 
حاية طرقكم السريعة وتتخلص من المتمردين بحيث يستطيع جيشكم أن يمسك بزمام 
الأمور. علينا أن نساعدكم على زيادة الجيش الوطني الأفغاني. إنهم جيدون» ولكنكم 
تحتاجون إلى المزيد منهم. سوف نحول الوضع الراهن إلى وضع تكونون فيه مرتاحين من 
أن شعبكم قادر على التعامل معه. وهذا بخيف شركاءنا في التحالف» ولكننا سنتدبر 
أمرهم. فالأوروبيون معتادون في تفكيرهم على فكرة أن الناس يموتون بسبب وجودنا 
هناك". 


كانت TE‏ سارة لي. المزيد من القوات الأمريكية» والمزيد من قوات الجيش 
الوطني الأفغاني» وإدراك أن الأوروبيين لن ينجزوا المهمة. كان خريف ple‏ 2008ء وبعد 
سنوات طويلة من المعاناة في أمور مستحيلة» بدا وكأن الرئيس بوشن قد رسم الخطوط 
العريضة لعملية تغيير في الاستراتيجية. 


قال كرزاي: "أود الإشارة إلى ملاحظة أخرى» يا سيادة الرئيس. إن عمليات 
الدهم الليلية التي تنفذها قواتكم الخاصة لمنازل الناس تعتبر مشكلة خطيرة. فقد JŠ‏ 


44 


مقدمة: فتاة صغيرة في GE‏ 


مؤخراً لاعب من فريق الكريكيت الأفغاني في إحدى تلك العمليات. وهناك Lal‏ بعمض 
الخلاف هناء وسأكون ممتناً أشد الامتنان لو أمكنكم النظر فيه. أنا قلق أيضاً من باكستان. 
فهى تستمر في مساعدة أعدائنا". 


قال بوش إنه يحدوه الأمل ببعض الانتفاضات ELI‏ ضد وحشية طالبان في 
المناطق القبلية الباكستانية» وعبّر عن أمله أن نتمكن من التشجيع على أمر مماثل في 
أفغانستان. 


Gels‏ كلا الرجلين المكالمة بكل تهذيب» ثم التفت بوش بغضب إلى الفريق لوت 
قائلاً وهو بوي إصبعه باتجاه الأرض: "كرزاي معه حق أن يغضب. أنا غاضب. لا أفهم 
هذا التناقض ولاذا نستمر في قتل المدنيين؟ لماذا نرسل قوات العمليات الخاصة لقتل 
لاعب كريكيت؟ هذا الأمر هو مثل قتل كال ريبكن [نجم كرة البيسبول] هنا. بالإضافة 
إلى أنه يعتقد le‏ أن تسعين شخصاً قد لقوا حتفهم. أريد أن يعالج البنتاجون هذا الأمر في 
الحال". 


قام لوت بتذكير الرئيس Ob‏ وزير الدفاع روبرت غيتس كان قد أمر بمراجعة 
قواعد الاشتباك الخاصة باستخدام الدعم الجوي القريب. وكنت أعلم أن الجنرال 
ماكريستال» الذي كان في قيادة الأركان آنذاك» هو من يتولى هذه المراجعة. 


ثم قال الرئيس ee‏ قبل أن يمشي مغادراً غرفة الأزمات: "إن هذا الأمر يقوّض 
كل شيء نحاول القيام به هناك. وكرزاي على حق» يجب أن تتغير الأمور". 


وقفت خارج بوابة مجمّع Glee‏ أستمع وأراقب الفوضى داخل فناء المنزل 
الرئيسي. وقررت البقاء على مسافة من الشجار وأن يعالج جرانت والرقيب المسؤول عن 
فريقه الوضع. كان جرانت ضابطاً قديراً وذكياً ومدة خدمته في القوات الخاصة تساوي 
LEE‏ مدة خدمتي آنذاك. ولم يكن بحاجة إلى أن أدخل وأتولى المسؤولية فقط لأنني أستطيع 
ذلك. إن وحدة من القوات الخاصة مملوءة بالعناصر الأذكياء والمستقلين» الذين تدربوا 


45 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


على أن يكونوا مستقلين وجميعهم يعتقدون سرا (وفي كثير من الحالات بشيء من العلن) 
أنهم يجب أن يكونوا في موقع المسؤولء لم يكن من الممكن قيادتهم بالشدة. ففي ثقافة 
لامركزية تفخر بأنها تحل أصعب المشكلات في المناطق الرمادية الغامضة في حرب 
عصابات العالم الثالث» حاولت أن أعطي توجهات عامة وأحدد الأولويات» ومن ثم 
أترك للفرق التابعة لي حرية أكبر في إنجاز Lakes‏ 


كنت أرى جرانت والمترجم وقائد الشرطة يقفون مع رجل كبير السن» في حاولة 
لإجراء محادثة معه. كان الرجل العجوز يلوح بيديه بعنف» By‏ نهاية المطاف بصق على 
الأرض عند أقدام المجموعة وخرج. كان الرقيب المسؤول عن الفريق يسير مطوّقاً حدود 
المكان ليتأكد من أن الجميع اتخذ إجراءات الحيطة والحذر الأمنية» بين قام OL‏ من 
العناصر WL‏ كومة من بنادق كلاشتكوف 416-47 وصناديق ذخيرة كانوا قدعثروا 
عليها في منزل» في وسط الفناء. بعيداً إلى يميني كانت هناك مجموعة من رجال الشرطة 
الأفغانية يبدو أنهم يتجادلون. يمكنني أن أفهم من طريقة إشاراتهم وإيماءاتهم أنهم كانوا 
يعيدون تمثيل ما حدث. وفوق كل ذلك» كنت أسمع النحيب والبكاء من ثلاث نساء 
يرتدين شالات سوداً وبيضاً جاثيات ينحنين فوق جسد صغير في الفناء خلف نافذة كبير 
تور كاتف تقوب ال sgl (SE Sis‏ وكنت أرى ساقي والد الفتاة في 
المدخل إلى الغرفة. 

اقترب مني أحد مترجمي الفريق 21 وقال: "أنا من مدينة غزني. هذه الحادثة لن 
تقلب قبيلة أندار ضدنا". 

أجبت بالقول: "إن قبيلة أندار هي أصلاً ضدنا. ومع أن Glee‏ كان معروفاً أنه 
قائد في dele‏ طالبان» Of‏ هذا لا يمكن أن يساعد. ستقوم طالبان باستغلال هذا الحادث 
ضدنا في صباح الخد ويقولون إن قوات الشرطة والأمريكيين جاؤوا إلى هناك لاغتيال 
عائلته". 


46 


مقدمة: فتاة صغيرة في غزني 


أجاب المترجم: "أنت على حق. لن يدعم الأندار الحكومة أو يدعموكم أنتم أبدأ 
بل إنهم لن يدعموا طالبان أيضاً. فإذا عوّضتم هذه العائلة» فإنكم ستقدمون مساعدة 
كبيرةً. عليكم القيام بذلك بحيث تعلم كل القرية أنكم فعلتم ذلك. نت تلاحظ أنهم لا 
يبكون من أجل Glee‏ فالنساء لا ينظرن حتى إلى جثته. ربا كان يعاملهن بقسوة. والآن 
بعد مقتله» قد تكون هناك فرصة لمساعدتهن. أنا أعرف هؤلاء الناس. إن أعطيتهم بعض 
الدعم» وبعض الأسلحة» وبعض التنظيم» وبعض SUM‏ فإنهم سيقاتلون طالبان. الجميع 
تعب منهم. ولكن من دون دعم» سينهض قائد طالباني آخر ويستولي على السلطة في هذه 
المنطقة". 


قضينا الأسبوع اللاحق في قاعدة مفرزة العمليات ألفا-21 نتعامل مع تداعيات 
مقتل الفتاة الصغيرة. أرسلت التقرير الأولي للحادث مباشرةً من مسرح العملية في 
منجور» عبر هاتف الأقمار الصناعية إلى مقرنا الرئيسي في فريق العمليات الخاصة في 
باجرام. حالما عدنا إلى قاعدة مفرزة العمليات ألفا-21 جنوب مدينة غزني» بدأت بملء 
مجموعة كبيرة من تقارير المتابعة التي تصف بالتفصيل كل الأشياء التي حدثت. 


وفي هذه الأثناءء كان جرانت على الحاتف مع حاكم الولاية محمد عثماني ليطلعه على 
ما حدث ولصياغة خطة للتعامل مع شيوخ منجور. وكان جرانت قد طوّر علاقة عمل 
وثيقة مع Glee‏ وخاصة لأن اللواء البولندي الذي يتولى المسؤولية الكاملة عن العمليات 
في ولاية غزني لم يقم بإشراكه أو بإقامة علاقة شخصية معه. وكان عثاني نموذجاً لكثير 
من الحكام الذين عاصرناهم على مر السنين منذ أحداث 11 سبتمبر: يسعدون بالعمل مع 
القوات الأمريكية وقوات التحالف لتعزيز إعادة البناء ومشروعات التنمية فضلاً عن 
مطاردة قادة المتمردين» ولكن اهتهامهم الحقيقي ينصب فقط على تعزيز مصا حهم التجارية 
وكذلك مصالح قبيلتهم. 

سأل الحاكم جرانت: "سأدعو شيوخ أندار إلى منزلي لتناول الشاي. هل يمكنك 
الحديث عن التعويضات يا صديقي؟". 


47 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


أجاب جرانت: "نعم يا سيدي. سيكون علينا الحصول على موافقة عليها من 
خلال سلسلة قيادتناء ولكننا نستطيع أن ندفعها". 


أبدى Glee‏ قلقه من أن بيروقراطيتنا العسكرية ستكون بطيئة جداً في ا لموافقة على 
ele ul‏ بحي قال: "إذا أظهرنا فور للعائلة Lal‏ ممنتحدون لتعويضهم عق موت الفتاة 
ونرسل هذه الرسالة إلى القرية» فإن هذا الحادث سيصبح طي النسيان. لا يمكن أن ندع 
هذا الأمر في الانتظار. سيكون من المحرج جداً لي أن أدعو مجلس الشورى للاجتماع من 
دون أن يكون في جعبتي أي شيء لأعرضه عليهم". 

ناقشنا حقيقة أننا كنا متأكدين أن JU‏ سيعود إلى مجموعة مقاتلي طالبان التابعة 
لحساني. أجاب الحاكم: "نعم» ولكن Gl‏ ميت الآن. إذا كنتم تريدون أي فرصة 
للتعامل مع قرية منجور أو قبيلة الأندار بعد OW‏ فعليكم تقديم شيء إلى عائلته. عليكم 
أن تظهروا لهم عطفكم. في أفغانستان» يمكن للفتاة أن تجلب لعائلتها آلاف الدولارات 
من مهرها. ولا يمكن للفتاة أن تعمل في الحقول أو تحصل على عمل لدعم عائلتهاء 
ولذلك فإن الحصول على دفعة ما من المال هي كل ما تبقى لبقية العائلة. عليكم تقديم 
شيء» حتى إن كان الرجل قائداً في طالبان. lel‏ طريقتنا". 

قررنا أن نحاول الحصول على موافقة على دفعة من JUI‏ ولكننا علقنا في حلقة 
بيروقراطية تثير الجنون طوال بقية الأسبوع. فمن جهة» كان مقر قيادتنا الذي أراد البقاء 
بعيداً عن المشكلات مع الجنرال ماكريستال» يقول لأفراد إيساف إنه لم تكن هناك حاجة 
إلى تحقيق رسمي في الحادث لأن الشرطة الأفغانية في الواقع هي التي أطلقت النار على 
الفتاة» وليس نحن. ولكن ذلك تسبب LS‏ بالمشكلات في تحصيل الموافقة على دفعة 
التعويضات لأننا كنا ندفع فقط تعويضات عن المدنيين الذين قتلوا على يد الجنود 
الأمريكيين» وليس من قبل الشرطة الأفغانية. 


وأخيراًء وعلى مدى أيام عدة من المحادثات الماتفية ورسائل البريد الإلكتروني» 
تمكنت من جعل قائدي» وهو ضابط ذو عقل رشيد وعملي» وله تاريخ طويل في القوات 


48 


مقدمة: فتاة صغيرة في غزني 


الخاصة» يتحدث بشكل معقول مع المحامين في كابول. كا قام الضابط التنفيذي» وهو 
ple‏ سابق للبيت الأبيض ومدع فيدرالي سابق» بصياغة ما يشبه مذكرة قانونية عن 
ا ابق والسياسات الةو راء دفعات التعويضات» وهو أمر غير متوقع فاجأ 
المحامين. 


Les‏ كنا نكافح في سبيل دفع التعويضات» كنا نجيب أيضاً على وابل من الأسئلة 
حول ماذا حدث وأسباب حدوثه. وحال ما أوضحنا أن شركاءنا من الشرطة الوطنية 
الأفغانية هم الذين أطلقوا النار على الفتاة وليس نحن» كانت شدة الاستجواب BF‏ إلى 
حد كبير. بعد ساعات عدة ازداد ote‏ رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات من جديد» 
ولكن هذه المرة من فريق العمل المشترك المختلط» القيادة التقليدية في شرق أفغانستان» 
يسأل: لماذا تركنا الشرطة الأفغانية هي التي تدخل أولآ إلى المنازل. قضيت ساعات في 
سرد التأكيد الذي تم على مر السنين بشأن وضع أفراد أفغان في عملياتناء وبناء قدراتهم 
عن طريق السماح لهم بالقيادة» وكيف أن كرزاي نفسه قد أصر على أن يتصدّر الأفغان أي 
عملية تفتيش للمنازل الأفغانية. وقلت» بكلمة ختامية: "لا يمكننا أن نجمع بين الأمر 
ونقيضه. فإذا كانت سياستنا هي وضع الأفغان في الصدارة كلم أمكن ذلك. فعلينا 
القبول بعواقب تلك السياسة عندما يرتكب الأفغان الأخطاء". 


وعلى الرغم من بذل قصارى جهدنا لرفع قضيتنا إلى مقر القيادة الأعلى حتى 
نتمكن من كشفه لوسائل الإعلام» شاهدنا عبر شريط فيديو من إحدى طائرات 
"بريداتور" من دون طيار احتجاجات ضخمة تجمعت خارج منزل حساني في منجور. 
ونقلت الصحافة المحلية عن قائد الشرطة المحلية» الذي نظن أنه كان خائفاً حتى من 
الذهاب إلى القرية» قوله إنه لم يأمر بتنفيذ العملية» وإن الشرطة الوطنية الأفغانية التي 
شاركت فيها ستتم معاقبتها. وألمح إلى أن قتل طفلة صغيرة كان فعلاً انتقامياً. هذا غير 
مفيد؛ اتصل جرانت بعثماني» ولكن الحاكم أجاب بأنه لم ير أو يسمع أي شيء من قائد 
الشرطة طوال أشهرء وأنه لم يُفاجأ بتصريحاته لأنه هو وحساني كانا من العشيرة نفسها. 


49 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


بعد ذلك قرأنا وصفاً لمجريات الحادث في الشريط الإخباري على شاشة محطة سي 
إن إن CNN‏ في مركز عمليات مفرزة العمليات ألفا. وسمح جرانت لرقيب الشؤون 
المدنية في الفريق بأن يقدم شرحاً للحادث عبر محطة إذاعة محلية نقوم بإدارة بثها من خارج 
القاعدة. وكان.من المفترض أن تتم الموافقة على المحتوى الجديد من خلال خلية 
الاتصالات الاستراتيجية في باجرام» ولكننا علمنا أن عملية الموافقة ستكون بطيئةً جداً 
بحيث لن يكون لها أي فاعلية» وطلبت منه أن يقوم بالأمر ببساطة. 


في تلك الليلة» حضر جرانت اجتماع مجلس الشورى في منزل الحاكم عثاني. 
واستمع إلى شيوخ أندار وهم يشتكون من غزو منازهم» وقالوا إنه لم يكن هناك أحد من 
مقاتلي طالبان. وهنا تدخل عثماني وذكّر الشيوخ بالكمين الذي حدث انطلاقاً من تلك 
المنازل نفسها قبل بضعة أشهر عندما كان الأمريكيون يحاولون مساعدة القرى الواقعة إلى 
الجنوب من منجور. أجاب الشيوخ أن مقاتلي طالبان الذين ظهروا في ذلك اليوم كانوا 
دخلاء. ع جرانت على شفته وهو يستمع للشيوخ يكذبون. لقد اعترضنا إشارات 
تفيد Glee ob‏ كان ينسّق المجوم في ذلك اليوم من منزل مساعده؛ وهو المنزل نفسه 
الذي كنت فيه قبل ليلتين فقط. 


في نهاية المطاف» وبعد أن أدلى كل واحد من الشيوخ بدلوه» pi‏ جرانت عرضاً 
للبدء بمشروع إعادة الإعمار مباشرةً في منجورء لإصلاح المدرسة وتجديدهاء ولكن 
الشيوخ رفضوا العرض. وقدّم جرانت في نهاية GLAU‏ مبلغاً وقدره 3000 دولار 
كتعويض لعائلة Glee‏ عن وفاة الطفلة. وتبيّن لنا لاحقاً أن مساعد حسماني كان قد 
أعطى تعليمات إلى الشيوخ بألا يعودوا مالم يكن في حوزتهم مبلغ نقدي. كان نصف 
Gales ltl‏ إل عا ساق اله ار إل المستاعل: وني نباية المطاف» قبل 
الشيوخ تعهدات الدفع» وتجديد المدرسة» وبعض المال GLEN‏ لإصلاح منزل حسمني. 
وقد فوجئت بعدم امتلاك الشيوخ أي عاطفة. لقد كانت العملية كلها تنمٌّ عن مفاوضات 
تجارية. وكان [Blo‏ ما يصدمني» كم يمكن للحياة أن تكون رخيصة في بلد لم يكن قد عرف 
شيئاً سوى الحرب طوال العقود الثلاثة الماضية. 


50 


مقدمة: فتاة صغير ة في غزني 


كما فوجئت بعض الشيء بأن وفاة الطفلة لا يبدو Lef‏ حملت الشيوخ على تغيير 
موقفهم ch‏ شكل أو آخر» من حيث ولائهم أو مشاعرهم تجاه التحالف والحكومة 
الأفغانية. بصراحة» أعتقد أن رجال فريق العمليات ألفا-21 وأنا كنا منزعجين أكثر منهم. 
وكان رد الفعل الصامت بالتأكيد أقل ما كنت قد توقعت نظراً إلى مستوى الاهتمام الكبير 
الذي حظيت به القضية في كابول وواشنطن. dy‏ يبدٌ أن ردود أفعالحم تسوغ الأوامر العامة 
التي قيّدت فعلياً أيدي قادة العمليات وجعلت استخدام قواتنا الجوية صعباً للغاية. والمشير 
للدهشة أن وفاة ابنة حسماني بدت أيضاً أقل تأثيراً في الديناميكية الأوسع نطاقاً لقرية منجور 
وا منطقةء ما كنا نتوقع. وكان رد الفعل العنيف في حده الأدنى: من الممكن أن يكون السبب 
هو أنها كانت ابنة أحد قادة طالبان المعروفين» أو يمكن أن حياة ke Y y OL SY‏ حياة 
النساء» لم تكن ذات قيمة نسبياً في مثل هذا المكان القاسي من العالم. 


هذيان. ولكن كان الوقت قد حان لمحاولتي الأسبوعية الاتصال مع ابنتي عبر برنامج 
سكايب. وكثيراً ما كانت والدتي تبقيها عندها أيام الأحد لكي تمنح زوجتي استراحة قبل 
بداية الأسبوع. وكان ذلك [Blo‏ هو الجزء الأفضل من الأسبوع بالنسبة إلي» ولكن هذه 
المرة كنت خائفاً من رؤيتها. كنت أعلم أن الأمر سيكون صعباً للغاية he‏ من الناحية 
العاطفية. 


وعندما ظهرت الشناشة أمامي: "دوعي ها ان" فقلت GLa‏ صغيرتي!" 
محاولا ألا أغص بالبكاء أمام وجهها الملائكي الصغير. 


عمرها وعلى بعد آلاف الأميال: "لماذا أنت حزين يا أبتِ؟". 


فقلت: "لقد آذينا شخصاً ما عن غير قصد اليوم". وبدأت أغصّ بالبكاء مرة 
cos tl‏ ونا أقول: "فتاة ضغيرة غلك ULE‏ 


51 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 
فسألتنى: "لا بأس» يا أى. ألا يمكنك أن تقول لأمها وأبيها UP‏ آسف“؟". 
BIS tre r‏ 2 هو واب 


قلت لها: "سيكون أمراً صعباً حقاًء يا حلوتي» ولكنني سأحاول قصارى جهدي". 
وقد استطعت أن أرى قسمات وجه أمي تتلوى من الألم للحظة. 


وقالت وهي تحكٌ وجهها: "إن لحيتك تزداد طولاً le‏ أبي! أراهن Lef‏ تسبب 


MSL‏ يبدو أا كانت تعرف غريزياً متى BS‏ موضوع. 


واصلنا إجراء حديث قصيرء ولكن هذه المرة كل ما استطعت التفكير فيه هو 
نحيب تلك الأم في منجور. لقد ذهبت إلى هناك لمنح حياة أفضل لأطفال أفغانستان» ومن 
ثم أمنح ابنتي مستقبلاً أكثر أماناً. ولكن ماتت طفلة الآن نتيجةً لمهمة توليت قيادتها. لم 
أكن أعرف أي نوع من المستقبل كانت ستعيشه في ظل مجتمع تقوده طالبان برعاية والدهاء 
ولكنني للمرة الأولى التي استطعت فيها أن أتذكر» بدأت أتساءل: ما التأثير الذي تُحدثه 
Su‏ 


وإذا نظرنا إلى الموضوع من الجوانب كافة» فإن الملا clea‏ القائد الطالباني الذي 
قاد ا هجوم على مفرزة العمليات ألفا-21 والشرطة الوطنية الأفغانية عندما كانوا يحاولون 
فتح بازار القرية» قد مات. وتبيّن أن رسالته التي وجهها إلى شعب منجور بأن الحكومة 
الأفغانية والأمريكيين كانوا ضعفاء» وغير فاعلين» وعاجزين عن المساس به» كانت كذبة. 
Gy‏ هدوء نسبي بعد تنفيذ المهمة» استطاعت الحكومة المحلية إحراز بعض التقدمء 
وتمكنت مفرزة العمليات ألفا من إضعاف التمرد أكثر. 

بعد المهمة مباشرةء بدأت مفرزة العمليات ألفا dle‏ نشر الشائعات بأن المساعد 
الذي لم نتمكن منه في تلك الليلة هو الشخص الذي أبلغنا أن حسمني كان موجوداً في 
منجور. وسافر أحد نواب حساني الآخرين إلى منجور عائداً من باكستان بعد ثلاثة 
أسابيع» Jy‏ المساعد» ما تسبب في حرب فصائل داخل del LI‏ المتمردة. وأصبح الاقتتال 
الداخلي أشد ضراوة» بحيث إن مجموعة حسمني انحلّت لفترة من الوقت. وللاستفادة 


52 


مقدمة: فتاة صغير ة في غزني 


من الفراغ» قام الحاكم عثاني بطرد قائد شرطة منجور ورافق بديله إلى اجتماع شورى كبير 
مع شيوخ قبيلة أندار من المنطقة. وهذه هي المرة الأولى التي يتجرّأ فيها مسؤول في 
الحكومة الأفغانية على الذهاب إلى منجور منذ ثانية عشر |g‏ على الأقل. 


ولكن للأسف» |S‏ كنت قد رأيت مرات كثيرة في السنوات السابقة» كنا نفتقر إلى 
الموارد والإرادة لتحقيق الاستفادة الكاملة من هذا الوضع. ورفض لواء الجيش البولندي 
الذي تولى المسؤولية الأمنية عن غزني إرسال قوات بشكل دائم إلى منجور لتثبيت وجود 
هناك ومنع عودة نفوذ المتمردين. كانت القواعد غير الرسمية لدى البولنديين من 
حكومتهم فيما بخص العمليات في أفغانستان تقتصر أساساً على قيامهم بدوريات في 
الطريق الدائري» وهو الطريق السريع الوحيد الذي يجتاز الولاية. 


ادعى لواء الجيش الوطني الأفغاني الموجود على بعد كيلومترات معدودة» أنه 
منشغل بشكل تام في مناطق أخرىء إلا ننا كنا أذكى من أن نصدّقهم» ولكن لم تكن لدينا 
أي صلاحية لتوجيه الأوامر إلى الأفغان كى يضعوا قوات في القرية. 


وبوجود عشرة عناصر فقط» كانت مفرزة العمليات ألفا-21 تفتقر إلى القوة 
البشرية لترك قاعدتها الحالية والانتقال إلى قاعدة جديدة في أندار. كانت طالبان قد تفشت 
في ولاية غزني» بحيث إن الفريق قد قضى المزيد من وقته وهو يقوم بعمليات جزئية 
وذات SE‏ طفيف أو مؤقت ضد الأعداد المتزايدة من خلايا المتمردين التي تستولي على 
المديريات المحيطة بعاصمة الولاية» مدينة غزني. وكان ذلك كل ما أمكنهم القيام به AS gh‏ 
المعلومات الاستخباراتية الواردة من شبكة المخبرين» والاستمرار في صد محاولات قيادة 
المتمردين تجنيد المزيد في صفوفهم وزيادة عددهم. وفي نهاية المطاف» قام أحد مساعدي 
Gee‏ المنافسين بتعزيز النفوذ وأعلن عودته إلى المنطقة عن طريق جرٌ رجُل كان يعمل في 
قاعدة التحالف من منزله بالقرب من منجورء وأقام له محاكمة» وأعدمه أمام القرية 


بأكملها. وعادت طالبان إلى تولي المسؤولية من جديد. 


53 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


في النهاية» كان لعجز قوات التحالف وقوات الأمن الأفغانية عن حماية شعب 
منجور أثر في الطرف الذي كانوا يقفون إلى جانبه في الحرب أكبر بكثير من التسبب بموت 
شخص مدني عرضياً. فقد أثر الحادث عاطفياً وبعمق في جميع أفراد الفريق» ولكن هذه 
التجربة والتجارب الأخرى الماثلة أثبتت لنا أن أفضل طريقة للتقدم إلى الأمام في مكافحة 
التمرد كانت إيجاد وسيلة للسماح لأهل القرى - كقرية منجور - بحاية أنفسهم. 


وبعد فترة وجيزة من موت براين» زرت الفريق للاطمئنان على كيفية تعامل الرجال 
هواج ail gy LTE re‏ وكات :هذه اهراج واضحة de yo Mle‏ أنه كان الجر 
محادثات عدة طويلة مع أحد أصدقائه المقربين» قبل انتقاله إلى موقع خدمته بفترة وجيزة. 
کا كتب رسائل عدة مطولة لزوجته يناقش فيها حياتها بعد وفاته. 


قال جرانت وهو je‏ رأسه: "حتى إنه ذهب إلى حد كتابة الرسائل إلى زملائه 
وقاسمهم أغلى ممتلكاته الشخصية".. 


Sidon Le ed عور سوا‎ oA عن‎ AS ذهلك :كان لذى‎ al 
لهم ولم يحدث شيء. ولكن هذا رجل مقتنع جداً بأنه كان سيموت خلال هذه الفترة‎ 
من فترات الخدمة» بعد العديد من فترات الخدمة السابقة في العراق وأفغانستان» إلى درجة‎ 
أنه بذل جهوداً استثنائية في التحضير لذلك. وبدلاً من محاولة تجنب مصيره فقد قابل‎ 
لكل مهمةء مهما كانت خطيرة. وعندما وجد نفسه‎ lo الأمر وجهاً لوجه. كان يتطوع‎ 
يرسل الأفغان‎ dy فجأة في أحد أسوأ الكمائن في حياته» لم يبق جالساً في سيارته المدرعة»‎ 
في الخطوط الخلفية باعتباره المسعف الطبي تحسباً لإصابة أي‎ So dy إلى الخطوط الأمامية»‎ 
شخصء على الرغم من أن كل تلك الأفعال كان يمكن أن تكون مقبولة. وعلى الرغم من‎ 
فقد اندفع مهاجماً العدو وجهاً لوجه. لقد كان ذلك‎ cdo gall إيمان براين بأنه لن يتمكن من‎ 
دليلاً واضحاً عليه كجندي وكرجل.‎ 


54 


مقدمة: فتاة صغيرة في غزني 


وبعد تسعة أشهر» في يوم الذكرى عام 2010, في مقر قيادة العمليات الخاصة 
للجيش في فورت براغ في كارولينا الشمالية» جلست ضمن حشد من الناس بينما E‏ اسم 
براين بصوت عال في أثناء تخصيص مكان له على الجدار التذكاري. وعندما نظرت إلى 
ابنتيه الصغيرتين الجميلتين» حدّقت الفتاة الكبرى G‏ بغضب كما لو أنها تقوللي "أنت 
أخذت أبي". كنت أفضل لو أنني تلقيت رصاصة على أن أتلقى تلك النظرة. لم أستطع أن 
أتمالك نفسي عن التحديق be‏ والإحساس بشعور عارم بالذنب OY‏ ابتتي ما يزال 
والدها معها. 


بالفعل» لقد كان المدنيون» على أرض المعركة وفي الوطن» هم الذين عانوا في هذه 
الحروب. شكرّنا الجميع على تضحياتنا وأغدقوا علينا الامتنان لدى عودتنا. ولكننا كنا 
جميعاً متطوعين وكنا وراء البحار نقوم بها تدربنا على القيام به طوال حياتناء وما آمنا به. لقد 
حمل ol al‏ عائلاتنا الأعباء الحقيقية للحرب على الإرهاب. ولم يكن أمامهم أي خيار سوى 
الانتظار والقلق» ومن ثم التعايش مع عواقب الخدمة التي نؤديها. إنهم هم الذين 
يستحقون الامتنان الذي تبديه أمتناء وليس نحن. كا أنني فكرت في ابنة حسماني» التي 
عانت بسبب قراره دعم حركة طالبان. سوف يعاني أفراد عائلتها من عواقب قراره طوال 


بقية حياتهم. 


عندما جلست في فورت براغ في ذلك اليوم» بدالي أن ثقل كل السنوات التي 
أمضيتها في أفغانستان وفي الحرب. في الميدان dy‏ واشنطن» يرهقني كا لم يفعل مطلقاً من 


55 


الفصل الأول 
حالة الحرب .. مكتب وزير الدفاع 


Cady‏ مصدوماً في غرفة الجلوس في منزلي lee‏ اصطدمت الطائرة الثانية بالبرج 
الجنوبي من مركز التجارة العالمي في الحادي عشر من سبتمبر لعام 2001. كنت قد Saef‏ 
SA‏ مكالمة هاتفية مع صديق من أيام الطفولة يعمل هناك» ولكن بفضل الله كان TILE‏ 
المبنى لوجبة إفطار في ذلك اليوم. كنا قد اتفقنا في الرأي على أنه لا يمكن أن تكون الضربة 
الأولى حادثاً. وكملايين الأشخاص حول العالم» دفعت تلك اللحظة حياتي في مسار 
مختلف Gy LU‏ حالتي» كان ذلك نحو العاصمة واشنطن وأفغانستان. 


وبعد عام» وجدت نفسي في الجيش الذي كنت قد تركته قبل 11 سبتمبر كجزء من 
سرية برافوء بالكتيبة الثانية» من المجموعة ال20 من القوات الخاصة (المحمولة Cg‏ 
إحدى مجموعتي القوات الخاصة للجيش التابعة للحرس الوطني. تمت التعبئة للوحدة في 
بداية عام 2003 لأجل "عملية الحرية الدائمة" في أفغانستان» وتوجهت Le yet‏ صغيرة 
منا إلى فورت براغ» في ولاية كارولينا الشمالية؛ حيث أكملنا التدريب المطلوب لنباشر 
خدمتنا ضمن وحدات ذوي القبعات الخضر (القوات الخاصة التابعة للجيش 
الأمريكي). 

وقد قامت وحدتي من مقرّها في أوزبكستانء بتنفيذ عمليات في مناطق أفغانستان 
كلهاء من هرات غرباً إلى قندهار جنوباً. وعلى الرغم من النجاحات العسكرية المبكرة في 
الأشهر التي تلت 11 سبتمبر» EB‏ شهدت علامات مبكرة لحركة تمرد من طالبان. كانت 
أفغانستان تخطو خطوات تاريخية في الساحة السياسية. بها في ذلك إنشاء حكؤمة مؤقتة 
كانت تتجه نحو انتخابات رئاسية وأول دستور للبلاد. ومع ذلك فإن تزايد الهجمات عبر 
الحدود الباكستانية» ب في ذلك عمليات الاغتيال التي استهدفت المسؤولين الموالين 


57 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


للحكومة والشيوخ ورجال الدين» والفراغ الأمني الناشئ من عدم وجود الجيش 
الأفغاني» جعل تلك النجاحات المبكرة هشة للغاية. 


وما زاد الوضع سوءاً» أن زراعة الأفيون وتجارة المخدرات كانتا تزدهران في 
أفغانستان» لتغرقا الاقتصاد الناشى بالملايين من الأموال غير المشروعة» وتتركا آثاراً 
مفسدة في الحكومة الجديدة. ومع ذلك كانت وزارة الدفاع تقاوم التعامل مع المخدرات 
باعتبارها قضية عسكرية» مشيرة بدلاً من ذلك إلى وزارة الخارجية والوكالة ES pV‏ 
للتنمية الدولية (USAID)‏ للتعامل مع المسألة. ورداً على ذلك. سجّل بعض الأعضاء 
المؤثرين في الكونجرس 70 مليون دولار في ميزانية البتتاجون لمحاربة المخدرات لإجبار 
وزارة الدفاع الأمريكية على وضع برامج في أفغانستان لمحاربة تجارة الأفيون. 


بعد أسابيع التقيت نائبة مساعد وزير الدفاع لشؤون مكافحة المخدرات الجديدة» 
ماري بيث لونغ. وتم التعارف من خلال من سبقها في المنصب» أندريه هوليس. وبعد 
تسريحي وعودتي مدنياً مرة أخرى في عام 2004ء كنت أبحث عن وسيلة لمواصلة 
المشاركة في خلق مستقبل أفضل لأفغانستان» ومن.ثم» مستقبل أكثر أمناً بالنسبة إلى 
العامة» على مائدة العشاء في إحدى الليالي» وقال: "مايك» Le]‏ [ماري بيث] بحاجة إلى 
شخص يمكن أن fas‏ وزارة الدفاع في اجتماعات البيت الأبيضء وفي اليوم اللاحق 
يذهب إلى جبال أفغانستان للإشراف على البرامج التي يموّها المكتب؛ حدسي يقول لي 
إنك أنت هذا الرجل النادر الذي يمكنه القيام بكلا الأمرين". 


ابتسمت ماري بيث عند جلوسها وهي تنظر إلى سيرتي الذاتية» وقالت: Ce‏ 
على الأقل يمكنك تبجئة أفغانستان بشكل صحيح! معظم من في هذا المبنى يمكنهم ing‏ 
العراق فقط حالياًء وأنا قلقة من أننا بدأنا نفقد التركيز على ما هو مهم". كان مكتبها جزءاً 
من مكتب وزير الدفاع لشؤون السياسة» ويطلق عليه OSD-Policy sole‏ وهو بشكل 
أساسي عبارة عن موظفي وزير الدفاع المدنيين الذين ينصحونه حول صياغة الخطط 


58 


الفصل الأول: حالة الحرب .. مكتب وزير الدفاع 


والسياسات الاستراتيجية والموارد اللازمة لتنفيذها. كانوا يعملون عن كثب مع زملائهم 
العسكريين في هيئة الأركان المشتركة لإدارة وزارة الدفاع. وكان المسؤول عن إدارة مكتب 
وزير دفاع - لشؤون السياسة وكيلاً للوزارة» وكان لديه مساعدون ونواب مساعدون 
يقسّمون العام فيا بينهم ويقدمون تقاريرهم. OLS‏ مكتب مكافحة المخدرات تابعاً 
لمساعد وزير الدفاع لشؤون العمليات الخاصة والصراع المنخفض الحدة. وكانت ماري 
بيث بصفتها نائب مساعد الوزير» مسؤولة عن دعم وزارة الدفاع لجهود مكافحة 
المخدرات المحلية والعالمية. وكان الكونجرس قد خصص الال للتوٌ LEY‏ الوزارة على 
إيلاء ازدهار تجارة الأفيون في أفغانستان» الاهتام. وللقيام بذلك» كانت بحاجة إلى 
شخص ما على الفور. 


وأضافت "لديّ 70 مليون دولار لأصرفها بحلول ale‏ سبتمبر» أو سأخضع 
لمراقبة لصيقة من الكونجرس. ستكون مشرفاً على برامج لدعم وزارة الخارجية وإدارة 
مكافحة المخدرات. نأمل أن نكون في نهاية المطاف قادرين على إقناع القيادة المركزية 
والناس في هذا المبنى أن يمنحوا قواتنا السلطة التي يحتاجون إليها لملاحقة زعماء عصابات 
المخدرات وختبراتهم. لا يتفق معنا مجتمع الاستخبارات بعد ولكننا في هذا المكتتب 
مقتنعون بأن أموال المخدرات تهدّد بتقويض حكومة كرزاي ويمكنها تمويل عودة طالبان. 
لكن دعني أكن واضحة. أنت لن تعمل في الميدان» فهذه ليست وظيفة هجوم وملاحقة. 
إن هذا مكتب سياسة عامّة» لكنها مهمة فريدة من نوعها تتمثل بأن لدينا القدرة على 
وضع برامج مباشرة لتنفيذ سياساتنا. ما نحتاج إليه حقاً هو شخص يمكن أن يقود 
العمل بين الوكالات المختلفة هنا في واشنطن بين وزارة الخارجية» والوكالة الأمريكية 
للتنمية الدولية» ومجلس الأمن القومي» والجيشء في هذا المبنى". 


وبشكل غير متوقع تحول الاجتاع إلى مقابلة؛ وعلى مدى الساعة اللاحقة شرحت 
ها ولناتبها أنني أعتقد أن الجيش أصبح يركز بشكل مفرط على الغارات المباشرة» وأن 
مجتمع القوات الخاصة على وجه الخصوص بحاجة إلى العودة إلى عمله الأصلي كما كان 


59 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


أفراده في السابق بالعمل مع الأفغان ومن خلاهم. أخبرتهم أنني كنت على يقين من أننا 
يمكن أن نفوز في أفغانستان إذا تعاملنا مع الأمر ىا كنا في كولومبيا؛ حيث تم استخدام 
مجموعات القوات الخاصة لتقديم المشورة وتدريب الجيش الكولومبي وتجهيزه. "لن 
يكون لدينا ما يكفي من القوات في أفغانستان لحاية كل قرية» ونحن لن نكون قادرين على 
مطاردة المتمردين إلى الأبد. علينا أن نبدأ بمعالجة الأسباب الكامنة وراء عدم الاستقرار» 
مثل اقتصاد المخدرات المزدهر الذي سوف يقوّض كل ما نحاول القيام به هناك". 


ابتسمّث قبل أن تسألني متى يمكنني أن أبدأ. وسرعان ما حذرتني من أن 
الحكومة الأمريكية كانت في خضم وضع استراتيجية لمكافخة تجارة المخدرات في 
أفغانستان وأن الكثيرين في البنتاجون اعتقدوا أنه ليس من شأن الجيش أن يشارك على 
الإطلاق. وأضافت قائلة: "إنهم يعتقدون أن مهمة مكافحة المخدرات هي إهاء وأنه 
بقدر ما ينبغي القيام بهاء فهي عمل الوكالات المدنية. مشكلتنا هي أن الوكالات المدنية 
لدينا لا يمكن أن تعمل في مكان مثل أفغانستان في حالة حرب ذات مستوى منخفض. 
UU,‏ ومع أخذ ذلك في الاعتباره سيكون لديك دور رئيسي في المساعدة في وضع 
اللمسات الأخيرة على استراتيجية wel‏ مشتركة بين الوكالات. لم يمض على وجودي هنا 
سوى بضعة أشهر» ومن ثم فإن علينا جميعاً أن نفهم الأمر معاً. هل يبدو هذا مناسباً؟". 
أجبتهاء "بالتأكيد" وكانت تلك بداية مسيرتي في جهاز السياسة بواشنطن. 


في خريف عام 2004 واصلت أفغانستان النجاحات السياسية. أصبح حامد 
كرزاي أول رئيس منتخب بحرية لجمهورية أفغانستان الإسلامية» مشكلاً لحظة فارقة في 
تاريخ أفغانستان. وفي وقت سابق من العام نفسه كان المجلس التقليدي الكبير (اللويا 
جيرغا) قد أقرٌ رسمياً أول دستور لأفغانستان. وفي عام 2005 شكلت الديمقراطية 
ga bil al‏ عست Sa ples‏ عل اا م طا AEE‏ 
عدة من حكومة طالبان سابقاً إلى المجلسين. وحضر كل من نائب الرئيس ديك تشيني 
والملك السابق ظاهر شاه الجلسة الافتتاحية التي ترأسها الرئيس كرزاي. 


60 


الفصل الأول: حالة الحرب .. مكتب وزير الدفاع 


وقال كرزاي في خطابه أمام 351 من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ» وأعضاء 
مجلس الوزراء» والضيوف: "إن هذا التجمع هو علامة على استعادة شرفناء لقد مضت 
أفغانستان العزيزة مرة أخرى من الرماد" وتوقف ليتمكن من السيطرة على مشاعره. ' بعد 
نحو جيل من الاحتلال السوفيتي المدمّر» وحرب أهلية وحشية» ونظام طالبان القمعي» 
بدا ols‏ هناك فجراً جديداً ALU‏ البائس» حقاً. 


اعتمدت الجهات المانحة الدولية والدول المهتمة بإعادة بناء أفغانستان استراتيجية 
لتكليف الشركاء الدوليين بأخذ زمام المبادرة في مختلف جوانب إعادة الإعمار. وقسّمت 
الاستراتيجية المعروفة باسم "الدولة القائدة" جهود إعادة الإعمار والتمويل إلى قطاعات 
ذات أولوية مختلفة. فأصبحت المملكة المتحدة الدولة القائدة لمكافحة المخدرات» وأخذت 
الولايات المتحدة زمام المبادرة لإعادة بناء ا لجيش الوطني الأفغاني؛ بينم تولى الألمان زمام 
الأمور الخاصة بتدريب الشرطة الوطنية الأفغانية» وأما اليابانيون فتولوا نزع سلاح 
الميليشيات الموجودة» والإيطاليون قطاع العدل. وجد الكثير منا التقسيمات الوطنية 
الفردية محيّرة» ووجد جميع العاملين في السياسة الأفغانية أن فكرة إيلاء القضاء الإيطالي 
المعروف بفساده مهمة إصلاح النظام القضائي في أفغانستان مثيرة للسخرية تماماً. 


ومع ذلك بدت الاستراتيجية نفسها سليمة؛ إذ إن ا هدف كان توزيع عبء إعادة 
بناء هذا البلد المدمّر والفقير» وتركيز المشاركين الرئيسيين في قطاعات معينة» وتعيين 
الأدوار القيادية ذات الأولوية لبلدان معيّنة. وبالإضافة إلى ذلك» انسجمت الاستراتيجية 
مع رغبة الولايات المتحدة بتقاسم العبء في أفغانستان وتجنب التورط بإعادة الإعمار على 
المدى الطويل. ولكن في واقع الأمر» أصبحت الاستراتيجية كارثية» فلقد خصصت بعض 
الدول موارد كبيرة لهذا الجهد, في حين لم تخصص دول أخرى إلا القليل؛ فعلى سبيل 
tt!‏ وخلال ple‏ 2004 كان هناك ما لا يزيد كثيراً على عشرة أشخاص من الألمان 
يعملون لتدريب الشرطة الأفغانية بأكملهاء وواجه الإيطاليون صعوبة في وضع وتوزيع 


2 


القضاة والموظفين لأكثر من سنة. كا أظهر هذا النهج جهوداً مستقلة غير منسقة» وفضلاً 


61 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


عن كونها لا تدعم بعضها Lae‏ كانت في بعض الأحيان متضاربة. ثبت أنه من المستحيل 
تقريباً إحراز تقدّم في إصلاح الشرطة بين) الجهود الإيطالية متخلفة ولم يكن النظام 
القضائي موجوداً بعد. وبالمقابل» فإن نجاح الجهود البريطانية لاعتقال ومعاقبة مهربي 
المخدرات نيابة عن الحكومة الأفغانية الجديدة يعتمد على القدرات الواهنة وغير الفعالة 
للشرطة والقضاء. 


وني غياب وجود كيان واحد لتحمّل المسؤولية وتخصيص الموارد وتنسيق الجهود. 
كان التقدم بطيئاً ومتقطعاً. وبالإضافة إلى ذلك» ففي الوقت الذي أدركت فيه الولايات 
المتحدة أن بعض القطاعات كانت متخلّفة» كان من الصعب جداً فرض القيادة من جديد 
مت المساشيات Sed‏ لدى خلفاتنا: وتا تعقرت gg‏ 9 "الدولة BASLE‏ 
تنامى شعور الشعب الأفغاني بالإحباط» وقام أمراء الحرب بملء الفراغ. وقد رأيتٌ آثار 
هذه الخيبة مباشرة في أثناء عمليات الانتشار التي جاءت في) بعد؛ حيث ازداد شعور 
الشعب الأفغاني بخيبة الأمل نظراً إلى انعدام الخدمات الأساسية المقدمة من قبل 
التحالف والحكومة الأفغانية. 


قاد كل من الفريق ديفيد بارنوء في أثناء قيادته لقوة المهام المشتركة 180» والسفير 
زلماي خليل زاده الجهود على أرض الواقع في خريف عام 2004. by‏ وقت مبكر» حاولا 
تحريك جهاز الأمن القومي في واشنطن ببطء بعيداً عن ae‏ "البصمة الخفيفة" التي 
هيمتت على سياستنا منذ سقوط نظام طالبان في ديسمبر عام 2001. كان أحد أكبر الدعاة 
هذه الاستراتيجية هو الجنرال تومي فرانكسء قائد القيادة المركزية الأمريكية المسؤول عن 
أفغانستان والشرق الأوسط بأكمله. فقد قال إنه في عصر ما بعد طالبان "كان على 
وجودنا أن يكون محدوداً لأسباب عسكرية وجيوسياسية؛ كان تصوري أن يكون حجم 
القوة ما مجموعه 10,000 من القوات الأمريكيةء من الجنود والطيارين والعمليات Ae‏ 
وطواقم الحوامات» جنباً إلى جنب مع دعم جوي قوي داخل البلد".2 كما دعا الجنرال دان 
ماكنيل» سلف بارنو بصفته قائد القوات الأمريكية في أفغانستان» إلى "البصمة الخفيفة" 


62 


الفصل الأول: حالة الحرب .. مكتب وزير الدفاع 


وذهب أبعد من ذلك ليشير علناً OL‏ القوات الأمريكية يمكن أن تكون خارج أفغانستان 
LE‏ بحلول صيف عام 7.2004 كان التفكير السائد في الجيش ووزارة الدفاع الأمريكية 
أنه ينبغي للولايات المتحدة تنب أخطاء السوفييت الذين أرسلوا أعداداً كبيرة من الجنود 
التقليديين إلى بعض أقسى المناطق على الأرض» في محاولة لاحتلال كل مدينة وقرية. 
لطالما اعتقدت أن هذا المنطق على خطأ. فلقد كانت القضية الأساسية في الاحتلال 
السوفيتي محاولته القيام بتغيير جذريّ لثقافة أفغانستان وإخلاء مساحات من الريف من 
سكانها بالتفجيرات والألغام الأرضية. لم نكن نحن السوفييت» ولم تكن أعداد أكبر من 
الجنود الأمريكيين لتوفير الحاية لبرامج التنمية ستواجه ذلك النوع من المقاومة. 


ومع ذلك» كانت مهمة الوجود العسكري الصغير نسبياً للولايات المتحدة هي 
مكافحة الإرهاب» وتتركز على تعقب فلول نظام طالبان الذين كانوا ما يزالون مختبئين في 
أفغانستان وقتل أو أسر القيادة العليا لتنظيم القاعدة. وكانت المهمة الثانوية هي إعادة بناء 
الجيش الوطني الأفغاني ودعم الجهود المدنية لتقديم المساعدات الإنسانية الأساسية 
للشعب الأفغاني. ولدى وصولنا إلى أوزبكستان في أوائل عام 2003 للتحضير للمهمات 
في أفغانستان» تلقت وحدتنا للقوات الخاصة إحاطة تمنع بوضوح استخدام مصطلح 
"مكافحة التمرد". لا يمكن إطلاق مسمى متمردين على الإرهابيين الذين بقوا في البلاد. 
أو أمراء الحرب الذين ما يزالون يمثّلون تهديداً أمني» وغيرهم من خصوم الحكومة.“ جاء 
هذا الرأي من كبار قادتنا في وزارة الدفاع الأمريكية. وكان وزير الدفاع دونالد رامسفيلدء 
ووكيل الوزارة لشؤون السياسة دوغلاس فيث» وكثير غيرهما مهتمين بمواصلة عمليات 
مكافحة الإرهاب في أفغانستان فقط لملاحقة من تبقى من قيادة القاعدة وطالبان. لم 
يكونوا مؤمنين Ob‏ على وزارة الدفاع أن تكون مسؤولة عن بناء الدولة أوإعادة الإعمار» أو 
جهود التنمية. 


وبحلول خريف عام 2004 كان عدد القوات الأمريكية نحو عشرين LT‏ وكان 
حجم القوة باهتاً مقارنة بال 130,000 جندي في العراق في ذلك الوقت» لكن كان BAB‏ 


63 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


من القوة توفير الأمن BIST‏ للسماح بالمكاسب السياسية من صياغة الدستور الأفغاني 
والانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وبالإضافة إلى ذلك كان ينظر إليها على Lal‏ قوة كبيرة 
كافية لتخويف بعض أمراء الحرب السيئى السمعة» مثل إسماعيل خان في مدينة هرات 
بغرب البلاد» والرجل الأوزبكي القوي عبدالرشيد دوستم في الشمال» وباشا خان زدران 
في الشرق. وكان أمراء الحرب هؤلاء موضوعا لجهد تكميلي سياسي معروف باسم 
"استراتيجية أمراء الحرب"» بقيادة الدولة» لإقناعهم بالتخلي عن أسلحتهم الثقيلة وأن 
ينضووا بسلام تحت جناح الحكومة الجديدة. 


ولكن مع الأسف» وعلى الرغم من هذه النجاحات المبكرة» فإن التداعيات السلبية 
لنهج "البصمة الخفيفة" بدأت بالظهور إلى السطح. كان العيب الأساسي في 
الاستراتيجية يكمن في عدم إدراكها إلى أي do‏ وصلت مؤسسات الدولة الأفغانية المدمرة 
بعد ثلاثين عاماً من الحرب» تاركة قدراً ضئيلاً لحاية الشعب الأفغاني أو توفير المخدمات 
الأساسية له. في بيئة ما بعد الصراع» من الضروري توفير مستوى أساسي من الأمن 
للمجتمع حتى يبدأ العمل من جديد. وكانت "البصمة الخفيفة" غير كافية هذه المهمة. 
وكان السبب وراء الاستراتيجية مفهوماً ويتمثل بالرغبة في تجنب رد فعل من الشعب 
الأفغاني fe‏ لذلك الذي واجهه السوفييت. وكمالم أدرك إلا في وقت لاحق وبعد 
سنوات» وعندما حضرتٌ العشرات من مجالس الشورىء فإن الشعب الأفغاني أراد 
عكس ذلك LU‏ لقد أرادونا أن نشارك بشكل كبير في تحسين مستقبلهم. وفي البداية 
ومع كون الأمر يعني تدخلاً من قبل القوة العظمى الوحيدة في العالم وعشرات من الدول 
الأخرى» كان لدى الأفغان توقعات عالية جداً للتحسينات التي سوف يرونا في حياتهم. 
وإلى جانب إخفاقات استراتيجية "الدولة القائدة"» جعلت "البصمة الخفيفة" كثيراً من 
الأفغان يشعرون بخيبة الأمل وبأنهم عرضة للترهيب والاستغلال. وببطء ولكن بثبات» 
بدأ الأفراد والقبائل» وخاصة أولئك الذين كانوا مهمشين وشعروا بالاستبعاد من هذه 
البيئة الجديدة» بالتحول نحو التمرد؛ إما بسبب ضغوط من المتمردين وإما بمحض 


64 


الفصل الأول: حالة الحرب .. مكتب وزير الدفاع 


وبين| أعادت حركة طالبان والجماعات المتمردة التابعة هاء كشبكة حقاني والحزب 
الإسلامي بزعامة قلب الدين حكمتيار» تنظيم صفوفها في ملاذات في باكستان» بدأت 
بالتسرب ببطء إلى الفراغ الأمني. ومن قواعدها في المناطق القبلية في باكستان» نظمت 
قواتها مع القبائل الأفغانية sted!‏ والمحرومة» وهددت الأفراد الذين دعموا حكومة 
كرزاي» وأوقفت جهود التنمية كلما وحيث) استطاعت. وانضم تجار المخدرات 
والعصابات الإجرامية» والمسؤولون المحليون وميليشياتهم إلى المتمردين مستغلين عدم 
وجود جيش أفغاني مؤهل أو شرطة مدرّبة. وبحلول صيف عام 2005 كانت تقريباً كل 
ولاية في الجنوب والشرق قد عانت زيادة مقلقة في استخدام العبوات الناسفة التي 
تستهدف قوات الأمن الأفغانية وقوات التحالف. وشهد ذلك الصيف Laf‏ ارتفاعاً في 
استخدام الانتحاريين في أفغانستان» وهو الأمر الذي كان أكثر انتشاراً في العراق 
والأراضي الفلسطينية» وكان غير معروف نسبياً في الثقافة الأفانية.© 


وبرؤية هذه الدينامية تتكشف بهذا الشكل» وبفضل المفكرين الرئيسيين في 
واشنطن أمثال مارين شتريمكي وقلقه المتزايد في مكتب وزير الدفاع» OLS‏ خليل زاده 
وبارنو قد شرعا في الجهود بدءاً من عام 2003 للابتعاد عن نبج "البصمة الخفيفة" والبدء 
في بناء القدرات الأفغانية. كان شتريمكي قارئا متميّرا؛ تخرّج في كلية الحقوق بجامعة cfe‏ 
وحصل على درجة الدكتوراه في السياسة الأفغانية من جامعة جورج تاونء وقام بصياغة 
ورقة بيضاء وسلسلة من الإحاطات التي أسست إطاراً لتسريع المساعدات الأمريكية إلى 
أفغانستان. وأصبح تسارع تدريب قوات الأمن الوطنية الأفغانية أمراً رئيسياً في الإطار 
الجديد. وتناولت Sob Yi‏ وافقت عليها BH‏ المديرين على مستوى مجلس الوزراء 
والرئيس في منتصف عام 2003» موضوع نزع سلاح أمراء الحرب وبناء البنية التحتية 
الأفغانية» وأيدت برامج لتحسين الحكم. وبين كان خليل زاده ما يزال في البيت الأبييض» 
وقبل تسلمه منصب السفير» أرخى قبضة السياسات المضادة لإعادة الإعمار السائدة في 
إدارة بوش» من خلال المساعدة على تمرير سلسلة من الإجراءات التي تضاعف حجم 
المساعدات عن العام السابق. وكسفير» ركز على العمل مع كرزاي لإزاحة - أو على الأقل 


65 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


إبعاد - أكثر أمراء الحرب الأفغانية شهرة عن معاقلهم» أمثال: جول آغا شرزاي في 
قندهار وإسماعيل خان في هرات. كما دافع عن المشروعات التنموية الكبرى» مثل الطريق 
الدائري» كرمز للاستشار الدولي في مستقبل أفغانستان. كان الطريق مها لأنه يدور حول 
أفغانستان ويمرٌ عبر المدن الأفغانية الرئيسية الأربع في كل منطقة من المناطق الجغرافية 
الأربع؛ وبذلك» أسهم في ربط جميع المجموعات العرقية المختلفة في أفغانستان. 


وفي الوقت نفسه. بدأ الفريق بارنو ببطء تحويل القوات الأمريكية وحلف شمال 
الأطلسي (إيساف) بعيداً عن مهمة مكافحة الإرهاب بشكل بحت نحو عمليات 
مكافحة التمرد؛ إذ قام بتنظيم مقرَّيْن للواء في الجنوب والشرقء وبدأ بإنشاء فرق إعادة 
إعمار الولايات» مركّزاً على تقديم مساعدات التنمية على المستوى المحلي في الجنوب 
والشرق المضطربين. وأعطى بارنو الوحدات مسؤولية حماية مناطق جغرافية محددة 
وسكانها كجزء من مهمتها. ك| بدأ العمل المهم بالإسراع في تدريب الجيش الوطني 
الأفغاني و تجهيزه. 


وعلى الرغم من أن خليل زاده وبارنو كانا قد شرعا بوضع اللبنات الأساسية 
التنظيمية لحملة طويلة الأمد لمكافحة التمرد وبناء الدولة» فإن الموارد ظلت محدودة؛ 
وبالنظر إليها OVI‏ كانت قطرة في بحرء مقارنة بم| كان هناك من حاجة إليه حقاً. لقد فقدنا 
وقتاً حرجاً عندما كان لحكومة كرزاي زخم» وكانت حركة طالبان في تراجع» وكان 
الشعب الأفغاني Lele‏ وبالنظر إلى ذلك الوقت» من المحبط التفكير في أن زيادة قليلة في 
الاستثمار كان يمكن أن تحفظ الكثير من الدماء والسنوات الغالية في وقت لاحق. 

كان دوري في هذه الأيام الأولى المشاركة في وضع اللمسات الأخيرة على 
استراتيجية مكافحة المخدرات لحكومة الولايات المتحدة لأفغانستان» والمساعدة في 
الوقوف على عدد من برامج وزارة الدفاع الأمريكية لدعم شركائنا المدنيين والأفغان. 
ومن دعم فرق الرصد التابعة لإدارة مكافحة المخدرات وتدريب شرطة مكافحة 
المخدرات الأفغانية» إلى السعي للحصول على دعم الكونجرس لبناء أسطول حوامات 


66 


الفصل الأول: حالة الحرب .. مكتب وزير الدفاع 


لوزارة الداخلية الأفغانية» أصبح مكتب مكافحة المخدرات أحد أماكن السياسة العامة 
العاملة في واشنطن الأكثر إثارة للاهتام. وكان المكتب يشرف على حساب يقارب مليار 
دولار ويمكن أن يوفر التدريب والمعدات GY‏ جهة أجنبية تقريباً لما دور في مكافحة 
الاتجار غير المشروعء» ومنها: شرطة co ptt‏ والكيانات شبه العسكرية» والاستخبارات 
العسكرية» وغيرها. 


وعلى الرغم من أن مهمة المكتب كانت تتمثل بمكافحة المخدرات غير المشروعة» 
فقد تبنى أندريه هوليس ثم ماري بيث لونغ هجا أكثر استراتيجية بتركيز الموارد على 
مواجهة أي نوع من الاتجار غير المشروع والذي يمكن أن يدعم الإرهابيين وحركات 
التمرد ذات الصلة بالحرب العالمية على الإرهاب. وقد سعينا إلى جعل الآخرين في وزارة 
الدفاع الأمريكية يفهمون أن أي طريق غير مشروع يديره مجرمون يمكن أن يسمح بوقوع 
كل ما يمكن أن يضر بمصالح الولايات المتحدة؛ فالطريق الذي ينقل المخدرات يمكنه 
بسهولة أن يحرّك الأسلحة والمتفجرات والإرهابيين والمال» وحتى أسلحة الدمار الشامل. 
سمحت LI‏ هذه النظرة الشاملة بتوسيع مهمتنا بهدوء وتقديم المساعدة والمعدات لقوات 
الأمن الأجنبية بأي شكل كان؛ من مراكز المعلومات الاستخباراتية إلى نظارات الرؤية 
الليلية والحوامات. سمحت السلطة والمال لنا بإنجاز الكثير خلال عامي 2004 5 2005( 
في حين أبقتنا خارج رادار كبار القادة الذين أرادوا من وزارة الدفاع القيام بأقل مما كانت 
تفعله في أفغانستان» „hä‏ 


وكانت جهود عملياتنا جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً ذات خمس ركائز لمكافحة 
الاتجار بالأفيون في أفغانستان» وهي التي كانت تهدف إلى أن تكون استراتيجية شاملة 
تعمل على مهاجمة سرطان تجارة المخدرات في أفغانستان الذي كان ينمو بسرعة كبيرة. 
وكانت الأركان الخمسة» هي: الدبلوماسية العامة» ومكافحة المخدرات» وإنفاذ القانون» 
وسل tall‏ النديلة والقضاء عل زراغة set‏ .7 عقت إن je pall‏ العاف المسترك 
[ey‏ كانت الاستراتيجية تتشكل؛ By‏ نواح كثيرة كانت استراتيجية جيدة تضرب في 
جوانب متعددة اقتصادات المخدرات. و 5 ذلك» ولعدد من الأسبابء لم يتم تنفيذها 


67 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


بشكل فعال قط. وكان السبب الرئيسي هو أن كل عنصر من عناصر الاستراتيجية 
كانت تقوده وكالة مختلفة في الحكومة الأمريكية» وكل منها يطبق جداول زمنية مختلفة» وله 
موارد متفاوتة لكل عنصر. وهكذاء قادت إدارة مكافحة المخدرات جهود المنع وإنفاذ 
القانون» ودعمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية سبل العيش البديلة» أما ركائز 
الدبلوماسية العامة والقضاء فكانت تحت قيادة المكتب الدولي لمكافحة المخدرات 
وشؤون تنفيذ القانون التابع لوزارة الخارجية. ونتيجة لذلك في كثير من الأحيان كانت 
هذه الركائز تنقصها الموارد وغير منسقة وتفتقر إلى التزامن المناسب. لقد قدم مكتبي 
الدعم لجميع الأركان نيابة عن وزارة الدفاع» لأننا كنا الأكثر قدرة على تحريك الأشخاص 
واللوازم في مكان مثل أفغانستان. 


قد تكون استراتيجية الولايات المتحدة متكاملة من حيث المبدأ» ولكن من حيث 
التنفيذ سرعان ما أصبح التركيز على حور واحد: القضاء على زراعة الخشخاش. أراد 
المكتب الدولي لمكافحة المخدرات وشؤون تنفيذ القانون التابع لوزارة الخارجية» بقيادة 
مساعد وزيرة الخارجية روبرت تشارلزء توظيف تكتيكات كانت قد شهدت تفعيلاً 
logue‏ في كولومبيا. وكان تشارلز مصماً بشكل خاص على استخدام طائرات مشابهة 
لطائرات رش المحاصيل لنثر المواد الكيميائية على مساحات واسعة من الأراضي 
الزراعية الأفغانية في حاولة للقضاء على مساحات كبيرة من زراعة الأفيون. عندما سمعت 
هذه الفكرة» تخيلت دورية عسكرية أمريكية تدخل قرية أفغانية ley‏ تحلق طائرات في سماء 
المنطقة» ترش قطرات المواد الكيميائية على السكان المحليين في أثناء عملهم في الحقول. كا 
تراءى لي تنظيم القاعدة وحركة طالبان يعرضان أشرطة فيديو تظهر أطفالاً مشوهين 
ازا یت ne Maes‏ 

خلال أحد أوائل لقاءاتي مع de poe‏ العمليات المشتركة بين الوكالات لأفغانستان» 
جلست مذعوراً eg‏ تمت مناقشة الخطط التشغيلية لتنفيذ عمليات الرش الكيميائي. كان 
هذا خلال مجموعة عمل أسبوعية مع ممثلين من وزارة الدفاع الأمريكية» ووزارة 
الخارجية» والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية» وأطراف أخرى من حكومتنا من الذين 


68 


الفصل الأول: حالة الحرب .. مكتب وزير الدفاع 


تناولوا قضايا السياسة العامة قبل رفعها إلى كبار المسؤولين في كل وكالة للبت فيها في 
اجتماعات عالية المستوى معروفة باسم لجنتي النوّاب والمديرين. أطلع تشارلز أعضاء 
المجموعة على خطة وزارة الخارجية لنشر طائرات زراعية مدرّعة من كولومبيا لرش 
المحاصيل في أكثر الولايات إنتاجاً للأفيون في جنوب أفغانستان» وأن التحليق بالطائرات 
سيقوم به متعاقدون وسيكون التركيز في البداية على ولايتيٰ هلمند وقندهار. بدأ الممشل 
العسكري من هيئة الأركان المشتركة باحترام ولكن بحزم بإمطار تشارلز وفريقه 
بتساؤلات حول خطتهم لإنقاذ الطيارين فيا لو تمٌ إسقاطهم في أعماق المناطق التي 
تسيطر عليها طالبان» وطلب الحصول على تفاصيل حول آليات المكتب الدولي لمكافحة 
المخدرات وشؤون تنفيذ القانون للتنسيق وض ان عدم تضارب طلعات الرش مع 
العمليات العسكرية مثل الدوريات البرية. أعطى تشارلز ضمانات قوية بأنه سيتمٌ تنسيق 
العمليات مع العمليات العسكرية» ثم أشار كل من ممثلي إدارة مكافحة المخدرات 
والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى pel‏ لا يمتلكون الموارد اللازمة لنشر فرق المنع أو 
برامج سبل العيش البديلة في المناطق التي سيتمٌ فيها الرشٌء في قلب ولايتيٰ هلمند 
وقندهار؛ حيث تزخر بالأفيون والمتمردين بشكل لافت للنظر. وشدّد كل من الضابط 
العسكري ومثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على أهمية وجود بدائل للمزارعين 
الذين ستدمر سبل عيشهم. 

GIL‏ عن خطة الاتصالات الاستراتيجية لإبلاغ السكان المحليين من خلال 
الشبكات الإعلامية» مثل: قناة الجزيرة والإذاعة الأفغانية المحلية لمواجهة حملة الدعاية الحتمية 
التي ستشنها طالبان» التي من شأنها أن تصاحب الرش. أشرت إلى أن الجهود سوف يساء 
فهمهاء ومن المرجح جداً أن الناس سوف يتهمون الائتلاف بشن حرب كيميائية على الطريقة 
السوفيتية. سأل أحد الضباط النظاميين: كيف يمكننا أن نشرح للعالم أننا هناك لكسب 
القلوب والعقول في حين نقوم بمحو الوسيلة الوحيدة لكسب العيش للمزارعين؟ 


بعد أسئلة عدة» Fal‏ وجه تشارلز وضرب يده بعنف على الطاولة» وقال: "هؤلاء 
المزارعون مجرمونء هذا هو الأمر؛ إنهم يخالفون القانون الأفغاني. نحن لسنا هناك لكسب 


69 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


قلوب المجرمين وعقوهم» بل نحن هناك لإعادة الاستقرار وسيادة القانون في أفغانستان 
وعدم السماح ها بأن تصبح دولة مخدرات!" ثم غادر الغرفة.* 


كانت فكرة الرش الجوي قد ازدادت تعقيداً باتفاق "الدولة القائدة" الذي جعل 
زمام المبادرة لمكافحة المخدرات في أفغانستان بيد المملكة المتحدة. كان للمملكة المتحدة 
استراتيجيتها الخاصة لمكافحة تجارة المخدرات وأرادت (ومن وجهة نظري كانت محقة) 
تأكيد اعتراض واعتقال كبار ا مهربين بدلا من التركيز على المزارعين الذين تحاول جهودنا 
العسكرية كسبهم. لم يكن نظراؤنا البريطانيون من مناصري الإبادة» وبالتأكيد الإبادة 
الجوية. في الواقع» خلال أحد الاجتماعات الشهرية» عبر الفيديوء أكدوا صراحة أننا 
سنهدد الدعم الشعبي الأوروبي للمجهود الحربي إذا تابعنا موضوع الرش الكيميائي. 


كان الأمر الذي يدعو إلى السخرية في النقاش الذي استمر فترة طويلة بين المكتتب 
الدولي لمكافحة المخدرات وشؤون تنفيذ القانون التابع لوزارة الخارجية» ووزارة الدفاع» 
هو أن مكتب مكافحة المخدرات في وزارة الدفاع اتفق مع الخارجية حول آثار المخدرات 
المزعزعة للاستقرار والمدمرة لقدرة أفغانستان على تشكيل حكومة ناجحة. ومع ذلك 
اختلفنا كثيراً معهم حول كيفية التعامل مع تجارة الأفيون» وكنا نميل إلى الاتفاق مع 
البريطانيين على أنه ينبغي تأكيد المنع. إن اعتقال بعض المهربين الأساسيين أو المسؤولين 
الحكوميين الفاسدين كان يمكن أن يرسل إشارة واضحة عن نمو قطاع العدالة الأفغاني» 
ورسالة قوية ضد الفساد» ولكان له أقل نسبة من الآثار السلبية في الأشخاص الذين 
أردناهم إلى جانبنا: المزارع الريفي الأفغاني. 


أصبح واضحاً GU‏ مكتب مكافحة المخدرات» أن أياً من الجنرال جون أبي cas‏ 
الذي خلف الجنرال فرانكس في القيادة المركزية» أو وزير الدفاع رامسفيلد لم يكن keH‏ 
أي نية للسماح بالرش الكيميائي الجوي lee‏ يقوم الجنود الأمريكيون بدوريات في الريف 
الأفغاني. والأهم من ذلك» كان هذا هو أيضاً موقف الرئيس كرزاي» الذي وضع في نهاية 
المطاف المسمار الأخير في نعش هذه الفكرة. ومع ذلك» وجدنا أنه من المؤسف, أنه لم تكن 


70 


الفصل الأول: حالة الحرب .. مكتب وزير الدفاع 


هناك أي نية لدى Wald‏ في البنتاجون لتغيير قواعد الاشتباك للسماح لجنودنا باستهداف 
معامل المخدرات والمخابئ أو التجّار الرئيسيين. كان ينظر إلى قضية مكافحة المخدرات 
بشكل عام ببساطة على lel‏ مهمة تمديد للحرب في أفغانستان» وجهد كان الكثيرون في 
الوزارة يبحثون عن تخفيضه. لا زيادته. وهكذا وبين| Fo‏ موسم القتال في صيف 22005 
شعرنا كما لو كنا نخوض حرباً بيروقراطية على جبهتين في حاولة لوقف الخارجية من 
وضع سياسة كارثية للإبادة الجوية» [ey‏ كنا نحاول أن نجعل الجيش يقوم باعتراض 
عملية الاتجار. 


في غضون ذلك واصلنا بهدوء وضع برامج لدعم وجود إدارة مكافحة المخدرات 
المتنامي» وإرساء بعض الضوابط الأساسية على الحدود الأفغانية المفتوحة على 
مصراعيها. الأهم من ذلك» ور المكتب الوارد لتدريب وتجهيز الشرطة الوطنية 
الأفغانية الناشئة بأجهزة اللاسلكي» والمروحيات. والمباني» والأسلحة في وقت كان يصل 
إليها فيه القليل نسبياً من البنتاجون ووزارة الخارجية. 


لقد واجهثٌ إخفاقات السياسة هذه مباشرة في المرة اللاحقة التي حشدت فيها 
وحدتي للانتشار في جنوب أفغانستان» وخلال الاطلاع على الإحاطة حول قواعد 
الاشتباك» سألت محامياً من القيادة المركزية: ISU‏ لا يُسمح LS‏ باستهداف المجرمين إذا ما 
تمكنا من إثبات أن أنشطتهم كانت تدعم طالبان؟ فأجاب بانفعال» ومن الواضح أنه لم 
يعجبه أن يتم توجيه الأسئلة إليه من قبل قائد متواضع: "مكافحة المخدرات ليست شأناً 
يشارك فيه الجيش؛ le]‏ وظيفة المدنيين. خلاصة القول» نحن لا نتعامل مع المخدرات... 
نحن نكسر الأشياء وندمر أعداء أمتنا!"» فرددت عليه: "سيدي» نحن كذلك نحمي 
الأشياءء» وبقدر ما نحمي أفغانستان من زعزعة الاستقرار» ينبغي أن نتولى أمر تجارة 
المخدرات لمنعها من تمويل عودة طالبان وإفساد الحكومة الجديدة GE‏ وإلا فإننا نخاطر 
بوجود كولومبيا أخرى die‏ كانت في منتصف التسعينيات". أعتقد أنه كان بياناً قصير 
النظر وخيالياً ويدلٌ على قصر النظر لدى الكثير من الناس led‏ يتعلق بدورهم في الجيش 
في هذا النوع الجديد من الحرب. وأشار ضابط المخابرات الذي كان يعطينا الإحاطات» إلى 


71 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


عدم وجود أي دليل لديم على الدعم المباشر لطالبان من عائدات المخدرات» وأن فكر 
طالبان المتزمّت لن يقبل أموال المخدرات على أي حال. أتذكر أنني كنت أفكر أن التقييم 
كان مثيراً للضحك تقريباًء وأظهر كم كان فهمنا قليلاً للأسباب الجذرية والدوافع القائمة 
وراء التمرد. خلال خدمتي في عام 2006 رأيت أدلة غير قابلة للجدل بأن التمرد استفاد 
با يقدر ب 600 مليون دولار من العائدات المحلية من المخدرات.” وشهدت حقيقة أن 
عملياتنا لاستئصال المخدرات لم تكن سيئة التنسيق فحسب» بل كان ها تأثير سلبي في 
محاولاتي لكسب الدعم المحلي. في نهاية المطاف ازدادت الأدلة على أن تجارة المخدرات 
كانت تدعم حركة طالبان إلى درجة لم يعد بالإمكان إنكارهاء وسمح لوحدات التحالف 
أخيراً باستهداف نشاط مختبرات المخدرات» ومحابئ الأفيونء والمتاجرين الذين لهم 
علاقات مع المتمردين. وبحلول ذلك الوقت» كان مد المخدرات والأموال المتدفقة إلى 
الجماعات الإجرامية والمسؤولين الفاسدين» وحركة طالبان» قد أحدث ضرراً. 


كانت الاستراتيجية الطويلة الأجل للتعامل مع التحديات الأمنية في أفغانستان 
تتضمّن بناء قوات الأمن الوطنية الأفغانية الوليدة وتدريبهاء وهي التي تتألف من الجيش 
والشرطة وجهاز المخابرات. وعلى الرغم من أن بناء هذه القوات كان هو سبيل مغادرتنا 
في نباية المطاف» فإننا خصصنا عدداً قليلاً نسبياً من الموارد لهذا الجهد ني تلك الأيام؛ 
ولاسيما بالنظر إلى ما تنطوي عليه هذه التحديات. ولم تكن الولايات المتحدة قد أعادت 
بناء جيش بأكمله وقوات شرطة من الصفرء ولاسيا في بلد مسلم ومحافظ ومحاصرء 
وما زال في حالة حرب. وما زاد الأمر hud‏ هو محاولة بناء قوة مؤلفة من رجال كانوا 
أميين إلى حد كبير» تفرقهم انقسامات عرقية وقبلية» وقد دمرهم عقد من الحرب الأهلية. 

لقد كانت إعادة بناء الجيش الوطني في أفغانستان مهمة شاقة؛ في الواقع "إعادة 
البناء" كلمة خاطئة لوصف هذه العملية لأنه لم يكن هناك شيء Gow‏ لإعادة بنائه. ففي 
العقد بين تفكك الجيش الأفغاني المدعوم بالشيوعية في عام 1992 والحادي عشر من 
سبتمبر» كانت مرافق الجيش والمعدات والبنية التحتية قد دمرت أو تفككت ببطء. وكان 
لعملية نزع السلاح بدعم من المجتمع الدولي نجاح نسبي في SLE‏ أسلحة ثقيلة مثل المدافع 


12 


الفصل الأول: حالة الحرب .. مكتب وزير الدفاع 


المضادة للطائرات والدبابات لدى الميليشيات الإقليمية التي نشأت خلال التسعينيات 
وإعادتها إلى الجيش الو طني الأفغاني الجديد. ومع AUS‏ فلقد كانت الوظائف الداخلية 
الحرجة للجيش» مغل: التجنيدء والخدمات اللوجستية» والتدريب» والصيانة» 
ومشتريات العتاد الجديد» غير موجودة» وكان لا بد من البدء من الصفر. وكان التحدي 
الأكبر يتمثل في عدم وجود أفغان مدربين» أو حتى يعرفون القراءة والكتابة» بحيث يمكن 
للولايات المتحدة أن تعمل معهم في محاولة لإنشاء هذه النظم الأساسية؛ بل إن مجرد 
التمكن من دفع رواتب الجنود الأفغان على أساس منتظم كان عقبة ضخمة» من شأنها أن 
تستغرق من الجيش الجديد والمستشارين الأمريكيين» سنوات لتنظيمها. 

ولأسباب عدة كانت الشرطة هي الأكثر معاناة في هذه القضايا؛ فالعديد من 
ضباط الشرطة لا يستطيعون قراءة أسمائهم أو كتابتهاء فضلاً عن استيعابهم لمفهوم 
سيادة القانون. في الواقع» بالنسبة إلى الكثيرين» كان يُنظر إلى العمل في الشرطة على أنه 
وسيلة لحاية العائلة وكسب بعض الدخل الإضافي من خلال الرسوم والرشاوى. 
وبالإضافة إلى ذلك» أثبتت محاولة تطوير وتنمية قوة Lobes‏ واستخدامها في العمليات 
القتالية المستمرة في الوقت نفسه» أنها مهمة صعبة بشكل خيالي. وبالنظر إلى الأمر LEN‏ 
اتضح أن الكثيرين منا في الحكومة الأمريكية قد قللوا بشكل هائل من حجم هذه القضايا 
في عامي 2004 و2005. 

كانت المشكلات صعبة با فيه الكفاية» ولكن كنا كحكومة وداخل المجتمع الدولي 
سيئي التنظيم لنتمكن من التصدي لها. لقد فقدنا السنوات 2002 - 2005 بسبب منهج 
"الدولة القائدة"؛ OY‏ الألمان اعتمدوا طريقة منهجية بطيئة في تحسين نوعية الشرطة. 
وفي بلد مزقته الحرب لمدة ثلاثين عاماً ويسكنه مجتمع إقطاعي أغلبيته من الأميين» ركز 
OU‏ على النمط الأوروبي السلمي» ومنهج سيادة القانون. ونفذوا هذا البرنامج 
التدريبي الخماسي في أكاديمية التدريب في كابول» وهي التي لم يتخرج فيها سوى بضع 
مئات من الضباط في نهاية البرنامج. وني حين ركز الألمان على الفصول الصغيرة والجودة» 
كانت الشرطة الأفغانية على حدود البلاد وفي الولايات الريفية النائية إما تتصرف 


73 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


بشراسة تجاه السكان» وإما تنقصها المعدات الكافية ويطغى عليها التمرّد المتزايد. إن عدم 
النجاح هذاء في أن تقف الشرطة الأفغانية مرة أخرى على أقدامها من شأنه أن يثبت أنه 
أمر حاسم بالنسبة إلى متمردي طالبان في السنوات اللاحقة. 


وخلال سلسلة من الاجتماعات عن طريق الفيديو سلط الفريق بارنو والسفير 
خليل زاده الضوء لكل من رامسفيلد ووزير الخارجية كولن باول على ندرة الموارد التي 
كان الأوروبيون يقدمونها لبناء القدرات الأفغانية. وبعد أسابيع قليلة قرّر باول 
ورامسفيلد» ومستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس خلال مأدبة غداء للمجموعة 
الصغيرة المجتمعة أن الولايات المتحدة سوف تضطلع بدور أكبر في تدريب الشرطة 
وقطاع العدالة» وأنه في إطار هذا الجهد. ستلعب وزارة الدفاع دوراً أكثر أهمية. 


واعتبر القرار أنه قرار طال انتظاره من قبل الكثيرين منا العاملين على تلك القضاياء 
ولكن مرة أخرى ل تبتم حكومتنا بالتنظيم الصحيح هذا الجهد. كانت المشكلة الأساسية 
في كيفية تعاملنا مع قضية الشرطة الأفغانية» فضلاً عن الكثير من القضايا الأخرى التي 
واجهتنا لاحقاً في محاولة القيام ببناء الأمة في العراق وأفغانستان» هي أن خبرتنا كانت 
موجودة في الوكالات المدنية لديناء مشل: وزارة الخارجية والجمارك وحرس الحدود. 
والقانون؛ حيث يمكن للمرء أن يجد مدربي الشرطة وخبراء الحدود والجمارك» 
والمحققين. ولكن للأسفء تفتقر هذه الوكالات وموظفوها المدنيون إلى القدرة على 
العمل في منطقة قتال» ولم يرغب قادة هذه الوكالات في التخلي عن السيطرة أو التمويل 
لتلك المهام» حتى إنهم في كثير من الأحيان انتهى بهم المطاف بتعيين المتعاقدين لسد 
الثغرات. 

وعلى العكس من ذلك» كان للجيش القدرة على تحريك الناس والأشياء التي 
تعمل في الأماكن الصعبة والمعادية» ولكنه كان يفتقر إلى نوع من الخبرة المتخصصة 
الموجودة لدى الوكالات الأخرى. لطالما وجدت وجهات نظر متباينة داخل البتتاجون 
حول هذا الانقسام في تلك الأيام الأولى للتعامل مع الحروب في العراق وأفغانستان. كان 


74 


الفصل الأول: حالة الحرب .. مكتب وزير الدفاع 


هناك أولئك الذين اعتقدوا أن أخذ المهام الناعمة» مثشل: مكافحة المخدرات وتدريب 
الشرطة يشتت جهود الجنود عن المهام العسكرية البحت» ولي مسؤولية الوكالات 
المدنية. وكان هناك آخرون» وأنا من بينهم» من كانوا يعتقدون أن على الجيش أن يتعلم أن 
يفعل ما لا يستطيعه المدنيون. 


خلال أحد الاجتماعات بين مكتب وزير الدفاع لشؤون السياسة» وزملاء في هيئة 
الأركان المشتركة حول كيفية تنفيذ القرار كي تضطلع وزارة الدفاع بدور أكبر في تدريب 
الشرطة؛ اشتكى عقيد قائلاً: "ليس لدينا ما يكفي من رجال الشرطة العسكرية ليتولوا 
إعادة بناء قوة شرطة وطنية» وضابط المشاة العادي في الفرقة المحمولة جواً 82 ليس لديه 
التدريب لذلك. هذا هو سبب وجود المكتب الدولي لمكافحة المخدرات وشؤون تنفيذ 
القانون التابع لوزارة الخارجية؛ عليهم القيام بعملهم". 

أجاب مقدّم جالس على طرف طاولة الاجتماعات كان قد عاد og‏ من فترة خدمة 
في أفغانستان» "سيديء (o>‏ بنا البدء في تجهيز جنودنا هذه المهمة cde oy‏ لأن الشرطة 
الأفغانية تصنع ضرراً أكثر ما تصنع نفعاًء وهم يحوّلون الشعب ضد الحكومة وضدناء 
ونحن ليس لدينا أي خيار سوى تحويلهم مرة أخرى. يقوم المتعاقدون بالتدريب 
الأساسي للشرطة»ء ولكن بمجرد أن يغادر الأفغان مركز التدريب إلى مديرياتهم» ليس 
لدينا أدنى فكرة be‏ يجري معهم. علينا توفير مرشدين يكونون معهم في أثناء الوظيفة» كما 
نفعل مع الجيش الأفغاني".'' (وفي وقت لاحق تذكرت هذا الحوار عندما رأيت أفراد 
الشرطة العسكرية الذين لهم خبرة كبيرة يوقعون خالفات على تجاوز السرعة المقررة 
والزي غير اللائق في قاعدة باجرام الجوية بدلاً من استخدام خبراتهم الثمينة في تدريب 
الشرطة الأفغانية). 


وغالباً ما كانت النتيجة مزيجاً غريباً من موظفى الحكومة المدنيين والمتعاقدين 
والأفراد العسكريين في الميدان» يحاولون إنجاز ما في وسعهم. كان عليهم التعامل مع 
مزيج معقد من السلطات وتسلسل القيادة بين المدنيين بوزارة الخارجية في واشنطن» 


75 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


والسفارة في كابول» والشركات المتعاقدة معهاء والمقرٌ العسكري في أفغانستان المسؤول 
عن بناء وتدريب وتجهيز وتوجيه كل من الجيش والشرطة خلال المهام القتالية. 


وعلى الرغم من الإحباط إزاء عدم إحراز تقدم في الشرطة والقضاءء والنمو المنذر 
بالخطر في تجارة المخدرات» ومستويات الترهيب المتزايدة من قبل طالبان» جاء التدهور 
السريع للحالة في العراق» ليطغى على جميع جوانب سياساتنا في أفغانستان ويؤثر فيها. 
كما أنه خلق قوة امتصاص هائلة؛ حيث تمّ سحب الموارد بعيداً عن أفغانستان. ومع ازدياد 
التمرد العراقي سوءاًء قرر صانعو السياسة العليا في الولايات المتحدة تسليم المزيد والمزيد 
من المسؤولية في أفغانستان إلى حلف شمال الأطلسيء ومن ثم تحرير القوات الأمريكية 
للذهاب إلى العراق. خلال سلسلة اجتماعات عن طريق الفيديو مع القيادة المركزية؛ 
والأركان المشتركة» والفريق بارنو» قال وزير الدفاع رامسفيلد إن الولايات المتحدة بحاجة 
إلى "تقليل كمية الأموال التي تنفق في أفغانستان» وعدد القوات المنتشرة هناك". وأضاف 
رامسفيلد أنه مع تصاعد الخسائر في العراق تصبح المستويات الحالية من الإنفاق غير 
مستدامة. في ذلك الوقت كانت الولايات المتحدة تنفق بين 600 مليون ومليار دولار 
شهرياً على المجهود ا حربي. !! أما بالنسبة إلى القضايا التي شدّد عليها بارنو وخليل زاده من 
تزايد انعدام الأمن وإعادة بناء قوات الأمن الوطنية الأفغانية وتجارة الأفيون والحكومة 
الأفغانية الفاسدة» فكان ببساطة على حلف شمال الأطلسي أن يعالجها. وكان لرغبة وزير 
الدفاع في IH‏ من التزام الولايات المتحدة في أفغانستان آثار طويلة المدى. 


في مكتبي في البتتاجون كنت أتسلم شهرياً نسخاً من الإحاطات من القيادة المركزية 
هيئة الأركان المشتركة تسلط الضوء على عدد القوات في أفغانستان وحقيقة آنا بقيت تحت 
سقف معيّن. وني وقت ما أصدرت القيادة المركزية إحاطة تحوي استراتيجية الانسحاب 
على المدى الطويل وتقلّل الالتزام الكامل للقوات الأمريكية في أفغانستان من ست كتائب 
وصولاً الى اثنتين في شرق البلاد» بالإضافة إلى كتيبة واحدة من قوات العمليات الخاصة 
بحلول عام 2007. تركت الخطة ما يقل عن ستة آلاف جندي على الأرض» بمن في ذلك 
موظفو الدعم لتلك الوحدات. وتحدثتٌ بانتظام مع موظفي القيادة المركزية لأفغانستان» 


76 


الفصل الأول: حالة الحرب .. مكتب وزير الدفاع 


وأسروا إلي أنهم كانوا تحت ضغط مستمر لإيجاد طرق للحفاظ على بصمة صغيرة قدر 
الإمكان في أفغانستان من أجل إتاحة أكبر عدد Ke‏ من القوات للعراق.7! 


كانت GU‏ مشاعر مختلطة حول غزو العراق. كنت على يقين من أن الحرب سوف 
تتطلب أعداداً أكبر بكثير من الجنود لاحتلال البلد Le‏ خصصناه للغزو. كنت أخشى أننا 
قللنا من شأن الخلافات الطاتفية والعرقية ال حائلة الموجودة منذ قرون بين الشيعة والسنة 
والأكرادء والتي قمعتها ديكتاتورية صدام حسين لسنوات. ولكن لم يكن لديّ أي 
اعتراضات أخلاقية على الغزو. كانت أجهزة الاستخبارات الأمريكية واستخبارات 
حلفائنا متأكدة من أن لدى صدام أسلحة بيولوجية وأنه يسعى جاهداً إلى امتلاك القدرة 
النووية. في الواقع» في الأيام الأخيرة من إدارة بوش» وبينما كنت في مكتب نائب الرئيس» 
رأيت بعض تلك التقارير [ey‏ كنت أساعد في تنظيم الملفات لإرساها إلى الأرشيف 
الوطني. كانت التقارير لا لبس فيهاء صدام كان يمتلك أسلحة الدمار الشامل. وعقب 
1 سبتمبر» لم يكن بإمكاننا الجلوس والمخاطرة OL‏ يمنح تلك القدرة إلى منظمة إرهابية. 


كان اعتراضي على الغزو هو التوقيت. فلم تكن مهمتنا في أفغانستان تُشرف على 
الانتهاء» بل كانت أبعد من ذلك. وكان أسامة بن لادن وأيمن الظواهري» وعشرات من 
كبار قادة القاعدة الآخرين ما زالوا طلقاء. وبالإضافة إلى ذلك» كان القادة الرئيسيون 
لنظام طالبان السابق ما يزالون نشيطين في باكستان ويعيدون تأكيد أنفسهم في أفغانستان. 
كانت الأسباب الكامنة وراء عدم الاستقرار التي سمحت لطالبان بالوصول إلى السلطة 
في التسعينيات لم تزل موجودة: أمراء ا لحرب» والصراعات العرقية» وعدم إنفاذ الحكم» 
والفقر المدقع» وانعدام السيطرة على الحدود. ومع ذلك بدأت الموارد الواحد تلو الآخرء 
من المروحيات إلى طائرات "البرديتور" من دون طيار النادرة» ومن مدربي الشرطة إلى 
مليارات الدولارات لإعادة EW‏ تتحول بعيداً عن المسرح الذي تعرضت منه أمتنا 
للهجوم إلى مسرح قد نتعرض منه للهجوم. كان الأمر محبطاً جداً ونحن نرى الفرصة 
الذهبية التي col‏ ما بين عامي 2002 و2005 تضيع» والإحباطات في أفغانستان تنموء 


جنباً إلى جنب مع مستويات متزايدة من العنف. 


77 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وفي الوقت الذي كانت فيه موارد الولايات المتحدة تُحمَوّل إلى العراق» كان القائد 
الجديد (جنرال ب 3 نجوم) لمقرٌ القيادة الأمريكيء المسمى ”قيادة القوات المشتركة في 
Fok baal‏ الفريق كارل إيكنبيري» يدعو إلى تخفيض عدد جنود الجيش الوطني الأفغاني 
من 72 ألفاً إلى 50 ألفاً. وكان إيكنبيري قد شغل في السابق منصب رئيس قيادة تدريب 
صغيرة في كابول مسؤولة عن البدء في عملية إعادة بناء الجيش الأفغاني» وكان قد حل محل 
الفريق بارنو رئيساً للقوات الأمريكية. 


سألت زملائي مراراً وتكراراً إن كنا نرى المؤشرات نفسها: بوادر ارتفاع مطرد 
للعنف في خضم تراجع موارد الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنني أختلف مع ذلك» 
فإنني يمكن أن أفهم المنطق وراء ملء فراغ القوات الأمريكية بقوات حلف شمال 
الأطلسي. ومع ذلك» لم أستطع فهم المنطق وراء خفض عدد جنود الجيش الوطني 
الأفغاني الذي خططنا لتدريبه وتجهيزه وإنزاله إلى الميدان. لقد كان هذا الجيش تذكرة 
خروج أمريكا من أفغانستان. 


جلستٌ في عدد من الاجتماعات مع إيكنبيري خلال جولاته في مكاتب سياسية 
مختلفة في واشنطن» مدافعاً عن فكرة أنه يجب أن نركز جهودنا على إنتاج جنود ومؤسسات 
أفغانية ذوي جودة بدلاً من التركيز على العدد. وأصر أمام غرفة مملوءة بمسؤولي مكتب 
وزير الدفاع لشؤون السياسة وضباط الأركان المشتركة في عام 2005 قائلاً: "ببساطة 
ليس لدينا العدد الذي نحتاج إليه من القوات لإجراء العمليات القتالية» وفي الوقت نفسه 
بناء جيش أفغاني ذي جودة يصل تعداده إلى 72 ألفاً". وأكد فكرة أننا تتحرك بسرعة 
كبيرة جداً في بناء وتدريب الجيش بالموارد المحدودة المتوافرة. وللقيام بذلك» خاطرنا 
بتشكيل قوة من نوعية رديئة جداً لا يمكن أن تحافظ على نفسها. 

كتبتٌ في ملاحظاتي: "نتحرك بسرعة كبيرة جداً؟" كنت أحد أقل الناس رتبة في 


الغرفة» ولكنني شعرت بحاجة شديدة إلى الصراخ» "اطلب المزيد من الموارد PINTS)‏ 
كان هذا موضوعاً سنواجهه باستمرار على مدى السنوات الخمس المقبلة عندما يُطرح 


78 


الفصل الأول: حالة الحرب .. مكتب وزير الدفاع 


موضوع أعداد القوات والموارد في أفغانستان. ومن مختلف المكاتب في وزارة الدفاع 
الأمريكيةء لاحظت قادة برتب رباعية وثلاثية النجوم يطلبون كل ما كانوا يعتقدون أن 
بإمكانهم الحصول عليه من وزارة الدفاع في OLE‏ العراق» بدلاً من الدفاع عا يحتاجون إليه 
للنجاح من خلال جعل المخاطر التي تتعرض فا المهمة في أفغانستان واضحة في حال عدم 
توفير تلك الموارد والقوات. 


على مدى السنوات القليلة الأولى من الحرب كان التحالف يعمل في أفغانستان 
تحت مظلة سلطة إيساف» في حين عملت القوات الأمريكية في إطار عملية الحرية الدائمة. 
وفي أوائل عام 2004 قام الجنرال جيمس جونزء العريض الحنك» والقائد السابق لفيلق 
المارينز والقائد الأمريكي لحلف شمال الأطلسي» بطرح خطة من أربع مراحل لنقل 
المسؤولية الأمنية العامة في البلاد من الولايات المتحدة إلى التحالف بقيادة حلف شمال 
الأطلسي. بدأت المرحلة الأولى في الشمال» والانتقال عكس ol Al‏ عقارب الساعة في جميع 
أنحاء البلاد إلى الغرب والجنوب والشرق على طول الحدود مع باكستان. ودعت الخطة 
الولايات المتحدة إلى وضع وحداتها التقليدية تحت قيادة إيساف» على أن تُبقي قوات 
العمليات الخاصة والجيش الوطني الأفغاني منفصلة وفقاً للقواعد الأقل تقييداً للاشتباك 
والموجودة في إطار عملية الحرية الدائمة. وستتم قيادة قوات الأمن في كل منطقة من البلاد 
عن طريق أحد الحلفاء. 

وكان لدى عدد منا في مجتمع الاستخبارات والسياسة والعاملين على قضية 
أفغانستان» بشكل وثيق» خاوف جدية حول نقل المسرح بأكمله إلى سيطرة إيساف. 
وكان من الصعب أن نفهم كيف يمكن أن نعطي المزيد من المسؤولية لحلف شمال 
الأطلسي بعد أن شهدنا نبج "الدولة القائدة" يفشل فشلاً ذريعاً. ومع أواخر عام 2004 
كان الإيطاليون قد أرسلوا فريقاً Cs‏ واحداً فقط للمساعدة في ely‏ القضاء الأفغاني» وكان 
لدى الألمان أقل من عشرين مدرّباً في أكاديمية الشرطة في كابول.*' ومع ذلك وفي إطار 
الخطة الانتقالية لحلف شمال الأطلسي» كان من المقرر لإيطاليا أن LEG‏ زمام شؤون 
الأمن في غرب أفغانستان على طول الحدود الإيرانية» وكانت ألمانيا ستتولى الأمور في 


79 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الشهال. كان من غير المنطقي أن تُعهد بالمسؤولية الأمنية عن نصف البلاد للحلفاء 
الأوروبيين أنفسهم الذين فشلوا في توفير الموارد لقطاعات القضاء والشرطة. وبغض 
النظرء يبدو أن الخطوة لتسليم الجهد للأوروبيين بدأت تأخذ منحى خاصاً بهاء ومضت 
RER‏ 


وكان كل عضو من حلف شال الأطلسي مشارك في الحملة» قد تعهد بأعداد 
معينة من القوات والأموال لبناء القواعد والبنية التحتية» وغيرها من بنود الدعم الحاسمة 
مثل الحوامات» وأساسات النقل الجوي» ومعدات الاتصالات. ومع ذلك ومع المرحلة 
الأولى من التحوّل إلى الشمال والمرحلة الثانية إلى الغرب» مضى حلف شال الأطلسي 
قدماً في الخطة» في حين ظلت هذه التعهدات غير متحققة. وكانت الولايات المعنية سلمية 
نسبياً ويبيمن عليها الطاجيك والأوزبك الذين عارضوا نظام طالبان» ولكن كنا نعلم أن 
المرحلتيّن الثالثة والرابعة في الجنوب والشرق اللتإن هيمن gle‏ البشتون؛ حيث تتمتع 
طالبان بأكبر دعم لهاء ستكونان أكثر صعوبة بشكل غير محدود. 


وقد أثرتٌ هذه المخاوف خلال اجتماع مع مجموعة زائرة من الضباط من حلف 
شمال الأطلسي في منتصف عام 2005» وأشار ضابط هولندي ببعض التبجح» "قبل 
نشر وحدتي في البوسنة في التسعينيات لم نكن مستعدين كا يجبء ولكننا جعلنا البعثة 
تنجح» وفي نهاية المطاف أوجدنا السلام في ذلك البلد. في بعض الأحيان لا يمكن أن تنتظر 
حتى تصبح كل سيارة وحوامة في مكانهاء وعليك أن تتحرك إلى الأمام وتعالج المهمة". 


أجاب أحد مشاة البحرية من المتمرسين الذين خدموا في عمليات جنوب 
أفغانستان: "سيديء أعتقد أنك لن تجد قتال حركة طالبان في تارين كوت أو قندهار يشبه 
بأي شكل حفظ السلام في سراييفو".' وكانت عبارة بعيدة النظر. وأكد هذا الاجتماع 
والعديد من الاجتماعات الأخرى شكوكنا في أن الأوروبيين كانوا يستعدون لعملية حفظ 
سلام على غرار البوسنة» وليس لحملة مكافحة تمرد معقدة في إحدى أكثر GUM‏ عدائية في 
العالم. 


80 


الفصل الأول: حالة الحرب .. مكتب وزير الدفاع 


في البنتاجون كنا نتلقى تقارير عن خلفيات الأحداث من الضباط الأمريكيين في 
كابول» Ob‏ الألمان والإيطاليين كانوا يعملون من دون كادر BIS‏ ومن دون بنود الدعم 
الرئيسية. وإلى درجة ماء كان ذلك مفهوماً. كان حلف شال الأطلسي قد تمّ تشكيله في 
الأصل للدفاع عن أراضي الدول الأعضاء في الحلف ضد الغزو السوفيتي. وكانت 
مهمتها الأساسية الدفاع الثابت. أما الآن فيُطلب منها أن تعمل على بعد آلاف الأميال» 
وفي أكثر التضاريس صعوبة في العالم» ومن دون أي بنى تحتية» وفي بيئة معادية جداً. كانوا 
يجدون صعوبة كبيرة في أن يعملوا على نمط الحملات. الأمر الذي يتطلب الانتشار المسبق 
للقدرات الأساسية مثل مرافق الصيانة ومحطات مراقبة الحركة الجوية» ومستودعات 
الإمداد. ىما وجدوا أنفسهم في مهمة لمكافحة التمرد تختلف LL‏ عن بعثة حفظ السلام 
التي كانت حكوماتهم قد اتفقت عليها. 


وما جعل الأمور أسوأء أن كل دولةء بها في ذلك إسبانياء وهولنداء وتركياء نشرت 
جنودها مع سلسلة من القيود أو المحاذير حول أنواع العمليات القتالية التي يمكن أن 
تشترك فيها. وعلى الرغم من bal‏ عملت اسمياً تحت إمرة القائد العام للقوة الدولية 
للمساعدة الأمنية في كابول» فإنه كان لكل دولة أيضاً ft‏ مع قواتهاء وكانت ها سلسلة 
إدارية موازية تصل إلى عاصمة بلادهاء ويستطيع هذا الممثل نقض أوامر القائد. ومع 
AUS‏ تم التغاضي عن هذه العيوب خلال سلسلة من اجتماعات وزراء دفاع حلف شمال 
الأطلسي في عامي 2004 و2005؛ حيث دفعت الولايات المتحدة إلى مواصلة تسليم 
القيادات الإقليمية للقوة الدولية للمساعدة الأمنية على الرغم من عدم إحراز تقدم في 
إنجاز ما هو مطلوب من القوات. 


في ديسمبر 62005 في خضم الانتقال الأمني من الولايات المتحدة إلى حلف شمال 
الأطلسيء أعلن البنتاجون أنه لن يعوّض إحدى الكتائب المتتشرة حالياً في جنوب 
أفغانستان» ما يقلل العدد الإجالي للقوات الأمريكية من تسعة عشر ألفاً إلى ستة عشر 
ألفاً. كان الإعلان لطيفاً نسبياًء وذلك تماشياً مع الرغبة المعلنة لوزير الدفاع رامس فيلد 
لتقليل وجودنا في أفغانستان. 


81 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وجاء هذا الإعلان عقب الخبر الجيد عن انتخاب البرلمان الأفغاني» وقال عنه 
المتحدث باسم وزارة الدفاع براين Olas‏ للخدمة الإخبارية لرويترز: "لقدتمٌ توقع 
تخفيض القوات الأمريكية منذ موافقة حلف الناتو على تولي السيطرة بدلاً من القيادة 
الأمريكية في جنوب أفغانستان العام المقبل. يتطلع التحالف الأطلسي إلى زيادة قوام قوته 
من 9,000 جندي [إيساف] إلى نحو 15,000 جندي اعتباراً من مطلع العام المقبل. وسلم 
وزير الدفاع رامسفيلد الأمر للأفغان بناء على توصية من القائد الأمريكي هناك» الجنرال 
كارل إيكنبيري» OV‏ قوات الجيش والشرطة الأفغانية تتزايد» وحلف شال الأطلسي 


سيزيد من تعداد إيساف في البلاد".؟! 


من وجهة نظري» كانت هذه لحظة فارقة في تاريخ المجهود الحربي الأفغاني. 
فالإعلان وجد طريقه بصعوبة إلى الأخبار في الولايات المتحدة» ولكن» إلى جانب إعلان 
أن الناتو سيتولى المسؤولية الأمنية الكاملة في البلاد» كانت الإشارة بصوت Jle‏ وواضح 
للجميع في المنطقة: "إن الأمريكيين يتركوننا مرة أخرى". 


رأت حركة طالبان في الإعلان إشارة إلى أن الولايات المتحدة على وشك المغادرة 
وأنها يمكن أن تستفيد من وجود قوات حلف شمال الأطلسي الأقل عدوانية» والأقل 
قدرة. بالنسبة إلى الجيش GES‏ أكد OEY‏ أنه سيترك له أفغانستان غير مستقرة 
ومهيأة للنفوذ المندي على حدودهاء ويجب أن تحافظ باكستان على نفوذها في أفغانستان من 
خلال تقديم الدعم لحركة طالبان. وبالنسبة إلى كثير من الأفغان الذين تحدثت معهم في 
الحكومة والجيش» فالإعلان أكد أسوأ مخاوفهم من أن يتم التخلي عنهم قبل أن يكونوا 
مستعدين. والأهم من ذلك بالنسبة إلى الشعب الأفغاني» قال لهم الإعلان إن عليهم أن 
يحتاطوا بشكل أفضل» حين يتخذون قرارات مصيرية يومية في قراهم حول الجانب الذي 
سيقفون معه. 

في مارس 2006 التقت كوندوليزا رايس» التي كانت قد أصبحت وزيرة للخارجية» 
الدكتور عبدالله عبدالله» وزير الخارجية الأفغاني ومرشح الرئاسة القادم. وحذّرها من 


82 


الفصل الأول: حالة الحرب .. مكتب وزير الدفاع 


الاستمرار في السماح لأفغانستان ob‏ تنزلق في الصراع. قال: "أنا قلق بشدة إزاء ازدياد 
التمرد؛ بدأ الناس يفقدون الأمل في حكومتهم. نحن نخسر دعم الع 

إن استراتيجية "الدولة القائدة"» وبصمة الولايات المتحدة الخفيفة» والنفور من 
بناء الأمة» وتجارة المخدرات من دون رادع» والتسليم لحلف شال الأطلسيء وتحويل 
الموارد إلى العراق» أمور أسهمت جميعها في إعادة انزلاق أفغانستان بعد ذروة 11 سبتمبر. 
بالنسبة Uf‏ شخصياًء كان ذلك يعني أنه بينم كنت مغادراً إلى هناك مع وحدة القوات 
الخاصة» فإننا سنواجه موسم قتال آنياً من الجحيم ونقطة تحول حادة في امهرب في الربيع 
اللاحق لعام 2006. 


83 


الفصل الثاني 


العرب والأفغان والأمريكان .. حرب الأفكار 


صاح مترجمنا الأفغاني» حمد أمام حشد من الرجال الجالسين بالقرب من 
الجدران» متكئين على الوسائد الكبيرة أو قطع السجاد الملفوفة: "أصدقائي» إخوان» 
انظروا إلى ما فعله الأمريكيون من أجل ألمانيا واليابان". ولم يكن محمد بالمترجم العادي 
الذي تعلم قليلاً من الإنجليزية في المدرسة الثانوية قبل الانتقال إلى صفوف أصحاب 
الرواتب العالية من المترجمين الذين عملوا لمصلحة الجيش الأمريكي؛ فقد كان مدرساً 
سابقاًء وهو حاصل على درجة الماجستير في اللغة العربية» وعاش في الخارج قبل العودة إلى 
أفغانستان "الجديدة" المحرّرة. وكان محمد يتحدث اللغتين المحليتين في أفغانستان» الداري 
والبشتو» كا كان يجيد اللغتين العربية والإنجليزية بطلاقة. وكانت قدرته على إيصال 
رسالة استراتيجية إيجابية في أثناء الترجمة بأربع لغات في وقت واحد تقريباً Soil‏ بالنسبة إل 


من وجود ف فصيلة مشاة معي. 


وتابع حمد» وهو يشير بيديه محاكياً شكل OLS‏ تنهض من تحت الركام: "لقد أعاد 
الأمريكيون بناء مدن بأكملها من أنقاض الحرب العالمية الثانية. وشقوا آلاف الطرقات من 
أمثال الطريق الذي يُوصلنا OW‏ من كابول إلى قندهار في يوم واحد بدلاً من أسبوع. ومع 
أن ملايين الأمريكيين لقوا حتفهم هناك على أيدي النازيين» فإنهم أعادوا بناء ألمانيا. إنهم 
شعب طيب. إنهم موجودون هنا لمساعدتنا في إعادة بناء بلدنا. ليسوا هنا |S co peste)‏ فعل 
الروس. يجب علينا العمل معهم". 


كنا موجودين في واحد من أقصى الأماكن النائية في العالم» ولاية أوروزغان» 
الواقعة وسط أفغانستان تماماً. وهو يقع في الطرف الجنوبي من جبال هندوكوش» وغالباً ما 


85 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


حجبت هذه الولاية عن اهتمام وسائل الإعلام وأصحاب النفوذ السياسي» بفعل أضواء 
الشهرة التي انصبّت على ال جارتين الكبيرتين في الجنوب» ولايتي قندهار وهلمند. ولكن؛ 
كا dey Cake‏ كانت ولاية أوروزغان Cia‏ النابض لتركيبة البشتون القبّلية في 
جنوب أفغانستان. وكان هذا أحد الأسباب الرئيسية في أن الرئيس كرزاي» بوصفه ابن 
أحد زعماء البشتون البارزين الذين فروا إلى باكستان بعد أن استولى نظام طالبان على 
السلطة» اختار أوروزغان من بين جنيع الأماكن للتسلل إليه في أعقاب أحداث 1 سبتمير 
وإثارة 35E‏ مناوئ لطالبان. وإلى هذه الولاية جئتٌ لخوض الحرب على الإرهاب. وما 
diss‏ سريعاً هو أن المعركة الحقيقية هي حرب الأفكارء وأن رسائلنا الاستراتيجية 
للشعب الأفغاني كانت أهم من J‏ من تبقى من الموالين لحركة طالبان. كما كان إقليم 
أوروزغان SIU‏ الذي 8 لي أن أعاين cad‏ على أرض الواقع» بعض تداعيات سياساتناء 
مثل الوجود القليل» والبداية البطيئة في إعادة بناء "الجيش الوطني الأفغاني". 


خريطة (4) 


ولاية أاوروزغان 





86 


الفصل الثاني: العرب والأفغان والأمريكان .. حرب الأفكار 


كان الفصل شتاء 2006-2005. وكانت مفرزة عمليات القوات الخاصة "ألفا" في 
الجيش الأمريكي التي تعمل تحت إمرتي تنفذ دورية في قلب بلد طالبان. وكنت قد تركتٌ 
منصبي المدني في البنتاجون في الخريف الماضي وتم نقلي إلى مكان آخر بصفة قائد "مفرزة 
العمليات ألفا-53". التابعة ل "مجموعة القوات الخاصة العشرين" في الحرس الوطني 
الأمريكي. 


خضع رجالي كلهم لتدريب مدته سنتان على الحرب غير التقليدية» وهي مدة 
التدريب نفسها التي خضع للا نظراؤنا في الخدمة الفعلية» ولكن بعد أن انتهى التدريب» 
عادوا إلى وظائفهم المدنية» خصصين عطلة نهاية أسبوع واحدة شهرياً وأسبوعين سنوياً 
للتدريب العسكري المستمرٌء على غرار وحدات عناصر الاحتياط الأخرى. وقد كانت 
تلك هي التعبئة الثانية لوحدتنا منذ أحداث 11 سبتمبر والانتشار الثاني في أفغانستان. وقد 
واججهنا الشكوك التقليدية من إخواننا في الخدمة الفعلية الذين تساءلوا كيف يمكننا إطلاق 
النار والتنقل والتواصل مثلهم» مع ننا لا نتلقى التدريب سوى مرة واحدة في الشهر. 
Bs‏ هم أن يتساءلواء ولاسيما حين يتعلق الأمر بالاطلاع على أحدث المعدات 
والأدوات التي يبدو آنا تتغبّر كل ستة أشهرء منذ أن بدأت وزارة الدفاع ضخ الأموال إلى 
"قيادة العمليات الخاصة" بعد أحداث 11 سبتمير. ولكن وحدات الجيش العاملة 
سرعان ما علمت أننا جئنا وني جعبتنا عدد لا يحصى من المهارات المدنية الأخرى التي 
لعبت دوراً حاساً في بيئة الحرب غير النظامية. وكان العديد من رجالي عناصر شرطة أو 
عملاء اتحاديين في وظائفهم المدنية ويفهمون فن تشغيل المخبرين والتعامل مع عناصر 
الجريمة المنظّمة وإدراك مَواطن الفساد. والأهم من ذلك أنهم فهموا التحديات والمناطق 
الرمادية المرتبطة بعزل وحماية السكان المدنيين الذين تم ترهيبهم من قبل عناصر معارضة 
لحكم القانون. وقد انبثقت مجموعات مهاراتنا الأخرى من Lage‏ المدنية كمحللي معلومات 
استخبارية» وأصحاب شركات»ء ومتداولي سندات» وحامين» ومهندسين» على سبيل 
المثال لا الحصر. ولذلك يمكنني القول إن رجالنا قد يكونون مؤهلين» في نواح BS‏ 
للعمل في بيئات غير تقليدية» وغير نظاميةء أكثر من أصحاب القبعات الخضر Í]‏ 


87 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


أفراد قوّات العمليات الخاصّة الأمريكية] في الخدمة الفعلية الذين لم يعرفوا سوى وحدة 
الجيش النظامي قبل المجيء إلى "القوات الخاصة". فعلى سبيل المثال» كان لدينا في فريقي 
مسعفٌ طب عمل Lal‏ مساعد طبيب في مركز للصدمات النفسية» ونائب رئيس شركة 
اتصالات كبرى» ومحللون من أجهزة استخباراتنا. أضف إلى ذلك خلفيتي في مكتب وزير 
الدفاع. 


ls,‏ فريقي بالالتحاق ب "فريق العمليات الخاصة السادس" التابع لدولة 
الإمارات العربية المتحدة وتقديم الدعم له. ويعنى ذلك تقديم النصائح التكتيكية لفصائل 
الفريق عند الضرورة وتمكين "مجموعة العمل" من المشاركة في قوة مدفعية التحالف». 
والإسناد الجوي القريب» والإخلاء الطبى» وقوات الرد السريع في ال تبادل إطلاق 
النار. وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة» إحدى أوائل الدول المشاركة في قوات 
التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في أفغانستان» وكان لما حضور على الأرض منذ 
عام 2002. وكان قائد قيادة العمليات الخاصة الإماراتية» اللواء Lal Lae‏ البواردي 
الفلاسي» قد أعرب بوضوح عن رغبة قواته الخاصة في أن تشارك في المهام الدامية» أي 
رغبتها في الذهاب إلى مناطق البشتون الأشد خطورة في جنوب أفغانستان؛ حيث كان 
مقاتلو طالبان يعودون إليها من جديد. وفي البدايةء كان فريقي مفرغاً بالكامل لدعم 
القوات الإماراتية» ولكن مع استمرار التحوّل إلى "القوة الدولية للمساعدات الأمنية" 
حتى عام 2006ء تلقيت الأوامر بتقسيم فريقي إلى خلايا من ثلاثة وأربعة عناصر» 
والانضمام إلى القوات الخاصة التشيكية والفرنسية والبولندية وال هولندية» وغيرها من 
قوات الدول المنتشرة على الأرض. 
وبالطبع» كنا نفضل البقاء Les‏ طوال مدة الخدمة» ولكن تقسيم الفريق إلى عناصر 
مستقلة أصغر de‏ جزءاً أساسياً من عقيدة أصحاب القبعات الخضر. وتتكون "مفرزة 
عمليات ألفا" من اثني عشر رجلا يتمتعون بمجموعات من المهارات المزدوجة. وهناك 
7 ر اع 5 
ضابطان» نقيب وضابط صف» بصفة قائدي فريق» واثنان من الرقباء الأوّل» أو ضابطا 


58 


الفصل الثاني: العرب والأفغان والأمريكان .. حرب الأفكار 


صف أحدهما يدير الفريق بصفة "رقيب الفريق" والآخر مكلّف بتحليل المعلومات 
الاستخباراتية. ويتكون باقي الفريق من اثنين من المتخصصين في الأسلحة» ومهندسين» 
ومتخصّصين في الاتصالات» ومُسعفين مدرَبّين على كل شيء. من القتال إلى رعاية 
المصابين بالصدمات. وهكذاء يمكننا الانقسام بسهولة لتكوين فريق منفصل مؤلف من 
مجموعتين قوام كل منهما ستة عناصرهء أو حتى إلى مجموعات من أربعة أشخاص أو 


ويعمل أصحاب القبعات الخضر تحت إمرة قوات الأمن المحلية» ومعهاء ومن 
Loe‏ وخلافاً للقوات البحرية الخاصة أو أي قوة عمليات خاصة أخرى في أنحاء dl‏ 
نؤكد في تدريبنا أهمية القدرات الثقافية واللغوية» بالإضافة إلى التكتيكات المتقدمة 
ومهارات التخصص. وبعد ذلك» يتم إرسال قوات القبعات الخضر الخاصة للعمل في 
مناطق معيّنة من العالم. ولقد جعلت الحرب في العراق وأفغانستان الكثير من نماذج 
المهمات الإقليمية من دون جدوى. (كان يتم إرسال وحدتي عادة إلى أمريكا الجنوبية أو 
الوسطى» وكان معظم رجالي ناطقين باللغة الإسبانية). ولكن الجوانب الأساسية للقدرة 
على تحديد احتياجات وسطاء السلطة المحلية ودوافعهم ومواءمتها مع مصالح الأمن 
القومي الأمريكي تظل هي نفسها في أي ثقافة كانت. وهكذاء يمكن في عقيدة القوات 
الخاصة, أن يجد رقيبٌ نفسّه الأمريكيّ الأعلى رتبة - أو الأمريكيّ الوحيد - في جو 
غامض dll‏ من دون أي توجيهات تذكرء وتراه يمثل مصالح الولايات المتحدة ويتخذ 
قرارات ذات عواقب استراتيجية. وبأخذ هذه الحقيقة في الحسبان» كانت عملية الاختيار 
والتدريب التي جريا تنطوي على عنصر نفسي قوي يبحث» على وجه التحديد» عن 
ذلك النوع من الأفراد الذي يتميّز بهذا النوع من الاستقلالية. وبالنسبة Ol‏ كضابط» 
CIES‏ قيادة مثل هذه الشخصيات القوية تحدياً كبيراً لي. 


أما بعد أفغانستان ووعورة تضاريسها الشهيرة» فقد جعلا قدرتنا على العمل بشكل 
مستقل مع الوحدات المحلية الأفغانية أمراً فائق الأهمية» ولذلك» كثيراً ما كنا نتهكّم على 


89 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


زملائنا في قوات العمليات الخاصة في العراق» الذين لم يكونوا يبعدون عادة أكثر من 
بضعة كيلومترات» أو حتى بضعة مبانِ» عن وحدة أمريكية أخرى يمكنها تقديم الدعم 
هم إذا احتاجوا إليه. وبالعكس» وجدت نفسي مع ثلاثة أمريكيين آخرين فقطء ضمن 
فصيلين من الإماراتيين هناك في دورية مشتركة مع فصيلة من جنود "الجيش الوطني 
الأفغاني". وكنا نبعد ساعات بالمروحية عن أقرب قاعدة لقوات التحالف. أضف إلى ذلك 
Lf‏ كنا على بعد أيام متعددة بالسيارة عن جزء من أفغانستان تهيمن عليها قبيلة نورزاي» 
التي كانت في خصومة عمرها قرن مع قبيلة بوبالزاي التي ينتمي إليها الرئيس كرزاي. 
كنا قد lied‏ سين ورات ق sl gals”‏ لاوا" المج عرفا ورب برق 
من تارين كوت» عاصمة ولاية أوروزغان. وكان الوادي هو الملتقى المفضل للقبائل التي 
دعمت طالبان في أثناء حكمهاء ولكن جرى تبميش هذه القبائل منذ ذلك الحين» بل 
اضطهادهاء من قبل حاكم الولاية القوي جان محمد ols‏ الذي عينه كرزاي في هذا 
المنصب بُعيد تسلّمه مقاليد السلطة. وباختصارء كنا في أعماق بلد طالبان. وكانت Gola‏ 


~- 4 


وبعد أن انتهى محمد من حديثه إلى الحشد» وقف يوسفهء النقيب في القوات 
الخاصة الإماراتية» قائد الدورية» وقال باللغة العربية: "إن طريق طالبان والقاعدة ليس 
الطريق الصحيح". Ge iy‏ محمد إلى البشتو للمجموعة ثم همس لي باللغة الإنجليزية. 


وأضاف يوسف: "ليس لدى طالبان "ملالي" مدرّبون بالشكل المناسب. إنهم 
يسمّون أنفسهم ملالي» ولكنهم يفتقدون التعليم والمؤهلات الإسلامية المناسبة» وبصعوبة 
يقرأ قليل منهم العربية» ويخْمّنون الكلمات في القرآن الكريم تحميناً!" فضحك الرجال. 
I ote : 7‏ ۰ 1 
انظروا إلينا. نحن عرب. لنا حجة في هذه الأمور". قاطا هذا الرجل الحادئ dale‏ والمتحفظ 
نوعاً ماء القادم من واحة العين الصحراوية في دولة الإمارات العربية المتحدة» وقد 
استيقظت حواسه جميعها في مجالس الشورى هذه. وروى لي قصصاً عن والده الذي كان 


90 


الفصل الثاني: العرب والأفغان والأمريكان .. حرب الأفكار 


يأخذه إلى الأسواق في دبي» وكيف bef‏ كانا ينظران بإعجاب إلى رجال الأعمال والتجار 
الأفغان في الأسواق. وكان يقول لي في إحباط: OV"‏ تقوم ثلّة من المغفلين الذين يطلقون 
على أنفسهم اسم طالبان بحرف هذا الشعب GY‏ عن الصراط المستقيم". 


انزويتٌ في الركن الخلفي من الغرفة الكبيرة في مركز المجمع الذي تضاعمّت مهاته 
فغدا غرفة صف» ومركز اجتماعات» ومسجداً. وكنت الغربيً الوحيد في الداخل» مع 
النقيب» وملازم في الجيش الأفغاني» وأكثر من مئة رجل أفغاني يجلسون حول حافة الغرفة 
المغطاة بالسجاد الأحمر والأسود البني المُصمَر. وكان العناصر الثلاثة الآخرون العاملون 
معي يشرفون على أجهزة اللاسلكي والرشاشات الثقيلة الموجودة على سيارّتينا الهامفي 
في الخارج» وكانوا يراقبون عموماً ما يجري في القرية» فيه| LÄ‏ مجموعات من الأطفال 
حوهم يتضاحكون ويطلبون السكاكر. وقد ارتدينا عمداً البزات العسكرية الصحراوية 
المموّهة البنية والمصفرٌة نفسها التي كان الجنود الإماراتيون يرتدونها WI‏ نصبح أهدافاً 
أمريكية ثمينة ضمن الحشد. وأصبح عرفاًء منذ الأيام الأولى للصراع الأفغاني» السماح 
لأصحاب القبعات الخضر بإطلاق لحاهم احتراماً لثقافة البشتون ولتعزيز الاندماج gear‏ 
على الأقل من ead‏ وني هذه الحالة» [US‏ تعمقنا في الاندماج بهم» والوقوف في الصف 
الخلفى» وإظهار هذه الدورية على أنها جهد مشترك بين العرب والأفغان» كان ذلك أفضل. 


وتابع يوسف قائلاً: "يمكنكم تطوير مدنكم والتعامل مع سائر دول العام وأنتم 
ما زلتم مسلمين صادقي النية. انظروا إلى دبي. انظروا إلى أبوظبي. انظروا إلى المدن 
الإسلامية العظيمة كالقاهرة وبيروت وجاكرتا. يمكن لأطفالكم أن ينعموا بحياة أفضل. 
ويمكنكم تعليم أبنائكم وبناتكم ويظلون مسلمين حقيقيين. يجب أن عضي أفغانستان إلى 
الأمام» لا إلى الوراء. طالبان تريد إبقاءكم متخلفين حتى يتمكنوا من التحكم فيكم". 

وأخذت أسارير الوجوه المتصلبةء ولاسيما وجوه الشبان ذوي العمائم السود 
والعيون المكحّلة» المرتبطين WE‏ بمقاتلي طالبان» تنفرج؛ حتى إن بعضهم هر رأسه 
موافقاً. وتحدّث النقيب دقائق أخرى. كان الخطاب قوياً. 


91 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


ومن وجهة النظر الخاصة بإرسال الرسائل الاستراتيجية» OLS‏ هذا الأمر أشبه 
بمنجم ذهب؛ فأن يكون هناك ضباط عسكريون عرب وأفغان يعملون Les‏ بانسجام تام» 
ويقومون بإيصال الرسائل حول إيجابية وجود قوات التحالف في أفغانستان وحول سلبية 
فكر طالبان المتطرف. يعد أمراً بالغ الأهمية بحق. فإثارة الشكوك حول صدقية طالبان 
الأيديولوجية ني العام الإسلامي تعد صاروخ كروز استراتيجياً تتعدى قيمته آلاف جنود 
التحالف. ومن الواضح أنه لا يمكن لشخص غري فهم ما يدور حوله تمام الفهم أبداً» 
ولذلك جلست بهدوء, مرتدياً عمامتي العربية الطراز ومُطلقاً لحيتي» في محاولة للانزواء في 
الخلف ما استطعت. 


Eos,‏ قد قرت سابقاً عن مدى الاحترام الذي ES‏ المسلمون من غير العرب 
للعرب من منطقة الخليج» ولكنني لم أستوعب الأمر تماماً. وها نا ذا أُتلمّسه الآن بنفسي. 
فللعرب نفوذ أيديولوجي وما معاً. فمن وجهة نظر عرقية وأيديولوجيةء كانوا القيّمين 
على أقدس البقاع الإسلامية في الجزيرة العربية. ومن وجهة نظر مالية» كان العرب من 
أبناء العمومة البعيدين» قد بلغت شهرتهم الآفاق. فدبي» أحد مراكز المال والتجارة والنقل 
الجديدة في العالم» لم يمض على كونها حاضرة رئيسية في الواقع سوى عقد من الزمن. 
وقد برع الإماراتيون في جعل بلدهم نقطة جذب للشركات المتعددة الجنسيات» بعد أن 
كانت أرضاً صحراوية؛ حيث أحسنوا استغلال ثروتهم النفطية بشكل فعالء وألغوا 
الرقابة الحكومية بشكل ذكي» وحققوا ALI‏ الأمثل من الاستفادة من مركزية جغرافيتهم؛ 
كان رائعاً أن نرى كيف كان الأفغان يعاملونهم باحترام» وخاصة حين لم يكونوا يعرفون 
أنه ثمة غربي موجود. 

وبعد عام» أي بعد أن Se‏ إلى وظيفتي المدنية في مكتب وزير الدفاع بالبتتاجون» 
قسم السياسات» حاولتٌ تحريك مسعى لمصلحة البتتاجون» مفاده الطلب من دولة 


الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج الأخرى قيادة فريق عربي بالكامل لإعادة إعمار 
الولايات. فقد كانت فرق dole]‏ إعمار الولايات كيانات اثتلافية في كل ولاية» مكلّفة 


92 


الفصل الثاني: العرب والأفغان والأمريكان .. حرب الأفكار 


بقيادة مبادرات إعادة الإعمار والتنمية. وكانت القوة الخاصة الإماراتية تضم فرعاً نشيطاً 
جداً يُعنى بالشؤون المدنية» وكان منخرطاً في مشروعات تتراوح من إنشاء مستشفى في 
ولاية زابل إلى تأسيس جامعة في خوست» بالإضافة إلى ترميم عشرات المساجد. 
وشعرت بقوة أن فريق dole]‏ إعمار الولايات» بقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة وبدعم 
الدول العربية الأخرى التي أرسلت أيضاً قوات إلى أفغانستان» مشل: البحرين ومصر 
والأردن» يمكن أن يكون أداة إعادة إعمار وتواصل استراتيجية قوية. ولسوء الحظء فإنه 
إثر طرح الفكرة في سلسلة من الاجتماعات عام 2007( حتى واجهت مقاومة بيروقراطية» 
وأسدل الستار على الفكرة. فقد أصرت مديرية الشرق الأوسط في مكتب وزير الدفاع - 
قسم السياسات» وهيئة الأركان المشتركة» على أن مثل هذا المسعى سيصرف الانتباه عن 
المساعي الأخرى ذات الأولوية العالية» مثل: حرب العراق» وإيران» ومجلس التعاون 
لدول الخليج العربية. وفي النهاية» أرى أننا فشلنا في استغلال الإمكانات الكاملة لمشاركة 
الدول العربية المسلمة في أفغانستان. 


كانت دورياتنا تجوب تلال ولاية أوروزغان وأوديته في ذلك الشتاء على متن 
نسختنا من سيارة ال هامفي المخصّصة للعمليات الخاصة والمعروفة باسم مركبة التنقل 
البري. وقد صنعت مركبة التنقل البري على هيكل طراز الهامفي» ولكن بدلا من نسخة 
الهاتشباك النموذجية الموجودة في معظم OLS ys‏ المامفي المدرعة» كانت مركبة التنقل 
البري مفتوحة في الخلف. ما يتيح تكديس مؤن إضافية» والمزيد من الجنود على المقاعد 
المسطحة» وني العادة» يوجد مكان لرامي رشاش ظهره باتجاه مقدم المركبة. كما تتميز 
بمحرك أضخم ونظام تعليق أقوى. وبالإضافة إلى الرشاش الثقيل من عيار 0.50 بوصة» 
المحمول على برج أو قاذفة القنابل الأوتوماتيكية مارك-19» تقوم بعض "مفارز عمليات 
ألفا" أيضاً بتركيب رشاش خفيف عل ذراع Gale‏ الجانب الأمامي الأيمن من 
السيارة» بهدف تعزيز القوة النارية الأمامية. وعمد معظم "مفارز عمليات ألفا" إلى فك 
المقعدين الخلفيين لتوفير مساحة أكبر gh‏ المياه والغذاء والأهم الذخيرة. وقبل التنامي 
pul‏ في القنابل المزروعة على جانب الطريق» كانت "مفرزة العمليات ألفا" معرضة كثيراً 


93 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


لمواجهة كمائن طالبان» فأرادت أن تكون قادرة على الرد بأكبر قدر ممكن من القوة النارية في 
كل الاتجاهات. وكذلك استخدمنا مركبات لكل أنواع التضاريسء للاستطلاع أمام 
الدوريات. وكان الراكب الوحيد على متن مركبة كل أنواع التضاريس أقربٌ إلى الأرض 
ويمكنه بسهولة رؤية النتوءات الطارئة في الأرض أو الأسلاك التي قد تنبى بوجود عبوة 
ناسفة. وكانت هذه المركبات رائعة أيضاً للقيادة أمام القافلة؛ بغية العثور على المسارات 
الأشبه بالمتاهة عبر القرىء أو اقتفاء الآثار المناسبة. وكانت الفصائل الإماراتية تستخدم 
خليطاً من مركبات الحامفي المدرّعة ومركبات بانهارد Panhard‏ المدرّعة الفرنسية الصنع. 
وكانت مركبات بانهارد التي تتسع لثلاثة أشخاص Farol‏ وأضيقٌ بكثير من الهامفي» ومن 
ثم» يمكن قيادتها في أماكن لا يمكن قيادة الهامفي فيها. ولكن هذه المركبات حدّت كثيراً 
من قدرة الإماراتيين على تسيير دوريات راجلة نتيجة عدم وجود أكثر من فرد إضافي من 
أفراد الطاقم غير السائق والرامي. أما الجيش الأفغاني فكان يستخدم شاحنات بيك أب 
"فورد رينجر" صغيرة ذات أسطوانة فولاذية فوق مقصورة الركاب» مُركّبٍ عليها 
رشاش. وكنا CAE‏ لعدد الجنود الأفغان الذين كانوا يرون في الجزء الخلفي من تلك 
الشاحنات» وعادة ما تكون أرجلهم مدلاة على الجوانب. 


وفيما كنا نقوم بدوريات في شتى أنحاء أودية نورزاي وسط أوروزغان على متن 
مجموعة متنوعة من المركبات التي CARS‏ قوافلنا العربية-الأفغانية-الأمريكية المشتركة» 
كررنا Che‏ الانخراط نفسها مرات ومرات. وكان ها في بعض الحالات وقع كبير. ففي 
إحدى القرى بمديرية نيش» جنوب أوروزغان» وقف شخص مسن بعد أن انتهى النقيب 
يوسف من كلامه» وأعلن: "لأني مسلم حقيقي ومؤمنء فأنا أتخلى عن زراعة الخشخاش؛ 
لن أزرعه بعد GOV‏ أرضي. إنه يتعارض مع الإسلام» وهو سيئ لعائلتي» وسيئ 
لقريتي» ديلانور. قد نجوع» ولكننا سنكون أطهاراً ونرفع رؤوسنا عالیاً"» ثم کسر بشكل 
احتفالي المقبض الخشبي لمنجل» غالباً ما يُستخدم jb‏ بصيلات الخشخاش» على ركبته 
وسلّمه إلى النقيب الإماراتي وسط تصفيق حار من بقية كبار السن الجالسين في ظل 


94 


الفصل الثاني: العرب والأفغان والأمريكان .. حرب الأفكار 


وقفتٌ بعد أن قررثٌ أن تكون هذه المناسبة إحدى المرات النادرة التي يتعيّن Che‏ 
التحدّث فيهاء ÈE y‏ للمسن: "شكراً لك على موقفك الجريء نيابة عن جميع أهالي 
ديلانور". فصّدم الحشد لساع لغة إنجليزية» لأنه كان من الواضح أنهم لم يدركوا حتى 
ذلك الحين أنه ثمة شخص غربي بين ظهرانيهم. وأضفتٌ وأنا أنظر إلى المسن: "سأفعل كل 
ما في وسعي لطلب البذور وغيرها من أنواع المساعدات من فريق إعادة إعمار الولايات في 
تارين كوت ومن المنظيات غير الحكومية لمساعدتك. أنا أتعوّد لك شخصياً بذلك. 
يشرفني أن أكون في حضرة شجاعتك وريادتك". 


dle yds‏ انتهى بي الأمر بقضاء وقت طويل وأنا أسعى إلى مساعدة المسنٌ 
وأهالي ديلانور. فحصاد الربيع من الخشخاش كان قد انتهى في الأصل» وسيبدأ موسم 
زراعته من جديد في الخريف. ولكن عند عودتي إلى القاعدة اكتشفت أن مسؤولة "وكالة 
التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة"» قد انتقلت ولن يتم Cad‏ بديل عنها قبل شهور 
متعددة. وكان فريق الشؤون المدنية قد رصد الأموال لمشروعات أخرى. ولم تكن هناك 
حكومة في المديرية نسبياًء وكان وزير زراعة الولاية الأعلى مرتبة يعيش في أمان قندهار 
النسبي» ولم يكن يزور مكتبه في تارين كوت إلا بشكل دوري. واتفقتٌ مع القائد الإماراتي 
على العودة إلى ديلانور في الأسابيع المقبلة وإعطاء المسن مالاء وحسب. 


وبعد أسابيع» حين عدنا إلى ديلانور» رفض المسنّ الذي كان قد كسر منجله بشكل 
احتفالي التحدث إلينا. وبعد التعاسات متعددة» جاء أخيراً للقائنا بعد أن ذهب إليه رسول 
وأخبره أن العرب أرادوا إعطاءه JUI‏ لتشتري قريته بذور القمح والشعير. وهمس محمد 
آتياً إلينا بعد دردشة أجراها مع ثلة من الرجال في Gat‏ قاتلاً: "قام زعيم المخدرات في هذه 
المنطقة بزيارته بعد مغادرتنا. وحين أخبره Gel‏ أن ديلانور لن تزرع الخشخاش بعد الآنء 
هدده زعيم المخدرات بقتله وقتل أسرته. وهدّده أيضاً بجعل طالبان تغلق المدارس". 


كان معظم المزارعين يقترضون في الخريف من تجار الأفيون لشراء البذور 
والمعدات. وفي الربيع اللاحق تسدّد محاصيلهم هذه الديون» والمأمول أن يبقى معهم ما 


95 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


يكفي لشراء المواد الغذائية والمؤن للعام. وقد كثرت قصص الرعب عن عائلات 
اضطرت إلى تقديم بناتها سداداً للقرض في حال فشل المحصول. وكان هذا أحد الأسباب 
التي جعلتني أعارض بشدة جعل القضاء على زراعة المخدرات أولوية في استراتيجيتنا 
لمكافحة المخدرات. فتجار المخدّرات كانوا هم من يقود التجارة» لا المزارعون. 


وجاء المسرنّ إلينا أخيراً وجلس معناء ولكن لعشر دقائق تقريباً فقط. وكان مهذباً 
وممتناً جداً لنا على المال. وانحنى محمد مرة أخرى وهمس: "سيدي» هذا الرجل خائف 
ms‏ وقبل أن يغادر المسنٌّ» قال: "أريد مستقبلاً أفضل he‏ ولكن يجب أن ننعم 
بالأمن. رجاء أرسلوا بعض الحنود الأفغان إلى هنا. ليس من الشرطة» أو الجنود". 


للأسف» لم يكن هناك ما يكفي من جنود "الجيش الوطني الأفغاني" في أوروزغان 
لجعلهم يرابطون في ديلانور. وقد سمعنا فيا بعد أن القرويين التزموا وعدهم ورفضوا 
زراعة الخشخاش» وأن عدداً من الرجال تعرضوا للغمرب عندما رفضوا أخذ قرض 
لمحصول تلك السنة. وجلب لي مترجم من القرية لاحقاً رسالة من طالبان (تُعرف باسم 
"الرسائل الليلية" لأا تترك على أبواب الناس في الليل)» تحوي تمديداً لمدير مدرسة 
القرية وتحذّره من مغبّة التحدّث إلى الأمريكان الكفار. وفي نهاية المطاف» انتقل المسنّ إلى 
أمان مدينة قندهار النسبى. 


وعززت هذه الحادثة قناعتي ob‏ التخلص من تجار المخدرات سيكون أبلغ أثراً في 
التجارة من A‏ من محاصيل المزارعين. فالافتراض الخاطى الذي كان وراء التفكير 
بالقضاء على تجارة المخدرات هو أنه بإمكان المزارعين الامتناع عن زراعة الخشخاش 
بمحض إرادتهم. اكه ذلك فعندما اتضح أن تجارة الخشخاش كانت تدعم بشكل 
مباشر تمرد حركة طالبان» أذن للجيش الأمريكي في البدء باستهداف هؤلاء التجار. 


وعدت GGL‏ إلى ركيزة التواصل لاستراتيجيتنا الخاصة بمكافحة المخدرات» 
وكيف أنها فشلت إلى حد كبير. وكذلك فكرتٌ في النقاش الأعم الذي يُسمّى أحياناً 


96 


الفصل الثاني: العرب والأفغان والأمريكان .. حرب الأفكار 


حرب الأفكار» حول انخراطنا مع العالم الإسلامي. كان تنظيم القاعدة» وحركة طالبان» 
وجماعة "الإخوان المسلمين"» وطائفة كبيرة من الجماعات الأخرى» يصوّرون الحرب على 
الإرهاب على lel‏ حرب أمريكا على الإسلام والمسلمين. وقد طغت الانتقادات لدعم 
الولايات المتحدة إسرائيلٌ» وحرب العراق» وسجن غوانتانامو الأمريكي» على JË!‏ 
الغربية الأساسية مثل الأسواق الحرّة والتسامح الديني» عبر موجات الإذاعة الدولية وفي 
مسجد الحي. وسرعان ما اتضح لي من هذه الدوريات أنه han‏ علينا تحسين قدرتنا على 
إيصال تلك المت إذا كنا نأمل أن يكون النجاح حليفها على المدى البعيد. 


وعلى مستوى العمليات في أفغانستان» نجد أنه (US‏ أوقعت قنبلة في غير مكانها 
ضحايا مدنيين» أو أساء جندي ضال لحساسيات إسلامية» كان أعداؤنا يحرزون قصب 
السبق ويصورون أمريكا على أنها دولة محتلة تسير على خطى الأسلاف الصليبيين. فحالما 
يقع حادث ماء rat‏ المتحدثون باسم طالبان هاتفياً بوسائل الإعلام الدولية؛ ويرسلون 
الرسائل الإلكترونية إليهاء لرواية القصة من وجهة نظرهم» وكانوا في كثير من الأحيان 
يلفقون الأمور وحسب. وكان المترجمون العاملون معي يجلبون لي أقراص دي.في.دي. 
[فيديو رقمي] من الأسواق المحلية تحوي صور نساء وأطفال أمام بيوت من الطين مهدّمة 
يزعمون أا دُمّرت نتيجة عمليات قصف متعمدة للمدنيين نفذها سلاح الجو الأمريكي. 
وروّت تسجيلات DU‏ في المساجد المحلية حكايات عن جنود أمريكيين يغتصبون 
الأفغانيات ويعذّبون السجناء. وبالطبع» ليس لدى هؤلاء الملالي أي دليل» ولكن حوادث 
مثل صور سجن أبو غريب في العراق كانت دليلاً كافياً للأشخاص العاديين في جنوب 
آسياء وكان لها مفعول المنشطات في حملات المتمردين الدعائية. 


وخلاصة القولء أننا استخدمنا عمليات إرسال المعلومات أو الرسائل 
الاستراتيجية» تكتيكياً واستراتيجياً باعتبارها آلية رد لشرح الحوادث أو العمليات حين 
كانت الأمور تتخذ مساراً خاطتاً. وبالتأكيدء أصبحنا أفضل مع مرور الوقت» ولكن في 
كثير من الأحيان كانت عمليات إيصال الرسائل تتم بعد فوات الأوان. وعلى النقيض متاء 
استغلّت حركة طالبان نشر المعلومات والحملات الدعائية لقيادة العمليات. فقد فهمت 


97 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الحركة ماهية الرسالة التي يتعيّن توجيههاء ومن a‏ صمّمت عملياتها التكتيكية وخطة 
حملتها الشاملة لتتناسب والرسالة. كان ذلك عكس نهجنا. فعلى سبيل المثال» كانت حركة 
طالبان تتخذ قراراً بإظهار قوتها في منطقة معيّنة» فتعمد إلى الاستيلاء على مركز حكومي 
أو مهاجمة وزارة ما في كابول» مع أنها تعلم أنه سيتم في نهاية المطاف طردها ودحرها. 
كانت الحركة على استعداد LE‏ مقايضة هزائم تكتيكية برسالة استراتيجية ترسلها. 


وفي قرى وأودية أخرى» نجم عن مشاركتنا الأفغانية - العربية - الأمريكية بعض 
e‏ 2 ب« 
النقاشات الحامية» وبدأتٌ أدرك تماماً مستوى جهلنا بالديناميات القبّلية المعقدة التى تلعب 
دوراً فاعلاً في أنحاء أفغانستان. كما SIL‏ أستشعر مقدرة طالبان وجهودها لوضع 
الأساس لحركة متمردة» ومدى الضرر الذي أسفر are‏ سوء الإدارة وظاهرة أمراء الحرب 
ع e e 4 2 ٠.‏ 

للعودة إلى أحضان طالبان. فمن مجلس شورى إلى آخر» سمعت إحباطات الشعب 
الأفغاني وشكوكه تجاه استعداد أمريكا للقيام با يلزم bet‏ أفغانستان مزدهرة Ga‏ 


وفيا كنا نوغل AST‏ في أعماق واديّي سينار ناوا ولوغار ناوا صوب الحدود 
الشرقية لأوروزغان مع ولاية زابل ومنطقة دي تشوبان السيئة السمعة» اكتشفنا المزيد 
من الأدلة على تأثير المتمردين ونشاطهم» ولاسيما في سلوكيات الأطفال. فقد كانت دي 
تشوبان مرتعاً لنشاط القاعدة وطالبان» وموقع معركة تبادل لإطلاق النار خاضتها مفرزة 
"عمليات ألفا" لأيام متعددة عام 2003. ففي معظم القرى كان الأطفال الذين تنبههم 
شبكة إنذار مبكر تضم أطفالاً آخرين» ينتظروننا على أطراف البلدة» ثم يتجمهرون حولنا 
وحول مركباتنا إذا توقفنا. وغدت أكياس صغيرة من قطع السكر الصلبة إحدى هباي 
المفضلة لهمء بالإضافة إلى أقلام الحبر GUI‏ وأقلام الرصاص. فبالنسبة إلى معظم الأطفال 
الذين يدرسون في المدارس وليس لديم سوى عدد قليل من الكتب أو الأدوات المكتبية» 
كان الحصول على أداة للكتابة يعدٌ وسام شرف. وكان مشهد أولئك الأطفال يقفون حفاة 
الأقدام في الطين المتجمد وهم يبتسمون ملء أشداقهم لأننا أعطيناهم (i‏ يشير مشاعرنا 
حقاً. 


98 


الفصل الثاني: العرب والأفغان والأمريكان .. حرب الأفكار 


لقد بذلنا جهوداً مضنية في الأودية طوال أيام كثيرة» وأضحت الاجتماعات أكثر 
توتراً وتحدياً. وثمّة شاب يرتدي نظارة طبية سألني بشكل مباشر وهو يجول بناظريه من 
الملازم الأفغاني إلى النقيب الإماراتي؛ من الواضح أنه أدرك أنني الأمريكي في الغرفة: 
"كيف نعرف أنكم لن تتخلوا عنا؟". لا ريب في أنه مثقف» وقد اكتشفنا لاحقاً أنه كان 
يزور عائلته في أوروزغان في أثناء عطلة جامعة كابول. وكان يتحدّث بلغة إنجليزية ركيكة 


ولكنها مفهومة. 


أجبته: ee"‏ أنا أقف معكم هنا الآنء على بعد آلاف الأميال من بيتي وعائلتي» 


المستقبل» ولكن أمريكا تقف معكم الآن". 


واستطرد الشاب: "ولكن الولايات المتحدة أعلنت أا ستس حب وتسلّم 
المسؤولية عن الأمن للأوروبيين. أمريكا لا تهتم إلا بالعراق OW‏ وتعتقد أن مقاتلي طالبان 
هُزموا. طالبان لم "le SE‏ وأضاف وهو يضرب السجادة براحة يده: "إنهم يستجمعون 
ae g‏ وباكستان ستساعدهم لأنهم يريدون السيطرة على أفغانستان» وأنتم قلتم للعالم 
إنكم راحلون. ويعلم الجميع أن أوروبا لن تحارب. لن يستمروا طويلاً هنا". وازداد تذمر 
المجموعة فيه| كان محمد يترجم. وكانت كل الأنظار تتجه صوبي. 


قلت وأنا أرفع يدي وأضغط أصبعيّ معاً: "مستقبل أمريكا ومستقبل أفغانستان 
كهاتين. مصيرّنا واحد الآن. فإذا فشلت أفغانستان» فسيستغل تنظيم القاعدة وغيره من 
الجماعات أفغانستان من جديد لقتل الناس الأبرياء. لا تريد القاعدة وجماعة طالبان العمل 
من أجل أفغانستان أفضلء bel‏ مستمرتان في القتل لأنه| تريدان العودة إلى السلطة. وتريد 
طالبان إبقاء أفغانستان متخلفة حتى تتمكن من السيطرة عليهاء هدفنا هو جعل 
أفغانستان قوية» بحيث تتمكّن من شق طريقها في العالم". قلت هذا على الرغم من حقيقة 
أذ الاو اع عل yal‏ فقا جحي او walt E E‏ 


4 e 


أصلا. 


599 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


رد الشاب: "اعتقدنا أن أمريكا ستغيّر أفغانستان.. اعتقدنا أن أمريكا ستنتشلنا من 

هذا الوضع البائس جداً.. إنكم تتركوننا الآن مع حكومة لا JE‏ سوءاً عن طالبان أبداً". 
كانت الفكرة شائعة: JUYI‏ محبطة» وخيبة الأمل من الحكومة الجديدة شديدة. ففي عام 
2001 نذرت القوة العظمى الوحيدة المتبقية في ALI!‏ مع ائتلاف دول أخرى. نفسَّها 
يقة تاريخية لأفغانستان. ومن وجهة النظر الأفغانية» هبّت أغنى دول العام لنجدتها. 
ولكن بعد حمس سنوات» لم يحدث تغيير يُذكر في حياة الأفغان. dy‏ الواقع» واعتماداً على 


e 


القبيلة التي ينتمي الأفغاني إليهاء OF‏ حياة بعضهم ربها صارت أسوا. 


وحاول النقيب الإماراتي تخيير الموضوع. "إذا أردتم تغيير وضعكم» فإنه يجب أن 
تكون هناك تنمية. وإذا أردتم التنمية» فإنه يجب أن تكون هناك منظرات غير حكومية» 
ولكي تكون هناك منظمات غير حكومية» فلا بد أن يسود الأمن» فالمنظمات غير الحكومية 
تخشى جداً المجيء إلى أوروزغان. لقد LE,‏ كل رجل مسؤول عن الأمن.. هذا هو 
بيتكم.. [SG‏ ستدافعون عن عائلتکم» يجب تماماً أن تدافعوا عن قريتكم. لا يمكن أن 
نكون موجودين في كل مكان.. يجب أن تتحملوا مسؤولية أمن القرية» وحينها ستعود 
المنظيات غير الحكومية". 

ad Sone iy‏ برها peso Ald UL‏ كنوت E‏ "ول 
ستتركوننا الليلة. مقاتلو طالبان لا يتركون هذا OLS‏ وليس في حوزتنا ما يوقفهم. 
5955 ببعض الأسلحة وبعض التدريب» ولن نسمح هم بالمرور عبر هذا الوادي. يجب 
أن تبقوا معنا هنا وتساعدوناء وإلا فلا تأتوا لزيارتنا هنا؛ حتى التحدّث إليكم خطير. 
الناس يتكلمون". قالها وهو يشير نحو الخارج ناظراً من فوق كتفه إلى مجموعة من 
الرجال والصبية المتحلّقين. وبالفعل» سبق أن أثيرت تلك المسألة Les‏ في مجالس الشورى 
التي حضرناها في القرى. إن المستين بمجرد تفاعلهم cline‏ يجازفون بحياتهم؛ وبإمكان 
أي شخص متعاطف مع طالبان أو يكنّ ضغينة لأحد المستين أن يبلغ أحد قادة طالبان أن 
هذا a‏ كان يعمل مع الأمريكيين» فتكون النتيجة أن يتلقى ضرباً مبرحاً في أحسن 
الأحوال» أو يموت ميتة شنيعة في أسوأ هذه الأحوال. ففي إحدى الحالات» بعد يوم من 


100 


الفصل الثاني: العرب والأفغان والأمريكان .. حرب الأفكار 


مغادرتنا قرية كلاتاك في شرق أوروزغانء تلقى محمد مكالمة من الرجال الذين عملوا 
سراً في قاعدتناء ركب LA‏ عشر GSE)‏ كلاتاك دراجات نارية في صباح اليوم اللاحق 
وقاموا بصفٌ كل رجال القرية في طابور. وسحبوا اثنين من المستين الذين كانوا قد 
استضافونا للغداء هيدف مناقشة مشروع تطوير» وتعدّوا ede‏ بالضرب على SUI‏ ثم 
أعدموا رجلاً شنقاً حين اكتشفوا أنه عمل في قاعدتنا. 


Jalal Eos LU‏ إذا ما كان ضرر دورياتنا في شتى القرى الريفية لنشر 
رسالتنا يفوق نفعها. فمن جهةء لن يكون لدينا أبداً ما يكفي من جنود التحالف أو 
"الجيش الوطني الأفغاني" لحاية السكان. ومن ناحية أخرىء لم يكن في وسعنا التنازل عن 
الريف لطالبان وترك الساحة لهم ليسردوا ما شاؤوا من روايات عن التحالف. ففكرة أن 
الأفغان كانوا يكتون الكراهية للأجانب أو يكرهون الغرباء بالفطرة لم AS‏ حقيقية من واقع 
تجربتي. وني الحقيقة» Suey‏ مراراً وتكراراً أن العكس هو الصحيح. Lal‏ الأفغان غضباً 
من التقيتهم كانوا منزعجين من أننا لا نكثف وجودنا أكثر هناك. لقد أصيبوا بخيبة أمل 
لأننا لم نقدّم لهم أكثر. ولكنهم» بشكل عام» أرادوا وجودنا هناك. لقد أصبحتٌ على قناعة 
UL‏ بأن ما كان الأفغان في أمسّ الحاجة إليه هو أبسط أساسيات الأمن وحسب» ولذلك 
يتعيّن علينا إيجاد إطار أمني محلي يتيح لهم توفير هذا الأمن لأنفسهم. فالأمن كان 
الأكسجين الذي تحتاج التنمية والمبادرات الأخرى إلى استنشاقه ليمدَّها بالحياة» ولا يمكن 
لأفغانستان أن تمضي Lal‏ من دونه. 

وقد لص أحد كبار السنّ هذا الأمر أحسن تلخيصء بقوله: "يمكنكم بناء ما 
شئتم من مدارس» وطرق» وعيادات. إننا o pat‏ جداًء OY‏ احتياجاتنا كثيرة. ولكن حين 
تصوّب طالبان مسدساً إلى رأس عائلتي» فا الذي تتوقع مني فعله؟". 

وقد أثرت هذه السلسلة من مجالس الشورى والاجتماعات في أوروزغان وقندهار 
وهلمند في شتاء وربيع عام 2006 تأثيراً عميقاً في تفكيري حول ماهية السياسة التي نحن 
في حاجة إلى تنفيذها في الحرب. وخلصت مقتنعاً إلى أنه بعد أربع سنوات من bee Al‏ 


101 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


نتمكن من إيصال رسالتنا الاستراتيجية بالشكل الصحيح. إننا لم نوضح بشكل فعال 
للشعب الأفغاني» أو الحكومة» أو المجتمع الدولي» سبب وجودنا هناك. 


نحن لم نلمّح إلى أننا سنقف مع الأفغان إلى أن يتمكنوا من الوقوف على أقدامهم. 
ونظراً إلى دمار البنية التحتية والقدرات البشرية هناك في الأودية والقرى جنوب 
أفغانستان» أدركت أنه يتعيّن على الولايات المتحدة مواجهة حقيقة أن انخراطنا في 
أفغانستان سيكون جهداً مطلوباً من كل الأجيال. ففي بلد أكبر مساحة من العراق» وذي 
تضاريس جبلية أشد وعورة بكثير» وني غياب بنية تحتية حقيقية وقلة القدرات البشرية» 
ومعدّل أمية يبلغ 2/75 وقوات أمن وليدة» وتمرّد يتمتع بملاذ يمنح أصحابه الراحة 
ويمكنهم من إعادة تجميع صفوفهم من دون أن يصيبهم الأذى» كان يتعيّن على الولايات 
المتحدة توفير وجود أمني أكبر بأضعاف مضاعفة Le‏ كان لما على الأرض» إلى أن نتمكن 
من إنشاء إطار الأمن المحلي هذاء وبناء قوات الجيش والشرطة الأفغانية. 

لقد أبيد القطاع الأكبر من جيلين من الأفغان» نتيجة التدخل السوفيتي في ثانينيات 
القرن العشرين والحروب الأهلية بين جماعات المجاههدين المنتصرة» ومن ثم حركة 
طالبان في تسعينيات القرن العشرين. وسيستغرق التعافي جيلين. فكلا أسرعنا في البدء 
بالتخطيط وتوفير جهد دائم» JB‏ الوقت الذي سنحتاج إليه للانخراط على المدى البعيد. 


102 


الفصل الثالث 
وادي تاجاب .. الدورية والكمين 


ley‏ كانت دوريتنا تسير على الطريق الوعرة متجهة إلى وادي تاجاب في ولاية 
كابيساء EE‏ بناظري عبر سهل شومالي الواقع شمال کابول» ورّحتٌ SIT‏ تاريخه. فهذا 
السهل الممتد عبر أفغانستان على طول طريق الحرير القديمة» شهد عدداً Y‏ يحصى من 
حروب الغزو على مدى آلاف السنين» خاضها جنود الإسكندر المقدوني» وجيوش 
الإمبراطورية البريطانية» والفرق المدرعة السوفيتية. توقفنا مرات عدة للسماح لقطعان 
الماعز بعبور الطريق أمامناء وكنث JE RT‏ من مركبتي وأضرب بقدمي الأرض الوعرة 
الرمادية. Eas‏ قد قرأتُ عن تلك الحروب طوال حياتي» وبصعوبة أصدق أنني OV‏ 
جندي في جيش أجنبي آخر يعبر الأرض ذاتها. ولكن» خلافاً للجيوش الأخرى التي 
سبقتنا إلى غزو هذا البلدء كان جيشنا الوحيد الذي تعرّض بلده هجوم عدو يتخذ من 
أفغانستان مقراً له. لم يكن هذا غزواً أو حرباً اخترناها بأنفسناء بل أتينا إلى هنا لتخليص 
البلاد من حركة تمد آوت dele‏ شتت هجوماً مباشراً على الولايات المتحدة. وأنا أنظر 
إلى القرى المتناثرة في الأرياف» شعرت بضآلة ما أعرفه عن شعب هذا البلدء والورطة التي 
نوقع أنفسنا فيها. 


Jas ts‏ "دورية إثبات وجود" في وادي تاجاب» الذي أصبح Las‏ للمتمورّدين» 
لتوفير الأمن في المنطقة ولجمع المعلومات. كان الوادي يمتد من الشمال إلى الجنوب على بعد 
نحو ستين كيلومتراً إلى الشرق من قاعدة باجرام الجوّية» ولا يفصله عن سهل شومالي 
سوى سلسلة جبلية صغيرة. كان هذا الوادي يمثل محطة التوقف الأخيرة للمتمرّدين 
الذين يعبرون الحدود من باكستان إلى أفغانستان؛ لتنفيذ هجمات على العاصمة كابول. 
كانت جاعة المتمرّدين الرئيسية في تاجاب هي الحزب الإسلامي الأفغاني» والجماعة 
يقودها قلب الدين حكمتيار وترتبط ارتباطاً ضعيفاً بطالبان. كان قلب الدين حكمتيار قد 


103 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


لعب أدواراً ختلفة خلال سنوات الحرب الثلاثين في أفغانستان؛ إذ كان واحداً من قادة 
المجاهدين في أثناء فترة مقاومة السوفييت» وشغل لفترة منصب رئيس الوزراء قبل أن 
تنشب الحرب الأهلية التي أصبح خلاها قائداً لميليشيا قامت بقصف مواقع خصومه في 
كابول. وهو الآن يقود الحزب الإسلامي SE‏ في مقاومته "للاحتلال الأمريكي" 
ولحكومة كرزاي» وذلك من مقره الواقع في ضواحي مدينة بيشاور في باكستان. كان 
الحزب الإسلامي الأفغاني يعتبر أضعف مجموعاتاالمتمرّدين الثلاث؛ لأنه كما يعتقد 
يحصل على أقل قدر من الدعم من باكستان. وهو الأقل التزاماً بأيديولوجية معيّنة بسبب 
السمعة الانتهازية لحكمتيار. ومع ذلك ظلت هذه del LI‏ خطيرة؛ إذ كان فيها بعض قادة 
المستوى المتوسط الأكثر خبرة في التمزد. 


خريطة (5) 


ولاية كابيسا 





104 


الفصل الثالث: وادي تاجاب .. الدورية والكمين 


برغم امتلاكنا معلومات عن الحزب الإسلامي الأفغاني كتنظيم وعن بعض قادته 
في المنطقة» فإن معلوماتنا كانت ضئيلة عن وادي تاجاب وسكانه» وكان هذا الأمر مزعجاً 
بالنسبة -i‏ كانت معلوماتنا تقتتصر على معلومات عن الحكومة المحلية والشرطة 
والاقتصاد المحلي» ولم نكن نعرف شيئاً عن التكوين القبلي لسكان المنطقة أو عن القبائل 
المؤيدة للحزب الإسلامي الأفغاني. والأهم من ذلك كله» هو أننا م نكن نعرف سبب 
تأييد بعض السكان لذلك الحزب. هل الدافع أيديولوجي؟ أو هو تنافس قبلي؟ أو هو 
إساءات المسؤولين المحليين؟ كنت آمل أن تساعد الدوريات التي سننفذها في الوادي في 
الإجابة على هذه الأسئلة» ولكنني كنت مدهوشاً من محدودية معرفتنا لمنطقة قريبة بهذا 
الشكل من قاعدتنا الرئيسية في أفغانستان. كنا في عام 2005؛ أي بعد 4 سنوات من بدء 
الحرب» سندخل المنطقة ونحن شبه معصوبي الأعين بسبب افتقارنا إلى معلومات 


استخباراتية مفيدة. 


بعد بضع ساعات من سير المركبات شرقاً من باجرام على طرقات شديدة 
الوعورة إلى درجة أننا شعرنا OL‏ أمعاءنا كانت في مطحنة» وصلنا إلى خط من التلال 
المنخفضة التي يغلب عليها اللونان البني والرمادي» وتمتد من الشمال إلى الجنوب. وفي 
ناحية الجنوب يمتد وادي تاجاب الأخضر الذي تحيط به جروف صخرية في الجانبين. 
وبعيداً في ناحية الشمال» ترتفع قمم جبال هندوكوش المكسوّة بالثلج لتعانق السماء وترسم 
معها خط الأفق. كانت الطريق الوحيدة غير المعبّدة تمتد أمامنا عبر الوادي بمحاذاة الجرف 
الصخري في الجانب الغربي من الوادي. وكانت مجموعة من البيوت ذات الجدران الطينية 
تتناثر عبر المساحة الخضراء أو "المنطقة الخضراء" (S‏ كنا نسميها. بدت البيوت والقرى 
جميلة ووادعة» ولكنها كانت من وجهة نظري كوابيس عملياتية. 

كانت القرى في تاجاب وفي جميع أنحاء أفغانستان مبنية منذ OL‏ أو الآلاف من 
السنين» وليس فيها طرق معبدة لمرور السيارات» فضلاً عن ناقلات الجنود أو العربات 
العريضة. كان قلة من الأفغان تمتلك السيارات؛ ومن ثم فقد كانت معظم الطرقات 
بعرض يتسع للمشاة فقط» أما السيارات القليلة التي يملكها الأفغان فكانت غالباً 


105 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


سيارات صالون من طراز تويوتا كورولا أو شاحنات بيك-آب صغيرة. كانت المناطق 
الخضر تتكوّن من متاهات من الدروب وقنوات الري والحقول الصغيرة والأسوار 
الحجرية. وكانت مجاري الأودية الجافة تمر عبر هذه القرى بعمق يتراوح ما بين ثلاث أقدام 
وثلاثين قدماً. في موسم الجفاف» كانت هذه المجاري تشكل طرقاً حقيقية يمكن أن تسير 
عليها الشاحنات الثقيلة. أما في موسم الأمطارء فكانت تتحؤّل إلى أنهار جارفة أو 
مستنقعات طينية. وبالإضافة إلى ذلك» كانت مساحات حركتنا ومدى نيراننا وحتى 
قدرتنا على الرؤية عبر القرى محدودة؛ بفعل الجدران الطينية السميكة التي تحيط بكل منزل 
أفغاني. وهكذا كانت كل قرية تحوي العشرات من مواقع الدفاع الطبيعية والمواقع المناسبة 
للكمائن. كان كل منزل أشبه بحصن له جدران خارجية سميكة توفر التغطية والحماية 
لمقاتلي الجماعات المتمرّدة» وكل حقل كانت LA‏ به قنوات ري وجدران حجرية تشكل 
خنادق طبيعية تمنع مركباتنا من عبورها. GUS‏ أثناء دورياتنا نرى مجموعات مشتبهاً فيها 
من الرجال أو المركبات على الطرف الآخر من إحدى القرى» ونستغرق ساعات للوصول 
إليهم على الأقدام. 

هذه التضاريس الصعبة جعلت وجود قوات التحالف في المنطقة شكلياًء وأسهمت 
في جهلنا بالناس فيها. كان الكثير من الوحدات» وخاصة وحدات قوات التحالف» يبقى 
خارج المناطق atl‏ وهي تقوم ب| أطلقنا عليه عبارة "مكافحة التمرّد من المركبات"؛ 
حيث كانت الوحدات تتجه في مركباتها إلى خافر الشرطة والمراكز الإدارية للحكومة 
الأفغانية التي يوجد غالباً طرقات تقود إليهاء وتقتصر في دورياتها على دعوة المسؤولين أو 
الوجهاء المحليين إلى اجتماعات هناك. كان من الواضح أن معظم هذه الوحدات» لا تريد 
ترك الأمان النسبي الذي توفره aN‏ الثقيلة وأجهزة اللاسلكي والإمدادات المتوافرة 
في العربات» والذهاب إلى المتاهات المجهولة في المناطق الخضر الأفغانية. وما زاد الأمر 
سوءاً أن حاولة عبور هذه المناطق سيراً على الأقدام كان مرهقاً جداً. وهذا ينطبق بشكل 
خاص على الوحدات التقليدية التي كان عليها حمل معدات أكثر Le‏ تحمله وحدات 
العمليات الخاصة؛ مثل الدروع والخوذات والذخيرة الإلزامية» وغير ذلك من العتاد. هذا 


106 


الفصل الثالث: وادي تاجاب .. الدورية والكمين 


كله كان يثني الوحدات عن الدخول إلى القرى والتفاعل مع الأفغان» وهذا بدوره جعل 
فهمنا محدوداً جداً للعلاقات الاجتماعية والسياسية المعقّدة التى كانت تختلف من ولاية 


إلى أخرى ومن مديرية إلى أخرى في أفغانستان. 


كانت قرية كورا تقع على بعد نحو ثلث الطريق من الطرف الشمالي للوادي. وكان 
في طرفها الغربي مدرسة بنات مهجورة اتخذت منها الشرطة الوطنية الأفغانية ا محلية مقراً 
ها. كانت المدرسة عبارة عن مبنى مستطيل منخفض Cope‏ من الحجر الرمادي ويقع على 
بعد مسافة قصيرة من الطريق. كانت جدرانها الداخلية مطلية باللون الأبيض» أما زجاج 
نوافذها فمكسور أو منزوع من مكانه» وغرفها خالية من أي SUT‏ ماعدا لوحاً أسود 
صغيراً على الجدار. وكانت تفوح في المكان رائحة براز من مرحاض حجري صغير بني 
فوق حفرتين في الأرض. 

كانت المدرسة في أعلى تلّة صغيرة تشرف على كوراء وكانت فيها باحة فسيحة 
يحيط بها جدار حجري بارتفاع ست أقدام» ما جعلها مكاناً مثالياً لإنشاء قاعدة دوريات 
لمركباتنا. حالما توقفناء صعدث إلى سطح المدرسة لإلقاء نظرة على قرية كورا. كانت القرية 
عبارة عن شبكة تقليدية من ا حقول التي تحيط بها جدران ومسارات وأقنية تتناثر فيها 
عشرات البيوت بجدرانها الشبيهة بالحصون. كانت القرية تمتد عبر الوادي باتجاه الجنوب 
والشرق ويمر عبرها oly‏ عميق من الشمال إلى الجنوب. كنا في أواخر شهر إبريل» وكانت 
زهور الخشخاش تغطي الحقول وتضفي على المكان مسحة من الصفاء. 


أردتٌ إرسال دورية راجلة إلى القرية للتعرّف إلى المنطقة وإلى طريقة تفاعل 
القرويين معنا. كانت القوات الخاصة الإماراتية قد أتت إلى هنا بضع مرات لتابعة بعض 
مشروعات التنمية الصغيرة التي ورثتها عن جمعية الهلال الأحمر (النسخة الإسلامية 
الماثلة للصليب الأحمر). والمعلومات القليلة التي استطعت الحصول عليها قبل مغادرة 
باجرام» كانت تشير إلى أن كل دورية تقريباً تنجه إلى كورا كانت تتعرّض هجوم كما تؤكد 


107 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


ذلك الثقوب الكثيرة التي أحدثتها طلقات الرصاص في الجدران والبقع السود التي 
خلّفتها قذائف سلاح الآر بي جي. لذلك لم أكن أنوي الجلوس بانتظار حدوث الهجوم. 


اتجهث إلى قائد الشرطة وقائد الفصيل الإماراتي» النقيب حسين» اللذين كانا 
يتبادلان الحديث في أثناء ye‏ الشاي الأخضر الأفغاني على شرفة المدرسة الأمامية. 
كنت أريد التعرف إلى قائد الشرطة ورجاله ووجهة نظرهم فيا يجري في الوادي. كان 
القائد قصيراً متلى الجسم له الشارب الضخم نفسه الذي يميز الكثير من الطاجيك» 
ويجلس مسترخياً على النصف السفلٍ من سرير مرتفع تم سحبه لاستخدامه كأريكة. 


بادرني قائد الشرطة قائلاً: "لا توجد مشكلات في كورا يا صديقي". عرّفني بنفسه 
قائلاً: إنه النقيب فهيم» وأمسك Gy WS‏ بحرارة. سحب أحد رجاله دلواً مقلوباً لأجلس 
len cade‏ انحنى أمامي خادم القائدء الذي يسمى عادة "صبي الشاي" حاملاً صينية 
عليها شاي ني أكواب داكنة اللون. كان من الواضح أن الأكواب لم تغسل منذ فترة طويلة» 
إذا افتزضنا أا عُسلت Ly‏ تناولت كوباً وأخذت رشفة من الشاي» ثم شكرته باللغة 
الدارجة So‏ "تشكّر". 


في أفغانستان من الوقاحة أن يدخل المرء في صلب الموضوع مباشرة من دون 
السؤال عن حال العائلة والقرية وغيرها من الأمور الشخصية. وبعدما أمضيت بعض 
الوقت في دردشة صغيرة» شرت إلى الثقوب التي خلّفتها الرصاصات في MA‏ فوق 
كتف فهيم وسألته: "إن لم تكن هناك مشكلات» فلماذا هذه المدرسة في هذا الوضع 
السيّىع؟". 

أجاب فهيم محاولاً تقديم نفسه كرجل طيّب: "لقد بنى الكوريون والأمريكيون 
هذه المدرسة في عام 2003» ولكن الحكومة لم تعتنٍ بها. أنا أعتني بها قدر استطاعتي 
وبالاعتماد على JWI‏ القليل الذي يُتاح لي". كانت في الخارج LY‏ معدنية قديمة صدئة 


يزيّنها العلمان الأمريكي والأفغاني وبعض رموز وكالات الإغاثة وقد كتب عليها: "هذه 


108 


الفصل الثالث: وادي تاجاب الدورية والكمين 


المدرسة الابتدائية خصصة لفتيات وادي تاجاب في ولاية كابيسا. وهي مشروع مشترك 
ois‏ الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية» ووزارة إعادة الإعمار والتنمية في المناطق الريفية 
في أفغانستان في عام 2003". كانت تلك اللافتة رمزاً للنيات الحسنة مع غياب المتابعة من 
جانب المجتمع الدولي في أفغانستان» حتى هذه اللحظة! 


قلت "أعني مشكلات تتعلق بالأمن في القرية" ونظرت إلى مترجمنا الجديد» سامي» 
وهو يبدأ بالترجمة. "إن لم تكن هناك مشكلات في كوراء فلماذا هذه الحجمات الكثيرة على 
هذه المدرسة الجميلة؟ UT‏ على يقين أن كورا تفخر OL‏ تكون فيها واحدة من أحدث 
المدارس الابتدائية في الوادي". 


نظر النقيب فهيم Y‏ بضع لحظات بينم ترجم سامي أسئلتي. كان سامي شاباً ينشذ 
أول مهمة ترجمة له» ولم يكن سعيداً بالقدوم إلى وادي تاجاب» وكان التوثّر ظاهراً عليه. 
أجابني فهيم: "لقد هاجم رجال طالبان هذه المدرسة في الماضي» كا ترى. هم يعتقدون 
أن التعليم غير مناسب للفتيات. وقد توقف القرويون عن إرسال بناتهم إلى هناء فتوقفت 
الحجمات. الفتيان فقط يأتون إلى هنا. وطالبان لا عماجم هذه المدرسة الآن إلا عندما 
تصلون أنتم". 


كان قصده واضحاً: لقد أبرم صفقة مع المتمرّدين المحليين. إذا لم يزعجهم فلن 
يزعجوا شرطته. والأمور لا تسوء إلا عندما GE‏ القوات الأمريكية أو قوات التحالف. 
كان من الواضح أن فهيم مستعد للتضحية بتعليم فتيات كورا من أجل المحافظة على 
السلام؛ للأسف! كانت الشرطة الأفغانية» وأحياناً الجيش الأفغاني» يبرمان صفقات 
le‏ مع قادة المتمرّدين. وكان الدافع إلى ذلك يتراوح ما بين انتساب الطرفين إلى القبيلة 
ذاتهاء وزواج المصلحة الذي يسمح للشرطة بالمحافظة على ال هدوء النسبي» وجعل 
المتمرّدين يسعون وراء أهداف أخرى. كانت قوات التحالف لا تعلم غالباً بها يحدث 
فعلياًء US WY‏ نتجه إلى ساحة المعركة انطلاقاً من مواقعنا الشديدة التحصين. ولا نتلقى 
منهم أي معلومات سوى لقطة مصورّة يرسلونها بين الحين والآخر. 


109 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


سألته: "نود القيام بجولة على الأقدام في كورا. هل ستسمح لبعض رجالك 
بمرافقتنا؟". 


عندما el‏ سامي ترجمة سؤالي» نادى القائد أحد رجاله ووجّه إليه بعض الأوامرء 
ثم قال: "سيرافقكم في الدورية ستة من رجالي العشرة الموجودين هنا اليوم". 

تابعنا حديثنا لمدة تقارب نصف الساعة. زاد فيها شعوري بالإحباط بسبب عدم 
معرفتنا بالمنطقة. لم أكن أعرف شيئاً عن رئيس الشرطة هذاء برغم أنه أخبرني أنه يشغل 
منصبه هذا منذ نحو السنتين. لم تكن لديّ فكرة عن التكوين القبلي للهذه القرية» أو عن 
سبب تأييد سكانها للحزب الإسلامي الأفغاني. خلال البحث الذي أجريته قبل مغادرة 
قاعدة باجرام» لم أستطع تحديد آخر مرة جاءت فيها وحدة أمريكية أو منظمة غير حكومية 
إلى الوادي» فضلاً عما حدث حينهاء أو الأشخاص الذين تعاملوا معهم. كل ما استطعت 
معرفته بعد العثور على بعض التقارير الاستخباراتية عن المنطقة» هو أن قائداً محلياً في 
الحزب الإسلامي الأفغاني اسمه قاري باريال كان يبيت بشكل منتظم في منزل حميه في 
كورا. ويبدو أن كتيبة قوات خاصة أخرى حاولت الحصول على معلومات تحدّد لها موقع 
المنزل» أو تعطيها إشارة عند وجود باريال لكي Les‏ غارة لإلقاء القبض عليه. باستثناء 
هذه المعلومات عن باريال لم تكن لديّ أدنى فكرة عم يحدث في القرية» أو في وادي 
تاجاب. 


قبل الانطلاق لتنفيذ المهمة» حاولت أن أعرف على الأقل بعض المعلومات عن 
سبب بناء المدرسة في تلك القرية تحديداً في تاجاب. ولكنني لم أعثر على أي معلومات لدى 
مقر القيادة العليا لقوات العمليات الخاصة المشتركة. 


تحدثت إلى AN‏ المسؤول عن تحليل المعلومات الاستخباراتية» وسألته: "أخيرتني 
القوات الخاصة الإماراتية أن دورياتها في البعثات السابقة كانت تتوقف في مدرسة في قرية 
اسمها كورا. هل نعرف لاذا Ce‏ مدرسة جديدة في تلك القرية تحديداً؟ هل كانت هناك 


110 


الفصل الثالث: وادي تاجاب .. الدورية والكمين 


قبيلة أو أحد الوجهاء نعمل على التأثير فيه لسبب معيّن؟ هل لدينا أي معلومات عن 
الوجهاء أو الأشخاص الذين تعاملنا معهم في السابق؟". هز كتفيه قائلاً: إنه سيحاول 
العثور على أي تقارير أعدتها الدوريات السابقة» ولكنه godo‏ من أن كل بعثة كانت تنظّم 
ملفاتها بطريقة مختلفة» ثم تقوم بأرشفتها قبل وصول البعثة اللاحقة؛ "نحن نعلم أن 
مشروعات التنمية في ذلك الوادي كانت نتيجة جهود ومساعدات أمريكية في عام 2002 
أو عام 2003. ولكننا لا نستطيع الوصول إلى قاعدة بيانات عن مشروعات المساعدات. 
وبصراحة. لا أعرف إن كانت هناك قاعدة بيانات أصلاً أو لا. وإذا كانت هناك قاعدة 
بيانات من إعداد إحدى الدول المشاركة في التحالف مثل كوريا أو ألمانياء فليس GAS‏ أي 
فكرة حول كيف سأستخرج منها المعلومات التي تحتاج إليها. يمكنني فقط أن أعطيك 
بعض الملفات عن قادة الحزب الإسلامي الأفغاني الذين نعلم eef‏ ينشطون في تاجاب". 
لم يكن لدى مكتب الاستخبارات في قيادة الفرقة أو لدى فريق إعادة الإعار في 
الولاية الذي تقع مكاتبه في الطرف الآخر من قاعدة باجرام» الكثير من المعلومات عن 
مشروعات التنمية أو العمليات السابقة» باستثناء التي قامت بها الوحدات التابعة لهم 
خلال فترة عملها. وكل ما عرفته منهم هو أن كل من يذهب إلى الوادي يتعرّض عادة 
للهجوم» مع ذكر المواقع التي حدثت فيها الهجات. أذهلتني ضحالة معلوماتنا وتحليلاتنا. 
لم يكن أحد يعرف من الذي ينقذ الحجمات؛ أعصابات إجرامية أم متمرّدون أم قبائل 
غاضبة متا بسبب اعتقادها Lil‏ ندعم القبائل المنافسة ها؟ باختصارء أصبحنا ماهرين جداً 


في توفير المعلومات عما حدث» ولكن قدرتنا على التحليل ومعرفة أسبابه ضعيفة. 


في غياب المعلومات» بدأ عدد من رجالي يسخرون من الدوريات التي ننوي تنفيذها 
pens‏ ا ob yy II"‏ اج إلى الكو .حبق Leet‏ ال ot E SIS‏ 
الدوريات إبقاء العدو في حالة استنفار» وتوفير قدر من الأمن للسكان» وجمع المعلومات 
الاستخباراتية عن المنطقة. كان تسيير الدوريات عنصراً أساسياً في مكافحة التمرّد. 


ولكننا لم نكن نبني قاعدة معلومات تراكمية نضيف إليها في كل hinge‏ بل ES‏ نسير 


111 


المحارب الدبلومامسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الدوريات إلى مناطق لا نعرف شيئاً عن الوضع فيها ونتوقع أن نواجه كميناً تنصبه لنا 
طالبان» ثم نعتمد على تفوقنا التكتيكي وقوتنا النارية» والدعم الجوي أحياناً للخروج من 
ذلك الموقف. وبطبيعة ا حال لم أكن من أنصار هذا النهج. 


كان لجهلنا أسباب متعددة. فنظراً إلى حدودية قدرات جمع المعلومات 
الاستخباراتية» Us‏ نعطي استهداف قادة التمرّد الأولوية. وكان تعاملنا مع الأفغان 
سطحياً. والأهم من ذلك هو أننا أخفقنا إخفاقاً ذريعاً في تبادل المعلومات بين الأطراف 
الدوليين في أفغانستان وني جمع المعلومات بشكل تراكمي مع مرور الوقت. في تلك 
المرحلة من الحرب» كان جهاز استخباراتنا العسكرية يركز فقط على تعقب قادة المتمرّدين 
وتحديد أماكنهم وقتلهم أو أسرهم. ول يكن مفاجئاً بالنسبة إلي» أن المساعدة الوحيدة 
التي استطاع مكتب استخباراتنا تقديمها كان معلومات عن أحد قادة المتمرّدين 
الُستهدفين. لم يكن ذلك بسبب تقصير استخباراتنا العسكرية» بل كان بسبب نقص 
الموارد في أفغانستان في ذلك الوقت» وطريقة تحديد الأولويات بناءً على هذه الموارد القليلة 
المتاحة. كانت أغلبية الأدوات وأكثر موظفي جمع المعلومات في العراق» والموارد القليلة 
المتوافرة في أفغانستان كانت تركّز على مهمات القتل والاعتقال. فهذه المهمات كانت محورية 
في جهود مكافحة التمرّد EY‏ كانت JEES‏ ضغطاً على قيادة التمرّد من خلال وضعها 
تحت تهديد مستمر. وكان المطلوب تنفيذ هذه المهمات بدقة بالغة؛ لتجنب إيقاع ضحايا من 
المدنيين أو إلحاق أضرار بالممتلكات. ولكن إعطاء هذه المهمات الأولوية كان يعني عدم 
بقاء موارد تُخصّص لجمع المعلومات عن الأسباب السياسية والاقتصادية والقبلية لحالة 
عدم الاستقرار في المناطق الريفية في أفغانستان التي كانت ضرورية أيضاً لهزيمة التمرّد. 
Les‏ ما كنتٌ أناقش حالة أننا ندور في حلقة مفرغة؛ حيث يؤدي تجاهل هذه الجوانب 
السياسية والاجتاعية إلى ظهور المزيد من قادة التمزد؛ ومن ثم الحاجة إلى تركيز المزيد 
من الجهود الاستخباراتية على مهمات القتل والاعتقال. وكانت النتيجة التي أخلص إليها 
lo‏ هي أنه لا يجوز التركيز على جانب واحد وترك الآخرء وإذا US‏ جادين فعلاً في محاربة 
التمرّد في أفغانستان» فإنه يجب أن تكون لدينا موارد تكفي للمضي في كلا المسارين. 


112 


الفصل الثالث: وادي تاجاب 2 الدورية والكمين 


الأمر الذي لم أستطع فهمه» هو: لماذا لم تكن لدينا قاعدة بيانات يمكن البحث فيهاء 
وتسمح لنا على الأقل بالاستفادة من الجهود التراكمية لجمع المعلومات ومن بيانات 
الدوريات القتالية خلال السنوات الماضية؟ كان من المفترض أن أقوم بصفتي قائدا 
تكتيكياً بالبحث في قاعدة البيانات عن "وادي تاجاب"؛ فتظهر لي معلومات عن كل 
دورية وكل غارة وكل مشروع تنموي في تلك المنطقة خلال السنوات الأربع الماضية» 
وأقرأ تقارير الوحدات السابقة عن تعاملاتها مع الأفراد الأفغان والوعود التي قطعتها 
هم. ولكن لم تكن قاعدة البيانات هذه موجودة» ولم يكن هناك أي تفسير لذلك. وفي 
نباية المطاف. كان علينا الذهاب إلى القرى الريفية» ومعرفة ما يجري فيهاء ومحاولة التأثير 
الإيجابي في الوضع فيها قدر المستطاع. 


لم أكن قلقاً بشأن الدورية ذلك اليوم في كوراء برغم التقارير عن مقاتلي الحزب 
الإسلامي الأفغاني وقاعدة عمليات قاري باريال في القرية. كان هناك الكثير من 
المؤشرات الإيجابية المعتادة: الأطفال يلعبون عند الأبواب الأمامية» والمزارعون في 
حقوهم» والنساء منهمكات في أعمالهن اليومية. لو كانت هناك معركة ستقع» لكان 
القرويون عرفوا بذلك. 


نظرث إلى ناحية البوابة؛ حيث تجمّع الرجال الذين سينطلقون لتنفيذ الدورية. 
كانوا يرتدون خليطاً من الألوان؛ عناصر الشرطة الوطنية الأفغانية في زي أزرق رمادي» 
وجنود الجيش الوطني الأفغاني في زي موه أخضر وبني يشبه الزي القديم الذي كان يرتديه 
الجيش الأمريكي في الغابات» والجنود الأمريكيون في زي موه لونه "بيج" وبني. فل 
النقيب حسين أن يبقى رجاله في مركباتهم على Al‏ ودار بيننا نقاش قصير وحاد حول 
عدم استعداده لإرسال رجاله في دورية معنا. كان واضحاً بالنسبة إلي أن الكثير من رجاله 
أرادوا الذهاب معناء ولكن لم تكن لي سلطة رسمية على قائد الفصيل» فاستسلمت للأمر. 


قام معظم الرجال الذين ينتظرون بدء الدورية بتفقد معداتهم. كانت المعدات 
الأساسية التي يستخدمها المشاة قد ظلّت على Whe‏ بين عامي 1970 و2000. فخلال أيام 


113 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


خدمتي قبل هجمات 11 سبتمبر 2001 كان الجندي الأمريكي العادي يحمل معدات 
ماثلة تقريباً للتي كان يحملها في أثناء حرب فيتنام. ولكن حدثت ثورة في معدات المشاة 
بعد 11 سبتمبر 2001» وكان التغيير الأكبر هو استخدام دروع مقاومة للرصاص مغطاة 
بأحزمة تسمح للعنصر بترتيب أي عدد ونوع من الجعبات بعدد لا يحصى من الخيارات» 
حتى إن تعديل توزيع حمل المرء من العتاد أصبح بمنزلة إدمان لمعظم الرجال في الوحدة. 
ولم يعد أي من عناصر القوات الخاصة LE Lal‏ عن ترتيب عتاده» فهناك (lo‏ طريقة 
لتحسينه بهدف توفير أجزاء من الثانية من الوقت اللازم للوصول إلى خزن إضافي أو 
مصباح يدوي أو ضماد وقف النزف» أو شيء آخر يساعد في إنقاذ الحياة. 


خلافاً لعناصر وحدات المشاة العادية» كان بإمكاننا تنويع العتاد الذي نحمله برغم 
أن بعض الأشياء كانت إلزامية؛ مثل الدرع الواقية من الرصاصء والمكوّنة من: 
صفيحتين في الأمام والغلف» وبندقية M4‏ ومسدس» وأدوات الإسعاف الأولي» وجهاز 
محمول لتحديد المواقع» وجهاز لاسلكي فردي يطلق عليه اسم أمبيتر c(mbitr)‏ وحازن 
رصاص إضافية Leb‏ وباستثناء ذلك» كان كل شيء اختياريا. 


برغم أن التقدم التكنولوجي أسهم في تخفيض وزن عتادناء فإن الجميع يبدو أنهم 
كانوا يحملون المزيد من العتاد» ما جعل متوسط الوزن الذي يحمله أي عنصر يتراوح ما 
بين 20 و30 كيلوجراماً. وقد اخترت أن يكون حلي أخف؛ لأن القرية بدت أشبه بمتاهة 
من الجدران والدروب والأودية. ولم يتضمّن عتادي سوى 4 مخازن إضافية لبندقيتي (كان 
الحمل الأساسي لوحدات المشاة القياسية 7 مخازن)» وجهاز تحديد المواقع».وجهاز 
لاسلكي آمبيترء ومنظار الرؤية الليلية لأن الوقت كان يقترب من المساء. والعامل الأهم 
في قراري أن يكون عتادي خفيفاً ذلك اليوم بها في ذلك ترك خوذتي» هو أنه كان في نيتي 
محادثة القرويين في كوراء وأردثُ أن يكون مظهري مطمئئناً قدر الإمكان. كانت لحيتي قد 
نمت بشكل كامل في هذا الوقت» فاعتمرت القبعة الأفغانية (باكول) ووضعت وشاحاً 
على كتفي لأخفي معظم العتاد الذي أحمله. Eas‏ آمل أن يبدو شكلٍ عن بعد غير ختلف 
كثيراً عن شكل جنود الجيش الأفغاني. 


114 


الفصل الثالث: وادي تاجاب 3 الدورية والكمين 


بعد إعطاء لمحة سريعة عن مهمة الدورية» غادرنا المدرسة في رتلين متوازيين 
وسرنا عبر مركز القرية من الغرب إلى الشرق. كان كل رتل يتكون من ثلاثة جنود 
أمريكيين وثلاثة جنود من الجيش الأفغاني وثلاثة عناصر شرطة. وعندما وصلنا إلى 
الطرف الشرقي للقرية» انقسمنا إلى coe poe‏ واحدة أقودها LT‏ وواحدة يقودها 
الرقيب الأول إيريك» الذي كان ضخم BAI‏ سار إيريك في المقدمة وتبعه الأفغان باتجاه 
الشهال نحو القرية» أما أنا فقدت المجموعة الأخرى نحو الجنوب في مسار يلتف حول 
القرية ويعود إلى القاعدة. وقد سمح هذا Ob‏ يرانا الناس في جزء كبير من القرية مع بقائنا 
قريبين» بحيث نستطيع دعم بعضنا بعضاً إن حدث شيء. كما حرصت على أن يكون ظهر 
كل مجموعة في اتجاه المجموعة الأخرى بحيث تطلق كل منههما النار في اتجاه بعيد عن 
الأخرى في حالة وقوعنا في كمين. 

في أثناء سير دوريتنا في القرية» كنت أحيي الرجال المحليين الذين نصادفهم» 
وأقف أحياناً للحديث معهم. WE Eas‏ ما أترك الملازم الأفغاني يتسلم زمام الحديث في 
المناقشات» بل أحثه على ذلك. ولكنه بعد مدة صار يبدأ أحاديث مع الناس وحده. وبعد 
مسير الدورية ليوم كامل وإجراء لقاءات عدة مع الوجهاء المحليين في المدرسة» صرت 
أتساءل: لماذا لم يكن لنا وجود دائم في الوادي؟ كانت شكاوى الوجهاء تمائلة للشكاوى 
التي سمعناها في ولاية أوروزغان في وقت سابق من السنة» وفي جميع أنحاء أفغانستان. لم 
يكن أولئك الناس يريدون عودة طالبان» ولكنهم كانوا عاجزين عن المقاومة عندما تمر 
مجموعات من الرجال المسلّحين عبر كوراء أو عندما يعود أحد رجال القرية من خارج 
الحدود محملاً JUL‏ والأسلحة ويقوم بإنشاء خلية محلية. وكانت الشرطة والحكومة 
المحليتان عاجزتين أو لا تمتلكان الكفاءة؛ أو تتصفان بالأمرين معاً. والأهم من ذلك كله 
هو أن القرويين كانوا يشعرون بخيبة الأمل؛ OF‏ حياتهم لم تتغيّر بعد قدوم الأمريكيين. 
ذكرتهم أن الشعب الأمريكي هو الذي بنى المدرسة الواقعة على حافة القرية» ولكنهم 
شكوا أن المدرسين لا يحصلون غالباً على أجرهم» والأطفال لا تتوافر هم أي من لوازمهم 


115 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


المدرسية» والشرطة والحزب الإسلامي الأفغاني يتناوبان على جباية الضرائب من 
السكان المحليين. 


أشار الوجهاء إلى أن الوضع سيختلف لو أنشأ الأمريكيون قاعدة في تاجاب» 
وراقبوا أداء الشرطة» وساعدوا في تنشيط الاقتصاد المحلي» بحيث يستطيع الرجال 
المحليون العمل في الوادي بدلاً من السفر إلى كابول. شعرتٌ OL‏ بإمكاننا إحداث تغيير 
من خلال جمع معلومات عن الشخصيات المحلية وأصحاب النفوذ» وتنفيذ بعض 
المشروعات التي تحتاج إلى يد عاملة كبيرة. ولكن البنتاجون كان يخطط لتخفيض» وليس 
زيادة» عدد الجنود الأمريكيين في أفغانستان على Gall‏ الطويل. 


في اليوم اللاحق» Ley‏ كانت الشمس تيل نحو الغروبء رأينا سلسلة من أضواء 
مصابيح اليد تصدر إشارات عبر الوادي من طرف إلى آخر. وفوجئت عندما اقترح عل 
قائد فصيلة الاستطلاع الأفغانية» وهو برتبة رقيب أولء أن نرسل دورية عبر التلال 
المحاذية للجزء الغربي من الوادي إلى المكان الذي يصدر منه أحد الأضواء. كانت هذه 
أول مرة أرى فيها شيئاً كهذا. LS‏ هي حال معظم الجيوش في العالمين الثاني والثالث» 
كانت معظم الفصائل الأفغانية تحت قيادة ضابط ذي قبضة حديدية. وعادة ما يكون هذا 
الضابط هو الشخص الوحيد في الفصيلة الذي تلقى تعلياً» ولديه معرفة مؤسسية 
وحافز لإنجاز ما هو مطلوب. كان من النادر فعلاً أن يرى المرء رقيباً أول يقترح صعود 
تلال وعرة إلى مكان يبدو أن المتمرّدين موجودون فيه» ولم أكن لأرفض ذلك الاقتراح. 


Eas‏ قد تعرفت إلى الرقيب الأول» واسمه سومره في مهمات سابقة قبل أن تُلحق 
فصيلته بنا في الدورية المتجهة إلى تاجاب. كان جميع أعضاء فريقي يتفقون معي في أنه ذو 
معدن نادر؛ حيث كان أكثر حزماً وفعالية من قائده الملازم. كان ينتمي إلى قبيلة الشينواري 
البشتونية المعروفة بدعمها للحكومة وبمواقفها المعتدلة إزاء القضايا الاجتماعية. كان ضخم 
ا لجثة؛ حيث يزيد طوله على 180 سم ويزن على الأقل 100 كيلوجرام. 


116 


الفصل الثالث: وادي تاجاب .. الدورية والكمين 


كان سومر من جلال آباد» ولديه ستة أطفال. كنت أتساءل [slo‏ عن السبب الذي 
يدفع رجال البشتون إلى الوقوف إلى جانب الحكومة» والمخاطرة بحياتهم وحياة أفراد 
عائلاتهم للالتحاق بالجيش. كان هذا السبب واضحاً في حالة رجال الطاجيك والأوزبك 
والهزارة؛ وهو الاختلافات الإثنية مع طالبان التي ينتمي أغلبية Abe,‏ إلى البشتون» 
والقمع الشديد للأقليات تحت حكمها. ولكن وقوف البشتون إلى جانب الحكومة ضد 
طالبان كان أمراً شديد التعقيد ويرتبط WE‏ بصراعات قبلية قديمة. by‏ رأيي كانت 
الدوافع التي تدفع رجال البشتون إلى معارضة طالبان هي المفتاح لإطلاق مقاومة شعبية. 
لقد كان سومر مثالاً حياً على ما يمكن تحقيقه» ولكن الاستخبارات الأمريكية لم تكن 


قادرة على فهمه؛ هو وأمثاله. 


حدثني سومر عن والده الذي كان يؤكد أهمية التعليم الذي سيسهم في إخراج 
العائلة من دائرة الفقر وتحسين مستوى معيشتها. ولكن من سوء حظ سومره أنه نشأ 
وسط الحرب ELV‏ الأفغانية في التسعينيات وتحت حكم طالبان» ولم تتح لوالده فرصة 
إرسال أبنائه لإكىال تعليمهم في الخارج. أخبرني سومر أن مجموعة من عناصر طالبان أتوا 
إلى قريته في أحد الأيام في أربع سيارات بيك-آب وأمروا بإغلاق مدرسة البنات فيها. 


ولكن القرويين تابعوا تعليم بناتهم سراً في البيوت تحت طائلة التعرّض لانتقام طالبان. 


أخبرني سومر أن قبيلة منافسة ما زالت تدعم عناصر طالبان المحليين في ننجرهار» 
وكانت je‏ الرجال والأسلحة عبر جبال تورا بورا لتنفيذ عمليات ضد الحكومة. OLS‏ 
يريد cle]‏ واجبه مع الجيش ثم العودة إلى قريته لقيادة ميليشيا قبيلته الشينواري في مسعى 
استئصال طالبان من موطنه. تردّد سامي» المترجم لحظة» في أثناء حديثه وغرز سكينه في 
الأرض كمن يحاول اقتلاع نبتة من جذورهاء ثم قال: "یرید أن يعرف إذا ES‏ ستذهب 
معه إلى قريته أو لا. وهو يقول إنه بوجود بضعة رجال من ذوي اللحى (في إشارة إلى 
اللحى التي أطلقها عناصر القبعات الخضر)» يساعدونهم على التنظيم وطلب الدع 


117 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 
أضاف سومر: "ولكن يجب أن تقف أمريكا إلى جانبنا". 


أجبته: "ستقف أمريكا إلى جانبكم. فمستقبلنا هو مستقبلكم. سأكون سعيداً 
بالقدوم معك» سومر. أنت قائد» وسأكون فخوراً بدعمك في حماية قريتك من طالبان". 


جلستٌ أفكر في LAS‏ تقديم هذه الفكرة إلى القيادة العليا لقوات العمليات الخاصة 
المشتركة» أو حتى في واشنطن. لم يكن بمستطاعي أن أتخيّل أن قيادتنا ستسمح لبضعة 
رجال من أصحاب القبعات الخضر بالعيش مع الأفغان في قريتهم بدلاً من القواعد 
الكبيرة المخمية جيداء فده كرون LE‏ 8 كر ة: بالضاف إل ذلك OLS‏ امزال 
إيكنبيري» قائد القوات الأمريكية في أفغانستان عام 2006 يعمل على تسريح جميع 
عناصر ميليشيات السنوات الأولى من الحرب؛ حيث كان هو والآخرون يرون فيهم قوة 
منافسة للجيش والشرطة OSGI‏ الوليدين. كنت أتفق مع هذا الرأي نظرياًء ولكنني 
شعرت بأننا نتخلى عنهم بشكل مبكر جداً. فالجيش الأفغاني يحتاج إلى وقت طويل حتى 
يصبح قادراً على حماية المناطق الريفية» وتسريح الميليشيات المحلية بسرعة سيوجد 
فراغاً أمنياً قلؤه طالبان بكل سهولة. 

ولكن الحديث مع سومر ساعدني على معرفة الاتجاه الذي يجب أن نتبعه في هذه 
الحرب. فبإمكاننا تشكيل ميليشيات قبلية يشرف عليها كوادر من قادة الجيش الوطني 
الأفغاني» وتكون أشبه بقوات حرس وطني أفغاني تكمّل في عملها عمل الجيش الأفغاني 
بدلا من أن تنافسه. سيتم كسب هذه الحرب bolg‏ وادياً وقرية قرية» وهذا سيتحقق عن 
طريق الاستعانة بالقبائل. ولكن قبل أن نحاول تنفيذ هذا البرنامج» يجب أن نصبح أذكى 
في تعاملنا مع شبكة العلاقات المحلية» ولا يجوز أن نبقى جهلة كما شعرتٌ طوال تلك 
الدورية في وادي تاجاب. 


في ذلك اليوم» ونحن نصعد التلّة» في بعض الأحيان» زحفاًء رأينا سومر يقود 
رجاله أحياناً بتشجيعهم وأحياناً بالعودة إلى الخلف ودفعهم إلى الصعود. نظر إل مبتس)ً 


118 


الفصل الثالث: وادي تاجاب .. الدورية والكمين 


وأنا أهث منتقلاً خلفه من صخرة إلى أخرى. برغم أنني لم أحمل إلا معداتي الخفيفة» فقد 
كان وزنها أكثر من 15 كيلوجراماًء بنا كان حمل سومر يقتصر على بندقية 416-47 معلّقة 
على ظهره ومخزنين احتياطيين في جعبته. ابتسم وقفل عائداً إلى مقدمة الرتل. في الجيش 
الأمريكي» كان الضباط الذين يشاركون رجاهم في المخاطر يحظون باحترام كبير. فمهمة 
الضباط هي وضع الخططء ومهمة الرقباء تنفيذها. أما في الجيش الأفغاني» فكلا ارتفعت 
الرتبة» زادت المكانة وقلّت المخاطر. ومعظم الضباط والرقباء الأفغان يبقون في مكاتبهم؛ 
إذ إن المحافظة على القوة ومصادرها هي الطريق للبقاء في أفغانستان. كان سومر قدوة لنا 
في تلك الدورية» وكتا سعيدين بتركه يتسلم زمام القيادة. 


عندما وصلنا إلى أعلى التلّةء وجدنا درب ماعزء وعليه آثار إطارات لسيارات عدة 
بدت حديثة نسبياً. وني أحد المواقع المطلّة على الوادي وجدنا صندوقي ذخيرة فارغين 


في صباح اليوم اللاحق» كانت كورا هادئة بشكل مريب» ولم يكن الأولاد يلعبون 
عند أبواب البيوت. صعد الرقباء فرانك وإيريك وبراين وجراهام إلى سطح المدرسة 
لمراقبة القرية بالمنظار» فلم يروا سوى ما يقارب عشرة رجال في حقوهم» بين| كانت 
الحقول مملوءة بالعمال في اليوم السابق. frail‏ النقيب حسين بأحد وجهاء كورا على هاتفه 
المتحرك» فأخبره أن الكثير من الرجال ذهبوا إلى أسواق كابول في ذلك اليوم. بدأ القلق 
يبدو على حسين من أن هناك هجوماً وشيكاً وبدأ يتساءل بصوت مرتفع: هل كان علينا 
العودة مبكراً إلى باجرام. استطعتٌ أنا وبعض الضباط الإماراتيين الآخرين إقناعه بأن 
المغادرة الآن سترسل رسالة خاطئة. أمضينا ساعات الصباح في مرافقة بعثة مدنية إماراتية 
كانت تتفقد الكثير من مشروعات التنمية الصغيرة في المنطقة» ثم الاستعداد لتنفيذ دورية 
أخرى في كورا بعد الظهر. كان جراهام» وهو بطل مصارعة سابق من ألاباما والرقيب 
المسؤول عن الاتصالات في فريقناء ذا شخصية مرحة» وكان يحكي النكات في أثناء انتقاله 


من مركبة إلى أخرى للتأكد من جاهزية بطاريات أجهزة اللاسلكي. وكان يردّد (ilo‏ 


119 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبغات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


عبارات من فيلمي "ويدينج كراش رز" و"ذا فورتي يبر أولد فيرجن" في أثناء تأدية عمله. 
أما براين» المسعف الطبي» فكان عمره ضعف عمر جراهام» وكان جديا في طبعه. OLS‏ 
يبتسم بصمت وهو يسمع نكات جراهام في أثناء وضعه مستلزمات طبية إضافية في حقيبة 
الإسعافات. لقد كان براين مساعد طبيب في حياته المدنية» وكان واحداً من أفضل 


المسعفين في الوحدة» Easy‏ أحرص على إبقاته قريباً مني دائاً. 


عندما صرنا جاهزين لمغادرة المدرسة لتنفيذ الدورية» بدا أن معظم رجال الشرطة 
الأفغانية قد اختفواء بمن فيهم قائدهم فهيم. سألت الرقيب صاحب الرتبة الأعلى بين من 
بقوا إن كان بإمكانه إرسال بعض الرجال معنا في الدورية» فأجابني أن قائده ذهب إلى 
Ble adds‏ وان لين لدي en‏ ا 


وللتعويض عن غياب عناصر الشرطةء جلبت رقيباً أمريكياً من سرية عمليات 
نفسية انضمت إلينا في المدرسة» وكان يريد الخروج في دورية برغم عدم تمتعه بأي خبرة. 
وهكذا بقي في المدرسة أمريكيان فقط هما رقيبان من فريق التدريب المرافق لفصيلة 
الاستطلاع التابعة للجيش الأفغاني. كانت الدورية تتكوّن من مجموعتين تضم كل منها 
عشرة رجال؛ ستة أفغان وأربعة أمريكيين. 


اتفقت مع النقيب حسين. على أنه في حال حدوث اشتباك ناري في القرية فستطلق 
كلتا المجموعتين في الدورية إشارات جمراً في الهواء؛ لتحديد مكاننا للمركبات الإماراتية 
المزودة برشاشات ثقيلة من عيار 0.50 بوصة وبجهاز 21119 الأوتوماتيكي لإطلاق 
القنابل اليدوية؛ لئلا تطلق النار علينا. كنت أخشى أن يبدأ المتمرّدون إطلاق النار من 
القرية على مركباتنا التي عند المدرسة» وأن ترد المركبات الإماراتية فتصيبنا خطاً. 


قبل أن نغادر مباشرة» رأى أحد القناصة الإماراتيين مجموعة من الخيام على القمم 
البعيدة: قررنا أن نعبر كورا إلى الطرف الآخر من الوادي لمعاينة ذلك المكان. فكّرت أن 
أترك مسدسي ليكون حملي أخف. ولكن الرقيب في فريقي كان قد أقنعني خلال فترة 


120 


الفصل القالت: وادي تاجاب oe‏ الدورية والكمين 


التدريب قبل المهمة بأهمية المهارة في استخدام المسدس» وخاصة في الأماكن الصغيرة. 
Cos‏ أمازحه قائلاً إننا عندما نضطر إلى الاعتماد على المسدسات في القتال بدلاً من 
الرشاشات الثقيلة المركبة على عرباتنا والدعم الجوي القريب وبنادق M4‏ فمن الأفضل 
عندها أن ندير ظهورنا ومبرب. ولكنني لم أستطع نسيان ذلك التدريب» فأخذت المسدس 
معي. وملأت جعبتي الأخيرة بمخزن مسدس إضافي» وتركت القنبلتين اليدويتين اللتين 
أحملهم| معي عادة. 

عندما نظرت إلى الوراء» كان سومر يتفقد أسلحة رجاله ويفتّش pg jE‏ ليتأكد ہم 
جلبوا ما يكفي من الذخيرة واللوازم الأساسية الأخرىء مثل الماء» الذي كان الجنود 
الأفغان ينسونه غالبا ثم هرول إلى مقدمة الرتل وقاد مجموعتي. في هذه المرة رافقنا الملازم 
قائد فصيلة الاستطلاع» واختار أن يكون الثاني في الرتل بعد سومر. كنت أريد أن أكون 
قريباً منه [lo‏ لكي نتمكن من قيادة رجالنا معاً في حالة وقوع هجوم. وجعلت مترجمناء 


سامي» بيني وبينه. 


ونحن نشق طريقنا عبر القرية» لم يقترب متا الأطفال هذه المرة لطلب حلوى أو 
دولارات. سرنا عبر القرية ببطء» وحيينا الرجال المسنين القليلين الذين صادفناهم في 
الطرقات. إلى أن انفصلت مجموعة إيريك متجهة نحو الشمال كما في المرات السابقة. 
وبعد بضع ساعات» أخذنا استراحة عند سفح الجبل المحاذي للطرف الشرقي من 
الوادي. كان بإمكاننا رؤية مجموعة الخيام في الأعلى» ولكننا لم نلاحظ أي حركة. 
استغرقنا مدة طول من المتوقع للوصول إلى ذلك المكان» وكتا نعرف من تجربة اليوم 
السابق أننا لن نتمكّن من الوصول إلى أعلى التلة قبل غروب الشمس. كان الملازم مقتنعاً 
ob‏ الخيام تخص رعاة من البدو الأفغان» ولكنني كنت أشك في أنه لا يريد في الحقيقة 
صعود التلّة المنحدرة لمعاينة المكان» ثم الاضطرار إلى العودة إلى المدرسة ليلاً. لم يكن 
لدى الجنود الأفغان معدات رؤية ليلية» وكانت فكرة السير في دورية عبر القرية في 
الظلام الحالك تشعرهم بالتوثّر. 


121 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد pü‏ القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


قررت ألا أضغط في هذا الشأن؛ لأنني بصراحة كنت أعرف أنهم مُنهكون. ولكن 
سرعان ما دار بيني وبين الملازم نقاش حاد حول الطريق التي يجب أن نسلكها في طريق 
العودة إلى المدرسة. كان يريد أن نعود من الطريق نفسها التي أتينا منها لأنها الأسرع. 
ولكنني اعترضت على ذلك. نظر سامي إل نظرة توسل وهو يترجم. كان هو الآخر يريد 
العودة. تردّدت لحظة؛ ثم قلت "لا". فالعودة من الطريق نفسها كانت خطاً قاتلاً في 
التكتيكات الأساسية للمشاة» لأنها أمر متوقع» ولم أكن أريد تعريض الدورية للخطر 
بسبب أن الأفغان كانوا متعبين. ولكنني اقترحت حلاً وسطاًء وهو أن نعود من طريق 
ختلفة» على أن نسير في مجرى واد عريض وغير عميق يسهل السير فيه أكثر من السير 
عبر الدروب الضيقة وحقول المزارعين. 


سار سومر في المقدمة» وكان الملازم خلفه مباشرة» وبعده المترجم» ثم أنا. كان 
ورائي أفغاني يحمل سلاح الآر بي جي الذي يُطلق من على الكتف. وبعده أفغاني آخر» بين 
كان في المؤخرة جراهام وبضعة جنود أفغان ورقيب فصيلة العمليات النفسية وبراين. 
كنا نسير في اتجاه غرب - جنوب غرب» وكانت الشمس قد غربت وراء القمم الغربية» 
تاركة ظلاً ضخ) فوق الوادي. GES‏ وقت يتعدّر فيه استخدام معدات الرؤية الليلية OV‏ 
الظلام لم يحل بشكل كامل» |S‏ تتعذّر فيه الرؤية بوضوح بسبب غروب الشمس. 


تبيّن لنا أن الوادي كان Goel‏ وأطول Le‏ توقعت. كانت تحيط Ly‏ من الجانيين 
جدران بارتفاع من ست أقدام إلى عشرء وبدأ يساورني شعور بعدم الاطمئنان. والأسوأ 
من ذلك أننا لم نر قروياً واحداً. كان الحدوء غريباً ومقلقاً. كانت هناك حقول متناثرة بين 
المنازل» ولكن كانت كلها تحاط بأسوار حجرية يصعب تسلّقها إذا اضطررنا إلى eza‏ 
ويمكن أن تتحوّل في أسوأ الأحوال إلى مواقع رماية لكمين ينصبه المتمرّدون. سنكون 
أشبه بسمك في برميل. تكلّمت عبر الجهاز اللاسلكي طالباً من رجالي أن تكون معدات 
الرؤية الليلية جاهزة لديهم» عندما لاحظت أن المسافة بدأت تتسع بيني وبين سامي 
أمامي» وتتسع أكثر بينه وبين الملازم. بدأوا يتصرفون كالخيل التي استنشقت رائحة 
الإسطبلء ولم يعودوا يلتزمون بالتكتيكات الأساسية للدوريات. وبدلاً من السير ببطء 


122 


الفصل الثالث: وادي تاجاب 7 الدورية والكمين 


والمحافظة على مسافة مناسبة ومراقبة ما حوهمء كانوا يهرولون تقريباً ولا ينظرون إلا 
أمامهم. التفت إلى الخلف. فاصطدم سلاح الآربي جي الذي يحمله الجندي الأفغاني 
بأنفي» لأنه كان قريباً جداً مني. 


قلت له بصوت منخفض وبنيرة كلها استهجان: "تراجع إلى الوراء"» مشيراً إليه 
بيدي ليحافظ على المسافة بيني وبينه. 


أذكر أنني كنت أفكر في أنه لا يجوز أن يندفع سومر عائداً بهذا الشكل متخلّياً عن 
كل حذره. كانوا جائعين ومتعبين وجاهزين للعودة إلى المدرسة قبل حلول الظلام» فتخلّوا 
عن يقظتهم. كان من مسؤوليتي أن أجعلهم يحافظون على انضباطهم. وإذا لم يدل 
ملازمهم» فسأتدخل UT‏ ركضتٌ إلى سامي وأمسكته من ظهر قميصه. وطلبت إليه أن 
يخبر الملازم ليبطئ سرعته في الحال. سارع سامي إلى الملازم ووضع يده على كتفه. وعندما 
بدأ بالكلام» رأيت سومر يتوقف وينظر إلينا خلفه. 


they‏ يمتها ee ah pad Whe Bye‏ شوق بكرن الا OLS‏ ميرت عرد 
المغلاق إلى الأمام في البندقية الآلية أو الرشاش. استدار سومر في الحال ورفع سلاحه» وني 
تلك اللحظة انطلقت النيران من مكان لا يبعد عنه أكثر من عشر أقدام ناحية اليسار 
تخترق المسافة التي تفصل بينه وبين سامي والملازم. انبطحوا ثلاثتهم على الأرض. 
خطوتٌ خطوة إلى اليسار لأتأكد من أنهم ليسوا في مرمي نيراني» ورفعت بندقيتي إلى كتفي 
وبدأت أطلق النار. انطلقت النيران مرة أخرى من الرشاش عبر الوادي» فتناثر التراب» 
وأصابت بعض الرصاصات الجدار في الجهة اليمنى أمامي» Sia‏ بعضها من حولي. CS‏ 
في صخري قد اعتدت قراءة كتب التاريخ العسكري» وقد قرأثٌ عن اللحظات التي hey‏ 
فيها الزمن فجأة» وها آنا ذا الآن في واحدة منها. كان بإمكاني رؤية المهواء وهو يتحرك 
والرصاصات وهي تر بجانبي كأشعة ليزر صفراء. كان صوت أزيز الرصاص واضحاً. 
على بعد ثلاثين قدماً أمامي في الجهة اليسرى من الوادي» كان بإمكاني رؤية مسند 
الرشاش PKM‏ الُستند إلى الجدار والنيران تنصب منه. كان صوته مرتفعاً جداً. 


123 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


انطلقت مجموعة أخرى من الرصاصات. غالباً من بندقية 416-47 » من الجهة 
البسرى من الرشاش. كنت مكشوفاً تمامأ» وأي شخص عاقل كان سينبطح فوراً على 
الأرض ويبحث عما يحتمي به. UT‏ نفسي كنت سأفعل ذلك لو صادفني الموقف ذاته قبل 
سنوات. ولكنني تلقيتٌ تدريب القوات الخاصة في حقبة ما بعد 11 سبتمبر الذي كان 
يركز على تأمين المباني في المناطق العمرانية. وفي هذا التدريب bolas‏ مواجهة العدو لأننا 
كتا نرتدي درعاً تحمي أعضاءنا الحيوية من الأمام؛ ولذلك» وقفتٌ بدلاً من الانبطاح 
أرضاً ومحاولة الاحتماء من هذا الكمين» متجهاً نحو العدو بعد أن أحكمت درعي وبدأت 
أطلق النار عليهم قدر الإمكان. كان يجب أن تصيبني إحدى الطلقات في هذه اللحظة» 
كنت أقف في وسط خندق عمقه ست أقدام وعرضه عشره في مواجهة رشاش يطلق 
رصاصاته من خلف جدار. نقلت وزني من طرف إلى آخر» وبدأت أطلق النار على مصدر 
الوميض الثاني عندما علق مغلاق بندقيتي في الوضعية الأمامية. وبشكل غريزي أملت 
بندقيتي ناحية اليسار لأتمقكن من رؤية حجرة النار. رأيت المغلاق عالقاً في الأمام. 
ضربت مؤخرة المخزن وسحبت المزلاج إلى الوراء لإخراج الطلقة العالقة وتلقيم طلقة 
جديدة. حاولت سحب الزناد مرة أخرى. كان هذا هو الإجراء الذي علمني إياه في حقل 
الرماية كل رقيب عرفته منذ أن Eas‏ طالباً في الكلية العسكرية. 


ولكن الزناد لم يتحرّك. انطلقت النيران مرة أخرى من الرشاش عبر الوادي فوق 


راسى. 


7 


ومن دون تفكير» نقلت البندقية إلى كتفي الأيسر وتركتها تتدلى منه. وفي الوقت 
ذاته أخرجت مسدسي بيدي اليمنى. كنت أتململ دائ) ونحن نتدرّب على إخراج 
مسدسنا ألف مرة في حقل الرماية» معتبراً أن هناك طريقة أفضل للاستفادة من وقتنا. وها 


3 


& 00 < £ $ $ 
آنا ذا الان @ مسدسي في وقت تعتبر كل ثانية فيه شديدة APY‏ 


النيران منهاء ثم رأيت رأسا يبرز» فنقلت وزني إلى رجلي اليسرى ليصبح بصري في 


124 


الفصل الثالث: وادي تاجاب .. الدورية والكمين 


مواجهة الشخص الذي ل أرَ are‏ سوى ظله. ضغطت على المسدس إلى الأمام وأطلقت 
طلقتين» فاختفى الرأس. لم أعرف إن 25 أصبته أو أنه خفض رأسه. فتابعتٌ إطلاق النار 
على المهاجمين بأسرع ما أستطيع لأجبرهم على إبقاء رؤوسهم منخفضة. 


لن أنسى أبداً منظر مسدسي والزلاقة تتوقف في الوضعية الخلفية» ما يعني أن 
المخزن فارغ. شعرت بأنني أحدق به عشر OI‏ ولكنها ربا كانت في الحقيقة أقل من 


ثانية واحدة. 


انطلقت رصاصات رشاش من موقع ثالث على الجدار مارة بمحاذاة GT‏ اليسرى 
في خط أصفر طويل. في تلك اللحظة راح كل شيء يتسارع» كما لو أن شخصاً رفع 
إصبعه عن زر الحركة البطيئة. شعرت بأنه من الجنون أن أواجه رشاش عنصر من طالبان 
يحتمي خلف جدار حجري eg‏ أقف أنا مكشوفاً في وسط الوادي حاملاً مسدسي في 
يدي. Es‏ بالفعل غاضباً جداً oY‏ شخصاً يحاول أن يقتلني أنا ورجالي. وخلال لحظة 
تحول ذلك الغضب إلى خوف ويقين بأنني سأموت لو بقيت في مكاني عندما تنطلق 
الرصاصات اللاحقة. 


ومن دون تفكير Lad‏ خطوت بضع خطوات إلى اليمين» وقفزت فوق فجوة في 
جدار منخفض لبستان في الجانب الآخر من الوادي. سقط مني منظاري. كنت أرتدي 
درعي» فسقطتٌ على الأرض مثل كيس رملء ثم انقلبت على ظهري وقدماي في اتجاه 
موقع الرشاش. È ad‏ بشخص ينزلق بجانبي في الجهة اليمنى» ورأيت جراهام جاثياً على 
ركبته يطلق النار على المهاجمين. وأنا مستلتق على ظهري» وضعت مخزناً آخر في مسدسي» 
وفتحت قدمي ورحت أطلق النار من بينههماء ثم انفتحت أبواب جهنم فوق رؤوسنا. 
نظرت إلى الأعلى فرأيت آثاراً خضراً لطلقات خطّاطة* تخترق رؤوس الأشجار. 
وسمعت أصوات قنابل يدوية أطلقتها المنصات الآلية LSM‏ على العربات الإماراتية» 


* طلقات ذات قاعدة فوسفورية تشتعل عند انفجار البارود مولدة بريقاً ساطعاً على شكل خط . 


125 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وهي تتساقط خلف موقع المتمرّدين. لم تكن الطلقات الخطّاطة صادرة عن مكان الكمين» 
بل من خلفنا. 


عندما بدأت طلقات رشاشات المتمرّدين تنهمر على دوريتنا في الوادي» GALT‏ 
جراهام في الحال إشارة حمراء في السماء» ثم تقدّم نحو مصدر النيران إلى أن وجدني. كنت 
قد أبلغت النقيب حسين أن Chae‏ إطلاق النار إلى الموقع الذي يرى فيه الإشارات 
الحمر» ولكن يبدو أن مفعول هذه الإشارات كان عكسياً OLS OV‏ كانت تتجه نحوها. 


أقل ما يمكن قوله في وصف ذلك الموقف» هو أننا GUS‏ وضع سيّى جداً. كنت 
أطلق النار من مسدسي كلا رأيت النيران تنطلق من فوهة بندقية أو رشاش» ولعنت 
نفسي لأنني لم أجلب القنابل اليدوية وصرخت على جراهام ليلقي قنبلة. أخرج جراهام 
قنبلة يدوية من جعبته وراح يزيل شريطاً لاصقاً أسود وضع لتثبيت مسار الأمان كإجراء 
احتياطي GLa]‏ وقال "ابن العاهرة" بلهجته الجنوبية المميّزة. وأجفل عندما انطلقت 
نيران كثيفة من جهة المدرسة مرّت لحسن BH‏ فوق رؤوسنا بعشر أقدام. رمى جراهام 
القنبلة اليدوية على شكل قوس كبيرة» فانفجرت خلف موقع المهاجمين من جماعة الحزب 
الإسلامي الأفغاني» وتوقف إطلاق النار. | 

Ces‏ قد أفرغت محزن مسدس آخرء فرمى لي جراهام واحداً من خازنه. ومن وسط 
أجمة من الأشجارء نادانا براين لنذهب إليه. كان قد بدأ بتجميع رقيب فصيلة العمليات 
النفسية وجنود الجيش الوطني الأفغاني في بستان يقع على تلّة صغيرة تبعد نحو عشرين 
قدماً خلف موقعنا ا حالي. وأنا أزخف إليه» وجدت سامي» المترجم» متكوراً على نفسه كا 
يتكور الجنين في بطن أمه» وقد أخذ يبكي. رفعته من قميصه» وضربته على جانب رأسه 
ليتنبه لي» وطلبتٌ منه العثور على الملازم. 

بدا الرقيب من فصيلة العمليات النفسية في حالة صدمة؛ حيث جلس في الوسط 
وبندقيته في حضنه» وراح ee‏ جسده إلى الأمام والخلف. سألته إن كان تعرّض لإصابة» أو 


126 


الفصل الثالث: وادي تاجاب 3 الدورية والكمين 


لاء فهز رأسه بالنفي. أخذت منه منظار الرؤية الليلية (الذي كان يجب أن يرتديه ليمسح 
المنطقة المحيطة بنا)؛ لكي أتمكّن من العودة إلى الوادي والعثور على منظاري. كان من 
المستحيل أن أترك منظاري لكي يجده العدو» ولن أكون مَنْ يتسبّب في إعطاء العدو تلك 
الميزة» حتى إن كان هذا يعني العودة إلى منطقة الخطر. في هذا الوقت» كانت الشمس قد 
غربت LE‏ والقمرلما يشرق بعد. كان الظلام دامساً. كان أكثر ما أخشاه وأنا أجتاز 
الجدران المنخفضة نزولا إلى الوادي هو أن يسمع جندي أفغاني متوتر حركتي في طريق 
عودتي إلى المجموعة فيطلق النار e‏ 

تمكنت بحمد لله من العثور على منظاري وعدت إلى موقعنا المؤقت» ورحتٌ أحاول 
تقييم الوضع. BES‏ سمعتٌ أنيناً وحركة قريبّين من موقع الرشاش في طريق عودتي» 
ولكنني لم أكن واثقاً ما يحدث. لم تكن لديّ فكرة إذا ما كان المتمرّدون يسحبون جرحاهم 
أو يتجمّعون لشن هجوم آخر. كل ESL‏ أعرفه أننا ربا نكون تحيط بنا مجموعات عدة 
من المتمرّدين» وما زال بيننا وبين المدرسة مسافة كيلومتر عبر طرق كورا وأوديتها 
Vey)‏ 

اتصلت بالجهاز اللاسلكي بأحد المدرّبين في الملدرسة» وطلبث منه إرسال تقرير إلى 
مقر قيادتنا في باجرام لإعلامهم Ob‏ بيننا مصابين» وربا نحتاج إلى تعزيزات. وطلبتٌ من 
جراهام الاتصال بطاقم الدورية GAM‏ وسؤالهم إن كانوا قد تعرّضوا هجوم أو لاء من 
أجل معرفة وضعهم. 

كان اهتهامي مُنصباً في هذه المرحلة على معرفة وضع الجميع» وخاصة سومر الذي 
رأيته يسقط أرضاً. لم أكن أعرف إن كان الملازم حياً أو إن كانت هناك إصابات أخرى بين 
عناصر الجيش الوطني الأفغاني. كل ما كنت أعرفه pel‏ ربا يكونون في الوادي» جرحى 
يلفظون أنفاسهم. همس سامي في أذني أنه وجد الملازم» وسرت أنا وهو نحوه. 


127 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


خريطة (6) 


الكمين في كورا 


Q‏ الدوريتان تغادران المدرسة 

2 انقسام الدوريمن 

(3) استراحة دوزية المؤلف 

ws © 

© التجميع في بستان واستعادة جثة سومر 
ولقاء الدورية SPV‏ 





@ العوذة إلى المدرسة 
سألت الملازم: "هل جميع رجالك موجودون؟". 
"o Mm. lyf‏ 
أجابني: نعم . 


انتابتني موجة من البهجة OF‏ سومر ربا يكون قد نجا بأعجوبة. سألته: "آأين 


ترجم لي سامي جوابه بصوت مرتجف: "ما زال في الوادي في الأسفل". 


انحنيت مقرّباً وجهي من وجه الملازم» الذي كان يجلس القرفصاء وهمست: "إذن 
فما الذي تفعله هنا؟ لماذا لا تبحث عن الرقيب أول؟". 


همس سامي قائلاً: "يقول الملازم إن علينا العودة إلى المدرسة فوراً. جنوده 


"Ý : 8‏ 
منزعجول جدا . 


128 


الفصل العالث: وادي تاجاب Ba;‏ الدورية والكمين 


"قل للملازم إننا لن نذهب إلى أي مكان من دون أن يكون معنا الرقيب أول وكل 
واحد من Whey‏ نحن لا نترك الآخرين وراءناء إما أن نغادر LIS‏ معا أو نموت كلنا معاً 
هنا. ولن أقبل أي نقاش في هذا الشأن. انقل له كلامي حرفياً يا سامي". عدت إلى براين 
وجراهام اللذّين كانا في المنطقة ينظران إلى الوادي في اتجاه موقع الرشاش. 


همست في أذن براين قائلاً: "الرقيب أول ما زال هناك. سأذهب لإحضاره". 


قال براين: "مايك» أسمع حركة كثيرة عبر الوادي» ولكنني لا أستطيع رؤية 
شيء. أخشى أن يكونوا يعملون على تطويقنا ونحن جالسون في مكاننا". 


أجبته: "هذا السبب تحديداً لن أنتظر الملازم حتى يجده وسأذهب بنفسي". 


حاولت بضع لحظات إخراج الطلقتين العالقتين في بندقيتي» ولكنني وجدت أن 
هذا الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً. كنت قد تركت القطعة اللازمة لذلك مع معداتي 


الأخرئ: ورت Get poh‏ جد 


لم يكن أمامي خيار سوى الذهاب بنفسي. فلم يكن بإمكاني المخاطرة بإرسال 
براين لأنه الُسعف الوحيد» وقد يقع في صفوفنا المزيد من الإصابات وتكون الدورية 
بحاجة إليه. والأمر ذاته ينطبق على جراهام» الرقيب المسؤول عن الاتصالات الذي كان 
وجوده ضرورياً من أجل الاتصال لطلب أي مساعدة؛ مثل الإخلاء الطبي أو الدعم 
الجوي القريب. باختصار» ÈS‏ بصفتي ضابطاًء العضو الذي يمكن الاستغناء عنه أكثر 
من غيره في الفريق. وبصراحة CoS‏ مرتاحاً للمخاطرة بحياتي من أجل إعادة سومر أكثر 
من ارتياحي لإصدار أمر إلى براين أو جراهام بالعودة إلى منطقة يكونان فيها عُرضة 


للقتل. 


وأنا أتسلق الجدار المنخفض عند حافة البستان سألني جراهام هامساً: "هل تريدني 
أن تسق اتصالاً مع إيريك ودوريته؟". 


129 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


فأجبته: "نعم» ولكن بحذر شديد. فلو كان جنود الجيش الوطني الأفغاني الذين 
معهم مذعورين بمقدار نصف ذعر زملائهم الذين معنا لتحوّل الأمر إلى كابوس حالما يطأ 
واحد منهم غصن شجرة". كان إجراء الاتصال في الليل صعباً (ule‏ ولكن إجراءه في قرية 
معادية» بوجود جنود مذعورين من الجيش الأفغاني لا يحملون معدات رؤية ليلية» وفي 
منطقة يحيط بها مقاتلو الحزب الإسلامي الأفغاني» مع استمرار إطلاق النار من عند 


المدرسة» قل يؤدى إلى كارثة. 


زحفتٌ على طول الوادي إلى المكان الذي ظننتٌ أن سومر سيكون فيه. نظرت 
ناحية اليسار» ورأيت عبر جهاز الرؤية الليلية الجدار الذي كان رشاش PKM‏ يستند إليه 
قبل بضع دقائق. وفجأة انطلقت النيران من البستان» فانبطحت على بطني إلى أن هدأث. 
لا بد من أن جراهام ch‏ أمراً أو سمع شيئاً عبر الوادي فأطلق النار عليه. زحفت على 
Gk‏ وركبتيٌ إلى أن لامست يدي الممدودة رأس سومر. قرّبت وجهي من وجهه بحيث 
لاصق خدي خده. وظننت أنني سمعته يتنفس. وضعت يدي على صدره ورحت أتحسسه 
إلى أن وصلث يدي إلى بقعة كبيرة مبتلّة ودافئة في بطنه. حاولت أن أتحسس النبض في 
cate‏ ولكنني لم أشعر بشيء. لم أكن متأكداً هل كان ميتاً أو أنني أتحسس المكان الخاطئ؟ 
كنت أعرف أنه لكي تكون له فرصة في الحياة» يجب de‏ إعادته إلى حيث يستطيع براين 
علاجه. نمضت واقفاً وأمسكت معداته من الحّالات التي على كتفه وحاولت رفعه HS‏ 
قوتي. ولكنني سقطتٌ إلى الخلف على ظهري GOVE‏ يدي محدثاً ضجة كبيرة. كانت 
ا لالات الأفغانية الرخيصة قد تمزقتث. رحت ألعن التقارير التي كانت ترسلها قيادة إدارة 
التدريب الأمريكية في كابول إلى البتتاجون عن جودة المعدات التي يجري تزويد الجيش 
الوطني الأفغاني بها. 

تجدّد تبادل النيران بين الجدار والبستان» وقلت في نفسي "سأموت هنا معه". 
فكرث للحظة في الركض عائداً إلى البستان وتنظيم الرجال للخروج من ذلك المكان. 
ولكنني تذكرت الشعار الذي كنا نردّده كل يوم في مدرسة التدريب وهو "لن أترك زميلاً 
مصاباً ليقع في أيدي الأعداء". 


130 


الفصل الثالث: وادي تاجاب .. الدورية والكمين 


Cals‏ عائداً إلى cp ye‏ وأجلسته ثم وضعت ذراعي تحت إبطيه وبدأت أسحبه 
إلى الخلف عبر الوادي. لم أشعر في حياتي بأنني مكشوف ومعرض للخطر كما شعرتٌ في 
تلك اللحظةء لا قبلها ولا بعدها. كانت تلك المرة الثالثة تلك الليلة التي أنتظر فيها أن 
تخترق الرصاصات جسدي. وأنا أصارع لإماض سومر ونقله فوق الجدار» BS pd‏ 
طويل بطيء وسمعته. كان ذلك آخر زفير له. أدركت أنني كنت بطيئاً جداً وم أتحرك 
بالسرعة اللازمة لإنقاذه. 

جاء جراهام وأمسك رجلي سومر لمساعدتي في أخذه إلى أعلى ALN‏ 

عندما توقفناء قال جراهام: "الخبر الجيّد هو أن إيريك وفرانك وأعضاء الدورية 
الأخرى على وشك الوصول إلى هنا". US‏ نلهث كلانا بعد رفع سومر فوق جدارين 
منخفضين. وتابع قائلاً: "أما الخبر السيّى فهو أنني فقدث الاتصال بالمجموعة التي عند 
المدرسة". 

كانت أجهزة اللاسلكي المرتبطة بالأقار الصناعية LS My‏ على العربات عند 
المدرسة هي الوسيلة الوحيدة لطلب الدعم» سواء للإخلاء الطبي أو دعم طائرات 
بريداتور أو الدعم الجوي القريب» أو أي نوع آخر من الدعم. شعرت بقشعريرة تسري 
في أنحاء جسمي عندما LÍ ÈS pol‏ مقطوعون عن العالم كلياً. 

عندما وصلت الدورية الأخرى» وضعنا بسرعة خطة لشق طريقنا إلى المدرسة. 
اتجهت مع الملازم إلى المكان الذي تركت فيه جثة سومرء وكان الأفغان في حالة فوضى. 
كنت قد طلبتٌ منهم حمل جثة سومر ولكنهم رفضوا أن يلمسوه. لم أعرف السببء ولم 
أكن مستعداً لإضاعة الوقت من أجل معرفته. كنتٌ غاضباً فسحبت سامي والملازم 
بحيث أصبحت وجوهنا قريبة جداً من بعضها Lae‏ وقلت بصوت منخفض ولكن بنبرة 
حازمة: "اجعل رجالك يتحركون في الحال". 

حاول براين الاتصال باستخدام اللاسلكي الداخلي» وقال إنه يظن أنه سمع صوت 
حركة في الحقل المجاور. وني حاولة للخروج من ذلك المكان» عرض فرانك وجراهام 


131 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


حمل سومرء ولكنني رفضت ذلك بشكل قاطع. كنت أريدهما أن يكونا قادرين على 
استخدام بندقيتهم| في حالة اضطرارنا إلى القتال للخروج» وكنتٌ [ayes‏ على جعل الأفغان 
يحملون رجلهم. كانوا يتشاجرون بصوت أعلى حول ما ينبغي فعله بسومر. 


وبعد بضع دقائق من محاولة فرض شيء من السيطرة على الوضع» فقدتٌ 
أعصابي وسحبتٌ مسدسي وأطلقت طلقتين في الحواء. انبطح الجميع على الأرض» وراح 


صحت بسامي SEG‏ "انمض وقل طؤلاء إننا سنموت جميعاً هنا قبل أن نترك سومر 


وراءنا". 


بدا هذا hae‏ حيث تقدّم جنديان أفغانيان يحملان سلا جلباه من منزل قريب 
واستخدماه كحالة لوضع جثة سومر عليه. ونحن في طريقنا عبر القرية» كان كل زقاق 
وکل درب وکل منزل موقعاً لكمين محتمل. كان الأفغان يشتمون ويتلسّسون طريقهم في 
الظلام وهم يحملون السلّم» وكانت أسلحتهم ومعداتهم تهتز وتصطدم بأجسامهم محدثة 
ضجة كبيرة. كان كل ما على مقاتلي الحزب الإسلامي الأفغاني فعله ليجدونا هو أن يقفوا 
في مكانهم ويصغوا جيداً. كنت متأكداً أننا سنتعرّض لضربة أخرى. كنا نتناوب على حمل 
السلّم لنعطي بعضنا فرصة للاستراحة. كان فرانك وإيريك يسيران في المقدمة حاملين 
بندقيتيهم| على أتم الاستعداد وما يمسحان النوافذ والأبواب والزوايا بالأشعة ما تحت 


الات 


كانت الخشبتان اللتان تشكلان عارضتي السلّم ثخينتين بشكل يصعب معه 
إمساكه) باليد» ES‏ نلف سواعدنا حولم| ونسير محنيي الظهر» ونشعر حينها بألى شديد في 
سواعدنا. وني وسط هذا cals‏ كدت أضحك عندما تذكرت سيناريو "إسقاط الطائرة" 
في دورة اختيار القوات الخاصة» وهي دورة يجب عل المتدرّبين فيها أن يقرّروا كيفية 
الحركة بشكل سليم تكتيكياً وهم يحملون كيسين ثقيلين مملوءين بالرمال. كان الغرض 
من الأكياس الثقيلة هو التدرّب على نقل جثة هامدة في منطقة وعرة. وأذكرٌ أن المدربين 


132 


الفصل الثالث: وادي تاجاب .. الدورية والكمين 


كانوا يقولون (Blo‏ "ستتعرٌّفون هنا إلى كل سيناريو يمكن أن تواجهوه في ساحة القتال. 


لذلك عليكم التنبه". 


مع اقترابنا من المدرسة» توثّرتُ كثيراً خشية التعرّض لإطلاق النار من الرماة 
الإماراتيين المسؤولين عن الرشاشات الثقيلة المركبة على عرباتهم. ومن مسافة بعيدة 
أرسلنا إشارة بالأشعة ما تحت الحمراء لا يمكن رؤيتها إلا بواسطة مناظير الرؤية الليلية. 
تست السا Lyle [yoy Latte‏ إشارة UL‏ دمت Oba oe‏ إمارا تعان سن Sb‏ 
هامفي oleks‏ عبر حقل مفتوح وصولاً إلى حافة مجرى الوادي الرئيسي في وسط 
الوادي لتوفير التغطية لنا ونحن نكافح لإنزال جثة سومر عن الحافة البالغ ارتفاعها ثلاثين 
قدماً. وكان علينا أن نربطه على السلّم ونستخدم بكرة لرفعه إلى الأعلى عند الحافة 
الأخرى. وعندما وصلنا إلى الحافة ونحن نلهث والعرق يتصبّب les‏ مدّدناه على سقف 
عربة ا هامفي. وفي تلك اللحظة أسرع نحوي he‏ وهو رقيب إماراتي تلقى تعليمه في 
بريطانيا وكان قنّاصاً مدرّباً في سرية النخبة الإماراتية لمكافحة الإرهاب» وأخبرني أن 
علينا الانسحاب بسرعة» لأنه كان يراقب عبر منظار الرؤية الليلية البعيد المدى مجموعات 
عدة من المتمرّدين وهم يحاولون تطويقنا خلال الساعات الماضية. وفي إحدى المراحل؛ 
مرت إحدى مجموعات المتمرّدين على بُعد منازل عدة Ls‏ وهذا ما دفع حمد وبعض الرقباء 
الآخرين إلى القدوم لمقابلتنا في مركباتهم. سأظل bae‏ هم طوال حياتي» فقد قاموا بمخاطرة 
شخصية ومهنية من أجل مساعدتنا. 


w 


شهدت المراجعة اللاحقة بعض النقاشات الحامية» ولكنها كانت مفيدة للتعلّم 
منها؛ فليس هناك بديل عن الخبرة» وقد تعلّمنا كلنا في تلك الليلة أشياء ستسهم في 
تحسين أدائنا كجنود وكقادة. وفي نهاية المطاف تحسّنت العلاقات بينناء وما زلت حتى هذا 
اليوم على تواصل مع إخوتي في السلاح من دولة الإمارات العربية المتحدة. 


تابعنا العمل بشكل وثيق مع القوات الخاصة الإماراتية» وعندما وصل قائد جديد 
بعد بضعة أسابيع» تابعنا العمل معاً انطلاقاً من الثقة التي تأسّست بيننا. كان القائد 


133 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الإماراتي الجديد ضابطاً رائعاً سيترقى ويصبح bed‏ بعد قائداً لما Ble‏ جهاز الاستخبارات 
الأمريكى في الإمارات العربية المتحدة. 


بعد بضع ساعات من عودتنا إلى المدرسة» أشرقت الشمس» ووضع الجنود 
الأفغان جثة سومر على ظهر عربتهم لنقله إلى قاعدته. قمت بجمع مبلغ لعائلته قارب 
0 دولار أمريكي» وهذا يعادل راتب ثلاثة أشهر تقريباً. اتجهتٌ إلى الملازم الذي كان 
يتحدّث إلى المدربين الأمريكيين. كان يشكو قائلاً: إن سومر فل لأنني لم أسمح له بالعودة 
عبر القرية من الطريق نفسها التي ذهبنا منه. وكان مستاءً جداً لأننا لم نتصل بحوامة لتقل 
الجثة. تركته يتابع حديثه دقائق قليلة قبل أن أتكلم. 


وأخيراً تدخلت قائلاً: "ل يُقتل سومر بسبب الطريق التي اخترناها". فالتفت 
الملازم إلّ. Canby‏ كلامي: "لقد قُتل WY‏ هوجمنا من قبل أشخاص يعارضون تقدّم 
أفغانستان ويريدون إعادتها إلى الحقبة التي كانوا يتولون فيها السلطة". 


ذكّرته أننا US‏ نقوم بهذه الدورية من أجل تفقّد مشروعات التنمية التي Lale y‏ 
Jou‏ الأحمر. وأشرت إلى الإماراتيين قائلاً: "إنهم يخاطرون بحياتهم من أجل إعادة 
إعمار أفغانستان. والشيء ذاته ينطبق على الأمريكيين". كنت أعلم أيضاً أن سومر SB‏ 
بسبب جهلنا بها كان يحدث فعلاً في وادي تاجاب. 


بعد تغيير قيادة القوات الخاصة الإماراتية» عدنا إلى الوادي وإلى كورا مرّات عدة. 
عملتٌ بجد على توثيق كل جلسة تشاور مع الوجهاء؛ وعلى توثيق المعلومات عن 
العلاقات بين shall‏ في المنطقة» وعن الشخصيات الرئيسية صاحبة Lad Spill‏ : 
وأخذث بنفسي نسخاً منها إلى كل قيادة ظننت lef‏ مهتمة بهاء بحيث تستطيع الوحدات 
التي تنفذ دوريات في تاجاب في المستقبل التعلّم من تجاربنا. كان الكثير من قادة الأركان 
شاكرين لجهودنا وتقاريرنا المفصّلة. ولكن لم تكن لدي ثقة كبيرة بأن الوحدات التي 
ستخلف الوحدات الحالية ستتمكن من الحصول على تلك المعلومات» لأنه لم يكن GAS‏ 
الولايات المتحدة قاعدة بيانات مركزية لتوثيق العمليات في أفغانستان. 


134 


الفصل الثالث: a eet Sly‏ الدورية والكمين 


قرر القائد الجديد للقوات الخاصة الإماراتية نقل تركيزه بعيداً عن تاجاب والعودة 
إلى أوروزغان وهلمند. وني وقت لاحق من عام 2006» نجح الفريق الشقيق» مفرزة 
العمليات ألفا-51» والوحدة المرافقة ها من الجيش الوطني الأفغاني في التأسيس للحضور 
دائم في وادي تاجاب» في واحدة من أكبر العمليات المستمرٌة التي نفذها الجيش الوطني 
الأفغاني حتى ذلك الوقت» وقد أطلق عليها اسم عملية التاج الثلاثي. كانت مفرزة 
العمليات ألفا-51 تخوض مناوشات مستمرٌة تقريباً في الأسابيع الأولى من العملية» ولكن 
عندما أصبح من الواضح أن الجيش الوطني الأفغاني لن يغادر المنطقة» هدا الوادي إلى 
درجة سمحت بإعادة منظمات عدة غير حكومية لتنفيذ مشروعات تنموية. لسوء الحظ. 
كافحت وحدة الجيش الوطني الأفغاني للصمود لوجستياً بعيداً عن قاعدتما الرئيسية» 
ولكن في نهاية GUAM‏ تم استدعاؤها إلى كابول. قامت مفرزة العمليات ألفا-51 وقيادتنا 
العامة بمحاولات حثيثة لإقناع قيادة الفرقة في باجرام بإرسال وحدات أمريكية أو من 
قوات التحالف للحلول OLS‏ الكتيبة الأفغانية» ولكن من دون جدوى. وبحلول 
منتصف عام 2006 لم تكن هناك سوى كتيبة واحدة من قوات المشاة الأمريكية في جميع 
مناطق شرق أفغانستان» بالمقارنة مع حمس عشرة كتيبة في العراق. JS‏ بساطة؛ لم يكن 
هناك عدد كاف من الجنود لتنفيذ المهمة. وفي نهاية المطاف» قرر قاري باريال أن الوضع 
أصبح خطيراً بالنسبة إليه؛ وعاد إلى باكستان. ولكنني كنت أعرف أن بسط الأمن 
والاستقرار في المنطقة يتطلب متا الوجود فيها بشكل دائم» بدلاً من القدوم إليها من 
باجرام وكابول من أجل فهم ما يجري وتحقيق تأثير دائم. 


بعد بضعة أسابيع على الكمين في كوراء عاد مترجمنا الأساسيء محمد من رحلة إلى 
جلال آباد» وأخبرني أن عائلة سومر هناك تواجه مستقبلاً مظلاً. لم يكن الجيش الوطني 
الأفغاني يقدّم أي تعويض لعائلات الجنود الذين يقتلون في أثناء أداء واجبهم. وفي المقابل» 
لو أنني فتلت تلك الليلة لكانت عائلتي ستحصل على تعويض قدره 400 ألف دولار من 
الحكومة الأمريكية؛ ولكان باستطاعة زوجتي العمل لتوفير المعيشة ها ولابتتنا. لم تفقد 
عائلة سومر زوجاً وأباً فحسب» بل فقدت أيضاً مُعيلها الوحيد. في المناطق الريفية لقبائل 


135 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


البشتون لم يُسمع قط عن امرأة تعمل خارج منزهاء وهو أمر محرّم ثقافياً. أخبرني محمد أن 
اثنين من أبناء سومر سيرسلان إلى مدرسة دينية في فصل الخريف» وسيتوزع باقي أفراد 
العائلة على منازل الأقارب في القرية. 


المدارس الدينية هي مدارس إسلامية تلجأ إليها الكثير من العائلات الأفغانية 
الفقيرة لتوفر لأبنائها الملجأ والطعام وقدراً أساسياً من التعليم. ولكن الكثير من هذه 
المدارس الدينية أصبحت منذ أيام مقاومة المجاهدين LEW‏ السوفيتي في الثانينيات» تربة 
خصبة لجذب وتجنيد الشبان الأفغانيين البسطاء والمعزولين عن عائلاتهم. وقد استخدم 
كل من طالبان والحزب الإسلامي الأفغاني وشبكة حقاني هذه المدارس لتجنيد عدد لا 
يحصى من المقاتلين والانتحاريين. nae ES‏ على ألا أسمح بحدوث هذا لعائلة 
سومر: 

بعد عودتي من أفغانستان إلى الولايات المتحدة في خريف عام 2006ء أجريتٌ 
ترتيبات لإعالة عائلة سومر بمبلغ شهري من مالي الخاص يساوي راتبه من الجيش. لم 
يكن الأمر بسيطاًء نظراً إلى عدم وجود نظام بريدي في أفغانستان» وللفساد المستشري في 
نظامها المصرفي. فأي أرملة وحيدة Gad‏ سابق في الجيش الأفغاني ستكون فريسة سهلة. 
استغرق الأمر بعض الوقت» ولكنني في aE‏ المطاف عثرتٌ على مصرف صغير جدير 


اتخذث إجراءات احتياطية AL‏ زوجة سومر من استغلال رجال قريتها لوضعها؛ 
حيث سمحت فقط لأرملة سومر بسحب الأموال من الحساب با لا يتجاوز راتب سومر 
مرة واحدة في الشهر. وفي زيارة لاحقة إلى أفغانستان» استطعت سباع حديث زوجة سومر 
مع مترجم اتصل بها للسؤال عن أحوالها. قالت Lel‏ تعيش حياة الكفاف» ولكنها 
استطاعت إرسال ولديها وثلاث من بناتها إلى مدرسة علمانية. 


هذا يعني أن هناك فرصة لتحقيق حلم سومر في أن يوفر لأبنائه التعليم اللازم 
لإخراجهم من دائرة الفقر. لم أحاول قط أن أزورهاء لأن ذلك لن يؤدي إلا إلى تعريض 


136 


الفصل الثالث: ae eet Gals‏ الدورية والكمين 


حياتها هي وعائلتها للخطر. كل ما كانت تعرفه هو أن أمريكياً كان مع زوجها عندما مات 
يرسل ها المال. وقد أخبرت المترجم أن ولديها ينويان الالتحاق بالجيش مشل أبيهماء وأن 
بناتها يدرسن ليصبحن معلمات. Eas‏ سعيداً جداً بذلك» وقرّرتٌ حينها أن أستمر في 
إعالتهم بقية حياتي. 


Ces‏ موقناً أكثر من أي وقت مضى أننا سننشر الاستقرار في أفغانستان؛ عائلة 
عائلة وقرية قرية. ولكنني Lal Es‏ على قناعة أن ذلك Thy‏ جهوداً ضخمة من 
التحالف لزيادة فهمنا للشعب الأفغاني. سيظل من المهم العثور على الأشرار» ولكن هذا 
لن يكفي وحده. الأمر الأهم هو أننا بحاجة إلى تخصيص الوقت من أجل فهم مايدفع 
الأفغان إلى دعم eo jell‏ أو على الأقل التسامح معه» على المستوى المحلي. وبا أن الأسباب 
تختلف Les‏ من قرية إلى أخرى ومن واد إلى آخر في أفغانستان» فعلينا تخصيص قدر كبير 
من الوقت. 


137 


الفصل الرابع 


المستوصف ف أتشين .. معضلات التنمية 


وقفت سيارتنا المدرعة التويوتا لاند كروزر في خط السيارات الممتد عند نقطة 
تفتيش للشرطة على الطريق الشهير بين كابول وجلال آباد التي تعد خامس أكبر مدينة في 
أفغانستان» وهي المركز الحضري الوحيد الذي يعتد به في شرق كابول على الطريق إلى 
باكستان. ولألفي سنة كان هذا الطريق جزءاً أساسياً من "طريق الحرير" من أوروبا إلى 
الصين. لاحت المنحدرات التي تشبه الأودية على الجانبين بارتفاع مئات الأقدام فوق 
الطريق المتعرج الذي تم حفره في الجبل وبصعوبة يتسع لمرور مسيارتين جنباً إلى جنب. 
وبین| توقفت جميع السيارات أمامنا (من نوع تويوتا كورولا الموجود في كل مكان) عند 
نقطة التفتيش التابعة للشرطة: رأينا كل سائق يسلم رزمة صغيرة من أوراق (الأفغاني) 
النقدية الحمر للشرطي قبل أن يلوّح لهم بالمرور. لا بد من أن نقطة التفتيش تجمع 
عشرات الآلاف من (الأفغاني) على شكل "رسوم مرور" كل يوم. 


قال تود ونحن نتوقف: "السلام عليكم" وكانت المفاجأة واضحة على وجه رقيب 
الشرطة وهو ينظر إلى الشاحنة ويرى أربعة أمريكيين ملتحين في ملابس مدنية» وبنادق 
4 بين أرجلنا. "وعليكم السلام"» أجاب الشرطي بعد أن تعافى من الصدمة. كان هناك 
سكون مثقل. لم يكن مترجمنا معناء ولكن كانت الرسالة واضحة عندما رمقه تود بنظرة 
تقول: "لن تحصل على رشوة» لذلك لا تكلف نفسك عناء السؤال". تراجع رقيب 
الشرطة إلى الخلف وتجهّم وجهه ولوّح لنا بالمرور. ضحكنا كثيراً على الارتباك الذي كان 
على وشك أن يظهر عليه عندما أوقف سيارة الدفع الرباعي الماثلة لسيارتناء التي كانت 


وراءنا وفيها مجموعة من العرب وبنادقهم معهم أيضاً. 


139 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وقال تود مازحاً: "سيظن هذا الرجل يا إهي.. أن تنظيم القاعدة يعمل مع 
الأمريكيين الآن! ". كان تود رقيباً مهندساً مبتدتأ» وذكياً وسريع البديبة. ومسلياً لنا في 
وخلاتنا الطويلة بسر خد ASIA‏ 


كنا نقوم بمرافقة فريق للشؤون المدنية من دولة الإمارات العربية المتحدة من قاعدة 
باجرام الجوية إلى مديرية أتشين في مقاطعة جلال آباد. وتقع أتشين جنوب مدينة جلال 
آباد بمحاذاة جبال تورا بورا من الجنوب. كانت تورا بورا سلسلة الجبال التي استخدمها 
أسامة بن لادن كمخبأ في ديسمبر 2001 قبل أن يلوذ بالفرار في Ale‏ المطاف إلى باكستان 
جنوباً. وكانت المنطقة موطن قبيلة البشتون شينواري» ومركزاً رئيسياً لمقاومة المجاهدين 
في أثناء الاحتلال السوفيتي. كانت شينواري واحدة من أكبر القبائل في أفغانستان 
وأبرزهاء وهي تتألف بشكل أساسي من المزارعين والتجار وقد سكنت الكثير من 
المديريات في ولاية ننجرهار الشرقية الممتدة على الحدود مع باكستان. 


كانت مهمتنا في ذلك اليوم التوجه إلى مطار جلال LT‏ والقاعدة الجوية خارج 
المدينة» واستقبال حمولة طائرتين من المعدات الطبية. كانت القوات الخاصة لدولة 
الإمارات العربية المتحدة ملتزمة بالانتهاء من المستوصف الذي بدأه املال الأحمر في العام 
السابق. ويبدو أن الوضع الأمني في جلال آباد وأتشين قد تدهؤر إلى درجة أن JAA‏ 
الأحمر لم يعد يشعر بالراحة بإرسال موظفيه لإكمال المستوصف. وقد أشرفت معظم 
المنظمات غير الحكومية على التقارير الأمنية التابعة للأمم المتحدة والتحذيرات» وكانت 
بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان قد أبلغت عن ثلاثمئة حادث أمني في مارس 
6 ارتكبها مجرمون أو عناصر متمردة» وقد ارتفع عددها إلى نحو خسمئة حادث 
شهرياً بحلول سبتمير. ' 


قررنا جنباً إلى جنب مع فريق الشؤون المدنية لدولة الإمارات العربية idol‏ اتباع 
هج غير لافت للانتباه في أثناء سيرنا على الطرق المؤدية إلى موقع المستوصف OY Lead‏ 
تلك الطرق كانت مملوءة بشكل متزايد بالعبوات الناسفة. وبحلول عام 2006 كانت 


140 


الفصل الرابع: المستوصف في أتشين .. معضلات التنمية 


العبوات الناسفة قد أصبحت أكثر انتشاراً في أفغانستان» وذلك بسبب النجاح الذي لاقته 

مع المتمردين في العراق. كان الفارق كبيراً بين العراق وأفغانستان؛ فهناك طرق معبدة في 
العراق. ولأن معظم الطرق العراقية مغطاة بالإسفلت» اضطر المتمردون إلى إخفاء القنابل 
على جانبي الطرق» ومن ثم» هوجمت المركبات المارة بانفجارات من الجانب. بينها في 
أفغانستان» كانت تقريباً جميع الطرق ترابية» فيمكن للمتمردين دفن القنابل في منتتصف 
الطرق بحيث تنفجر مباشرة تحت السيارة. ومع أن العبوات الناسفة في أفغانستان كانت 
أقل عددا بكثير مقارنة بعدد العبوات الناسفة في العراق في عام 2006 فإنها كانت تيل إلى 
أن تكون أكثر فتكاً لأن التفجيرات تأتي من خلال نقطة الضعف في أسفل عربة الهامفي 
وليس من الجانبين المصفحين. ولزيادة الطين AL‏ فقد جعلتنا تدابيرنا الإلكترونية المضادة 
ضحايا نجاحنا. فقد كان التكتيك الأكثر شيوعاً للمسلحين هو تفجير العبوات الناسفة 
عن بُعد عند فتح GU‏ الخليوي أو المرآب. وحالما كانت سيارة التحالف تصبح بمحاذاة 
علامة بصرية مثل كومة من الصخور أو شجرة معينة» يقوم الأفراد المتمردون المختبئون 
على بعد مسافة» بإدخال رمز في الجهاز عن بعد لتفجير العبوة. ومع ALIS‏ وبحلول عام 
6 نشرنا بنجاح أجهزة تشويش منعت انتقال الإشارات مع مرور المركبات. ورداً على 
ذلك» قام المتمردون وغالباً ما كانوا أميين ولكنهم بارعون» بصناعة عبوات ناسفة تفجّرها 
الضحية. وكانت العبوات الناسفة الأكثر شيوعاً هي تلك التي تنفجر عن طريقة لوحة 
ضغط؛ حيث يقوم المتمردون بدفن المتفجرات في الطريق ووضع شفرتي منشار فوق 
بعضه| تحت الرمال مباشرة. وعندما تمر السيارة فوق شفرات المنشار» تلمس الشفرة 
العليا الشفرة السفلىء ما يؤدي إلى JESI‏ الدارة الكهربائية ومن ثم تنفجر العبوة الناسفة 
تحت السيارة مباشرةً ويكون أثرها مدمراً. وبفعل استخدامهم لوحات الضغط لم يعد 
تعاملنا مع هجمات العبوات الناسفة لحركة طالبان يعتمد على التخمين. ففي سنوات 
لاحقة كان التدبير المضاد الذي اتبعناه في مواجهة لوحات الضغط هو تركيب كاسحة 
ألغام ذات عجلات في مقدمة أول سيارة في القافلة» بحيث يتم تفجير العبوة الناسفة تحت 
عجلات الكاسحة وليس تحت السيارة. وكان رد المتمردين بسيطاً ورخيصاً؛ وهو: 
وضع المتفجرات على مسافة من شفرات المنشار تعادل المسافة بين عجلات كاسحة الألغام 


141 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


والمركبة بحيث تنفجر العبوة أسفل المركبة عندما تمر عجلات كاسحة الألغام على مفتاح 
الضغط. وكانت هذه التدابير والتدابير المضادة من قبل الطرفين تكلفنا المليارات» حيث 
ee ee‏ وقد أنفقنا 3.5 مليارات 
دولار على التدابير المضادة للعبوات الناسفة» في حين لم تنفق ف Rod Olde‏ بعص SAN‏ 


على الرغم من الخطر» قررنا الذهاب إلى جلال آباد في السيارات ذات الدفع الرباعي 
المدنية بدلاً من عربات الحامفي المدرعة أو OLS yo‏ التنقل البري المدججة بالمدافع الرشاشة. 
وبرغم أن سيارات الدفع الرباعي كانت مصفّحة» كنت أعلم أنه إذا ما ضربتنا عبوة 
ناسفة» فإن النتائج ستكون كارثية على كل من في الداخل. وبالإضافة إلى ذلك فإننا إذا 
وقعنا في كمين» فلن يكون هناك طريقة للقتال من داخل المركبات ولن تكون لدينا أسلحة 
آلية ثقيلة؛ ولن تكون لدينا سوى بنادق ومسدسات. ومع ذلك» وبشكل عام» كنت بالفعل 
أشعر بالأمان أكثر في سيارات الدفع الرباعي. لم تكن هذه السيارات من نوع "سوبربان" 
البيضاء أو السوداء اللامعة المستخدمة من قبل كبار الشخصيات الأجنبية للتنقل في جميع 
أنحاء كابول» بل كانت سيارات تظهر عليها الخدوش والانبعاجات كأي سيارة أفغانية» 
وكان زجاج نوافذها الجانبية HE‏ كا كانت صورة البطل الوطني الطاجيكي أحمد شاه 
مسعود الواسعة الانتشار» ملصقة على النوافذ الخلفية. 


وبلحانا والقمصان والسراويل الأفغانية التي يرتديها السكان الأصليون في جنوب 
آسياء استطعنا أن نظهر كموظفين من منظمة غير حكومية أو أي نوع آخر من منظمات 
المساعدات. كما ارتدينا سترات خفيفة مضادة للرصاص Le‏ تحت القمصان. 

لقد جعلنا السفر مع العرب واثقين بأننا أحدثنا ما يكفي من الارتباك لدى أي مهاجم 
محتمل» لتجنب وقوع حادث. وكان من المرجح أن رجال طالبان لن يضيعوا إحدى 
عبواتهم الناسفة الثمينة على بضع سيارات من الدفع الرباعي المهترئة. كان الاحتمال الأكبر 
هو أن يركزوا على قافلة كبيرة من العربات المدرعة» التي من شأنها أن تحقق للمتمردين الثناء 
من رؤسائهم عندما يعرضونها في شريط فيديو كدليل مسجل على المجوم. باختصار فإن 
اندماجنا - في رأيي - مع الأفغان المحليين كان أفضل شكل من أشكال الأمن. 


142 


الفصل الرابع: المستوصف في أتشين .. معضلات التنمية 





143 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وللأسف» تضاءلت قدرتنا ورغبتنا في اعتماد أسلوب تفادي الأنظار بدلاً من النهج 
التقليدي مع تصاعد العنف على مر السنين. وبحلول موعد فترة خدمتي عام 2009 كان 
ينبغي لأي عضو في العمليات يرغب في اتباع أسلوب أكثر سرية لعملية ماء أن يقدّم خطة 
المهمة للموافقة مسبقاً قبل الموعد بأسبوع إلى قائد القوات الخاصة في فرقة العمليات 
الخاصة المشتركة الموحدة. كانت أسباب القائد بسيطة: مع ارتفاع عدد الهجات بالعبوات 
الناسفة» أراد أن يضمن شخصياً أن تأخذ كل واحدة من مفارز العمليات ألفاء 
الاحتياطات المناسبة قبل الانطلاق في مهمة على متن سيارة غير مصفحة. وفي الواقع» 
كانت Gall‏ بحاجة إلى المرونة لتنفيذ هذا النوع من المهام بإشعار مسبق تقل مدته عن 
الأسبوع, ولم يكن لديا الأفراد اللازمون للإجابة على سيل الأسئلة القادمة من LS‏ 
الموظفين الذين كان عليهم إطلاع القائد. للأسف» توقفت معظم BA‏ عن السفر بشكل 
سري» الأمر الذي أعتقد أنه عرضهم لخطر أكبر» على المدى الطويل. وفي عام 2006« كنا 
بصفتنا قادة محليين» ما نزال نتمتع بالحزية SEY‏ هذه القرارات» وقد آتت أكلها. وعندما 
دخلنا مدينة جلال آباد في الطريق إلى مدرج الطائرات» استمعنا إلى اتصالات الأقمار 
الصناعية حيث تعرضت قافلة من عربات الحامفي والشاحنات لكمين على بعد نحو ساعة 
بالسيارة خلفنا بالقرب من نقطة تفتيش الشرطة عندما رفض تود دفع رشوة. لقدتم 
تدمير سيارتين وجرِحَ عدد من الرجال. 


قبل الذهاب إلى مهبط الطائرات» كنا قد رتبنا لزيارتين؛ الأولى كانت لفريق إعادة 
إعمار OLY SI‏ الأفغانيةء الذي كان مسؤولاً عن إدارة النشاطات الإنهائية في الولاية 
والعمل مع الحكومة المحلية. والثانية كانت زيارة للحاكم المعروف جول آغا شيرزاي. 

قبل أن نغادر قاعدتنا في باجرام» كنت قد سألت النقيب أسعدء قائد فريق الشؤون 
المدنية التابع لدولة الإمارات العربية المتحدة» OJ‏ كان هو أو فريقه قد نسقوا جهود تجهيز 
المستوصف مع فريق إعادة إعمار الولايات. وقال إنهم لم يقوموا بذلكء لكنه تساءل 
بصوت Sle‏ إذا ما كان الحلال الأحمر قد فعل ذلك في العام الماضي أو لا. تحققنا من الأمر 


144 


الفصل الرابع: المستوصف في أتشين .. معضلات التنمية 


مع مكتب JI‏ الأحمر في كابول» ولكن مثلهم - الذي كان فريق دولة الإمارات العربية 
المتحدة قد قام بالترتيبات السابقة معه لتولي مشروع المستوصف - كان قدغادر. dy‏ 
يوجد في المكتب سجلات متعلقة بالمستوصف باستثناء إيصالات من شركة الإنشاء 
الأفغانية المكلفة ببنائه. 


d‏ نجد أي معلومات على الإطلاق عن سبب اختيارهم إنشاء مستوصف أو 
الأسباب الكامنة وراء الموقع. كان هناك بعض المؤشرات نحو الجهود التي يتم تنسيقها 
مع الحكومة الأفغانية في مديرية أتشين أو مكتب وزارة الصحة في جلال آباد» ولكن عندما 
حاولنا الاتصال على الأرقام ونقاط الاتصال الُدرجة» كانت الخطوط خارج الخدمة. 
وهذا pel‏ مهم؛ حيث ALÍ‏ مدير المكتب أنه لم يُدرج في ميزانيته للسنة المقبلة خصصات 
لتشغيل المستوصف. وكان قد افترض أن الأفغان سيغطون هذه التكاليف حين) يتم بناء 
المستوصفء أو أن ا مستوصف سيكون قادراً على تغطية مصاريفه بنفسه من خلال رسوم 
المرضى. لم نكن مستائين أو متفاجتين Ob‏ موظفي الحلال الأحمر لم يحتفظوا بسجلات عن 
مشروع المستوصف. كان لدى أفغانستان احتياجات هائلة» ولكن عدم الاستمرارية 
الذي ظهر مع تغيير الموظفين كان شائعاً جداً. كان الوضع اعتيادياً بالنسبة إلى الكشير من 
المشروعات التنموية التي رأيناهاء ويمثل صورة مصغرة للأسباب التي تقف وراء استشار 
المجتمع الدولي للكثير في أفغانستان» وعدم تحقيق نتائج كثيرة من ذلك الاستثار. شجعتٌ 
أسعد وفريقه على الاحتفاظ بسجلات مفصّلة قدر الإمكان لمصلحة قوات المهام التابعة 
لدولة الإمارات العربية المتحدة في المستقبل» ومشاركتها مع كل من الحكومة الأفغانية 
ومقر التحالف. 

كان أسعد ذكياً جداً ويتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة بلكنة بريطانية خفيفة. وكان 
يخطط بشكل شامل» فقد كان فريق الشؤون المدنية قد استكشف أتشين الشهر السابق» 
وأكد موقع المستوصف وحالته. واكتشف فريقه أنه لا توجد أي معدات أو أي أحد من 
الأطباء العاملين في المنطقة. ولكن لحسن BLN‏ كان المستوصف ما يزال فارغاً؛ ما يعني أنه 


145 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


لا الشرطة المحلية ولا الوكالات الحكومية الأخرى قررت أن تستقرٌ فيه. فالمبنى الفارغ 
كان سلعة ثمينة؛ وأصبحت الكثير من المشروعات التي لم تكتمل ملجاً شتوياً لاعز القرية 
وأغنامهاء أو مكان إقامة لإحدى عائلات اللاجتين العائدين. 


على طول الطريق الطويل من كابول إلى جلال آباد» وما فيه من حطام صدئ 
لمركبات سوفيتية مدمرة» Come‏ الملل لتود والرجال بحديثي المفصّل عن السياسة» وعن 
تطوّر فريق إعادة إعمار الولايات وكيف ينسجم مع مفهوم أوسع لكيفية تسليم 
المساعدات في أفغانستان» والمشكلات في تنفيذ هذا المفهوم. تمّ تأسيس أول فريق لإعادة 
إعمار الولايات من قبل فريق الشؤون المدنية وعمليات القوات الخاصة في مدينة كرديز في 
عام 2.2003 وكان الهدف الأصلي للمفهوم مزدوجاً؛ أولاً كان لجمع الموارد من كل من 
الوكالات العسكرية والمدنية لتوفير آلية لإيصال مشروعات المساعدات خارج العاصمة 
كابول» وإلى الولايات والمناطق الريفية في أفغانستان. وثانياً المساعدة وتقديم المشورة 
وتعليم حكومات الولايات الجديدة. كانت الولايات المتحدة تأمل في انتقال السيطرة على 
المناطق الريفية من الزعماء المحليين إلى المسؤولين الحكوميين المحليين المنتخبين. وكان 
لفريق إعادة إعمار الولايات دور فعال في تقديم المشورة لهم في كيفية الحكم. 


تم استقبال الفكرة بشكل جيّد في واشنطن» وتم تأييدها بحماسة من الناحية 
النظرية» ولكن كانت هناك مشكلة كبيرة في تنفيذ فرق إعادة إعمار الولايات بسبب 
الصعوبة في إيجاد المزيج الصحيح من الخبراء المدنيين والعسكريين المتخصصين. كان 
Gul‏ الأصلي أن يتم إنشاء فرق dole]‏ إعمار الولايات من قبل فرق الشؤون المدنية التابعة 
للجيش» ثم تنتقل إلى أن تتم إدارتها بشكل كامل عبر خبراء إعادة الإعمار المدني» مع دعم 
من قبل الجيش لشؤون مثل النقل الجوي والأمن. وبحلول عام 2004 كان هناك إحباط 
متزايد في وزارة الدفاع الأمريكية بسبب الأعداد القليلة من المدنيين المعينين في S‏ إعادة 
إعمار الولايات. وقد أكدت وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية eel‏ 
ببساطة لم يكن لديا في مؤسساته| الأعداد اللازمة من الأشخاص. إلى de>‏ ما كان ذلك 


146 


الفصل الرابع: المستوصف في أتشين .. معضلات التنمية 


صحيحاً ولكن itl‏ الحقيقي كان أكثر تعقيداً. وكان جزء من أسباب عدم تقكن 
الوكالات المدنية من الحصول على ضباط وخبراء للذهاب إلى فرق إعادة إعمار الولايات» 
يتمثل ob‏ ذلك لم يكن جيداً لحياتهم المهنية. كان تكليف شخص للقيام بمهمة في السفارة 
في كابول المنعزلة عن تيار الحضارة سيئاً بها فيه الكفاية» ولكن العمل في فريق إعادة إعمار 
الولايات كان أبعد ما يكون عن المسار الطبيعي لترقية ضباط الخدمة الخارجية» وكذلك 
عن تمارسة الدبلوماسية التقليدية. وبالإضافة إلى ذلك» كان على الضباط الانتقال إل 
أفغانستان من دون عائلاتهم» وكان [slo‏ من العسير على وزارة الخارجية ملء المناصب 
الفردية في المناطق التي تتعرض لمشكلات صعبة» فضلاً عن ملء وحدات كاملة بخبراء 
مدنيين. وفي الواقع» فإن وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية قد تقلصتا بشكل كبير 
في العقود التي تلت حرب فيتنام» عندما كانت الوكالة الأمريكية للتنمية ووزارة الخارجية 
حينها قادرتين على نشر نحو ألف من المدنيين في الولايات والمناطق في فيتنام كجزء من 
برنامج التهدئة. وفي خطاب olaf‏ في عام 2009 دعا وزير الدفاع الأمريكي روبرت 
جيتس الكونجرس إلى توفير المزيد من الموارد لوزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية 
الدولة قائلاً: "عندما ES‏ الحكومة كان لديهم نحو 16 ألف موظف من الخبراء الذين 
تمت تعبئتهم» وكانوا معتادين العمل في ظروف غير آمنة في البلدان النامية» وفي جميع 
التخصصات: الهندسة الزراعية» وسيادة القانون» والتعليم. عندما عدت إلى الحكومة في 
عام 2006» كان لدى الوكالة الأمريكية للتنمية 3,000 موظف. وكانت وكالة مقاولات 


بشكل أساسي".3 


Late aim te yall Slo Ul gals ye il ll ole cll إل‎ BLEYL, 
تمكّنت وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية من شغل الوظائفء ذهبت الغالبية‎ 
العظمى إلى العراق بدلاً من أفغانستان. ومع ذلك أصر زملائي في مكتب وزير الدفاع‎ 
وهيئة الأركان المشتركة على تأكيد أنه كان بالإمكان توفير أكثر من فرد واحد لكل فريق‎ 
من فرق إعادة إعمار الولايات التي تعهدوا بها.‎ 


147 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


في ظل غياب الخبرة المدنية تولى الجيش المهمة في نهاية المطاف. وتضخمت فرق 
إعادة إعمار الولايات وأصبحت تضم ما بين ستين فرداً ومئة من الأفراد العسكريين تحت 
إمرة مقدّم. وكان القادة في الأصل» ضباط شؤون مدنية في الجيش» وهم خبراء في فن 
توفير التنمية المحلية في الأماكن الصعبة. ومع ذلك» dy‏ تطور بيروقراطي غريبء انتقلت 
قيادة هذه المنظمات إلى القوات البحرية والقوات الجوية. وني عام 2004 أرسل وزير الدفاع 
دونالد رامسفيلد توجيهاً إلى هيئة الأركان المشتركة في البتتاجون لإيجاد وسائل لزيادة 
مشاركة سلاح البحرية وسلاح الجو في > GIG‏ وأفغانستان» لتخفيف الضغط على 
الجيش ومشاة البحرية. وفيا لحق ذلك من التعيينات والتوظيف» قام شخصٌ مافي وزارة 
الدفاع الأمريكية بتغيير قيادة فريق إعادة إعمار الولايات والكثير من وظائف الدعم من 
الشؤون المدنية في الجيش» إلى مناصب مشتركة. تم اتخاذ هذا الإجراء في إطار فرضية أن 
مناصب فريق إعادة إعمار الولايات الأقل انخراطاً في العمليات القتالية يمكن أن يشغلها 
أي فرد من أفراد الخدمة العسكرية. كان ذلك مثالا تقليدياً على أمر بدا منطقياً في واشنطن» 
ولكنه تُفذ بشكل سيئ على أرض الواقع. في عام 2006 فوجئث عندما Ei ai‏ على طيار 
مقاتل في البحرية كان قائداً لفريق إعادة إعمار في ولاية أوروزغان المضطربة والمعقدة قبلياً. 
لقد كان هؤلاء القادة أشخاصاً طيبين» بيد أن الفكرة القائلة كانت أن قائد طائرة مقاتلة أو 
سائق غواصة هو شخص مدرب بشكل مناسب ولديه الخبرة المطلوبة لقيادة فريق إعادة 
إعمار الولايات والتعامل مع ديناميات التنمية ا معقدة والقبلية كانت فكرة حمقاء. كان هذه 
الفكرة [الخاطتة] المنطق نفسه الذي يأخذني - وأنا ضابط في القوات الخاصة بالجيش 
ومدرّب على التفاصيل الدقيقة للحرب غير النظامية في ثقافات العالم الثالث - لأقود 
غواصة في المحيط الحادي. 


لقد أضيفت مشكلة فترات الخدمة القصيرة إلى مشكلات محدودية الموارد 
والخبرات» فضلاً عن التدريب المحدود ما قبل التعبئة» وانفصال تسلسل القيادة بين القادة 
المدنيين والعسكريين داخل فرق إعادة إعمار الولايات. وفي العادة لم يكن لدى غالبية فرق 
إعادة إعمار الولايات ما يزيد على ضابط واحد من وزارة الخارجية» وآخر من الوكالة 


148 


الفصل الرابع: المستوصف في أتشين .. معضلات التنمية 


الأمريكية للتنمية الدولية» ويمكن لعدد قليل من هذه الفرق أن يكون لديه ممثل من وزارة 
الزراعة أيضاً. قبل عام 2006 لم يكن هناك برنامج تدريب داخل وزارة الخارجية لإطلاع 
الضباط على الديناميات المعقدة للولايات المسندة إليهم حول مسؤولية إعادة إعمارهاء أو 
على أفضل طريقة للعمل مع الجيش. وكثيراً ما ظهر col al‏ ثياتهم حسنة وليس لديم أي 
توجيهات سوى "الذهاب إلى فريق إعادة إعمار الولايات". وبا أن الوكالات المدنية لا 
يمكنها أن تجبر موظفيها على الذهاب إلى مناطق صعبة» فقد بدأت بتشجيع الأفراد على 
مغادرة الأمان النسبي في كابول عن طريق IAI‏ من فترات خدمتهم في الولايات إلى تسعين 
يوماً أو 120 by‏ فقط. وني حين ساعدت فترات الخدمة القصيرة على ملء الشواغر» فإن 
جيع الذين خدموا في أفغانستان يتفقون على أن الأمر يستغرق ستة أشهر على الأقل لفهم 
تركيبة السلطة الأفغانية المحلية المعقدة في أي موقع معيّن» فضلاً عن بناء علاقات قوية مع 
السكان المحليين. إن الافتقار إلى التدريب قبل الانتشار وقصر فترات الخدمة» حدًا بقدر 
كبير من فعالية فريق dole]‏ إعمار الولايات» والمشاركة الفعالة مع الأفغان. 


وما تسبب في تفاقم المشكلة هو حقيقة أن التدوير المستمر للموظفين إلى أن تصادف 
الموهبة المناسبة مكانهاء أسفر عن خسارة مستمرة للذاكرة المئؤسسية والعلاقات مع 
الأفغان. لم يكن هناك أي سجلء سواء في وزارة الدفاع الأمريكية أو في القيادة المركزية 
الأمريكية» أو في الوكالة الأمريكية للتنمية» أو المقر الرئيسي للموقع يمكن أن يفيد قائداً 
بارزا أبن coe LU Ul pl cal‏ وق أى من te‏ وعات gh by Le Vy GEM‏ 
مدى زمني. وعلى الرغم من أن فِرّق إعادة إعمار الولايات وغيرها من الكيانات التي GES‏ 
أموال dole]‏ الإعمار تتعقب مشروعاتها Bog doe‏ فقد تم فقدان البيانات المتراكمة في 
كثير من الأحيان وعلى مر السنين مع تبدّل الأفراد والوحدات. في عام 2009 أسر لي نائب 
قائد فريق إعادة إعمار الولايات في خوست أنه عندما تولى مهامه لم يكن بإمكانه تحديد 
جميع المشروعات التي تم تنفيذها من قبل مَنْ سبقوه في مقاطعة خوست (Lab‏ منذ 
تأسيس فريق إعادة إعمار الولايات في عام 2003. وقد هز برأسه وهو يخبرني عن ملازم 
مسكين كانت مهمته الوحيدة السفر في الولاية وبصحبته كاميرا ونظام تحديد المواقع 


149 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


العا لمي GPS‏ لتحديد مواقع المشروعات السابقة وتصويرها للتأكد من وضعها الحالي؛ 
وكاد يُقتل مرتين تقريباً بعبوات ناسفة في أثناء محاولته معرفة أين أنفق فريق إعادة إعمار 
الولاية المال على مدى السنوات السابقة. وقد تأخر أمر مراقبة تلك الأموال حتى عام 
8 عندما قام الجنرال دوغلاس لوت المعروف بلقب "قيصر الحرب" في أثناء إدارة 
بوش بالبدء بعقد مراجعات شهرية للموارد في البيت الأبيض» في محاولة لتحديد أين GAS‏ 
دولارات وزارة الدفاع والمساعدات في أفغانستان» وما الذي حققته الولايات المتحدة من 
إنجازات مقابل النفقات AGI‏ إن إحدى نتائج المراجعة الاستراتيجية للحرب الأفغانية 
التي قامت بها إدارة بوش بقيادة لوت كانت توجيه كل وكالة لتطوير قاعدة بيانات واحدة 
تسجّل فيها جميع مشروعات إعادة الإعمار التي بدأت حتى تاريخه. 


وما أسهم بشكل كبير في جهود الإغاثة الجارية أيضاًء وإن كانت غير فاعلة؛ أن 
تسلسل القيادة كان مقس بين المدنيين وأفراد الجيش في فِرّق إعادة إعار الولايات. كان 
المدنيون يتبعون مباشرة رؤساءهم في السفارة» في حين كان أفراد الجيش يتبعون قائد 
إيساف في المنطقة. وغالباً ما تغلبت الشخصيات ذات النزعة التعاونية على نقص التنسيق 
المتأصل في تسلسل القيادة المنفصل» وجعلت الأمور تنجح. ولكن في بعض الأحيان أدى 
تقسيم القيادة إلى خلافات كبيرة بشأن أولويات فريق إعادة إعمار الولايات» وأرسل ذلك 
الوضع رسائل مختلطة لنظرائهم في الحكومة الأفغانية. وبالإضافة إلى ذلك» ولأن الجيش 
وفر الأغلبية العظمى من الموظفين والدعم وجميع القدرات الأمنية» كان لقائد فريق إعادة 
إعمار الولاية نفوذ غير عادي في قضايا إعادة الإعمار. ولقد لاحظت في مناسبات عدة 
الاحتكاك بين قادة فريق إعادة إعمار الولايات والمستشار السياسي لوزارة الخارجية (ob‏ 
يتعلق بِمَنْ لديه الأولوية في التعامل مع القيادة الإقليمية الأفغانية. في أوروزغان» على 
سبيل المثال» لم يؤيد قائد فريق إعادة إعمار الولاية الضغط على الرئيس كرزاي لإزالة حاكم 
الولاية السيئ السمعة» جان محمد OLE‏ كان تردد القائد مفهوماً؛ حيث إن OLE‏ كان 
يحكم الولاية بقبضة من حديد» ووفر منطقة آمنة نسبياً لتزدهر فيها olde‏ غير 
الحكومية» Lao‏ بقوة الغارات التي حاولت طالبان القيام مها. ومع ذلك» أكد المستشار 


150 


الفصل الرابع: المستوصف في أتشين .. معضلات التنمية 


السياسي أن القمع الوحشي من قبل خان للقبائل التي يعتبرها متحالفة مع طالبان قد 
ساعد في تعزيز عودة التمرد. وقال إنه (ey‏ قد يؤدي الضغط على كرزاي لإزالة خان إلى 
تراجع في الوضع الأمني في المدى القصيرء فإن تحسين الحكم اللائق سيكون فوزاً على 
المدى الطويل للولاية وللصالح الولايات المتحدة. لقد أرسل هذا الحلاف إشارات 
متضاربة إلى كابول» ومن ثم تأخرت إزاحة خان. 


أبرزت ندرة المدنيين في الولايات مرة أخرى عيباً أساسياً في قدرة الولايات المتحدة 
على القيام ببناء الدولة في خضم الصراع الدائر. وشملت القضايا الأساسية سوء تنسيق 
استراتيجي بين السلطات والموارد والخبرات. وباختصارء فإن الخبرة للقيام ببناء الدولة 
(الزراعة» والمياه» والكهرباء وسيادة القانون.... إلخ)» كانت موجودة لدى الوكالات 
المدنية التابعة لنا فقط . إلا أن تلك الوكالات نفسها ليس لديا القوى العاملة أو التمويل 
للعمل في مكان مثل أفغانستان. لم يكونوا مصممين» ولم تكن لديم القدرة على أن يقوموا 
بالتدخل السريع» أو العمل في خضم منطقة حرب هي بحاجة إلى نشاطات إعادة إعمار 
Lal‏ بالطبع يمكن لجيشنا أن يعمل في مثل هذا المكان ولكنه يفتقر إلى مشل هذه الخبرة 
التخصصة في بناء الدولة. لم يكن الرقيب أو النقيب من الكتيبة 82 المحمولة جوا مدربا في 
الإدارة الحضرية» أو الصناعات الزراعية» أو تربية الحيوانات» أو علم المياه. كنا غالباً ما 
ترك مع أقل الخيارات سوءاً لنختار إما وجود عدد قليل جداً من المدنيين للقيام هذه 
المهمة» وإما وجود جندي سيّى التدريب يحاول فهمهاء وإما أن نتجه نحو المتعاقدين» 
وهو بديل كان في كثير من الأحيان مكلفاً جداً. 

وكثرت الأمثلة على هذا الانفصال الأساسي في مجالات مثل تدريب الشرطة» 
ومراقبة الحدود. وإصلاح نظام العدالة. وكانت لدى وزارة الخارجية السلطة 
والصلاحيات التي يمنحها الكونجرس» والخيرة الداخلية لتدريب قوات الشرطة 
الأجنبية في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك فلم يكن بإمكانها أن توفر وتنقل أعداداً من 
مدربي الشرطة» أو أن توفر كميات من المعدات اللازمة لإنشاء قوة شرطة بالمستوى 
الذي تدعو إليه الحاجة في أفغانستان» فضلاً عن أن تتمكن من عمل ذلك بين تحاول أن 


151 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


تفعل الشيء نفسه في العراق. ونتيجة لذلك كان لا بد من التعاقد الخارجي للقيام بالكثير 
من الجهد وبنفقة كبيرة وبرقابة حكومية قليلة. في نهاية المطاف سمح الترقيع البيروقراطي 
والبراعة لوزارة الدفاع بتنفيذ هذه المهمة في العراق وأفغانستان» لكنها اتخذت المقعد 
الخلفي في مهمة تدريب الجيش الأفغاني والعمليات القتالية. وبالمثل» كنا بحاجة إلى تزويد 
الحكومة الأفغانية بالخبراء لمساعدتها على البدء في عملية السيطرة على حدودها التي 
يسهل اختراقهاء والذي من شأنه أن يؤدي إلى تحقيق المزيد من الدخل. إن الرسوم 
الجمركية التي يتم جمعها على المعابر الحدودية تمثل أكبر مصدر لإيرادات الحكومة 
الأفغانية» إلا أن جزءاً صغيراً منها يصل فعلاً إلى خزائن الحكومة المركزية. كانت خبراتنا 
في مراقبة الحدود والقدرة على تحقيق أقصى قدر من الإيرادات الجمركية موجودة داخل 
وزارة الأمن الداخلي والجمارك وحماية الحدود. أرادت قيادة الأمن الداخلي المساعدة في 
أفغانستان» ولكن هجوماً آخر على الولايات المتحدة وقضايا مراقبة الحدود بعد 11 
سبتمبر منعت ذلك؛ حيث حازت هذه القضايا أولويات أعلى وبشكل مسوغ. وبالمثل» 
امتلكت وزارة العدل ووزارة الخارجية القدرة على تدريب القضاة والمدّعين العامين 
الأفغانيين وتوجيههم» وتعهدت بتوفير المدربين من خلال برنامج GUS‏ المدّعين العامين 
الفيدراليين. ومع ذلك» فإن معظم موظفي وزارة العدل في الواقع لم يقبلوا الانتقال إلى 
منطقة القتال لفترات ab gb‏ فحتى الحصول على الأعداد اللازمة من المدربين المؤهلين 
كان شبه مستحيل. لقد أسهمت كل وكالة. بم في ذلك مكتب التحقيقات الفيدرالي 
والشرطة القضائية الأمريكية» بكل ما في وسعها. وني النهاية» كان من هؤلاء من هو برتبة 
رقيب أو ملازم» أو من المدربين كرجال مدفعية أو ضباط مشاة» ووجدوا أنفسهم في 
مناطق نائية يحاولون التعامل مع هذه القضايا بأفضل ما أمكنهم. 

هذا الانقسام بين وجود الخبرة اللازمة في الوكالات المدنية التابعة لناء وقدرة جيشنا 
على العمل في منطقة القتال كان أكبر منا جميعاً. ويكمن الحل في تشريعات إصلاحية 
واسعة النطاق على غرار قانون الكونجرس جولدووتر- نيكولز في LES‏ الذي أجبر 
الجيش والبحرية والقوات الجوية ومشاة البحرية على العمل بشكل مشترك. وثمة حاجة 


152 


الفصل الرابع: المستوصف في أتشين .. معضلات التنمية 


إلى جهد ple‏ لإجبار الجيش ومختلف الوكالات المدنية على العمل لمصلحة بعضهم بعضاً 
وليس مع بعضهم بعضاً فقط. ولقد فعلنا ذلك من قبل مع برنامج دعم العمليات المدنية 
والتنمية الثورية في فيتنام. وني إطار ذلك البرنامج» كان الجيش» وموظفو وزارة الخارجية» 
والضباطء والوكالة الأمريكية للتنمية يتبع بعضهم بعضاً بدءاً من المديريات المختلفة 
وصولاً إلى قائد الموقع في إطار تنفيذ جهد موحد بهدف إلى تحقيق نتائج طيبة. للأسف لم 
يتم تنفيذ البرنامج بشكل كامل حتى تمت خسارة الحرب في الداخل سياسياً. لقد كنا 
بحاجة ماسة إلى نظام وحدة قيادة ماثل» بالإضافة إلى توحيد الجهود في أفغانستان قبل أن 
تفقد الدعم المحلي أيضاً. 


إن غياب البيانات وسلسلة القيادة المدنية والعسكرية المفككة عكست قضية أكبر 
من ذلك بكثير: وهي عدم وجود استراتيجية تنمية شاملة للتحالف. لقد بذلت المنظمات 
غير الحكومية المحلية» ومنظمات التنمية الدولية الكبيرة» pte‏ البنك الدولي والمهلال 
GAN‏ والوحدات العسكرية مع صناديق التنمية السريعة التأثير» جهوداً هائلة ليكون ها 
تأثير في تحسين حياة الأفغان. ولكن هذه الجهود مجتمعة لم تحقق النتيجة المرجوة منها SL‏ 
شكل من الأشكال. إن انتقال الأمر من الولايات المتحدة الأمريكية إلى حلف شمال 
الأطلسي في عام 2006 أدى إلى قيام أكثر من عشر دول بإدارة فِرّق إعادة إعمار الولايات 
الأفغانية.* وكان التطوع لقيادة فِرّق إعادة إعمار الولايات قد سهّل على وزراء الدفاع 
الأوروبيين إقناع برلماناتهم والدوائر الانتخابية المتشككة في أن توافق على الإسهام بالقوات 
القتالية التقليدية. وضمن حرص الحكومتين الأمريكية والأفغانية للحصول على كل ما في 
وسعهم| من إسهامات لجهود بناء الأمة» قبلتا تقريباً بأي إسهام عرض ول تحاولا إعادة 
إدماجها ضمن استراتيجية شاملة» خشية الظهور Leb‏ قلي على الآخرين طبيعة 
الإسهامات. أو تعمل على إخافة الجهات المانحة. وني غياب الاستراتيجية» مضى كل 
مساهم GLE‏ مشروعات حسنة النية» مع عدم وجود سلطة عامة أو خطة توجيهية 
لتنسيق أو مزامنة الجهود. 


153 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وبالنسبة إلى الكثير من هذه المنظمات» فإن مجرد إنجاز المشروعات يعني النجاح. 
وعلى اعتبار أن خدمتي كانت ميدانية» واختبرت بنفسي مدى صعوبة الأمور في 
أفغانستان» فقد فهمثٌ وجهة نظرهم. وإذا ما وضعنا الاستراتيجية الأوسع جانباء فإن 
إنجاز المشروعات المنفردة وإدخالها حيز التشغيل Lal‏ كان عملاً صعباً بشكل لا يصدق. 
كان هناك قول مأثور في مجتمع التنمية: "كل شيء في أفغانستان أصعب بمرتين» وكلفته 
أعلى بمرتين» ويحتاج إلى زمن أطول بمرتين ما هو خطط له". فإن بنيت المدرسة» فلن 
يكون لا أي معلمين. وإن عثرت على المعلمين» فلن يكون لديهم أي مواد. وإن حصلت 
على المعلمين» والكتب» واللوازم» والمنشأة» فسوف تجد أن الطلاب يخافون من المتعاطفين 

wage, a 7‏ 2 
بإرسال الطلبة» فستقوم طالبان في الأسبوع المقبل بتفجير كل شيء. أو تخويف المعلمين 


ومع ذلك» ومن منظور استراتيجي أوسع» كان لدينا التزام بصفتنا صانعي 
سياسات في واشنطن أن نضيف نوعاً من التركيز الجغرافي أو القطاعي على جهود 
التنمية التي نبذها. وكان مسؤولون رفيعو المستوى من مختلف الوكالات» يأتون 
باستمرار pad‏ الاجتماعات في البيت الأبيض ومعهم قوائم البرامج التي قاموا 
بتمويلها. وقد شملت هذه القوائم عادة النسب المئوية للأموال التي صرقّتء أو حالة 
إكمال المشروعات كمقياس للنجاح: إنشاء سبعة عشر مركزاً لتمكين المرأة؛ وتشييد 
1 مدرسة ومستوصفاً طبياً؛ وتعبيد 1,830 كيلومتراً من الطرق.* وكانت هذه 
الإنجازات مهمة» لكنها كانت مجرد مدخلات. ومن خلال وجودي في الميدان» كنت 
أعرف أن هذه المشروعات كانت WE‏ ما تكون مختلفة كثيراً: مراكز المرأة والعيادات 
باجم من قبل المتطرفين؛ المدارس من دون مدرسين؛ رجال الشرطة بيجرون 
مواقعهم؛ الطرق لا يمكن للحكومة أن تتحمّل نفقة صيانتها. Co jb‏ هذه النقاط على 
رؤسائي في البنتاجون» لكنهم شعروا بأنه ليس بإمكانهم فعل الكثير لفرض استراتيجية 
أو مقاييس أكثر دقة على مجتمع التنمية الدولي. 


154 


الفصل الرابع: الممتوصف في أتشين .. معضلات التنمية 


نوقشت هذه المسائل في مجموعات العمل المشتركة بين الوكالات» حتى في 
اجتماعات البيت الأبيض الأكثر رصانة. هل كان يجري بناء المشروعات بشكل te‏ 
مع محور الاهتمام الأمني للجيش؟ وهل كان هناك تنسيق بين البرامج؟ وكيف كان يمكن 
للحكومة الأفغانية استدامة هذه المشروعات؟ وهل كان بناء محكمة جديدة في برنامج 
قطاع العدل يتم بالتنسيق مع المواقع؛ حيث كان يتدرب أفراد النيابة العامة؟ وهل كانت 
تلك الجهود تتم بالتنسيق مع نشر وحدات الشرطة المدربة حديثاً بحيث كان لدينا ممج 
شامل ol‏ القانوق#غادة ما gas‏ جا عل yp nt E‏ الس يق Op Shy‏ 
التوجه الاستراتيجي أكثر وضوحاًء ولكن لم يحدث تغيير يذكر قبل الاجتماع اللاحق. 


بحلول عام 2007ء تولى مسؤولو كل من وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية 
للتنمية الدولية في كابول مهمة شاقة لمساعدة نظرائهم الأفغان عبر وزارات عدة» للخروج 
باستراتيجية التنمية الوطنية الأفغانية. وعلى الرغم من أنه طال انتظارهاء فإنها كانت على 
شكل قائمة بالاحتياجات أكثر من كونها استراتيجية. ومع ذلك» فقد كانت بداية 
أساسية» والأهم» أنه كان يقودها الأفغان. وبحلول موعد فترة خدمتي في وقت لاحق 
من عام 2009 كانت بعض مجالس التنمية المحلية العاملة مع فِرّق إعادة [ce]‏ الولايات 
تشير إلى استراتيجية التنمية الوطنية الأفغانية كمرجع عندما كانوا يحاولون ترتيب 
أولويات ميزانياتهم الضئيلة وطلباتهم من المجتمع الدولي. على الأقل كانت تلك خطوة في 


الاتجاه الصحيح. 


كان المستوصف في أتشين صورة مصغرة من التحديات والمشكلات المرتبطة 
بمحاولة إعادة بناء بلد مدمر وصعب مشل أفغانستان. وكان قد تم الانتهاء من بناء 
المستوصف ولكنه Ib‏ مهملاً لأكثر من سنة؛ وكان بحاجة إلى الكهرباء والمعدات الطبية 
والأجهزة» وبالطبع» إلى الأطباء والممرضين والموظفين. لم تكن لدينا أدنى فكرة لتم 
بناؤه؟ أو لماذا وقع الاختيار على هذا الموقع بشكل خاص؟ لم تكن لدينا أي فكرة أيضاً عن 
كيفية استمراريته واستدامته حين يتم تجهيزه وتعيين كوادره. لم نتمكن من الاتصال بأي 


155 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


من الأطراف المعنية بالمستوصف. كانت بعثات مثل بعثتنا لتجهيز المستوصف في أتشين 
تجوب جميع أنحاء أفغانستان بآمال كبيرة ولكن بنفقات هائلة من الدم والمال. وللأسفء لم 
يتم تنسيق الجهود لتدفع أفغانستان في اتجاه استراتيجي معيّن. ومع ذلك مضينا LIS‏ 
واعتزمنا إحداث فرق في الجزء الضئيل الموكل إلينا من الحرب. 


كان فريق إعادة إعمار الولايات لجلال آباد يقع في أحد الفنادق القديمة التي كانت 
بمنزلة موقع قضاء إجازة للجنود الروس في الثانينيات من القرن الماضي. كان الفندق في 
مجمّع عسكري أفغاني على الطريق من مطار جلال آباد» وتحيط به باحات الزهور والنباتات 
الرائعة التي CE‏ مشهداً غير واقعي أشبه بالخيال من المساحات الخضر OSV‏ 
مقارنة بالأخاديد بنية اللون المحيطة بالطريق بين كابول وجلال آباد» والفوضى القذرة 


قال الرائد ديفيس» ضابط عمليات dole]‏ إعمار الولايات لفرينق جلال (ay oll‏ 
كان يجلس على الطاولة في مركز عملياته: "لم أسمع قط بمشروع مستوصف في أتشين» 
وأنا هنا منذ تسعة أشهر". وأوضح النقيب أسعد سبب موقع المستوصف وما كان يعرفه 
عن الجهود التي تتم برعاية الهلال الأحمر. 


سألت: "هل لديك أي سجل لمشروعات الملال الأحمر في الولاية؟» أي شيء من 
شأنه أن يشير إلى سبب إنشاء المستوصف في أتشين؟ أو مَنْ كان وراء بنائه هناك أيضا؟ 
هل تعرف إذا كان لدى مدير صحة الولاية التمويل لدعمه» أو إذا كان يوجد في جلال آباد 
ما يكفي من الأطباء أو الممرضات المستعدين للسفر إلى أتشين للعمل هناك؟". 


"لقد تعمّد مكتب الملال الأحمر المحلي أن يبقى بعيداً عنا من أجل BLL‏ على 
حياديته. ليس لنا أي صلة بمشروعاتهم؛ وهم يريدون ذلك بهذه الطريقة"» أجاب 
ديفيس. لم يكن لهم أي ذنب؛ فقد كانت هذه هي العقلية المشتركة بين معظم المنظمات غير 
الحكومية. فثقافتهم» وميثاقهم في كثير من الحالات» يملي عليهم ألا يعطوا أي إيحاء pef‏ 


156 


الفصل الرابع: المستوصف في أتشين .. معضلات التنمية 


يقفون إلى جانب طرف ما في الصراع. إنهم يخشون أن ينظر إليهم على wel‏ يتعاونون مع 
جهود التحالف» ومن ثم يصبحون هدفاً لحركة طالبان. ومن وجهة نظر المنظهات غير 
الحكومية» هم في أفغانستان للمساعدة في تحسين حياة الشعب الأفغاني» وليس ليأخذوا 


موقفاً في الحرب. 


"أنا حقاً ليس GU‏ أي معلومات جيدة لكم يا رفاق"» وتابع ديفيس: "إن حكومة 
الولاية لديها أكثر من ثمانين منظمة غير حكومية مسجلة للعمل في هذه الولاية» وبعضهم 
يتحدثون إليناء وأغلبهم لا يتحدثون". وبالإضافة إلى ذلك فإن المنظمات الدولية 
الكبرى» مثل: البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي» تنشط جداً عند معبر الحدود في 
تورخام. ونحن نجتمع معهم بشكل منتظم» ولدينا بعض الرؤية عن جهودهم» لكن ليس 
لدينا أي سلطة لكي نقوم بتشكيلهم أو توجيههم في اتجاه ختلف. وبالطبع لدى الأفغان 
مشروعات Lat‏ يقومون بتمويلها من الجهات المانحة التي تضخ الأموال من خلال 
وزاراتهم. لدينا علاقة جيدة مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية؛ ممثلنا الجديد جاد فع 
وينسق بشكل جيد مع الأفغان. وهذا أمر هائل؛ إذ أمضى المندوب السابق من الوكالة 
الأمريكية للتنمية الدولية هنا تسعين يوماً وم يفعل أي شيء da SE i yo ge JIS.‏ 
والزراعة في إجازة حالياً. من اللطيف الحصول على الراحة والاستججام كل ثلاثة أشهر أو 


أربعة! 


قال seis‏ "وبالأضنافة إلى هذا كله تن تيحاول أن تحط Gilson (be‏ 
المشروعات الأصغر حجاً التي كانت تقوم بها وحدة المشاة ومفارز العمليات ألفا التابعة 
للقوات الخاصة". وأضاف قائلاً: "إنها فوضى؛ الجميع يعملون بجد ولكنهم يفعلون 
أموراً خاصة pe‏ ولكن فريق إعادة إعمار الولايات يشرف على جميع مشروعات 
التحالف في الولاية» وسوف يود قائدي أن يتشاور معكم قبل المضي قُدُماً. سيعود من 
كابول في غضون يومين. وبالإضافة إلى ذلك» فإن الطريق الرئيسي المؤدي إلى أتشين 


الذي تسلكه عربات الهامفي بدأ يصبح روا os (gets‏ قان ناوات LOU‏ 


157 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


لبعض المهندسين في أثناء محاولتهم تعبيد جزء من الطريق؛ عليكم الانتظار حتى ننظّم 
لكم سلسلة من إجراءات الحاية قبل ذهابكم إلى أتشين. أعتقد أن القائد لن يعترض على 
المضي GL‏ المشروع» ولكن فصيلة الحاية لدينا ستعود إلى الوطن» لذلك لن تخرج 
ol‏ بعثات لبضعة أسابيع حتى يستعد الفريق الجديد". 


كان في استطاعتي رؤية التوثّر لدى أسعد؛ إنه بحاجة إلى تصريح من فريق إعادة 
إعمار الولايات» وسيتعيّن عليه الانتظار. SSL‏ قائلاً: "أعتقد أن هذا لا يناسبناء 
سيدي؛ هؤلاء الرجال لديم تعلييات من قيادتهم العليا OL‏ يضعوا تلك المعدات الطبية 
موضع الاستخدام في الأسبوع المقبل» والعودة إلى قاعدتهم في باجرام. |S‏ يمكننا تنفيذ 
ثلاثة مشروعات أخرى خلال الأسابيع التي تقول لنا إننا بحاجة إلى أن ننتظرها ريثا 
تستعد فصيلة الأمن". 


رد ديفيس: UI"‏ لا أحاول أن أقف في طريقكم» ولكننا نحاول أن نحقق بعض 
التماسك لجميع أعمال الإغاثة المستمرة» وسوف نكون نحن مسؤولين من وجهة نظر حماية 
القوات. وسوف يكون علينا أو على كتيبة المشاة في مهبط جلال آباد أن نقوم بإنقاذكم إذا 
ما تورطتم في أمر ما هناك. وسوف يكون علينا أن نقدّم الشرائح (باور بوينت) كافة لقوة 
الرد السريع واعتمادها من خلال سلسلة القيادة في باجرام قبل أن تذهبوا. أنا أبلغكم أن 
قائدي سيعترض على الأمر لدى فرقة العمل المشتركة إن ذهبتم إلى هناك من دون 


oes 


موافقته 


يمكنني أن أتعاطف LE‏ مع رغبته في تحقيق نوع من النظام ئات المشروعات 
التنموية حول الولاية. ها نا ذا أسهم في الشيء ذاته الذي كنت أنتقده في واشنطن: دول 
التحالف تنفذ جداول أعمال التنمية الخاصة بها بشكل مستقلٌ عن أي خطة شاملة. لكنني 
كنت أعرف أن الإماراتيين لن ينتظروا أيضاً. وكان لدى أسعد أوامره من سلسلة قيادته 
ولم يكن ليتلقى الأوامر لا من فريق dole]‏ إعمار الولايات ولا من رؤسائهم في فرقة العمل 
المشتركة في باجرام» كما أنني لم أتعاطف على الإطلاق مع حجة ديفيس لحاية القوات. 


158 


الفصل الرابع: المستوصف في أتشين .. معضلات التنمية 


فمثل هذا التفكير التقليدي هو ما at‏ المشكلة أكثر he gen‏ من وجهة نظري» ويُعرّض 
حياة جنوده للخطر؛ حيث يجعل من السهل التنبؤ بالطرق التي يسلكونها والحجوم عليهم. 


EG‏ "سوف نسلك الطرق الخلفية بسيارات الدفع الرباعي وسنحاول السفر 
"A‏ اتسعت عينا الرائد على فكرة أننا لم نكن ننوي فقط السفر من دون فصيلة الأمن 


وعند رؤية رد فعله الأول قلت: "سيديء هناك طريق واحدة فقط لعربات 
الهامفي من مديرية أتشين وإليهاء ونحن لن نستخدمها ذهاباً وإياباً لأنه يمكن أن نقع في 
كمين أو نُضرب بعبوة ناسفة. بالسفر في سيارات الدفع الرباعي المدنية يمكننا أن نسلك 
درباً ختلفاً أو وادياً في كل مرة» ويمكن أن نختلط مع حركة المرور الأفغانية المحلية. إن ما 
ستفعله فصيلة الأمن هو أن تعلن LLU‏ أننا قادمون وتجعلنا هدفاً. كا Lal‏ ستقوم بتسليط 
الضوء على المستوصف وأي شخص يرتبط به لدى Goh‏ من مناصري طالبان في المنطقة. أنا 
لا أريد أن أكون Gal‏ ولكنني أخمن أن SB‏ الشؤون المدنية لديك» تحاول إثبات النقطة 
نفسها عند محاولتها الإشراف على مشروعاتها. لقد تعاملت مع فريقين من فرق إعادة 
إعمار الولايات الأخرى حتى OW‏ خلال فترة الخدمة هذه» وجميعهم محبطون للغاية بسبب 
جميع القواعد التي تمنعهم من القيام بعملهم". 

"في الواقع» قاموا بذلك". أقرٌ الرائد» ولكنه أضاف: "لا يخرج أحد خارج هذه 
الأسلاك إلا إذا كان في قافلة من أربع عربات هامفي مع قوة للرد السريع في وضع 
الاستعداد. ليست هذه قواعدي". 


قلت بإصرار: "سيدي» إليك بيت القصيد» هؤلاء الرجال سيسلمون شحنات 
عدة من التجهيزات الطبية إلى المستوصف في أتشين وعليهم تشغيلها. ومهمتي أن أذهب 


معهم Oly‏ أساعدهم قدر استطاعتي. سنقوم بالاتصال بمفرزة العمليات ألفا في المهبط إذا 
كنا بحاجة إلى مساعدة". 


159 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


كانت ابتسامة النقيب أسعد عريضة. واكتشفت في وقت لاحق أن قصة "وقوفي" 
في وجه الرائد نيابة عن الإماراتين وصلت إلى فريق القوات الخاصة التابع لدولة 
الإمارات العربية المتحدة. وعلى الرغم من أن القصة كانت تحوي نوعاً من المبالغة» فإنني 
غضضت النظر عن US‏ فلقد صنعت المعجزات لعلاقتنا. 


كانت المحطة اللاحقة مجمّع حاكم الولاية جول آغا شيرزاي. قادنا أحد مساعديه 
إلى حديقة مشذبة the‏ تحيط بأكبر نافورة رأيتها في أفغانستان LA gb)‏ خمسون ياردة). 
كانت عائلة شيرزاي من الشخصيات القوية في قبيلة باراكزاي» التي كانت أكثر انتشاراً 
في جنوب أفغانستان في ولاية قندهار. وكان جول آغا شيرزاي وعائلته قد أصبحوا 
قريبين جداً من عائلة كرزاي خلال منفاهم في باكستان» الذي استمر طوال عهد طالبان. 
قاد ميليشيا لمحاربة طالبان بعد وقت قصير من تسلل كرزاي إلى جنوب أفغانستان مع 
فريق من ذوي القبعات الخضر وضباط وكالة المخابرات المركزية في أعقاب هجمات 11 
سبتمبر. عيّنه كرزاي حاكاً لولاية قندهار؛ حيث حافظ على السلام» ولكن» مثل جان 
محمد خان في أوروزغانء كان يقال: إن ذلك على حساب القبائل مثل نورزاي والقبائل 
الأخرى التي دعمت طالبان خلال حكم LAL,‏ إن تكتيكات شيرزاي الخرقاء» إلى 
جانب مزاعم واسعة النطاق بتورطه في تريب الأفيون» أدى إلى ضغط كبير من الولايات 
المتحدة والتحالف لإزالته من منصب ال حاكم. ومع ذلك» وبدلاً من إقالته وإيجاد منافس 
حتمل له من البشتون وإبرازه في قندهار» جعله كرزاي في عام 2005 حاكاً لولاية 
ننجرهار. وعندما تسلم منصبه هناك JE‏ إن شيرزاي قوّم تصرفاته وبدأ بتضييق 
الخناق على مزارعي الأفيون ومنتجيه» على الرغم من أننا في وزارة الدفاع» وبصفتنا ضباط 
سياسة مكافحة المخدرات» فإننا كنا نتعامل مع التقارير بتشكك ول نعتبرها صحيحة. 
ey‏ قالت تقارير أخرى: إنه كان يتلقى عمو لات كبيرة» تقريباً من كل مشروع بناء في 
الولاية» فضلاً عن الرسوم الجمركية من موقع عبور الحدود الرئيسي مع باكستان عند 


160 


الفصل الرابع: المستوصف في أتشين .. معضلات التنمية 


وبيندا كان شيرزاي يسير ليصل إلى مجموعتناء اعتقدت أنه خرج للشو من أحد 
أفلام هوليوود؛ رجل ممتلئ الجسم ذو لحية كثيفة ولكنها مشذبة بعناية على فكين ممتلئين» 
وكان يرتدي ثوباً رسمياً أكثر من القميص والسروال الأفغاني التقليدي. وبين كان 
يسحب طرف سترة البدلة التي كان يرتديها فوق القميص الطويل» لمحت ساعة ذهبية 
لامعة في يده. جلس على رأس الطاولة المصنوعة من الحديد في حديقة منزله. وكان رئيس 
موظفيه قد حذرنا من أن شيرزاي كان على وشك التوجّه إلى الخارج في رحلة ولكنه أخر 
مغادرته بضع دقائق ليتمكن من إلقاء التحية علينا. وسرعان ما فهمتٌ BU‏ 


"نحن سعداء جداً في أن يقوم إخواننا الكرام من دولة الإمارات العربية المتحدة 
بتنفيذ مشروعات في ولايتنا"» افتتح شيرزاي الحديث برتابة منخفضة (oy‏ قام محمد 
بالترجمة. أجاب النقيب أسعد eg‏ شرع بالتعريف في بينناء "شكراً لسعادتك". 


"لسوء Bh‏ لا بدلي من أن أغادر في وقت قريب due‏ ولكني أردت أن أخبركم 
مدى أهمية زيارتكم لننجرهار؛ لي ولشعبي» ولأترككم مع بعض النقاط للنظر فيها". 
توقف شيرزاي للسماح لمحمد بالترجمة. "أنا على دراية بأمر هذا المستوصف في منطقة 
أتشين» وأنا متأكد من أنك تعرف أن شينواري قبيلة مهمة وقديمة في هذا الجزء من 
أفغانستان» وأن مساعدتها أمر جيد. لكنى أشعر بالقلق تجاه جودة بناء هذا المستوصف. 
يجب أن أكون صادقاً معك. آنا لا أثق بشركة البناء التى استخدمتها المنظات غير 
الحكومية لبناء هذا المستوصف. وأنا أعرف الأسرة التى تملكهاء وهى معروفة بسوء 
نوعية الخرسانة والمواد التي يستخدموهها. إلا أن المنظمات غير الحكومية لم تستخدم عملية 
تقديم العطاءات التنافسية. لقد أصررتم على استخدام العطاءات التنافسية لمكافحة 
الفسادء أليس كذلك؟" سأل شيرزاي» ونظر مباشرة إلى وجهي. 

OL sl‏ له قاتلاً: بى. 

"سوف يعطيكم رئيس الموظفين لدي قائمة بالشركات التي وافقنا على مشاركتها 


في التقدم للعطاءات. علينا أن نتعامل مع العروض من خلال الدوائر الحكومية. أنا عبط 


161 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


للغاية بسبب هذه المنظمات غير الحكومية التي تنفق المال خارج رقابة الحكومة الأفغانية. 
وهذا يشمل فريق إعادة إعمار MOLY SI‏ ومرة أخرى نظر H‏ وأضاف SEG‏ "إننا في 
كثير من الأحيان لا يمكن أن ندعم جميع هذه الجهود حين يتم الانتهاء من هذه 
المشروعات» وعليك أن تتخيل الحرج الذي أشعر به عند عدم معرفتي با يجري في 
ولايتي. آنا لا أحب أن أشعر بالحرج". أضاف بتجهّم» وظهر تماماً أنه من أمراء الحرب. 


وبعد صمت قصير علت ابتسامة وجه شيرزاي وأشار إلى غلامه أن يصب المزيد 
من الشاي وقال: "ولكننا سوف نعالج هذه المشكلات في الوقت المناسب. اليوم يجب أن 
نحتفل بوجود إخواننا العرب الكرام. UT‏ معجب Les‏ بدولة الإمارات العربية المتحدة. 
وزوجتي Ub‏ تزعجني بان آخذها للتسوق في دبي. ولكنني أستخدم التكتيكات التي 
تعلمتها خلال محاربتي الروس لمقاومتها!" وضحك؛ وبالطبع ضحكنا معه جميعاً. 


قال شيرزاي: "يجب أن أغادر» يا أصدقائي. الرجاء اعذروني ولا تعتبروني وقحاً. 
أنتم في أيدٍ أمينة مع الموظفين التابعين لي. وسوف يضمنون أفضل الشركات الأفغانية 
كشركاء لكم» وسوف يتصل بكم مثل من وزارة الصحة المحلية في وقت قريب جداً". 


كان شيرزاي على حق» فلقد كانت معضلة إيجاد أفضل طريقة لتحويل أموال 
التنمية الخاصة بنا نقطة نقاش مستمر في واشنطن. فمن جهة كان هناك من يشي رون إلى 
الفساد المستشري في جميع مستويات الحكومة الأفغانية. (كنت واثقاً LE‏ بأن شركات 
البناء "المدروسة" مملوكة جزئياً» أو على الأقل تقدم رشاوى لشيرزاي بطريقة أو 
بأخرى). وقد أشاروا أيضاً إلى عدم وجود موظفين مؤهلين في الحكومة الأفغانية لإدارة 
مليارات الدولارات التي تتدفق إلى البلاد بكفاءة» وشددوا على أنه لن تصل سوى بضعة 
بنسات من كل دولار إلى الشعب الأفغاني الذي هو بحاجة إليها. وبالإضافة إلى ذلك» Op‏ 
نقل الأموال من خلال مؤسسات الحكومة الأفغانية» التي كانت مركزية في كابول» بطيء 
جداً ولا يلبي احتياجاتنا لمكافحة التمرد على المدى القصير في المناطق الريفية. بين كانت 
وجهة النظر الأخرى على غرار رأي شيرزاي أن الحكومة الأفغانية ذات سيادة وينبغي 


162 


الفصل الرابع: المستوصف في أتشين .. معضلات التنمية 


أن تكون أكثر إسهاماً في كيفية إنفاق الأموال. وقد سلط هؤلاء الضوء على الجهل النسبي 
للتحالف بالاحتياجات الحقيقية للشعب الأفغاني» وأشاروا إلى أن إنفاق الأموال بطريقة 
ELE‏ يمكن أن يكون في الواقع مزعزعاً للاستقرار. في المجتمع الأفغاني المتصدع. إن بناء 
بئر أو منح عقد إلى أحد طرفي المنافسة القبلية من دون الآخر يمكن أن يحرّض على العنف 
ويضيع الدعم الحكومي. كان هذا نوعاً من الأخطاء التي كانت تحدث في كثير من 
الأحيان» ومعضلة لم نستطع حلها قط . 

في اليوم اللاحق اصطففنا أمام البوابة الخارجية للمستوصف بعد ساعات عدة من 
الارتجاج والتمايل على طول طريق الوادي الصخري الوعر.و تحذير الرائد ديفيسء لم 
أرغب في المجازفة» لذلك اتفقنا على اتخاذ طريق الوادي. ولكنني ندمت على هذا القرارء 
وشعرت بأن أحداً ls‏ ضربني بمطرقة على عمودي الفقري. 


وعندما دخلنا قرية أتشين» Gd‏ بنا حشد من الأطفال. 
وقال تود بسخريته المعتادة: "هذا كثير جداً على دخولٍ من دون لفت الأنظار!". 


اتخذ مساعداي الإجراءات الأمنية على سطح المستوصف؛ حيث كان لكليه| رؤية 
واضحة للمنطقة من حولناء ومدى جيد لإطلاق النار. وكان يوماً بائساً وبارداً وماطراء 
وكانت هناك طبقة منخفضة من الغيوم معلّقة في منتصف جبال تورا بورا إلى الجدوب. في 
غضون عشرين دقيقة من وصولناء اقترب عدد من شيوخ القرية وأصروا علينا أن 
نسمح لهم Ob‏ يرحبوا بنا بوجبة طعام. وبين) أفرغت الشاحنات المعدات الطبية» جلست 
مع أسعد, والمترجم bet‏ وشيوخ القرية لنتناول وجبة كبيرة على سجادة ممدودة على 
الشرفة الأمامية للمستوؤوصف. 


انضم إلينا الدكتور أفريدي وهو من سكان المنطقة» ولديه عيادة خارج جلال آباد 
في مديرية رودات المجاورة. لقد كان لغزاً حبّرني؛ كيف عرف أننا US‏ هناك» وكيف oy SE‏ 
من الوصول من مديرية مجاورة بتلك السرعة! كانت مائدة الطعام مثالا على الضيافة 


163 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الأفغانية الأصيلة. وتوالت الأوعية» وعاءً تلو الآخر من الخضراوات والمكسرات 
والفواكه المجففة واللحوم» وضعت على سجادة صوف كبيرة ملونة باللونين الأمر 
والأسود. وني الوسط كان طبق مسطح كبير يحتوي على تل هائل من الأرز المعروف باسم 
البيلا و LIT‏ بلغة البشتوء وكان عبارة عن الأرز الأبيض والأصفر خلوطاً مع الزبييب 
الحلو والجزر والكاجو. ابتسم أحد الشيوخ lee‏ غرف كومة ضخمة من الطعام بملعقة 
خشبية ووضعها في صحني. 


كنا قد مررنا بعشرات الأطفال الحفاة الأقدام وعليهم ملابسهم القذرة في طريقنا 
عبر القرية إلى المستوصف. وقال tae LI‏ الذي كان في الأصل من جلال oll‏ كم كانت 
هذه المنطقة فقيرة» وخاصة بعد موجة الجفاف الأخيرة. وها نحن أولاء هناء كم أننا 
مدعوون إلى وليمة كان يمكن أن تطعم القرية بأكملها لأيام عدة. ry‏ كانوا يجلسون 
حول BE‏ السجادة» أصر شيوخ القرية على أن نتناول الطعام Vol‏ حاولت بأسلوب 
حاذق أن أتجنب وعاء لحم الماعز المقطع الموجود أمامي. تذكرت المرور بمحالٌ قصابة عدة 
على الطريق إلى the‏ حيث كانت تتدلى قطع من اللحم بعيدة عن متناول الكلاب خارج 
المحال في الهواء الطلق على جانب الطريق. وكانت مجموعات من الصبية الصغار يقفون إلى 
جانب اللحم يطردون الذباب بعيداً ويسكبون الماء على اللحم لغسل الغبار. 


همس Ol‏ حمد: "سوف يشعرون بالإهانة إن لم تأكل اللحم. لربا ذبحوا ماعزاً 
احتفالاً بوصولنا"» قبلت اللحم مع ابتسامة بينا أمر أحد الشيوخ صبياً صغيراً بأن يقدم 
لي عدداً من مكعبات لحم الماعز فوق الأرز الذي في صحني. ابتسم براين» المسعف المرافق 
لنا من خلال لحيته السوداء الحائلة» عندما أمسكت القطعة بأصابعي» ورميتها في فمي» 


قلت uly‏ أحاول أن أنظر نحو كبار السن بدلا من المترجم وأنا أتحدث: "يشرفني 
أن أكون في هذا الجزء الجميل من أفغانستان» وأنكم تتقاسمون هذه الوجبة الخاصة معي 
ومع رجالي". 


164 


الفصل الرابع: المستوصف في أتشين .. معضلات التنمية 


قال الدكتور أفريدي: "ونحن في غاية الامتنان لدولة الإمارات العربية المتحدة 
والولايات المتحدة الأمريكية على هذا المستوصف". وكانت هذه الجملة بداية لخطبة 
طويلة تسلط الضوء على سيرته الشخصية» وتدريبه الطبي» ووضع عيادته. وتابع بتاريخ 
قبيلة شينواري ودعمها للأنظمة الملكية الماضية وحكومة كرزاي الحالية. كان الطبيب 
يتحدث اللغة الإنجليزية بلكنة هندية ثقيلة ولكنها كانت مفهومة. لحسن الحظ أن النقيب 
أسعد كان يتقن اللغة الإنجليزية» ولذلك لم يضطر محمد إلى أن يترجم كل جملة إلى JS‏ من 
لغة البشتو والإنجليزية والعربية. كانت رواية الدكتور أفريدي لتاريخ الشينواري رائعة 
بداية من هجم|تهم ضد المحتلين البريطانيين في ll‏ التاسع عشرء وصولاً إلى مردهم 
ضد الملك أمان الله في العشرينيات من القرن الماضي. وكا هي الطريقة الأفغانية» فقد 
شق طريقه إلى النقطة الرئيسية بعد نحو ساعة. 


وفي النهاية قال: "نحن نتساءل لاذا لا توصلون هذه المعدات الحديثة واللازمة إلى 
عيادة تستطيع أن تستخدمها بطريقة أفضل لخدمة شعب ولاية ننجرهار؛ من فضلكم لا 
تسيئوا فهمي. إن هذا المستوصف هنا مبنى جيد» وي الواقع أن الناس الطيبين في مديرية 
أتشين فقراء ويحتاجون إلى دواء جيد. ولكن يجب أن نكون واقعيين. لن يأتي أي أطباء إلى 
هنا. إن الوضع خطير للغاية؛ حيث GL‏ "دوشان" - مصطلح بلغة الداري ويعني 
"العدو" - من باكستان عبر SLA‏ ويثيرون المشكلات للناس المتعلمين» مشيراً نحو 
جبال تورا بورا التي تشكل الحدود بين أفغانستان وباكستان. 


وتساءل Swal‏ بأدب: "سيدي.. cyl‏ تقرح أن نضع المعحدات؟". 


"أعلم أنكم أحضرتم معدات لعلاج النساء. لدي طبيبات في oli "gole‏ 
أفريدي. "وتقع بالقرب من الطريق الرئيسي oll IME‏ والطبيبات المتعلمات لا يخشين 
الذهاب إلى هناك. يبدو أن معظم هذه المعدات التي تم تفريغها تهدف إلى مساعدة النساء 
في أثناء الولادة والمشكلات الجسدية للمرأة. لن يتم استخدامها هنا للأسف لأنه لن SU‏ 
أي طبيبة إلى هنا". 


165 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


واسترسل الدكتور أفريدي» الذي Y‏ يمل من سماع صوته» ليحكي قصة 
مستوصف آخر تم بناؤه في مديرية "ده بالا" المجاورة» برعاية إحدى المنظمات غير 
See SA‏ وجرئ [خواقة. "إن الرجال الذين e‏ صف أحرقوا بعنده مدوسة 
للبنات في المديرية نفسها. ولحسن الحظه تم إلقاء القبض على اثنين من الجناة في وقت 
لاحق من قبل الشرطة. وتم استجواب الرجلين من قبل مجلس شورى كبير تم تشكيله في 
مديرية "ده بالا" لسماع أسباب قيام الرجلين بارتكاب مثل هذه الأفعال. وقف أحد 
المجرمين وقال: كان الأطباء في المستوصف غير إسلاميين. كانوا يلمسون النساء بأيديهم. 
لا ينبغي للرجال حتى إن كانوا أطباء أن يفعلوا مثل هذه الأشياء ونحن لا يمكن أن 
نسمح بها باسم الله". 


وأضاف أفريدي» "تم استجواب الرجلين أيضاً حول أسباب مهاجتهم مدرسة 
للبنات وإضرام النار فيها"» وروى ما قال الرجل الثاني وهو يقف: "تم بناء المدرسة من 
قبل الأمريكيين GUS‏ وكانوا ò poles‏ فتياتنا طرقهم. إن مكان بناتنا هو المنزل؛ حيث 
ods‏ رعاية آبائهن وإخواءمن. ولا ينبغي أن يتعلمن مثل هذه الأمورء وباسم الله لا 
يمكننا أن نسمح بذلك. ومن واجبي كرجل مسلم أن أوقفه". 


"كنت هناك في جلسة الشورى هذه" قال أفريدي» (فوقفت وسألت هذين 
الرجلين "هل تعتقدان أن الأمهات» والأخوات» والبنات يستحققن المساعدة والدواء 
عندما يمرضن؟"» أجاب الرجلان "نعم". "ويجب أن تعالج أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا 
عندما يمرضن طبيباتٌ من النساء chai‏ صحيح؟". "نعم" أجاب الرجل. Ío"‏ إذا 
كنت لن تسمح لمستوصف أن يعالج نساءنا لأنه ليس فيه أي طبيبات» ولن تسمح 
للمدارس بتعليم نسائنا بحيث يمكنهن أن يصبحن طبيبات» كيف يمكن ELS‏ أن 
يحصلن على الأدوية والعلاج؟". لم يكن لدى رَجلي حركة طالبان الغبيين أي جواب. نظرا 
في وجهي فقط. وأخيراً eeler OL‏ وشعرا بالخجل منه". قال أفريدي باشمتزاز. 


166 


الفصل الرابع: المستوصف في أتشين .. معضلات التنمية 


"هذا هو الجهل الذي تتعاملون معه. وهذه هي الطريقة التي يتبعها عناصر حركة 
طالبان وسادتهم في باكستان للتلاعب بالناس من أجل الرجوع بأفغانستان إلى الخلف!" 
قال الطبيب» ورمى الخبز على الأرض. وأضاف قائلاً: "إنهم سيهاجمون هذا المستوصف 
أيضاً إذا كنتم ستعال حون النساء هنا". وأشار بإبهامه فوق كتفه باتجاه المستوصف. 


استأذنث للوقوف والمشي قليلاً. يستطيع الأفغان والعرب الجلوس ساعات 
طويلة على السجادة وأقدامهم تحت أرجلهم. وكرجل غربي اعتاد الجلوس على الأثاث؛ 
فقد سحقت هذه الجلسة e AS y‏ وكانت قدماي خدرتین تماماً. ey‏ ابتعدت قليلاً كان 
أسعد والدكتور أفريدي يناقشان فكرة نقل معدات المستوصف إلى مستشفى أفريدي 
الصغير. نظرت إلى del‏ ورأيت صبي الشاي عبر الفناء يعد شاي ما بعد الوجبة. وكان 
يبصق في كل قدح من أقداح الشاي وينظفها من الغبار بإصبعه. 


لوّحت لبراين وناديته»"أعطني سايبرو لو سمحت". ابتسم وأخرج كيساً 
بلاستيكياً صغيراً من جيبه يحوي مضادات حيوية. فكّرت بالكتيبات التي كنت قد قرأتها 
والتي أشارت إلى أنه ما زالت بعض أقل البلدان نمواً في العالم تعاني وباء السل. "بعد تلك 
الوجبة بصق صبي الشاي في كأسيء آنا بالفعل بحاجة إليها". وبعد أن أخذت الحبوب» 
مشيت إلى حيث جلس ال جميع» وبالطبع ELS‏ وبکل سرور كوباً من الشاي من صبي 
الشاي. 


ومن المفارقات أن جراهام» رقيب الاتصالات» هو الذي دخل عام SAN‏ اليوم 
اللاحق. وكان قد استخدم واجب الأمن كذريعة لتخطي وجبة الطعام عمداًء لذلك 
وجدنا الأمر مسلياً جداً أن وجهه كان يتلون بأربعة ظلال من اللون الأخضر وهو 
يتناوب بين القيء والتغوط. كنا نسمّي التسمم الغذائي الذي كان يهاجم الجميع تقريباً 
"الجهاد المعوي". سلاح طالبان SSI‏ على البطون الأمريكية. في فترة خدمة لاحقة 
خسرت 6 باوندات خلال أربعة أيام بعد الإصابة به. كان ذلك الوضع تعساً تماماً. في 
صباح اليوم اللاحق» وبعد أن أمضى جراهام ليلة في الحمام المثير للاشمئزاز» وهو 


167 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


شاحب ويتصبب منه العرق البارد» أصر على الركوب معنا لمدة يوم كامل ونحن 
نصطحب بعض الفنيين الطبيين إلى مدينة جلال آباد لشراء الإمدادات. وعلى الرغم من 
التعاسة VL,‏ فقد قال إنه كان خائفاً أكثر من أنه سوف يغيب عن تبادل لإطلاق النار إذا 
ما بقي في القاعدة. لذلك قضينا اليوم ونحن نقف على جانب الطريق في حين حاول 
جراهام مراراً قضاء حاجته. Gy‏ غضون ثوانٍ من توقفناء كان الأطفال يتزا مون حولنا. 
وجراهام كان يحاول باستمرار إبعادهم كلا أطلوا إلى أسفل الوادي» حول المبنى» أو في أي 
مكان كان يحاول الاختباء فيه. في إحدى المرات التي وقفنا بها أعطيتٌ الأطفال بعض 
الحلوى» وأشرت إلى بعض الصخورء وقمت بالإياء لهم بالرمي. فإذا بجراهام يفاجاً 
بعدد كبير من الحصى تمطر cade‏ بين| كان يحاول قضاء حاجته في حفرة خارج جلال UT‏ 
كل ما سمعناه كان كلمة "حمقى!" من الوادي ترافق ضحكات الأطفال. 


في صباح اليوم اللاحق وصل مدير صحة الولاية من وزارة الصحة العامة ومعه 
أحد موظفي الحاكم شيرزاي للتحدث مع النقيب أسعد ومعي. بعد دقائق عدة اتضح 
(el‏ يختلفان تماماً مع الدكتور أفريدي حول أين يجب تركيب المعدات الطبية؟ اعتقد 
كلاهما ضرورة بقاء المعدات والمستوصف في أتشين. وقالا إن الكثير من التاس الأكثر 
فقراً في المديريات الجنوبية حول أتشين لا يمتلكون سيارة» ومن ثم فهم سيجدون السفر 
إلى جلال آباد؛ حيث تقع عيادة الدكتور أفريدي صعباً ومكلفاً. وشددا على أنه سيكون 
هد المدتوض ف 8b‏ جيد ف الد pert‏ ن شكان شيتواري Ny‏ شیوخ دواري 
سيشعرون بالإهانة إذا نقلنا المعدات إلى منطقة أخرى. وأبلغانا أن الدكتور أفريدي» في 
lel‏ يحاول بناء إمبراطورية أيضاً. VWs‏ إنه كان على ما يبدو يفكر في الترشح UU‏ ولم 
يكن ضمن فريق الحاكم شيرزاي. إن وجود المستوصف مع مئات الآلاف من 
الدولارات من المعدات الجديدة والحديثة من دولة الإمارات العربية المتحدة سيعمل على 
تعزيز مكانته في المنطقة. وأكد الرجلان (el‏ سوف يحصلان على الأطباء للمستوصف» 
وسوف تُدفع رواتبهم من أموال الحكومة. وأكّدا لنا أنه سيتم وضع بعض رجال 
الشرطة في مبنى جاور للمستوصف لراقبة المكان أيضاً. 


168 


الفصل الرابع: المستوصف في أتشين .. معضلات التنمية 


نظرت والنقيب أسعد إلى بعضنا بعضاً. من منا يعرف ماذا يصدق؟ كما ضغط علينا 
الرجلان بشكل منفصل لكي تكون المفاتيح gee‏ إلى أن يتمٌ رفد المستوصف بالأطباء. 


ومرة أخرى» وجدت نفسي أتذكر الدورة التأهيلية للقوات الخاصة في الجيش؛ 
حيث كنا دائياً نواجه هذا النوع من المعضلات. ولمذا السبب كان تدريب أصحاب 
"القبعات الخضر" فريداً من نوعه حقاًء في مجتمع العمليات الخاصة العا مي. فالآخرون» 
كالخدمات الجوية الخاصة البريطانية (SAS)‏ والقوات الخاصة البولندية (Grom)‏ 
وقوات العمليات الخاصة التابعة للبحرية الأمريكية (Navy SEALS)‏ ركزوا على bel‏ 
مستوى من اللياقة البدنية» والرماة الأكثر دقة» وأن يكونوا بشكل عام نخبة القوات في 
العالم. أما أصحاب القبعات الخضرء على النقيض من ذلك» فركزوا أيضاً على أن يكونوا 
حاربين دبلوماسيين» وأن يحلوا مشكلاتهم عن طريق التفكير. بذلنا كل ما في وسعنا لكي 
نشعر بالقدر نفسه من الراحة عند التعامل مع وزير دفاع دولة أخرى, أو عند تدريب وحدة 
مغاوير أجنبية» أو التفاوض مع مسؤول الصحة بالمقاطعة, أو تقديم المشورة لزعيم قبلي 
بلغته eg op VI‏ نطلق النار وتكسر الأشياء. bale‏ تدريبنا أن نزدهر في المناطق الرمادية» 
مثل المشكلة التي واجهناها في أتشين. كانت هذه هي ا حياة اليومية في البلدان النامية. 


وكان لدى كل من الدكتور أفريدي ومدير صحة الولاية بعض النقاط المقنعة. 
ولكن القرار تجاه مكان تركيب المعدات الطبية كان في نهاية المطاف يعود إلى النقيب أسعد. 
كنت هناك لتسهيل الدعم الخارجي الأمريكي إذا لزم الأمرء وتقديم المشورة إذا دعت 
الحاجة إلى ذلك. طلب أسعد نصيحتي بعد اجتماع طويل OU‏ مع مدير الصحة. اقترحت 
أن نلقي نظرة فاحصة على أولوياتنا ونسأل أنفسنا حقاً: لماذا كنا نقوم بتجهيز 
المستوصف؟. إن توفير الرعاية الصحية الأساسية للأفغان أمر مهم في حد ذاته» ولكننا ل 
نكن منظمة غير حكومية تقوم بأعمال التنمية من أجل ذلك وحسب» بل ينبغي 
لمشروعاتنا أن تدعم أهدافنا في مكافحة التمرد. والحفاظ على دعم قبيلة شينواري OLS‏ 
من أهم تلك الأهداف» حتى لو كان ذلك يعني اتباع حل تنموي ليس هو الأمثل. 


169 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


لحسن الحظ» لم تكن معظم الأجهزة الخاصة بالأمراض النسائية قد وصلت بعد 
ولذلك لم نكن بعد ملتزمين GE‏ بتجهيز المستوصف في أتشين. عملت مع أسعد SLAY‏ 
حل وسط. أعطينا مسؤولي الصحة شهرين ليجدوا طبيبة على استعداد للعمل في أتشين. 
فإن فعلوا ذلك. فإن الدفعة الثانية من المعدات ستذهب إلى المستوصف في أتشين؛ وإن م 
يتمكنواء فسيتم تحويلها إلى عيادة الدكتور أفريديء التي كنا قد تفقدناها بالفعل. 
بالإضافة إلى ذلك» حصلنا على التزام من مسؤولي الصحة بإرسال طبيب ونمرضة بدوام 
جزئي إلى أتشين حتى يتم تجهيزها بكادر كامل. 


بعد العديد من أكواب الشاي والمناقشات» أعطى أسعد مفاتيح المستوصف إلى 
مدير صحة الولاية بصفته [te‏ الحكومة الأكثر مصداقية والأكثر "شرعية" في المنطقة. 
أخبى الفنيون تركيب غرفة الأشعة السينية» وغرفة عمليات بدائية للعمليات الجراحية 
البسيطة» وصيدلية» وأماكن أخرى عدة للمرضى. حتى إن المولدات كانت تعمل 
لتزويد المكان بالكهرباء (برغم أنه كان من غير الواضح مَنْ سيدفع ثمن وقود المولدات 
في المستقبل» ولم تكن هناك خطة لصيانة المعدات إذا احتاجت إلى إصلاحات). وبعد أيام 
تناولنا وجبة احتفالية وأقمنا حفلاً لقص الشريط؛ حيث ناقشنا الترتيبات بين الدكتور 
أفريدي ووزارة الصحة مع عشرات شيوخ شينواري» وألقى كل واحد منهم خطبة 
مطولة نيابة عن قريته وقبيلته. 


انتحى ي رآهام Gated Like‏ أن مفرزة العمليات WT‏ الي تحمل عادة في تدك 
المنطقة أبلغتنا أنهم اعترضوا رسالة من أحد قادة طالبان من المستوى المتوسط يشكو فيها 
وجود مجموعة من العرب والأمريكيين يتجولون في منطقته في سيارات الدفع الرباعي؛ 
اعتقدوا أننا وكالة الاستخبارات المركزية. لحسن الحظ أنهم لم يربطوا وجودنا 
cine gol‏ كو كاه ادن رمك Naa Ny iad ASA I LI ew gar‏ 
يتعرض فريقنا المسلح تسليحاً خفيفاً أو المستوصف للخطر. لقد حان الوقت لكي نغادر. 
استأجرنا سيارات رباعية الدفع مختلفة وشاحنة صغيرة لرحلة العودة إلى باجرام» ورتبنا 
الأمر مع بعض الأفغان لإعادة المركبات ا حالية في وقت لاحق. 


170 


الفصل الرابع: المستوصف في أتشين .. معضلات التنمية 


أعطينا تقريراً SUIS‏ إلى الرائد ديفيس من فريق إعادة الإعمار في الولاية» في طريقنا 
للخروج من الولاية» كان تقريراً كاملاً مع الصور ونسخة من المفاتيح» وقائمة جرد 
بالمعدات التي قدمناها إلى المسؤولين الأفغان. لحسن EAN‏ كان فريقه قد عمل بشكل بتاء 
مع الدكتور أفريدي» وأكد أنه كان منافساً سياسياً للحاكم شيرزاي» وليس لاعباً 
فاسداً. أكد ديفيس لنا أنه سيبذل قصارى جهده لدمج المستوصف في استراتيجية التنمية 
الشاملة للولاية» وأن يذكره خلال لقاءاته مع المسؤولين في الولاية» وربم| يرسل دورية 
ليطمئن عليه عندما يستطيع. 


وني باجرام» وبعد أسابيع عدة» أبلغني أسعد أن مسؤولي الصحة الأفغان في جلال 
آباد قد وجدوا طبيبة» ثم عرض علي بفخر صور تجهيزات غرفة الولادة الجديدة التي تم 
تركيبها في المستوصف. ولكن على ما يبدو أن مسؤولي الصحة في الولاية كانوا يشكون من 
عدم وجود ميزانية لدم لتوفير المياه النظيفة للمستوصف. وكان أسعد قد سمع أيضاً أن 
الرائد ديفيس قد عاد في وقت مبكر إلى الولايات المتحدة. كنا نأمل فقط في أن يكون قد 
مزر تقريرنا إلى من أتى بعده. كنت أعرف أنه من دون أن يقوم فريق إعادة إعمار الولاية 
بحث الحكومة المحلية على مويل الموظفين وصيانة المستوصف» لن يكون المستوصف 
مستداماً مع مرور الوقت» ومن =a‏ أن ينتهي به الأمر كمشروع آخر مهجور. كنت 
delat‏ إذا ما كنا قد ارتكبنا خطاً عندما هددنا بتحويل المعدات إلى عيادة الدكتور أفريدي» 
ومن ثم خاطرنا بدعم شيرزاي على المدى الطويل. وكان هذا مجرد واحد من آلاف 
الأمثلة على مدى صعوبة التنفيذ الفعال لمش روعات التنمية في أفغانستان» فضلاً عن 
تضمينها في استراتيجية أوسع نطاقاً. ولكنني كنت مصماً على الاستمرار في المحاولة حتى 
يتم الأمر بالشكل الصحيح» بينها كان تشدّد طالبان والقاعدة وأيديولوجيتهما المشوهة 
يتسللان مرة أخر ى إلى المجتمع الأفغاني» تساعدهم في ذلك محاولات التحالف الفاشلة 
لتحقيق حياة أفضل للشعب الأفغاني. 


171 


الفصل الخامس 
الطريق إلى قلعة موسى .. عودة طالبان 


قال الحاكم محمد داود بحرارة: "يشرفنا للغاية وجودك في هلمند» أا الكولونيل" 
وهو يتحرك باتجاه صف طويل من الأرائك في مكتبه. جلست آنا والكولونيل بيشوه 
والرائد موسى» وعدد من الضباط الآخرين من القوة رقم 7 التابعة للعمليات الخاصة 
الإماراتية» في مجموعة من الأرائك المصفوفة بشكل دائري في مكتب الحاكم. 

واصل الحاكم حديثه قائلاً: "أفهم أنكم مهتمون ببناء قاعدة في وادي باغران» شال 
سد كاجاكي» قرب قلعة موسى". 


"نعم"» أجاب الكولونيل بيشوه. "نحن مهتمون بإجراء عمليات في شال هلمند» 
es‏ بناء مهبط طائرات. بعد إذنكم» نحن هنا لإجراء مسح للموقع والتحقق منه؛ 
سأصطحب معي فريق مسح من قواتنا الجوية. لقد تمت الموافقة على الموقع من قبل قائد 
قيادة العمليات الخاصة في بلدي والقيادة الأمريكية". وتابع: "إذا مضت جهود التنفيذ 
قدماًء فإنه يمكنني أن أؤكد لكم أننا سوف نقوم بالكثير من المشروعات التنموية 
وسنساعدكم على تحويل ولاية هلمند إلى مكان أفضل لأفغانستان". 


رد الحاكم بتلهّف: "رجاء» أبلغ فريقك أن يخبروني بأي شيء يريدونه". "من 
جانبي كحاكم» اعتبر أن الأمر تم. سأعمل على التأكد من توفير الأراضي التي تحتاجون 
إليها لإقامة القاعدة من دون أي مشكلات. سيكون سكان هلمند سعداء بوجود 
الإماراتيين في مقاطعتهم. نحن لا نحصل على الدعم اللازم من كابول» والأمريكيون 
تركونا لحلف الناتو والأوروبيين. ولكننا نعلم أن أشقاءنا العرب سيقفون إلى جانبنا. 
بمساعدتكم ومساعدة حكومتكم» سوف نبني دبي الثانية في فغانستان!"» قال الحاكم 


بابتسامة عريضة. 


173 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


رد الكولونيل بيشوه قبل أن يرتشف الشاي: "هذا أمر جيد جداً. سوف يلتقي 
قائمة باحتياجاتكم التنموية الملحة". 


قال الحاكم Gel‏ الكولونيل» هناك طلب أود أن تحمله معك إلى المقر الأمريكي على 
الفور. إنه أمر في غاية الأهمية ويمكن أن يؤثر سلبياً في كل ما نقوم بنه» كما أنه سيضر 
بجهودكم أيضاً". 


رد الكولونيل: "أا الحاكم» لدينا ضابط أمريكي هنا. لكنك لا تستطيع أن ترى 
وجهه بسبب ليته!" ضحك الجميع بينا راحت عينا الحاكم تبحث عني بتمعن عبر 
الغرفة. كنت أرتدي الملابس العسكرية المموهة باللون الصحراوي ذاتها التي يرتديها 
الإماراتيون والعمامة التي تشبه العمامة العربية. وكا هي الحال (tls‏ كنت أحاول أن 
أنزوي في الخلف. وعلى ما يبدو أنه لم يلحظ وجنتيّ اللتين [goed‏ الشمس في أعلى لحيتي» 
أو العلم الأمريكي الباهت اللون على ذراعي اليمنى غير المواجهة له. 


توقف الحاكم البشوش حتى الآن عن الضحك. كان الضباط الإماراتيون والحاكم 
قد تحدثوا نحو ساعة في اجتماع إيجابي. والآن تحوّل الاجتاع Sled‏ إلى هجة تطغى عليها 
Lal all‏ 


بدأ الحاكم: "سيدي» يجب أن تبلغ حكومتك كي توقف هذه الحملة للقضاء على 
حقول الخشخاش. يجب Ue‏ أن أقف ضدها. إنها تؤلب الناس علينا. أنتم تقضون على 
مصادر رزقهم وتتركوهم مدينين لمافيا المخدرات» بحيث يضطر كثير منهم إلى تسوية 
ديونهم مع الذين يتاجرون في البشر عبر تقديم بناتهم J|‏ . هؤلاء هم رجال البشتون 
الذين يعتزون بأنفسهم. d‏ يعد لديهم شيء سوى بنادقهم في سعيهم إلى الانتقام". كان 
من الواضح أن العاطفة بدأت تغلب على حديث الحاكم؛ حيث قال: "لقد أثرت هذه 
القضية في مناسبات كثيرة مع الحكومة في كابول» بمن في ذلك الرئيس. لكن البلهاء حول 


174 


الفصل الخامس: الطريق إلى قلعة موسى .. عودة طالبان 


كرزاي يذكرونني فقط ob‏ أسلافي [في الولاية] قد ساندوا الحملة. ينبغي أن تعلم» أن 
سلفي كان أكبر تاجر مخدرات! كان يرسل رجال عصابته مع شرطة مكافحة المخدرات 
لحصاد حصول الخشخاش. ولكنه كان يرسلهم لحصاد محصول منافسه!" قال الحاكم 
ضارباً بيديه على ركبتيه. 


كان ga atl‏ شيعن SIS eZ Meal pet‏ وقد علقت GN Le LO‏ 
يتحدث عنه من تقارير الاستخبارات التي كنت أتلقاها بانتظام في أثناء وظيفتي المدنية 
السابقة في مكتب مكافحة المخدرات في البنتاجون. فمن خلال غارة شنتها الوحدة 
الوطنية الأفغانية لمنع المخدرات يدعمها عملاء من "إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية" 
على أحد المجمعات التابعة للحاكم في العام السابق» تم اكتشاف أكثر من عشرة أطنان من 
الأفيون الخام بانتظار شحنها إلى مختبرات LLM‏ عبر الحدود في باكستان؛ حيث يتم تكرير 
الأفيون وتحويله إلى هيروين. وبعد ذلك يتم نقل الميروين من مختبرات التكرير على طول 
المنطقة الحدودية الخارجة على القانون» من خلال الطرق في إيران وآسيا الوسطى إلى 
وجهتها النهائية في أوروبا الغربية. كنت على دراية تامة بالوحدة الوطنية الأفغانية لمنع 
اللخدرات» OY‏ مكتبي في وزارة الدفاع قد موّل برنامج تدريبهم» فضلاً عن برنامج 
تدريب عملاء إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية حول كيفية العمل في مناطق القتال. 
وبرغم الجهود الوليدة التي USS‏ لمكافحة المخدرات» فإن محصول الخشخاش كان يزداد 
سنة بعد الأخرى في أفغانستان» وأصبح قبل عام 2006 يمشل نحو 90/ من إمدادات 
الأفيون في العالم. وكانت هلمند وحدها تقدم نصف ما كان يخرج من أفغانستان» طبقاً 
للتقرير السنوي للأمم المتحدة عن حصول الأفيون. 
كانت خطة الحكومة الأمريكية ذات الدعائم الخمس- وهي: الاتصالات 
الاستراتيجية» وإنفاذ القانون» والحظرء والقضاء على تجارة الأفيون» وتوفير سبل عيش 
بديلة - Gaye‏ إلى مكافحة الأثر الذي يسيب LAV‏ بالمخدرات والمتمثل في انعدام 
الاستقرار. ولكن تلك الخطة تحولت في الواقع إلى خطة old‏ دعامة واحدة» هي القضاء 


175 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


على المخدرات. كانت إدارة مكافحة المخدرات تعمل مع الأفغان لإنشاء قوة شرطة 
متخصّصة في SLE‏ مكافحة المخدرات» [S‏ كان لدى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية 
عدد من البرامج البديلة لكسب المعيشةء ولكنها كانت جهوداً معزولة تستغرق وقتاً طويلاً 
لكي تكتسب قوة دافعة. من ناحية أخرىء كان "المكتب الدولي لمكافحة المخدرات وإنفاذ 
القانون" التابع لوزارة الخارجية» يمضي قدماً بكامل قوته مع وزارة الداخلية الأفغانية 
لإنشاء قوة للقضاء على المخدرات قوامها مئات عدة من الأشخاص. أما القوة التي يطلق 
Lede‏ اسم قوة القضاء على الخشخاش التابعة لمكتب مكافحة المخدرات» فهي عبارة عن 
رجال يمسكون بعصي طويلة يشكلون صفاً واحداً ويتحركون داخل الحقول ويضربون 
بقوة جذوع نباتات الخشخاش في الوقت الذي تكون فيه رؤوس النبات ممتلئة بالمادة التي 
تتم معالحتها لإنتاج المخدرات. 


وهناك فرق إضافية تستخدم جرارات زراعية ثبّت فيها قضبان جر لتسوية صفوف 
نباتات الخشخاش بالأرض. وغالباً ما يأتي رد المزارعين كشكل من أشكال المقاومة 
السلبية» مثل: خلط J pat‏ الخشخاش بمحاصيل مشروعة مثل القمح والشعير» وغمر 
حقوهم بالمياه حتى تعلق الجرارات بالوحل ولا تستطيع التحرك. وهناك قسم آخر من 
المزارعين يقاومون بطريقة أكثر قوة؛ حيث يقومون بزرع الألغام الأرضية القديمة في 
الحقول أو ينحازون إلى قادة طالبان المحليين ويقومون بنصب الكمائن لاصطياد فرق 
مكافحة cal Adal‏ 


في ربيع عام 2006ء شن المكتب الدولي لمكافحة المخدرات وإنفاذ القانون 
[الأمريكي]» ووزارة الداخلية [الأفغانية] أكبر حملة لما للقضاء على المخدرات» وأطلق 
عليها اسم "عملية ريفردانس". كانت قوة القضاء على الخشخاش التابعة لمكتب مكافحة 
المخدرات تعمل بشكل مستمر على طول وادي نهر هلمند. ولكن هذه القوة لم تكن تنتقل 
من حقل إلى آخر؛ بل كانت تستهدف حقولاً محدّدة تمتلكها قبيلة إيشكزاي» وهي منافس 
تاريخي لقبيلة ألوزاي التي ينتمي إليها الحاكم شير محمد. لقد jA‏ قادة الشرطة المحلية 


176 


الفصل الخامس: الطريق إلى قلعة موسى .. عودة طالبان 


وقادة المديرية بفعل برنامج وزارة الخارجية الخاص بتحفيز الحكام الجيدين» الذي وفر 
للمسؤولين الأموال والمشروعات التنموية كمكافأة على عدد الحكتارات التي يتم تنظيفها 
من الخشخاش. كانت تلك الخطة منطقية من الناحية النظرية لكن المسؤولين على أرض 
الواقع كانوا يتغاضون عن حقول الخشخاش التابعة لحلفائهم السياسيين أو أي شخص 
آخر يستطيع دفع رشوة. بدأ المقاولون الأمريكيون الذين يصاحبون الفرق يشتكون بشكل 
غير رسمي إلى الصحافة وإلى أي شخص يمكن أن يستمع إلى حقيقة أن البرنامج كان يدفع 
المزارعين إما نحو مزيد من الفقر أو إلى الارتماء في أحضان طالبان. لقد سمعتٌ عن "عملية 
ريفردانس" وعلمت بالتأكيد ببرنامج القضاء على المخدرات» ولكن لم تكن TGA‏ فكرة 
عن أن البرنامج كان قد بدأ جدياً في الأسبوع الذي سبق مهمتي في هلمند. كان هذا البرنامج 
الذي تم تنفيذه بشكل ضعيف بمنزلة صب الزيت على نار التوترات القبلية» والفراغ الأمني 
الذي نتج عن رحيل القوات الأمريكية في فصل الربيع» والسخط المتزايد بين السكان. 
شعرت بضيق وعدم ارتياح خلال الساعات التي جلست أفكر فيها قبيل التوجّه إلى واحدة 
من أقسى البقاع في أفغانستان لاستطلاع أمر القاعدة المقترحة في قلعة موسى. 

أجبت الحاكم بهدوء: "سوف أرفع هذه الرسالة إلى قيادتي"» قلت هذا وأنا على 
علم ob‏ قيادتي العليا لا تستطيع فعل شيء تجاه ذلك» لأن البرنامج يتبع وزارة الخارجية. 

واصل الحاكم داود حديشه: "أنا أسمع Lat‏ شائعات» وأقرأ في الصحف أن 
حكومتك تخطط لاستخدام مواد كيميائية يتم قذفها من طائرات على مزارع الخشخاش. 
إذا قمتم بهذا فإن السكان سوف يثورون ضدكم كما فعلوا ضد الروس. لا يجوز أن تفعلوا 
هذا هنا". وكانت عيناه مغرورقتين بدموع العاطفة وهو يبدي رأيه. 

فقلت له: "وجهة نظر سعادتكم. م: قية للغاية» وأنا شخصياً أشاطركم هذا 
القلق". أردت أن أخبره إلى أي مدى أتفق معه وكم شهراً قضيت أناقش هذا الأمر في 


الإماراي» كنت أمثل الحكومة الأمريكية. 


177 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر Fe‏ واشنطن إلى أفغانستان 


tal ols‏ ادن يجب أن ألتمس طلباًء إذا وافق الكولونيل بيشوه". أوماً 
الكولونيل بالموافقة. "سيديء أشعر بأنه من الأهمية بمكان أن يكون هناك وجود للجيش 
الأفغاني الوطني في هذه القاعدة الجديدة. هل ستدعمون طلباً من وزارة الدفاع لتمركز 
بعض من قوات الجيش الأفغاني إلى جانب القوة الإماراتية في القاعدة؟". 


"نعم» بالطبع" وافق الحاكم بسرعة. "أنت ge‏ بكل تأكيد. أنت تعلم أن الجميع 

يريدون نشر جنود في بلداتهم. ولكن ليس لدينا Sae‏ كافٍ. هناك الآن بعض الجنود الذين 

يحاولون معالجة حالة انعدام الأمن في بلدة سانجين. لقدتم نقلهم من هرات وسوف 
أطلب نقلهم إلى هذه القاعدة الجديدة". 

خريطة (8) 

ولاية هلمند 


e E 
a” 








Ae a an ain i, 


178 


الفصل الخامس: الطريق إلى قلعة موسى .. عودة طالبان 


قبل أشهر كنت قد أوصيت قائد القوة الإماراتية» Ob‏ يقترح على القوة الموحدة 
التابعة للعمليات الخاصة المشتركة وعلى مقره في أبوظبيء أن تتولى الإمارات مسؤولية 
الثلث الشمالي من ولاية هلمند. وكان قد جرى مؤخراً إخلاء المنطقة التي كان يطلق عليها 
سابقاً اسم منطقة عمليات أوركاء عندما عادت القوات الخاصة النرويجية إلى وطنها. 
كانت المنطقة أرضاً خصبة للدعم القبلي لحركة طالبان» وكانت تُعتبر ملاذاً داخلياً هم. 
وقد قال الإماراتيون لي دائياً: إن سمو الشيخ محمد بن زايد آل lee‏ ولي عهد أبوظبي» 
يريد من رجاله أن يشاركوا في القتال» ومن ثم كنت أريد أن أساعدهم على تحقيق هذا 
الأمر. ولأنني عملت مع الإماراتيين أشهراً عدة في أوروزغان ووادي تاجاب» فقد كنت 
مقتنعاً al‏ سيكون لهم تأثير إيجابي للغاية. وكانوا مستعدين للقتال عندما يقتضي الأمر 
ذلك» ولكن كان باستطاعتهم أيضاً أن يوصلوا رسائل تنموية واستراتيجية بدرجة 
مصداقية لا نتمتع بها نحن. إضافة إلى UT‏ كنا في حاجة ماسة إلى المساعدة في هلمند. في 
ربيع عام 2006 كان هناك أقل من مئة جندي أمريكي في ولاية هلمند كلّها. وعلى 
النقيض» خلال ذروة زيادة القوات الأمريكية في عام 2011 كان هناك أكثر من عشرين 
ألفاً.' لقد انسحبت القوات الأمريكية من هلمند في مطلع عام 2006ء وكانت بريطانيا 
سترسل من يحل حلهم بحلول ربيع 2006 في إطار توسّع حلف الناتو في القيادة الإقليمية 
بالجنوب. لكن بريطانيا قررت تأجيل انتشار قواتها حتى أواخر الشتاء» ومن ثم كان هناك 
فريقان فقط من القوات الخاصة في الجزء المركزي من الولاية» وعدد قليل من فريق إعادة 
إعمار الولايات في عاصمة لشكركاه في ذروة موسم القتال في أفغانستان. 


خلال can J‏ حشدت دع في مقر قيادتي للإماراتيين لكي يتحركوا في الجزء 
الشهالي غير المستقر من منطقة هلمند. وكان قائد القوة Li glace‏ وكذلك القيادة العسكرية 
في أبوظبي. اصطحبت القيادات الإماراتية في طلعات استطلاعية عدة» فوق المناطق 
الممكن استخدامها والمناسبة لإنشاء القواعد» وكان رجالي يصطحبون ضباط القوة 
الإماراتية للاجتاع مع الحاكم داود وطلب دعمه» ثم خططنا لمرافقة ote‏ من ضباط القوة 
الجوية الإماراتية للقيام بعملية مسح لقطعة من الأرض في شرق بلدة قلعة موسىء 


179 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


لمعاينة إمكانية بناء مهبط لطائرات الشحن والحوامات. كانت عملية المسح واختيار موقع 
القاعدة» هي المخطوات الأخيرة للبدء في إنشاء القاعدة. كنت متحمّساً بشأن إمكانية إنشاء 
قاعدة جديدة مع مهبط طائرات في إحدى المناطق غير المستقرة في الدولة. وكنت أعتقد أننا 
تمكنا حقاً من إحداث تأثير. لقد سيرنا دوريات في المنطقة خلال فصل الشتاء من دون 
اشتباكات SH‏ مع الأعداء. ولكن من دون علم مناء تغيّرت الأمور إلى الأسوأ خلال 
فصل الربيع. 


اتجهنا إلى الشمال من عاصمة لشكركاه باتجاه سد كاجاكي» المشروع الرائد والأهم 
للمشاركة الأمريكية في أفغانستان في مسينيات القرن العشرين» وهو السد الذي يوفر 
الكهرباء لمعظم منطقة جنوب أفغانستان. لم يمض وقت طويل على عبورنا الطريق الدائري 
باتجاه طريق ترابي وعر جملوء بالحفر يعرف باسم الطريق السريع 611» حتى تلقينا بلاغاً 
من عنصرنا في المؤخرة» يفيد بأنهم يتعرضون لقذائف آر بي جي. قسّمنا القافلة إلى قسمين 
يفصل بينهم| كيلومترات عدة» حتى إذا هوجم أحدهما أمكن للآخر أن يناور المهاجمين 

0 

ويطوقهم. كان كل فصيلء قد أطلق عليه باللغة العربية اسم فلاح» وهو يتكوّن من ثلاث 
مركبات إماراتية مدرعة من طراز بانهارد US yoy‏ هامفي» إضافة إلى إحدى المركبات 
& الخفيفة الحركة GMV‏ التابعة لي. كنت مع الفصيل الموجود في المقدمة “Le i"‏ 
أستمع إلى العناصر الموجودة في "فلاح 2" الذين يبلّغون أنهم يتعرّضون لنيران متفرقة من 
بنادق آلية وقذائف آر بي جي. كنت قد سئمت من تعرضنا للكمائن» ثم اضطرارنا إلى أن 
نقاتل للخروج من دائرة الاشتباك. وكما ناقشت مع قائد الفصيل الإماراتي عندما كنا 
نخطط للمهمّة» وعادة ما تكون كىائن حركة طالبان مؤلفة من بضع شاحنات "بيك-آب" 
مملوءة بالمقاتلين الذين يحملون مدافع آر بي جي» ورب بنادق آلية خفيفة» أما نحن فكانت 
لدينا عشر مركبات مدرعة كل منها مزوّدة بمدفع رشاش ثقيل» أو قاذفة قنابل. 


من EO olla‏ إنيا ترس ارمع AU‏ إن لسكا المحليين OL N‏ تحن 


180 


الفصل الخامس: الطريق إلى قلعة موسى .. عودة طالبان 


نحتاج إلى إرسال رسالة مفادها أنه إذا هوجمت القوة الإماراتية» فإنهم سيتعرضون 
لضربة هجومية مضادة. وإذا ما حدث هذا بضع مرات» فسأضمن لكم أن حديثكم 
سيصل إلى مجموعات طالبان ولن تتعرضوا للهجوم". 


أعجب الرائد موسى بهذا الكلام. كان ضابطاً محترماً في قيادة قوات العمليات 
الخاصة الإماراتية» وكان قد وصل حديثاً من أبوظبي مع فريق القوات الجوية الذي 
سيتولى عملية المسح. كان قصيراً ممتلئ الجسم وعصبياًء وقد تولى هذه المهمة بعينها. قال 
موسى "إذا عبثوا معناء فسوف ندميهم... سأرسل لهم رسالة مسجّلة على الرصاص". 


كان جراهام» رقيب الاتصالات التابع لناء يقف على برج مزوّد بمدفع رشاش ثقيل 
من عيار 0.50 بوصة في ذلك اليوم. وهو نفسه جراهام الذي ركض أعلى الوادي حاملاً في 
يده قنبلة يدوية في مواجهة الرشاش GPKM‏ وادي تاجاب. كان رقيب اتصالاتنا الأول» 
شون» هو الذي يقود المركبة. وكان شون طويلاً (195 سم)» قوي البنية» ذا لحية سوداء 
åk gh‏ يتحدث بلهجة سكان ولاية ألاباما؛ كان رابط الجأش ثابت الجنان في كل مهمة 
معنا. في الكرسي الخلفي في المركبة كان يجلس جوردوء من الفريق الطبي. في العادة» 
يكون لديه مدفع رشاش مركب على ذراع قابلة للحركة لكي يغطي القوس الخلفية 
وجوانب المركبة» ولكننا اضطررنا إلى استعارة هذه المركبة بعدما تعطّلت المركبة الاعتيادية 
الخاصة بنا. كان جوردوء وهو يعمل مسؤولاً تنفيذياً في إحدى شركات الاتصالات في 
حياته المدنية» مكلّفاً بمساعدة القوات الخاصة التشيكية في بناء مجمع جديد في قندهار. 
وعندما توقفنا في قندهار ونحن في طريقنا إلى هلمند لتنفيذ هذه المهمة» طلبت منه أن GL‏ 
ما OY‏ التشيكين كانؤا متاخرين ولماياتوا بعد و کت سعدا OL‏ يكو لدينا سيقت 


ذو خيرة. 


في الليلة التي مررنا فيها عبر مطار قندهارء توقفتٌ في قيادة قوة العمليات الخاصة 
لجنوب أفغانستان لرؤية صديق قديم وزميل دراسة في "معهد فيرجينيا العسكري". يدعى 
جوش» كان يؤدي الخدمة في المقر كضابط عمليات مساعد. كان جوش ضابطاً موهوباً 


181 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


ورزيناًء وكان قد استغرق في دراسة نظرية مكافحة التمرّد قبل أن يصبح ا موضوع رائجاً في 
الدوائر العسكرية» وكنت أتطلع إلى معرفة رأيه حول أسباب اكتساب حركة طالبان هذا 
الزخم السريع في الجنوب. وعندما تحدثنا بدأت أدرك حجم التدهور الأمني الذي حل 
بالجنوب منذ أن US‏ نقوم بدوريات في أوروزغان وأجزاء من هلمند على مدار الشتاء 
السابق. 


قال لي وهو يفتح ذراعيه كا تفتح البوابة: "لقد انفتحت بوابات تدفق حركة طالبان 
في الحدود الجنوبية لولاية هلمند مع باكستان". وأضاف: "نحن نشاهد مئات المقاتلين 
يتدفقون عبر الحدود ومباشرة إلى أعلى وادي نهر هلمند. وفي ظل انسحاب قواتنا خلال 
الشتاء الماضي وتأجيل انتشار البريطانيين من قاعدتهم في الشمال في مزار الشريف إلى 
الجنوب في هلمند حتى منتصف الصيف» لم يكن هناك ما يوقفهم. LÍ‏ متأكد من أنك 
سمعت أن مفرزتي العمليات ألفا تتعرضان لوابل من القصف. إنهم لا يقومون بأي 
تواصل مع القبائل» ولا يقومون بتدريب الجيش الأفغاني» ولا يقيمون عيادات طبية في 
القرى". قال وهو هز رأسه: "إنهم مشغولون ني قتال يومي شرس lE‏ أرواحهم". 

قلت له إنني أعتقد أن الأمر كان مزيجاً من تلك العوامل إضافة إلى عدد من 
العوامل الأخرى التي قادت إلى مثل هذا التدهور الحاد في الأمن. "أولاًء إنها هذه الحملة 
الكبيرة للقضاء على الخشخاش بالتزامن مع إقالة شير محمد أخونزاده من منصبه كحاكم 
للمنطقة» ورئيس شرطته» هي التي أغضبت ختلف القبائل لأسباب مختلفة. ثانياًء Lel‏ 
الفجوة بين رحيلنا وبين قدوم البريطانيين» إضافة إلى الجحافل التي تدفقت فجأة عبر 
الصحراء الجنوبية من باكستان. IG‏ لقد أرسلنا رسالة إلى العام مفادها أن أفغانستان م 
تعد مهمة بالنسبة إليناء ومن ثم فنحن نسلمها إلى حلف الناتو. وأخيراً» نحن نعرف أن 
قيادة طالبان» بمن فيهم الملا عمر نفسه» تريد أن توقع ضحايا في أوساط الأوروبيين» ما 
يجعل مواطنيهم يتساءلون عن سبب وجودهم هنا. أعتقد أننا قد بدأنا نشاهد للتو اندفاعة 
فالا الكبوزة heal (clay‏ سيكون Ces‏ 


182 


الفصل الخامس: الطريق إلى قلعة موسى .. عودة طالبان 


ناقشنا جميع المؤشرات التى رأيناها خلال العامين الماضيين والتى مهدت 
الطريق لعودة طالبان مرة أخرى. "اغتيالات للشيوخ وللملالي الموالين للحكومة» 
وإعادة العلاقة مع قواعد الدعم القبلي وتجنيد القبائل الساخطة» ولاسيا تلك التي كان 
يضطهدها جان محمد خان وشير محمد. لقد تعلّسم هؤلاء التكتيكات والأساليب 
والتدابير من الأوغاد في العراق فيم| يتعلق بالعبوات الناسفة البدائية الصنع 
والانتحاريين. وهناك الإحباط الهائل من حكومة كرزاي"؛ أحصيت هذه العوامل 
واحداً تلو الآخر على أصابع يدي. 


"نعم» الناس Lo]‏ واقفون على الحياد وإما يبدلون مواقفهم تماماً؛ لأنهم ذاقوا ما فيه 
الكفاية من المسؤولين الذين يشبهون أفراد العصابات الذين يديرون الولايات. الأمر 
الذي أقلقني فعلاً هو أن مفارز العمليات ألفا تعثر على مخازن أسلحة جديدة تماماًء كما 
يعثرون على أسلحة ثقيلة أيضاً؛ ومعظم هذه الأسلحة صينية الصنع. ونحن لا نعرف بعدٌ 
إن كانت قادمة عبر باكستان أو إيران أو Lgl‏ لقد ولّت أيام البنادق الصدئة المتبقية من 
خلفات المقاومة ضد السوفييت. يجب أن تأخذها معك إلى واشنطن» يا صديقي". واصل 
جوش حديثه وربت على ظهري "هذه الحرب تمتد إلى الجنوب بسرعة في ظل كل هذه 
العوامل التي تقف ضدنا. أول ما نحتاج إليه هو توفير مظلة أمنية» ولاسيما في مدينة 
قندهار. نحتاج على الأقل إلى لواء مشاة من الجنود الأمريكيين هنا. يبدو أن الكنديين 
الذين انتقلوا إلى قندهار جيّدون ولكن لا يوجد عدد كاف منهم» وهم لا يعتزمون إرسال 
أحد إلى مدينة قندهار. أليس توفير الأمن في المراكز السكانية جزءاً أساسياً من مكافحة 
التمرّد؟ كا أن الكنديين لا يتنبهون على الإطلاق إلى الشخصيات المهمّة في اللعبة القبلية. 
ليس في وسعنا القضاء على تمدد حركة طالبان هنا بكتيبتين فقط من القوات الخاصة 
تنتشران عبر الدولة بأسرهاء ولواء مشاة أمريكي واحد في الشرق. نحن نحتاج من 
دون شك إلى المزيد من الجيش الأفغاني". بدا جوش مستاءً. للأسف. سيستغرق الأمر 
أربع سنوات أكثر عنفاً قبل أن يتم تخصيص قوات أمريكية لتأمين مدينة قندهار بعد طلب 
الجنرال ماكريستال زيادة حجم القوات الأمريكية. 


183 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


cael‏ جوش SUG‏ "إن a tates a‏ عليها فعلنه Bl ell Ld‏ نا 
جوش "؛ وأضفت "لدينا ما لدينا هنا. المعلومات التي لديّ من الناس الذين أتراسل معهم 
عبر البريد الإلكتروني في البنتاجون» هي أن الجنرال إيكنبيري يضغط في اتجاه تسليم المهمّة 
إلى حلف الناتو في أسرع وقت. وقد أعلن رامسفيلد في ديسمبر أننا سنقوم بتخفيض عدد 
قواتنا. إنه يريد تقليل عدد القوات الأمريكية هناء وليس زيادته". 


ما أزال Sii‏ جيداً Uy‏ خارج من مكتب جوش أفكرء أنه قد حدث J på‏ واضح 
في الحرب. المؤشرات البدهية حول وجود دعم خارجي للتمرّد هي أكثر ما يقلقني. هل 
انقلبت باكستان ضدنا؟ إيران الشيعية هي عدو طبيعي لحركة طالبان السنية المتطرفة» 
ومن ثم فإنه من غير المنطقي أن يقوم النظام الإيراني بنقل الأسلحة وتدريب التمرّد. هل 
اليتون يقومون شرا بارال del‏ جديدة إل طالبان Les pm ope byt SI‏ 
بوصفي درست التاريخ العسكريء أعلم أنه من المستحيل تقريباً أن pe‏ حركة تمرد لديا 
ملاذ خارجي يمكن لا فيه أن تلتقط أنفاسها وتستعيد قوتهاء وتجد دعباً من دولة راعية. إن 
الأمور تتجه لتصبح أكثر فأكثر أشبه با فعلته الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الروس في 
أفغانستان في ثانينيات القرن العشرين. 


في وقت لاحق من تلك الليلة» طرق جوش على باب الكوخ الخشبي الذي كان 
الجنود يجلسون داخله ليعدٌوا أسلحتهم» وطلب مني أن أخرج. 


"انظر يا مايك» نحن نعرف بعضنا Law‏ منذ أن كنا في سن الثامنة عشرة حليقي 
الرؤوس في الكلية. أنا أحبك حب الأخ لأخيه» وأطلب منك كصديق ومهني ألا تذهب 
في هذه المهمّة. أنت تسير إلى حتفك» وليس معك سوى خمسة أمريكيين. لقد تعرضت 
فصيلة فرنسية وفصيلتان من الجيش الأفغاني هجوم وتم دحرهما خارج منطقة 
سانجين» وما يزال هناك اثنان من أفرادهما مفقودين. إنه لأمر سيّى. أنت لا تخضع 
لقيادتناء ولكن لو كنت كذلك لنصحت رئيسي بأن يأمرك بعدم الذهاب". كنت 
مدهوشاً من إصراره على ذلك. يمكنني القول إنه كان خائفاً gfe‏ حقاً. 


184 


الفصل الخامس: الطريق إلى قلعة موسى .. عودة OLS Ub‏ 


"جوش» أمامي فرصة لتحقيق إنجاز. الإمارات تقول لي إنها إذا حصلت على إذن 
ببناء القاعدة في شمال هلمند» فإنهم سيجلبون طائرات الشينوك والأباتشي وقوات 
المشاة الميكانيكية» فضلاً عن التمويلات التنموية الكافية لبناء "دبي أخرى" هنا. إنهم 
عرب» يا جوش. لقد شهدت التغيير الذي أحدثوه بمجرد دخوهم إلى قرية أفغانية. 
يستطيعون التحدّث مع الأفغان بمستوى من المصداقية لن نملكه أبداً. لقد عملت على 
هذا الأمر طوال أربعة أشهرء وهذه المهمة هى لمذا الغرض. وإذا كان يتعيّن عل أن 
أخوض المعارك إلى قلعة موسى لاصطحاب فريق المسح كي يختار موقعاً للقاعدة» فليكن 
ذلك. بالإضافة إلى ذلك» ومن الناحية الاستراتيجية» ليس سيئاً أن يبنى أحد أفضل 
حلفائنا قاعدة تحتوي على مدرج للطائرات على أعتاب إيران. ونحن ماضون إلى غايتنا ما 
لم تقنعني ob‏ عناصر طالبان يجوبون الشوارع بدبابات "OW‏ 

رد جوش "حسنا يا أخي. أعرف كم أنت عنيد!"» "سوف أدعو لك في صلواتي. 
إذا حدث شىء لك» فسوف تعاقبنى أمك بشدة. سوف أتواصل معك عبر شبكة 
الاتصال. رمز الاتصال الخاص بك هو 53 Punisher‏ (بانيشر 53)» صحيح؟". 

وقلت له وأنا أعانقه: "نعم» اجعل القوة الجوية على أتم الاستعداد". 

كانت "فلاح 2" على بعد بضعة كيلومترات خلفناء وكان براين المسعف الأول 
وعنصر آخرء ورقيب إماراتي في مركبة التنقل البري الأخرى التابعة لنا. قال براين عبر 
اللاسلكي "نتعرّض لقذائف آر بي جي متقطعة من ناحية اليسار قرب بستان للأشجار". 

أجبته: "روجرء حاول أن تناور حتى توقفهم في مكانهم وسوف نعود إليك 
لتطويقهم من ناحية الشمال". 

عمّت في الدقائق القليلة اللاحقة حالة من الفوضى المربكة بيني وبين قائد 
الفصيل الإماراتي "فلاح 1". كانت شبكة اللاسلكي الخاصة به مشوّشة بأصوات 


صراخ باللغة العربية. لم أستطع العودة بالفصيل» ولكنني لم أرد أن HË‏ عن رجالي في 
هذا الاشتباك. 


185 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


صرخت عبر اللاسلكي وضجيج صوت المحرك يزعجني: "عليهم اللعنة» شون. 
أرجع هذه المركبة وسوف نطوق عناصر طالبان بأنفسنا إذا لزم الأمر". 


بحلول الوقت الذي استطعنا فيه العودة إلى موقع الكمين» كان فصيل "فلاح 2" 
قد استطاع الخروج من مرمى قذائف آر بي جي ومن منطقة الخطر. 

"هذا كثيز على خطة ال هجوم التي اتفقنا عليها مع الرائد موسى".. قلت ذلك 

في الحقيقة» كان فض الاشتباك مع عناصر طالبان التي تهاجمنا والمضي قدماً في 
طريقنا هو الشيء الصحيح في هذا الموقف. كنا نحتاج إلى التركيز على الهدف النهائي 
للمهمّة» وكان يمكن أن نتورّط في تمشيط أشجار المانجروف بالقرب من النهر من مقاتلٍ 
طالبان. كان ما يزال لدينا الكثير من المناطق التي يجب أن نجتازها للوصول إلى قلعة 
موسىء با في ذلك عبور الجسر الوحيد على نهر هلمند عند سد كاجاكي. زاد شون 
سرعة المركبة ونحن نلتف محاولين اللحاق ب "فلاح 1" قبل الوصول إلى بلدة سانجين 
السيئة الذكر. كانت سانجين قد بدأت تصبح أخطر منطقة في أفغانستان» وكنا نعتزم أن 
نسلك طريقاً يلتف حول البلدة من الشرق. ولكننا انعطفنا عند إحدى الزواياء وسرعان 
ما وجدنا أنفسنا نسير بمركبتنا وحدنا وسط البلدة. 


وجدنا مجموعات من الرجال ممن هم في سن الالتحاق بالخدمة العسكرية يرتدون 
عمائم سوداًء وقد تركوا ما في يدهم من عمل واصطفوا على طول الطريق الترابي الذي يمر 
عبر سوق البلدة. وقفوا هناك فقط» على بعد بضعة أمتار من مركبتناء وأخذوا يحدّقون فينا 
ونحن نمضي ببطء أمامهم ونحدّق فيهم أيضاً. كان المشهد سريالياً. شاهدنا من بعيد 
مجموعات رجال على متن شاحنات "بيك-آب" تنطلق مسرعة. وأمامناء شاهدنا امرأتين 
تخرجان من بيتيه| وتأخذان (SULT‏ من الشارع. 


قلت لشون: "أعتقد أنهم قد فوجئوا قليلاً برؤيتنا". 


186 


الفصل الخامس: الطريق إلى قلعة موسى .. عودة طالبان 


رد قائلاً: "نعم سيدي. السبب الوحيد الذي يجعلهم لا ماجموننا مباشرة الآنء 
هو أنهم يعتقدون أن هناك نوعاً من الخديعة... نحن بمفردنا هنا. بمفردنا فعلاً الآن". 


عقب مغادرة البلدة ببضع دقائق سمعت كلاماً مضطرباً باللغة العربية على موجة 
اللاسلكي الخاصة بالقوات الإماراتية. وبمجرد مرورنا بمجمع سكني وحقل مفتوح إلى 
يسارناء انفتحت علينا النار كالجحيم. شعرت Bed‏ كأنني حشرت رأسي في ماكينة 
لصنع "الفُشار"؛ حيث فتحت علينا النيران من عدد من الرشاشات وبنادق 
الكلاشتكوف AK-47‏ 


صرخ جراهام وهو يدير الرشاش الثقيل من عيار 0.50 بوصة صوب الحقل 
المفتوح الذي يفصل بيننا وبين سلسلة من السدود على طول نهر هلمند: "أرى رشاشات 
دوشكا إلى جهة الساعة التاسعة (أي اليسار)". 


قال براين عبر اللاسلكي: بانيشر 3-5 ألفاء هنا 3-5 برافو» نحن خلفكم 
UE 5‏ 
مباشرة . 


نظرت إلى الخلف فرأيت مركبة براين خلفنا ومن ورائها "فلاح 2". 
صرخت في شون قائلاً: "انعطف يساراًء انعطف يساراً في الحال. هاجم الكمين". 


انعطف شون يساراً بسرعة فيم توقفت مركبة براين وإحدى مركبات بانهارد 
التابعة للقوة الإماراتية في خطء [ay‏ عبرنا نحن الحقل بسرعة. 


cle‏ جراهام: "توقف حتى أستطيع أن أطلق وابلاً من الرصاص!". توقفنا وفتح 
جراهام النار من الرشاش الثقيل من عيار 0.50 بوصة. شاهدت رشقات المدفع التي يبلغ 
حجمها حجم كرة الجولف وهي تطير عبر الحقل وتصيب الساتر الترابي. بعدها اختفت 
فوهة الرشاش دوشكا الموجود لدى عناصر طالبان ورأسان من خلفه في سحابة من 


التراب والغبار. توقفناء وكنتٌ سند بندقيتي إم 4 على باب المركبة lan‏ يقف جوردو في 


187 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


مؤخرة المركبة وهو يطلق النار من فوق رأسي. أطلقنا أكبر قدر Ke‏ من رشقات 
الرصاص باتجاه مكمن ذلك الرشاش. 


صحت: "هناك واحد آخر إلى اليسار! اليسار!". وعندما نظرت رأيت وابلاً من 
الطلقات الخطاطة من رشاش دوشكا آخر تطير فوق مركبة براين. قام الرقيب الإماراتي 
الموجود في البرج بالرد على مصدر النيران ثم عاد إلى داخل المركبة لأن رشقات الرشاش 
دوشكا أصابت المركبة. بدأت مركبة البانهارد الموجودة من ناحية اليسار بإطلاق النيران. 


سمعت جراهام يفتح النار من المدفع الرشاش من عيار 0.50 بوصة. وعندما 
نظرتٌ إلى الجهة الخلفية اليمنى» ذُهلتٌ لرؤية سيارة تويوتا لاندكروزر مدرّعة زرقاء 
اللون مع فريق المسح الإماراتي تشق الطريق ثم تتوقّف فجأة. وني لحظة واحدة فتح باب 
الركاب واندفع الرائد موسى وفي يده بندقية إم 4. واختبأ خلف ساتر ترابي وفتح النار 
على مواقع طالبان المواجهة له. 


صاح جراهام "قذائف آر بي جي!" في الوقت الذي ظهر فيه خطان من الدخان 
الأسود فوق مركبتنا. 


وعندما Gall‏ رأيت دخاناً ينبعث من زورق ينطلق في النهر وعلى متنه ستة رجال. 
صاح جراهام وهو يوجه بندقيته صوب الزورق: "هل تمزحون معي؟ أتمتلك طالبان قوة 
بحرية؟". كان الدخان ينبعث من مدافع هاون يطلقها رجال طالبان من الزورق. وبدأت 
القذائف تنفجر أمامنا. 


نجح جراهام ومركبة البانهارد في إسكات النيران القادمة من المدفع الرشاش الثاني» 
ولكن الطوابق العلوية لمجمعين متعددي الطوابق بدأت OV‏ تلمع بنيران فوهات البنادق. 
انفجر زجاج المرآة الكبيرة إلى جانب شون وتبشّم الشباك الجانبي المدرّع لمركبته جرّاء 
رشقات الرصاص التي ضربت الزجاج السميك. رمى شون بجسمه الضخم نفسه بعيداً 
عن الزجاج المدرّع عندما أمطرته رشقات الرصاص. 


188 


الفصل الخامس: الطريق إلى قلعة موسى .. عودة طالبان 


صاح جراهام "اللعنة» المزيد من قذائف آر بي جي!". انفجرت بعض القذائف في 
ا لجو YY‏ بلغت مداها الأقصى. وكان جراهام يحاول يائساً تركيب صندوق ذخيرة جديد 
على الرشاش. وقمت أنا وجوردو بإطلاق النار من بنادقنا بأقصى سرعة ممكنة» 
للمحافظة على زخم النيران ريثا ينتهي جراهام من إعادة تعبئة سلاحه الرشاش. رأيت 
رجلين يرتديان قمصاناً وسراويل أفغانية رمادية اللون يركضان إلى جوار حائط حجري 
من جهة النهر باتجاه الساتر الترابي. استطعت رؤية محازن ذخيرة لبنادق كلاشنكوف مثبتة 
على صدريه) في جعب AB‏ ذات لون أخضرء ويمسكان شيئاً في أيد|. ونظرت من 
خلال منظار بندقيتي لأسدد وأطلق الرصاصء وفي اللحظة الأخيرة رأيت معه)ا ولداً 
صغيراً يركض بينهما. خفضت بندقيتي» Ley‏ اختبأ الرجلان خلف الساتر. ضبطت نقطة 
التسديد في منظار بندقيتي على الساتر حيث اختفيا. ظهر رجلان ورفعا بندقيتيهها صوب 
مركبة براين. أطلقت زفيراً بطيئاء وأنا أضغط على الزناد مرتين. هوى أحدهما برأسه إلى 


الأمام واختفى الآخر. 


peared اهاوق لقا لقد كانت هدا وم‎ EN من‎ Ge DUT الؤائل‎ etl 
أن ي يسقط الوابل اللاحق فوق رؤوسنا.‎ 


قال شون» وهو ينظر G‏ بهدوء متحدثاً وهو يمطمط الكلام» وكان يمسك سماعة 
جهاز اللاسلكي وهو يتحدث. "سيدي!» لقد توجهت بقية فصائل "فلاح" شهالاً. يبدو 
أننا وحدنا هنا. UT‏ أعتقد أنه حان الوقت للذهاب". 


كان 2 كان علينا إما أن نشن هجوماً مضاداً على الساتر» ونمشط المجمعين 
السكنيين» Lely‏ أن نوقف الاشتباك ونغادر ذلك المكان. وكان كلا الخيارين أفضل من 
المكوث في منتتصف الحقل. كنا وسط تقاطع النيران القادمة من رشاشين في المجمعين 
السكنيين المحاطين بجدران طينية» ونحن على وشك أن نتعرّض لمجموعة أخرى من 
قذائف الحاون من قبل قوة طالبان البحرية اللعينة الموجودة في النهر. ولتطهير الساتر 


189 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


والمجمعين السكنيين» سيكون علينا جميعاً مغادرة المركبات؛ وهذا يحتاج إلى فصيلة مشاة 
كاملة» ولیس إلى ما بين 6 و9 أفراد. لم تكن لديّ فكرة عا يمكن أن نفعله تجاه الزورق. 


قلت لشون: "اللعنة» حسناًء فلننطلق"» وأنا أقفز إلى مقعدي في السيارة. وأرسلنا 
إشارة إلى مركبة البانهارد الإماراتية لكي تنطلق Vol‏ ثم تبعناها وكانت مركبة براين في 
المؤخرة. 


واصل جراهام إطلاق GUI‏ حاولا توجيه النار صوب الزورق ونحن نلتف 
بالمركبة للخروج من دائرة الخطر. وعندما انكشفت مؤخرة مركبتنا في أثناء محاولتنا العودة 
إلى الطريق» تعرضناً لوابل آخر من الرصاص. 


£ 
صرخ جوردو "اللعنة» لقد أصبت". 


نظرت إلى الخلف فرأيته ملقى على أرضية المركبة. زحفتٌ بين ساقي جراهام وهو 
يقف في البرج» ثم WES A‏ صناديق الذخيرة والمياه للوصول إلى مؤخرة المركبة؛ حيث 
يوجد جوردو. استطعت أن أرفعه إلى وضعية الجلوس على مقعد موجود على جانب 
أرضية المركبة» وأجريت تقييياً سريعاً لحالته. كان الجزء العلوي من رجله اليسرى 
مضرجاً بالدماء. ولاحظت أن قطعة من ساعده الأيمن مفقودة» وكأن سمكة قرش قد 
قضمته. كا رأيت أن قراب المسدس الذي يرتديه على صدره كان مزقاًء ولكني أدركت أن 
الصفيحة المدرّعة خلفه قد أوقفت الرصاصة. وزيادة في التأكد» حشرت يدي بين 
الصفيحة الواقية وصدره. بدا كل شيء عادياً. نزلت على ركبتي فوق جوردو وأنا أنظر 
إلى الوراء والأسفل؛ وعلى الفور أمسكت بفخذه من الجانب الأيسر بكلتا يديّ محاولاً 
الضغط على الجرح. وانفجر الدم في وجهي. 


صحت منادياً شون "يا (AL‏ لقد أصيب بنزف فخذي"» كنت أعلم من التدريب 
الطبي الذي حصلت عليه من كل من براين وجوردو أن الشريان الفخذي هو أحد أكبر 
الشرايين في جسم الإنسان. كان أمامه دقائق قبل أن ينزف حتى الموت. 


190 


الفصل الخامس: الطريق إلى قلعة موسى .. عودة طالبان 


فتحت على الفور علبة الإسعافات الأولية المعلقة على درعه وسحبت العاصبة 
الضاغطة لوقف النزف. ووضعتها حول فخذه» وقمت بتثبيتها وشدَّها على فخذه بكل ما 
أوتيت من قوة. 

صاح جوردو "اللعنة يا مايك... هذا يؤلمني أشد MASI‏ 


رددت عليه "آسف يا صديقي. تحمّل قليلاً. أنا أقوم با تعلّمثّه منك". وسمعت 


نظرت إلى أعلى فرأيت مجموعة ومضات نيران فوهات البنادق على الجرف من 
الجهة اليمنى للمقدمة. علمت أنها أعلى من أن يتمكن جراهام من رفع مدفعه الرشاش 
باتجاههاء لذا أمسكت ببندقيتي وضبطتها على وضع الرمي رشاً. لم أكن سأطلق طلقات 
دقيقة من مركبة برية قضي مسرعةً على طريق ترابي وعر» لذا أبقيت أصبعي ضاغطاً على 
الزناد لإطلاق أكبر عدد Se‏ من الطلقات باتجاههم. dy‏ أثناء تقدم المركبة انزلق مغلاق 
بندقيتي بقوة إلى الخلف. في إشارة إلى نفاد الذخيرة من المخزن. لقد توقفت ومضات 
النيران المنطلقة من أعلى المنحدر. 


خفضت بندقيتي» وتناولت مخزن رصاص آخر من عدتي. عادةً ما كنت أحمل ثلاثة 
ojla‏ رصاص في جعبة المخازن المثبتة على الصفيحة المدرعة التي أرتديها على صدري» 
ومخزناً على يسار الحزام» والمخزن الموجود في البندقية. تنبهت إلى أنني كنت أقوم بتلقيم 
المخزن الرابع» ولم يعد معي سوى محزن إضاني واحد قبل أن أضطر إلى اللجوء إلى 
الاحتياط الموجود في حقيبة الظهر. 

حولت انتباهي مرة أخرى إلى جوردوء أخرجت عاصبة ضاغطة ثانية من جيب 
بنطالي وشددتها حول فخذ جوردو. أخرجت المقص الجراحي الذي كان جزءاً من معداتي 


وشققت سرواله من جهة الداخل حتى حزامه. مزقت سرواله في منطقة ما بين الرجلين» 
ورفعت رجله وأزحت خصيتيه لأتمكن من رؤية الجرح بشكل أفضل. 


191 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


صاح جوردو وهو يحاول أن ينظر للأسفل من فوق درعه إلى رأسي وأنا أعاين ما 
بين رجليه عن كثب: "ماذا تفعل هناك في الأسفل؟". 


أجبته: "أبحث عن المكان الذي خرجت منه الرصاصة.. اللعنة". قلت ذلك على 
ضجيج إطلاق الرصاص. حاولت أن أجعل Bole Gye‏ قدر الإمكان. وني داخلي كنت 
aw ee‏ أن اقرق عط gal casas‏ 


رد قائلاً وهو يعيد رأسه إلى الوراء: "حسناء عمل جيد. آنا سعيد بأنك كنت ثتنبه 


في هذه الأثناء» كنا نسير على الطريق السريع 611 بأسرع مايمكن» ونحن 
نحاول اللحاق بباقي العناصر. وقد امتد الطريق على طول قعر سلسلة طويلة من 
المنحدرات الصخرية العالية على يميننا. أما على يسارناء فكانت هناك المزارع التي تتخللها 
مجمعات سكنية على امتداد نحو ثلاثمئة ياردة بين الطريق والنهر. لدى طالبان رجال على 
جانبينا؛ رجال في الأعلى على المنحدرات الصخرية يطلقون النار إلى الأسفل باتجاهناء 
ورجال ينتشرون في المجمعات السكنية والحقول على يسارنا. وقد صدمت تماماً عندما 
نظرثٌ إلى النهر فرأيت أن الزورق الذي fot‏ فريق مدفع الهاون كان مزوداً بمحرّك؛ 
ويسير بشكل مواز لناء ويطلق علينا القذائف لكي يمنعنا من القيادة إلى خارج منطقة 
الخطر. 

صرخ جراهام: "آر بي جي!" ني الوقت الذي كان فيه خط من الدخان الأسود 
ينحني على شكل قوس في المقدمة من ناحية اليسار وينفجر على المنحدر الصخري على بعد 
بضع أقدام من مركبتنا. 

استيقظت على أرضية المركبة. كان شون قد انحرف بالمركبة بعنف ليتجثب القذيفة 
الصاروخية فاصطدم رأسي بجانب المركبة. كان رأسي يؤلمني ونظرت لكي أتفقد 
جوردو فرأيته وقد سقط عن المقعد. 


192 


الفصل الخامس: الطريق إلى قلعة موسى .. عودة طالبان 


خريطة (9) 
الكمين بالقرب من سانجين, ولاية هلمند 





193 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


"نحن ننحرف عن هذا الطريق!" Cle‏ شون وهو ينحرف إلى اليمين على طريق 
الحظ. كانت مجموعتا "فلاح 1" و"فلاح 2" قد سلكتا الطريق نفسه» وشكلتا دائرة حماية 
على بعد مئات الياردات أمامنا. وتمكنت من رؤية حوامة الإجلاء الطبي تحوم على مسافة 
منا. 

توقفت مركبة براين» وقفز إلى مؤخرة مركبتنا ومعه حقيبته الطبية. وسرعان ما 


تولى الأمر وبدأ بإسعاف جوردو. 


بدا الأمر وكأن ساعة قد مرّتء ولم يكن فريق الإجلاء الطبي قد هبط بعد. OLS‏ 
جراهام وشون يتصلان عبر شبكتي لاسلكي مختلفتين؛ حيث يحاول شون استدعاء 
طائرات لتنفيذ ضربات جوية» led‏ يسعى جراهام إلى التواصل مع فريق الإجلاء الطبي. 
وكنا ما نزال نتعرزض لقصف عشوائي بقذائف الحاون ورشقات رصاص متقطعة؛ وقد 
سمعت جراهام يبلغ تلك المعلومات للطيارين. 


قلت له صارخاً: "قل لهم إن منطقة المبوط آمنة! وما دمت تقول لمم إننا نتعرّض 
لإطلاق النار» فلن يببطوا!". 


وسرعان ما قمنا بتحميل جوردو على متن الحوامة إضافة إلى عسكري إماراتي كان 
قد أصيب برصاصة في الرأس لم تخترق خوذته ولكنها أفقدته الوعي. كما وضعنا على متن 
الحوامة مقاولاً تملّكه الخوف الشديد بحيث ل Gå‏ على الحركة» كان يستقل المركبة المدرّعة 
الإماراتية. لم أستطع أن أصدق حظنا الطيب» بحيث لم نفقد شخصاً آخر. 


بدأت بسرعة في إعداد خطة مع الرائد موسى "العصبي" من أجل الوصول إلى 
جسر سد كاجاكي ومنه إلى قلعة موسى. كان هناك ثلاثة من إطارات مركبتنا المدرعة قد 
فرغت من المواء جراء إصابتها بالرصاص. وكنا بحاجة إلى تبديلها بالإطارات الاحتياطية 
وإعادة توزيع الذخيرة. عندما رن هاتف BV‏ الصناعية ناولني إياه شون. كان جميع من 


194 


الفصل الخامس: الطريق إلى قلعة موسى .. عودة طالبان 


في مسرح العمليات يستمع إلى جهاز اللاسلكي المتصل بالأقمار الصناعية عندما يقوم 
أحد العناصر بالاتصال» وكان الهاتف غالباً ما يستخدم للمحادثات الأكثر خصوصية. 


"مايك» هذا ديف. ما هي خطتك للمضي قدماً؟". 


كان ديف هو قائد وحدتي في مريلاند في الولايات المتحدة الأمريكية» وكان يخدم في 
مقر قيادة قوات العمليات الخاصة المشتركة بصفة مدير لقوة العمليات الخاصة للتحالف. 
كانت الفرق المختلفة المقسمة التابعة لي والمنتشرة حول البلاد والمدمجة مع وحدات 
التحالف» جيعها ترفع تقاريرها إليه في نهاية المطاف. 


رددت ale‏ "نحن نواصل مهمتنا. لقد أعددنا للتو خطة لشن هجوم مضاد 
والقتال لعبور الجسر إذا اضطررنا إلى ذلك» ثم نواصل طريقنا صعوداً إلى قلعة موسى". 


"لاء هذا لن يفلح. الوضع شديد الخطورة هناك. عليكم أن تلغوا المهمة وتبدؤوا 
بشق طريقكم للعودة إلى القاعدة". 


كنت أستشيط غضباً. "ديف» لقد bus‏ تُقتل ونحن نقاتل لشق طريقنا حتى وصلنا 
إلى هناء وأنت بهذه البساطة تريدني أن أعود الآن؟". 


فقال كأمر واقع: "يا مايك» إن نصف جيش طالبان ينتظركم على الجهة الأخرى 
وقاذفات عديمة الارتداد". كانت هناك مدافع رشاشة ثقيلة» ومدافع صغيرة مصممة 


"سيديء F055‏ ببعض الدعم ا لحري المتواصل» وسوف أخترق أي شيء لدم 
عند الجسرء وأقوم بإجراء المسح» وأعود عبر الطريق الصحراوي الطويل. لم نتكبّد سوى 
إصابتين ولدينا كم كبير من الذخيرة. لقد سئمت الهروب في كل مرة نتعرّض فيها 
للهجوم. هذا يمنح الأوغاد فوزاً ونصراً دعائياًء اللعنة!". 


195 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


ELL"‏ آنا شكوت". كان الرائد شكوت ضابط عمليات قوات العمليات الخاصة 
المشتركة» المسؤول عن العمليات الحالية عبر جميع مسارح عمليات قوات المهام الخاصة. 
"أقدّر رغبتك في مواصلة القتال. هذا من شيم أصحاب القبعات الخضر. لكنكم يا 
رجال قد تغلبتم على مجموعة كبيرة من الأوغاد هناك» ومن ثم فإن كل قائد طالباني في 
الولاية يجهّز الآن رجاله لتعقبكم. لدينا طائرات بريداتور من دون طيار تحلق فوقكم 
ونحن نرى الأشرار OWL‏ يحاولون الانقضاض عليكم الآن في أثناء حديثي معك. لن 
تذهبوا إلى ذلك الجسرء وإن كان علي أن أحدّئك بصراحة alas‏ أنا الآن قلق بشأن كيفية 
إعادتكم إلى قاعدة العمليات المتقدّمة روبنسون جنوب سانجين. إذا واصلتم التوغل 
باتجاه قلعة موسى فسوف يحكمون إغلاق الطريق من خلفكم بطريقة ستحتاج إلى فرقة 
كاملة لاختراقه. وعندها ستكونون محاصرين» وأنت تعلم أنه ليس لدينا سوى مفرزة 
عمليات ألفا أخرى واحدة فقط وبعض البريطانيين الذين وصلوا لتوهم..."» ثم توقف 
وبدأ يتحدّث إلى شخص آخر. 


"حسناً" قال شكوت مستأنفاً حديثه "إضافة إلى طائرات البريداتور» حصلت على 

ثرات قاذفة من طراز 4-10 و8-1. يتعيّن عليكم أا الرجال التحرّك صوب الجنوب في 

أسرع وقت قبل أن يتكاثر الأوغاد عليكم. سوف نراقب الدعم الجوّي اللصيق من 

خلال طائرات البريداتور. وعندما يحل الظلام» سنحاول أيضاً إرسال طائرة هجومية من 
طراز 80-130. إن قتالکم» لم يقترب بعد من نہایته» يا مايك". 


بعد نحو ثلاثين دقيقة من LS SË‏ حدثت سلسلة من الانفجارات المدؤية على 
الجانب الآخر من تلة صغيرة ÉS‏ قد أجلينا جوردو طبياً منها. Cocke‏ لاحقاً أن أكثر من 
ستين مقاتلاً من طالبان قد تجمّعوا هناك في محاولة للانقضاض علينا. كان سكوت وفريق 
العمليات الخاصة المشتركة المختلطة يشاهدون عناصر طالبان عبر اللقطات التي ترسلها 
طائرات البريداتور» وهم يحتشدون ويعدون العدة للهجوم عليناء قبل استدعاء الطائرة 
القاذفة 8-1 لإلقاء قنابل موجُهة بنظام تحديد المواقع العا مي (جي بي إس) زنة الواحدة ألفا 


رطل عليهم. 


196 


الفصل الخامس: الطريق إلى قلعة موسى .. عودة OLS Ub‏ 


بدأ تحركنا خلال الليل» OLE by‏ القمر ومع وجود مجموعة من الرجال المرهقين 
الذين يقودون OLS Ll‏ باستخدام مناظير الرؤية الليلية» خلنا أن الليل سيستمر إلى ما y‏ 
نهاية. ومن وقت إلى آخر كان فريق العمليات الخاصة المشتركة المختلطة يتصل بناء ويطلب 
منا التوقف وإحصاء رجالنا. وبمجرد أن ASH‏ وجود الجميع» كنا نسمع صوت سلسلة 
انفجارات على أحد جانبينا ونسمع دوي الطائرات على مسافة. قضينا الساعات الاثنتي 
عشرة اللاحقة نختار طريقنا عبر الدروب الوعرة الخاصة بالمواشي والأودية والقرى 
حتى نصل إلى القاعدة الصغيرة في جنوب سانجين. 


عندما أصبحت الطائرة الحربية من طراز 80-130 في سماء المنطقة» كانت تساوي 
وزنها ذهباً. وى كان عهدي دائياً في التعامل مع هذا الطراز من الطائرات» ولسبب ماء 
كان الضابط الذي يقوم بعملية الاستهداف أنثى. كان سماع صوتها الناعم عبر موجات 
اللاسلكي» بعد هذا اليوم الطويل المغبر والمملوء بالمغامرة» كالصدمة لي في البداية» ثم 
أصبح عاملاً مهدّئاً. كانت تقوم من حين إلى آخرء وهي تحوم فوقناء بتشغيل كشافات 
الأشعة ما تحت الحمراء الضخمة الموجودة في الطائرة» والتي كانت تنير المنطقة بأسرهاء 
بحيث نراها عبر مناظير الرؤية الليلية كشيء أشبه بضوء النهار الأخضر. اتصلت بنا 
og‏ لتبلغنا ob‏ عدداً من الرجال يحتشدون في نقطة متقدّمة على الطريق أمامنا. وما هي 
إلا دقائق حتى كنا سمعنا صوت مدفع من عيار 120 مم المركب في الجزء الخلفي للطائرة 
0-0 وهو يطلق قذائف مدؤية تكسر سكون الليل» فتمحو الكمين الذي كان 
ينتظرنا. 


ثم تعيد الاتصال بصوت هادئ: "تم تدمير الهمدف» طريقكم آمنة للتقدم". 
قال شون: "يا رجل» إنها مثل ملاك الموت". 
"أراهنك أنها فتاة شقراء جذابة ومثيرة"» هكذا كان يردد جراهام في كل مرة تتصل. 


"ربا فتاة رياضية طويلة سويدية الشكل من اللواتي يشاركن في السباقات الثلاثية". 


197 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


عقب كل اتصالء كانت تدور بيننا مناقشة عا هو شكل الفتاة» وهذا سهم في 
إبقائنا يقظين. في النهاية» تحوؤلت المناقشة إلى رهان بين شون وجراهام حول لون شعرها. 
وكان الرهان على زجاجة ويسكي "بوربون". وأخيرا» وبعد أن سئمت من سماع حديثههما 
عنهاء اتصلت بالطائرة على موجة "إف إم" المحلية حتى لا يسمعنا بقية العناصر في 

ردت وهي تخ تضحك: "سمراء. الشعر بني غامق أملس. : نصف : مكسيكية". 

WY جراهام في الليل "أو‎ cle 

قال شون "لقد أخطأت هدفك» يا جراهام" "سوف أحصل على زجاجة البوربون» 
شكرا للف" 

رد جراهام: "حسناً. سوف أشكرها في المرة القادمة التي نذهب فيها إلى قاعدة 
باجرام. أنا أتحدث الإسبانية! BE)‏ بالإسبانية)". 

كانت قاعدة العمليات المتقدّمة روبنسون قاعدةً عسكرية صغيرة مُتربة على قمة تل 
في جنوب شرق سانجين تماماً. كانت قد تمت تسميتها مؤخراً على اسم عريف من كتيبتي» 
يدعى كريس روبنسون. كان کریس» وهو من ماديسون في اميسيسبي؛ حيث يقع مقر 
كتيبتناء من AST‏ الرجال GLb‏ وشهرةً في الوحدة. أصيب هو ورقيب آخر في فريقه وما 
يعملان على إنشاء منطقة لهبوط الحوامات خارج البلدة. توفي كريس في مكان الحادث. 
وكانت الوحدة محظوظة كونها لم تتكبّد أي وفيات خلال أول انتشار لما في أفغانستان» 
ولذلك كانت وفاة كريس ضربة قاسية إلى حد كبير. 

تحركنا عبر الصحراء تحاشياً للمرور ثانية عبر البلدة والسوق. كان البريطانيون قد 
تولوا الإشراف على قاعدة روبنسون قبل وصولنا بأسبوعين. كانوا يتعرّضون هجوم 
ليلي. كما كانت القاعدة حينها تؤوي فريقا صغيرا من الحرس الوطني لولاية تينيسي يقوم 
بمهمة تدريب لسرية من الجيش الوطني الأفغاني متمركزة هناك. كان أفراد الحرس 


198 


الفصل الخامس: الطريق إلى قلعة موسى .. عودة طالبان 


متحمّسين جداً لمرافقة وحدة من الجيش الوطني الأفغاني داخل ما يوصف ب "فلوجة 
أفغانستان". 


لم تتم إعادة تزويد القاعدة بالمؤن منذ وصول البريطانيين. وكانت الحوامات التابعة 
للقاعدة تتعرّض لإطلاق النار في كل مرة تحاول جلب المؤن coh‏ وعادة ما كانت تضطر 
إلى المغادرة من دون المبوط. بالإضافة إلى ذلك» كانت شاحنات البريطانيين غير المدرّعة 
تتعرّض للكمائن كلما كانوا يحاولون القيام بالرحلة براً من قندهار. ونتيجة لذلك كانت 
القاعدة Gls‏ نقصاً حاداً في المؤن الأساسية. كانت المرة الأولى خلال حياتي العسكرية 
التي نواجه فيها خطر نفاد الماء فعلياً. كان أفراد الحرس الوطني يوزعون زجاجة ماء على 
كل فرد» وكاد يتم استبعاد البريطانيين من عملية التوزيع. وفي النهاية» طلبنا من أحد 
المترجمين الفوريين أن يتحدث مع أفراد الجيش الأفغاني ويعطيهم بعض النقود ليبعثوا أحد 
العمال إلى البلدة لإحضار شاحنة مياه. في تلك الليلة جعلنا أحد سائقي الجيش الوطني 
الأفغاني يتسلل إلى القاعدة. قال لنا السائق إن طالبان ستقطع رأسه إن علمت بالأمر. 
كانت تلك إشارة واضحة على مدى تعاظم قوة طالبان في المنطقة منذ أن كنا هنا قبل 
أشهر. دفعنا 10 آلاف أفغاني (العملة الأفغانية)» أو مئتي دولار تقريباًء لإقناع الرجل بأن 
يجازف لإحضار الماء لنا. ومع ذلك» طلب الجيش الوطني الأفغاني عدم إعطاء الماء 
للبريطانيين. كان أفراد الجيش الوطني الأفغاني يكرهون البريطانيين ويعتقدون أننا قد جئنا 
للعمل معهم مباشرة. قال ضابط في الجيش الوطني الأفغاني: "أنتم» القوات الخاصة» 
تتقاسمون الخبز معناء وتأكلون» وتنامون معناء وتطلبون رأينا في شأن الخططء وتبلغوننا 
بالمخاطر المحتملة. أما البريطانيون» فيخبرونني فقط كم رجلاً يريدون للقيام بدورية» ولا 
يخبروننا شيئاً بشأن المهمّة لأنهم لا يثقون بنا. إنهم يعاملوننا te‏ كانوا يعاملون أجدادنا. 
سوف يلاقون المصير ذاته الذي لاقاه أجدادهم في هلمند!". قال ذلك وهو يصفع رجله» 
مذكراً الجميع كلهم بأن الجيش البريطاني قد هُزم على يد المحاربين الأفغان في معركة 
مايواند البطولية في عام 1880. 


199 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد folie‏ القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


في الليلة اللاحقة» حاولنا العودة متسللين من الطريق الدائري إلى قاعدتنا في 
قندهار. بعد بضع ساعات من A pel‏ انكسر حور عجلات إحدى مركبات ال هامفي في 
قناة للري. كانت ليالي حالكة ليس فيها ضوء قمرء وهو ما كان يعني أن قيادة المركبات 
باستخدام مناظير الرؤية الليلية كانت أصعب من المعتاد. وفي إحدى المناطق» عقب انتظار 
مركبة قطر سيارات تابعة للجيش الوطني الأفغاني نحو ثلاث ساعات» لإعادة المركبة 
المدرّعة إلى قاعدة روبنسونء تلقيت اتصالاً من سكوت عبر تلفون الأقمار الصناعية. 

"مايك» المكان ملوء بأحاديث عن أنكم في الخارج هناك. الأوغاد يتحدثون بشأن 
محاصرتكم مرة أخرى. لقد اعترضنا Bole‏ للتو» مصدرها قائد حلي يعرض مكافأة نقدية 
كبيرة لأي فرد يتمكن من أسر أحدٍ منكم". 

لقد وقف شعر مؤخر عنقي وأنا أنظر بمنظاري الليلي Lads‏ خط الأشجار. 
اتصل سكوت ثانية: "مايك» أنا على وشك أن أجعل ليلتكم أسوأ. هناك قتال شرس في 
الشرق. كل الطائرات مشغولة هناك. أيها الرجال ستظلون بمفردكم حتى يمكننا تفريغ 
بعض الطائرات للعمل معكم. لكن إذا واجهتم وضعاً خطيراً فسوف نفرّغْ بعض 
الطائرات لتقديم المساندة لكم» ولكن حتى ذلك الحين» اعتمدوا على أنفسكم Lef‏ 
الرجال. آنا آسف". 


كنا في متتصف المسافة بين قاعدة روبنسون والطريق الدائري» وعلى بعد ساعات 
عن أي نوع من التعزيزات. لم يكن ببساطة يوجد أي شيء؛ سواء قاعدة للتحالف أو أي 
وجود عسكري بيننا وبين القاعدة الرئيسية في قندهار. وكان هذا تذكيراً صارخاً آخر 
بمدى قلة الموارد التي خصّصناها للمهمة الحائلة المتمثلة بإحلال الاستقرار في أفغانستان. 

أعددنا لتدمير مركبة الهامفي المعطوبة وذلك بإخراج الأسلحة وبعض الأشياء 
الحسّاسة من المركبة» تم وضع بعض القنابل الحارقة بداخلها وتفجيرها لتصبح هيكلاً لا 
قيمة له إذا اضطررنا إلى تركها. وكان قد تم إرسال مركبة قَطر السيارات إليناء ولكن لم 
نستطع الاتصال بها لأنه لم يكن لدا جهاز لاسلكي. وقضينا بقية الليل نراقب المناطق 


200 


الفصل الخامس: الطريق إلى قلعة موسى .. عودة طالبان 


المحيطة بناء مترقبين ومضات إطلاق نيران وانطلاق قذائف آر بي جي في أي لحظة. ول 
يحدث ذلك قطء ولكنها كانت من أطول الليالي في حياتي. في ذلك الوقت ES‏ قد اقتربنا من 
قضاء نحو أربعين ساعة من دون نوم. وأخيراً جاءت مركبة قطر السيارات قبيل بزوغ 
الفجر ونجحنا في العودة إلى قندهار. 


لم تستعد فكرة وجود قاعدة إماراتية خارج قلعة موسى زخها وأصبحت عالقة في 
دهاليز سياسة قوات التحالف. في ظل تولي البريطانيين مسؤولية الأمن في هلمند خلال 
فترة انتقال المسؤوليات إلى حلف الناتوء أرادوا أن تبدأ القوة الإماراتية في رفع تقاريرها 
إليهم إذا أرادت OLY‏ أن تكون لما قاعدة هناك» ولكن الإماراتيين اعترضوا. وكانت 
لهم Be‏ جيّدة مع قيادة القوات الخاصة الأمريكية في أفغانستان» وكانوا معجبين بالدعم 
الذي حصلوا عليه. حاولت الضغط من أجل تخصيص فريق مسح آخرء لكن في ظل 
العراقيل البيروقراطية وتعرّض فريق المسح للكمائن» فقدت الفكرة زخمها وتبدّدت. OLS‏ 
ذلك أمراً خجلا وشعرت بإحباط شديد. وحتى هذا اليوم» أشعر بندم شديد لعدم فتح 
قناة اتصال خلفية مع واشنطنء في حاولة لإعادة الزخم لفكرة إنشاء القاعدة. 


وسرعان ما ذهل البريطانيون من المشكلات والتعقيدات المائلة التي واجهوها في 
هلمند؛ حيث كانوا قد عدوا أنفسهم لمهمّة حفظ سلام شبيهة بتلك التي عايشوها في 
شهال أفغانستان. وتماشياً مع عقيدتهم في مكافحة التمرد» أنشؤوا سلسلة من مقار 
الفصائل تنتشر في الكثير من القرى عبر الولاية» لكي يكونوا قادرين على التفاعل بسهولة 
مع السكان» وحماية مراكز المديريات الرئيسية. كانت المشكلة هي أن المقار كانت متباعدة 
عن بعضها الآخر إلى درجة انتفت معها إمكانية الدعم المتبادل» ولم يكن يتوافر لدى 
البريطانيين قوات إضافية كافية لكي يستطيعوا التعامل مع البؤر الساخنة عند اشتعاها. 
وسرعان ما أصبحت هذه المقار بمنزلة متاريس دفاعية قيّدت جميع القوات البريطانية في 
هلمند. وكان يطلق على قاعدة روبنسون اسم "ألامو" [معركة دامية من معارك حرب 
الاستقلال بين جيش تكساس والمكسيك] YY‏ كانت تتعرّض للهجوم كل يوم تقريباً. 


201 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وفي النهاية» اتخذ البريطانيون القرار العملياتي Gly‏ بعض مقار الفصائل وتوحيد القوات 
لكي تتوافر لهم مرونة زيادة القوات حيث) احتاجوا إليها. كان أول مقر يتم إغلاقه ذلك 
الموجود في قلعة موسىء وتحوّل الأمر إلى موضوع مثير للجدل. وفي أكتوبر 2006 قررت 
القيادة البريطانية التفاوض لعقد هدنة مع طالبان عبر الشيوخ المحليين لكي تستطيع 
سحب رجاهها من المقر. وعد شيوخ المنطقة برفض سيطرة طالبان إذا انسحب 
البريطانيون وأكدوا للقيادة أنه برحيل القوات الأجنبية عن المنطقة» سوف تسود القواعد 
القبلية ويتمكّن الشيوخ من السيطرة على الموقف. في الواقع» لم يكن لدى شيوخ القبائل 
الوسيلة التي تمكنهم من تحقيق ما وعدوا به أو السيطرة على أفعال طالبان. وفي فبراير 
2007 احتلت مجموعة كبيرة من مقاتلي طالبان مركز مديرية قلعة موسى بالقوة» ورفعوا 
علم طالبان الأبيض عليها. 


بحلول الوقت الذي حدث فيه هذا في خريف عام 2006 كنت قد عدت إلى 
الوطنء إلى وظيفتي المدنية في البنتاجون؛ حيث توليت العمل على السياسات الخاصة 
بأفغانستان. كنا شديدي القسوة على نظرائنا البريطانيين بسبب عقد هذه الصفقة. لقد 
رفرف علم طالبان على مديرية قلعة موسى طوال الأشهر التسعة اللاحقة» ما أدى إلى 
شعور الحاكم داود بالمهانة والعار. وفي البنتاجونء قرأنا تقارير عن تطبيق أحكام الشريعة 
في المديرية» إضافة إلى غلق المدارس وفرض الضرائب. ووردت تقارير عن إعدام عدد 
من الأشخاص بعد اتبامهم بالتجسّسء وقام قادة طالبان بتجنيد الرجال عنوة للقتال 
لمصلحتهم. ولم تتم استعادة البلدة إلا بعد وصول الكتيبة رقم 82 المحمولة جوا والتابعة 
للقوات البريطانية» والكثير من مجموعات القوات الخاصة ترافقها وحدات من الجيش 
الأفغاني» وقامت باجتياح الوادي في ديسمبر 2007. لقد قاتلوا لمدة ثلاثة أيام ضد دفاعات 
طالبان المحصنة قبل أن يتمكنوا من رفع العلم GUI‏ مرة أخرى على مركز المديرية. 


لقد كان واضحاً بالنسبة إلى جيع الأفراد الذين خدموا في أفغانستان في عام 2006 
أن التمرّد قد تحوّل إلى الأسوأ. ذلك أن قطاعات بأكملها أصبحت تحت سيطرة حركة 


202 


الفصل الخامس: الطريق إلى قلعة موسى .. عودة طالبان 


طالبان. وقد استغلت الحركة نقص عدد القوات الأمريكية» وغياب الحكم الرشيدء 
وحملة القضاء على نبات الخشخاش التي أسيء توجيهها. ولكن واشنطن لم تكن تدرك ما 
حدث بشكل كامل. كان انتباه الجميع في البنتاجون مشدوداً باتجاه النقاش الصاخب بشأن 
المضي قدماً في العراق. كان الكثيرون في الكونجرس يطالبون بالخروج من العراق 
ويحاولون تمرير قرارات ai‏ التمويل للحرب. وحينها وصلت شعبية الرئيس بوش إلى 
مستويات متدثّية. كانت القيادة المركزية وكثير من كبار القادة في هيئة الأركان المشتركة» 
وكذلك وزير الدفاع رامسفيلد نفسه» ما يزالون يرون أن أفضل سبيل للمضي قدماً هو 
تخفيض الوجود في العراق» ley‏ ينهض العراقيون على أقدامهم. وني الوقت ذاته» كنا 
نسمع أحاديث دائمة من زملائنا في مكتب وزير الدفاع لشؤون السياسة» بأن البيت 
الأبيض يجري سلسلة من المراجعات السرية لاستراتيجيات جديدة» le‏ فيها تعزيز قواتنا 
في العراق» الأمر الذي لم يتخيله أحد. باختصارء لم يكن هناك على ما يبدو - وبصراحة - 
قدرة أو رغبة» بين أفراد القيادة العليا في سماع أن الأمور في أفغانستان قد بدأت تسوء 


7 e 


أيضاً. 


203 


الفصل السادس 


الفرنسيون فى "وادي معروف" 
بيدق فى لعبة دبلوماسية 


"استيقِظ يا سيدي" قال لي ويل وهو يطل برأسه إلى داخل غرفة نومي التي هي 
زا رهن ی مغر Gis a ele iy‏ اقامنة اكرات E‏ 
الفرنسية خارج بلدة سبين بولداك في جنوب شرق أفغانستان. "سيدي؛ رصد فريق 
استطلاع فرنسي مجموعة من 15 عنصراً من حركة طالبان يركبون شاحنات بيك-آب 
من طراز هايلوكس" - وهذا الطراز من تويوتا هو المعادل المستخدم في الدول الأجنبية 
لبيك-آب تويوتا من طراز تاكوما - "وهم يتجهون نزولاً إلى "وادي معروف" ويقيمون 
نقاط تفتيش هناك". ويل رقيب أول في القوات الخاصة الأمريكية» وهو ملحق بالقوات 
mare‏ ا فشي كان م وال مع E E‏ 
شهورء وهو يرتدي الزي الخاص بذوي القبعات ad‏ وكان يبذل أقصى جهده 
للقيام بمهام ضابط التنسيق التقليدي في مقار القيادة. وبدلاً من الجلوس في مقر قيادة 
القوة الفرنسية» والتأكد من تنسيق خططهم مع قيادة فريق العمليات الخاصة المشتركة 
المختلطة الأمريكية في باجرام» فقد جعل من دوره دوراً عملياتياً فاعلاًء بكل وضوح» من 
خلال القيام بالأشياء التي رفض الفرنسيون القيام بها. وأفضل مثال على ذلك» كان 
عندما تبنى وحدة تابعة للجيش الوطني الأفغاني كانت متمركزة بصورة مشتركة مع 
الفرنسيين» وكان aS gy‏ تلك الوحدة ويدرّب أفرادها على العمليات» [ey‏ كان في الوققت 
ذاته» يخدم بصفة مستشاراً غير رسمي لقائد الشرطة المحلية الأفغانية الممسك بزمام القوة 
السياسة» ويدعى العقيد عبد الرازق. وفي حين كان الفرنسيون يركزون على تنفيذ 
عمليات قتالية أحادية الجانب» ويطلبون المساعدة من الجيش الوطني الأفغاني عندما 
تكون هناك حاجة إلى ذلك» كان ويل ورقيب آخر يدرّبان ويوجُهان عناصر الجيش 


205 


المحارب الدبلومامسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


والشرطة الأفغان المحلية. وكان ويل عنصر شرطة طويل القامة ونحيلاً من تكساس» 
وكان حاد الذكاء» ولا يضيع وقته على الأشياء التافهة» OLS‏ من الواضح أنه بنى 
علاقات ممتازة مع الأفغان. 


سألته: "حسناًء هل يحتاجون إلى مساعدتنا بدعم جوّي أو شيء من هذا القبيل؟"» 
وأنا أمض في سريري وألاحظ أن الشمس قد أشرقت. كانت "علبة الرجل" في الحقيقة 
غرفة نوم في صندوق» عبارة عن حاوية شحن قياسية بحجم 24 قدماً بسرير ذي 
طابقين» وطاولة مكتب» ومزودة بالكهرباء. وأصبح تزويدها برفوف من الخشب 
المعاكس» وعدد من الكراسي القابلة للطي» وصور من الوطن وهي المواية المحببة لمعظم 
الجنود الذين يخدمون في الخارج؛ والسواد الفاحم لحاوية الشحن المعدنية هذه أيقظ 
ساعتي البيولوجية الداخلية بشكل كامل. 


أجابني ويل: "يريدون متا أن نأخذ إحدى فصائل الجيش الوطني الأفغاني إلى هناك 
ونعترض طريق مقاتلي طالبان"» وأضاف: YBU"‏ يرسلون دورية من قاعدتهم المتقدّمة في 
بلدة معروف إلى المكان الذي شاهد فيه فريق الاستطلاع هؤلاء الرجال؟ هم موجودون 
أصلاً هناك؛ leg‏ نحن نبعد عن المكان ساعات عدة". وأوضح لي: "لا يعمل الفرنسيون 
بهذه الطريقة يا سيدي. هم يرسلون دوريات وفرق استطلاع» ولكنهم لا يمتلكون رغبة 
تذكر في خوض أي قتال. لقد أرسلت تحذيراً إلى فريق التدريب المرافق والجيش الوطني 
الأفغاني. وقالوا إنهم سوف يكونون جاهزين للذهاب خلال نحو عشرين دقيقة» ولكن 


3-3 


لا داعي إلى العجلة» وك| تعرف» عشرون دقيقة أفغانية تعني حوالي ساعة في الواقع". 


كنت قد قضيت أياماً عدة في القاعدة الفرنسية على مسافة بضعة كيلومترات 
غرب بلدة سبين بولداك على الحدودية الأفغانية. وكان على الرقيب الذي يرافق ويل أن 
يرجع إلى الولايات المتحدة في إجازة اضطرارية» وكان فريقي Eee‏ حالياً بين تسيير أمور 


206 


الفصل السادس: الفرنسيون في "وادي معروف" .. بيدق في لعبة دبلوماسية 


فريق القوة الخاصة-7 الإماراتية من خلال دورات التدريب التعريفية خارج قاعدة 
باجرام» ومرافقة القوات الخاصة التشيكية في قندهار. وقيل لي: إن قائد القوات الخاصة 
الفرنسية غضب عندما رفض الرقباء الأمريكيون طلبه» وعندما لم نستطع أن نقدم 
للفرنسيين الدعم الذي طلبوه. وهكذا رأى ديفيد قائدي ومدير العمليات الخاصة 
لقوات التحالف» أن إرسال أحد أفراد الفريق بضعة أسابيع يمكن أن يكون مفيداً. 


كان فريق القوة الخاصة الفرنسية "أريس" يتمركز في قاعدة صغيرة قرب الطريق 
السريع-4» وهو الطريق الذي يمتد من المدينة الجنوبية الرئيسية قندهار باتجاه الجنوب 
الشرقي إلى البلدة الحدودية سبين بولداك. وتتميّز سبين بولداك lel‏ موزّعة على جانبي 
الحدود الأفغانية - الباكستانية» وصولاً إلى مدينة شامان الباكستانية» وكانت سبين بولداك 
أكبر معبر حدودي لأفغانستان مع جارتها باكستان في جنوب البلاد. وكانت القوة الخاصة 
الفرنسية تتألف من قوات خاصة برية وبحرية» وكانت تتمركز في هذه القاعدة منذ أواخر 
3. وكانت القوة الخاصة الفرنسية بقيادة النقيب "لان" من القوات البحرية» الذي 
كان في أفضل أحواله انعزالياً إلى حد ما. وكانت هناك سرية مكوّنة من نحو 50 جندياً من 
الجيش الوطني الأفغاني يمكثون في مجمع صغير ملحق بتلك القاعدة. وقد تم إرسال 
الجنود الأفغان إلى الجهة الخلفية من القاعدة؛ حيث كانوا يقيمون في صف من غرف مبنية 
من الطوب. وبحسب ويلء لم تكن العلاقة بين القوة الخاصة الفرنسية أريس والجيش 
الوطني الأفغاني جيّدة. وأخبرني ويل lee‏ كنا ذاهبين لمقابلة قائد سرية الجيش الوطني 
الأفغاني في اليوم الذي وصلتٌ فيه "أن قائد المجموعة الفرنسية يستخدم الجنود الأفغان 
للقيام بالأعمال التي لا يريد لعناصره أن يقوموا بهاء كالمشاركة في المعارك". 

واسترسل قائلاً: "إنهم يحصلون على تقارير عن نشاطات لحركة طالبان في سبين 
بولداك» أو يرصدون شيئاً ما في القرى المحيطة بواسطة فرق الاستطلاع التابعة هم 


ap Vos‏ التحقق من الأمور بأنفسهم» يستدعون الجيش الوطني الأفغاني. والأمر الذي 
يغضب الأفغان حقاًء هو أن النقيب آلان يبقيهم دائ في وضعية تأهب كقوة رد سريع. 


207 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد plio‏ القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وهو يريد من الجيش الوطني الأفغاني أن يظل في حالة تأهب قصوى على مدار الساعة 
4 7« بين يقوم الفرنسيون بأعمال الدورية. وهكذا ظل الأفغان في حالة جاهزية قصوى 
دائياً كإجراء احترازي Go ULES‏ حال واجه الفرنسيون أي مشكلة؛ ولم يكن Lae‏ 
باستطاعتهم الذهاب إلى منازهم أو عائلاتهم لإيصال رواتبهم إلى أسرهم". 


خريطة (10): إقليم قندهار 





208 


الفصل السادس: الفرنسيون في "وادي معروف" .. بيدق في لعبة دبلوماسية 


قال ويل: "إنه لأمر مضحك. أخيراً تدخلت قيادة الجيش الوطني الأفغاني قبل 
نحو Ged‏ ومنحت إجازة لجميع أفراد السرية للذهاب إلى بيوتهم. وبالفعل ذهبوا". قال 
ويل ذلك وهو يضرب US‏ بكف. "لقد ذهبوا جميعهم فجأة إلى بيوتهم. كان على قيادة 
الجيش الوطني الأفغاني أن تدرك أن ذلك سيحدث. وأعتقد أنهم فعلوا ذلك فقط يدف 
توجيه صفعة للنقيب آلان". كان ويل يتكلم وهو شبه ضاحك» ولكنه كان je‏ رأسه. 


قال ويل Ls‏ "خلال الأسابيع القليلة الماضية؛ لم يرجع سوى نحو 150 من 
الأفغان. وأخيراً أثار النقيب OW‏ زوبعة» وقال إن وزير الدفاع الفرنسي اتصل بوزير 
الدفاع الأفغاني "ورداك". ولذلك وصلت مجموعة جديدة من الجنود الأفغان. وقام قائد 
الجيش الوطني الأفغاني في قندهار بإرسال مفرزة إضافية؛ OY‏ القائد الفرنسي أوقف 
عملياته حتى تتم إعادة مزيد من الجنود الأفغان إلى هنا لكي يكونوا كقوة رد سريع تابعة 
له. وهكذا نجد أن الفرنسيين لا يقومون بأي عمليات مطلقاً إذا م تكن لديهم قوة رد 
سريع. والشيء ذاته ينطبق على قوة الإجلاء الطبي» والدعم الجوّي اللصيق. وإذا كانت 
حالة الطقس سيئة» ولم تكن حوامات الإجلاء الطبي متوافرة تحسباً لأي اشتباك فعندئلٍ 
Lal‏ يوقفون عملياتهم. وإذا لم تكن القدرات جاهزة لتوفير دعم Gor‏ لصيق ومستمر 
فوق رؤوسهم» فإنهم يوقفون العمليات أيضاً. وهم يجدون أسباباً لإيقاف العمليات أكثر 
من الأسباب التي تدفعهم إلى تنفيذ العمليات. وهذا يزيد الإحباط لدى رجاهم. لديم 
جنود وضباط أعوان رائعون» وهؤلاء يريدون bell‏ من المتمردين. ولكن الضباط الكبار 
يخافون من رؤسائهم في باريس أكثر من خوفهم من مسلحي طالبان". 

أجبته بشيء من التشكيك» "لن أقول لك شيئاً لا تعرفه مسبقاء ولكن أليس من 
المفروض أن يكون العكس هو الصحيح؟ أليس من المفروض أن يكون الأفغان هم الذين 
يقومون بأعمال الدورية» والتفاعل مع الناس لكي يثبتوا لهم أن الحكومة الأفغانية والجيش 
الوطني موجودان» وهما في تزايد» ويقومان [Blo‏ بجمع المعلومات الاستخباراتية المفيدة؟ 


209 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


إن الفرنسيين هم الذين يجب أن يكونوا جالسين في الخلف في قاعدتهم» ويكونوا 
جاهزين لمساندة الجنود الأفغان إذا دخلوا في معركة". 


كنت قد ذهبت لمقابلة قائد السرية التابعة للجيش الوطني الأفغاني فور وصول إلى 
هناك. وعندما قرعت باب مكتبه المصنوع من الخشب المعاكس والمجاور لمهاجع coa gee‏ 
فتح لي الباب "صبي الشاي" وهو فتى في الثانية عشرة من العمر يقدم الشاي ويقوم 
بالأعمال الخدمية الوضيعة؛ وابتسم وأشار لنا بالدخول. كان النقيب أسد الله جالساً إلى 
مكتبه المؤقت» وكان هناك رائد من الجيش الأفغاني يقف إلى جانبه ينظر إلى خريطة معلّقة 
على الجدار. دخلت وبصورة متعمّدة قدمت AA‏ عسكرية رسمية للرائد. شعر الرائد 
بالدهشة للحظة» عندما رأى أمريكياً بلحية طويلة ويرتدي اللباس العسكري نفسه المموّه 
الذي يرتديه هو يقف أمامه ويقدم له التحية العسكرية الرسمية. ولكنه سرعان ما وقف 
وقفة استعداد ورد التحية. ونظراً إلى مشكلات الأفغان مع الفرنسيين وعدم احترامهم 
من جانب الفرنسيين» قررت على الفور» عندما رأيت الرائد» أن أقدم استعراضاً بسيطاً 


وأمنح الأفغان ما يستحقونه. 
,3 علي بابتسامة عريضة عندما حييته بالعبارة التقليدية "السلام عليكم", 
رد أسد الله» "وعليكم السلام"» ومد يده لمصافحتي: "هل أنت النقيب مايك؟". 


يقطع اجتماعكماء أستطيع القدوم في وقت لاحق". 


قال أسد الله "تفضل بالجلوس. لقد أخبرني الرقيب أول ويل أنك قادم» وأنا في 
انتظارك ". وأشار pth J‏ على أريكة من البوليستر المزركش ومتعامدة مع مكتبه. 


استأذن الرائد بطريقة مهذبة» وقال إن سائقه ينتظره في الخارج لكي يعيده إلى 


قندهار. 


210 


الفصل السادس: الفرنسيون في "وادي معروف" .. بيدق في لعبة دبلوماسية 


جاء "صبي الشاي" مع صينية عليها أقداح شاي أخضر ساخن» وعندما بدأ أسد 
الله يخبرني أن الرائد هو ضابط إمدادات قندقه (الاسم الأفغاني للفصيلة)» ely‏ كانا 
يناقشان خططاً لتسليم شاحنات "بيك-آب" جديدة من طراز فورد» نظراً إلى أن عدد 
الشاحنات التي لديه حالياً يكفي لنقل نصف رجاله فقط. وعلى نحو غير معهود بالنسبة 
إلى oI‏ انتقل أسد الله مباشرة إلى النقطة الجوهرية. 


"إن القوات الخاصة الفرنسية لا تقوم بتدريبنا. والكثير من رجالي التحقوا مؤخراً 
ولم يتلقوا سوى التدريب الأساسي. والضباط الملازمون Gi‏ لا يتمتعون بمهارات 
متقدمة. ومن الحيد أن نحظى بمزيد من التدريب. فأنا أريد لرجالي أن يصبحوا مقاتلين 
أشداء". وأسد الله الذي كان كالكثيرين من الأفغان يستخدم el‏ واحداًء ينتمي إلى 
قبائل البشتون من إقليم زابل. وكان من غير المألوف إلى حد ما أن ترى بشتونياً من 
الجنوب ضابطاً في الجيش الوطني الأفغاني» نظراً إلى أن النسبة الكبرى من ضباط الجيش 
كانوا من قبائل الطاجيك من الولايات الشمالية في أفغانستان. فقد كان بسم الله خان 
رئيس أركان الجيش الأفغاني» طاجيكياً بارزاً ولديه خبرة طويلة في محاربة السوفيبت في 
ثانينيات القرن العشرين» وقد قام رويداً رويداً بتعيين الكشيرين من زملائه الطاجيك 
بمناصب قيادية في سلك الضباط. وبصورة عامة» كان الجيش الوطني الأفغاني يواجه 
صعوبة في تجنيد أفراد من OLY SI‏ الجنوبية؛ OY‏ تلك المنطقة كانت تحتوي على الكثير من 
القبائل التي تدعم حركة طالبان» أو ببساطة تعارض الحكومة. ونسبة كبيرة من البشتون 
الذين تم تجنيدهم كانوا من قبائل تقطن شرق البلاد وشمال شرقها. وكانت تلك المرة 
الأولى التي التقيت فيها ضابطاً أفغانياً من الجنوب فعلاً. 


قال النقيب أسد الله وهو يقترب حتى لامست يده لحية ويل» "يدربنا ويل تدريباً 
Les‏ وأنا أشكره جزيل الشكرء وأريد أن أقول لك إنه صديق جيد للجيش الوطني 
الأفغاني". وقال لي صراحة» "ليس كل الذين يطلقون لحاهم جيدين. بعضهم يريدون فقط 
قتل عناصر طالبان. الرقيب أول ويل يريد تدريب الجيش GLE‏ على قتل أفراد طالبان 


211 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


بالنيابة عنه» ومن ثم يستطيع البقاء في الخلف هنا في القاعدة» ويطبخ شرائح اللحم". 
ضحك أسد الله على النكتة التى سردها هو بنفسه. "ولكن هذا لا بأس به. من الأفضل أن 
نذهب نحن للقتال. أفغانستان بلادناء ونحن المسؤولون عن تحقيق الأمن هنا". 


أجاب ويل» "هذا صحيح يا سيدي» من الأفضل أن ندرّبكم لكي تقوموا بالعمل 
بأنفسكم» بحيث نستطيع أن نعود Lee‏ إلى أوطانناء ونتناول وجبات كبيرة مع عائلاتنا". 


وتابع أسد الله الحديث» "أنا أحب جداً التدريب على مدافع الماون والرشاشات 
الثقيلة. نحن كتيبة أسلحة ثقيلة. مدفع ال هاون سلاح جيد جداً لضرب متمردي طالبان في 
التلال. ولكنه معقد ومن الصعب li‏ العمل عليه» وهناك الكثيرون من جنودي غير 
متعلمين. Of‏ ويل رجل طويل GUY‏ ومعلم جيد جداً. الفرنسيون لا يكترثون بتعليمنا. 
وما زال القائد الفرنسي حتى الآن يمتنع ولو عن المجيء إلى مكتبي لتناول الشاي معي. 
ويرسل لي دائ شخصاً ما عندما يحتاج إلى بعض رجالي. هذه ليست طريقة جيّدة للتعامل 
ple Gd glist Lal em‏ دان SIL LITO geet pl altel‏ دی مراي 


فعلت كل ما في وسعي» للدفاع عن شركائنا الفرنسيين في التحالف» ولكن كما 
كان واضحاً بصورة جلية» لم يكن قلبي مؤمناً بذلك الدفاع عنهم. وعندما كانت قوات 
الناتو تتدفق بصورة متزايدة نحو ولايات جنوب أفغانستان» مع التحول الاستراتيجي 
الأوسع من الجهود التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية إلى إيساف بقيادة حلف 
الناتو» أصبح التوثّر بين الجنود الأوروبيين والجيش الوطني الأفغاني مشكلة كنت أشهدها 
باستمرار. وكان الأوروبيون إما لا يكترثون بأن يكونوا شركاء حقيقيين مع الأفغان في 
العمليات» أو pel‏ لا يعرفون كيف يقومون بذلك. في الجانب الدفاعي» كان الأوروبيون 
حديثي العهد بهذا المفهوم. في حين أننا خبرنا هذا النوع من الحروب لسنوات عدة. ومن 
المسلّم به أنه كان من الأسهل بكثير أن نقوم بالعمليات وحدنا عندما ghey‏ الأمر بتنفيذ 
المهام. إن معظم الجنود الأفغان كانوا أميّين» وبخلاف "أسد الله" كان الكثير من الضباط 
الأفغان يفضلون الجلوس في الخلف بأمان في مكاتبهم» بدلاً من الذهاب في مهام الدورية 


212 


الفصل السادس: الفرنسيون في "وادي معروف" .. بيدق في لعبة دبلوماسية 


إلى المناطق النائية من أفغانستان. وكان بعض الأفغان منشغلين بسرقة الإمدادات» أو بيع 
البنزين في السوق السوداءء أو استخدام سلطاتهم لإبرام صفقات تجارية» أكثر من 
انشغاهم بقيادة جنودهم. ولكن بالنسبة إلى قوات التحالف» لم يكن JH‏ يكمن في تجاهل 
المشكلة أو تحويلها إلى مجموعة صغيرة من المدربين المرافقين. إن معظم وحدات الجيش 
الوطني الأفغاني التي صادفتها كانت تتوق إلى إثبات جدارتهاء وكانت تعرف نقاط 
ضعفها. وأنا وجدت أنه [US‏ عاملتهم باحترام وعلى قدم المساواة وازدادت الجهود المتوقعة 
منهم» كان أداؤهم أفضل. 

في ذلك الصباح البارد في إبريل من عام 2006ء كان رجال النقيب "أسد الله" 
جاهزين فعلاً خلال 20 دقيقة» ولكن لم يكن لديهم سوى أربع شاحنات بيك-آب صالحة 
للعمل. 

"هل أنت جاهز يا سيدي؟" سأله ويل ee‏ كان يرمي لي صندوقاً من المؤن 
الفرنسية. "هل تريد أن تكون على الرشاش أو تقود السيارة؟". في الحالات النموذجية 
يجب أن يكون هناك على الأقل ثلاثة عناصر في مركبة الهامفي: سائق» ورامي الرشاش 
الثقيل على البرج» وشخص ثالث على كرسي الراكب لكي يشغل جهاز اللاسلكي 
ويكون قادراً على النزول من العربة عند الضرورة. في ذلك اليوم لم يكن هناك سوى ويل 
وأنا وكنا ذاهبين في دورية مع الجيش الوطني الأفغاني. 


قال ويل بعد تشغيل الشاحنة: "إذا كنا محظوظين فسوف نحتل نقطة التفتيش 
التابعة لحركة طالبانء أو نقيم نقطة تفتيش خاصة بنا على المدخل المؤدي إلى وادي 
معروف» وسوف باجنا مقاتلو طالبان. على الأرجح رحل مقاتلو طالبان منذ وقت 
طويل» ولكن مهما يكن الوضع؛ فسوف يكون من الجيد أن يتم تكليف الجيش الوطني 
الأفغاني بمهام خارج القاعدة» وإرساله لتنفيذ عمليات أمام أعين المواطنين المحليين". 


سألته ey‏ كنت أصعد إلى برج المركبة ذي الرشاش الثقيل she‏ 0.50 بوصة: "هل 
تريدني أن أخبر النقيب آلان؟". 


213 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


"كلا. لقد مررت عليه وأطلعته على طريقنا المحتمل على الخريطة. يوجد لدى مركز 
الاتصالات جميع المعلومات الخاصة بناء ويمكنهم تعقبنا على جهاز تعقب القوة الزرقاء". 
وهذا الجهاز عبارة عن جهاز لتحديد المواقع بالأقار الصناعية GPS‏ حجمه بحجم علبة 
الحذاء ويتم تركيبه في كل عربة لتمييز الصديق من العدو. "سوف يرسلون المعلومات 
dol‏ بنا إل فريق العمليات الخاضة المشتركة ا لاط ورال تضف الوق كارا 
يغفلون LLE‏ عن وجودنا هناء لأننا من الناحية التقنية لسنا مفرزة عمليات ألفا عملياتية. 
مع وجود اثنين منا فقط يتجولان مع سرية من الجيش الوطني الأفغاني» كدنا تكون 
خارج شاشة رادارات فريق العمليات الخاصة المشتركة المختلطة. تماماً كا كنا نريد". قال 
ويل مبتسياً. 

كنا غير مقيدين على الإطلاق؛ وكانت لنا الحرية الكاملة لمعالجة المشكلات في تلك 
المنطقة وفق ما نراه ملائياً. في فترة خدمتي اللاحقة عام 2009( كان مطلوباً من كل فريق 
تحضير عرض "باور بوينت" لمجرد الخروج من القاعدة. وبالمقارنة مع هذه البيئة المقيّدة» 
كنا نتمتع بدرجة رائعة من الاستقلالية. 


في حين كنا نتجه بعربة ا هامفي نحو البوابة» شاهدنا الجيش الوطني الأفغاني يتحرك 
خلفنا في ثلاث شاحنات "بيك-آب" من طراز فورد مموهة. 

قلت: "ظننت أنه سيكون معنا أربع سيارات بيك-آب مسلحة للجيش الوطني 
الأفغاني". 

أجابني ويل: "أنا أراهن على أن "أسد الله" قرر إبقاء واحدة في الخلف لنفسه أو 
لحالات الطوارئ. JS‏ تأكيد لقد بدأنا تتخطى حدود الخطرء نظراً إلى المسافة البعيدة التى 
سنقطعها. ولكنني أعتقد أن وضعنا سيكون جيّداً مع وجود ثلاثة". 

خرج الملازم المرافق لقوة الجيش الوطني الأفغاني لكي يرحب بنا. وكان يرتدي 
القبعة ذات اللون الأخضر الفاتح المميزة الخاصة بالجيش الوطني الأفغاني» ومن الواضح 
أنه كان فرداً من قبائل ال هزارة» ذا ملامح منغولية قوية برزت بين الأفغان الآخرين. 


214 


الفصل السادس: الفرنسيون في "وادي معروف" .. بيدق في لعبة دبلوماسية 


والهزارة تاريخياً هم أقلية مضطهدة» وخاصة من قبل طالبان» ولكنهم يميلون إلى أن 
يكونوا الشريحة الأكثر تعليياً وجداً في العمل بين الأفغان الذين تعاملنا معهم» وهذه هي 
الصورة النمطية السائدة للكثير من الأقليات في الدول النامية. سارع الملازم وقدم وصفاً 
تفصيلياً بطريقة احترافية عالية عن وضع رجاله وعتادهم» ثم AS‏ لنا أن رجاله لديم 
مؤونة تكفيهم لثلاثة أيام. وكان يتم احتساب كميات الطعام والماء التي يحتاج إليها كل 
جندي في اليوم الواحد» ثم يُضرب الرقم في عدد الأيام التي سنكون فيها بعيدين عن 
القاعدة» وكانت هذه الحسابات تمثل مشكلة دائمة بالنسبة إلى الجيش الوطني الأفغاني. 
وكنت دائاً أجلب معي مبلغاً كبيراً من العملة النقدية الأفغانية تحسّباً لحاجتنا إلى شراء 
الطعام من السوق المحلية. 


قال ويل Ew‏ كان الملازم ينّجه عائداً إلى شاحناته: "دائياً ما تضحكني رؤية كمية 
النفاية التي يكدسها الجيش الوطني الأفغاني في مؤخرة الشاحنة". كانوا يكدسون في 
صندوق الشاحنة البطانيات» وصناديق المواد الغذائية AK po VI‏ وعبوات المياه» وحقائب 
ظهر أمريكية من الطراز القديم. وفوقها فرشات إسفنج مغطاة بشراشف عليها شعارات 
فريقي كرة القدم الأمريكية "ني وإنجلاند بيتريوتس". و"بيتسبيرغ ستيلرز"» وفيلم "حرب 
النجوم"» وكان من الواضح mf‏ حصلوا عليها من إحدى الوحدات الأمريكية. وكان 
الجنود الأفغان متجمعين فوق أمتعتهم وأرجلهم تتدلى على جانبي الشاحنة. وقد تمكنوا 
بصعوبة من البقاء في الشاحنة من الخلف بينم| كانت تعبر بعض الطرق الأشد وعورة التي 
عبرتهاء وكان عبورها بالنسبة إل تجربة كريبة. By‏ كل شاحنة كان يوجد رشاش متوسط 
أو ثقيل مركب على وتد خلف كابينة السائق» بحيث يستطيع شخص ما أن يقف في 
صندوق الشاحنة ويطلق الرصاص بغزارة. وكان هناك الرشاش الثقيل الروسي الصنع 
من طراز دوشكا الذي يطلق رصاصاً من عيار 12.7 ملم ويُعتبر معادلا تقريباً للرشاشات 
الأمريكية الثقيلة من عيار 0.50 بوصة الموجودة على عربات هامفي المصفحة والدبابات 
الأمريكية. وصوت رشاش الدوشكا due fe‏ وبالتأكيد لم نكن نريد أن يكون موجهاً 
نحونا؛ كان لدى مقاتلي طالبان السلاح نفسه. 


215 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


كان الجيش الوطني الأفغاني موضع تقدير وإعجاب خلال رحلتنا الطويلة نحو 
الشهال من القاعدة الفرنسية إلى "'وادي معروف". وكانت الشاحنات تترك مسافات 
مناسبة بين الواحدة والأخرىء بحيث لا تكون متجمعة في حال تعرضها لكمين. وكنا 
نحن في العربة الثانية من القافلة» لكي نسمح لنطاق الوقاية» الذي يوفره جهاز التشويش 
على العبوات الناسفة التي يتم التحكم فيها عن بعد وتحييدهاء بأن يغطي العربة الأولى 
للجيش الأفغاني. وقد ظهرت العلامة الأخرى على كفاءة تدريبات ويل» في تصرفات 
الجيش الأفغاني كلما كانت 5 تتوقف القافلة. في كل مرة» كان يقفز الجنود الأفغان من مؤخرة 
الشاحنة بطريقة منظمة» ويفكون JLH‏ المطاطية التي تثبت الرشاشات المركبة على الشاحنة 
في أماكنهاء ويوجهون الرشاشات في قطاعات نارية متعاكسة» بالتنسيق مع الشاحنات 
الأخرى» بحيث ت تتم تغطية جميع الاتجاهات من حولنا . وكان الجنود OLR‏ يوقفون 
الشاحنات والسيارات القادمة بصورة عشوائية لإجراء تفتيش سريع. وكانوا يضبطون 
حركة السكان بواسطة حواجز التفتيش في محاولة لاعتراض تحركات المتمردين» وكان هذا 
ad‏ تكتيكاً مهما في حاربة المتمردين. كنت أفضل LW‏ التفتيش المتنقلة على الثابتة» لأنه كان 
من الصعب تفاديهاء وكانت تترك شعوراً بالشك في عقول المتمردين. أما في نقاط التفتيش 
الثابتة» فخلال ساعة واحدة من إنشاء الحاجز تجف حركة المرور وتصبح نادرة؛ OY‏ وجود 
نقطة التفتيش أصبح معروفاً للجميع. واصلنا طريقنا على طول قاع النهر الجاف الذي كان 
يستخدم كطريق يؤدي إلى "وادي معروف". وكنا نقيم نقاط تفتيش متنقلة ومفاجئة طوال 
الساعات المتبقية من اليوم. ولم نشاهد أي علامة على دورية لطالبان. 


أخيراً وصلنا إلى ES‏ فرنسية نائية ومتهالكة تقع بجانب سوق صغير ومخفر 
شرطة مديرية معروف في وسط الوادي. وكان هناك برج مراقبة بجدران من الطين على 
أحد جانبي البوابة» مع أكياس رمل» ورشاش في أعلى البرج. وعندما أوقفنا عرباتنا في 
ساحة المبنى الطيني المصمّم على شكل حرف L‏ ظهر جندي فرنسي» وشعره مصفف 
بأفضل تسريحات الشعر القتالية التي رأيتها قبل ذلك أو بعده: تسريحة أفرو بشعر أشقر 
كثيف ذي جدائل كانت تبدو وكأنه تعرض لصعقة كهرباء. وكان عثنونه (السكسوكة) 


216 


الفصل السادس: الفرنسيون في "وادي معروف" .. بيدق في لعبة دبلوماسية 


القذر الأشقر أيضاً مثيراً للإعجاب. تجمّعنا حول الخريطة على غطاء محرك مركبة الهامفى 
الخاصة بناء وقدم الجندي الفرنسي تقريراً مختصراً لنا بلغة إنجليزية ركيكة وبلكنة 
فرنسية» حول ملاحظاته ومشاهدته الاعتيادية لشاحنات تحمل رجالاً مسلحين وتعبر 


الوادي. 


كان يشاهدهم اعتيادياً بوضوح بواسطة المنظار البعيد المدى من المنحدر الصخري 
شمال البلدة. سألته لماذا لم يشتبكوا معهم. أجاب وكان من الواضح أنه يشعر بالإحباط: 
اللا فو Pes AN allah anes‏ 

سألته» لماذا لم يطلب شن ضربة جوية إذا كان من الواضح أنهم مقاتلو طالبان 
وينتقلون من باكستان إلى داخل أراضي أفغانستان. وشعر الجندي الفرنسي بمزيد من 
blo YI‏ وقال موضحاً لنا: "إن قواعد الاشتباك المعطاة لنا لا تسمح للطائرات بإسقاط 
قنابل فعلاً إذا لم يكن الطيار قادراً على رؤية أن الرجال مسلحون. وحتى لو قلت له إنني 
أستطيع رؤية أسلحتهم» لما سمح للطيار بذلك. وهكذاء فإن الطائرات الفرنسية تحلق 


Ma 


WE‏ على ارتفاع منخفض جداً عبر الوادي في استعراض للقوة". 


سألته إذا ما كان يتعاون مع الشرطة الأفغانية المجاورة cal‏ فتذمر قائلاً: إنهم كسالى 
وفاسدون. كما أنه كان يعتقد أن قائد الشرطة عقد صفقة مع الزعيم المحلي لحركة طالبان» 
OY‏ الاثنين LIS‏ من قبيلة نورزاي نفسها المنتشرة على جانبي الحدود. وأعرب عن أسفه 
لمشاهدة مجموعة من رجال طالبان عند نقطة تفتيش سحبوا رجلين من سيارتهاء وقاموا 
بضربهم| بواسطة أعقاب البنادق والأحذية. وقال بأل "لقد شاهدتهم أمام عيني» وكان 
مفروضاً ge‏ أن أراقب فقط". 


وتابع قائلاً: لقد تحولت رغبة القيادة الفرنسية في السماح للجنود الفرنسيين 
بالاشتباك من ضعيفة إلى معدومة» إثر موت أحد عناصر الكوماندوز التابعين للبحرية 


PNG ads, g 8) elas قن كبن‎ E OLS لوس ا‎ cared ae all 
T Ct 


217 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وحدته تطارد مجموعة من مقاتلي طالبان؛ ولأنه كان ابن جنرال فرنسي» فقد جذبت الحادثة 
اهتماماً Les‏ لدى وسائل الإعلام في فرنسا. "وكلما قل تدخل الصحافة كان الوضع أفضل 
بالنسبة إلى الضباط. وأي حادثة تسلط الضوء والاهتهام على «فريق القوة الخاصة الفرنسية 
أريس» Jad‏ الناس يتساءلون حول أسباب وجودنا في أفغانستان أيضاً". 


وأستطيع القول: إن أسئلتي كانت تثير غضبه» ولذلك تراجعتٌ وسألته إذا كان 
لديه مانع لو ذهبت وقدمت نفسي إلى قائد الشرطة الأفغاني. 


"حظاً طيباً"» قال لي وهو ينصرف بسرور مع ست حزم من الصودا كان ويل قد 
جلبها له. وبالمقارنة مع قاعة الطعام الفرنسية المجهزة تجهيزاً جيداً بالمؤن في قاعدة سبين 


دهشت U‏ الحزن التي تسود المعسكر. وكانت سيارات اللاند روفر المكشوفة 
التي يستخدمها عناصر الكوماندوز الفرنسيون قديمة ومتهالكة. جلست في واحدة 
منهاء وكان جهاز اللاسلكي يبدو وكأنه من بقايا حرب فيتنام. dy‏ يكن يضاهي أجهزة 
اللاسلكي التي لدينا بأي شكل من الأشكال. اختلست النظر إلى غرفة اللاسلكي 
الصغيرة في القاعدة الفرنسية» فكان الانطباع نفسه. وتذكرت الانتقادات التي سمعتها في 
البنتاجون حول النفقات الدفاعية الزهيدة لحلفائنا الأوروبيين وأعضاء الناتو. 


كان مجمع مخفر الشرطة نموذجاً عن بقية المخافر الموجودة في أفغانستان. المبنى 
الرئيسي أبيض اللون» وكان الدهان يتقشر ويتساقط عن الجدران المبنية من قرميد مغطى 
بالجص. by‏ أماكن متعددة» كانت قطع القرميد مكشوفة. وكانت هناك ساحة كبيرة قذرة 
تحيط بالمبنى» والمنطقة بأكملها مسوّرة بجدار من الطين بارتفاع ثاني أقدام» مع أبراج 
مربعة الشكل على كل زاوية. وكانت أكياس الرمل مكدّسة على كل برج» ولكن الأمر 
الغريب كان أن الزاوية المقابلة للقاعدة الفرنسية هي الوحيدة التي كانت مأهولة. وهنا 
تذكرت اشمئزاز الجندي الفرنسي عندما ذكرتٌ الشرطة الأفغانية» وفكّرت في مقدار 


218 


الفصل السادس: الفرنسيون في "وادي معروف" .. بيدق في لعبة دبلوماسية 


المشاعر السيئة المتبادلة التي لا بد من lel‏ موجودة إذا كان برج الحراسة الوحيد المأهول 
التابع للشرطةء هو المقابل للقاعدة الفرنسية. كنت أستطيع رؤية رشاش البي كي سي 
على قائمتيه» وكان هناك رجلان يرتديان الزي الأفغاني (السروال والقميص) يحدقان بنا. 
وفي ساحة المخفر كانت هناك شاحنتان بصندوق مسطح مكشوف تنذران بالشؤم» وعلى 
كل واحدة منه| كان يوجد مدفع رشاش ثنائي السبطانة مضاد للطائرات؛ حيث OLS‏ 
المدفع مركباً على برج خاص على صندوق الشاحنة. وحتى من مسافة بعيدة» استطعت أن 
أرى أن ذلك المدفع صدئ جداً إلى درجة كنت واثقاً بأنه لا يعمل. ولكنني عرفت أيضاً أن 
هذه الأنواع من الأسلحة الثقيلة كانت تُستخدم كأشياء تذكارية وكدليل على المكانة 
الرفيعة أكثر من كونها معدات حربية مفيدة في المعارك. في أحد أطراف الساحة» كان يوجد 
مبنى عريض ومنخفض له أربعة أبواب صغيرة» وبسبب الرائحة النتنة المنبعثة منه عرفت 
أنه المرحاض الخارجي. وإلى جانبه كانت هناك حفرة كبيرة يتم فيها تكديس النفايات. 
والأمر المؤثّر أكثر من المرحاض وكومة النفايات» هو الرائحة الميّرة للحشيش الذي يتم 
تدخينه في مكان من مقر الشرطة. 

خرج من الباب الرئيسي رجل كان واضحاً من طريقة مشيته المتباهية أنه "القائد" 


من البوابة الحديدية. 


كنت أقول بيني وبين نفسي: "لا بد من أنك تمازحني". كان کمن خرج لتوه من 
فيلم هوليوودي رديء. لا بد من أن طوله كان خمس أقدام» ولكن قبعته الكبيرة جداً 
أضافت إلى طوله قدماً آخر. وكانت حافة القبعة منخفضة على عينيه» وكان يرتدي نظارة 
شمسية سوداء من طراز نظارات الطيارين. وكان هو الرجل الوحيد الذي رأيته يرتدي 
الزي الرسمي الأزرق للشرطة الوطنية الأفغانية» باستثناء أن بنطاله كان مدسوساً داخل 
جزمة فروسية سوداء طويلة تصل إلى ركبتيه» وكان يرتدي حزاماً جلدياً أسود فوق 
كرشه البارز. وبالمقارنة مع غوغاء العناصر المشتتين في أرجاء الساحة والمبنى المتهالك» 


219 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


فإن هذا الشخص الذي يبدو كنسخة مصغرة عن الجنرال جورج OSL‏ كان شكله 
سخيفاً. وأومأ بإصبعه إلى tol‏ مساعديه في الداخل» leg‏ كنا نقترب من الدرج. كان 
وجهه صارم الملامح من وراء النظارات» ey‏ كان يوجهنا لندخل إلى غرفة اجتماعات 


0 


كانت جدران الغرفة مغطاة بعدد من قطع السجاد الحمر والسود. وكانت هناك 
مساند ووسائد مفروشة في حيط الغرفة. وكانت هناك نافذة في أحد جدران الغرفة. وعلى 
أحد الجدران كان هناك رف مرتفع وعليه لفافات مستندات مكدّسة حتى السقف. وعلى 
الجدار المقابل للنافذة كانت توجد خريطة للمديرية مرسومة باليد» وكتبت عليها أسماء 
القرى والجبال الرئيسية بلغة البشتو. وكان ذلك مؤشراً إلى حالة تجهيزات الشرطة 
الأفغانية؛ حيث إن قائد الشرطة لا يمتلك حتى خريطة لائقة لمديريته. 

تبادلنا المجاملات المعتادة» وسألته عن أحوال أسرته. وبصرف النظر عن كون 
ذلك من الأعراف الثقافية في منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا أو لاء فإن هذه 
الأسئلة الشخصية تعطي مؤشراً جيداً إلى الوضع ال حقيقي للأمن في المنطقة. فإذا شعر 
قائد الشرطة» أو حاكم الولاية» أو أي مسؤول حكومي آخرء بالاطمئنان وجلب أفراد 
أسرته ليعيشوا معه في المديرية الواقعة تحت مسؤوليته» فهذا مؤشر جيد يدل على أن 
المنطقة آمنة إلى حد ما. ولكن لسوء الحظء في أغلب الحالات» نجد أن أفراد عائلات 
المسؤولين كانوا يعيشون في عاصمة الولاية» أو في مدينة بعيدة» مثل كابول» بسبب توافر 
الأمن هناك. 

لم يكن الأمر مستغرباً عندما علمنا أن أفراد عائلة قائد الشرطة يعيشون في قندهار. 
وبعد برهة سألني عتا أتى بنا إلى هناك. 


أوضحت له» "يا سيدي» لقد جئت من سبين بولداك مع مفرزة الجيش الأفغاني 
استجابة لتقارير تفيد بوجود دوريات لمقاتلي طالبان تتحرك بحريّة ويقيمون حواجز 


220 


الفصل السادس: الفرنسيون في "وادي معروف" .. بيدق في لعبة دبلوماسية 


كان قائد الشرطة يتكئ على الجدار وهو ما يزال يلبس قبعته الكبيرة الحجم» ثم 
وقف باستقامة وبجسم مشدود. رد على كلامي بخطاب استغرق 20 دقيقة» حول تاريخ 
حركة طالبان في منطقة "وادي معروف" خلال السنوات القليلة الماضية» ثم استغرق 10 
دقائق أخرى وهو يصف كيف قام هو ورجاله بقتل عشرة رجال من طالبان» بينهم اثنان 
من القياديين» بعد أيام فقط من وصوله إلى المخفر في السنة الفائتة. وكان مترجمنا يجد 
صعوبة في مواكبة حديث قائد الشرطةء لأنه نادراً ما كان يتوقف ليتيح للمترجم فرصة 


لتجميع أفكاره. 


وعرفت من أحاديثي مع ويل ومن الموجز الذي تلقيته من ضابط الاستخبارات 
الفرنسية أن هناك سيلاً متواصلاً من المتمردين يتدفقون من باكستان إلى قندهار عبر 
الوادي الممتد من الشرق إلى الغرب وهو الموازي للطريق الرئيسي السريع المؤدي إلى 
مدينة قندهار. وقلت لے : "هذا الرجل ملىء بالتفاهات وهو يدرك "SUS‏ 


في النهاية طرحت المسألة بصورة مباشرة: "هناك شائعات في سبين بولداك تقول 
بعضهم| بعضاً. وقيل لي إن خفر الشرطة هذا لم يتعرّض GY‏ هجوم من طالبان» ولكن 
القاعدة العسكرية في آخر الشارع تعرّضت جات طالبان مرات عدة". 


سرح قائد الشرطة بنظره للحظات» ثم خلع نظارته الشمسية ببطء» وطواهاء 
ووضعها في جيبه» من دون أن يتفوه بكلمة واحدة» ثم خلع قبعته ووضعها على الوسادة 
المجاورة له. وشاهدت المترجم يسترق النظر إلى الشرطي الواقف عند الباب ويحمل 
بندقية كلاشنكوف. لم ألبس الدرع المضادة للرصاص على صدري» كعلامة تدل على 
الاحترام والثقة. إضافة إلى ذلك» كنت أكره الجلوس على الأرض وأنا ألبس الدرع» LEY‏ 
كانت تضغط بشدة على أعلى الساقيين. والآن تمنيت لو ني كنت ألبسه» وأنا أتساءل بيني 
وبين نفسي: إلى أي i=‏ تجاوزت حدودي؟ وكيف GEL‏ من شق طريقي للخروج من 
ذلك المكان» وليس معي سوى مسدسي؟ 


221 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


قال قائد الشرطة باللغة الإنجليزية وبلكنة بريطانية: "أنت لا تفهم طبيعة الصراع 
هناء يا حضرة النقيب. لقد كنت أتحدّث بلغة البشتو من أجل رجالي الجالسين هنا معناء 
ولكن دعنا OY‏ نتحدث GUL‏ الإنجليزية". 


فكرت بيني وبين نفسي؛ "ابن العاهرة". من الواضح أنني قللت من شأن هذا 
الرجل. 

قال لي: UI"‏ من قبيلة نورزاي. ورجال قبيلة النورزاي كانوا يسيطرون على وادي 
معروف وسبين بولداك إبان حكم طالبان. كانوا يسيطرون على المعابر الحدودية بين 
البلدين. وكانوا يتحكّمون في كل شخص وکل شيء يأتي ويذهب من شامان إلى قندهار. 
والأهم من ذلك كله» كانوا يتحكمون في الرسوم الجمركية. عندما جئتم أا الأمريكيون 
وطردتم المجاهدين من المنطقة» ولتم أكبر خصومنا وهم قبيلة أشاكزاي» المسؤولية عن 
pall‏ الحدودي في سبين بولداك". 

أجبته قاتلاً: "لا أعتقد أننا كنا في الواقع نفضّل قبيلة على أخرى. ولا أعتقد أننا 
> نعرف أحداً من أحد إلى الآن". وواجهته بالقول "هذه مشكلتكم الكبرى يا 
صديقي. أنتم جاهلون. تظنون أن الحكومة جيّدة» وحركة طالبان شريرة. الحكومة 
ليست جيّدة. والحكومة أسوأ من طالبان في كثير من الحالات. ولذلك عندما تدخلون 
قرية مع بعض رجال الشرطة الذين ينحدرون من قبيلة منافسة اعتاد رجاها أن يسرقوا 
سكان تلك القرية» فإن الناس سوف ينظرون إليكم بعين الكراهية. أنتم تظنون أنكم 
تساعدون القرويين» ولكن بسبب جهلكم فأنتم تصطفّون إلى جانب الأشخاص الذين 
يسيؤون إليهم. في أفغانستان نعتبر أن صديق عدوي هو بالتأكيد عدوي". ثم أضفت 
"أنتم وضعتم غول ET‏ شيرزاي مسؤولاً عن قندهار» وهو بدوره عيّن تابعه المخلص له 
عبد الرازق مسؤولاً عن سبين بولداك» وأصبح عبد الرازق OW‏ غنياً جداً» ويتحكم في 
الرسوم الجمركية. لقد هاجم قبيلة نورزاي» وهو يقول لكم وللفرنسيين إن نورزاي هم 
طالبان. ولذلكء إذا لم يكن هناك أي فرد من نورزاي يعمل مع طالبان» فهم الآن أصبحوا 


222 


الفصل السادس: الفرنسيون في "وادي معروف" .. بيدق في لعبة دبلوماسية 


يعملون معهم. أنت تقول إن هناك سيلاً من مسلحي طالبان يتدفقون من باكستان إلى 
قندهار عبر هذا الوادي الواقع تحت مسؤوليتي. من يخبرك بذلك؟ عبد الرازق؟ إن 
الكثيرين من هؤلاء الذين يُطلق عليهم اسم طالبان هم رجال أعرفهم شخصياً. هم من 
قبيلة cling‏ هم يتاجرون ببضائع مختلفة في الاتجاهين مع باكستان. BU‏ سيأتون إلى 
أفغانستان عبر سبين بولداك ويسيرون على الطريق العام السريع-4 إلى قندهار؛ فقط 
ليدفعوا المال لرجال عبد الرازق في نقاط التفتيش؟ وبدلاً من ذلك هم يسلكون هذا 
الطريق» عبر "وادي معروف". أنا أعرف الفرق بين رجال القبائل المسلحين» ورجال 
طالبان» ولكن أنتم يا صديقي» لا تعرفون". 

التقيت UT‏ وويل مؤخراً قائد شرطة الحدود السيئ الصيت العدواني Lally‏ جداً 
العقيد عبد الرازق. وقد فوجئنا ail‏ رجل هادئ ذو ملامح طفولية بالنسبة إلى رجل كان 
يُتهم بأنه أحد لوردات الحروب» ويسيطر على المعابر الحدودية المغرية بقبضة من حديد. 
كان شعره يبرز وسط جبهته على شكل حرف ۷» وكان يلبس القبعة التقليدية على الجزء 
الخلفي من رأسه. وكان يبتسم بسخاء وهو يرحب بناء وكانت هناك برودة في عينيه. كان 
فرداً من قبيلة أشاكزاي؛ وكان متحالفاً بشكل وثيق مع غول آغا شيرزاي» حاكم المقاطعة 
السابق» الرجل القوي والحليف القديم لعائلة كرزاي. لقد سمعنا شائعات متكررة عن 
رجاله وهم يذبحون مجموعة من رجال "طالبان" من قبيلة نورزاي. سألته مباشرة عن 
هذه الحادثة» وانطلق في خطاب لمدة 30 دقيقة عن تاريخ قبيلة نورزاي والتطرّف. وقال 
بعد ذلك ساخراً إن حملات التشهير كانت رياضة وطنية شائعة في أفغانستان. وخلال 
الحديث الطويل معه فكرت في عدد من الأشياء: كم سيستغرق الأمر حتى يتم إصلاح 
الرجال من أمثال عبد الرازق أو طردهم؟ إلى أيّ مدى كنا بحاجة إلى الخروج من قواعدنا 
المحصّنة لكي نعرف ما يجري على الأرض حقاً؟ وكيف أن الأوروبيين لم يتمكنوا من أخذ 
الوقت اللازم أو القيام بالمخاطرة الضرورية للقيام ch‏ من هذه المهام» وخاصة على 
الحدود الباكستانية الصعبة؟ 


223 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد [ili‏ القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


واصل القائد الأفغاني حديثه والانزعاج يبدو واضحاً عليه؛ "الآنء للإجابة على 
سؤالك» فإن أي صفقات أبرمها مع إخوتي في قبيلة نورزاي لا تختلف عن الصفقات التي 
تبرمونها أنتم -الأمريكيين- مع باكستان. أنا أبرم صفقات مع قبيلتي وعشيرتي. نعم 
بعضها by‏ ينحاز إلى طالبان. ولكن هذا الانحياز لطالبان يظل على مستوى صغير جداً 
وضيق وعحلي جداً. وهو ليس ذا أهمية؛ إنم| الصفقة التي تبرمونها مع اميش الباكستاني» 
ومع الاستخبارات الباكستانية» جهاز المخابرات الباكستانية» فهنا يجب أن تكمن 
خاوفكم. هذه قضية كبرى واستراتيجية؛ طوال الوقت يقوم الباكستانيون بإرسال 
بنجابيين ورجال طالبان حقيقيين - أجانب - إلى هنا GIL‏ المشكلات. إن جهاز المخابرات 
الباكستانية يعطيهم JU‏ والسلاح والتدريب ويساعدهم على وضع الخطط» والولايات 
المتحدة تعطي الجيش الباكستاني ملايين الدولارات الأمريكية. وأعتقد أن حكومتك 
أبرمت صفقة مع جهاز المخابرات الباكستانية. شروط الصفقة تتطلب من باكستان 
تسليمكم عناصر القاعدة» وأن يتعهّد الباكستانيون بعدم استخدام الأسلحة النووية ضد 
الهند. إذا نفذوا ذلك لكم» يستطيعون السيطرة على أفغانستان مرة ثانية". 

حاولت أن أعترض على ما يقول» ولكنه واصل كلامه. 


"وما الوضع بالنسبة إلى الأوروبيين؟ هم ليسوا مهتمين بالقتال. الفرنسيون يحبون 
الطعام والأزياء. أنتم عقدتم صفقة مع جهاز المخابرات الباكستانية» وتركتم مستقبل 
أفغانستان للأوروبيين» بحيث تنقذون ماء وجهكم بين تلهشون وراء النفط العراقي. 
أفغانستان ليس فيها نفطء ولم يعد فيها أفراد من القاعدة» ولذلك لم تعد أمريكا مهتمة بها 


قط. 
ثم قال» وهو يشير بإصبعه Ul‏ "لا يجوز أن تأي إلى هنا لتلقي the‏ حاضرة عن 
الصفقات» يا صديقى". 


لقد تدمّر على هذا الطاغية الصغير. إن قدميٌ والجزء الأسفل من ساقيٌ كانت 
جيعها شبه مخدرة بسبب الجلوس على الأرض متربّعاً لساعات طويلة. وكانت مثانتي على 


224 


الفصل السادس: الفرنسيون في "وادي معروف" .. بيدق في لعبة دبلوماسية 


وشك الانفجار لأنني شربت ستة أكواب من الشاي. تمتمت ببعض الإيضاحات حول 
الطبيعة المعقدة لعلاقتنا مع باكستان. وكانت شكاواه صورة نمطية 6( سمعته من كثيرين 
من الأفغان. وعلاقتنا مع باكستان لم تكن لها مسوغات منطقية» ولذلك كثرت نظريات 
المؤامرة لتفسير تلك العلاقة. 


وقال» وهو يومئ إلى صبي الشاي ويشير إلى إحدى اللفافات الورقية على الرف» 
Mees Ah fof aI"‏ 


قام صبي الشاي OL ST AGL‏ الشاي وصحون المكسرات من وسط السجادة» 
بينم| كان القائد يفتح لفافة تبين نها خريطة للمدينة مرسومة باليد. "أنت تعرف كويتا"؟ 


أجبته: "بالطبع". 


سألني: "أنت تعرف الملا عمر Wy‏ برادار وعبيد الله؟"» وهو يقصد زعيم حركة 
طالبان ورجلين يعتقد El‏ الرجلان الثاني والثالث في التنظيم. "أنا أريك الآن أين 
يعيشون. أعرف مكانهم جيداً. لدي أقارب هناك. لقد عشت هناك سنوات وأعرف هذه 
المنطقة جيداً". أشار إلى تقاطعين مختلفين وإلى ما بدا كطريق مسدود. [ay‏ كان يخبرني أين 
يعيش كل واحد من هؤلاء الرجال. "الجميع يعرف أنهم هناك. وهذا ليس سراً كبيراً. 
يغضون الطرف عنهم". 

وأضاف BU"‏ لا تستطيع أمريكا قتل هؤلاء الرجال؟ أنتم تستطيعون فعل أي 


شيء. تستطيعون أن تضعوا أناساً في الفضاء. ولا بد لأي شخص مثقف أن يستنتج أن 
أمريكا لا تريد موت هؤلاء الرجال. وإذا أخذت في الاعتبار هذه الحقائق إلى جانب تعاون 


حكومتكم مع الجيش الباكستاني» فإن الاستنتاج الوحيد الذي يمكن للمرء أن يتوصل إليه 
هو أنكم تريدون السيطرة على أفغانستان". 


225 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


أجبته» وأنا أختار GIS‏ بعناية: "يا سيدي» أستطيع أن أؤكد لك أن الأمريكيين لا 
يريدون السيطرة على أفغانستان. فالمواطنون الأمريكيون لا يريدون لأزواجهم وأبنائهم 
أن يأتوا إلى هنا على مسافة آلاف الأميال بعيداً عن عائلاتهم. أنت Ge‏ يا صديقي» هناك 
بعض الصعوبات بشأن علاقاتنا مع باكستان. ولكن يجب أن تقرروا كيف تريدون أن 
تتعاملوا معنا". 


وقلت له وأنا أمد راحة يدي اليسرى بعيداً عن جسميء "في الجهة الأولى الأفغان 
يقولون إن الأمريكيين تخلوا عن أفغانستان بعد أن قام المجاهدون GILL‏ الهزيمة بالاتحاد 
السوفيتي في الثانينيات من القرن العشرين. ويقولون إن أمريكا لم ESE‏ هنا بعد رحيل 
السوفييت لتساعد في إعادة بناء أفغانستان"» ثم مددت راحة يدي اليمنى وقلت له» "وني 
الجهة الثانية» نحن هنا OV‏ لنساعدكم» ولكن الناس يقولون إن الأمريكيين جاؤوا هنا 
كمحتلين ويجب أن يرحلوا. شخصياً UT‏ أعتقد أن مستقبل أمريكا ومستقبل أفغانستان 
سيكونان هكذا"» قلت ذلك وأنا أقرّب يديّ حتى تلاصقتاء "وسوف نكون معاً طوال 
ALAM el ol‏ ى تصيح انعاسهان قرية Ey vey‏ كافة لقاونية كل هذه 
المجموعات وجيرانها الذين يعملون ضدهاء ويجب أن نكون موجودين هنا لكي نستطيع 
المساعدة". 


مشيت أنا والقائد إلى الخارج. ومن الواضح أنه كان فخوراً جداً بمدفعه الرشاش 
المضاد للطائرات ذي السبطانتين الروسي الصنع الذي كان في حوزته» وطلب مني أن 
أقف عليه لأخذ صورة تذكارية» وعندما صعدت إلى برج المدفع استطعت أن أرى المشهد 
من فوق الجدار الشرقي لمقر الشرطةء من الجهة ا معاكسة للقاعدة الفرنسية. في الحقل 
المجاور تماماً خلف السور كان الخشخاش على مد النظر. وكنا في شهر إبريل» واقترب 
موسم الحصاد لقطاف بصيلات الخشخاش التي تكاد تنفجر؛ لأا Lele‏ بالعجينة 
البيضاء التي ترشح منها والتي يُستخرج منها الأفيون. تذكرت الأيام التي كنت أعمل 
فيها في مكتب سياسة مكافحة المخدرات؛ حيث كنا نناقش السلطات التي يجب أن نح 


226 


الفصل السادس: الفرنسيون في "وادي معروف" .. بيدق في لعبة دبلوماسية 


لجنودنا - إذا كان لهم أي سلطات أصلاً - للتصرف عندما يصادفون حالات فساد 
واضحة لدى المسؤولين الأفغان. من الواضح أنه حقل أفيون يملكه ويديره قائد شرطة 
المديرية. وهنا كنت أقف على مدفعه محاطاً بالعشرات من رجال الشرطة الأفغان 
المبتسمين ومعهم بنادق كلاشنكوف معلقة على أكتافهم. ولم أكن أعتزم القيام SL‏ شيء. 
كان من السهل أن نجلس في مكاتبنا في البنتتاجون ونناقش الآراء حول ما يجب فعله؛ أما 
الوقوف هنا فقد كان أمراً ختلفاً hls‏ وليس معي سوى أمريكي واحد في وسط حقول 
ا لخشخاش التي تنبسط على مد النظر. ويبدو أن القائد عرف ما يدور في خلدي. ابتسم 
ووكزني بلطف لكي ألتفت لكي يتم التقاط الصورة. 

كان من الأشياء الرائعة بشأن القاعدة الفرنسية في سبين بولداك» أن مقر كل فصيلة 
من فصائلهم كان فيه بار خاص به للمشروبات الكحولية. وكان قائد مجموعة العمل 
الفرنسية في باجرام يحضر سلسلة اجتهاعات» وقد صادفت asl‏ المقدم لوفيفر» في قاعة 
الطعام الفرنسية المملوءة بالمؤن. وقد دعاني إلى أحد البارات لتناول كأس خمرة قبل النوم. 
كان فخوراً جداً بزجاجة الويسكي الاسكتلندية الجديدة التي وصلت إليه مؤخراً من 
فرنسا وأصر علّ أن أجربها. وكان البار يتألف من رفوف خشبية وعليها زجاجات 
متنوّعة من الخمور والنبيذ. وكان البار مكسواً بشبكة تمويه» وعليها مصابيح الزينة البيضاء 
الخاصة بأعياد الميلاد. وهناك ستة مقاعد قابلة للطي في دائرة حول طاولة عبارة عن لوح 
من الخشب المعاكس على صناديق المخصصات الغذائية. لم أكن من المهووسين 
بالويسكي» لذلك شربت كمية ويسكي معتقة منذ مس وعشرين سنة. وكان لوفيفر 
فضولياً ولديه رغبة في أن يعرف بعض المعلومات عن خدمتي في البنتاجون قبل المجيء إلى 
أفغانستان» وبدا منفتحاً وغير متكبّر بالمقارنة مع عدد من زملائه الضباط الفرنسيين. 
وبعد برهة قصيرة» تحوّل الحديث إلى الحرب ومجموعة العمل الفرنسية. وأخيراًء سألني 
كيف أنظر إلى طريقة عملهم حتى OY‏ وكنت آمل أن يسألني هذا السؤال. قلت له بكل 
أمانة وصراحة: إنني أرى رجاله مدربين وأشداء. وقلت له أيضاً إنهم ربما يتمنون أن 


227 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


يكون لديهم هامش أكبر من الحرية لحماية الشعب الأفغاني» ولكي يتصرفوا بطريقة 
هجومية فعّالة لاقتحام معاقل طالبان المعروفة. 


أجابني باستخفاف إلى حد ما: "نعم هذه هي طريقة عمل جندي القوات الخاصة؛ pel‏ 
يريدون أن يدخلوا في معارك لمحاربة العدو وهم يتلقون التدريب على ذلك طوال حياتهم» وأنا 
أتفهم هذه الطريقة في التفكير وأحترمها. ولكنّ لدينا قيوداً تحدد عملناء وغالباً ما يجب عل أن 
أفرض هذه القيود عليهم. والمشكلة لما وجهان: الوجه الأول ميزانيتنا الدفاعية» فالرجال ليس 
لديم المعدات التي يستحقونها. وإن كانت البنادق والمعدات الأساسية جيّدة» فإن الأشياء 
الأكثر تعقيداً مثل أجهزة الاتصالات اللاسلكية جو-أرض» وأحدث أجهزة تحديد المواقع 
عبر الأقار الصناعية» جميعها قديمة وبحاجة إلى تحديث". واتكأ إلى لخلف على الكرسي 
القابل للطي» وسحب سيجارة من علبته وقال: "أعتقد أننا نعاني آثار السنوات التي US‏ فيها 
خارج حلف الناتو Lal‏ ونحن لسنا مؤهلين كما ينبغي من حيث التدريب وا معدات لمضاهاة 
الآخرين كالأمريكيين أو الكنديين الموجودين في قندهار". 


لقد صدمتني صراحته» حتى وإن كانت بتأثير الويسكي» لكنني بالتأكيد لم أعترض 
على سماعها. كان يؤكد لي عدداً من ملاحظاتي بأن قوات العمليات الخاصة الفرنسية لم 
تكن مستعدة بالقدر الذي كان يظنه الناس في قاعدة باجرام أو حتى في واشنطن. ولكن 
واشنطن كانت تتوسّل باريس لإرسال المزيد من الجنود. لاحظت خلال مشاركتي في 
دوريات عدة» أن المركبات الفرنسية لم تكن جميعها مزودة ولو بجهاز لاسلكي محلي. وفي 
المقابل» فإن جميع المركبات الأمريكية تقريباً يوجد فيها أجهزة اتصال عبر IBM‏ الصناعية» 
الذي يتيح لمستخدمي المركبة القدرة على التحدث مع مسرح العمليات بأكمله والاستماع 
إلى اتصالات أخرى. وإذا م يكن لدى الجنود الأمريكيين جهاز اتصالات الأقمار 
الصناعية» فبالتأكيد كانوا سيحملون أجهزة لاسلكي با موجة القصيرة FM‏ تتيح لهم 
الاتصال بزملائهم في المركبات الأخرى» وبالجنود الراجلين» والأهم من ذلك الاتصال 
بالطائرات. وعلى حين أن كل جندي أمريكي» وخاصة جنود القوات الخاصة» لديه جهاز 
SLY‏ فرديء فغالباً ما يوجد جهاز SLY‏ واحد لكل رهط فرنسي. كما كان 


228 


الفصل السادس: الفرنسيون في "وادي معروف" .. بيدق في لعبة دبلوماسية 


الفرنسيون يستعيرون منا أجهزة التشويش لتعطيل العبوات الناسفة التي يتم التحكّم فيها 
عن بعد» وكانت لديهم أجهزة رؤية ليلية من طراز قديم. فإذا كانت هذه هي حال قواتهم 
الخاصة» فيمكنني أن أتخيّل حال جيشهم النظامي. 

تابع المقدم لوفيفر حديثه» "إن نقص هذه المعدات ليس هو المشكلة الكبرى؛ 
مشكلتنا الجوهرية التي تحاول التلميح إليها بطريقة دبلوماسية لبقة» ليست مشكلة 
عسكرية. إنها هي مشكلة سياسية. أفغانستان ليست حرباً شعبية في أوروبا. والناس 
يسألون علانية: ISU‏ نحن هنا؟ والكثيرون يعتقدون أن وجودنا في بلاد مُغلقة [ليس لما 
أي حدود ساحلية] ذات ثقافة قديمة خاصة بهاء يجعل الأمور أسوأ. إن موت لو-باج 
كان صفعة قوية للفرنسيين في الوطن» ويعتقد معظم الأوروبيين أننا نقوم بتنفيذ مهام 
حفظ سلام بأسلحة خفيفة» ك| فعلنا في البوسنة. بصدق أقول لك» إن التعليمات غير 
المكتوبة التي GE‏ من باريس إلى مقر قيادتنا تأمرنا بعدم تكبّد مزيد من الخسائر البشرية. 
وفي حال ظهور خسائر بشرية فرنسية كبيرة على الصفحات الأولى من الصحف 
الفرنسية فإن ذلك سيترجم بسرعة إلى انسحاب الفرنسيين من أفغانستان. ربا 
تختلف معي في الرأي» ولكن وجود بعض النشاطات هنا وبعض القوات» وعلى الأقل 
استعراض القوة في هذه المنطقة أفضل من لا شيء. إن هذا الوجود أفضل من عدم 
وجود فرنسا نهائياً". 

قلت له مبتس)ء "بالفعل» كا توقعت أنت» أنا أختلف معك كلياً. الأفغان يتخذون 
قرارات حياة وموت كل يوم. وحتى التحدث إلى أحد جنودنا يمكن أن يؤدي إلى الموت 
بالنسبة إليهم» بسبب عمليات طالبان الانتقامية. وإذا كنت تريد التعامل مع قرى أو قبائل 
معيّنة» فإنه يجب أن تكون مستعداً للقيام بأعمال هجومية UL‏ هؤلاء الناس ودعمهم. 
وإضافة إلى ذلك» إذا كنت تريد حقاً القضاء على هذا التمرد» فإنه يجب عليك أن تجند 
عملاء داخل صفوفهم» وأن تشجع الانشقاقات» وأن تقوض إعلامهم وشائعاتهم» 
وعندما تدعو الضرورة وبعد التدقيق الحذر بالطبع» يجب عليك أن تقتل قيادات طالبان. 


229 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


"كما يجب عليك التعامل مع لاعبين عنيدين مثل العقيد عبد الرازق - فمع أنه 
مقاتل وقائد قويء فإن الشائعات التي تقول إنه يعدم رجالاً من القبائل الأفغانية 
المنافسة - حتى إن كانوا يتعاطفون مع طالبان» ستنفر الناس بعيداً عن قضيتنا. ولذلك 
يجب على de pot‏ العمل الفرنسية أن تقرر إذا ما كانت ستتعامل معه بحيث تتوقف 
هذه الأعال» أو أن تضغط على كابول لطرده من منصبه» ومعالحة العواقب. ولكننا لا 
نستطيع أن نتجاهل المشكلة برمّتها". 


واصلت كلامي الموجه إليه» "بصراحة يا سيديء إن امتلاك فهم شامل وعميق 
للديناميات الاجتاعية والقبلية في أفغانستان أمر شديد الأهمية. وأنا أعترف لك أن الجيش 
الأمريكي ما يزال أمامه طريق طويل لفهم هذه الديناميات بأنفسنا. ولكن أنتم لا تقومون 
بتجنيد الاستخبارات البشرية» وليس لديكم القدرة الحقيقية لاستخبارات الإشارات. 
ومع التحذيرات الرسمية الآتية من حكومتكم لتجنب المهمات التي يفترض أن تكون 
مفرغة لقتل الأعداء أو أسرهمء ليس لديكم القدرة أيضاً لكي تثبتوا للناس أنكم الحصان 
القوي» وليس لديكم القدرة على إجبار رجال مثل عبد الرازق على أن يتعاونوا معكم". 
وأخبرته أنه "تأتينا التقارير واحداً تلو الآخر عن بعض DUI‏ المتطرفين الذين يعبرون 
الحدود من باكستان لكي يلقوا الخطب في المساجد الأفغانية» ويتحدثوا عن عجز قوات 
التحالف والجيش الوطني الأفغاني وعجزهم عن توفير الأمن. ومع موقف النقيب آلان 
الذي يحتفظ بوحدات الجيش الأفغاني كقوة مساندة احتياطية لكم» فإنكم بذلك تؤخرون 
نمو الجيش الأفغاني أيضاً؛ وهذا يعني أن الناس لن يروا سوى عبد الرازق ورجاله. وأنتم 
ليس عندكم فريق لإعادة إعمار الولايات أو أي نوع آخر من برامج المساعدة لكي تُظهروا 
للشعب الأفغاني بعض التتائج الإيجابية لوجودكم هنا. يجب أن يرى الناس أشياء 
ملموسة AST‏ من رؤية الجنود الفرنسيين يتجولون بسياراتهم» ورجال شرطة فاسدين 
يقيمون حواجز تفتيش غير قانونية» على حين يتمتع رجال طالبان بحرية حركة تامة. في 
رأبي» وبأمانة شديدة» تسبب قيودكم ووجودكم ضرراً أكثر من تقديم أي نفع. إن هذه 


230 


الفصل السادس: الفرنسيون في "وادي معروف" .. بيدق في لعبة دبلوماسية 


القيود تقوّض القواعد الأساسية لمحاربة التمرد". وني هذه اللحظة أدركت أنني أكاد 
أنزلق عن الكرسي. أخذ المقدم لوفيفر سحبة طويلة من دخان سيجارته» OLS‏ يمعن 
التفكير بينم ينفث الدخان من فمه. أرجعت ظهري إلى الخلف وتساءلت بيني وبين 
نفسيء إذا ما كنت قد أخذت هذا ا حوار إلى أبعد تما يجب أو لا. 


أجابني المقدم لوفيفر» "هناك شيء واحد يجب أن تفهمه يا صديقي. في فرنساء 
مكافحة التمرد تعني شيئاً ختلفاً جداً. إنها تعني الجزائر» الحرب في الجزائر» تعني قتل 
وتبجير ملايين السكان المحليين» تعني التعذيب» والحرب الأهلية» slags‏ الجمهورية 
الفرنسية الرابعة. والمعنى الأقرب إلى قلبي» أنها تعني موت أكثر من 90 ألف جندي 
فرنسيء فإذا صرح أي ضابط هنا أو أي مسؤول في الوزارة علانية بأننا نقوم بحملة 
لمحاربة التمرد» فهذا يعني أننا انتهينا في أفغانستان". كان المقدم قد بدا يصبح عاطفياً 
ومحموراً قليلاً. وشعرت بأنني بحاجة إلى تهدئة الحديث. 

أجبته» "يا سيديء أنا أقدّر صراحتك وصدقك. كنت أعرف هذا عن الآثار التي 
خلفتها الجزائر في ضميركم الوطني» ولكنني لم أفهمها LA‏ حتى OW‏ أعتقد أن 
الأحاديث الصادقة كحديثنا هذا شيء جيد بين الحلفاء. وفي النهاية» إن نياتنا متاثلة» 
حتى إن اختلفت طرق التطبيق. ولديّ سؤال أخيرء إذا كان لم يكن لديك مانع: نظراً إلى 
وجود هذه السلبيات الاستراتيجية» TU‏ هنا في أفغانستان؟ ولماذا تخاطرون 
بوجودكم؟". 

أجابني وهو ينهي شرابه» "الجبواب بسيطء» نحن هناهدف سياسي وهو 
مساعدة الحكومة الأمريكية في الحرب العالمية ضد الإرهاب. وهذا هو السبب بالتأكيد بعد 
أن رفضت حكومتي دعمكم في العراق. إن القوة الخاصة الفرنسية "آريس" والقوات 
الفرنسية المتتشرة في أفغانستان بأكملها هي مجرد بيدق في لعبة دبلوماسية أكبر بكثير". 


حذفت به ملا a‏ كان ذلك Lt at‏ اسكناياء لن آنساه ما ame‏ 


231 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


بعد ذلك بستة أشهرء رجعت إلى البنتاجون وكنت أعمل على موضوع السياسة في 
أفغانستان لمصلحة مكتب وزير الدفاع» وأبحث مسألة مشاركة الناتو في الحرب. وكان 
جنيع المسؤولين الأمريكيين بدءاً من وزير الدفاع روبرت غيتس وانتهاء بي» يؤكدون بشدة 
ضرورة مطالبة أعضاء الناتو بإرسال حصتهم العادلة من الجنود إلى أفغانستان» والتخلي 
عن محاذيرهم التي تمنعهم من القيام بأنواع محددة من العمليات» ونقل قواتهم من شمال 
أفغانستان وغربها الآمنين نسبياً لمساعدة الأمريكيين والبريطانيين والكنديين في جنوب 
البلاد وشرقها. والمشكلة من وجهة نظريء لم تكن مسألة إرادة سياسية فحسب» بل 
كانت مسألة قدرات عسكرية أيضاً. وكانت المشكلة الأساسية أن قدرات معظم جيوش 
الناتو» وحتى الوحدات التي يفترض lel‏ وحدات النخبة» تراجعت بشكل خطير بعد 
سنوات طويلة من الإنفاق الدفاعي الهزيل. إن نقص المعدات» إلى جانب غياب العمليات 
الاستخباراتية المتطوّرة» والتحذيرات غير المكتوبة الصادرة عن العواصم الأوروبية؛ كلها 
عوامل تدل على أن وحدات الناتو في أغلب الحالات كانت تضر أكثر مما تنفع عندما 
تدخل مناطق معرّضة للتمرد. يبدو هذا الكلام قاسياً (وقد قال لي زملائي المعنيين 
بسياسات الناتو إن هذا الكلام لاذع Cae‏ ولكن ينبغي لنا أن ندرك أن إرسال جنود 
أوروبيين وأموال إلى مناطق مبتلاة بالفقر المدقع بعث YUT‏ كبيرة لدى الشعب الأفغاني. 
وبحلول عام 2007« أصيب الكثيرون من الأفغان بخيبة أمل متزايدة بسبب إخفاقات 
الحكومة الأفغانية وقوات التحالف بقيادة الناتو وعجزهم عن تحقيق تحسينات ملموسة 
على حياتهم اليومية. لقد كان هناك 42 دولة من أغنى دول العالم» ومن بينها القوة العظمى 
العالمية الوحيدة المتبقية» جميعها موجودة في بلدات وقرى أفغانستان. والفكرة التي وددت 
إيصاها إلى زملائي ورؤسائي - وأنا أعترف أنها كانت مسألة غائمة بعض الشيء - هي 
أن الأوروبيين كانوا يفضلون القيام بمهام حفظ السلام والأعمال المتعلقة بمشروعات 
التنمية في شمال أفغانستان. نحن لم نرد مشاركة OUI‏ أو السويديين أو الآخرين في دوامة 
القتال التي كان يخوضها بصعوبة الجنود البريطانيون الأعلى كفاءة وقدرة في أماكن مثل 
ولاية هلمند في الجنوبء ولكننا كنا نشعر blab‏ مؤكد؛ OY‏ عدداً من الدول الأعضاء في 
الناتولم يقدم ولو قدرات الدعم المادي مثل الطائرات المقاتلة أو الحوامات. وبعد 


232 


الفصل السادس: الفرنسيون في "وادي معروف" .. بيدق في لعبة دبلوماسية 


التجارب التي مررت بها على الأرض في عام 2006» قلت إنه حتى أسلحة الدعم الحاسم 
لم تكن لازمة إذا أتت مع قيود كثيرة إلى درجة تجعلها عديمة الفائدة. ما كنا بحاجة إليه 
فعلاً هو القيادة» والقدرات» والأساليب الأمريكية» في مكافحة التمرد في الجنوب. ولكن 
النقطة الجوهرية غير المعلنة في البنتتاجون وني جميع أركان مؤسسة الأمن القومي 
الأمريكي» هي أن العراق كان حور جهودنا الرئيسية. وبا أننا كنا بحاجة إلى مزيد من 
الموارد ALLA‏ الوضع المتدهور في أفغانستان» فإن هذه الموارد كان يفترض أن تأتي من 


أوروبا. 


المسألة الجوهرية الأخرى كانت تكمن في التغيير البيروقراطي الذي حدث داخل 
مؤسسة الأمن القومي الأمريكي» حالما انتقلت مسؤولية العمليات العسكرية إلى قوات 
الناتو الممثلة بإيساف التابعة للناتو. وسواء في مكاتب صنع السياسات في وزارة الدفاع» 
أو في هيئة OLS VI‏ أو أروقة وزارة الخارجية الأمريكية» أو مجلس الأمن القومي 
الأمريكي في البيت الأبيضء Ob‏ المسؤولين المؤيدين للاعتماد على أوروبا تولّوا فجأةً 
مسؤولية سياساتنا في أفغانستان. وأصبحت أفغانستان مجرد واحدة من عدد من القضايا 
على لائحة الناتو: وقد تراوحت هذه القضايا من مسألة الدفاع الصاروخي في أوروبا 
الشرقيةء إلى معالحة القرصئة قبالة سواحل الصومال. ley‏ زاد الأمر سوءاً أن الولايات 
المتحدة الأمريكية أصبحت الآن تمتلك صوتاً واحداً من أصل 26 صوتاً داخل حلف 
الناتو» بحيث تحتاج إلى موافقة الأعضاء بالإجماع لإحداث أي تغيير مهم في سياسات 
الحلف. وكان أول قائد لقوات "إيساف" بريطانياً» يدعى ديفيد ريتشارد» وكان القادة 
العسكريون الأمريكيون مسؤولين أمام الأمين العام لحلف الناتو والقائد الأعلى لقوات 
التحالف وهو جنرال بأربعة نجوم» ومقره في بروكسل. وكان الكثير من زملائي في 
البتتاجون يرون أن النجاح في أفغانستان مسألة شديدة الأهمية لمستقبل الناتو» وهو أمر 
جيد لتشجيع العمليات المشتركة بين جيوش الناتو» ومهمٌ جداً لإثبات أن الناتو يستطيع 
أن ينفذ عمليات تدخل سريع خارج أوروبا. وبعبارة أخرىء نقول: إن الحرب في 
أفغانستان كانت آلية لتطوير الناتو إلى قوة تدخل سريع» وتحويله إلى تحالف لحقبة ما بعد 


233 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الحرب الباردة» ولإبقاء الحلف فاعلاً في fle‏ ما بعد 11 سبتمبر. ووفق هذه النظرة ALLS‏ 
كان يجب أن تكون تجربة أفغانستان ناجحة» لإثبات نجاح الناتو» وليس العكس. 


كان الأشخاص الذين يعملون في المكاتب الأمريكية المهتمة بشؤون جنوب آسيا 
في مختلف دوائر الحكومة الأمريكية يحملون آراء ختلفة جداً. كان النجاح في ترسيخ 
الاستقرار في أفغانستان ودحر التمرد الطالباني المتنامي حاسساً لمنع عودة تنظيم القاعدة إلى 
هناك ومصلحةً جوهريةً MALL‏ القومي الأمريكي. لقد قدّرنا LE‏ التضحيات 
الكبيرة التي قدّمها جنود الحلفاء» ولكن إذا تبيّن أن الناتو أصبح مؤسسة غير راغبة في 
تنفيذ مهمة معقّدة ومكلفة من هذا النوع أو غير قادرة على ذلك» فليكنْ هذا شأنها. ونحن 
نرى أنه كان من واجبنا أن نشير إلى نقاط ضعف الناتو ونبحث عن حلول مثلى. لقد OLS‏ 
صراعاً متواصلاً أدى إلى نوع من الشلل في السياسة من عام 2006 إلى عام 2008ء على 
حين استمر الوضع في أفغانستان بالتدهور. 


234 


الفصل السابع 
عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


في صيف 22006 تمّ إرسال مفرزة العمليات ألفا التي تتبع لي» وفصيلين تابعين 
لدولة الإمارات العربية المتحدة» إلى قاعدة العمليات الأمامية (ريبلي) جنوب تارين كوت 
في ولاية أوروزغان» وذلك لتعزيز مفارز العمليات الست من القوات الخاصة العاملة في 
الولاية إلى جانب قوة من القوات الحوية الخاصة الأسترالية. وما وجدناه كان خليطاً من 
الوحدات التي تحاول قصارى جهدها وقف موجة التمرد المتزايد» ولكل منها سلسلة 
منفصلة من الأوامر» وقواعد مختلفة للاشتباك» ونمج أساسي مختلف لمبدأ مكافحة 
التمرد. 


[SLES‏ حدث في هلمند» كان الوضع قد تغيّر إلى الأسوأ في أوروزغان في عام 
6 مقارنة بالوضع الذي كنا قد وجدناه عندما قمنا بدوريات في أوروزغان خلال 
فصل الشتاء السابق. وظهر فراغ أمني هائل بسبب مجموعة من العوامل: استياء القبائل 
الذي ولّده الحاكم جان محمد خان بين عدد من قبائل الأقلية في هذه الولاية؛ وسحب 
الجنود من فرقة المشاة 25 الأمريكية في الخريف الماضي؛ وتنحية الزعيم والحاكم شير 
محمد أخونزاده في هلمند المجاورة؛ وتأخر وصول ال مولنديين في أوروزغان والبريطانيين في 
هلمند حتى انقضاء معظم موسم القتال. وسرعان ما استغلت طالبان هذا الفراغ عن 
طريق التسلل مرة أخرى إلى أفغانستان بأعداد متزايدة من ملاذهم في باكستان» ومن 
خلال استهداف الملالي الموالين للحكومة» والشيوخ والمسؤولين في أوروزغان. 


تم إرسال سرية مشاة من الجيش الوطني الأفغاني مع فريق التدريب من الحرس 
الوطني التابع للجيش الأمريكي للمساعدة في وقف موجة انعدام الأمن في الولاية. كانت 
فرق التدريب المرافقة تتشكّل من 12 إلى 15 من الجنود برتبة رقيب وضابطء بم يشبه 


235 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


تركيب مفارز العمليات للقوات الخاصة. وكانت مفارز من ألوية الحرس الوطني التي 
تمت تعبئتها ومن ثم تم نشرها في فرق صغيرة تتوافق مع مواقع الجيش الوطني الأفغاني. 
كانت الفرق تضطاع بالمهمة الأساسية للتدريب وتقديم المشورة للجيش الوطني الأفغاني 
ومرافقة نظرائها الأفغان من وزارة الدفاع إلى مقر الفيلق ومقر اللواء ومقر الكتيبةء إلى 
مستوى السريّة. من الناحية الفنية» كان أعضاء الفريق مدرّبين مكلفين مساعدة الأفغان 
على المستويات التكتيكية والتشغيلية في كل أمر؛ بدءاً من تقنيات التخطيط الأساسية إلى 
أساسيات القيادة وكيفية صيانة واستخدام بنادق الكلاشنكوف الخاصة بهم. وفي كثير 
من الأحيان» كانوا Lal‏ بمنزلة مستشاري قتالء يرافقون الجيش الوطني الأفغاني في 
المهمات والدوريات القتالية. وبذلك كانوا أيضاً المعبر الذي يمثل أصول المهام التي 
تضطلع بها الولايات المتحدة مثل الإخلاء الطبي والإسناد الجوي القريب» هذه المرافقة 
cout‏ وجود القوات الأمريكية مع كل وحدة من الجيش الوطني الأفغاني -تقريباً- 
المتتشر في أنحاء أفغانستان. كان لهذا الأمر أهمية خاصة بعد انتقال القيادة من الولايات 
المتحدة إلى حلف شمال الأطلسي في عام 2006« وعندما واصلت القوات التقليدية 
الأمريكية عملها فقط في القيادة الإقليمية الشرقية» نشأ عن ذلك الوضع أن فرق القوات 
الخاصة وفرق التدريب المرافقة للجيش الوطني الأفغاني كانت هي الوجود الأمريكي 
الوحيد في الولايات المضطربة جنوب أفغانستان» وكذلك الولايات شيه المستقرة في 
الغرب على طول الحدود الإيرانية. وظلت هذه العناصر في إطار عملية الحرية الدائمة 
التي تقودها الولايات المتحدة بقواعد الاشتباك الخاصة بهاء هي الأقل تقييداً. 


كانت الجوانب السلبية لمثل هذا الترتيب كبيرة» كما ELD‏ ذلك في صيف عام 
6 في أثناء تنفيذ العمليات مع فرقة العمليات الخاصة التابعة لدولة الإمارات العربية 
المتحدة في أوروزغان وهلمند. وكانت المشكلة الرئيسية مع فرق التدريب المرافقة هي أنها 
oS‏ سلسلة أخرى من إجراءات القيادة في أفغانستان. وشكل التحالف الذي يقوده حلف 
شمال الأطلسي في ذاته مشكلة في القيادة والسيطرة بوجود el‏ وأربعين دولة ذات 
عناصر عسكرية على الأرض في بداية عام 2007. وكل عنصر عسكري عليه أن يقوم 


236 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


بإبلاغ قائد ذي (4) نجوم من القوة الدولية للمساعدة الأمنية (إيساف) في كابول. ولكن 
كان لكل وحدة أيضاً مثل وطني موجود على الأرض يتبع عاصمة دولته» ويمكنه 
الاعتراض على الأوامر الصادرة من قبل إيساف أو من sio‏ قوة مهام العمليات الخاصة 
المشتركة المجمّعة في حالة عمليات تحالف قوات العمليات الخاصة. وهكذاء احتفظ قائد 
إيساف بسيطرة عامّة على عمليات هذه البلدان» وكان لكل منها قيود عملياتية» أو محاذير 
وطنية خاصة بها. لم يكن لدى إيساف السلطة» على سبيل المثال أن تأمر الإيطاليين في 
القيادة الإقليمية الغربية بتحريك مروحيات أو جنود لدعم البريطانيين في القيادة الإقليمية 
الجنوبية المجاورة. |S‏ كانت المحاذير قيداً على ختلف الدول بشأن كيف ومتى يمكن أن 
تستخدم قواهاء وتراوحت القيود ما بين مهمات غير مسموح بهاء إلى مناطق جغرافية نع 
القوات من إجراء عمليات فيها. وني كل حالة تقريباًء وجدث أن فرق المهمات المختلفة في 
التحالف قد أبقت إيساف أو jie‏ قوة مهام العمليات الخاصة المشتركة المجمّعة على اطلاع 
بأنشطتهاء وطلبت موارد إضافية عند الحاجة إليهاء ولكن الفرق أخذت أوامرها من 
تسلسل القيادة الخاص بها تحت إدارة الممثلين الوطنيين. 


Jal ey‏ كاهل تسلسل القيادة وأسهم في إضعاف التحالف بدرجة أكبر» تبني 
الميكل الداخلي المعقد للأوامر والسيطرة في الولايات المتحدة. فداخل الجيش الأمريكي 
وحده كان لدينا ما يصل إلى ستة تسلسلات مستقلة من القيادة» في حين أن الوحدات غالباً 
ما تعمل بجوار بعضها بعضاً. على سبيل مثال» كانت كتائب وألوية المشاة التقليدية تتبع 
قيادة الفرقة الخاصة بهم في قاعدة باجرام الجوية في القيادة الإقليمية الشرقية. وفرقة طائر 
الفينيق كانت تتبع فرق التدريب المرافقة في القيادة الإقليمية الشرقية لمقر العمليات 
الخاص بها على مشارف كابول. وني كثير من الأحيان كان الجيش الوطني الأفغاني يأخذ 
التعلييات والتوجيهات من فرق التدريب المرافقة التي لم تكن في بعض الأحيان تتوافق مع 
قادة المناورة التقليدية. ولجحعل الأمور أكثر ISL)‏ كانت فرق القوات الخاصة مشل فرقتي 
تتبع من خلال تسلسل قيادة ثالث للعمليات الخاصة إلى قوة مهام العمليات الخاصة 
المشتركة المجمّعة» كذلك في باجرام. وما هو أسوأء أن وحدات النخبة للمهمات الخاصة 


237 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


لدينا المتخصصة في مكافحة الإرهاب أو مهمات القتل أو الاعتقاللا تت تتبع بأي شكل من 
الأشكال إلى قائد إيساف. أضف إلى ذلك» أنشطة وكالات الاستخبارات لديناء وبذلك 
تصبح أفغانستان وعاءً دولياً لمزيج من الوحدات العاملة وفق الجداول الزمنية وجداول 
الأعمال الخاصة ہا. 


فقط في ولاية أوروزغان وحدهاء في أواخر صيف عام 2006 كان لدينا خط ط 
يشبه (السباغيتي) من حيث التشابك والاختلاط في خطوط السلطة بين التحالف 
والولايات المتحدة. أولاًء كانت LW‏ سرية قوات خاصة وفرقها الخمس التي تتبع فرقة 
قوات العمليات الخاصة الإقليمية في قاعدة قندهار الجوية» التي كانت تابعة لقوة مهام 
العمليات الخاصة المشتركة المجمّعة في باجرام. ولأنني كنت مرافقاً لدولة الإمارات 
العربية المتحدة» كان فريقي يتبع القيادة المشتركة الموحدة للعمليات الخاصة مباشرة» من 
دون الرجوع إلى فرقة قوات العمليات الخاصة الإقليمية. وبشكل منفصل كانت هناك قوة 
0 للقوات الجوية الخاصة الأسترالية في قاعدة العمليات الأمامية (eas)‏ التي أيضاً 

نت تتبع مباشرة لقوة مهام العمليات الخاصة المشتركة المجمّعة في الشمال في باجرام. US‏ 
ل و وا ne‏ 
أسترالي موجود مع قوة مهام العمليات الخاصة المشتركة المجمّعة؛ وكان بإمكانه تجاوز 
توجيهات قوة مهام العمليات الخاصة المشتركة المجمّعة استناداً إلى الصلاحيات الوطنية. 


وفي قاعدة العمليات الأمامية (ريبلي) في أوروزغان كان يوجد فريق إعادة إعمار 
ولايات هولندي ووحدة مشاة وصلا مؤخراً يتبعان لوحدة إيساف الجنوبية التى يترأسها 
للجيش الأمريكي والمرافقة لسرية الجيش الوطني الأفغاني المتمركزة في قاعدة العمليات 
الأمامية في (ريبلي) تأخذ Yel eb‏ من مقرها الطبيعي في فرقة طائر الفينيق. وأخيراًء ورب| 
الأهم من ذلك» وجدت سرية الجيش الوطني الأفغاني نفسها تأخذ التعلييات من جميع 
الجهات: فرق التدريب المرافقة الذين يعيشون معهم» وسري المشاة ال هولندية التابعة 
لإيساف» وفرق القوات الخاصة الأمريكية التي تخصصت في العمل مع القوات الأصلية 


238 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


وأرادت مرافقة عنصر من الجيش الأفغاني ها في جميع old‏ وبالطبع كان على قائد 
سرية الجيش الوطني الأفغاني أن يستمع إلى مقر قيادة الكتيبة الأفغانية» وهو أيضاً في 
قندهار (ولكن في قاعدة مختلفة عن المقر الإقليمي لإيساف). 

كانت المفارقة أنه ربها كان لدى الولايات المتحدة الثقل الكافي لتبسيط ترتيب 
الأوامرء ولكن بسبب peg I‏ التفاوتة على نطاق واسع للتعامل مع التمرد وقواعد 
الاشتباك المختلفة» لم نكن بالضرورة نريد تسلسل قيادة موحداً. فبموجب الاتفاقات 
السياسية بين OLY SI‏ المتحدة وحلف شال الأطلسي التي أعطت المولنديين زمام 
الأمور في ولاية أوروزغان» فإن مثل هذا الترتيب سيضع جميع الوحدات العاملة هناك 
تحت السلطة المولندية. ولكانت الولايات المتحدة والقوات الخاصة الأسترالية ستعمل 
تحت المحاذير امولندية» الأمر الذي كان يعني عمليات هجومية محدودة جداًء إن وجدت 
أصلاً. وعلى العكس كانت هولندا وبلدان أوروبية أخرى لا تريد لقوات العمليات 
الخاصة الأمريكية أن ترتبط رسمياً بمهماتها لأنها كانت تخشى رد فعل عنيفاً من الرأي 
العام في الداخل حول إجراءات الوحدات الأمريكية الخاصة بمكافحة الإرهاب والتعامل 
مع المحتجزين. وكانت النتيجة نظاماً يحاول العمل من خلال التعاون الطوعي وأداء 
الأشخاص بدلاً من سلسلة قيادة موحدة. في مرات متعددة اجتمع الأفراد معاًء وعملوا 
بشكل جيد؛ ولكن في كثير من الأحيان لم يحدث ذلك. ما أدى إلى التضليل الاستراتيجي» 
والاقتتال eli‏ والارتباك» وفي ale‏ المطاف فقدان الأرض لمصلحة التمرد. 


وللتخفيف من مشكلة القيادة في تارين كوت» عقد الرائد غارسياء قائد سرية 
القوات الخاصة في قاعدة العمليات الأمامية (ريبلي)ء اجتماعاً تنسيقياً أسبوعياً مع جميع 
الوحدات» من أجل الإسهام في إزالة التضارب في العمليات» وضان أن الجميع على علم 
بالمهمات الأخرى المزمع القيام بها. لم يكن لدى أحد السلطة لإصدار الأوامر لأي شخص 
آخر حول ما يجب عليه القيام به أو الامتناع عنه» أو العمل على التنسيق الزمني 
للعمليات. في الاجتماع التنسيقي الأول الذي حضرته بعد وصولي إلى قاعدة العمليات 
الأمامية (ريبلي) في فصل الشتاء السابق مع فصيلين من قوات العمليات الخاصة التابعة 


239 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


لدولة الإمارات العربية المتحدة» Clb‏ بسذاجة أن تعرض علينا نسخة من خطة الحملة 
للولاية. حدّقث المجموعة في وجهي حتى ابتسم الرائد غارسياء وهو من قدامى 
المحاربين في العمليات في كولومبياء وقال ساخراً: "إن قوة مهام العمليات الخاصة 
المشتركة المجمّعة وإيساف تعملان على ذلك» يا صديقي. وسيكون ذلك جاهزاً في وقتٍ 
ما قبل Mo Bale‏ 

ضحك الجميع قليلاً على حسابي. ولكنني لم أعتقد أن الأمر مضحك.. لا توجد 
خطة.. لا يوجد تسلسل قيادة موخد. لقد أغفلنا الأساسيات العسكرية في ity‏ صعبة 
ومعقدة بشكل لا يصدق. 

كنا نفتقر إلى نبج موحد بشأن Las‏ التعامل مع التمرد الآخذ في الانتشار بسرعة. 
ففي أحد طرفي الطيف كانت هناك فرقة القوات الجوية الخاصة الأسترالية» العاملة على 
غرار القوات الجوية الخاصة البريطانية» والمتخصصة في الاستطلاع الطويل المدى 
والغارات المباشرة. كان أفرادها مثيرين للإعجابء ويتمتعون BLL‏ عالية» ويتقنون ما 
يفعلونه» وليسوا مهتمين جداً بأي شيء آخر عدا إيجاد وقتل عناصر طالبان (أو الذين 
كانوا يظنونهم من طالبان). سألت مرة ضابط العمليات الخاصة بهم إذا كانوا يعملون على 
أي مبادرات للتنمية مع المنظمات غير الحكومية المحلية أو فريق إعادة الإعمار للولايات. 
ضحك الرجل وقال» "فقط إذا كان ذلك يساعدنا على قتل الأشرار» يا صديقي!". 
شرت ساخراً "إنها في الواقع من الممكن أن تفعل ذلك". 

أما القيادة ال هولندية التي بدأت حينها بالاستقرار في أوروزغان فقد كانت على 
الطرف الآخر من الطيف. لقد جاؤوا بأفكار ثابتة حول عمليات الاستقرار» ورفضوا 
تسمية الجهد في أفغانستان مكافحة التمرد» واستخدموا عوضاً عنه Leng‏ سليياًء مثل حفظ 
السلام. كان أحد المحاذير الوطنية لديم يمنع الوحدات من الاشتراك في عمليات 
هجومية متعمّدة؛ يمكنها أن تطلق النار في حال إطلاق النار عليها فقط. وحتى إذا وردت 
للهولنديين معلومات موثوق بها تفيد أن قائداً من طالبان أو صانع قنبلة موجوداً في مكان 


210 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


معيّن» فليس بإمكاههم شن غارة متعمّدة لقتله أو القبض عليه. كانت المحاذير محبطة 
ولاسيما بالنسبة إلى ضباطهم المبتدئين. وكحل لهذا الوضع» كان بعض القادة المولنديين 
الأكثر هجومية» وخاصة في قوات العمليات الخاصة» يرسلون وحدة ل "الاستكشاف" 
في موقع معروف لطالبان» وهناك تعرّض نفسها GUE OY‏ عليها النار أولآ» لتكون هناك 
ذريعة WU‏ > بإطلاق النار. كانت تلك وسيلة مزعجة لخوض حرب! 


في أول لقاء لي مع المقدم نيكو IL‏ قائد فريق إعادة إعمار الولايات المولندية 
القادمة» أوضح أن استراتيجيتهم للولاية سوف تختلف عن نمج عمليات الولايات 
المتحدة» "فبدلاً من وجود عدد من القواعد والانتشار الخفيف في جميع أنحاء الولاية» فإن 
فرقة العمل ال هولندية ستتخذ استراتيجية بقعة الحبر". وأضاف "اخترنا أن نركز جهودنا 
على المناطق ذات الكثافة السكانية الأعلى في العاصمة -تارين كوت» ودهراود- ونأمل 
توسيع بقعة الحبر شيئاً فشيئاً عندما تستقر تلك المناطق. وبهذا الأسلوب» نسعى إلى 
مكافأة السلوك الجيّد بدلاً من محاولة بناء مشروعات للتنمية في المناطق المعرضة للتمرد» 
حيث يصعب تنفيذ المشروعات وحمايتها؛ ولذا سوف نركز مواردنا في هذين المجالين» 
وسوف نكافئ الناس الذين يتعاونون معنا بدلا من محاولة تغيير رأهم ضدنا وضدّ 
الحكومة الأفغانية. سيرى الشعب الأفغاني في المناطق الريفية النائية تحسناً في حياة شعوب 
المنطقتين وسيرغبون في الشيء نفسه لهم. وسوف نعمل على تطبيق الأمن في مناطقهم 
خارج بقعة الحبر على أمل أننا سنجلب النوع نفسه من التنمية لههم. لطالما كانت القبائل 
الأفغانية تاريخياً قادرة على السيطرة على قراهاء ونعتقد أنها سوف تفعل ذلك مرة أخرى 
بوجود الدوافع الصحيحة". 

كانت هذه إحدى نكهات نظرية مكافحة التمردء وأنا لم أختلف مع ذلك تماماً. كان 
هناك على الأقل نوع من الخطة والنهج العملي. ومع ذلك في المارسة العملية» فإن ذلك لا 
ينطبق حقاً على الديناميات الفريدة لأفغانستان» وسيستمر هذا النهج في إظهار عيوب 
كبيرة حتى يغادر المولنديون أوروزغان في عام 2010. أولآ» كان يجب إرفاق الجزرة مع 
العصاء ولكن الحكومة المولندية رفضت السماح للجيش أن يستخدم العصا. لقد افترض 


241 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


gee‏ أن الزعماء أو قادة طالبان سيسمحون لبقع الحبر أن تتوسّع أو سيسمحون 
للشعب الأفغاني أن يدعو ال هولنديين إلى مناطق أخرى حين| يلاحظون التقدم في تارين 
كوت ودهراود. وبالتأكيد كانت فرق.القوات الخاصة الأمريكية وفرقة القوات الجوية 
الخاصة الأسترالية على استعداد لتكون هي العصا من أجل إزالة العوائق التي تحول دون 
هذا التقدم. ولكن سرعان ما نشأ خلاف بين ا هولنديين والوحدتين» فبدلاً من رؤية 
عناصر العمليات الخاصة كمساعدين يمكنهم أن يسهلوا توسيع بقعة الحبر» اعتبر 
الجيش الهولندي التقليدي وسلكهم الدبلوماسي الوحدتين مجموعة من رعاة البقر لا 
تمكن السيطرة عليهم. 


حينما بدأ فريق إعادة إعمار الولايات ال هولندي بصبٌ أموال التنمية في المركزين 
السكانيين» ظهر Cee‏ آخر. فلقد نظر الأفغان خارج مناطق التنمية إلى الجهد بازدراء» 
وبمرور الوقت ازدادت الغيرة والعداء بين القبائل واستاءت المجتمعات المحلية خارج 
المناطق» ما اعتبروه محاباة للقبائل داخل بقع الحبر. ly‏ سكان الولاية المولنديين 
بالتواطؤ والمحسوبية مع الحاكم جان محمد خان. (وجّه مشروعات إعادة الإعمار كلها 
تقريباً والمناصب الحكومية نحو قبيلتيه الأصليتين بوبالزاي وباراكزاي من عام 2002 إلى 
عام 2005 واستمر تأثيره الكبير في الولاية حتى بعد إزاحته من منصبه في أوائل عام 
2006( 


خلال عدد من الاجتماعات التنسيقية للرائد غارسياء كان أحد مصادر القلق 
الدائمة هو أحد قادة طالبان المحليين؛ الملا باري» الذي كان يهاجم ويرهب الحكومات 
المحلية في دهراود وتشورا. كان الملا باري أيضاً خبير متفجرات وكان مسؤولاً عن 
إحضار تقنيات العبوات الناسفة من العراق إلى أفغانستان. كان الجميع يتوق إلى إبعاده عن 
الشارع» وخاصة بعد مقتل خمسة جنود من القوات الخاصة الأمريكية بعبوة ناسفة» في 
فصل الشتاء السابق. 


242 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


Ci) gs: 


العملية ببرث» ولاية أوروزغان 





243 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


كان باري tu‏ موقعه داخل الولاية بانتظام» ولكن اعتقد الأستراليون أنهم عثروا على 
اثنين من منازله الآمنة التي اعتاد الذهاب إليها. كان الأستراليون قد التزموا بتوفير دوريات 
ثابتة من فرق قناصة مكوّنة من رجلين مع مناظير بعيدة المدى لمراقبة المنازل من مواقع إخفاء 
iage‏ بشكل كبير» حفرت داخل التلال وتطل على كلا منزلي باري على آمل أن يلحظوا 
دخوله أحدهما ثم يشنون هجوماً بالمروحية لقتله أو إلقاء القبض عليه. كان تكتيكاً عريقاً 
يتطلب مهارة مذهلة وقدرة على التحمّلء ولكنه أيضاً كان يشكل ضغطاً كبيراً على الوحدة. 


خطرت لي وللرائد غارسيا فكرة لاستكمال النهج الأكثر تقليدية للأستراليين» 
باستخدام القنّاصة بصفة مراقب لتحديد موقع باري. AS‏ غارسيا إحدى فرق القوات 
الخاصة بإجراء مهمة علاج طبيء والمعروفة باسم برنامج العمل المدني الطبي» على 
مشارف مديرية تشورا إلى الشهال من تارين كوت. في الوقت نفسه اتفقنا على أن يقوم 
فريق الشؤون المدنية التابع لدولة الإمارات العربية المتحدة جنباً إلى جنب مع عدد من 
العناصر لديّ بإجراء برنامج العمل Gall‏ الطبي أيضاًء وكذلك عملية توزيع مساعدات 
إنسانية» غرب تارين كوت قرب دهراود على نهر هلمند. عادة في برنامج العمل المدني 
الطبي يقوم اثنان من أفراد الإسعاف من الفريق والمدربين تدريباً عالياًء وأحياناً بدعم من 
التحالف أو الأطباء المحليين» بإحضار حمولة شاحنة من الإمدادات الطبية إلى قرية وإنشاء 
dole‏ يظهر القرويون دائ بالآلاف بمجرد أن ينتشر خبر وجود المساعدة الطبية الغربية. 
وعندها سيكون على المسعفين أن يوظفوا كل ذرة من تدريبهم لعلاج كل مرض يمكن 
تصوّره؛ من الأسنان إلى الأمعاء» فضلاً عن الأمراض التي لم نعد نراها في المستشفيات 
الحديثة. ومع ذلك» في كثير من الأحيان» فإن حسن النية والثقة الفورية اللذين تحصل 
عليه) هذه العيادات من شأنها أن تعود بكنوز من المعلومات حول ما يجري بشكل عام في 
المنطقة» sory‏ أحيانا عن علو سات ول زغ po all‏ غالبا ما تسل ols,‏ 
استخباراتنا مساعدين للمسعفين والأطباء من أجل امتصاص بعض هذه المعلومات. في 
هذه الحالة كنا نأمل أن يكون لبرامج العمل المدني الطبي فائدة مزدوجة: زيادة النيات 
الحسنة في مديريتي تشورا ودهراودء ومعلومات عن الملا باري. 


244 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


لتطبيق الجزء المخاص بنا من العملية أراد الرائد المسؤول عن عناصر دولة 
الإمارات العربية المتحدة أن يتخذ نهجاً أقل ba‏ للانتباه» عن طريق ارتداء ملابس ممائلة 
لتلك التي يرتديها موظفو المنظمات غير الحكومية» والسفر في سيارات مدنية. ومع ذلك 
وبعد أيام من المحاولة» لم نتمكن من الحصول على حزمة الإمدادات الطبية التي نحتاج 
إليها. كانت الطائرات المروحية غير متوافرة» وكان سائقو الشاحنات الأفغان يخشون على 
نحو متزايد القيام بالرحلة على الطريق بين قندهار وأوروزغان. boyy‏ على ذلك غيّرنا 
العملية إلى تقديم المساعدات الإنسانية» وتوزيع حزم من التمور والوجبات الجاهزة 
الحلال» والبدء في ترميم مسجد قرية صغيرة. قال لنا قائد فريق إعادة إعمار الولايات» 
وهو طيار مقاتل في القوات البحرية كان موجوداً عشية انتقال مسؤولية أوروزغان إلى 
المولنديين» كنا مجانين LE‏ بالسفر إلى تلك المنطقة في شاحنات صغيرة. قلت له شعرت 
بأمان مع رجالي بتغيير وسائل السفرء إذ لا يمكن لأحد أن يتوقع ذلك» ونحن نود أن نغادر 
تحت جنح الظلام في الصباح الباكرء حيث إذا كان هناك مَنْ يراقب بوابة قاعدة العمليات 
الأمامية (ريبلي) فلن يرانا مغادرين القاعدة. كان لديه Bid‏ أيضاً حول ادّعاء رجال دولة 
الإمارات العربية المتحدة ورجالي LT‏ تابعون لمنظمة غير حكومية» OV‏ ذلك يمكن أن 
يُغضب عدداً SUG‏ من المنظمات غير الحكومية الحقيقية العاملة في الولاية. أش رت إلى أن 
جميع المنظمات غير الحكومية تقريباً قد فرّتء وأننا قد نرسل رسالة إيجابية إلى الشعب مفادها 
أن المنظمات غير الحكومية قد عادت. كان هذا مثالاً جيّداً على الانقسام الذي واجهناه في 
مشكلة تعدد تسلسل القيادة. في هذه الحالة» لو US‏ متّحدين وفقاً لفريق إعادة إعمار 
الولايات أو ال هولنديين» لكانت قدرتنا على القيام بعمليات غير تقليدية حدودة جداً. 


في مركز عملياتنا المشتركة مع دولة الإمارات العربية المتحدة» تتبعت سير قافلتنا 
الصغيرة المكوّنة من ثلاث شاحنات صغيرة وشاحنة أفغانية خلفهم تملوءة بالإمدادات. 
وبعد ساعات من شروق الشمس جاء ضابط أسترالي إلى مركز قيادتنا الصغير لإعلامنا 
أن اثنين من فرق القئاصة قد لاحظا مجموعة من الذكور في سن الخدمة العسكرية يسيرون 
في قافلة بسرعة عالية LAL‏ القرى المحيطة بدهراود. كان الأستراليون يفكرون في 


245 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الاشتباك إذا استطاعت الفرق تأكيد أن الرجال المشتبه فيهم مسلحون. ومع ذلك» أراد 
الضابط أن يتأكد منا قبل أن يعطي الضوء الأخضر. 


6 و 


صرخت: "توقف! لقد أبلغنا ضابط عملياتكم قبل مغادرة رجالنا بوصف كامل 
لسياراتنا وأعداد الرجال". من الواضح أن الخبر لم يصل إلى فرق القناصة. وقدم لي 
ضابط الاتصال إحداثيات المكان الذي شوهدوا فيه واتجاه حركة المركبات» وكان كما 
توقعت على مسافة قريبة شرق المكان» حيث كان رقيب فريقي مارك والقافلة قد أطلعانا 
على مكان وجودهما مؤخراً. اندفع نحو الخارج راكضاً إلى مركز قيادته. وعلى الرغم من 
حس الدعابة الأسطوري الذي يتمتع به مارك فإنه كان متمسّكاً با لحصول على تفاصيل 
التخطيط للعمليات والسمات المهنية المطلقة. ولم يكن GY‏ أي شك في أن الطريق تم تحديد 
إحداثياته. كان الخطر حدقا برجالنا. 


ولأسباب أمنية» لم نقدم للقرية إشعاراً مسبقاً عن برنامج العمل GAM‏ الطبي الذي 
كنا ننوي القيام به فيها. ومع ذلك» ذكر مارك أنه في غضون ساعتين من وصوله» كان 
الناس يسيرون في جماعات على الطريق الترابية المؤدية إلى مدرسة صغيرة حيث أقاموا 
مركز التوزيع. عمل مارك مع فريق الشؤون المدنية التابع لدولة الإمارات العربية المتحدة 
في موقع التوزيع» في حين أن تريب» رقيب أول أسلحة مفرزة العمليات» بقي في الشاحنة 
الصغيرة. وبقامته الطويلة» وبشرته الفاتحة» وكونه أصاع تماما لم ينسجم تريب على 
الإطلاق مع الفريق» لذا ظل في الشاحنة لمراقبة جهاز اللاسلكي وليبقى على مقربة من 
الرشاش الخفيف M249 SAW‏ المخبأ في أرضية الشاحنة في حالة واجهتنا المتاعب. 

اصطف مئات القرويين؛ وقام جنود الإمارات العربية المتحدة بتوزيع التمورء 
ووجبات الطعام» وأكياس صغيرة من التايلينول وأقراص مطهرة للحلق. وطلب الفريق 
من كل أفغاني التوقيع باسمه أو بعلامة» وكذلك التقاط صورته بعد الدخول إلى الغرفة 
الأولى داخل مبنى المدرسة. هذا منع الناس الواقفين في الخارج من رؤية ما كنا نفعل. نحو 
منتصف النهار دخل رجل في منتصف العمر ذو لحية سوداء طويلة إلى الغرفة. ولكنه 


246 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


توقف عندما رأى الكاميرا واستدار وخرج» ومشى بخفة عائداً إلى الطريق المؤدي من 
القرية إلى اتجاه الشهال. ولعدم الرغبة في الانكشاف بمطاردة الرجل على الطريق» بدأ مارك 
والمترجم يسألان الناس عن اسم الرجل. قال عدد من سكان القرية إنهم لا يعرفون مَنْ هوء 
حتى بادر صبي صغير إلى القول إنه الملا باري. قرص والد الصبي ذراع ابنه طالباً منه أن 
يكون bale‏ وابتسم لنا. لا يمكننا إلقاء اللوم على الأب La‏ فلربم| يتعاطف مع نظام 
طالبان. ومن المحتمل أيضاً أنه من قبيلة من الأقليات التي قد تم تعذيبها بوحشية من قبل 
الشرطة» أو عن طريق بلطجية جان محمد؛ أو أنه كان خائفاً من العقاب؛ لقد كان لباري 


سمعة شائعة بتشويه خصومه. واتصل مارك بمركز العمليات وأبلغهم أننا قد نكون رأيناه. 


كنا قد قمنا بالتنسيق مع قائد الشرطة في دهراود للحصول على بعض الرجال في 
حالة احتاج الفريق إلى قوة للرد السريع في مكان قريب. كنا نأمل الحصول على بعض 
المعلومات المفيدة عن مكان باري» وكنا نؤكد أنه ما يزال في الولاية وليس في باكستان. 
صدمنا أنه فعلاً دخل من الباب. ومن أجل حماية توزيع المساعدات الإنسانية» قمنا 
بالاتصال بقائد الشرطة» وأوضحنا له أن الملا باري كان يسير شمالاً من القرية على طريق 
ترابي» وطلبنا منه القبض عليه. كان من المخاطرة أن نبلغ قائد الشرطة بذلك» كما كنا غير 
متأكدين تماماً إن كانت الشرطة تتعاون مع باريء أو كانت خائفة جداً من التحرك ضده 
خوفاً من الانتقام. ولكن فريق القوات الخاصة ومقرها في دهراود كان يعمل مع رئيس 
الشرطة ورجاله لبعض الوقت» وشهدوا له. لم يكن هناك أي وسيلة لنتأكد من ذلك على 
وجه اليقين» ولكن قمنا بمخاطرة محسوبة» وقررنا أن نثق برئيس الشرطة. 

في غضون ثلاثين دقيقة frail‏ مارك وأخبرنا أن الشرطة اعتقلت الرجل وأكدت أنه 
الملا باري. كان قائد شرطة دهراود يخطط لحلب باري إلى تارين كوت في وقت متأخر من 
تلك الليلة. ويبدو أنه لم يرغب في أن يُبقي باري في مقر المديرية لفترة أطول Le‏ كان 
ضرورياًء خوفاً من تعرض القاعدة للهجوم. لقد كانت لحظة عظيمة بالنسبة إلينا وكانت 
بالضبط السبب الذي جعلني أنضم إلى القبعات الخضر. كانت الطريقة التي نعمل بها Lie‏ 
فريدة من نوعهاء مقارنة Gh‏ قوة أخرى للعمليات الخاصة في الولايات المتحدة أو في بقية 


217 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


دول العالم. الآخرونء مثل قوات العمليات الخاصة التابعة للبحرية الأمريكية» وقوات 
الصاعقة البرية الأمريكية» أو القوات الجوية الخاصة البريطانية والأسترالية» ركزوا على 
colt]‏ وتثبيت» وإزالة العدو. أما نحن فحاولنا تكوين أصدقاء وتركناهم يعثرون على 
أعدائنا. تعلمنا الثقافات واللغات المحلية التي نعمل بها مع» ومن خلال أعضاء محليين من 
الدول المضيفة. في هذه ال حالة» لم يكن الأمر فقط أننا أبعدنا قائدأً لطالبان يشبه المافيا عن 
الشارع» بل انتشر الخبر بسرعة في المنطقة أن شرطة دهراود هي من ألقت القبض عليه» 
وتلقوا الفضل في ذلك. إن توزيع المساعدات الإنسانية وبرنامج العمل المدني الطبي» اللذين 
أظهرا للأفغان فوائد إيجابية من وجودناء عادا بفوز مزدوج على الرائد غارسيا choy‏ وكانا 
أكثر فاعلية من قتل باري برصاصة قناص» أو دهم مقره في ظلام الليل. 

حتى مع إبعاد الملا باري» بحلول منتصف الصيف استولت طالبان على مركز 
المديرية في تشورا شمال تارين كوت» وهي إحدى المدن الرئيسية في الولاية. كانت طالبان 
قد أنشأت مأوى GU‏ الوادي؛ وكانت تستخدمه قاعدة للعمليات لمهاجمة مركز المديرية في 
تشورا وكذلك تارين كوت. وكانت طالبان مدد بتحويل النصف الشملي بأكمله من 
المديرية إلى منطقة حظورة على الحكومة الأفغانية وإيساف. جمعت القوات الخاصة 
الأسترالية معاً قوة تحالف لاستعادة السيطرة على المركز وإخلاء وادي بالوتشي 
الاستراتيجي الذي يبدأ في تشورا ويجري قطرياً عبر مركز الولاية. طلب الأستراليون 
سرية مشاة تقليدية أمريكية من الفرقة الجبلية العاشرة - على الرغم من أن القيادة 
ال هولندية اشتركت مع الأستراليين في أماكن متعددة - OY‏ تشورا كانت خارج المنطقة 
المسموح بها بالعمليات للهولنديين. لذلك قادت سريّة "برافو" 4/1 للمشاة مركبات 
الهامفي من الولاية المجاورة. ChE‏ الأستراليون Lal‏ قيادة فرقة الإمارات العربية 
المتحدة في باجرام لطلب وجود فصائل الإمارات العربية المتحدة وفريقي كقوة رد سريع 
احتياطية. واعتقدت أن عملية ببرث» كا سرّاها الأستراليون» ستكون تجربة جيدة لفصائل 
الإمارات العربية المتحدة» لكنني شككت في قيادة المقدم الأسترالي للقوة ely‏ على الطبيعة 
الحركية البحتة للمهمة (أي إن الغرض كان قتل العدو). 


248 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


كان القائد طويل القامة» ويتمتع ببنية cele‏ وأصر على أن يُنادى مارك. وكانت 
القوات الجوية الخاصة هي وحدة النخبة في أسترالياء وكان لدى مارك لمسة -استحقها عن 
جدارة- من الغرور والتحفظ اللذين يأتيان مع هذا النوع من العمل. على النقيض من 
ذلك» فإن معظم عناصر القوة كانوا ودودين للغاية» فضلاً عن كونهم على دراية 
بالعمليات العسكرية. خلال الإحاطة الأولية بالمهمة» سألت مارك حول خططه لإعادة 
إدماج الجيش الوطني الأفغاني أو الشرطة كقوة "سيطرة" بعد تطهير الوادي من طالبان. 
كما سألته هل كان فريق dole]‏ الإعمار للولايات سيجري مشروعات تنمية لاحقة في 
الوادي» أو لا. 


أجاب مارك: "لاء إنها مسألة القوات المناسبة لأداء المهمة» يا صديقي» قبل أن يضيف 
Le‏ ليست مهمتناء كما أننا لا نمتلك الموارد اللازمة للسيطرة على أراض أو القيام 
بمشروعات التنمية. مهمتنا هي إيجاد الأشرار وقتلهم. نحن لا نحتل مراكز المديريات أو 
نبني المدارس. أحتاج إلى رجالي مجتمعين هناء وعلى استعداد ليكونوا بمنزلة القوة الضاربة 
lee‏ نجمع المعلومات. بصراحة» نأمل أن oat‏ المولنديون محاذيرهم في نهاية المطاف» وأن 
يعملوا مع الأفغان ليقدموا المزيد من تلك الأمور خارج تارين كوت ودهراود". 


أقنعته با موافقة على تواصلي مع الجيش الوطني الأفغاني لإدراج الجيش في عمليته 
معتقداً أن الجيش الوطني الأفغاني قد يكون مستعداً لتخصيص فصيل للمشاركة في 
عملية التنظيم مع الشرطة غير العاملة في تشورا. 


مرة أخرى دخلت خطوط سلطة القيادة والسيطرة الملتوية حيّز اللعبةء بينما عملت 
على تنسيق مشاركة الجيش الوطني الأفغاني في عملية بيرث. خاطبت فرق التدريب 
المرافقة» ورأوا أنها فكرة عظيمة. هؤلاء بدورهم أقنعوا قائد السرية الأفغانية بأنه يمكن 
إرسال فصيل إلى مركز المديرية في تشوراء بعد أن تقوم قوات تحالف الولايات المتحدة 
وأستراليا والإمارات العربية المتحدة بإخراج طالبان منها. ومع US‏ شعر قائد السرية 
الأفغاني بالقلق من أن قائد شرطة تشورا سيحاول أن يستأسد على ضباط الجيش 


249 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الوطني GLE‏ المبتدئين» ولكن في نباية المطاف لان للأمرء إذ اعتقد أنه سيكون من 
ا SS openly‏ قرف Lai RE‏ 
والتسلسل من القيادة في كابول على استعداد لإرسال فريق إضافي مع فصيل الجيش 
الوطني الأفغاني إلى تشورا. 


ولسوء الحظء فإن قائد كتيبة الجيش الوطني الأفغاني في قندهار رفض الأمر تماماً. 
وكان السبب الرسمي أن وزارة الدفاع كانت متأخرة في دفع الرواتب للرجال» وأرادوا أن 
يكونوا في تارين كوت عندما يجري تسليم الدفعة اللاحقة في الأسبوع المقبل. أما السبب 
الحقيقي» الذي اكتشفناه من إحدى فرق التدريب المرافقة هو أن قائد الكتيبة Y‏ يق 
بشرطة تشوراء وهو على قناعة بأنهم قد عقدوا صفقة مع طالبان. Lol‏ نحن فظننا أن الأمر 
متعلق بأنه من طاجيك الشمال» ولا يثق بالبشتون بشكل عام. 


كان القائد الحولندي أيضاً لا يتفق مع فكرة إرسال الجميش الوطني الأفغاني إلى 
تشورا. وكان قلقاً من أنه بحاجة إلى إرسال رجاله كقوة رد فعل سريع إلى أقصى الشمال 
في حال تعرض الجيش الوطني الأفغاني وحفنة من الأمريكيين لتهديد كاسح. في النهاية» ل 
يرسل الجيش الوطني الأفغاني أي جندي لدعم عملية بيرث. وأراد الأستراليون كعادتهم 
وضع عدد من فرق الاستطلاع القنّاصة المؤلفة من شخصينء على طول سلسلة التلال 
التي تحد الجانب الشرقي من Gols‏ بالوتشيء لتكون لهم أعين على الحركة في الوادي. 
طلبت قيادتهم أن يرسل ال هولنديون فصيل مشاة محمولاً آلياً ليتمركزوا على بعد بضعة 
كيلومترات خلف التلال» حيث سيكون القناصة الأستراليون موجودين. وفصيل المشاة 
سيوفر على أقل تقدير حراسة خلفية وقوة للرد السريع في حال أصبح القناصة في ورطة. 
ومع عدم وجود طائرات مروحية في قاعدة العمليات الأمامية (ريبلي)» وحيث إن المسافة 
عن أقرب قاعدة جوية في قندهار بعيدة» كانت المساعدة تبعد ساعات» وكنا معتمدين كلياً 
على أنفسنا تجاه أي نوع من الدعم السريع. إذا تم اكتشاف تلك الفرق من قبل مجموعة 
كبيرة من الى لحين» يمكن أن توقع ا هزيمة بهذه الفرق قبل أن يتمكن الدعم من الوصول. 


250 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


ومع ذلك» وحيث إن القتاصة من المحتمل أن يشاركوا في عمليات هجومية 
متعمّدة» أي إطلاق النار على مقاتل متمرد بعد تحديد هويته» كان على فريق القيادة 
المولندية سؤال الممثل العسكري الوطني في كابول إذا ما كان دعم عملية قناصين 
مسموحاً به وفقاً لقواعد الاشتباك والمحاذير الوطنية ال هولندية» أو لا. بدوره» أرسل الممثل 
العسكري الوطني طلباً إلى وزارة الدفاع في لاهاي» التي على ما يبدو استشارت لجنة 
الدفاع في البرلان ا مولندي حول إمكانية الاستثناء من القواعد. 


صُدمتٌ بشدة عندما أخبرني مارك خلال اجتماعنا التنسيقي النهائي لعملية بيرث 
أن طلب الفصيل الهولندي قد ذهب إلى البرلان الهولندي للنظر فيه. "أتمنى لو كنت 
أمزح» يا صديقي. أنا لا أعرف كيف سيخوض الناتو حرباً هذه الطريقة. Lel‏ حرب 
بتوافق الآراء. لست لدينا قيادة موحدة". وبدا عليه الاشمتزاز. ary)‏ أيام على تقديم 
الطلب من قبل الأستراليين. ولحسن الحظء تقدّم الرائد المسؤول عن العناصر التابعين 
لدولة الإمارات العربية المتحدة في أوروزغان وتطوع بالقيام بواجب حماية القناصين من 
bell‏ جدلاً من ترك الأسترالين مع رضن bbs‏ "وعندما يصبح الوضع ملائ 
سننتقل إلى الوادي كقوة احتياطية". Cornel‏ بالإصرار لدى الإماراتي» وشعر القائد 
الأسترالي بسعادة غامرة بعرض الإمارات العربية المتحدة. 


بعد أسبوع» وبعد مرور يومين من الجلوس في الصحراء الحارقة عند قاعدة تلال 
بالوتشي» كنا قد استفدنا جيداً من وقتنا بإقامة نقاط تفتيش عشوائية للسيارات على 
الطريق الذي يمتد من تارين كوت شمالاً إلى تشوراء ولكن بعد ساعات قليلة انتشر الخبر 
أننا هناك» وتوقفت حركة مرور السيارات بالكامل. وأخيرأ Sele‏ ثلاث مركبات 
هولندية مدرعة ذات ست عجلات على الطريق الترابي من الوادي الأخضرء على الطرف 


الشمالي من تارين كوت. قفز ملازم أشقر من إحدى المركبات بين| بدت بالتوقف. 


251 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


“A . 7‏ وه fet‏ اه 3 * i Oe,‏ * 
"ل تمنح الإذن لدعم فرق القناصة بشكل مباشر"» قال بين OLS‏ يقترب منا. 
وأضاف "لكن قائدي سمح لي بتسيير دوريات في هذه المنطقة خلال اليومين المقبلين. 
ولديّ ترددات اللاسلكي لفرق القناصة وعلامات النداء» لذلك» بطبيعة SLA‏ إذا 
جاءها هجوم» فإن قواعد الاشتباك GU‏ تسمح لي أن آتي إلى معونة عنصر من التحالف. 
والأستراليون مرتاحون لهذا ويريدونكم في مكانكم كقوة احتياط لهم". من الواضح أن 
الضابط» وهو برتبة ملازم» كان يشعر بالحرج من الحاجة إلى التوصل إلى مثل هذا ا لحل في 
مهمة قتالية أساسية. لكنه أكد لنا أن "دوريته" لم تكن تنوي أن تذهب إلى أي مكان وأنها 
ستبقى هناك عند قاعدة تلال بالوتشي.. "وتباً للبرلمان"! 
"بارك الله فيك» صديقي" فقلت له وأنا أصافحه» وأشار الملازم الإماراتي إلى رجاله 


z 


أصدرت قذيفة الهاون التي سقطت أمامنا صوتاً مكتوماء تلته فرقعة leg‏ مرت 
الموجة الصوتية فوق رؤوسنا. وكان كبير المسعفين لديناء براين» ورقيب الاتصالات» 
غراهام» وضابط الارتباط للقوات الجوية الخاصة الأسترالية» والت» وتريب قد ذهبوا 
شمالاً إلى الوادي الأحضر حول تشورا معي في مركتي التنقل البري الخاصتين بنا. وكان 
معنا فصيلان من فصائل الفرقة الخاصة التابعة لدولة الإمازات العربية المتحدة» التي 
شكلت خط الحراسة إلى الشرق من مركز المديرية. كانت مهمتنا منع مقاتلي طالبان شمال 
شرق تشورا من التقدّم نحو الجهة الخلفية للفرقة الخاصة الأسترالية» بين اتجهت الفرقة 
نحو الجنوب-غرب أسفل الوادي. وفي شهال شرق تشوراء توجد مديرية جيزاب ذات 
السمعة السيئة» وهي التي لم تكن فيها حكومة أفغانية أو شرطة أو وجود لإيساف؛ لقد 
كانت منطقة للسخط القبلي.. ودعم طالبان. 


كانت المنطقة الخضراء الخصبة تمتد من الشمال-الشرقي إلى الجنوب-الغربي على 
مروراً بدهراود» وني نهاية المطاف إلى سد كاجاكي على نهر هلمند. قبل ذلك بأسابيع عدة» 


252 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


كانت جماعة طالبان قد سيطرت على مركز المديرية» وأضرمت النار في شاحنات عدة 
تابعة للشرطة» ورفعت علمها الأبيض SIU‏ على النقاء. وكانت القوات الجوية الخاصة 
الأسترالية وأمراء الحرب المحليون وقائد الشرطةء مطيع الله» جنباً إلى جنب مع واحدة من 
مفارز العمليات من قاعدة العمليات الأمامية (ريبلي)» قد طردوا Lele‏ للحاكم منيب 
لإقناع التحالف بإرسال تعزيزات. كنا قد تلقينا مراراً تقارير عن مجموعة من عشرين إلى 
ثلاثين من المقاتلين يخططون للنزول إلى الوادي من مديرية جيزاب الشالية لاستعادة 
السيطرة على مركز المديرية. من الواضح أنهم جاؤواء وأحضروا قذائف الهاون. 

سقطت قذيفتان تقريباً في وقت واحد إلى الجهة اليمنى أمامناء أقرب قليلاً من 
الأولى. قال براين بهدوء: "إن القذائف ترافقهم في الدخول» مايك" معلناً ماهو 
"بدي" ومعلوم. 

صاح غراهام: ge”‏ أرى وميضاً على التل!". وقفز على قمة السيارة ومعه 
مجموعة من المناظير للحصول على رؤية أفضل. "سيديء أرى طفلاً هناك. إنه ينظر إلينا 
بالمنظار. أراهن أن النذل الصغير يراقب من أجل قذائف الحاون!". 


سقطت قذيفة أخرى محدثة دوياً هائلاً على بعد نحو مئتي متر خلفنا. وسحب 
والت بندقية القناص وأخذ يعدّل المنظار. كان الملازم أول من دولة الإمارات العربية 
المتحدة يقول لرجاله عبر اللاسلكي أن يستعدوا لتغيير موقع خط الحاية؛ كان على حق في 
الإعداد للتحرك. ولكن التل -الذي ظهر به الطفل- كان هيمن على هذا الجزء من 
الوادي؛ فحتى إذا انتقلناء فستمطر قذائف الماون قريباً علينا مرة أخرى. وم أكن أحب 
-بطبيعة الحال- أن تتم ملاحقتي حول الوادي من قبل فريق هاون طالبان. 

أعطيتٌ التعلييات: "حمد, يُرجى إبلاغ الملازم أننا أكدنا للقائد الأسترالي أننا سنبقى 
في هذا المكان حماية لجناحه". وكان حمد القناص يتحدث الإنجليزية بطلاقة وهو الذي 
كان قد كسر القواعد لمساعدتنا خلال تبادل لإطلاق النار في وادي تاجاب. ومنذ ذلك 
الحين طلبت أن يكون معي في كل مهمة. تحدث على الشبكة الداخلية لفصيل دولة 


253 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الإمارات العربية المتحدة باللغة العربية. كان بإمكان الملازم بسهولة fold‏ وتجاهل مارك 
إذ لم يكن لدينا أي سلطة حقيقية عليه. ولكن في موقف يُحسب له» طلب من رجاله الثبات 
في أماكنهم إلا إذا بدأت القذائف تسقط ضمن مئة متر. 


لهم بطردنا من هنا بعدد قليل من قذائف الحاون"» صاح والت من وراء بندقيته المسنودة على 
غطاء محرك المركبة الهامفي. "ينبغي أن نعتني بأمر هذا الصبى. سأبقى نظري عليه". 


"لقد تحدث الصبى للتو على جهاز اللاسلكى. إنه بالتأكيد من يُراقب أهداف 
الحاون!" cle‏ غراهام من على سطح AS yo‏ التنقل البري التي كان يقف عليها. 


وكانت هذه معضلة أخرى مثل تلك التي واجهناها باستمرار خلال تدريب 
التأهيل النهائي لنصبح أعضاء في القبعات الخضر؛ مرة أخرى فكرت بالمدربين خلال 
Ley‏ النهائي» المُسمّى "روبن سيج" حيث كانوا يقولون مراراً وتكراراً إننا يوماً ما 
سنجد أنفسنا في مثل هذه المواقف بشكل حقيقي. 

كنت أعرف أنه لا يمكنني قتل هذا الصبي. فقد كان طفلاً. قد تكون طالبان تمسك 
مسدساً إلى رأس والده في القرية» أو أنه gias‏ على الدعاية عن الكفار الأمريكيين منذ صغره 
كقصة Wel‏ كنا نستغل المرأة الأفغانية» أو le,‏ أعطوه المال. كنت أعرف أنني يمكن أن أبرر 
إطلاق النار على الرغم من أنه م يكن لديه سلاح. إن استخدام جهاز لاسلكي ومناظير 
لاستدعاء قذائف ال هاون عمل عدائي بنيات عدوانية. وكان لا يختلف عن تجهيز مدفع رشاش 
من خلال توفير صناديق من الذخيرة. كان علي أن أقرر ما يجب القيام به» وبسرعة. 


صرخت "والت» ابدأ في إطلاق النار عند قدميه والاقتراب منه ليهرب". اتكأ على 
بندقيته» أطلق نفساًء توقف لوهلة» وضغط على الزناد. انفجرت سحابة من الغبار على بعد 
بضع أقدام أمام الصبي. 


254 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


قفز الصبي إلى الوراء. صاح غراهام "إنه يتحدث في جهاز اللاسلكي الخاص مرة 
أخرى"» أطلق والت طلقة أخرى. هذه المرة انفجرت صخرة إلى يسار الصبى. سقط 
منظاره وغاص وراء صخرة. ثم شاهدناه يلتف ويركض على حافة سلسلة التلال. 


توقف قصف قذائف الماون. فتنفسنا الصعداء بشكل جماعي. لم أكن متأكداً إن 
كنت أكثر ارتياحاً By‏ إطلاق قذائف هاون أو لأننا لم نضطر إلى إيذاء ذلك الطفل. 


ما إن غابت الشمس حتى انتقلنا إلى مركز تشورا واحتللنا مقر الشرطة المهجور 
بالقرب من مركز المديرية. في هذه الأثناء مسحت القوة التابعة للقوات الجوية الخاصة 
الأسترالية سلسلة من التلال إلى الجنوب منا. واندفعت قوات سريّة "برافو" للمشاة إلى 
أسفل الوادي نحو تلة صغيرة كانت بمنزلة مقبرة للمجتمع المحلي. وسافرنا خلال الليل 
لتتحرك بطريقة غير ملحوظة. كان مركز المديرية مبنياً من ا جص المطلي باللون الأبييض مع 
جدار يحيط بهء كنمط المباني الحكومية في أفغانستان. وكان له سقف معدني أزرق لامع. 
dy‏ الخارج لوحة من القصدير مكتوب عليهاء "مقدّمة من وكالة التنمية الدولية التابعة 
للولايات المتحدة 2005". كانت اللوحة تملوءة بثقوب الرصاص» وفي داخل جدران 
مجمع الشرطة تقبع هياكل مركبات عدة محترقة في الفناء. كانت النوافذ كلها محطمة» 
والغرف جميعها فارغة من الأثاث. لقد تعرّض المكان للنهب بالكامل؛ إما من قبل طالبان 
وإما من الشرطة التي هربت من المكان. 


Ca‏ على برج إلى الجدار الذي يواجه بقية تشوراء وفي الأفق كانت سلسلة 
الجبال» حيث تم وضع فرق القناصة الأسترالية المهيمنة على الوادي كله» وتمتد على طوله. 
ومباشرة إلى الجنوب الغربي متا الدوار الصغير» حيث يلتقي الطريق المتجه جنوباً إلى 
تارين كوت مع الطريق الممتد جنوب-غرب على طول وادي بالوتشي. في وسط الدوار 
يقف برج قصير من طابقين باللون الأصفر مع سقف أزرق. على الرغم من أن الكتابة 
على جانب البرج أشارت إلى أنه بني ودشن من قبل فرقة المشاة ال 25 في العام الماضي 
5ء بدا البرج کا لو كان عمره سنوات» ومرّت عليه الكثير من الصعاب. كان جزء 


255 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


من المشكلة يتمثل في سوء نوعية الخرسانة ومواد البناء الموجودة في أفغانستان» ولكن جزءاً 
آخر من المشكلة كان يكمن في أفغانستان ذاتها سواء الناس أو المباني» كان للمكان سمة 
تجعل الأشياء تشيخ مبكراً. حاصرت أكوامٌ من الطين ذات غرفة واحدة الدوار وكانت 
بازاراً للمدينة. وكان لمعظمها نوع من الشرفء يظللها سقف من القش المصنوع من 
العصي التي من شأنها أن تسمح لمالكيها بالخروج من الحرارة الخانقة في محالهم والحصول 
على بعض الظل. 

SS,‏ على a‏ زرقاء ممتدة عند قاعدة البرج» وسرعان ما أدركت أن ما أراه جثة 
ترتدي زي الشرطة الأزرق الفاتح. وقف عندها رجلان لبضع ثوانِ» ثم تابعا المشي. في 
وقت لاحق تفخصنا BH‏ خلال دورية عبر المدينة» ونصت ورقة معلقة على صدر الرجل» 
"لا تلمس هذا الرجل» سيلقى المصير نفسه كل مَنْ يتعاون مع أبناء كرزاي (وهو 
مصطلح تدعو به طالبان الحكومة الأفغانية) والمحتلين الكفرة.. انظر إلى الله وإلى حماة 
كلمته في كل ما تحتاج إليه". 


وغني عن القولء أنه كان لدينا القليل جداً من التفاعل مع سكان تشورا أو وادي 
بالوتشي. والعدد القليل من الناس الذين بقوالم يتحدثوا إلينا بدافع الخوف. قال لنا 
مدرس متقاعد إنه كان يود أن يعمل معناء لكنه لم يكن واثقاً من LT‏ سوف نبقى فترة كافية 
ext‏ وعائلته. لعنتٌ نفسي لعدم قدرتنا على القيام بعمل أفضل يتمثل في تنسيق وجود 
للجيش الوطني الأفغاني للمتابعة. 


أطلق مارك عملية بيرث عن طريق دفع القوات الخاصة التابعة له وسريّة "برافو" 
إلى الجنوب الغربي من الوادي. وعن بعد اختلط صوت نيران الرشاشات مع انفجارات 
متقطعة أسفل الوادي. لقد استمعت إلى اللاسلكي في السيارة في الفناء في الأسفل. كانت 
قوات المشاة في سريّة "برافو" قد واجهت مقاومة شديدة عند قاعدة ما كنا نسميه "تل 
المقبرة". وكان الجنود يشاهدون مجموعات من مقاتلي طالبان الصامدين في شبكة من 
الخنادق» والجدران الحجرية» والمجمعات المحصنة. بعد وقت قصير من بدء المعركة كان 


256 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


بين المشاة ضحاياء وكانوا يطلبون الإسناد الجوي. في غضون عشرين دقيقة حلقت طائرة 
من طراز 4-10 للهجوم الأرضي في elon‏ المنطقة» ورشاشها المائل المحمول على مقدمة 
الطائرة ينفث نيرانه. كانت الطائرة قد صمّمت لتدمير الدبابات الروسية إبان الحرب 
الباردة» وكان رشاشها من عيار 30 ملليمتراً يشبه رشاش جاتلينج» يطلق قذائف بطول 
ذراع رجل» وبدا صوته وكأن السماء قد تصدعت. كان بإمكاننا أن نرى مجموعة من 
المركبات عند قاعدة تل المقبرة تنفجر في سحابة من الغبار والشرر. ولم يمض وقت طويل 
من المشاة الجرحى. 


وهناك في مركز الشرطة» جلس رجالي» وعند البوابة وقفت مركبات عدة تابعة 
لدولة الإمارات العربية المتحدة ومحركاتها تعمل وهي على أتم الاستعداد للاستجابة لأي 
طلب لقوة الرد السريع. وما إن اختفت طائرة ال ۸-10 فوق الأفق» حتى سمعت صوت 
صدع le‏ بدا وكأنه طلقة مدفع قبالتي عند الجهة اليسرى. وبين كنت ما أزال واقفاً في 
البرج» التفثٌ ورأيتُ جسم أسود كبيراً يطير على ارتفاع نحو خمسة أقدام فوق كتفي الأيسر 
وينفجر خلف مجمعنا. وبدأ جنود دولة الإمارات العربية المتحدة المكلفين بواجب الحراسة 
على الجدار على الفور بإطلاق كل ما لديهم من ذخيرة على سحابة من الدخان والغبار في خط 
من الأشجار عبر حقل على بعد نحو أربعمئة ياردة إلى الجنوب من حيث نحن. 

وأدركنا في تلك اللحظة ما كان مارك يخشاه: معركة على جبهتين؛ أمامنا وخلفنا في 
الوادي الضيق. وبين تقدّم الأستراليون والمشاة الأمريكيون في وادي بالوتشي في 
مواجهة مقاومة شديدة» كانت حركة طالبان قد قامت بالتعزيز من جيزاب في شال شرق 
البلاد من أجل الضغط علينا من الخلف. 


Ge‏ خط الأشجار. حلقت طلقات أخرى عدة نحو المجمع ولكن» ولله الحمد» مرّت 
من فوقنا أو سقطت أمامنا. بدا الأمر وكأن الإطلاق من مدفع طائرة. حددنا المصدر وكان 


257 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


مدفعاً خفيفاً عديم الارتداد» وهو ما بين مدفع بازوكا ومدفع صغير يمكن أن يطلق طلقة 
مباشرة على ال هدفء وينصّب dale‏ على قاعدة ثلاثية أو على الجزء الخلفي من شاحنة. إن 
استخدام هذا السلاح في أوروزغان يمثل» من دون شكء تصعيداً كبيراً في قدرات 
طالبان. ومن الواضح أن أيام تكتيكات SSI‏ والفرٌ مع عدد قليل من بنادق الكلاشنكوف 
قد اختفت منذ فترة طويلة. ومن شأن ضربة مباشرة من طلقة مدفع عديم الارتداد 
-بالتأكيد- تدمير مدرعة هامفي أو تفجير جزء من جدار المجمع. 

أفادت دورياتنا الراجلة بها شاهدت مجموعة من الرجال يقفزون إلى شاحنتي 
هايلكس بيك-آب على الجانب الآخر من النهر» ويغادرون مسرعين عندما اقتربت 
الدوريات من خط الشجر. وكان أعضاء حركة طالبان -بذكاء- قد جعلوا النهر الذي 
ما زال يجري بمياه الثلوج الذائبة» حاتلاً بيننا وبينهم. 


"إلى بانيشر (Punisher)‏ 3-5 ألفاء معك 3-5 دلتا"» قال براين على الشبكة؛ 
"صادفنا للتو شاحنة هايلكس ثالثة تأي مسرعة من الأشجار فيها رجل واحد في سن 
الخدمة العسكرية. لقد أوقفناه بإطلاقنا بضع طلقات على محرك الهايلكس» ولدى الرجل 
رزمة من النقود وأربع بنادق كلاشنكوف في الخلف وحقيبة جميلة من الأفيون المجفف 
والحشيش» وستة هواتف محمولة» وشيء آخر سيثير اهتمامك. سأجلبهم معنا". 


"أنا ae‏ مزارع فقير"» قال الرجل بلغة البشتو لمترجمي» سبارتاكوس. OLS)‏ اسمه 
الحقيقي راشد» ولكن أحد رجالي المهووسين بفيالق الرومان اعتقد أن اسم سبارتاكوس 
بدا أفضل). "جاء أعضاء حركة طالبان إلى بيتي» أخذوا أخي الأصغر» وأمروني بحراسة 
هذه الأسلحة هم وإلا فإنهم سيقتلون شقيقي. لا أعلم شيئاً". وضع سبارتاكوس رجلّه 
على كتف الرجل ودفعه حتى سقط على جانبه. وكان سبارتاكوس شاباً طاجيكياً قصيراً 
ومتلى الجسم من كابول» ولا يحب أي شخص يتعاون مع طالبان الذين يعتبرهم مجموعة 
من أذناب باكستان. ويؤكد قناعته وقناعة الكثير من الطاجيك» أن الباكستانيين كانوا 
يستخدمون طالبان لاستعادة السيطرة على بلاده. 


258 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


قام سبارتاكوس بالترجمة leg‏ سألنا الرجل جميع الأسئلة الواضحة: BU‏ كان في 
منطقة قريبة من رجال يطلقون النار من سلاح ثقيل علينا؟ كم عدد مقاتلي طالبان الذين 
جاؤوا إلى منزله؟ BU‏ جاؤوا إلى منزله على وجه الخصوص؟ من أي قبيلة هو؟ والأهم من 
ذلك U cals‏ كان هناك صندوق خشبي من طلقات جديدة لمدفع عديم الارتداد في الجزء 
الخلفي من شاحنته؟ اعترف بأنه ينتمي إلى قبيلة نورزاي من جيزاب» وهي القبيلة التي 
كانت قد انحازت على نطاق واسع إلى طالبان إبان حکمهم» ولكنه عاد وقال» "آنا لا 
اغ 


أبلغ غراهام القوات الخاصة ومقرٌ القوات الجوية الخاصة الأسترالية في قاعدة 
العمليات الأمامية (ريبلي) بأرقام المواتف المحمولة الذي كان في حوزة الرجل. لم نستطع 
إيجاد الاسم الذي أعطانا col‏ حاجي VY‏ على أي من القوائم لدينا في تلك الآونةء لكننا 
كنا نعلم أنه من الم رجح أنه اسم مستعار. أبلغنا مقرنا الرئيسي بأن تُبقي عليه على الأقل 
خلال الليل لمنحهم فرصة للاستعلام والتأكد من خلال قواعد البيانات الخاصة بهم. عاد 
الأستراليون واقترحوا أن نبقيه طوال مدة عملية بيرث» بحيث لا يعود ويساعد طالبان في 
مهاجمتنا. أما الهولنديون» الذين لم يشاركوا في عملية بيرث» رصدوا تقريرنا على 
اللاسلكي» طالبوا أن نسلّمه فوراً إلى الشرطة المحلية أو أن نفرج عنه. وعندما ذكّرت 
الضابط ال مولندي على الطرف الآخر من GU‏ بأدب أنني أعمل تحت قواعد مختلفة 
للاشتباك بشأن المعتقلين» أبلغني أن فرقة العمل ال هولندية مسؤولة عن الأمن في 
أوروزغان» ely‏ لن تقبل لأي عضو من التحالف أن يحتجز معتقلين ماداموا هم 
[الهولنديون] المسؤولين. وأعرب عن قلقه وخصوصاً أننا سوف نستخدم أساليب 
الاستجواب "على الطريقة MAS VI‏ مثل محاكاة الغرق. أبلغته أنه ليس (GAS‏ السلطة 
لاستخدام مثل هذه التقنيات» وقلت له إنه يتعين عليه التحدث في هذا الأمر إلى BLS‏ 
العليا. بعد ذلك توقفتٌ عن الرد على اتصالاته. كان هذا مثالا آخر يوضح كيف كانت 
LISI‏ المعقدة لقيادتنا تعمل في ساحة المعركة يومياً. 


259 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


أخذنا حاجي لالا إلى سوق تشورا. ولم يعلن أي أحد أنه يعرفه. لم نتمكن من 
العثور على الشرطة المحلية في أي مكان» ولم نكن مهتمين جداً بإبقائه معنا حتى نهاية 
العملية. وكنا نعلم أيضاً أنه في Sle‏ المطاف» حتى لو أبقيناه معناء فلم يكون لدينا ما يكفي 
من ا معلومات لتسويغ اعتقاله في قاعدة باجرام الجوية. كنا بحاجة إلى معلومات مؤكدة 
من مصادر متعددة أنه كان على الأقل قائداً من المستوى المتوسط لتسويغ إرساله إلى هناك. 
وحتى ذلك الحين» كان من الصعب الحصول على تسويغ احتجاز خارج الحدود التي 
حددها مجلس الاحتجاز. وكنت del‏ أنه في أحسن الأحوال؛ وبعد حراسة الرجل لبقية 
العملية» سنكون قادرين على تسليمه إلى الشرطة المحلية في تارين كوت أو إلى مطيع الله 
الرجل سيئ السمعة القائد شبه الشرعي لشرطة الطرق السريعة المحلية. ومن ال مر ججح 
أن الشرطة المحلية في تارين كوت ستطلب رشوة من عائلته أو تطلق سراحه بدلاً من أن 
تطعمه. (كان قاضي ولاية أوروزغان يعيش في قندهار ويأتي إلى الولاية فقط بضع مرات 
في العام للاطمئنان على تمتلكاته). كان تسليمه إلى مطيع الله الشيء الأسهل ولكنه ليس 
بالشيء الصحيح. وهناك سبب GU‏ حول تعرّض الرجل للتعذيب» أو ببساطة أن 
يختفي LE‏ قلت لسبارتاكوس ليخبر الرجل أنه ذاهب إلى جوانتانامو إلا إذا كان لديه 
مزيد من المعلومات لنا. برزت عيون الرجل من رأسه بين| ترجم سبارتاكوس ذلك إلى لغة 
البشتو. وبعد ذلك قلت لغراهام وبراين إننا lS‏ نطلق سراحه في صباح اليوم التالي 
عندما نتقدم في الوادي. 


قضينا بقية اليوم بدوريات راجلة في تشورا وحوها [ey‏ قام الأستراليون والمشاة 
بتطهير المركبات وشبكات الخنادق التي قام سلاح الجو الأمريكي بتدميرها في الصباح. 
وما إن استلقيت على فراشي الرقيق ووسادتي حتى أيقظني غراهام» الذي كان ينام 
وبالقرب من رأسه هاتف يعمل بالأقار الاصطناعية. 

"سيديء لقد جاءتني مكالمة للتو. لقد ظهر شيء متعلق "بمزارعنا البريء" 
حاجي لالا" مشيراً إلى الغرفة حيث كنا قد حبسنا المعتقل مع بعض الماء والخبز الأفغاني 


260 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


وبطانية. "ستقوم قوة مهام العمليات الخاصة المشتركة المجمّعة بإرسال مروحية 
لاصطحابه. ستكون هنا خلال حمس عشرة دقيقة". 


كانت المروحيات سلعة نادرة نسبياً في أفغانستان في عام 2006. ونادراً ما كان 
بإمكاني الحصول على واحدة لإسناد مهمة. ولذلك فإن قيام قوة مهام العمليات الخاصة 
المشتركة المجمّعة بإرسال واحدة منها لإحضار معتقل فهذا أمر كبير. "قد تكون الهواتف 
المحمولة هي السبب" قال غراهام. 


كان براين يستيقظ بشكل دوري لإجراء فحوص طبية على الحاج لالا. كنا قد بدأنا 
بالاحتفاظ بسجل طبي» كامل مع الصور لأي أفغاني نعتقله» حتى لا يتمكن السجناء من 
توجيه الاتبامات الباطلة عن الاعتداء بعد أن يتم الإفراج عنهم» أو عندما يمثلون أمام 


أتاني براين يقول: "سيديء إن الرجل يرتجف مثل ورقة» غارقاً في العرق. أحاول 
ale‏ على شرب oll‏ ولكن أعتقد أنه Gly‏ أعراض انقطاع هائلة عن الأفيون. لا أمانع 
أن أجعله SUG Gly‏ ولكنني أعتقد أنه ينبغي لنا أن نعطيه قليلاً منه". 


"لا بأس". أجبته» "ولكن فقط إذا كنت تعتقد حقاً أنه يحتاج إليه» وأعطه مصلاً في 
الوريد أيضاً إذا كنت ترى أنه بحاجة إلى ذلك. اجعله يستعد للذهاب إلى منطقة b phl‏ 
وتأكد من إرسال صندوق الطلقات معه. قد يتمكن رجال الاستخبارات من تتبع الأرقام 
التسلسلية لمصدرها. أراهنكم يا سادة على وسادتي الإسفنجية أن هذه الطلقات لم تأتِ من 
بعض كهوف الحقبة السوفيتية". 

عندما وصلت المروحية» رافق غراهام المعتقل إلى منطقة ا هبوط. وقال له "أعتقد 
أنك في النهاية ستزور باجرام". ثم غمغم من دون أن يوجه كلامه إلى أحد بشكل خاص» 
"أتساءل إذا ما كانوا سيسمحون له بتذوق مثلجات ديري كوين ورؤية أخصائية 
التدليك؛ أو لا". 


261 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


خلال الأيام الأربعة اللاحقة قة تدفقت قوافل المدنيين من الوادي إلى الأودية الجانبية 
أو الكهوف المنتشرة في الجبال على جانبيناء ley‏ وجدنا أنفسنا آنا وزملائي في الفريق مع 
فصائل العمليات الخاصة الإماراتية المرافقة LS‏ وللأستراليين» والمشاة الأمريكيين في 
معارك متفرقة متناوبة» في سعينا لإخراج مجموعات مقاتلي طالبان من وادي بالوتشي. 
وني كل مواجهة تقريباً كان المتمردون بذ يثبتون ويقاتلون حتى الموت. الحمد لله أنهملم 
يستطيعوا إطلاق النار با يستحق الذكر. وفي أحد الأيام تبادلنا إطلاق نيران الرشاشات 
الثقيلة لأكثر من ساعة من موقعنا على قمة التل» ومن ثم ظهر جندوب شرق تل المقبرة 
دخان كثيف وكأنهم أطلقوا صلية أخرى. كانوا يضربون في كل مكان حولناء ولكننا 
واصلنا تغيير مكاننا بحيث لا يمكنهم تحديد موقعنا وتسديد ضربة لنا. كانوا يستخدمون 
الحيلة نفسهاء إذ إن الدخان الصاعد Gh‏ من خط شجرة أو سقف آخر. يبدو أنهم فهموا 
تكتيكاتناء وهو شيء علمناه من اعتراضنا اتصالاً لقائدهم يطلب فيه من رجاله أن 
ينصبوا الكمائن وأن يستعدوا لدوريات راجلة قد ترسل من التلال إلى الأسفل؛ إلى أشجار 
البستان الكثيفة التي 34 النهر. واصلنا مبارزة القط والفأر النارية هذه حتى تلقينا أخيراً 
غطاءً Uo‏ عندها لجأ فريق طالبان إلى الاختباء تحت الأرض 


بعد دقائق رن جرس الماتف الذي يعمل بالأقهار الاصطناعية. كان رقيب الفريق 
لديّء مارك الذي كان قد أخذ مجموعة من Whey‏ ورافق القوات الخاصة التشيكية في 
شهال شرق أوروزغان. "إن سمعت 'عبارة بانيشر 3-5) القوات مشتبكة' مرة أخرى 
على الشبكة اللعينة فسأصاب بالغثيان. ما الذي تفعلونه هناك يا رفاق» تسيطرون على 
جيش طالبان؟". 


في الليلة اللاحقة مد بترم ا عرق سروك ail al‏ اندو هديع 
طرت عن وسادتي» معتقداً أنه ls‏ آخر من مدافع طالبان العديمة الارتداد. وقفتٌ 
هناك في حالة ذهول مرهق في محاولة لإفلات نفسي من الحبل الذي على كيس النوم 
وبراين يضحك {fe‏ كان يرصد جهاز اللاسلكي وقال لي إنه رشاشناء من رشاش 


262 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


طائرة .AC-130‏ ركضت في الطريق إلى المجمع حيث كان القائد الأسترالي وموظفوه. 
ومن دون تفكيرء هرولت نحو البوابة حتى سمعت في الظلام "توقف!". ورأيت ظل 
شخص على السطح رافعاً سلاحه. 


"على رسلك! أنا أمريكي يا صديقي!"» صرخت بين تجمدت في مكاني وأنا على 
وشك الإصابة بأزمة قلبية. أشار إلي بالدخول» ومشيت حتى الشاحنة المسطحة التي 
احتوت على صفوف من أجهزة اللاسكي وتقوم بدور موقع القيادة الأسترالية. كان مارك 
يصرخ في السماعة أنه ل Gla‏ عملياً أي تحذير بشأن القصف من AC-130‏ كانت قوات 
العمليات الخاصة الكندية المتمركزة خارج مدينة قندهار على ما يبدو قد تلقت معلومات 
بأن أحد قادة طالبان الرفيعي المستوى قد انتقل إلى وادي بالوتشي لتولي المعركة» ومن ثم 
شتوا هجوماً بالمروحية لقتله أو إلقاء القبض عليه. وعلى الرغم من أن مقرنا الأعلى وفرقة 
مكافحة الإرهاب (التي يتبع لها الكنديون) يقعان في قاعدة باجرام الجوية» فإنه كان من 
الواضح أن الخبر لم يصل إلى مارك حتى اللحظة الأخيرة. ولم يكن من المستغرب أن تنبع 
المشكلة من سلاسل مفككة من القيادة في أفغانستان» حتى بين الأعداد الصغيرة نسبياً من 
قوات العمليات الخاصة. 


cle‏ مارك في del‏ قائلاً: "إن ذلك المجمع يبعد كيلومتراً واحداً فققط عن 
موقعي. كان بإمكاننا أن نذهب مشياً إلى هناك! لماذا أتى الكنديون بالمروحية من قندهار؟ 
ما الذي سيفعلونه ولا يمكننا نحن فعله؟ لقد اضطررت إلى وقف جميع العمليات الليلة 
لأجل هذه المهمة» وهذه ساحة معركة عمليتي أنا!". 

شرح قائد مارك الموجود في قاعدة باجرام عبر اللاسلكي أن مقاتلين أجانب 
مرتبطين بالقاعدة قد انتقلوا حديثاً إلى المنطقةء ويقوم قائد من طالبان بإرشادهم في 
الحرب. ونتيجة HUI‏ تمت إحالة المهمة إلى قيادة منفصلة من القوات الخاصة تتعامل فقط 
مع غارات مكافحة الإرهاب. رمى مارك سماعة اللاسلكي في مكانها ومضى مبتعداً. 


263 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


علمت أن ثمة خطباً ما [Ey‏ اتكأت على سيارة رينج روفر أسترالية واستمعت إلى 
الثرثرة على اللاسلكي. انتهى المطاف بالكنديين بأنهم لم يتمكنوا من الحركة إلى درجة أصبح 
معها الوضع خطيراً جداً وإلى درجة يتعذر معها على المروحيات العودة وإعادتهم. بدا القتال 
شرساً عن بعد. وبما يتصف به الموقف من بعض السخرية» طسب إلى الأستراليين إرسال 
قوة للرد السريع للذهاب وإخراج الكنديين العالقين. إلا آمهم هم أيضاً علقوا بالنيران 
الكثيفة. أطلقت الطائرة 40-130 صلية بعد الأخرى من رشاش ال120 ملم وأرسلت 
Sul‏ من طلقات الجاتلينج عيار 20 ملليمتراً التي بدت مثل أشعة موت ليزر خضراء قادمة 
من عنان السماء في أحد أفلام الخيال العلمي. لقد صدمت عندما سمعت نداء الطائرة الحربية 
"وينشستر" عبر اللاسلكي. كانت الطائرة 40-130 محملة بشكل كامل من ذخيرة الرشاش 
والرشاشات الصغيرة. وتعني "وينشستر" أن الطائرة استخدمت هذه الذخيرة بالكامل. ولم 
يسمع أي منا قط بحدوث مثل ذلك الأمر من قبل. ومن كان منهم ما يزال يقاتل بعد أن 
صمد في وجه تلك المذبحة النارية» بل كان يقاتل لغاية في نفسه. 


بحلول هذا الوقت كانت الفصائل الإماراتية وعناصري يجلسون في المركبات» 
والمحركات تدور بانتظار النداء. وللمرة الأولى خلال فترة انتشاري تمنيت ألا يأتي. بالطبع 
سوف نفعل أي شيء يتطلبه الأمر للذهاب لمساعدة إخواننا الأستراليين والكنديين» ولكن 
الدخول في تبادل شديد لإطلاق النار في منتصف الليل» مع عنصرين من العناصر الأخرى 
منخرطين بشكل كبير؛ كان فعلياً كارثة وشيكة الحدوث. وحين أضفنا حاجز اللغة» كنت 
أخشى النيران الصديقة من الكنديين والأستراليين أكثر من أي شيء يمكن لأعضاء حركة 
طالبان أو تنظيم القاعدة أن يفعلوه ضدنا. بدا وكأن نصف سلاح الجو الأمريكي قد وصل 
إلى سماء المنطقة مع رحيل الطائرة الحربية» حتى SE‏ كل العناصر الأستراليين والكنديين 
من تخليص أنفسهم على الأرض. وبشكل أو بآخرء لم تلحق بهم سوى ست إصابات 
لجرحى» ولا قتلى. في صباح اليوم اللاحق cel‏ إحدى مركبات Bushmaster jli p‏ 
الأسترالية» التي بدت مثل ناقلة جند مدرّعة من فيلم "ماكس المجنون". أحصينا تسعة 
وأربعين ثقباً من الطلقات فيها. لقد اكتشفتٌ LY‏ أن غياب التنسيق بين الوحدات 


264 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


الكندية والأسترالية في خضم المعركة والتوجيهات المتضاربة لسلاسل القيادة المنفصلة كانت 
مشكلة كبيرة. فحمدت الله مرة أخرى أننا لم ننجرٌ إلى الفوضى. 


ومن دون راحة للمتعبين» اشتبكنا مرة أخرى في الصباح اللاحق. ولكن أحداث 
اليوم والليلة السابقين على ما يبدو جعلتنا نرى أن الأولوية لمجال تقديم الإسناد الجوي. 
تقدمت سريّة "برافو" جنوب غرب أسفل الوادي على الجانب الشرقي من النهرء 
والأستراليون يتقدمون من الجانب الغربي» وفريق دولة الإمارات العربية المتحدة وفريقي 
ما زالا يلعبان لعبة القط والفأر مع فريق طالبان ومدفعهم عديم الارتداد» إلى جانب 
تنظيف جيوب المقاتلين الذين كنا نتجاوزهم. وفي لحظة ما استمعنا إلى فرق القناصة 
الأسترالية المتتشرين على طول القمم العالية المطلة على الوادي بأكمله تعلن انطلاق أربع 
شاحنات بيك-آب هايلكس في الوادي باتجاه المشاة. كانت الشاحنات بعيدة عن القناصة 
أكثر» ما يمكنهم من الاشتباك معهاء لذلك استدعوا مروحيتّي أباتشي هجوميتين 
هولنديتين. وأفاد الطيارون بأنهم لا يمكنهم رؤية أسلحة مع الرجال في الشاحنات» ومن 
ثم لا يمكنهم الاشتباك في ظل القواعد ال مولندية. ليس في إمكانهم إطلاق النار إلا إذا رأوا 
رجالاً مسلحين يقومون بعمل عدائي. ظننت أن القنّاص الأسترالي كان على وشك أن 
يخرج من بين موجات الإرسال بينم كان يجادل الطيارين عبر اللاسكي في إذا ما كان 
الرجال مسلحين أو لا. "أستطيع بصورة جليّة رؤية بنادق كلاشنكوف خارج النافذة!" 
كان يصرخ عبر اللاسلكي. في النهاية غادرت طائرتا الأباتشي المنطقة من دون إطلاق 
رصاصة واحدة. 


بعد نحو ثلاثين دقيقة اتصل قائد سريّة "برافو" وقال ai]‏ اشتبك مع ما بين خمسة 
عشر وعشرين من المتمردين. ثمّ سمعنا انفجاراً لإطلاق الناره وسرعان ما بدأ النقيب 
بالإبلاغ عن وقوع إصابات. AUT‏ كان هناك عدد من الجرحى. وبعد ذلك بدقائق أبلغ عن 
أمريكي قتل في المعركة. صمتت الثرثرة على اللاسلكي لما بدا وكأنه دهرء ay‏ استوعبت 
فرقة القوات الخاصة بالكامل الخبر. علمنا (db‏ بعد أن الأمريكي هو الرقيب روبرت كيومنتو 
من نيوجيرسيء وله ابتتان. تذكرت لقائي به قبل مغادرتنا قاعدة العمليات الأمامية (ريبلي) 


265 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


إلى تشوراء واعتقادي أنه كان صورة طبق الأصل عن قائد فرقة المشاة. عاد اللاسلكي مرة 
أخرى إلى الحياة مع الكوماندوز الأسترالي على الشبكة. كنا بصعوبة نستطيع سماعه وهو 
يحاول الصراخ glad‏ صوته على صوت إطلاق النار في الخلفية. كانت قوات الكوماندوز 
تحاول عبور النهر عند نقطة منخفضة لتطويق المسلحين الذين يقاتلون سرية "برافو"» 
ووجدوا أنفسهم في منتصف وابل من القذائف الصاروخية. سقط صاروخ أمام إحدى فرق 
الكوماندوز الأسترالية وكانوا يبلغون عن العديد من الجرحى. 


اتصل مارك وطلب أن ننشر قوة للرد السريع لتغطية الكوماندوز عند انسحابهم. 
كان فريق القوات الخاصة بأكمله يدرك بشكل مؤلم أن مقاتلي طالبان هؤلاء كانوا -بصورة 
شبه مؤكدة- من مجموعة الرجال المسلحين نفسها التي رآها القناص الأسترالي تنطلق 
نحوناء وهي التي رفض الطياران ال هولنديان الاشتباك معها. وفي هذه الحرب بتوافق الآراء 
كان الجميع في نهاية المطاف مقيّدين بالمحاذير والقواعد الوطنية التي يخضعون لها وليس 
التحالف. 


أصيب من الأستراليين 12 جريحاً من جراء وابل القنابل الصاروخية» وكانت 
سريّة "برافو" تتجمّع لإجلاء الجرحى كذلك. انطلقت مركبتا التنقل البري التابعة 
لفريقي» تليها ثلاث مركبات من نوع بانهارد تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة» نحو 
مكان إطلاق النار. وبين) التففنا إلى اليسار واتجهنا إلى الأسفل نحو الوادي» مرّ تيار من 
ضوء تتبع أخضر لمدفع رشاش عبر واجهة الزجاج الأمامي لمركبتي» ما تسبب بأن 
ينحرف حمد عن الطريق ويتجه نحو خندق للري. وقفنا فجأة وارتطم رأسي بلوحة 
القيادة الأمامية المعدنية للمركبة. مرت مركبات الباهارد بجانبنا على الطريق وأضاءت 
المجمع الذي كان مصدر نيران الرشاشات. سمعنا انفجاراً آخر من خط الشجر إلى اليسار 
من المجمع» وحوّلت مركبات البانهارد اتجاه النيران» وعلى ما يبدو أسكتتها. وني الوققت 
نفسه عمد تريب» رقيب الأسلحة لدينا الذي كان في مركبة التنقل البري خلفناء وحمد, إلى 


266 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


تسلقت سطح كوخ قريب من الطين ذي طابقين» ما منحني رؤية ممتازة للوادي 
والمعركة التي iss‏ أمامنا. Gls‏ المراقب الجوي التكتيكي للقوات الجوية المولندية 
السلم الخشبي ورائي» وإلى السقف. لم يكن لدي أي فكرة من أين أتى ولكنني افترضتٌ 
أنه قد تبعنا عبر الطريق. وكان أحمر الوجه ومحرجاً من عدم 44 طياري الأباتشي. 
وبمنظارينا LEE‏ من رؤية رجلين مستلقيين وراء مدفع رشاش PKM‏ على سطح مجمع عبر 
الوادي» lew‏ اندفع رجال بين الأشجار باتجاه الكوماندوز الذين يعيدون تجميع أنفسهم 
عند طرف جسر إسمنتي صغير. وأكد القناصون الأستراليون ال موجودون على سلسلة 
التلال الشيء نفسه من خلال النظارات البعيدة المدى التي بحوزتهم. 


قلت لتريب» الذي كان قد صعد إلى السطح معناء "هل ترى ذلك؟" إن أفراد 
حركة طالبان يستلقون في وضع لإطلاق GLI‏ ويغطون رفاقهم بين يحاولون تطويق 
الأستراليين! 

أجاب تريب "نعم» إن هؤلاء الرجال يناورون مثل فصيل قوات خاصة مدرّبة 


oe! Wiesel se‏ ليسوا منتسبى طالبان من المزارعين. لقد قام شخصٌ بتدريب هؤلاء 
الشباب على تكتيكات المشاة الخفيفة". 


قلت للمزاقت co LI‏ المولددي: Lee"‏ يا أحى» إن هذا هوبالتاكيد دلي لعل 
نيات عدوانية» لذلك دعونا نقض عليهم قبل أن يفتحوا النار". 

ضحك وقال: UI"‏ لن أكلف نفسي العناء مع الأباتشيء لدينا عتاد آخر في 
الخدمة". 

وبلكنة بريطانية مثالية شاهدته يصنع السحر بالطائرة المحلّقة» محدداً مكان وجود 


الكوماندوزء ومحدداً موقعناء وموجهاً طائرة إف-16 نحو موقع رشاش العدو. وبعد نحو 
pall Bey Tago‏ اة رواد كير ومين FOES‏ ار رق leet‏ حي كان 
الرجال يناورون» واختفى المنزل. 


267 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


"قضينا عليهم بقنبلة متفجرة جوا" WE‏ وهو يرفع رأسه من جهاز اللاسلكي 
الخاص به ويبتسم. فبجعل الذخيرة تنفجر في الجوء تمطر الشظايا مثل انفجار قنبلة 
ضخمة» وهو أمر مثالي لمهاجمة جنود العدو في العراء. 


بعد أن عالحنا الجرحى الأستراليين» تقدمنا إلى الأمام أسفل الوادي إلى موقع 
التفجير. ببطء ورويّة تسللنا سيراً على الأقدام من خلال مجموعات مهجورة من 
المجمعات والحقول المؤدية إلى الموقع. كان المكان Bole‏ بشكل مخيف بينم غابت الشمس 
تحت الجبال» ملقية بظل طويل عبر الوادي. قفز مترجمي» سبارتاكوس» رعباً عند رؤيته 
جثث عناصر طالبان. "هؤلاء ليسوا من البشتون". همس. وأضاف "إنهم باكستانيون!". 


سألته هامسا كفت تعر فت ذللف؟"”. 


رد عليها بالقول "انظر إليهم! ألا تستطيع التمييز؟ إنهم من البنجاب". كان يقصد 
المجموعة العرقية المتتشرة في الجيش الباكستاني وجهاز المخابرات. "انظر إليهم. هنا في 
أوروزغان! نحن على بعد ألف كيلومتر من الحدود. أراهن أنهم ضباط الاستخبارات 
الباكستانية؛ الاستخبارات الباكستانية في وسط أفغانستان! قلت لك إنهم يحاولون 
السيطرة علينا! "كان يز رأسه [Ey‏ كان يقف في وسط مجموعة من الجثث. قلت: "هذا 
بن شان أن andy‏ اذا كانوا مدويين ندرا خيدا”, 


وبالفعل بدا الرجال ختلفين. كانوا أكثر سمرة» ولديهم شوارب سوداء بدلاً من 
اللحى السائدة بشكل مطلق 5 تقريباً في هذا الجزء ء من أفغانستان. وكانت الجثث قذرة ولكن 
لم يتم لمسها تقريباً. كان الدم يسيل من آذانهم وأعينهم بسبب الصدمة التي سببتها القنبلة 
المتفجرة جواً. Eas y‏ سلاح كل منهم بعناية وفتشت جيوبهم بحثاً عن مواد أسلمها لفرق 
جهاز الاستخبارات. كان أحدهم يرتدي حزامي كتف من الذخيرة Ub pale‏ حول صدره 
على شكل × کا لو كان قد شاهد الكثير من أفلام رامبو. وكان آخر حمل مسدس 
ماكاروف 6 ملليمترات روسي قديم في حزام حول الصدر. وكان لدى آخر كتاب صغير 


268 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


من الرسومات ودفتر عناوين تملوء بأرقام ال هواتف. أحصينا سبع جثث» وكنت أعرف أنه 
كان هناك اثنان على الأقل في كومة الأنقاض التي كانت في السابق المنزل» حيث كان فريق 
مدفع رشاش العدو على السطح. شعرت بيقين أنه لم يكن هناك أي مدنيين في المنزل» فقد بدا 
الوادي بأكمله مهجوراً في ذلك الوقت. كانت هناك كومة من طلقات القذائف الصاروخية 
في مكان قريب» ولكننا لم نتمكن من العثور على القاذفة. بدت الطلقات جديدة نوعاً ماء ولم 
يكن بالطلاء الزيتوني اللون المحيط بها أي خدش تقريباً. كان صمام الأمان للرأس الحربي 
لكل الصواريخ قد 05 سحبه» وهذا يعني أنها كانت جاهزة. كانت تبدو على درجة من 
الكمال كذلك» كما لو أنها تُركت هناك حتى يلتقطها شخص ما. وعلى الرغم من شكوكي» لم 
يكن بالإمكان أن نتركها لطالبان ليستعيدوها ويستخدموها ضدنا في وقت GEN‏ درت 
ببطء حول كل قذيفة من القذائف الصاروخية بحثاً عن قنبلة موقوتة؛ وفي نهاية GULL‏ 
شعرت بالراحة با يكفي لالتقاطها وإعادتها إلى قاعدة الدوريات. 


قمتٌ بتحميل صور المسلحين القتلى كافة على القرص الصلب لضابط 
الاستخبارات الأسترالي بعد أن لحقنا بفريق قيادة مارك. بعد بضع دقائق على خط col‏ 
عاد ليقول ai]‏ قد تم تحميلها لإرساها إلى قوة مهام العمليات الخاصة المشتركة المجمّعة: ثم 
اتصلوا في وقت لاحق للإشارة إلى eel‏ يعتقدون أيضاً أن الرجال باكستانيون» وأن الكثير 
من أرقام الحواتف كانت من أصل باكستاني» وأن هذا كان أبعد مكان في أفغانستان تم 
العثور فيه على متمردين من أصل باكستاني. قال لي مارك Lead‏ إن التقرير الأولي بشأن 
طلقات المدافع العديمة الارتداد الجديدة وهي التي ما زالت في عبواتهاء تشير من خلال 
أرقامها التسلسلية إلى clef‏ على الأرجح» من أصل إيراني. 


وقال مارك وهو يبتسم: "أليس ذلك مميزاً يا زميليء تظهر لنا إيران النوع نفسه من 
الحب الذي تظهره لشبابكم في العراق؟!". 


يبدو أن القتال حول تل المقبرة» ومقتل قائد كبير QU‏ من طالبان في الليلة السابقةء 
والآن خسارة هذه المجموعة من الرجال قد انتزع زمام المبادرة من يد طالبان. وجد عدد 


269 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


من المترجمين لدينا تردداً تستخدمه حركة طالبان على اللاسلكي» وسمعوا رجلا يبكي بينم 
قال إن جميع من في مجموعته قد ماتوا. وقال آخر ai]‏ كان محاصراً وكان يسأل be‏ يجب القيام 
به. بعد فترة من الزمن بدأ المترجمون حملتهم النفسية الخاصة بهمء وبدأوا يقولون لهم إنه 
ليس لديهم أي أمل في الفوز» وتجب عليهم العودة إلى ديارهم. وانطلق سبارتاكوس في كلمة 
ألقاها على شبكة طالبان حول كيف أن كبار قادة طالبان يختبئون في باكستان وأنهم كانوا 
خائفين جداً أن يأتوا إلى أفغانستان للقتال معهم. كان الكثير مناء بمن في ذلك ضابط 
المخابرات الأسترالية والقائدء مقتنعين Ob‏ هؤلاء الرجال كانوا بعيدين جداً عن بيوتهم. 
وأنهم لم يكونوا المقاتلين العاديين الذين تم تدريبهم في الداخل والذين ينفذون أوامر الملالي 
المحليين؛ ولم يتم اختيارهم من قبل شيوخ القبائل المحليين الذين اضطرواء تحت تهديد 
السلاح» إلى إرسال بعض الرجال ليلتحقوا بقادة طالبان المحليين. من الواضح أنهم تلقوا 
تدريبات تكتيكية ضمن وحدات صغيرة في مكان cle‏ وكان لدم إقبال كبير على الصمود 
والقتال» وكانوا مجهزين بشكل جيد بأسلحة جديدة والكثير من الذخيرة. 


في اليوم اللاحق بدأ المدنيون والقرويون يتدفقون مرة أخرى إلى الوادي من الجبال. 
كان الأمر وكأن شخصاً ما قد علّق لوحة مضيئة عملاقة معلناً "طالبان غادرت!". م 
يكن لدينا أي فكرة كيف وصل الخبر. لكن as ll‏ أننا لم Gls‏ طلقات رصاص غاضبة. 
على الرغم من أن الأستراليين والمشاة كانواء حتى OW‏ يتحملون العبء الأكبر من القتال 
في عملية بيرث» شعرثٌ وكأنني اكتفيت dy‏ أعد أحتمل المزيد. فلم نواجه أي اشتباك معادٍ 
طوال rai‏ شتاء عام 2005 وعام 2006. ولكن منذ مبارزة الرشاش-مقابل- المسدس 
في وادي تاجاب» اشتبكنا خلال كل مهمة تقريباً في الأشهر الأربعة الماضية. وأعتقد أن ما 
كان يؤثر G‏ جزئياً هو العزلة. وباستثناء عملية بيرث» نادراً ما كان معي أكثر من اثنين أو 
BU‏ أمريكيين آخرين» وإذا حدث شيء لاثنين مناء أو ما هو أسوأء أي إذا حدث مكروه 
لمسعفنا براين» فإن فرصنا في البقاء على قيد الحياة ستكون ضئيلة أو معدومة. 


بعد ظهر ذلك اليوم قمت بمناوبة رصد اللاسلكي وسمعت عن تقدّم فريق 
القوات الخاصة في قاعدة العمليات الأمامية كوبرا في شمال غرب الولاية إلى الشهال من 


270 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


القاعدة النيرانية» إلى مديرية تشارتشينو في أقصى الشمال الغربي من الولاية. كان في 
كوبرا فريقان متمركزان هناك» وكلاهما عانى أكثر من 50/ من الإصابات وعدد من القتى 
في المعركة» في هذه الجولة. وبينما جلستٌ في البرج وأعددت نظارات الرؤية الليلية لنوبة 
حراستي» سمعتٌ أن أحد الفريقين يصرخ بشكل محموم "القوات مشتبكة"» وأن لديم 
رجلاً سقط. أتذكر أنني كنت أفكر في أنه كم كان غريباً هذا النداء. كانت الشمس قد 
غابت Se‏ وكانت لدينا ميزة هائلة في الليل» بنظارات الرؤية ALU‏ وأنظمة الليزر 
بالأشعة ما تحت الحمراء على أسلحتنا. حتى لو كانت طالبان قد نصبت كميناً قبل حلول 
الظلام مباشرة» كانت احتمالات إصابتنا منخفضة جداً إلا إذا كانوا قد تس لوا إلى مكان 


قريب جداً من الفريق. 


وخرج صوت مشغل آخر من غلى اللاسلكي. كان بوسعي هذه المرة أن أسمع 
الأدرينالين في صوته؛ قال إنهم كانوا يتعرضون لنيران القناصة وأعلن سقوط رجل OU‏ 
وبعد بضع دقائق أعلن مقتل الرجل الأول. صمتت الشبكة لبرهة» ثم تلا رقم قائمة 
المعركة الخاص بالميت» والذي كان يتألف من الحرف الأول من اسمه الأخير وآخر أربعة 
أرقام من رقم الضمان الاجتماعي. سمح لنا نظام قائمة المعركة بالتعرّف إلى الضحايا من 
دون بث الاسم الأخير في مسرح العمليات عبر اتصالات القمر الاصطناعي. ثم خرج 
صوت أحد مسعفي الفريق على الشبكة وأعلن أن اثنين من مدفعي البرج في الوحدة قد 
تعرّضا لطلقات في الرأس كا تم توقيف المركبات وإطفاء أنوارها بالكامل. 


قال تريب lee‏ كان يسير نحوي ليريحني من نوبة الحراسة: "اللعنة! لقد حصل 
هؤلاء الأوباش على نوع من نظارات الرؤية الليلية ليتمكنوا من إصابة طلقتين في الرأس 
في الليل. لربما لم يكن فريق القناصين الأسطوري الشيشاني خرافة. إن هذا al‏ سيى؛ 
وفأل سيئ إذا كان لديم هذا النوع من المعدات". 

وكانت سلسلة من هجمات القناصة قد وقعت خلال موسم القتال الصيفي في 
المنطقة. ففي قندهار تم إطلاق النار على جنديين كنديين من خارج مرمى السمع» ما يدل 


271 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


على cull‏ الطويل حقاً لطلقة القنّاص. وأصيب أحدهما في منطقة الحوض» أسفل درع 
جسمه. وأصيب الآخر في الرقبة. وكان هناك نوع من الأساطير الحضرية أن فريقاً من 
القنّاصة الشيشان التابع لتنظيم القاعدة كان مسؤولاً عن الطلقات. كنا على الأقل نظن 
أنها أسطورة حضرية. 


وقف كل منا بينم| كان صوت مُسعف الفريق يخرج على الشبكة كل بضع دقائق 
يعلن المؤشرات الحيوية للرجل المصاب. كان النبض وضغط الدم ينخفضان أكثر وأكثر. 
سمعنا نقيب الفريق يسأل عن مروحية الإخلاء الطبي متى ستأتي. قيل له إنها في طريقها. 
بعد نحو عشر دقائق أعلن الفريق أن الرجل قد قتل في المعركة وأنهم أنهوا المهمة 
وسيعودون إلى القاعدة. علمتٌ في وقت لاحق أنه كان هناك بعض الارتباك في مطار 
قندهار حول وحدة التحالف التي كان من المفترض أن ترسل مروحية الإخلاء الطبي. 
كنا على يقين بأن أياً من الرجلين لم يكن لينجو بسبب جراحه بغض النظر عن بطء 
استجابة EY‏ الطبي. لكن الحادث كان دليلاً آخر على أن القتال في مكان معقد 
وصعب مثل أفغانستان كان عسيراً lo‏ فيه AUS‏ ومحاولة القيام بذلك عن طريق تنسيق 
مثل هذا التحالف الكبير كانت محكومة بالفشل. 


في صباح اليوم اللاحق توجهنا إلى القاعدة. كنا في غاية الإرهاق. قام أحد رجالي» 
الذي سيبقى Y yet‏ عن طريق الخطأ بحمل عبوة الماء بدلاً من البنزين وسكب محتوياتها 
في خزان الوقود لدينا. كان الجميع مستعدين للعودة إلى القاعدة» وعوضاً عن ذلك كنا 
نضخ الماء في المحرك. كان الموقف محرجاً جداًء ولكن في النهاية جعلنا مركبة التنقل البري 
تعمل. وأصبح يراودني القلق من أنه في حالتنا المتعبة» قد يكلفنا الخطأ المقبل أمراً أكبر من 
الكبرياء. 


تقدم الفصيل الإماراتي ومركبتانا باتجاه الجهة الشالية من العناصر التي تتحرك 
من خلال تمر البلوشي وتلوي عائدة نحو تارين كوت. ضاقت خطوط التلال على جانبي 
gal gl‏ عند الممر؛ ما دفعنا إلى وضع يشبه alll‏ بين انخفضت سيارة البنشارد التي تقود 


272 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


خط سيرنا العمودي في الوادي. كان مجرى النهر GUI‏ رملياًء في حين كان صخرياً في 
الجزء السفلي» وعلقت البنشارد للحظة ey‏ حاولت الصعود إلى الجانب الآخر. تباطأ حمد 
في نزولنا الوادي للحفاظ على BL‏ بين المركبات. كان Gabbe‏ البرج في البنشارد معلقاً 
على الجزء الخلفى من السيارة ليتمكّن من رؤية الإطارات الخلفية ay‏ كان السائق يشغل 
المحرك. لن أنسى أبداً النظرة على وجه مدفعيّ البرج ee‏ رفع بصره نحونا متسع 
العينين» وأومأ إلينا بشكل محموم بأن نتوقف وصرخ "قف! قف" (باللغة العربية). 
ضغط حمد المكابح بشدة. كانت إطارات البنشارد قد جلست تماماً على لغم كبير مضاد 
للدبابات وكان العادم قد أزاح الرمال والحصى حول جزء من اللغم. 


"تراجع! تراجع! "صرخت. لم أكن أعرف إذا ما كان هذا اللغم ينشط بالضغط أو 
عبوة ناسفة موصلة عن بعد يمكن أن يكون رجل الزناد يحاول تفجيرها. استدار مدفعيٌ 
البرج في البنشارد للخروج من برج البندقية وركض بعيدا عن السيارة. TANS‏ كل من 
السائق وقائد السيارة أيضاً من الأبواب الجانبية. 


ead Ei‏ "لا تبتعد كثيراً؛ فقد يكون جهاز التشويش الذي معنا هو مايمنع 
رجل الزناد من إرسال إشارة التفجير". 


"أيها القائد مايك» أسمع بعض الثرثرة"» قال سبارتاكوس من المقعد الخلفي» 
jlgrn (Sue‏ الاتضال اللاسلكي. وكان ما يزال يتتبّع ترددات طالبان ا معروفة. وأضاف 
قائلاً: "إنهم يتحدثون tlle‏ هناك شخص يراقبنا ويبدو وكأنه رجل الزناد. وهناك رجل 
آخر يصرخ في وجهه أن يفعل ذلك!". نظرنا نحو سلسلة من فتحات الكهف في سلسلة 
التلال إلى يميننا. وهو على الأرجح المكان الوحيد الذي يمكن أن يبقى فيه شخص ضمن 
نطاق زناد إلكتروني مثل مفتاح باب المرآب أو مفتاح التشغيل. 


صرخت "غراهام» افتح النار على ذلك النذل. لابدمن أنه في أحد هذه 
الكهوف". Lape ada gly Loe CaS‏ 


273 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


سمعت رنين برج البندقية ينزلق إلى اليمين» وبدأ مدفع رشاش عيار 50 ملم 
بضرب أربع إلى ست رشقات نارية. وبعد ذلك بقليل كان الخط الكامل من المركبات 
وراءنا يطلق نيران الرشاشات الثقيلة وقاذفات قنابل في تلك الكهوف. انفجرت الفتحات 
بسحابة من الغبار والشرر. وعند هذه النقطة أعتقد أن الجميع كان يريد مجرد التنفيس 
أكثر نما توقعنا بالفعل أن نصيب شيئاً. صمتت الثرثرة على اللاسلكي. ولم نكن متأكدين 
إذا كنا قد قتلنا رجل الزناد أو لا؛ وفي نهاية المطاف وضعنا متفجرات على اللغم الأرضي 
لنفجره في مكانه. 

ولسبب ماء OB‏ الاقتراب من العبوة الناسفة هني حقاًء ولم أكن متأكداً BU‏ فلقد 
كان الرجال في البنشارد يجلسون على رأس اللغم أقرب بكثير منا. كان اللغم قوياً بها يكفي 
لتدمير دبابة» وبالتأكيد كان سيطمس إما البنشارد وإما مركبتنا. ولأول مرة خلال مدة 
خدمتي هذه بأكملهاء كنت على استعداد للعودة إلى القاعدة والرجوع إلى الوطن. لا مزيد 
من المهمات. لا مزيد من أكواب من الشاي مع الشيوخ لإقناعهم بأننا كنا هناك لمساعدة 
أطفاهم كي يروا مستقبلاً أفضل. لا مزيد من ا معارك؛ أردث أن أرى عائلتي مرة أخرى. 


لسوء الحظ» كانت عملية بيرث نمطا للكثير من العمليات الجارية في أفغانستان في 
ذلك الوقت. أخرجنا طالبان من وادي بالوتشي وقتلنا الكثير منهم. وضعت التقديرات 
المجمعة من ختلف الوحدات ومن السكان المحليين عدد الجثث في حدود 6150 من بينهم 
اثنان من القادة من مستوى العمليات dae gall‏ والواضح» الكثير من الباكستانيين. وفي 
عملية التحالف مجتمعة» fo‏ شخص في المعركة وجرح أربعة عشر. كان عدد الجشث 
مقياساً واضحاً للنجاح. كانت الحقيقة أننا م نعرف حقاً من الذين كنا نقاتلهم أو BU‏ كانوا 
يقاتلوننا. كنا نجهل الديناميات الاجتاعية والسياسية والقبلية والمحلية الموجودة. لم 
نكن نعرف إذا كنا نقاتل المتمردين الذين كانوا قد جاؤوا إلى أفغانستان من المدارس الدينية 
الباكستانية أو أعضاء محليين من قبيلة نورزاي التي ربطت التحالف بجميع انتهاكات 
الحاكم السابق جان محمد خان. لقد أصبحت على قناعة أنه مزيج من الاثنين معاً. وعلى 


274 


الفصل السابع: عملية بيرث .. الحرب بتوافق الآراء 


المستوى التنفيذي OB‏ الغياب الكامل لقوة تبقى في الخلف أحبطني حقاً. كنت متحمّساً 
لوجود الجيش الأفغاني في الصدارة» أو على الأقل يتبعنا عن كثب ليتولى عدداً من المواقع 
المهمة بعد مغادرتنا. كنا نطهّر المناطق التي كانت طالبان تسيطر عليهاء ولكن لم يكن 
هناك "من يمسك" بها على الإطلاق» ومن ثم كانت هناك آثار قليلة ودائمة من العملية. 
كان هذا في المقام الأول لأن لكل عضو من أعضاء التحالف تسلسل قيادة منفصل ونج 
عملياتي منفصل لمكافحة التمرد» بدءاً من مهمة الأستراليين بإيجاد ومهاجمة طالبان. إلى 
التركيز المولندي على حماية جهود إعادة الإعمار في منطقتي "بقعة الحبر" التي كانوا فيها. 
وكان الجيش الوطني الأفغاني قد انسحب» وكان ما يزال غير واضح إذا ما كانت الشرطة 
التي كنا قد أعدناها تسبب ضرراً أكثر من النفع أو لا. ولحسن BA‏ وافقت الولايات 
المتحدة ودولة OLY!‏ العربية ا متحدة على المساعدة» وإلا فسيكون الأستراليون وحدهم 
في التعامل مع قوات طالبان الراسخة الجذور في منطقة بالوتشي. 


على الجانب الإيجابي» خففت عملية بيرث بعض الضغط عن تارين كوت» وعن 
الحاكم منیب على وجه الخصوص. وكونه "تكنوقراطاً" ملتزماً على ما يبدو بتحسين 
الحكم في الولاية» كان يحاول يائساً إبعاد Oy pall‏ من جان محمد ببطء» وجذب حكام 
مديريات أفضل وممثلين من مختلف الوزارات في كابول لتقديم الخدمات الأساسية 
للشعب. وتوجيه ضربة ضد طالبان في عملية بيرث منح منيب بعض الوقت لشتاء 
2007-6» وأرسل رسالة مفادها أن التمرد لا يمكنه أن يمنع وصول الحكومة 
الأفغانية إلى أودية بأكملها. أعادت الشرطة المسؤولة عن تشورا السيطرة على مركز 
المديرية في الخريف. ولكن هذه كانت مكاسب مؤقتة؛ فلم تتمكن بيرث من معالجة 
المشكلات الكامنة وراء الخلافات القبلية المستفحلة» والحرمان الناجم عن انعدام 
الأمن من قبل حكومة كرزاي وقوات التحالف. ولسوء الحظ» كانت العمليات مثل 
بيرث شائعة the‏ ولم يكن هناك ببساطة ما يكفي من القوات الأجنبية والأفغانية. إن 
"الحرب بتوافق الآراء" قد جعلت من المستحيل تحقيق أفضل استفادة من القوات التي 
كانت لدينا. 


275 


الفصل الثامن 


العودة إلى واشنطن 
البنتاجون والبيت الأبيض 


في أواخر عام 2006 عدت أرتدي البدلة الرسمية وربطة العنق في البتتاجون؛ 
حيث Ub‏ إِلِّ أن أخدم في منصب مدير السياسة الأمريكية في أفغانستان. في إدارة 
الشرق الأوسط بمكتب وزير الدفاع - قسم السياسات. ولقد سررت عندما وجدت 
Ley‏ متنامياً في قسم السياسات التابع لمكتب وزير الدفاع؛ حيث أصبح العاملون هناك 
يدركون أن الوضع في أفغانستان يزداد le per‏ يوماً بعد يوم. ولكن في الوقت ذاته» وجدت 
الكثير من زملائي يشعرون بالإحباط على نحو متزايد. ومع أن قادتنا الكبار أدركوا حجم 
المشكلة المتفاقمة باطراد» فإن ردهم التلقائي كان اللجوء إلى الأوروبيين لتقديم الدعم AS‏ 
وكان البقاخون وواشتطة فان Vie‏ ادا شان ct al‏ وكان ILA‏ يدور 
بالتحديد حول: هل كان علينا أن نُخرج قواتنا بشكل كامل» أو ينبغي أن نضاعف جهود 
الحرب ونرسل قوات إضافية إلى هناك. (dy‏ بخص أفغانستان» فقد قمنا أساساً بإسناد 
الحرب إلى حلف الناتو لكي نركز مواردنا على العراق. 


كُتب علي أن أقضي السنتين اللاحقتين في البنتاجون والبيت الأبيض في محاولات 
لإقناع صانعي سياستنا أن الموقف في أفغانستان قد أخذ منحى ختلفاً نحو الأسوأء وأن 
حلفاءنا الأوروبيين في حلف الناتو يواجهون متاعب تفوق طاقتهم على الرغم من الجهود 
الشجاعة التي Udy‏ جنودهم. كا كنت nes‏ على توضيح مسألة مهمة؛ وهي أن 
المشاركة الأمريكية في الحرب مرتبكة وتفتقر إلى التوججه الواضح» وأن باكستان قامت 
ots‏ ا ا ومن ذا وان UE OR aes‏ ما Leslee‏ 
تقدم نفعاً؛ ونتيجة هذه التطوّرات. فإن الولايات المتحدة بحاجة إلى تخصيص موارد أكبر 


277 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


بكثير لكي ترسّخ الاستقرار هناك. إن مشكلة الموارد هي CS‏ القضية. وحتى إذا أدرك 
وزير الدفاع رامسفيلد» وقادتنا العسكريون والبيت الأبيض بشكل كامل مدى سوء 
الوضع هناك Ob‏ الشعور السائد في دوائر صنع السياسة» هو أننا لا نستطيع أن نفعل 
شيئاً يُذكر لتحسين الوضع. ولو احتاجت أفغانستان إلى المزيد من الدعم الدولي؛ 
سيتعين على الناتو تقديم هذا الدعم. ونظراً إلى أن قصة العراق استمرت أطول بكثير Le‏ 
كان متوقعاًء وأصبحت تشكل عبئاً ثقيلاً على جيشناء فليس هناك أحد يريد حتى التفكير 
في أنه يجب علينا أن نرسل مزيداً من الجنود الأمريكيين إلى مهمة يُعتقد أنها قد كسبت 
سلفاً. كانت هناك حاجة إلى أن تظل أفغانستان قصة نجاح للإدارة الأمريكية. 


أتاح رحيل دونالد رامسفيلد من منصب وزير الدفاع وتعيين روبرت غيتس مكانه 
في أواخر عام 2006 الفرصة لتفكير جديد بشأن أفغانستان. وكان مصطلح "مكافحة 
التمرد" مثيراً للجدل في البتتاجون في عهد رامسفيلد لأسباب متعددة» وخاصة أن هذه 
المهمة في العقيدة العسكرية تتطلّب عدداً أكبر من الجنود وكميات أكبر من الموارد؛ لكي 
يتم تنفيذ ila‏ محاربة التمرد بشكل صحيح. وهذا ما كان مطلوباً بالضبط في مكان معزول 
وبعيد وصعب مثل أفغانستان. وعندما تسلم غيتس مهمات منصبه شعرنا على الفور بتغيير 
نحو المرونة والانفتاح لإرسال مزيد من القوات إلى أفغانستان. ورافقتٌ الوزير غيتس 
كعضو في الوفد المرافق له في جولته الأولى» للاطلاع على مجريات الحرب عن كثب» في 
يناير 2007. وقد AST‏ القادة العسكريون الذين زارهم الوزير غيتس الزيادة ا هائلة في حجم 
أعمال العنف خلال الموسم السابق من المعارك» وأشادوا بكفاح الناتو المر لكي يفي 
بالتزاماته. كا ألقوا اللوم على صفقة السلام التي وقّعتها الحكومة الباكستانية مؤخراً مع 
جماعات المتمردين في المناطق القبّلية الخاضعة للإدارة الاتحادية» والتي أنتجت مشكلة 
كبيرة أمام جهود الناتو في أفغانستان. وقد ذكر أحد الضباط في تقريره أن الهجمات في 
المناطق الحدودية على الجانب الأفغاني - في الحقيقة - ارتفعت بنسبة 300/. وهناك ضابط 
استخبارات في قيادة القوة الدولية للمساعدة الأمنية في أفغانستان (إيساف) Ab‏ إحصائية 
لهجمات المتمردين في أفغانستان. تُظهر bel‏ وصلت إلى 139 هجوماً انتحارياً عام 2006( 


278 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


مرتفعة من 27 هجوماً عام 2005؛ كا تضاعف عدد الهجمات بالعبوات الناسفة أكثر من 
مثلين» من 783 هجوماً عام 2005 إلى 1,677 هجوماً عام 2006. LS‏ ارتفع عدد المجمات 
المباشرة (التي نفذها المتمردون بواسطة أسلحة خفيفة) من 1,558 هجوماً عام 2005 إلى 
2 هجوماً عام 2006.! 


كان اللواء بن فريكلي» وهو القائد الأمريكي لقوة المهام المشتركة المجمّعة للقيادة 
الإقليمية الشرقية خارج قاعدة باجرام الجوية» صريحاً إلى أبعد الحدود مع الوزير بشأن 
مستوى العنف الذي يتوقعه عام 2007( وبشأن مشكلة نقص الموارد التي ينبغي له 
معالجتها. وأصر على أنه بحاجة إلى مزيد من القوات لكي تكون لديه Le‏ لإحباط 
هجوم طالبان المتوقّع في الربيع. dy‏ الشهر اللاحقء أمر الوزير غيتس بإرسال لواء مقاتل 
إضافي» بحيث يتم تحويله من العراق إلى أفغانستان. وهذا القرار ضاعف عدد الألوية 
التقليدية المقاتلة المخصّصة لتلك الحرب. وقد دهشت هذا التطور. ولكن الزيادة كانت في 
الحقيقة فقط بلواء واحد ليصبح المجموع لواءين. 

في واشنطن» كانت أهمية أي قضية تنعكس غالباً من خلال حجم الأعمال 
البيروقراطية المخصّصة ها. ولم تكن أفغانستان وباكستان استثناءً من هذه القاعدة. ومع أن 
فريق سياسات العراق في قسم الشرق الأوسط التابع لوزير الدفاع كان يحتل نصف 
مساحة المكتب tly‏ وكان يوجد فيه أكثر من "دزينة" من الموظفين» فإن فريق أفغانستان 
لم يضم إلا ثلاثة موظفين مدنيين. ولحسن الحظ كانوا من أذكى الأشخاص الذين سررت 
بالعمل معهم. ولكن لم يكن أي منهم قد أمضى وقتاً يُذكر على الأرض في أفغانستان. 
وما زاد الأمر سوءاً» أن فريقنا امتخصّص في شؤون باكستان كان يضم موظفة مدنية 
واحدة» كانت منهمكة طوال الوقت بأعباء العمل الكثيرة» وكانت [lo‏ تشعر بالإحباط 
في التعامل مع الباكستانيين. ولحسن الحظ كانت تتمتع بحس فكاهة رائع وذكاء خارق. 
لقد كان التفاوت بين أعداد الموظفين المدنيين المتخصّصين في سياسات العراق مقارنة 
بنظرائهم المتخصّصين في شؤون أفغانستان وباكستان» GSU‏ جميع مكاتب أمننا القومي؛ 
من وزارة الخارجية إلى هيئة الأركان المشتركة ومجلس الأمن القومي. 


279 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وقد ازداد الأمر سوءاً بسبب الكيفية التي يتم من WIE‏ تقسيم المياكل الإداريةء 
وعدد المكاتب والمؤسسات التي ها دور في صناعة سياستنا تجاه أفغانستان. وفي عصر 
يوم صيفي من عام 2007» استدعاني المعاون الجديد لوزير الدفاع لشؤون آسياء جيم 
شين» الذي تولى مسؤولية سياسات أفغانستان من مكتب الشرق الأوسط, إلى مكتبه» 
خلال إعادة هيكلة مكتب السياسات بوزارة الدفاع. عندما دخلت المكتب كان جيم 
جالساً على أريكة مكتبه» وكان يشاهد شريحة "باور بوينت" توضح تسلسل القيادة 
والعمل» ومَنْ يقدم التقارير إلى مَنْ» حول ختلف الموضوعات المتعلقة بأفغانستان. 


قال لي مع ابتسامة متكلّفة: "مايك» حاول أن تشرح لي هذه من فضلك". 


"حسناً يا سيدي» آمل أن يكون لديك الوقت الكافي. دعنا نبدأ من أفغانستان» 
ونشق طريقنا عائدين إلى واشنطن". وتابعت شرح سلاسل القيادة المتعدّدة التي مررت 
بها في الميدان في فترة خدمتي الأخيرة؛ بين الأوروبيين» والوحدات الأمريكية التقليدية» 
وفرق قوات العمليات الخاصة المختلفة» والمدربين المرافقين للقوات الأفغانية. كان 
الرجل ميّالاً إلى الشك دائ)ً؛ وكان يشعر بالدهشة أكثر عندما يسمع بعدم فاعلية فريق 
صنع السياسات في واشنطن. وأوضحت له أن القائد العام لقوات إيساف في كابول» 
كان يرسل تقاريره عبر جنرال ألماني ب 4 نجوم في برونسوم (وكان مقر قيادة هذا الجنرال 
من بقايا الحرب الباردة» ولم يضف قيمة تُذكر إلى جهود الحرب في أفغانستان)» ومن 
هناك يرفع التقرير إلى قائد قوات الناتو في بروكسل» وهو جنرال ب 4 نجوم أيضاً. ومع 
أن قوات SUI‏ كانت تحت قيادة جنرال أمريكي» فإنه يرفع تقاريره إلى مجلس صناعة 
القرار في حلف الناتو؛ حيث تمتلك الولايات المتحدة صوتاً واحداً من أصل 26 صوتاًء 
وجميع القرارات الكبرى يجب أن تحظى بالإجماع لكي تصبح سارية. وفضلاً عن ذلك» 
فإن أفغانستان UE‏ ما كانت تنافس لحجز مكان على أجندة اجتماعات الدول الأعضاء 
في حلف الناتو» مع عدد من القضايا؛ مثل مظلة الدفاع الصاروخي» ومبادرات مكافحة 
القرصنة. 


280 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البئتاجون والبيت الأبيض 


وبصورة مستقلّة كانت الوحدات العسكرية الأمريكية (قوات العمليات الخاصة» 
وفرق التدريب المرافقة) ما تزال تعمل ضمن "عملية الحرية الدائمة" وترفع تقاريرها 
من خلال القيادة المركزية إلى هيئة OLS YI‏ وإلى مكاتبنا في قسم السياسات التابع 
مكتب وزير الدفاع. والأسوأ من ذلكء أن الإشراف على السياسات المتعلّقة بالجوانب 
الاستراتيجية الكبرى في الحرب (قوات الأمن الوطنية الأفغانية» وقوات العمليات 
الخاصة الأمريكية» وقوات الناتوء والمسائل الوظيفية؛ مثل مكافحة المخدرات» وقضايا 
المعتقلين) كان يخضع لأربعة مساعدين مختلفين لوزير الدفاع في البنتاجون. 


قلت باستياء» بين يتواصل عرض الشرائح: Lel"‏ مسألة شائكة حقاً؛ لأن الجوانب 
المختلفة لسياستنا تجاه أفغانستان وباكستان لا تجتمع حتى تصل إلى مساعد الوزيرء الذي 
كما تعرف يظل مشغولاً بشؤون العراق» وكوريا الشماليةء وإيران وبقية العالم. والمشكلة 
ذاتها تتكرّر في هيئة الأركان المشتركة» وقد اتضح أنه من الصعب جداً أن تكون قادراً على 
تجميع كل الأطراف المعنية بالسياسة تجاه أفغانستان في غرفة واحدة داخل البتتاجون» 
فضلاً عن تجميعهم من ALE‏ مؤسسات الحكومة الأمريكية". 


وقضى جيم - وهو رجل أعمال ناجح وبروفيسور في جامعة برينستون ومسؤول 
سابق في الاستخبارات الوطنية لشؤون آسيا - معي ساعة محاولاً أن يفهم المنطق الكامن 
وراء سلسلة الشرائح التي تصف السلاسل المختلفة للقيادة وتقديم التقارير. وأخيراً 
سألني مستفسراً: "من الذي فكر في تنظيم جهود الحرب ببذه الطريقة؟ هل هي حركة 
طالبان؟ إذا كان أعداؤنا يريدون تنظيم هيكل قيادة لناء فهذه هي الوصفة المناسبة!". 
عرفنا أنه يجب علينا أن نحاول تبسيط الميكل» وعرفنا أيضاً أن مهاجمة عدد كبير من 
الجنرالات والمسؤولين المعنيين بصناعة السياسات ممن لهم مصلحة في الحرب ستكون 
معركة خاسرة. وقد قضينا السنتين اللاحقتين» ونحن نحاول. 


تفاقم الوضع الفوضوي في القيادة وافتقار الولايات المتحدة الأمريكية إلى الموارد 
بسبب سياسة الباب الدوّار في التعامل مع الموظفين والقادة العسكريين في الميدان» 


281 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وبسبب تبديلاتهم الدورية كانت هناك خسارة مستمرة للخبرة والمعرفة المؤسساتية. ولم 
يكن ذلك خطأ شخص معيّن, وإنم| هو خطأ هيكلي في تنظيم قواتنا المسلحة في حقبة ما بعد 
حرب فيتنام. وكانت حربا أفغانستان والعراق أول حربين في التاريخ الأمريكي تستمران 
فترة طويلة جداً ويتم [ge ye‏ بالكامل بقوة من المتطوعين. في المماضيء كان يتم تجنيد 
الرجال الذين في سن الخدمة العسكرية تجنيداً إجبارياًء وكان يتم نشرهم في ساحات القتال 
إلى أن يحققوا النصر أو يصبحوا في عداد الموتى والمصابين. ولكن مع قوة من المتطوّعين» 
كان يتم تبديل الوحدات بشكل دوريء وعادة ما تكون فترة الخدمة الميدانية من ستة أشهر 
إلى اثني عشر شهراً؛ بقصد تقليل الفترة الزمنية التي يقضيها اجنود بعيدين عن الوطن؛ 
وبقصد المحافظة على مستويات بقائهم في الجيش. ولسوء الحظء أدى هذا الأسلوب إلى 
تبديل الجنود بشكل مستمر على مناطق الحرب؛ حيث كان يجب على الجنود إعادة تعلّم 
الدروس نفسهاء وتكرار الأخطاء ذاتها. وعندما يصبح أفراد الوحدة العسكرية متفهمين 
بشكل حقيقي للديناميات القبلية والجغرافية ا لمعقدة في مناطق الانتشارء يبدأون بالاستعداد 
لتسليم مهماتهم لوحدة جديدة» وهذه الوحدة الجديدة سوف تبدأ السير في منحنى التعلّم 
مرة ثانية. وهذه الدوّامة تتكرّر من قادة الفصائل صعوداً إلى القادة الميدانين وموظفي صنع 
السياسات في البتتاجون. إن هياكل القوات وتبديلات الجنود الدورية تعني أننا لا نمتذك 
خبرات مؤسساتية تُذكر على حين نجد أن المتمرّد الذي WE‏ ما يقضي كل حياته في المنطقة 
نفسهاء كان يترقبء وينتظر وصول المجموعة الجديدة من قواتنا. 


في مكتبي في البنتاجون عام 2007( شعرت بحيرة ودهشة عندما قرأت تقارير عن 
"عملية طروادة"» وأرى أا مثال جيد يكشف افتقارنا إلى الاستمرارية العملياتية. عملية 
طروادة كان اسم العملية التي نفذتا قوات التحالف للدفاع عن مركز مديرية تشورا في 
ولاية أوروزغان ضد المتمردين» وهو المركز نفسه الذي حرّرناه في عملية بيرث. وبعد أن 
غادرت أفغانستان في الخريف الماضيء قامت المجموعة القتالية المولندية بزيادة عدد 
أفرادها إلى قرابة 1,400 جندي» وأصبحت الآن تشمل تشورا ضمن استراتيجيتها 


” v » 


المعروفة باستراتيجية بقعة الحبر» إلى جانب تارين كوت وديه راوود. وفي يونيو 


282 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


2007 اجتاح مقاتلو طالبان نقاط التفتيش المخصّصة لحراسة الطريق بين تارين كوت 
وكوراء بالإضافة إلى الطريق في وادي البلوشي» وهي الطريق نفسه الذي حررناه عام 
6. وقام مقاتلو طالبان بالتمثيل بعدد من رجال الشرطة وقتلوا أفراد عائلات رجال 
الشرطة الآخرين الذين نجوا من المجوم. وبرغم ذلك NE‏ كتيبة الجيش الأفغاني 
ترفض نشر الجنود خارج الثكنة في تارين كوت. وخلال القتال الشرس بدأ الهولنديون 
بإطلاق قذائف مدفعية بصورة عشوائية على المواقع التي يشتبه في أنها تؤوي المتمرّدين في 
مناطق مدنية. وأثارت حصيلة القتلى بين المدنيين غضب البرلمان الهولندي» وأطلقت 
عملية تحقيق في ملابسات الحادثة داخل قوات إيساف. كان قد مضى عام تقريباً على 
انتهاء عملية بيرث» ويبدو أنه لم تتم الاستفادة من دروس العام الفائت. حتى إني قرأت 
تقريراً يقول إن أحد عناصر القوة ال هولندية تعرّض لانفجار عبوة ناسفة في المكان الذي 
تعرضت فيه أنا لعبوة ماثلة مع المجموعة الإماراتية. وقد Sad‏ إحداثيات تلك الواقعة إلى 
قيادة القوات الخاصة» ولكن يبدو أن المعلومات لم تنقل إلى الوحدة الهولندية التي تعمل تحت 
سلسلة قيادة منفصلة لقوات إيساف» برغم مرور سنة. وبالإضافة إلى ذلك كانت قيادة فرق 
القوات الخاصة الأسترالية وا هولندية والأمريكية قد تغيّرت بشكل كامل بعد مغادرتي 
أفغانستان؛ وفي المحصلة كانت عملية طروادة نسخة مماثلة تقريباً لعملية بيرث. 


وبدلاً من خوض حرب مع مكاسب وتأثيرات تراكمية متزايدة تُبنى على مكاسب 
ودروس العمليات السابقة» كان من الواضح بالنسبة eM‏ أكثر من أي وقت مضىء أننا نكرّر 
العمليات نفسها ونرتكب الأخطاء ذاتها سنة بعد أخرىء وكان ذلك يؤدي إلى تزايد الاستياء 
وتناقص الدعم الشعبي للحرب لدى الأفغانيين والأمريكيين والأوروبيين. وفي عام 2007( 
بدلا من خوض حرب عمرها ستة أعوام بجهود تُبنى على خبرات عام بعد الآخرء كان المشهد 
يوحي بأننا خضنا ست حروب؛ واحدة بعد الأخرى وعمر كل واحلة منها سنة. 


وإلى جانب التبديلات المستمرة للجنود. والهيكل المعقد لسلسلة القيادة 
والسيطرة» وعدم توافر موارد كافية» كان هناك افتقار إلى خطة مدنية - عسكرية 


283 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


متناغمة. وخلال التحضيرات لعملية النقل النهائي للمسؤوليات الأمنية إلى قوات 
إيساف تحت قيادة الناتو» كانت ماري بيث لونغ تشغل حينذاك منصب النائب الأول 
لمساعد وزير الدفاع» وكانت مسؤولة عن شؤون الشرق الأوسط والناتو. وكانت تسأل 
موظفيها بشكل متكرّر WAS‏ كل جنرال أوروبي يزور البنتاجون السؤال الآتي: متى 
ستقوم قوات إيساف بوضع خطة للحرب؟ تولى الجنرال ديفيد ريتشاردز مسؤولية قيادة 
ا لحرب» وهو أول قائد لقوة إيساف» ووضع خطة مبنية على نظرية كلاسيكية لمحاربة 
التمرد. كانت الخطة تدعو إلى إنشاء مناطق تنمية في أفغانستان» وبصورة مشابهة 
لاستراتيجية القوات المولندية في أوروزغان تضمنت الخطة أسلوب بقعة الحبر حول 
التجمعات السكانية المدنية الكبرى في كل منطقة من أفغانستان. من الناحية النظرية» 
كانت "مناطق التنمية" تتيح لقوات التحالف تركيز جهودها وحماية السكان في المناطق 
التي توجد فيها كثافة سكانية أكثر من سواهاء وتوفير منهج نظري معياري إلى حد ماء 
للتعامل مع المتمردين في جميع المناطق التي ينتشر فيها جنود التحالف. ولكن هذه الخطة 
سرعان ما اصطدمت بقيود إيساف المفروضة على عناصر إيساف لضبط العمليات. 
ولكي تكون خطة ريتشاردز ناجحة وفعالة» كان ريتشاردز يحتاج إلى نقل القوات 
وأموال التنمية بعيداً عن الجهود ا حالية وتركيزها في مناطق التنمية. ولكن هذا لم Garey‏ 
بصورة فعّالة ومفيدة. وضمن الحدود الضيقة التي تقلت فيها الموارد إلى مناطق التنمية» 
اصطدمت الخطة بالمشكلات نفسها التي واجهها ال هولنديون» من حيث Lel‏ أوجدت 
Oud‏ تتشكّلان من مستفيدين وغير مستفيدين في عيون الأفغان؛ إضافة إلى التقسيمات 
القبلية والتباينات بين الريف والمدينة؛ ما أدى إلى تفاقم عقلية المحصلة الصفرية 
الموجودة لديهم أصلاً. 

ذكرتني هذه الخطة بقصة رواها عجوز أذ فغاني في أوروزغان» عن منظمة غير 
حكومية حفرت بثراً لياه الشرب في قرية. حفر بئر مياه يعني أن المنظمة غير الحكومية 
وفرت مصدراً لياه الشرب لقرية تابعة لقبيلة بوبالزاي. وكانت بكرا رائعة أعطت مياه 
شرب نظيفة للقرية كلها. وقبل حفر البئر كان القرويون يحملون مياه الشرب من النهر 


284 


الفصل الثامن : العودة إلى واشنطن . . البنتاجون والبيت الأبيض 


صعوداً إلى القرية» وكانوا يعانون كثيراً. شاهد المسنون من القرية المقابلة على الجهة الأخرى 
من النهر وهم من قبيلة نورزاي» البئر الجديدة والمياه النظيفة وطلبوا من المنظمة غير 
الحكومية حفر بئر في قريتهم. اعتذر العاملون في المنظمة وقالوا إنهم لا يستطيعون حفر بئر في 
تلك الفترة؛ لأنه لا يوجد لديهم أموال كافية» ولكنهم سوف يتلقون مزيداً من الأموال في 
السنة المقبلة. وبدلاً من الانتظار بضعة أشهر ليروا هل كانت المنظمة غير الحكومية ستفي 
بوعدهاء قام رجال قبيلة نورزاي بتدمير البئر التابعة لقرية بوبالزاي. هكذا تجري الأمور في 
أفغانستان؛ "لا نستطيع أن نتقبّل رؤية منافسينا يحرزون شيئاً أفضل Me‏ 


كانت أقرب مرحلة نحو تطبيق استراتيجية شاملة في منتصف عام 2007 تتشكّل 
من خلال خطة الجنرال ديفيد بارنو» التي وضعها عندما كان يشغل منصب قائد القوات 
المشتركة في أفغانستان عام 2004. وما يزال (GM‏ نسخة مهترئة من تلك الخطة على مكتبي» 
تتضح فيها الخطوط المتعددة للعملية عبر القطاعات الدبلوماسية والمعلوماتية والعسكرية 
والاقتصادية. وقد x31‏ ثبتت السنوات أن الجداول الزمنية للخطة كانت مفرطة في التفاؤل» 
[aby VES GSN gh gl ttl ones Ul CaS‏ عل الحدل بعتورة Ane‏ 
بالاعتماد على قدراته الذاتية بحلول عام 2008. كما كانت تتوقع أن يتم نقل فرق إعادة 
الإعمار المناطقية إلى القيادة الأفغانية عام 2007. ولكن على الأقل وضعت تلك الخطة 
أهدافاً dod‏ ووضعت استراتيجية لتحقيق الأهداف» وحدّدت الموارد اللازمة لذلك. 
وكانت خطة الحملة التي وضعها بارنو واستراتيجية التنمية الوطنية الأفغانية» الوثيقتين 
all ell opal tall‏ اهدي the Sha Sy‏ جا (Minas‏ 
تشتها الحكومة الأمريكية» التي كان يُفترض أن تجمع وتركّز وتنظّم جهودنا الدفاعية 
والاستخباراتية والدبلوماسية والتنموية. وبالتأكيد, لم يصدر شيء من هذا النوع عن 
قيادة حلف الناتو. 


ولكن خلال الجدالات الدائرة في البنتاجون وواشنطن تجاه السياسات» بدا OLS‏ 
كل مسؤول أمريكي تقريباً بين الرئيس وبيني كان [hee‏ على إحداث تغيير في أفغانستان 


285 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقات القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


من خلال تغيير الإرادة السياسية لحلفائنا في الناتو» ومن خلال مطالبتهم بقوة لتوفير 
الموارد التي وعدوا بتقديمها. في نوفمبر 2006 عقد الناتو اجتاع قمة في ريغاء لاتفيا. 
وحضر الاجتاع رؤساء الدول» وبينهم الرئيس بوش الابن» وكان البند الرئيسي على 
أجندة القمة: تسلّم حلف الناتو مسؤولية إرساء الأمن في أفغانستان الشهر السابق. 
وضغط الرئيس بوش الابن على نظرائه لكي يزيلوا القيود والتحذيرات الوطنية» ولكي 
يبدأوا بإرسال جنودهم إلى المناطق التي يعصف بها الصراع في جنوب أفغانستان. وقبل 
انعقاد تلك القمة» كان الجنرال تيم جونز القائد الأعلى لقوات الناتو في أوروباء ورئيس 
الوزراء البريطاني توني بلير» والأمين العام لحلف الناتو جاب دي هوب شيفرء قد طالبوا 
بإرسال مزيد من التعزيزات إلى جنوب أفغانستان» ولكن طلباتهم قوبلت بالرفض. 
ورفضت ألمانياء وفرنساء وتركياء وإيطالياء وإسبانيا بتهذيب - ولكن بشكل حازم - 
الدعوات إلى إرسال جنودهم لمساندة القوات البريطانية والكندية وا هولندية في جنوب 
أفغانستان؛ بحجة أن الوضع خطير جداً وأن قواتهم "تتحمّل فوق طاقتها". أما الدول 
الصغيرة؛ مثل بولنداء والدانمارك» فقد وافقت على تقديم المساندة وقدمت ألف جندي 
إضافي» بينهم خسمئة مظلي. وهذا الرفض من جانب الدول الكبرى أسهم على ما يبدو في 
تعميق الانقسامات داخل تحالف إيساف؛ حيث كان "الحلفاء الذين يخوضون القتال" 
موجودين في الجنوب والشرقء بين "الحلفاء الذين لا يخوضون القتال" ينتشرون في 
الشمال والغرب.” 


1ن لسيكة Lee‏ کو 
أن عرفنا من خلال لقاءات بين مسؤولين من مستويات أدنى» أن ليس هناك طريقة تجعل 
الحلفاء في شمال أفغانستان وغربها يرسلون جنودهم إلى المناطق الأكثر خطراً في الجنوب 
والشرق. بالنسبة إلى الحكومة الألمانية» كان التصريح العلني بأنهم يخوضون حرباً في 
أفغانستان أمراً مثيراً للجدل والخلاف في برلين ويتعارض مع قوانين ألمانيا لحقبة ما بعد 
الحرب العالمية الثانية. وشخصياًء لم أكن أعتقد أن إرسال OU‏ والإيطاليين إلى الجنوب 
فكرة جيّدة؛ حتى لو وافقوا على الذهاب. لقد شاهدت بأم عيني» خلال الفترات السابقة 


286 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


من خدمتي في أفغانستان» مدى ضعف حلفائنا عسكرياً بعد تخفيض ميزانياتهم الدفاعية 
مع نهاية الحرب الباردة. كما شاهدت بنفسي مدى الاختلاف بينهم في التعامل مع 
استراتيجيات وتكتيكات لمحاربة التمرّد. بالنسبة إلى القوات الفرنسية الخاصة» كان هناك 
شعور كبير بالإحباط بين الجنود الذين كانوا يرغبون في الخروج والذهاب إلى الريف 
الأفغاني والاشتباك مع العدو» وحماية السكان المدنيين» وتوفير القدر الكاني من الأمن 
لمشروعات التنمية وإعادة الإعمار لكي تزدهر. كانت أيديهم مكبّلة بالاعتبارات 
السياسيةء ول يكونوا قادرين على تنفيذ المهمات الحجومية التي تتطلبها أحياناً مكافحة 
التمرد. ولن يؤدي نقل هذه القوات إلى الجنوب مع إبقاء القيود الوطنية الثقيلة المفروضة 
عليهم إلا إلى مزيد من خيبات الأمل والإحباط والآمال والوعود التي لم تتم تلبيتها 
لمساعدة الأفغان. 


خلال بقية عام 2007 وفي اجتماعات عدة لوزراء دفاع الناتوه كان الوزير 
الأمريكي غيتس يضغط مرة بعد أخرى على حلفائنا الأوروبيين لكي يرسلوا عدداً من 
الجنود الذين وعدوا بإرساهم ليتم نشرهم في أصعب المناطق» ولكي يتخلّوا عن 
محاذيرهم وقيودهم السابقة. ولكن طلبات غيتس كانت تقع على آذان pe‏ وني نهاية 
«Ul!‏ شعر غيتس باستياء شديد بسبب تعنت الأوروبيين وعدم وفائهم بوعودهمء 
وهدّد بسحب المروحيات الأمريكية من مهمة حفظ السلام في البوسنة وكوسوفو لكي 
يسد النقص في عدد المروحيات المطلوبة في جنوب أفغانستان. ولكن مكتب الناتو في 
البنتاجون عارض بشدّة هذا التهديدء وأرسل مذكرة طويلة جداً للوزير يشرح فيها BU‏ 
ستكون هذه الخطوة كارثية على التزامنا تجاه الحلف؛ ورفض مكتبي الموافقة على مضمون 
تلك المذكرة» وكنا نعتقد أن تبديد الوزير غيتس كان خطوة في المسار الصحيح. وأنشأنا 
مكتب سياسة مخصصاً حصرياً لإدارة قوة التحالف في أفغانستان (ومكتب السياسة في 
العراق الأصغر بكثير). وكان عدد من الدول الصغيرة» وخاصة في أوروبا الشرقية التي 
تسعى إلى كسب موافقة إدارة بوش على قضايا مثل دخوها تحت مظلة الدفاع الصاروخي 
أو الانضمام إلى حلف الناتوء قد تعهد بتقديم عدد قليل من جنود المساندة لكي تحصل على 


287 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الميزة السياسية كعضو في قوة إيساف. على سبيل SL‏ قدمت إستونيا 100 جندي» 
وهنغاريا 200« ومقدونيا 125 وسلوفينيا 70 جندياً.” وهذه الدول الأربع جميعها كان قد 
تم قبوها في عضوية الناتو منذ فترة قصيرة نسبياًء وهناك دول عدة كانت تريد التعامل 
بشكل مباشر أكثر مع الولايات المتحدة [من دون المرور عبر بوابة الناتو]. 


وفي أحد اجتماعات القمّة التي حضرتها بوصفي عضواً في الوفد المرافق لوزير 
الدفاع غيتس» أعلن المندوب السلوفاكي إرسال قوات إضافية للخدمة في ولاية 
أوروزغان. وقال الوزير بفخر حينذاك: "إن هذا القرار سوف يرفع عدد الجنود الذين 
أرسلتهم سلوفاكيا إلى أفغانستان إلى 125 جندياً عام 2008". 


وقال الوزير غيتس للوزراء الحاضرين: "أنا أشجع جميع الحلفاء والشركاء على 
الإسهام بأكبر قدر مكن» وخاصة في دعم جهودنا في أفغانستان".“ 


لديّ وجهة نظر مختلفة بشأن تجنيد أكبر عدد ممكن من الدول لإرسال جنود إلى قوة 
إيساف» ولو كانت الأعداد صغيرة جداً. إن هذه السياسة تفرض Kee‏ هائلاً على قدراتنا 
اللوجستيةء ومواردنا المتعلّقة با معدات» مقابل جني مكاسب عملياتية طفيفة؛ فهذه 
البوتقة التي تضم خليطاً من الدول التي تعطي جنودها تعليمات متباينة تفتقر إلى التنسيق 
والتناغم» أربكت الأفغان أيضاً. وخلال إحدى زياراي كشخص مدن إلى القيادة الأمنية 
الانتقالية المشتركة لأفغانستان» وهي منظومة أمريكية في أغلبها ومسؤولة عن تدريب 
الجيش الوطني الأفغاني وتزويده بالمعدات اللازمة» قابلث عدداً من الضباط والرقباء 
الأمريكيين المكلّفين بتدريب الأوروبيين ليقوموا بدورهم بتدريب الأفغان. وجميعهم كانوا 
يتذمرون بمرارة من أن المدرّبين الأوروبيين المرافقين للجيش الأفغاني كانوا يأتون ومعهم 
أجهزة لاسلكية غير متوافقة مع الأجهزة الأخرى للعمليات dy AS AL‏ تكن لديم 
أجهزة للرؤية الليلية أو لديهم عدد محدود منهاء وليست لديم قدرة حقيقية على دعم 
أنفسهم في ميدان القتال. وقد تحدثث بشأن هذا الأمر مع عدد من ضباط الجيش الأمريكي 


برتبة رائد ومقدم» وأخبروني أن ما استغرقه الجنود الأمريكيون من وقت وجهد لجعل هذه 


288 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


الفرق جاهزة» ولتوفير الإمدادات اللوجستية اللازمة لمساندتهم» لا تساوي المكاسب التي 
تحققت. وأوضح أحدهم: "لدينا 36 جندياً أمريكياً مقيدين هنا في القاعدة يحاولون إعداد 
فريقين من Ste‏ الناتو المرافقين للقوات الأفغانية» وكل فريق مكوّن من 12 رجلاً. 
وعندما جاء مدرّبو الناتو إلى هنا لم يكن لديم شيء قط. لم يكن لديهم مركبات» ولا 
أجهزة تشويش» ولا رشاشات ثقيلة ولا خفيفة» ولا أجهزة لاسلكي. كان يمكن أن 
نرسل الجنود الأمريكيين ال 36 مع القوات الأفغانية بدلاً من الجلوس هنا لكي ندرب 24 
Se,‏ أوروبياً". وهناك رائد آخر عبّر عن هذا الأمر بصراحة أكثر: "يا سيديء إن هذا 
غير منطقي وغير مقبول. هل مهمتنا في أفغانستان تدريب الأفغان أو الأوروبيين؟". 


el‏ وافق قائد قوات إيساف الجنرال دان ماك-نيل على هذا الرأي. وخلال 
اتصال فيديو عن بعد مع الوزير غيتس» قال ماك-نيل: "من فضلكء لا ترسلوا لنا المزيد من 
الأعلام"» مشيراً إلى خريطة أفغانستان المعروضة على الشاشة والمغطاة بعشرات الأعلام 
التي تمثل الدول المساهمة في قوة التحالف - إيساف. "إذا لم تكن القدرات المرسلة مفيدة 
ومهمة مثل المساندة بمروحيات» فنحن لا نحتاج من كل دولة idie‏ على الخريطة إلى أن 
ترسل دزينة جنود لقضاء فترة خدمة أربعة أشهر» وبذلك يستطيعون أن يقولوا لك إنهم 
أسهموا في الحرب عندما تزور عاصمتهم. يبدو الأمر وكأنهم يريدون تقديم تنازلات من 
جانب الولايات المتحدة بشأن قضايا أخرى» وهم يستخدمون مسألة إرسال مفرزة من 
الجنود إلى أفغانستان كورقة تفاوض. وإذا كان في مقدوري أن أكون صريحاً معك» يا 
سيدي الوزيرء فإنني أقول: لقد أصبحت مشاركتهم تشكل عبئاً علينا أكثر Le‏ تعطينا 


كر 


فائدة . 

إن المشروع cal‏ أصبح يتجسّد في الرواية السائدة والقائلة: إن مهمة الناتو في 
أفغانستان يجب أن تكون ناجحة لكى تظل هناك مسوغات لوجود الناتو. خلال المراجعة 
الداخلية لجهود الحرب عام 2007( قام عقيد من القوات الجوية الأمريكية» يعمل في 
المكتب الأوروبي في وزارة الخارجية بتلخيص هذا الرأي: "تنبهواء مع أن قوة إيساف 


289 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


تواجه تحديات حقيقية في أفغانستان في موسم القتال هذاء فإن الجهود بوجه عام كانت 
جيّدة حقاً بالنسبة إلى حلف الناتو. إن هذه المهمة ثبقي وجودهم مسوغاً. لقد أجبرتهم 
أفغانستان على المشاركة على نطاق عالمي» وأرهم مدى صعوبة حملات التدخل IA‏ 
لقد أرتهم Lal‏ أنهم في الحقيقة لا يمتلكون قدرات عملياتية |S WLS‏ كانت دول متعددة 
تتوخى منهم. والأهم من US‏ أن أفغانستان أظهرت أنه يجب على العواصم الأوروبية 
زيادة ميزانياتها الدفاعية. ولكنني أعتقد أننا يجب أن نكون حذرين» ولا يجوز أن نضغط 
عليهم أكثر نما ينبغي دبلوماسياً بشأن عدم وفائهم بوعودهم والتزاماتهم. وبصراحة» 
ob‏ الضغط يمكن أن يدفع حكوماتهم إلى أن تشعر بالإحباط ورب مغادرة أفغانستان» 
وهذا لن يكون جيّداً للتحالف". 


إن الجهود الأمريكية لم تكن خالية من الانتقادات أيضاًء بدءاً من سلسلة القيادة 
المعقدة والملتفة في كل مستوى من مستوياتباء وصولاً إلى الطرائق التي نستخدمها لقياس 
النجاح. وكان وزير الدفاع غيتس يعقد مؤتمر فيديو عن bey‏ كل ثلاثة أو خمسة أسابيع مع 
كبار القادة العسكريين التابعين له. وكانت الشاشة على الطرف البعيد من قاعة المؤتمر في 
قبو البتتاجون مقسومة إلى ستة مسارات؛ لكي تستوعب بيانات الفيديو المرسلة من قائد 
قوات إيساف. الجنرال دان ماك-نيل؛ وقائد القيادة المركزية» الأميرال ويليام فالون؛ وقائد 
قوات حلف الناتوء الجنرال بانتز كرادوك؛ وقائد القيادة الأمنية الانتقالية المشتركة 
لأفغانستان» اللواء روبرت كون؛ وقائد القيادة الإقليمية الشرقية» الذي تولى مسؤوليات 
مضاعفة في منصب القائد الأمريكي الأعلى في مسرح العمليات» العميد ديفيد رودريغيز. 
وكل واحد من هؤلاء الرجال كان له دور فريد» وسلسلة قيادة منفصلة في مسرح 
العمليات. وفي الحقيقة» كان يجب أن يكون لدينا على الشاشة عدد من القادة العسكريين 
الأمريكيين من قيادتين إقليميتين للقوات المقاتلة» بحيث يكون لدينا تمثيل مرئي مناسب 
لمشكلة القيادة والسيطرة ضمن الجهود الأمريكية. وكان ذلك المؤر يشكل صورة خالفة 
Us‏ للدقائق الثلاثين السابقة التي أمضاها الوزير مع فريق العراق. ففي جلسة العراق» م 


290 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


يكن هناك إلا وجهان فقط على الشاشة: قائد القوات الأمريكية في العراق» الجنرال ديفيد 
بترايوس؛ وقائد القيادة المركزية الأميرال فالون. 


وكان يشارك في هذه الاجتماعات أيضاً نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون أفغانستان 
وباكستان وآسيا الوسطی» ميتش شيفرز؛ ومساعد الوزير لشؤون آسياء جيم شين؛ 
ونائب مساعد الوزير المسؤول عن شؤون الناتوء دان فاتا؛ ووكيل الوزارة لشؤون 
السياسات إريك إدلمان؛ وممثلون من هيئة الأركان المشتركة. وكان عملي متابعة أي 


مهمات تأتي من الوزير. 


بعد تلقي تقارير من كل واحد من الجنرالات المذكورين بم| فيها من إحصاءات 
لسلسلة العمليات الجارية وعدد أفراد الجيش الوطني الأفغاني الذين تم تدريبهم» ازداد 
شعور الوزير بالإحباط على ما يبدو. وكان الميكروفون الذي يستخدمه مغلقاً؛ ولذلك كان 
كلامه مسموعاً للأشخاص الذين هم في الغرفة فقط. قال حينذاك: إنه قد مر عام تقريباً 
على بداية العمل» وما يزال يجد أن الوضع لا يصدق [غير مقبول]؛ حيث إن قائد قوة 
إيساف مع أنه جنرال أمريكي لا يرسل التقارير إليه عملياً؛ لأنه مقيّد بأوامر الناتوء 
ويرسل التقارير إلى الأمين العام للناتو. ىا كان الوزير يبدي الاستغراب؛ لأن قائد 
القيادة الأمنية الانتقالية المشتركة لأفغانستان وقائد القيادة الإقليمية الشرقية لا يرسلان 
التقارير حصرياً إلى قائد قوة إيساف» ولكنهم| يحملان "قبعات مزدوجة" [انتماءً 
مزدوجاً]» ويرفعان التقارير إلى قائد قوة إيساف» وإلى قائد القيادة المركزية أيضاً؛ بوصفهم| 
الضابطين الأمريكيين الأعلى رتبة في مسرح العمليات. وقال باستياء: "إذا كنت أنا لا 
أستطيع فهم مَنْ يرسل تقارير إلى مَنْ فلا يمكن أن يكون الأمر واضحاً بالنسبة إلى الرقباء 
والنقباء في ميدان القتال. يجب أن أكون صادقاً. عندما نعقد جلسة العراق أحصل على 
صورة واضحة عن المناطق والمجالات التي نحرز فيها تقدماًء أما عندما نناقش وضع 
أفغانستان» فإنني أسمع LIS‏ عن جهود عظيمة SL‏ ولكن لا يجوز أن نخلط بين 
الجهود وإحراز Medal‏ 


291 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


حضرت مؤتمرات فيديو عدة عن العراق» كانت تُعقد أحياناً إما قبل اجتماعات 
الوزير بشأن أفغانستان Lely‏ بعدها. وكانت هناك مسألة تظهر بوضوح على الفور. وخلال 
مناقشة وضع العراق» كان الجنرال بترايوس يتحدث عن القضايا السياسية وإعادة 
الإعمار؛ مثل التغييرات في البرلمان العراقي» وزيادة صادرات النفطء وتحسينات البنى 
التحتية. أما حول أفغانستان» فإن جوقة الجنرالات الذين يظهرون على شاشات التلفزيون 
كانت تشدّد على ضخامة نشاطات قوات التحالف» على حين كان الجنرال ماك-نيل 
يتحدّث عن عدد ol BVI‏ والقائمة المستمرة لأسماء العمليات التكتيكية؛ مثل "عملية 
اكلا بذاك مرة» سأل وزير الدفاع» "دانء أنا as‏ أفهم هل نحرز GY fas‏ 
هل نحقق مكاسب في LAY‏ التمرد؟ وإذا كنا نحقق مكاسب. فم المعايير التي تحدّد 
ذلك؟". 


أجاب الجنرال ماك-نيل: "يا سيادة الوزيرء لقد أرسلت إلى هنا لكي أجعل 
شركاءنا في حلف الناتو يشاركون في القتال. أستطيع أن أقول لك» يا سيدي» هم 
يشاركون في القتال كل يوم. قد يخوض بعضهم معارك AST‏ من الآخرين» ولكن في نهاية 
اليوم» نحن نقوم بملاحقة ومحاربة طالبان بطريقة يقةفعّالة. وأعتقد أن بعض حلفائنا 
ووسائل الإعلام الدولية صوّروا طالبان eel‏ يمتلكون قدرات أكبر بكثير ما يمتلكونه في 
الواقع. وهم في الحقيقة مجموعة هزيلة متشرذمة. ولا يستطيعون أن يشكلوا تهديداً 
استراتيجياً على أفغانستان". 


كنت جالساً في الغرفة ومعي دفتر ملاحظاتي» وكنت مذهولاً من كلام ماك-نيل» 
هل قال لتؤه إنه OLS‏ يلاحق طالبان ويحاربها؟ إن هذا التصريح يشبه إلى حد كبير 
استراتيجية الاستنزاف التي تبثاها [ويليام] وستمورلاند في فيتنام. 


توقف الوزير للحظةء وبدا وكأنه يحاول استيعاب تصريح الجنرال. نظر إلى 
الشاشة وقال: في الواقع يا cole‏ أنا أتذكر أنه في العام الماضي By‏ مثل هذا الوقت."كان 


202 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


مقاتلو طالبان هددون مدينة قندهار. وهذا يوحي لي أنهم كانوا يشكلون تهديداً استراتيجياً 
على GU‏ أكبر مدينة في أفغانستان". 


بعد أن انتهت مقابلات الفيديو وأصبحت الشاشة سوداء» أعرب الوزير غيتس عن 
شعوره بالإحباط أمام الموجودين في الغرفة. قال مبتسماً: Lef"‏ السادة» لدينا خلل في 
التواصل [تضارب في المعلومات] هنا. UT‏ أقرأ تقارير كثيرة واحداً بعد الآخر من وكالة 
الاستخبارات المركزية تقول: إن الوضع في أفغانستان يزداد سوءاً بوتيرة مرعبة. صدقوني 
أنا أعرف أشياء تدعو إلى التشكيك في مصداقية وكالة الاستخبارات المركزية" - وكان 
من الواضح أنه يلمح إلى الفترة التي عمل فيها في الوكالة في منصب نائب مدير الوكالة 
لشؤون التحليل - "ولكنني أشعر بالقلق. إن lee‏ وكالة الاستخبارات المركزية القائلة 
بأن الوضع يتدهور بصورة دراماتيكية لا تنسجم مع ما أسمعه من الجنرال ماك-نيل» 
والجنرال جون كرادوك, والسفير الأمريكي في أفغانستان ويليام وود» وغيرهم. GAS‏ 
شعور بأننا لا نحصل على الصورة الصحيحة. وأن الوضع ينقلب ضدنا".” 


قضينا الفترة المتبقية من عام 2007 في وضع كانت فيه سياستنا شبه مشلولة. 
واستمر العنف في التصاعد في كل منطقة من أفغانستان» واستمر ردنا يتمثل في مطالبة 
الناتو بتقديم المزيد. وأدرك المسؤولون في جميع مستويات PRA‏ الإداري أن هناك 
مشكلات خطيرة في سلسلة القيادة (في قوة إيساف التابعة للناتوء وفي الأنظمة الإدارية 
الأمريكية)» وأن هناك قصوراً في المواكبة وفي الاستراتيجية العامة. ولكن الحرص الشديد 
على تجنْب الفشل في العراق» هيمن على جميع المحادثات والنقاشات في واشنطن. 


كان أحد أعمالي الأخيرة في قسم السياسات التابع لمكتب وزير الدفاع المساعدة في 
تحضير الشهادة التي سيتلوها الوزير أمام لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ 
في ديسمبر عام 2007. وعندما سألته اللجنة عن الوضع الأمني العام في أفغانستان» أجاب 
الوزير:غيتسء "علينا الاغتراف ol‏ يؤداة Me gee‏ وأضاف أن هذا fe‏ ما يدو Jde‏ 
الطريقة غير الصحيحة في تقديم الخدمات الحكومية الأساسية؛ وإلى استشراء الفساد بين 


203 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


أفراد الشرطة الأفغانية المحلية. وأضاف أن هذا لا يعني أن هناك نقصاً في الالتزام 
العسكري الأمريكي. 


وقدم رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميرال مايك مولين» شهادته مع الوزير 
غيتس» وردّد السطر الشهير الذي لا ينسى في تلك الفترة» "في أفغانستان» نحن نفعل ما 


في أحد ehi‏ صيف عام 2007 أجبت على رنين BUN‏ في مكتبي في البتتاجون. 
"هل ترغب في العمل في البيت الأبيض؟". كان صوت ماري بيث لونغ» التي تشغل الآن 
منصب مساعد وزير الدفاع وهي مسؤولة عن شؤون إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا. 
لقد اتصل بها مكتب نائب الرئيس وطلبوا منها تزكية شخص ما ليشغل منصب مستشار 
لنائب الرئيس ديك تشيني لشؤون محاربة الإرهاب في جنوب آسيا. وقالت لي: "لقد 
el‏ أنني أعرف شخصاً قام بالعمل فعلاً ولم يدرسه فقط. ووضعت اسمك في 
القائمة» وعليك أن تثبت جدارتك" . 

كانت تلك المكالمة بداية سلسلة من المقابلات التي استمرت بضعة شهور مع 
أعضاء أساسيين من موظفي تشيني: مستشاره لشؤون الأمن القومي» جون هانا؛ ونائبة 
مستشاره لشؤون الأمن القومي» سامانثا رافيش؛ ونائب كبير موظفيه؛ ومستشاره 
القانوني» وآخرين. وخلال إحدى المقابلات» سألني مستشاره القانوني» "هل سبق لك أن 


كتبت أو نشرت أي شيء يتضمّن ازدراءً تجاه الرئيس أو نائب الرئيس؟". 


جاوبته» "كلاء لقد عملت في الحكومة والجيش طوال حياتي المهنية» لذلك لم أنشر 
أي شيء على الإطلاق". 


ورد عليه قائلاً "حسناً. هل تختلف» بشكل جوهري» مع أي سياسات أو قرارات 


سياسية اتخذتها إدارة بوش؟". 


204 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 
جاوبت من دون تفكير» "نعم» بكل تأكيد". 


قال لي المستشار» وهو ينظر G‏ مدهوشاً: "حقاً؟". وكان من الواضح أنه معتاد على 
طرح قائمة الأسئلة وساع أجوبة روتينية. 


قلت له: "أنا آسف» أعرف أن هذا الجواب ربا يعد صريحاً أكثر ما ينبغي في مقابلة 
عمل col gS‏ ولكنني سأكون غير صادق إذا قلت إنه لم تكن هناك قرارات لا أوافق عليها 
طوال السنوات الماضية". في هذه اللحظة حدثت وقفة طويلة في المقابلة. وقلت aJ‏ 
"ولكن لهذا السبب بالضبط آنا هنا. أنا أؤمن بضرورة وجود صوت صادق في المكتب» 
والتأثير في القرارات من داخل دائرة صنع القرار. من السهل أن تجلس خارج الدائرة 
وترمي القنابل". وحدثت وقفة طويلة أخرى في سير المقابلة» ما جعلني أشعر PIL‏ 


2 


أخيراً قال لي: the"‏ طيباً. آمل أن أراك قريباً". 


استمرت المقابلات» وعمليات التدقيق والتحقق» وإجراءات شؤون الموظفين بين 
البتتاجون والبيت الأبيض شهوراً عدة. واستدعتني سامانا لإجراء المقابلة الخامسة. 
وقالت لي: "أنا آسفة OY‏ هذه الإجراءات تستغرق فترة طويلة جداً» وتبدو Lef‏ مفرطة 
بعض الشيء. إننا نقدّر الحذر بشكل كبير في هذا المكتب» وهو أمر مهم بالنسبة إلينا أن 
نتأكد من أن الأعضاء في فريقنا الصغير هنا يدعمون رب العمل ويمتلكون الصفات 
المناسبة. سوف يكون لديك ملف واسع جداً وفعّال جداً مع خط مباشر لتقديم 
المعلومات من DIE‏ أو من خلال جون إلى نائب الرئيس. إن هذه المناصب فيها الكثير من 
الاستقلالية". 


شكرتها على الفرصة» وذكّرتها أنني لست عجوزاً fat‏ شهادة دكتوراه في الشؤون 
السياسية لجنوب آسيا. 


205 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


ابتسمت وقالت لي: "هذا شيء جيد. لقد قضيت الوقت الذي يقضيه معظم 
الناس في الحصول على شهادة جامعية في ميدان العمل الفعلى. وهذا pal‏ نادر في هذه 
المدينة. ما رأيك حتى الآن؟". 


خلال سير الحديث أوضحت لما بصراحة أن عدداً من الأصدقاء والزملاء 
نصحوني بعدم قبول هذا المنصبء وقد ذكروالي الأسباب المتوقعة: لايجوز أن تذهب 
للعمل لمصلحة دارث فيدر [الشخصية الشريرة في فيلم حرب النجوم]؛ سوف تصبح 
مصدر شبهة بعد أن تذكر "مكتب نائب الرئيس" على سيرتك الذاتية؛ الديمقراطيون 
يمكن أن يصلوا إلى الرئاسة عام 2009ء ولن تكون قادراً على العودة إلى البتتاجون» وما 
شابه ذلك. أوضحت ها أنني توصّلت إلى نتيجتين: الأولى أن معظم الأشخاص الذين 
أعطوني تلك النصيحة كانوا موظفين مدنيين. وكنت متأكداً تماماً أنني لا أريد أن أكون 
موظفاً حكومياً يمضي حياته كلها في البنتاجون» ولذلك لم أكن قلقاً بشأن العودة إلى 
البنتاجون. ot‏ وهو الأهمء نحن جميعاً هناك لنخدم [بلادنا]» وليس علينا أن نقلق حول 
الصورة التي ستبدو عليها الأشياء في سيرتنا الذاتية. أخبرتها: سوف أكون فخوراً إذا 
YL‏ الانضمام إلى الفريق» وسوف أنصح نائب الرئيس بقدر استطاعتي. 


وبعد شهر آخر من الإجراءات الورقية واستيفاء المستلزمات البيروقراطية لشؤون 
الموظفين» بدأت العمل في الطرف الشمالي من البيت الأبيض» واقتربت من مبنى مكتب 
آيزنهاور الرئاسي عبر الجناح الغربي للبيت الأبيض» وهو بناء مهيب يشبه القبو وله هيكل 
رمادي ضخم كان يضم وزارة الخارجية» ووزارة الحرب» ووزارة البحرية قبل الحرب 
ALLS‏ الثانية. والديكور الداخلي للمبنى من العصر الفيكتوري» والأرضيات مربعات 
من الرخام» وله سقوف عالية وأعمدة قوية» وفيه بعض السلالم التي تعد الأجمل في 
واشنطن كلها. وهو الآن مقر أغلب الموظفين المساعدين للرئيس ونائب الرئيس» بدءاً من 
كتاب الخطابات» إلى سكرتاريا السفر» وانتهاءً بأعضاء مجلس الأمن القومي. وكان موظفو 
الأمن القومي التابعون لنائب الرئيس في وسط المبنى» في مكاتب ذات أقفال مشفرة. 


296 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


EEE Ea E 
ويبر» شخصاً محترماً ومحامياً ذكياً جداًء وكان يعالج جميع القضايا بجرعة كبيرة من‎ 
السخرية» وكان ببساطة يصعد السلالم لكي يؤدي دور المدير الأول لشؤون جنوب آسيا‎ 
علاقة سابقة مع المدير‎ GS لأنه كانت‎ Lal he في مجلس الأمن القومي. وكنت‎ 
الأول لشؤون أفغانستان بين موظفي مجلس الأمن القومي» وهو العقيد جون وود» وهو‎ 
ضابط هادئ يتمالك نفسه في كل الأحوال ويمتلك بصيرة ثاقبة؛ عملت معه سابقاً عندما‎ 
كان في هيئة الأركان المشتركة. وهكذاء كان المكتب الوحيد الماثل الذي يجب علي أن أقيم‎ 
معه علاقات جديدة هو مديرية مكافحة الإرهاب التابعة مجلس الأمن القومي» تحت‎ 
رئاسة مساعد الوزير السابق لشؤون الخزانة خوان زاراتي. أوضح لي خوان على الفور أنه‎ 
يريد أن يكون مدا بأكبر قدر ممكن من المعلومات» وأخبرني أن لديّ دعوة مفتوحة لحضور‎ 
الاجتماعات الأسبوعية مع الفريق الأمني لمكافحة الإرهاب» وأنني سوف أكون ضمن‎ 
القائمة المرخص ها لحضور اجتماعات أشد حساسية لفرق صغيرة حول قضايا مختلفة‎ 
ومتعلّقة بالإرهاب. وعلى الفور تأقلمت وأصبحت قادرا على مجاراة نظرائي وزملائي في‎ 
مجلس الأمن القومي» وتطلعتٌ إلى أن أساعدهم في توجيه السياسة الملائمة وصوغها.‎ 


كان اهتمامنا الرئيسي هو إطلاع نائب الرئيس على أوضاع المناطق المخصّصة لكل 
Ue‏ من العالم» وتقييم الأحداث ومناقشتها نيابة عنه على مستويات متعدّدة؛ ونظراً إلى أن 
مكتب نائب الرئيس ليس له دور رسمي في عملية صناعة القرار بين المؤسسات المعنية» كا 
هي الحال بالنسبة إلى وزارة الخارجيةء ووزارة الدفاع» وموظفي مجلس الأمن القومي» فإن 
فاعليتنا كانت تعتمد بشكل AS‏ على امتلاك علاقات قوية فيا بين المؤسسات. مضى 
أسبوع عادي كان حافلاً بالتتحضير لاجتماعات المؤسسات المعنية في غرفة العمليات في 
البيت الأبيض» وحضور تلك الاجتماعات» وهي تشمل الاجتماعات الأسبوعية للجنة 
النواب لشؤون أفغانستان برئاسة "قيصر الحرب" [المستشار الحربي] الممثل للرئيس 
الفريق دوغ لوت. وكان لوت يشغل سابقاً منصب رئيس مكتب العمليات التابع لهيئة 
الأركان المشتركة (3-[)» وقد احتفظ بالمنصب نفسه في القيادة المركزية للقوات الأمريكية» 


207 


المحارب الدبلومامي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وقد تم جلبه إلى البيت الأبيض؛ ليشغل منصب مساعد الرئيس ونائب مستشار الأمن 
القومي لشؤون العراق وأفغانستان. وكان القصد من هذا المنصب هو إيلاء مزيد من 
الاهتمام هاتين الحربين» على حين يقوم مستشار الأمن القومي بالتركيز على بقية مناطق 
العالم. وعلى الرغم من كلمة "النائب" في المسمى الوظيفي» فقد تعلّمت بسرعة أن القسم 
الأول من المسمى الوظيفي هو المهم في تراتبية وظائف البيت الأبيض أكثر من القسم 
الثاني. ومسمى "مساعد الرئيس" يعني أنه يتمتع بصلاحيات التواصل المباشر مع 
الرئيس بوش» ويجب عليه التنسيق مع مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي» وليس 
التواصل من خلاله. فعلى سبيل المثال» يمكن تكليف شخص ما بمنصب مساعد الرئيس 
وكبير البوابين» ومن الناحية الفنية يكون منصبه أعلى من نائب مساعد الرئيس ومن نائب 
مستشار الأمن القومي. إن الميزة الأكثر أهمية هي إمكانية التواصل مع القائد العام. 


إن تعيين لوت في هذا المنصب يعني إعطاء eleal‏ أكبر لحربي أفغانستان والعراق من 
جانب البيت الأبيض» ولكنني كنت أشك في جدوى ذلك بالنسبة إلى أفغانستان. كان 
لوت يتولى منصباً قيادياً في العراق» ولكن في القيادة المركزية وهيئة الأركان المشتركة كان 
يركز بشدّة على النقاشات حول LAS‏ تغيير مسار الأحداث في العراق. في المقابل» ل يود 
لوت أي خدمة ميدانية في أفغانستان قبل تعيينه في منصب "قيصر الحرب". ولست 
متأكداً إن كان قد زارها من قبل أو لا. وكان من الواضح أنه جرى توظيفه للتركيز على 
وضع العراق؛ ومع ذلك فقد زاد عدد موظفيه لشؤون أفغانستان في مجلس الأمن القومي 
من اثنين إلى dnd‏ وبصورة دراماتيكية ارتفع عدد الاجتماعات حول مجموعة موضوعات 
في سياستنا تجاه أفغانستان التي كانت بحاجة إلى pleal‏ من أعلى المستويات. 


بالشكل العادي كنت أحضر اجتماعات ad‏ النواب لبحث شؤون أفغانستان كل 
أسبوع» واجتماع آخر حول باكستان مرة كل أسبوعين؛ واجتماع الفريق الأمني لمكافحة 
الإرهاب برئاسة جوان كل يوم اثنين؛ واجتماعات لجحنة النواب للشؤون المتعلّقة بمكافحة 


الإرهاب حول اليمن أو الصومال» واجتماعات متعددة أخرى بمستويات أدنى. إن لجان 


298 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


النواب تضم Bole‏ المسؤول الثاني أو المسؤول الثالث في كل جهة» على حين أن لجان 
المديرين تضم الوزراء ويترأسها مستشار الأمن القومي. أما في البنتاجون» عندما كنت في 
منصب مدير قسم السياسات تجاه أفغانستان» فقد كان يجب علّ المطالبة ببعض الوقت 
من ميتش شيفرز أو جيم شين لكي يعطياني ملخصاً حول ما دار في اجتماعات لجان 
النواب التي حضراها بصفة "عضو إضافي"» (وهذا المصطلح يستخدم للأشخاص 
الذين يجلسون في الكراسي المحاذية للجدار» على أحد جانبي طاولة غرفة العمليات 
ويسجلون ملاحظات لتقديمها إلى مديريهم). وهذه الملخّصات كانت مهمة جداً بالنسبة 
إلى فريقنا لكي نقوم بواجباتنا بصورة فعّالة» وهي واجبات كان يمكن أن تكون مستحيلة 
لولم تكن لدينا معرفة جيدة بالأمور التي تم اتخاذ قرارات بشأنها - (أو غالبا لم يتم SLAI‏ 
القرارات بشأنها) - في اجتماعات البيت الأبيض. وفي منصبي الجديد» كنت أحضر 
شخصياً هذه الاجتماعات جميعها. وحتى بصفة "عضو إضافي"» كنت قادراً على متابعة ما 
يحدث في الاجتماعات بين المؤسسات المعنية بشكل أسبوعي. 


م أكن بأي شكل من الأشكال عضواً في الدائرة الداخلية التابعة لنائب الرئيس. لقد 
تعاملت معه بصورة مباشرة فقط عندما كان يتناول القضايا التي تقع ضمن اختصاصي»› 
أو عندما كان يعقد اجتاعاً مع مسؤول ما من جنوب آسيا. ونظراً إلى تعدد مسؤولياته 
الكبيرة التي تتطلب معالجة مجموعة واسعة من القضايا المحلية» والقضايا السياسية» 
وجمع التبرعات والأموال» ومسؤولياته في مجلس الشيوخ وبقية العام كله كان يتعامل 
dole‏ مع الجزء الذي يقع ضمن تخصّصي من العالم نحو مرتين أو ثلاث مرات في الشهر. 
وكان تدخلي يتألف دائ تقريباً من تقديم ملخصات تمهيدية قبل اجتماع مجلس الأمن 
القومي مع الرئيس» أو حضور gler‏ في مكتب نائب الرئيس مع الشخصية الزائرة؛ مثل 
الرئيس الأفغاني كرزاي أو الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري. وكانت لديّ فرصة 
OY‏ أكتب عدداً من الوثائق والمذكرات الحكومية» التي كنت آمل Lef‏ ستؤثر في تفكيره» 


حتى إن حدث ذلك في وقت متأخر من عمر الإدارة. 


299 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


كان نائب الرئيس ديك تشيني منسجاً مع شهرته؛ حيث كان سلوكه مهذباً ولكنه 
في الوقت نفسه كان يخفي مشاعر الألم والسرور. وكان الأمر مثيراً للخوف عندما نتذكر 
أنه حين كان في منتصف الثلاثينيات من عمره» شغل منصب كبير موظفي البيت الأبيض 
مع الرئيس جيرالد فورده ثم أصبح زعيم الأقلية في مجلس النواب» ثم وزيراً للدفاع» ثم 
الرئيس التنفيذي لشركة هاليبيرتون وهو في طريقه ليصبح نائب الرئيس؛ وكان نائب 
الرئيس الأكثر نفوذاً في التاريخ الأمريكي. وكا كان متوقعاً من شخص مثله» فإن تقديم 
التقارير له كان طريقاً باتجاه واحد مع ملاحظات ارتجاعية قليلة جداً. وعادة ما كانت 
سامانثا أو جون أو أنا نعرض ملاحظاتنا ونتلقى جواباً ختصراً جافاً "شكراً. جهد 
طيب". وني إحدى المرات أطلعت نائب الرئيس على وثيقة بعنوان: "لكي نعود إلى 
أفغانستان» لسنا مضطرين إلى الخروج من العراق"» وكانت الورقة تحليلاً قمت بتحضيره 
عن الانتشار العسكري للولايات المتحدة خارج العراق وأفغانستان. وقد ركز التحليل 
على عمليات الانتشار القديمة لقواتنا في سيناء بمصرء والبوسنة» وكوسوفوء وكورياء 
والقوات العائمة على متن السفن في حال نشوب أزمات. ووصفت له الوضع الأمني 
المتدهور في جنوب أفغانستان وشرقهاء والالتزامات الحالية للقوات الأمريكية. كما 
راجعت طلبات الجيش المتكرّرة والمعلّقة لإرسال قوات إضافية» وعدم ترجيح احتمال أن 
يقوم حلفاؤنا في حلف الناتو بتلبية هذه الطلبات. ثم أوضحت أننا غير جبرين بالضرورة 
على سحب قواتنا من العراق لتعزيز موقفنا في أفغانستان؛ حيث يمكن أن نسحب جنوداً 
من تلك المهمات القديمة بدلا من العراق. ومع أن الأمر قد يسبّب إشكالية في التزاماتنا 
تجاه حلفائناء فقد EL,‏ أن تقبّل المخاطرة بتلك العلاقات أفضل بكثير من الاستمرار في 
قبول الوضع المتدهور في أفغانستان» وانتظار توفير بعض الموارد من العراق. وبعد بضعة 
أسئلة تلقيت رد نائب الرئيس» "شكراً يا مايك. عمل جيّد". ولم يكن لديّ أدنى فكرة إذا 
ما كان قد وافق على sl‏ أو أنه اعتبره أغبى شيء سمعه في حياته. 


خلاصة القول» كان تشيني يمسك بأوراقه بإحكام» وعلاقاته مع الرئيس كانت 
سرية جداً. ولكن كنا نتوصّل إلى معرفة بعض النتائج بطرائق أخرىء أحياناً كنا نسمعه 


300 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن . . البتتاجون والبيت ae‏ 


يردد في اجتّاعات لاحقة قة الأفكار الرئيسية المأخوذة من مذكرة قمنا بصوغها نحن. وبعد 
أسابيع من تقديمي تلك الاقتراحات» ذهب نائب الرئيس تشيني برفقة الرئيس بوش 
الابن لحضور اجتماع في البنتاجون في قاعة اجتماعات تُدعى "ذا تانك" وتُعرض فيها 
المعلومات التقنية مع رؤساء أركان فروع القوات المسلحة» وطلب تحليلاً لوضع القوات 
المتوافرة خارج العراق» وهي التي يمكن نشرها في أفغانستان. كما طلب تحليلاً مقارناً 
للمخاطر المترتبة على استمرار تضاعد العنف في أفغانستان مقارنة بمخاطر مواجهة 
الالتزامات العالمية الأخرى بعدد أقل من الجنود الأمريكيين. وعندما أخبرني جون عن 
طلبات نائب الرئيس» كدت أسقط عن الكرسي. ومما شجعني أنني سمعت أن اقتراحي 
قد أصاب Gall‏ أخيراًء وأن وضع أفغانستان لا يجوز أن ينتظر الإمدادات من العراق. 


هناك مستشار خبير في البيت الأبيض أعطاني نصيحة حكيمة بعد وصولي بوقت 
قصير. قال لي على مائدة الغداء: "حدّد أشياء قليلة تريد إنجازهاء ليس أكثر من ثلا 
أشياء إلى خمسة. مهمتك الآن تشمل جنوب آسيا والعالم كله تحت محاربة الإرهاب» 
وما يزال هناك بعض الأشياء المهمة التي يجب أن تنجزها هذه الإدارة". القائمة الخاصة 
بأفغانستان سهلة: إعادة توفير الموارد والقيادة الأمريكية في جنوب أفغانستان (مدنية 
وعسكرية)؛ وإصلاح مشكلات القيادة والسيطرة؛ وتقديم تعهد طويل الأجل لبناء 
الجيش الوطني الأفغاني؛ وإعطاء قواتنا الإذن لكي تعمل إلى جانب ميليشيات القبائل 
كجهد مساند ومكمل يعتمد على مبدأ "اقتصاد القوة" [من مبادئ كلاوزفيتز/ المترجم]. 
كنت أعرف أن هذه الأمور أهداف ذات طبيعة عسكرية» ولكنني كنت مقتنعاً OL‏ توفير 
القليل من الأمن كان مطلباً ضرورياً لكي نتمكّن من تنفيذ استراتيجية سياسية أو 


“ - 


في التعامل مع باكستان كان يجب علينا أن نغير طبيعة علاقتنا. وبعد قراءة تقاريرء 
أسبوعاً بعد أسبوع عن دور باكستان في دعم التمرد» أصبحت مقتنعاً بأننا كنا نسير في 
المسار الخاطئع. كان يجب علينا أن نحافظ على باكستان كدولة حليفة» وكان الباكستانيون 


301 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


مقتنعين بأننا نحتاج إليهم أكثر ما يحتاجون إلينا. وكنت أنا مستعداً لدفع قيادتنا إلى أبعد 
مدى ممكن» نحو استخدام عصا أغلظ. لقد جربنا الجزرة لسنوات» ولم تكن مجدية. وكان 
ينبغي لنا أن نتخذ موقفاً أكثر حزماً في علاقتنا وفي سياستنا لمكافحة الإرهاب. وكان 
ينبغي لنا أن نقلل اعتمادنا على طرق الإمدادات البرية عبر باكستان» بتنويع الطرق التي 
توصلنا إلى أفغانستان. 


هناك بضع قضايا مهمة أخرى» كنت أحاول أن أقدم مساندتي لمعالجتها في 
اجتماعات بين المؤسسات الحكومية المعنية على مستويات أدنى» وكنت أقوم بإطلاع جون 
ونائب الرئيس عندما يريدان تقييم الموقف. وكان الرئيس ووزارة الخارجية مصمّمين على 
تعزيز العلاقات الأمريكية-الهندية من خلال صفقة نووية مدنية. وهذه الصفقة تيح 
للولايات المتحدة نقل تكنولوجيا نووية سلمية إلى ا هند» على الرغم من رفض اند توقيع 
معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وقد دعمت هذه الخطوة» وشجعت نائب الرئيس 
على أن يطلب من باكستان عدم التدخل في تلك الصفقةء كما راقبت قضايا أخرى عن 
كثب؛ مثل حملاتنا ضد تنظيم القاعدة في اليمن والصومال» وجهودنا لمساعدة الرئيس 
فيلبي كالديرون في المكسيك في حربه ضد عصابات المخدرات المحلية. 


a A‏ مك جو و ا وا 
ئة" لنائب الرئيس. فكل فرد من موظفي الأمن القومي التابعين لنائب الرئيس كان 
ا 
نمتلك الحرية LLG OV‏ الضوء على أي قضية لجذب انتباهه؛ مثل جزء مهم من معلومات 
استخباراتية حيث نضع تعليقاً عليه؛ أو موقف بشأن قضية تم تبنيه من قبل البنتداجون أو 
وزارة الخارجية وسيتم عرضه على لجان النواب. ولقد قلصت ملاحظاتي بعناية وحددتها 


e 


$ رد 
ضمن جوانب متعددة من قائمتى تي القصيرة للموضوعات التي أريد أن أؤثر فيها. 


وقبل أن أبدأ في إحداث HE‏ في هذه القضاياء كان يجب أن أحصل على إذن 


302 


الفصل الثامن: العودة d‏ واشنطن . . البنتاجون والبيت الأبييض 


مكتب الأمن الخاص بالبيت الأبيض؛ ومع مديرية إصلاح الاستخبارات التابعة مجلس 
الأمن القومي» وهي التي يترأسها ستيف سليك» وهو ضابط عمليات لفترة طويلة في وكالة 
الاستخبارات المركزية» ومستشار سابق لنائب مدير الوكالة جون ماك-لوغلين. جلست 
ساعات وأنا أقرأ رزماً من الوثائق في غرفة اجتماعات صغيرة داخل مكان آمن. وكان معظم 
تلك الوثائق يلق برام أنشفك نشئت في أعقاب صدور أوامر الرئيس الموقعة في 17 سبتمبر عام 
2001 وهي التي حددت هيكل السياسة المطبقة في الحرب على الإرهاب. وكانت 
سياسات التعامل مع تنظيم القاعدة صريحة ولا هوادة فيهاء وكذلك التعامل مع أي 
تنظيمات عالية متطرفة مرتبطة بتنظيم القاعدة. وكان بعض تلك الوثائق مدهشاً ومفيداً. 
وكنت أعتقد أنني حصلت على إذن رفي فيع المستوى بالاطلاع على الوثائق عندما كنت في 
البنتاجون. ولكنني الآن عرفت أن هناك سلسلة طويلة من المستويات الأعلى لتصنيف 
السرية لم أكن أعرف عنها أي شيء. وعرفت كيف تقوم إدارات الأمن القومي المعنية؛ 
مثل: وزارة الدفاع» والخارجية» ووكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة SLAY‏ 
القرارات وصوغ الآراء - جزئياً أحياناً - من دون دراية. ودُهشت عندما وجدت أن بعض 
البرامج الفائقة السرية كانت بسيطة جداً وجديدة نسبياًء وتسبب خيبة أمل حقيقية عندما 
نضع في الحسبان أن دافع الضرائب العادي كان يعتقد Lal‏ أنجزنا هذه البرامج منذ سنوات. 


وكانت هناك برامج أخرى اسمها الرمزي فقط ما يزال على اللائحة السريّة» من 
دون ذكر تفاصيل؛ وتوجهت إلى وكالة الاستخبارات المركزية وطلبت منهم تفسيراً 
Goel‏ حول برنامج محدّد بعينه» شعرت بأنه أحد البرامج التي يرغب نائب الرئيس في 
الحصول على معلومات عنها. وسرعان ما عرفت ماذا يعني أن تطلب اجتماعاً من أجل 
موظف لدى نائب الرئيس تشيني. وكنت أعتقد بسذاجة أنني سوف أحصل على نقاش 
غير رسمي من مستوى مبسّط عن البرنامج وتأثيراته؛ ولكن كان يجلس إلى الطاولة في 
مركز مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية نائب مدير الوكالة» وهو مدير 
العمليات» والأهم من ذلك أنه كان المستشار القانوني للوكالة. سألت عن معلومات حول 
القيادة العليا لتنظيم القاعدة» وحول العمليات عبر الحدود» وآليات التعاون بين الجيش 


303 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


ووكالة الاستخبارات المركزية» ومدى كفاءة جهودنا في التنسيق مع أجهزة الاستخبارات 
الأفغانية. وللحصول على معرفة استراتيجية أعمق حول إسهام وكالة الاستخبارات 
المركزية» سألتهم هل كانت ميزانيتهم متناسبة مع المهمات الضخمة التي تنتظرهم في 
أفغانستان وباكستان؟ وعرفت أن تمويلهم يعد ضئيلاً جداً با مقارنة مع إنفاق الجيش» 
ولكن دورهم في رأيي» لا يقل أهمية عن دور الجيش» ويستحقون كل الدعم الذي أستطيع 
أن أقدمه لهم في البيت الأبيض. وبعد ثلاثين دقيقة من الأجوبة بكلمة واحدة عن أسئلتي» 
رأيت أن الاجتاع لم يعد له فائدة. والأجوبة القليلة التي أعطوني إياها كانت تتم عادة بعد 
إلقائهم نظرة خاطفة إلى محامي الوكالة. 

توقفت عند مكتب سامانثا بعد عودتي» وأخبرتها با دار في اللقاء. ابتسمت» وقالت 
لي بسخرية: "مرحباً بك في مجتمع الاستخبارات الذي يُفترض أن يكون غير سياسي. 
افعل ما في وسعك لكي تظل Lele‏ على أحدث تطورات ذلك البرنامج. هو شيء يحظى 
باهتمام Sy‏ عملنا. جوان زاراتي وستيف سليك شخصان جيدان وسيعملان معك". 


كان العمل مع سامانثا رائعاً. وهي خبيرة لفترة طويلة في الشؤون المالية الدولية» 
لآسياء والشرق الأوسط» وهي تخدم ضمن فريق موظفي الأمن ن القومي التابعين لنائب 
الرئيس منذ بداية عهد إدارة بوش -تشيني. وقد نجحث في السير على ذلك الخط الرفيع 
الفاصل بين أن تكون قاسية كالمسار وعاطفية عندما تعرض آراءها في الاجتماعات بين 
المؤسسات المعنية» ولكنها كانت رقيقة وقليلة التدخل عند التعامل مع موظفينا. وقد 
حدثت إحدى قصصي المفضلة عن سامانثا خلال أحد اجتماعات لجنة النواب حول 
ESL‏ وكان يترأس الاجتماع نائب مستشار الأمن القومي حينذاك» جيمس جيفري. 
واستمر glee VI‏ أكثر من ساعة وغطى سلسلة موضوعات» بدءاً من الميزانية الهزيلة 
المخصّصة للدبلوماسية العامة التي تتبتاها SLI‏ الأمريكية في باكستان» وصولاً إلى 
وضع برامج المساعدات في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية التي ينعدم فيها 
القانون في باكستان. وبين كان جيفري يحضر أجندة الاجتماع» كانت سامانثا جالسة 
أمامي على طاولة الاجتماعات في غرفة العمليات» ورفعت يدها قليلاً. 


304 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


"أعتقد أنه أمر مهم» led‏ نحن نتحدّث عن برامج المساعدات في المناطق القبلية 
الخاضعة للإدارة الاتحادية والمساعدات العسكرية الأمريكية للجيش الباكستانيء ألا 
ننسى سبب وجودنا هناك هذه القوة الضخمة في المقام الأول. لقد أمضينا ساعة ونحن 
نتحدث عن باكستان» وأستغرب بشدة أنه لم oh‏ ذكر أسامة بن لادن أو أيمن 
الظواهري". 


ذكرها جيفري أننا نقوم tole‏ بتغطية قضايا مكافحة الإرهاب في اجتماع منفصل 
ومنتدى مواز للسياسات مع مشاركة محدودة أكثر. 


أجابته سامانثاء "أعرف ذلك يا جيم. ولكنني أعتقد أنه من المهم بالنسبة إلى زملائنا 
هنا في وكالة التنمية الدولية ووزارة الخارجية أن يتذكروا أن أشخاص القيادة العليا في 
تنظيم القاعدة ما يزالون طلقاء» وهم على الأرجح في باكستان» وفي الوقت ذاته نحن GES‏ 
مليارات الدولارات على المساعدات في تلك الدولة لدعم حكومتها. أعرف أنه قد مضى 
على ذلك سنوات عدة» ولكنني أشعر بالقلق Le‏ وأخشى أن نكون قد أغفلنا Sab‏ 
هناء فكأننا نقدم المساعدات حباً بتقديم المساعدات فقط". 


Yel‏ جيفري» "هلا أوضحت قصدك بالضبط". 


قالت سامانثا وهي تضرب الطاولة براحة يدها: "أريد أن يكون موضوع مطاردة 
أسامة بن لادن الموضوع الأول على أجندة كل اجتماع يتناول وضع باكستان. أريد رأس 
أسامة مرفوعاً على وتد فوق مرج البيت الأبيض» قبل مغادرة هذا الرئيس للمكتب!". 

كتبت كلمة "نعم!" في دفتر ملاحظاتي. شاهدت بعض العيون تحملق وكأنها تريد 
a‏ "ها قك Ab pe TUE pole‏ تين الأغراز" . لقد فقد أثر أسنامة سن لأذن قفد 
مدة» ولذلك ل تتم مناقشة موضوعه. واختتم جيفري كلامه قائلاً: لقد انقضى زمن على 
آخر معلومات عن أسامة حصلوا عليهاء وسوف يوضع هذا الموضوع على الجدول".6 


305 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الطرفة كانت رمزية وهي تتعلّق بحقيقة أننا أغفلنا أهدافنا في أفغانستان ومنطقة 
جنوب آسيا بشكل أعم. وفي أوجه متعددة» كانت شبيهة بحال العيادة الطبية في منطقة 
أتشين شرق أفغانستان؛ حيث كانت نشاطاتنا ببساطة تكرّر نفسها على مستوى البلاد» 
ولم تكن تتجه نحو أهداف وغايات محدّدة. كما كان الوزير غيتس يوجّه اللوم خلال 
مؤتمرات الفيديو التي كان يجريها مع جنرالاته؛ حيث لم تكن معالم النجاح واضحة» ول 
يكن واضحاً هل كانت جهودنا تحرز أي تقدم نحو تلك الغايات أو لا. كان ذلك 
الغموض موجوداً بدءاً من غرفة العمليات في البيت الأبيض» مروراً بجميع الحلقات 
المعنية» وانتهاء بمراكز العمليات التكتيكية العسكرية في ولايات أفغانستان. فما مكونات 
النصر؟ وما الخطة لإحرازه؟ 


مع استمرار تصاعد العنف في أفغانستان في ربيع عام 2008( كانت الحماسة تتنامى 
في واشنطن لإصلاح هيكل القيادة والسيطرة. وأخيراً أصبح من الواضح أن قوات الناتو 
لا يُتوقع منها أن تكون قادرة على إنجاز المهمة في جنوب أفغانستان. وقام دوغ لوت» 
وجيم شينء وماري بيث لونخ» وإيليوت كوهين البروفيسور المرموق من جامعة جونز 
هوبكنز والمستشار القانوني لوزيرة الخارجية» بجولة موسّعة لتقصي الحقائق شملت كل 
أرجاء أفغانستان. وأعطيتٌ ماري بيث وجيم مجموعة أسئلة لطرحها على القيادة» وهي 
مستمدّة من خبرتي خلال خدمتي في أفغانستان عام 2006: هل يركز جهاز استخباراتنا 
على الأهداف المحدّدة بشكل مفرط؟ وهل استراتيجية التنمية التي نتبئاها منسجمة مع 
استراتيجيتنا لمحاربة التمرّد؟ وما الاستراتيجية التي WES‏ قوات إيساف لمحاربة التمرّد؟ 
وهل لدينا موارد كافية لتنفيذ الاستراتيجية؛ إذا كانت هناك استراتيجية أصلاً؟ 


من بين انطباعات لوت الكثيرة» أنه عاد ساخطاً جداً بسبب سلاسل القيادة المتعدّدة 
والمتكرّرة» وخاصة في جنوب أفغانستان. بدأ يعد على أصابعه سلاسل رفع التقارير 
المحصّنة بأسوار النار والتي انتقدتها أنا منذ زمن بعيد خلال اجتماع للجنة النواب حول 
هذه القضية: "الأول» قوات إيساف التقليدية إلى قائد إيساف؛ الثاني» القوات الخاصة إلى 


306 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


قوة مهام العمليات الخاصة المشتركة المجمّعة؛ الثالث» قواتنا في وحدات المهمات الخاصة 
عبر فريق مكافحة الإرهاب التابعين له؛ الرابع» فرق التدريب المرافقة إلى قوة "فينكس" 
الخاصة والقيادة الأمنية الانتقالية المشتركة لأفغانستان؛ الخامس» الجيش الوطني الأفغاني 
إلى وزارة الدفاع". وتوقف لوت لحظات وهو يبدل يده ويبدأ باستخدام أصابع الأخرى. 
وتابع قائلاً: "السادسء الشرطة الوطنية الأفغانية إلى وزارة الداخلية؛ وأخيراًء السابع» 
وهو حول الطرف الذي لا يراه جيداً أي شخص في هذه الغرفة؛ أي وكالة الاستخبارات 
المركزية مع وحدات الاستخبارات الأفغانية الشريكة لما. وفي أفضل الأحوال» يتم 
التنسيق بين طرف وآخرء ولكن ليس هناك شخص واحد مسؤول حقاً عنهم جميعاً". 


احتدم الجدل بعض الوقت حول كيف يمكن فهم الوضع؟ وتم التوضّل إلى إجماع 
في وزارة الدفاع الأمريكية dy‏ دوائر حلف الناتو fad‏ قائد قوات إيساف هو القائد العام 
لجميع القوات الأمريكية إلى جانب قوات الناتو. إن هذا سوف يحل المشكلة جزئياً» 
بسحب معظم قوات العمليات الخاصة والقيادة الأمنية الانتقالية المشتركة لأفغانستان 
ووضعها تحت قيادته. وقد عرضت الموضوع على نائب الرئيس في مذكرة» وقلت له إن 
نشر ذوي القبعات المزدوجة خطوة مطلوبة منذ زمن بعيد بقصد توحيد القيادة» ولكنها 
ليست كافية لحل مشكلة القيادة والسيطرة في أفغانستان. والمشكلة الأخرى كانت قيادة 
قوات إيساف ذات ال4 نجوم التي لديها مشكلات استراتيجية كثيرة جداًء وليس لديا 
الوقت للتركيز على الجوانب العملياتية لخوض الحرب. لم تتمكن قيادة إيساف من تلبية 
طلبات واشنطن» وقيادة الناتو في بروكسيل» واثنتين وأربعين عاصمة أخرى في أوروبا 
وآسيا ما جنود في التحالف» والسفارة الأمريكية في كابول» ومختلف الوزارات في 
الحكومة الأفغانية» والرئيس الأفغاني حامد كرزاي» ومع ذلك» ما تزال تدير الحرب يوماً 
بيوم. نحن بحاجة إلى قيادة متوسطة المستوى ب 3 نجوم تركّز على سحب القيادات 
الإقليمية الخمسء وقيادة التدريب وتجميعها على الصفحة نفسها. كان جندي القوات 
الخاصة القابع في داخلي يكره الضغط من أجل إحداث طبقة أخرى من المياكل الإدارية 
التي كان يجب the‏ التعامل معها في فترة خدمتي المقبلة» ولكن من مكان جلوسي في 


307 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


البتتاجون والبيت الأبيض» كنت أستطيع أن أرى أن القيادات الست ب "نجمتين" في 
أفغانستان كانت بحاجة إلى شخص ما لتنسيق جهودها. كما كنت أستطيع أن أرى أن 
القوات الخاصة بحاجة إلى صوت أقوى في قيادة إيساف» وبدأت أضغط من أجل إحداث 
قيادة للعمليات الخاصة ب "'نجمة" واحدة في كابول. وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها 
وجهود كثيرين غيري» لم نستطع أن نحصل على إجماع في حلف الناتو على إحداث قيادة 
للعمليات ب 3 نجوم» وفي وقت لاحق تمت تسميتها القيادة المشتركة المتوسطة حتى 
خريف عام 2009؛ أي لموسمين حافلين بالقتال فيم| بعد. 


وعند إحداث هذه التعديلات» كانت حدة القتال في أفغانستان تزداد بسرعة؛ ففي 
إبريل عام 2008» هاجم مقاتلو طالبان موكب العرض العسكري في احتفالات أفغانستان 
بيوم النصر في قلب كابول» وحاولوا اغتيال الرئيس كرزاي» ونجحوا في قتل بضعة 
مسؤولين رفيعي المستوى. وفي شهر يونيو من ذلك العام» حدثت سلسلة تفجيرات 
وهجرات في قندهار CxS‏ بعملية مدهشة هروب معتقلين من سجن ساربوزا؛ حيث تم 
تحرير مئات من مقاتلي طالبان الذين كانوا معتقلين في السجن. كا توج ذلك الصيف 
الدموي بعملية نفذها مقاتلو طالبان» وأبادوا فيها 5 تقريباً أفراد مركز قوات التحالف في 
قرية وانات في ولاية كونار [على الحدود الشرقية ية لأفغانستان]» ولقي في تلك العملية 9 
جنود أمريكيين حتفهم» وجُرح 27 آخرون. وني يونيو» فتحتٌ مجلتي الأسبوعية "آرمي 
تايمز "Army Times‏ في المكتب؛ حيث كنت أقرأ الإحصاءات الحديثة لأعداد الذين قتلوا 
في المعارك في ذلك الأسبوع قبل قراءة أي مقال آخر. وذهشت لطالعة أن عدد الإصابات 
في أفغانستان يساوي عددها في العراق أول مرة» على الرغم من حقيقة أن مستويات 
القوات الأمريكية في العراق كانت تعادل تقريباً ثلاثة أمثال نظيراتها في أفغانستان. 


وني اجتماع لمجلس الأمن القومي حول أفغانستان في ذلك الخريف» احتدم الجدال 
حول أسباب التصاعد الدراماتيكي في العنف. وحضر الاجتاع الجنرال ديفيد ماك- 
كيرنان» الذي حل محل الجنرال ماك-نيل في منصب قائد قوات إيساف في يونيو عام 


308 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


2008« وجلس إلى جانب ويليام وود» السفير الأمريكي في أفغانستان يتابعان شاشة مؤتمر 
الفيديو على الجدار البعيد في غرفة العمليات. عدّد ماك-كيرنان مجموعة أسباب لتصاعد 
العنف» ولكنه أرجع السبب الرئيسي إلى حقيقة أن قوات إيساف كانت تتقدّم بقوة إلى 
المناطق الخاضعة لسيطرة طالبان وهي التي لم مَس في السابق. 


كتبت في دفتر ملاحظاتي» "لقد قال إيكنبيري الشيء نفسه عام 2006". 


وكان السفير وود متفقاً مع هذا الرأي» "إن هذا التصوّر ob‏ كابول بحيط بها مقاتلو 
طالبان هو تضخيم للقضية. ينبغي لنا أن نبذل قصارى جهدنا للمحافظة على صورة 
إيجابية أمام وسائل الإعلام وأمام محاورينا. لم تكن الأمور تسير كما نرغبء بالطبع» ولكن 
كان من الضروري أن نحافظ على مظهر رسالتنا الاستراتيجية في صورة إيجابية". 


كانت التقارير الميدانية والتقارير القصصية» في الواقع» التي أتلقاها من عدد من 
زملائي في الجيش» تؤكد أن "الطريق الدائري" الشهير الذي ترعاه الولايات المتحدة منذ 
سنوات على أنه رمز لأفغانستان الجديدة» كان يتعرّض للضربات بشكل متكرّر بعبوات 
ناسفة وكائن تصل إلى أطراف العاصمة كابول. وعندما وصلت مفارز العمليات ألفا 
التي أنتمي إليها بعد سنة» في فترة خدمتي الثانية في أفغانستان» كان في مقدورنا استخدام 
الطريق الدائري فقط بقوافل عربات مصفحة aL‏ أو في الليل في عربات تسير من دون 
إشعال مصابيح؛ حيث يرتدي السائقون مناظير رؤية ليلية. أشرت إلى "أنه يجمع ما بين 
إعطائنا تقيي) داخلياً دقيقاًء وإضفاء صورة علنية إيجابية على الأشياء". 

أوضح الأميرال مايك مولين رئيس هيئة الأركان المشتركة» أن الرئيس بوش أمر 
بإرسال جنود إضافيين إلى أفغانستان خلال السنة الحالية. fey‏ الوزير غيتس عن قلقه 
بقوله إنه حتى مع وجود جنود إضافيين فنحن غير قادرين على حماية الأراضي التي 
حرّرناها من المتمردين» وتساءل مولين: متى سينظر الشعب الأفغاني إلى الولايات 
المتحدة على Lel‏ قوة محتلّة. "السوفييت نشروا في أفغانستان 120 ألف جندي وم 


309 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


يستطيعوا الصمود. ونحن يجب أن نكون حذرين بشأن عدم تجاوز الحد الذي ينظر فيه 
الشعب الأفغانى إلينا كمحتلين". 


ارتعبث من التفكير في هذا الموضوع. السوفييت قصفوا كل شبر في أفغانستان» 
ووضعوا الألغام متعمدين في الريف» ودمروا الاقتصاد الزراعي للبلاد» وفي الوقت ذاته 
حظروا الإسلام لمصلحة الأيديولوجيا الشيوعية الملحدة. ولم تكن الانتفاضة الشعبية 
الأفغانية ضد السوفييت مرتبطة بعدد معيّن من الجنود. وشعرت بقوة أن المستويات WL‏ 
للعنف والإحباط كانت ناجمة عن انعدام التزاماتنا تجاه الأفغان» وليس عن فرط التزاماتنا 
تجاههم. 

اعترفت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس أنها كانت تحاول تحقيق زيادة تماثلة في 
عدد المدنيين [المرسلين إلى أفغانستان]» ولكن التنفيذ كان أبطأ ما كانت تأمل فيه. 


فسر الرئيس بوش الابن التردد والتناقض في التصريحات» "بغض النظر عن 
الأسباب» يبدو وكأننا وقعنا هنا. ولست متأكداً هل كانت لدينا رؤية واضحة عن شكل 
الانتصار المنشود في أفغانستان أو لا". 

كان هناك وقفة طويلة. 

نائب الرئيس» تشينيء الذي لم يقل شيئاً طوال الساعة الماضية: AS‏ أخيراً. 
"سيادة الرئيس» أعتقد أننا فقدنا التركيز على أهدافنا القومية في أفغانستان» وعلى 
استراتيجيتنا لتحقيق تلك الأهداف» ولم نعد نعرف من هو المسؤول". ”هذا التعليق كان 
يعبر عن شخصية نائب الرئيس؛ قول الكثير بعدد قليل من الكلات» والذهاب مباشرة 


إلى صلب الموضوع. 


ترأس مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي Ed‏ المديرين بعد ذلك ببضعة أسابيع» 
وتوصل الجميع إلى نتيجة أن هناك حاجة إلى مراجعة شاملة لاستراتيجيتنا تجاه أفغانستان. 


310 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


ومع أنه لم يبق إلا مسة أشهر في عمر الإدارة» فقد أعطى الرئيس أوامر بإجراء مراجعة 
شاملة للموقف بين المؤسسات المعنية» مشامة للمراجعة التى ool‏ إلى زيادة عدد القوات 


في العراق. 

عقد لوت جاسة رفيعة المستوى بين المؤسسات المعنية» وحضرها نخبة من الذين 
يحضرون الاجتماعات الدورية للجنة النواب» لتحليل جميع جوانب "الخطوات المقبلة" في 
استراتيجية الولايات المتحدة تجاه أفغانستان. وكانت قائمة المشاركين تضم: مساعد وزير 
الدفاع لشؤون آسيا جيم شين؛ ومساعد وزير الدفاع لشؤون العمليات الخاصة 
والنزاعات المنخفضة الحدّة مايكل فيكرز (الذي له علاقات استثنائية عميقة بالمهمة في 
أفغانستان» يعود تاريخها إلى دعم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية للمجاهدين 
الأفغان في محاربة الجيش السوفيتي في ثانينيات القرن العشرين)؛ ومدير العمليات في 
هيئة الأركان الفريق البحري جيمس "جاي" باكستون؛ ومدير الخطط الاستراتيجية 
والسياسات برتبة نائب أميرال جيمس "ساندي" وينيفيلد؛ ومستشار وزارة الخارجية 
إليوت كوهين؛ ومساعد وزيرة الخارجية لشؤون جنوب آسيا ريتشارد باوتشر؛ وكبار 
المسؤولين من أجهزة الاستخبارات؛ وخبراء خارجيين؛ وبالطبع» طاقم مجلس الأمن 
القومي لشؤون أفغانستان. وكنت أنا أمثل مكتب نائب الرئيس. 


اجتمعت المجموعة الأساسية لممثلي المؤسسات المعنية والخبراء الخارجيون أول 
مرة في 22 سبتمبر عام 2008( وبعد ذلك عقدت سلسلة اجتماعات نحو عشرين مرق 
عادة لمدة أربع ساعات كل dy‏ وغالباً مرتين في اليوم الواحد, في غرفة آمنة من دون نوافذ 
في الطابق الرابع من المبنى القديم للمكتب التنفيذي. طلبت المجموعة مشاركة الأفغان» 
وعقد لقاء مع وزير الدفاع الأفغاني عبدالرحيم ورداك ومدير الإدارة المستقلّة للحكومة 
المحلية جيلاني بوبال. ىا حضر خلال سير الاجتماع بعض كبار القادة العسكريين 
والسفراء السابقين؛ ببدف مساعدة المجموعة في فهم المبادئ التي كانت JES‏ ركائز 
استراتيجيتنا في أفغانستان. وأمضى القائد الجديد للقيادة المركزية الجنرال ديفيد بترايوس 


311 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


ساعات عدة مع المجموعة» وكذلك فعل قائد قوات الناتو الجنرال كرادوك. وكانت 
مجريات تلك الاجتماعات تحليلاً دقيقاً للمصالح الأمريكية في أفغانستان» والأفكار حوهاء 
وعن الاستراتيجية والمخطط الخاصة بها. وسارت الاجتماعات وفق النمط الكلاسيكي 
للحكومة الأمريكية» وتوجت بسلسلة من التوصيات في ملخص بتقنية "الباور بوينت"» 
تمت مراجعته خلال اجتماع GL‏ المديرين 


ربا كانت التوصية الأكثر أهمية من التوصيات العشر التي تضمنها الملخصء أنه 
يجب على "الحكومة كلها" أن تعمل بالتعاون مع جميع مؤسساتها لوضع استراتيجية 
لمحاربة التمرّدء مع تخصيص المزيد من الموارد في جميع المجالات لدعم هذه الاستراتيجية. 
وقد تضمّنت استراتيجية محاربة التمرّد: زيادة الجهود لتدريب قوات الأمن الوطنية 
الأفغانية وتزويدها بالمعدات اللازمة؛ وتعزيز قدرة الحكومة الأفغانية لضبط حدودها 
ومحاربة اقتصاد المخدرات والفساد؛ وبشكل عام مساعدة الأفغان لتحسين أداء الحكومة. 
وهناك توصية أخرى مهمّة وهي الربط الصريح بين أفغانستان وباكستان كمشكلة 
سياسية ذات صلة ضمن مسرح عمليات واحد. فالتقدّم في إحدى الدولتين مرتبط 
ارتباطاً وثيقاً | يحدث في الأخرى» والمؤسسات المعنية بسياستنا بحاجة إلى أن تدرك ذلك 
وتعكسه في السياسة المتبعة. وهذا لن يتحقق مالم تقم قم إدارة أوباما بإعطاء تسمية جديدة 
لمكاتب أفغانستان-باكستان» وما لم تتخذ المؤسسات المعنية خطوات ملموسة نحو التوقف 
عن معاملة الدولتين كعلاقات مستقلّة ومنفصلة ومختلفة. وقد طلب عدد من المديرين 
إجراء تغييرات؛ وكانوا يرون أن ملخص التقرير غير جاهز لتقديمه للرئيس» ولكن هادلي 
احتجٌ على ذلك. 

is ا‎ el CR LA eee A 
هناك وهي التي تقول إننا لم نول أفغانستان الاهتمام اللازم. وأنا سوف أنقل بعض‎ 
اقتراحاتكم» ولكنني سوف أقدم له نسخة من مسودة التقرير في نهاية هذا الأسبوع. ونحن‎ 
بحاجة إلى إبقاء اجتماع مجلس الأمن القومي معه بحسب الجدول المقرر في الأسبوع‎ 
المقبل".‎ 


312 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


توصلت المراجعة باختصارء إلى نتيجتين مهمّتين لتشخيص الوضع في أفغانستان: 
نقص في التنسيق» ونقص في القدرات. وهاتان النقطتان تغطيان الموضوع كله» وتلخصان 
ما يقوله الكثيرون منّا منذ سنوات. التنسيق كان غائباً في جميع القطاعات: الأمن؛ 
cde SH‏ التنمية الاقتصادية؛ كما كان غائباً في جميع مستويات القيادة والمؤسسات 
الرئيسية المعنية» بها في ذلك إيساف» وعملية الحرية الدائمة» والأمم المتحدة» والتعامل kè‏ 
بين المؤسسات الأمريكية المعنية. وكان هناك نقص في القدرات في مجال الجهود العسكرية 
اللازمة» وفي قوات الأمن الوطنية الأفغانية» والأهم من ذلك كله في الحكومة الأفغانية.* 


لقد وافقت IS‏ إخلاص على جميع التوصيات» ولكنني كنت أعتقد أن العامل 
الرئيسي كان غائباً في المناقشة» وهو الوقت. لقد شاركت طوال مس سنوات في إعداد 
التقارير عن التنسيق بين المؤسسات المعنية حول سلسلة من القضايا في أفغانستان» OLS‏ 
هناك قاسم مشترك بين جميع التقارير تقريباً: جداول زمنية غير واقعية؛ أو عدم وجود 
جداول زمنية إطلاقاً. وعلى مستوى السياساتء ركّزنا على ما يتعين علينا تنفيذه؛ بين| 
كان العاملون في الميدان يركّزون على كيفية إنجاز المطلوب. ومن المؤسف أننا كنا نترك 
للعاملين في الميدان مسألة تحديد الزمن اللازم» وكانت الجداول الزمنية المترافقة مع خطط 
التنفيذ ترتبط بفترات الخدمة التي يقضيها كبار القادة هناك. على سبيل SLY‏ شاهدت 
تقديرات للجيش الأفغاني حول مواعيد تنفيذ خطط معينة تتفاوت في أعوام 22005 
و2008: و2011. لم يكن صحيحاً سياسياً القول بأننا ملتزمون ببذل الجهود طوال عقود 
من الزمن» أو على مدى أجيال. ومع أن إطلاق صفة "حرب طويلة" على الحرب على 
الإرهاب مسألة غامضةء فإن تخطيطنا في الواقع Lal‏ ما كان يتطلّع إلى أبعد من سنة حتى 
ثلاث سنوات. 

عرض لوت التقرير النهائي للرئيس بوش عن مراجعة الاستراتيجية» واستعرض 
النتائج الرئيسية في التقرير: نقص التنسيق بين الجوانب المتعددة لجهودنا العسكرية 
والمدنية. وقد استعرض لوت عشر حروب متزامنة تحت سلاسل قيادية مختلفة» وأضاف 
الحرب السرية في باكستان» وحرب الجيش الباكستاني» وعملية الحرية الدائمة: إلى 


313 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الحروب السبع التي أعاد ذكرها بعد رحلته [إلى أفغانستان]. ىا شدّد لوت على التوصية 
القائلة بوجوب إعطاء أولوية لمكافحة التمرد مع التركيز على أمن السكان. 


نظر وزير الدفاع غيتس إلى نسخته من التقرير وعلّق قائلاً: "إن إعطاء مكافحة 
التمرد أولوية على مكافحة الإرهاب تغيّر مهم. وهذه لعبة مختلفة كلياً من حيث الموارد 
العسكرية والمدنية". ويبدو أنه كان يلمّح إلى الزيادة الكبيرة في الخبرات المدنية التي 
ستكون هناك حاجة إليها لتنفيذ استراتيجية مكافحة التمرّد. 


أجاب لوت بأن مكافحة الإرهاب يجب أن تدعم مكافحة التمرّد وتكون مكمّلة 
ها. وتابع قوله: إن تطوير قوات الجيش والشرطة الأفغانية يستغرق وقتاً طويلاً جد 
وحلف الناتو لا يقدم الموارد التي تعهد بتقديمها. 


قال الرئيس: "نحن بحاجة إلى مشاركة وزارة الخارجية في اللعبة"» معلقاً على 


تلميح وزير الدفاع غيتس بالحاجة إلى مزيد من المدنيين» قال ذلك وهو يبتسم لوزيرة 
کو ر 


أجابت رايس: "سيادة الرئيس» إن وزارة الخارجية تعتزم زيادة الموارد بصورة 
متناسبة مع الجيش. إذا قررنا زيادة عدد الجنود في أفغانستان» فسوف نزيد عدد العاملين 
المدنيين أيضاً. ولكن هناك شيئاً آخر نحتاج إليه حقاً! وهو مساندة الأمم المتحدة. كنا 
جيعاً نأمل في إسناد القيادة إلى بادي آشداون (المفوّض الأعلى المشهور السابق للأمم 
المتحدة في البوسنة)» ولكن كاي إيدي يقوم بعمل طيب. ليس لديه عدد BLS‏ من 
الموظفين» ونحن نحث الأمم ا متحدة على تزويده بالموارد التي يحتاج إليها. إن الأمم 
المتحدة هي النظير المدني الأفضل للتحالف العسكري MAS‏ 


قال الرئيس: "على الولايات المتحدة أن تتولى القيادة» ويجب أن نظل قوة متعدّدة 
الأطراف» ولكن على الولايات المتحدة أن تدير العمليات في جنوب أفغانستان وشرقها. 
أعرف أننا كلفنا ماك-كيرنان بمسؤولية مزدوجة» ولكنه ما زال غير قادر على إنجاز ما هو 


314 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


مطلوب. لا يستطيع أن يأمر ا مولنديين ويحرّكهم إذا احتاج إليهم في مكان ما آخر؛ أي في 
هلمند لمساعدة البريطانيين على سبيل المثال". لقد هشت pled‏ ذلك من الرئيس» بحيث 
كان يلمح إلى أننا لن ننتظر شركاءنا الدوليين في الأمم المتحدة أو أوروبا بعد الآن. 


عبّر الوزير غيتس عن قلقه مرة ثانية بشأن مسألة النظرة إلينا مثل السوفييت [كقوة 
احتلال] إذا قمنا بزيادة عدد الجنود الأمريكيين أكثر من العدد الضروري لحاية أمن 
السكّان. وقال: "يجب على الجيش الأفغاني أن يمتلك القدرة والأعداد اللازمة للصمود" 


سأل الرئيس بوش: "هل هذا المطلب واقعي؟ هل هم جاهزون؟ في العراق كان 
هذا المطلب مشكلة حقيقية. اعتمدنا أكثر ما يجب على السكان المحليين للقيام بواجبهم 
وخرجت الأمور عن السيطرة". وكان يشير بوضوح إلى استراتيجية الجنرال ويليام 
كيسي لتسليم المسؤوليات الأمنية بأسرع وقت ممكن للعراقيين. 


قال لوت: "إن الجيش الأفغاني يستعد لذلك» ويكتسب مزيداً من القدرات يوماً 
بعد آخر» ولكن الشرطة متأخرة وما يزال أمامها شوط طويل. يا سيادة الرئيس» إن 
إحدى توصياتنا الرئيسية تحث على تسريع بناء الجيش والشرطة الأفغانيين» ولكن هذا 
يتطلّب المزيد من الموارد". 


تكلم الأميرال مولين: "سيديء كما تعلمونء إن ماك-كيرنان يطلب إرسال ثلاثة 
ألوية إضافية. وسيتم تخصيص أحد هذه الألوية لتدريب الأفغان. كما وضع برناجاً 
تجريبياً لتدريب قوات دفاع من القرويين المحليين". 


رسمت "نجمة" كبيرة على دفتر ملاحظاتي ووضعت دائرة حوها. لقد أثار موضوع 
تدريب وتنظيم ميليشيات قبلية محلية جدلاً ساخناً خلال عدد من جلسات المراجعة. ومع 
ذلك فقد مارست الضغط على زملائي في مجلس الأمن القومي» من أجل وضع توصية 
في التقرير النهائي لتحديد تدريب الميليشيات القبلية وتزويدهم بالمعدات اللازمة لسد 


الثغرات بين قوات إيساف والجيش الأفغاني الذي ما يزال قيد البناء. وتم وضع صيغة 


315 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


مخففة من تلك التوصية في التقرير النهائي الذي تم تقديمه للرئيس. ولكنني هشت 
عندما سمعت أن القادة الميدانيين أخذوا هذه المهمة ووضعوها قيد التنفيذ. 


وقام كل واحد من الحاضرين بقلب الصفحة وانتقلنا إلى الشريحة التي تغطي 
باكستان. 

قال الرئيس: "تنبهواء النقطة الأهم هي أن تنظيم القاعدة ما يزال يتخذ من باكستان 
ملاذاً آمناً. لم يعد وضعه آمناً في أفغانستان» والجيش الباكستاني ما يزال يركز اهتهامه على 
الهند. ويجب علينا أن نبقي اهتم|منا منصباً على تنظيم القاعدة". 

أجاب مولين» "إنهم يحرزون LIE‏ في التعامل مع مشكلة القاعدة وطالبان» 
ولكنهم يا سيدي ما يزالون يركزون اهتهامهم على اهند". 

. قال الرئيس: "إن الهند يمن على مشترياتهم وتدريباتهم"» وأعاد تأكيد مسألة أن 
باكستان ما تزال مقصرة في معالجة مشكلة التطرف على حدودها مع أفغانستان. 

قال لوت: "إن أحد الأشياء التى عرفناها أن الموارد التى نرسلها إلى أفغانستان 
وباكستان غير موزّعة بشكل صحيح. لقد أرسلنا موارد ضخمة إلى أفغانستان» ولكن 
المشكلة الرئيسية في باكستان؛ حيث يوجد تنظيم القاعدة ونظام طالبان القديم في منطقة 
كويتا. ومع أن ملاحقة الاثنين مستمرة في وزيرستان» فإن كويتا آمنة ولا تتلقى أي 
ضربات . 

إن مجلس شورى كويتا هو القيادة العليا لنظام طالبان السابق الذي هرب من 
جنوب أفغانستان إلى مدينة كويتا في ولاية بلوشستان في باكستان. ومن خلال الحديث مع 
قائد شرطة الحدود الأفغاني الذي زرته في "وادي معروف"". وانتهاءً بقراءة التقارير 
الرفيعة المستوى في البيت الأبيضء عرفت أنه من البدهيات في تلك المنطقة أن الملا عمر 
ودائرته الداخلية LIS‏ يديران حركة تمرّد طالبان» ay‏ كانت السلطات الباكستانية تغض 


316 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


الطرف عنهما. كما أن استهداف أفراد في بيئة كويتا المدنية ذات الكثافة السكانية العالية 


مهمة أعقد بكثير من استهداف مبانِ فردية في ريف وزيرستان الخارج على القانون. 


أشارت الوزيرة رايس إلى التقرير وهي تتكلّم: "هذه الشريحة تعطي الانطباع بأننا 
م نحقّق أي شيء لقد بذلنا جهوداً جبّارة في باكستان» ومن LLM‏ أن الحكومة 
الباكستانية لا تتجاوب معنا كما نريد» ولكننى لا أريد أن أعطى انطباعاً بأننا قد تجاهلنا 
المشكلة". 


قال الرئيس: "أوافقك الرأي. لم نهمل العمل تماماً هنا. لقد قدمنا مليارات 
الدولارات كمساعدات عسكرية منذ عام 2001( ونحن بحاجة إلى التأكد من أن هذه 
المساعدات أعطت ثارها". 


بالعودة إلى بيان لوت السابق» سأل الرئيس: "هل كويتا هدف واقعي؟". 


أجاب الجنرال مايكل هايدن» وهو جنرال ب 4 نجوم من القوات الجوية» وهو 
المدير السابق لوكالة الأمن القومي» وهو الآن مدير وكالة الاستخبارات المركزية» "نحن 
بحاجة إلى حمل الباكستانيين على زيادة العمليات في كويتا بالتزامن مع جهودنا. يا سيادة 
الرئيس» كما تعرفء إن هذه المهمّة ستشكل WGA‏ كبيراً بالنسبة إليهم» فكويتا تعد جزءاً من 
باكستان الأم. إن ما يجري في وزيرستان والمناطق القبلية الأخرى هو إلى حد كبير أحداث 
في منطقة رمادية. أنا لا أقدم أعذاراً هم» ولكن بالنسبة إلى الجيش الباكستاني» فإن مجلس 
شورى كويتا هو صندوق احتياطي استراتيجي مقابل انسحابنا من أفغانستان. وليس من 
المتوقع أن erly‏ الجيش الباكستاني مجلس شورى كويتا في وقت قريب". 


سأل الرئيس: "ألا يمكننا مهاجمتهم وحدنا؟". 


أجاب هايدن» "يا سيديء إن pred‏ بنايات في وسط مدينة GAS‏ في باكستان 
مسألة مختلفة جداً عن قصف كوخ طيني معزول في جبال بعيدة. من المؤسف أنه يجب 


317 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


علينا أن نسعى بجهد أكبر إلى اعتقال الخصوم» كا أن دخول بعض تلك الأحياء يشبه إلى 
حد كبير مهاجمة المافيا في عقر دارها. كل إنسان سوف يعرف أنك قادم لمهاجته» وهذا لن 
يكون في مصلحتنا. يجب أن نوازن بين جدوى القيام هجوم أحادي» والمساعدة التي 
يقدمها لنا الباكستانيون في ملاحقة القاعدة". 


شعرت بخيبة أمل في الجزء المتعلّق بباكستان في التقرير والمناقشة. ويعود السبب 
جزئياً إلى أن عناصر سياستنا تجاه باكستان التي لم تكن مرتبطة مباشرة بأفغانستان» 
كانت محذوفة من التحليل الذي قدمه لوت عن التقرير. وفي رأيي أن التوصيات بشأن 
باكستان كانت تفتقر إلى هذا الارتباط بدرجة ماثلة. وكنت أعرف أنني ورجالي سوف 
نشعر بقوة بتأثير تقصيرنا وعواقب ذلك في العمل خلال فترة خدمتي الوشيكة في شرق 
أفغانستان. 

قام هادلي بتغيير الموضوع إلى إمكانية تقديم ملخص بالنتائج إلى حلفائنا وإلى 
الكونجرس. وقد ذكر كل فرد من الحاضرين بأن التوصيات قد ÈD‏ ضمن مجموعة 
أعمال يمكن تنفيذها في عهد هذه الإدارة» وأعمال أخرى يمكن أن تنتظر الإدارة القادمة. 
وقال في هذا الصدد: "إذا لم يقم مسؤول رئيسي باتخاذ قرار ob‏ هناك شيئاً ما يجب أن 
يكون قد أنجز بحلول ربيع 2009؛ ومن ثم يجب البدء به OM‏ فإن المهمة سوف تذهب 
إلى الإدارة القادمة. ونحن لا نريد أن نتخذ قرارات يمكن أن pg‏ على lel‏ محاولة لإجبار 
الرئيس الجديد على العمل في وجهة معيّنةء أو حشره في الزاوية". 

نقر الرئيس بأصابعه على التقرير Day‏ الحاضرين في الغرفة لأنهم أنجزوا المراجعة 
وجمعوا البيانات بسرعة. "أعرف أنكم جميعاً بذلتم جهداً شاقاً لمعالجة القضايا المطروحة 
هنا. وهذه مسائل صعبة جداً وليس لا أجوبة سهلة. وأخيراً وصلنا إلى وضع a‏ في 
العراق. ومن الواضح أننا بحاجة إلى تحويل اهتم|منا ومواردنا وإعادتها لمساعدة الأفغان. 


"الآن» وأنا أفكر في هذه الاستراتيجية؛ ينبغي ألا أكون أنا من يعلن النتائج المذكورة 
في هذا التقرير. إذا كنا نرى أن هذه هي الاستراتيجية الملائمة» فإنه ينبغي لنا أن نسلمها 


318 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


بهدوء إلى إدارة أوباما. لقد اتخذت القرار بأنني لا أريد أن أعلن هذه التتائج على BOM‏ 


هذه المرحلة. سوف أتحمّل لوم التاريخ» ولكنني لا أريد هذا العمل أن يُرمى جانباً لأنه 
جاء مني". ذُهلت من كلام الرئيس بوشء وكان موقفاً رائعاً منه ينضح بإنكار الذات. 


قال الرئيس بابتسامة وضحكة مكتومة: "إضافة إلى ذلك» يجب أن نترك قليلاً من 
المرونة لبوب غيتس الجديد"» وهو بذلك يشير بوضوح إلى إعلان الرئيس المنتخب أوباما 
e ٠. e F‏ ع ع e‏ 
أنه طلب من وزير الدفاع غيتس أن يستمر في منصبه. وكنت أستطيع أن أقسم بأن وجه 
وزير الدفاع Sal‏ خجلا بالفعل.” 


تم تقديم نتائج المراجعة إلى الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب أوباماء وهناك الكثير 
من الأفكار المذكورة في المراجعة وجدت طريقها إلى التقرير الاستراتيجي للحرب الذي 
By Reg E E‏ 
عليهم وعلى نتيجة المراجعة. لم نناقش جميع ا موضوعات التي كنت آمل مناقشتها. dy‏ تكن 
هناك مساحة تُذكر في التقرير النهائي وتوصياته لمناقشة الاستراتيجية السياسية التي 
نحن في Gaal‏ الحاجة إليهاء ولم يكن هناك أي خطة للمصالحة مع جماعات المتمرّدين. كا لم 
تكن هناك اقتراحات لإحداث تغييرات اقتصادية مهمّة كمشروع خط الأنابيب المزمع 
إنشاؤه منذ أمد طويل من ترك|نستان إلى ال هند» الذي يمكن أن يرفع أفغانستان من كونها 
رابع أفقر دولة في العالم. ولكنني كنت متفائلاً نسبياً بشأن التوصيات التي تتمحور حول 
الأمن؛ لأنني كنت ما أزال مقتنعاً ob‏ الأمن الحقيقي هو الشيء الذي يحتاج إليه الشعب 
الأفغاني أكثر من أي شيء آخر» وقبل تحقيق النجاح في أي أهداف أو جهود أخرى. لقد 
ترافقت نتائج التقرير مع حملة خطابية للرئيس المنتخب أوباما تقول: إن حرب أفغانستان 
كانت ضرورة» وهذا جعلني أعتقد أن جهود الحرب سوف تحصل أخيراً على ما يلزم من 
الموارد والاهتمام. 


إلى جانب التعامل مع مهاترات السياسة البيروقراطية الأسبوعية في واشنطن» 
كنت قادراً على ترتيب إحدى اللحظات الباقية في الذاكرة عن خدمتي مع نائب الرئيس 


319 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


خلال رحلته الأخيرة إلى أفغانستان. وإضافة إلى اللقاءات الإلزامية مع عناصر القيادة 
وزيارته للرئيس كرزاي» فقد عملت مع الفرقة 82 المحمولة جواً لكي نجعل نائب 
الرئيس يعلق ميداليات الشجاعة على صدر عدد من الجنود. ومن بين المكرّمين كانت 
الاختصاصية مونيكا لين براون» وهي مسعفة» كانت تركض على الدوام تحت نيران 
الأعداء الكثيفة لكي تسعف الجرحى من زملائهاء وكانت تحمي الجرحى بجسدها أحياناً 
وتسحب المصابين الآخرين إلى مكان آمن. أصبحت مونيكا ثاني امرأة منذ الحرب العالمية 
الثانية تتلقى "النجمة الفضية" تقديراً BEY‏ البطولية في ولاية باكتيا بأفغانستان. وقد 
Ji‏ وعناصر الفرقة 82 قصارى جهدنا طوال أسابيع عدة لكي نضمن حضورها إلى 
قاعدة باجرام الجوية خلال تلك الزيارة؛ وقد شعرت بسعادة غامرة أيضاً عندما وضع 
نائب الرئيس صورة من ذلك الاحتفال في مذكراته وقال عنها: Lel‏ كانت إحدى أجمل 
اللحظات في فترة وجوده في ذلك المنصب. 


|S‏ شعرت بالفخر لأنني شخصياً قضيت dad‏ مشابهة معه. في أواخر 2008 تم 
إبلاغي من الجيش أنه سوف يتم منحي وسام "نجمة الشجاعة البرونزية" على أعمالي 
خلال الكمين الذي تعرضنا له في مهمتنا في قلعة موسى في ولاية هلمند. ويبدو أن 
الوسام كان قد تُسي في القيادة المركزية طوال أكثر من سنة إلى أن جاءت سيدة مجتهدة 
برتبة رقيب في قسم شؤون الموظفين» وصمّمت أن تنهي جميع الإجراءات المتأخرة "غير 
المكتملة" بجانب اسمي في قائمة المتابعة المتعلّقة بالأوسمة» وطارت إلى قاعدة تامبا 
وبحثت في مستودع الملفات ذات الصلة إلى أن وجدت نسخة ورقية من قرار منح الوسام. 
وقام نائب الرئيس تشيني بتعليق الوسام على صدري في غرفة المعاهدة الهندية أمام أفراد 
أسرتي وأصدقائي وأعضاء فريقي في مفرزة العمليات ألفا. شعرثٌ بسعادة غامرة لأنني 
SE‏ من استعراض رجال فريقي أمام عدد كبير من صانعي السياسة» بمن فيهم عدد 
من مساعدي وزير الدفاع ونواب مساعديه. طلبتٌ من فريقي الوقوف بينما قمتٌ بتذكير 
كل فرد موجود في القاعة ob‏ هؤلاء هم اجنود الذين فُرض عليهم أن يعيشوا أو يموتوا 
لتنفيذ السياسات التي نضعها في ذلك المبنى. 


320 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


كان أحد لقاءاتي الأخيرة وا ممتعة مع نائب الرئيس تشيني والرئيس الأفغاني 
كرزاي» قبيل أيام من نهاية عمر الإدارة الأمريكية. وتم اللقاء في الشارع المؤدي إلى الجناح 
الغربي» في بلير هاوس؛ حيث يقيم كبار الشخصيات الأجانب ورؤساء الدول خلال 
زيارة أمريكا. وكان الرئيس كرزاي يتمتع بذوق رفيع ويتمشى وهو يرتدي بدلة رمادية 
وفوقها القفطان الأفغاني التقليدي الأخضر. ألقى التحية على جميع الموجودين» وتوقف 
أمام سامانثا وأمامي. وابتسم» ودُهشنا عندما قال لناء "لقد سمعت عنكا أنتم| معاً. أنتما 
صديقان وفيان لأفغانستان؛ أشكر جهودكا لتعزيز علاقتنا مع بلادى)". وحتى اليوم لا 
أعرف من أين أتى ذلك الإطراء. ربا أصدقائي في سفارتنا في أفغانستان أخبروه عن 
جهودنا المتواصلة منذ زمن طويل Jat‏ واشنطن تولي أفغانستان اهتاماً أكبر. 

جلس تشيني وكرزاي أمام غرفة الاستقبال الضيقة المصمّمة على النمط 
الكولونيالي الفاخر» وشرعا في حديث قصير. وذكر نائب الرئيس التأثيرات والأضرار 
التي سبّبتها الأزمة المالية للجميع. 

أجابه كرزاي» "نعم لقد قرأت عنها وتابعتها في الأخبار. وبأمانة شديدة» كنت 
أتوقع مشهداً ختلفاً جداً عندما هبطت الطائرة في المطار". 

سأله تشيني» "ماذا تقصد؟". 

فأجاب كرزاي: 

"كنت أتوقع أن أرى طوابير الناس ينتظرون دورهم للحصول على الطعام أو 
البنزين. وكنت أتساءل: هل ستكون المدن مظلمة أو مضاءة في الليل؟ وبدلاً من ذلك 
مررنا بمجممعات تسوق وشاهدت ساحات وقوف السيارات تملوءة بسيارات 
المتسوّقين. والشوارع نظيفة. وفي كل سيارة يوجد الشخص الذي يقودها فقط. وأمريكا 
تبدو بصحة جيدة وجميلة كما كانت على الدوام". 


ثم تحوّل الحديث إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي جرت مؤخراً في 
OLY I‏ المتحدة: "يا dol‏ ات dS‏ إن SLY!‏ إخذى rabio Ul‏ 


321 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


لديمقراطية بلادكم. لديكم مئتا عام من الانتقال السلمي للسلطة؛ هذا شيء لم تعرفه 
أفغانستان في يوم من الأيام طوال تاريخها. وكل عملية انتقال للسلطة في تاريخنا كانت تؤدي 
إلى إرسال الحاكم ا حالي إلى المنفى أو السجن أو القبر. وأنا أؤكد لك أن هذا سيطيّق علي". 


سأل تشيني كرزاي عن شعوره بشأن نتائج الانتخابات القادمة في أفغانستان في 
خريف 62009 وبشأن مستقبل العلاقة الأمريكية-الأفغانية. 


أجابه كرزاي ضاحكاًء "دعني أخبرك بقصة يا سيادة نائب الرئيس» لو تكرّمت. 
لقد زرت مؤخراً هولنداء وأجريت محادئات مع الحكومة ال هولندية على مدى يومين. 
وروى لي وزير الخارجية الهولندي حكاية عن رحلة قام بها لزيارة جنود بلاده في 
أوروزغان. وحكى لي كيف قام عدد من الشيوخ باستضافته في حفلة غداء أفغانية تقليدية 
جميلة قدموا فيها لحم الخروف والأرز. وخلال الغداء» وبعد الكثير من عبارات المجاملة» 
شكر الشيوحٌ الوزيرٌ على الكثير من مشروعات التنمية التي تمٌّ تنفيذها في تلك الولاية. 
ومن الواضح أيضاً أهم عاتبوه لأن "حكومته" لم تقدم العدد الكاني من الجنود لتأمين 
الطريق المؤدية إلى قندهار. dy‏ نهاية الغداء» وبعد ساعات عدة من النقاش» قدّم الشيوخ 
هدية للوزير» وهي سكين مصنوعة باليد ومطعمة باللازورد. قال لي الوزير إنه كان ممتناً 
جداًء وظل سعيداً إلى أن طلب إليه الشيوخ أن يأخذ السكين معه إلى واشنطن كرمز 
لتقديرهم للكرم الأمريكي. شعر الوزير بالصدمة» وحاول أن يشرح لهم أنه ليس 
LS pl‏ وأن المشروعات والجهود التي تحدثوا عنها كانت تحت رعاية حكومة بلاده 
هولندا. ابتسم الشيوخ وتمَنُوا له رحلة آمنة في طريق عودته إلى أمريكا". 


واصل كرزاي حديثه» [ST‏ تعرف يا سيادة نائب الرئيس» لدينا نحو 50-40 دولة 
مشاركة في هذا التحالف في أفغانستان. إنهم يقومون بأشياء وأعال كثيرة جداً. ومعظم 
أعمالهم جيّدة. ولكن في حقيقة الأمر» فإن أمريكا وحدها هي الطرف المهم. وأعرف أنه 


322 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأييض 


من المفيد بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية أن تتقاسم العبء والمسؤولية مع دول 
كريمة أخرى في مساعدة أفغانستان» ولكن الشعب الأفغاني يرى ole bs‏ التحالف 
وإخفاقاته بأنها نجاحات وإخفاقات أمريكية. وينظرون بالطريقة نفسها إلى الانتخابات 
الأفغانية. عندما ينظر المواطنون الأفغان UP‏ هم يرون أمريكا تقف ورائي. ويرون 
نجاحاتي بأنها نجاحات لكم وإخفاقاتي إخفاقات لكم". 


انحنى الرئيس كرزاي نحو نائب الرئيس تشيني» وقال وهو ينقر بالسبابة على 
صدغه: "في العقل الأفغاني» أمريكا تقف وراء كل شيء". لقد كانت تلك طريقة ذكية 
من كرزاي ولكنها ليست حاذقة جداً fa‏ فكرة أننا Key‏ أن نسانده في الانتخابات 
القادمة؛ نظراً إلى أن كل أفغاني كان يعتقد أننا نقف وراءه في كل الأحوال. وقد فرت 
كثيراً في هذه الحكاية في السنة اللاحقة عندما تعاملت مع المسؤولين المحليين الأفغان 
وشيوخ القبائل» خلال فترة خدمتي في شرق أفغانستان» التي كانت ستبدأ بعد ذلك 
اللقاء ببضعة شهور. لقد ساعدتني الحكاية Les‏ على أن أتذكّر (lo‏ أن معظم الأفغان لا 
يرون أي فرق بيننا وبين الحكومة الأفغانية. وإذا أساء المسؤولون المحليون استخدام 
aL‏ فالمواطنون الأفغان يعتقدون تلقائياً أن الولايات المتحدة وراء تلك الإساءات. 


Les‏ ما سألني الناس عن انطباعاتي عن العمل مع ديك تشيني وفريق عمله. 
وكنت أجيب عادة بأنني على الرغم من أنني انضممت إلى الإدارة في وقت متأخر» فقد 
قضيت فترة فعّالة a‏ واستطعت أن أرى جهاز صنع السياسات قيد العمل في 
مستويات رفيعة جداً. وبوجه عام» خرجت من تلك الفترة بانطباعين اثنين: الأول» 
الشعور العام السائد في المكتب كان وكأن هجمات 11 سبتمبر حدثت قبل ستة أشهر» مع 
Lf‏ كنا في الفترة 2008-2007. لقد كانت هجمات 11 سبتمبر ما تزال ماثلة في عقل كل 
واحد مثاء ولم ألمس ذرة من الاطمئنان بشأن هاجس أن تلك ال همجمات يمكن أن تتكرّر. 
الانطباع الثاني» هو أنني لم ألمس أي أثر للقلق بشأن المناورات السياسية أو الصراعات 
الموروثة في عملية صناعة القرارات المتعلّقة بقضايا الأمن القومي. ومن المؤكد, أن خدمتي 


323 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


في مكتب نائب الرئيس حدثت في فترة لم تكن فيها مسألة إعادة الانتخاب تشكّل Liebe‏ 
ولكن كان هناك شعور سائد بأن نائب الرئيس وموظفيه لا يعطون استطلاعات الرأي أو 
مؤشرات مستوى شعبية الإدارة أي اهتمام. كانت مهمتهم حماية الشعب الأمريكي» 
وعدم السماح بتكرار حدوث أي شيء شبيه lees‏ 11 سبتمبر» حتى لو تطلّب ذلك 
القيام بأشياء لا تحظى بشعبية. 


في 19 يناير 2009ء سلّمت شارة خدمتي إلى عنصر في "جهاز حماية الرئيس". 
وخرجت من البوابة الجنوبية نحو الشارع الغربي West Executive Avenue‏ نظرثٌ إلى 
الخلف؛ إلى البيت الأبيض وحمدت الله لأنه أتاح لي الفرصة لأخدم وطني. فكرت في 
جهودي لنقل خبراتي من الميدان إلى واشنطن واستخدامها للمساعدة في تحسين سياساتنا 
بطرائق شعرت بأنها كانت مهمّة. وسررت بقرار الرئيس بإصدار أوامر لتنفيذ زيادة 
صغيرة في عدد الجنود والمدنيين الأمريكيين المرسلين إلى أفغانستان. وقد قضيت سنوات 
وأنا أسلط الضوء على الأخطاء في سلوك الناتو وإدارته تجاه محاربة التمرّد في Gols‏ بعيدة 
عن أوروباء وسررت لأن الولايات المتحدة أعادت ترسيخ دورها القيادي في تلك 


ىو امل 


8 


الحرب. (وأعترف أن الزيادة في الموارد الأمريكية المرسلة إلى أفغانستان كانت مرتبطة 
بنجاحنا في العراق أكثر من ارتباطها بأي جهود من جانبي). وسررت بصورة خاصة 
بالتفويض الذي وضع في تقرير مراجعة الاستراتيجية لإطلاق برنامج مشاركة القبائل» 
والتطلّع نحو وصول الفرصة المواتية للذهاب إلى أفغانستان وتنفيذ ذلك البرنامج بصورة 
فعلية. ومن الأشياء المشجّعة أيضاً كانت الزيادة في عدد جنود الجيش الوطني الأفغاني» 
مع أنني كنت أعرف أنهم سوف يحتاجون إلى دعمنا طوال سنوات إن لم يكن طوال عقود 
قادمة. وفي الوقت نفسه» فإن قائمة الخيبات والإخفاقات كانت طويلة» وتشمل عدم 
وجود مشروع للإصلاح الاقتصادي» وعدم بذل الجهود الكافية لمعالجة الفساد. كما 
شعرت بالخيبة لأننا لم نحرز تقدّماً كبيراً في وضع خطة لإطلاق حملة منسّقة بإحكام مع 
أهداف وغايات بعيدة المدى. ولكن ربما كان الأسف الأكبر يكمن في عدم القدرة على 


324 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 


تحسين علاقتنا مع باكستان وإقناع الباكستانيين بمهاجمة أو كار المتشدّدين داخل حدودهم. 


وحتى يوم تنصيب الرئيس أوباما كنا نتعامل مع تداعيات هجمات مومباي الإرهابية. 


حملت هذه الأفكار وغادرث متّجهاً نحو مكان وقوف سيارتي في ساحة مواقف 
السيارات البيضاوية» وألقيت نظرة وداع على النصب التذكاري لجورج واشنطن. وبعد 
شهور وجدت نفسى عائداً مرتدياً الملابس العسكرية» وأنا أنظر عبر الحدود الأفغانية إلى 
داخل وزيرستان الشمالية» في باكستان. 







































































ae : 5 
أ‎ 
ا‎ 4 
3 SS S 8 
اسلا ميم‎ E ee a 
TS ieee 7 
a e, gt ا‎ ong 
535 saan A 
SARE AL, 
=< 
5 3 
Poca 2 = 


4 5 PS ait oo 
تخدمها فرق العمليات الخاصة في الجيش الأمريكي في‎ ete laste 


أفغانستان للدوريات البعيدة المدى 


i S 
ag. 


325 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


S 
ECS 








"منطقة خضراء" في جنوب أفغانستان تعكس متاهة من المسارات الوعرة وقنوات الري 
ومجمعات GLU‏ المسوّرة 





المؤلف يعطي تعليهاته للشرطة الوطنية الأفغانية في التكتيكات الأساسية عام 2006. وقد 
كان تجهيز قوات الشرطة وتدريبها على العمليات المعزولة شبه العسكرية اللازمة لمحاربة 
طالبان» سيئين 


326 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 





نقطة تفتيش نموذجية تابعة للشرطة الوطنية الأفغانية. ويمكن أن تشكّل هذه النقاط Jule‏ 
مساعداً لطالبان» من دون قصد. من خلال تنفير الأفغان العاديين نتيجة الرشاوى والتحرّش 





حفرة خلفتها عبوة ناسفة مخبأة في قناة تحت الطريق. ومعظم العبوات الناسفة كان gal‏ في الطرق 

الترابيةء وغالباً ما يفجّرها الضحية بتعثره بسلك أو دوسه على صفيحات الضغط. وقد أصبحت 

قوات الولايات المتحدة والتحالف مهووسة تقريباً بهزيمة العبوات الناسفة عبر التكنولوجيا Yas‏ 
من معالحة الأسباب الكامنة وراء التمرد 


327 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 








مجمّع يضم مدرسة ومركزاً للشرطة JES‏ قاعدة عمليات لدورياتنا حول قرية كورا في 
وادي تاجاب 
























































الرقيب أول سومر من اليش الوطني الأفغاني» جائياً (أقصى اليمين)» في أثناء دورية في 
المنحدرات المطلة على وادي تاجاب عام 2006 


328 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 





on 


زاوية رامي الرشاش من حركة طالبان في أسفل الوادي في أثناء كمين كورا الذي قتل فيه 
سومر 




















SS = SN 
عام‎ PKM شاحنة فورد رينجر تابعة للجيش الوطني الأفغاني مركب عليها رشاش‎ 
2 - & 
ومعظم هذه السيارات الشاحنة استبدلٌ لاحقاً بمركبات هامفي المدرّعة التي‎ .2005 
وفرت للجنود الأفغان المزيد من الحاية ولكنها أثارت مخاوف تجاه قدرة الأفغان على‎ 
صيانتها على المدى الطويل‎ 


329 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 





في شتاء عام 2006-2005, تحلّق عدد من الأطفال الأفغان حول المؤلف يطالبونه 
بال "سكاكر" وأقلام الرصاص خلال توقفه لتحسين فهمه للديناميات القبلية في أوروزغان 





Ub dole‏ برعاية دولة الإمارات العربية المتحدة في مديرية أتشين في ولاية ننجرهار 
الجنوبية 


330 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 








"الشاحنة حنة المصلصلة" الأفغانية» الموجودة d‏ كل مكان» التي 2 سُميت بهذا الاسم jd UN‏ 
بالتصاميم الملونة والسلاسل المتدلية التي feed‏ حلقاتها كلما تأرجحت الشاحنة على الطرق غير 
المعبّدة في أفغانستان. وكانت هذه الشاحنات تجلب المؤن والإمدادات إلى المناطق الريفية في 
أفغانستان وإلى قوات التحالف 





خريطة مرسومة باليد للعمليات في وادي تاجاب. وهذا دليل على ال حالة البدائية للشرطة 
الأفغانية. تم العثور على هذه الخريطة في مركز للشرطة الوطنية الأفغانية سيئ التجهيز إلى Je‏ 
يُرثى له 


331 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 























طهاة أفغان يحضرون لحم ols‏ طازجاً مجلس شورى يضم شيوخ القرية في أوروزغان عام 
2006 














مركبة كل التضاريس تستكشف وجود عبوات ناسفة قبل مجيء الدورية في ولاية هلمند أوائل 
عام 2006 


332 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 



































ee 9 0 psg 
6و‎ S 






نسية الصنع التي تستخدمها قوات العمليات الخاصة التابعة لدولة الإمارات 

العربية المتحدة. وكانت مركبة بانهارد تمتاز بخفتها وقوة تسليحهاء وتتميّز بالقدرة الفائقة على 

الحركة» ولكنها غير قادرة على نقل طاقم يزيد عدد عناصره على ثلاثة أشخاص» وهذا يحدٌ من 
قدرة الجنود على تسيير دوريات راجلة 


محمد داود» حاكم rele LY g‏ يمنح رقعة أرضية للقاعدة العسكرية الإماراتية المقترحة خارج 
قلعة موسى. وقد أخفق المؤلف في إنشاء القاعدة» فضاعت بذلك فرصة كبيرة لتغيير طابع 
الحرب في جنوب أفغانستان 


333 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 





المؤلف على متن مروحية "مي-17" أفغانية خلال زيارة لأفغانستان بصفته مديزاً لسياسات 
2 
أفغانستان في مكتب وزير الدفاع. وقد أهديت هذه المروحية إلى شرطة مكافحة المخدرات في 


وزارة الداخلية لحظر المخدرات 





المؤلف يسلّم Je‏ الرئيس [الأمريكي] ديك تشيني في مكتبه في البيت الأبيض قبل انعقاد 
جلسة إحاطة سبقت اجتماعاً لجلس الأمن القومي مع الرئيس بوش 


334 


الفصل الثامن: العودة dl‏ واشنطن . . البنتاجون والبيت الأبيض 








فرانس (يسار) والمؤلف (يمين) يوافقان على حفر بئر وتزويد مدرسة بالمقاعد في قرية صديقة 
قرب قاعدة العمليات الأمامية ساليرنو في ولاية خوست عام 2009 





E eT 

JaN‏ -الإماراتي المشترك بتطهير المنطقة من مقاتلي طالبان المدججين بالسلاح في وادي 

بالوتشي في معركة استمرت أياماً عام 2006. لاحظ الشرشف الأبيض الذي يغطي جثهان 
شرطي أفغاني Saw‏ عند قاعدة الدوار» تركه مقاتلو طالبان رسالةٌ تحذ 


335 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 





مركبة حصّنة ضد الكمائن والألغام. ومع أنها كانت فعّالة في حماية الجنود» فإن حجمها ووزنها 

المفرطين جعلاها غير مناسبة لتضاريس أفغانستان الوعرة» كما أنها أجبرت قوافل التحالف على 
العبور في الطرق القليلة التي يمكن أن تتحمّلهاء ما جعل التنبؤ بهذه الطرق ممكناً جداً وجعل 
القوافل أكثر عرضة لعبوات طالبان الناسفة. وبعد لحظات من التقاط هذه الصورة. انهار الجسر 








المؤلف وجنود الجيش الوطني الأفغاني هرعون بعد تفجير انتحاري نفذته شبكة حقاني ضد مقر 


336 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 











جثان الرقيب ماثيو بوسينو ملفوفاً بالعلم الأمريكي ومسجّى على أرض طائرة 
"سي-130" قبيل مغادرتها قاعدة العمليات الأمامية ساليرنو في ولاية خوست إلى مطار باجرام 
العسكري ومن ثم الرحلة الطويلة إلى الوطن 


337 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 





ماثيو بوسينو على مركبته لكل التضاريس» مستعداً لاستكشاف الطريق قبل مجيء فريقه بحثاً عن 

عبوات ناسفة مزروعة في الطريق. وقد كان قدره أن تقضي إحدى تلك العبوات الناسفة» التي 

تنفجر بالضغطء على حياته فيم| بعد. ومع ذلك» رفض الفريق السماح لتهديد العبوات الناسفة 
بردعهم عن القيام بواجبهم 





شقت هذه الفتاة الصغيرة طريقها بجرأة متجاوزة مجموعة من الصبيان إلى أول الطابور للحصول 
على القرطاسية المدرسية التي كنا نوزّعها. كانت عزيمتها ملموسة. ولا ريب في أن تعليم البنات 
وتمكين المرأة هما أفضل أسلحتنا لتقويض أيديولوجيا طالبان الجائرة والمتطرّفة 


338 


الفصل الثامن: العودة إلى واشنطن .. البنتاجون والبيت الأبيض 






















































































المخفر-28 على الحدود الباكستانية بالقرب من شكين في ولاية باكتيكا. وكانت حركة طالبان 
تُطلق بانتظام صواريخ على قاعدة العمليات الأمامية "ليللي" من هذا التل» من دون أن يحدث أي 
رد من جانب الباكستانيين 





صواريخ طالبان من she‏ 107 مليميترات تستهدف قاعدة العمليات الأمامية "ليللي" بعد أن 
hee‏ عناصر مفرزة العمليات ألفا-25 فاعليتها بقطع فتائل الإشعال 


239 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 





الانفجار الناجم عن تفجير موقع صواريخ طالبان بالقرب من المخفر-28 على الحدود 
الباكستانية. وبعد ثوانٍ» وقع انفجار ثانوي مردّه الصواريخ المدمّرة. وكانت عملية التفجير مثار 
جدل بسبب المخاوف من سقوط ضحايا مدنيين 





كري من قبيلة مانجال قرب مديرية شامكاني في ولاية باكتيا. ويتميز هؤلاء الجنود بجودة 
تسليحهم وولائهم لشيوخهم» وقد RE‏ أساس مبادرة الدفاع المجتمعي الذي بهدف إلى 


340 


الفصل التاسسع 
قبيلة مانجال .. حماية أشخاص لا نستطيع 
الوصول إليهم 


"أنت تطلب متا الوقوف في وجه مقاتلي طالبان وحقانيء بين أنتم تختبئون في دباباتكم 
من قنابلهم" LE‏ مسن أفغاني مشككاًء بينم Sa‏ عشرات من شيوخ قبيلة مانجال القوية 
النحيلين رؤوسهم يوافقونه الرأي. كانت المجموعة تجلس في نصف دائرة على البساط 
الضخم» وأمامهم أطباق عدة من التمور والمكسرات» في بناء إسمنتي كان يستخدم مدرسة 
ومركز شرطة وقاعة اجتماعات. وكان لدى معظم الرجال أنواع مختلطة من البنادق» بنادق 
أنفيلد البريطانية القديمة» وكانت بنادق الكلاشنكوف تتدلى من على أكتافهم. وكان الكثير 
منهم أفضل تجهيزاً من جنود الجيش الوطني الأفغاني الذين رافقونا. كان عدد من الشيوخ 
من قادة عسكربي مانجال القبليين "أربكاي". أو ميليشيا مانجال التي تحمي المصالح 
القبلية. وأشارت الشائعات والتقارير إلى أن مانجال يمكن أن تحشد ما يصل إلى 1500 من 
هؤلاء العسكريين القبليين إذا ما شعرت بأن مصالح القبيلة تعرّضت للتهديد. وتتراوح هذه 
المصالح القبلية بين تطبيق قرارات مجلس شورى القبائل» وحماية الموارد الطبيعية الموجودة 
على أرض القبيلة. والخلاصة أنني أردت للعسكريين القبليين العمل معناء أو على الأقل 
العمل ضد شبكة حقاني» وهي واحدة من المجموعات الثلاث المتمردة الرئيسية في 
أفغانستان» إلى جانب الحزب الإسلامي بقيادة قلب الدين حكمتيار» وحركة طالبان. 
وبقيادة سراج الدين حقاني نجل المقاتل الشهير ضد السوفييت جلال الدين حقاني» LË‏ 
المجموعة ملاذاً آمناً في وزيرستان الشمالية في باكستان وتحديداًء بلدة ميرام شاه. ومنذ عام 
4 أعادت شبكة حقاني تشكيل عملياتها في المعاقل التقليدية المتمثلة بولاية خوست 
وباكتيا وباكتيكاء وقد بدأت مؤخراً تأكيد نفوذها وتنفيذ هجمات في الولايات حول كابول» 


341 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


واعّبرت على نطاق واسع أنها الجماعة الأكثر خبرة وتطوراً والأفضل تمويلاً بين الجماعات 
المتمردة. وت تتمتع الشبكة بعلاقات مع تنظيم القاعدة dak‏ إلى عقود طويلة. (تطوع أسامة بن 
لادن للقتال مع حقاني خلال المقاومة للسوفيبت في ثانينيات القرن العشرين). كان عملي 
هو المساعدة في إحباط نشاطها clay shy‏ وهي وظيفة يحبطها باستمرار شعور سائد بالعزوف 
عن المخاطرة» لدى كل من الجيش ووزارة الخارجية الأمريكيةء الأمر الذي عصف بالمجهود 
الحربي الأمريكي منذ وجودي السابق في أفغانستان عام 2006. 


وقف الرجال متحجري الوجوه؛ lee‏ روى المتحدث باسمهم» الملا غفورزاي» 
التاريخ الطويل لدعم المانجال للنظم الملكية السابقة والحكومة الأفغانية الحالية؛ ومن ثم 
غفورزاي رجلاً ضخاً بالمقاييس الأمريكيةء الأمر الذي جعله عملاقاً بالمقاييس الأفغانية. 
كان هو الآمر في الغرفة وكان يجلس على أحد طرفي السجادة الطويلة مرتدياً قميص الشلوار 
التقليدي الفضفاض الأسمر اللون» مع سترة رمادية وشال يمتد على كتفيه. وكانت لحيته 
شيباء طويلة وعلى رأسه عمامة سوداء أفغانية الطراز. وظل يحرك حبات مسبحته في يده 
اليمنى وهو يتحدث بنبرة صوت منخفضة» وثابتة وقد بدأت نبرته تسحرني بعد يوم متعب 
من السفر على الطرق المتربة المخددة تحت شمس أفغانستان اللاهبة. 


كنت قد تركت موقعي ضمن موظفي نائب الرئيس ديك تشيني في البييت 
الأبيض في يناير عام 2009» وارتديت الزي العسكري مباشرة لأنضم كقائد لسرية 
الحرس الوطني (ب)» في الكتيبة 2 من مجموعة القوات الخاصة ال 20. وتألفت وحدتي 
من أكثر من انين من عناصر القوات الخاصة منتشرين في ست مفارز عمليات ألفا إلى 
جانب العشرات من أفراد الدعم؛ مثل Me‏ الاستخبارات ورقباء الإمداد الذين كانوا 
مرتبطين بمفرزة العمليات برافو التي أنا فيها. كانت مفرزة العمليات برافو SHE‏ 
عناصر مقر الوحدة؛ وعادة ما أدت دور الإسناد» ولكن كان بالإمكان أيضاً أن تعمل 
بشكل مستقلٌ كفريق لتنسيق النشاطات التكتيكية المتعددة لمفرزة العمليات ألفاء أو أن 


342 


الفصل التاسع: قبيلة مانجال .. حماية أشخاص لا نستطيع الوصول إليهم 


تعقد اجتماعات عالية المستوى مع الحكومة الأفغانية أو زعماء القبائل» مثل غفورزاي. 
في فترة خدمتي هذه كنت مسؤولاً عن الإشراف على عمليات الفرق التابعة لي في أربع 
ولايات على المنطقة الحدودية جنوب شرق أفغانستان؛ في خوست وباكتيا وباكتيكا 
وغزني. وعلى الرغم من أنني قد عايشت إلى درجة الإشباع إرسال التقارير من الميدان 
في أفغانستان منذ فترة خدمتي السابقة (إلى جانب الكثير من الرحلات الرسمية 
كمدني)» فقد صدمت بعد مضي ثلاث سنوات من مدى تراجع الأمن في أفغانستان. 
وشعرت أيضاً بالفزع لإدراكي كيف أننا نتعامل بطريقة ة تقليدية مع حرب غير تقليدية 
على الإطلاق؛ نحن نحصر جنودنا في المركبات المدرّعة ونقدم لهم تكليفات عبر 
إحاطات "باور بوينت" مطوّلة عن كل مهمة هجومية. وعلى الرغم من أن الانتقال من 
وجودي على أعلى مستوى للحكومة الأمريكية إلى طمري في البيروقراطية العسكرية 
كضابط من المستوى المتوسط أمر صعب في بعض الأحيان» فإنني عدت إلى المنطقة 
الحدودية عازماً على تنفيذ بعض السياسات التي كنت قد Cabo‏ بها في أثناء وجودي في 
واشنطن» وخاصة العمل على إشراك القبائل مثل مانجالء والتأثير Aged‏ 


خريطة (12): ولاية خوست 


NY ١ +‏ کر ا وه لانت جد م Nas‏ » 9 
T iais 57 were We‏ > سس | 
الأمامية (ساليرنو) لسر أخوست 7 | old yobs. latest‏ کوت ` 
N‏ 


أ قاعدة العمليات” met‏ 


pohan 

~% الأملمية (ماتول کا‎ Y 

N ا‎ i, R 
a 


>. 


she C5... 





343 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


حول الملا غفورزاي محرى خطبته اللاذعة بالإشارة إلى "أولئك الملتحين" الذين 
كانوا قد جاؤوا قبلناء في إشارة إلى فرق القوات الخاصة التي كانت تعمل بشكل وثيق معه 
ورجاله على أساس منتظم. ES‏ أول من شهد ذلك قبل عامين» موضحاً أن أولئك الملتحين 
كانوا يجلبون له الإمدادات والمال لتحفيز رجاله» ولكن الأهم من ذلك أنه كان يعلم أنهم 
سيأتون لمساعدته إذا لاحقه رجال حقاني. وقال معرباً عن أسفه: "ولكنني الآن لا أرى 
أي أمريكيين» نحن المانجال الآن وحدنا". جاءه الملتحون يوماً ما وأبلغوه أنهم ممنوعون 
من الاستمرار في دعم العسكريين القبليين OY‏ القيادة العسكرية الأمريكية ترى أن 
ميليشيات القبائل تتعارض مع نمو الجيش الأفغاني والشرطة الوطنية. عدتٌ بذاكرتي إلى 
المناقشات التي دارت في عامي 2006 و2007 داخل البنتاجون ومع وزارة الخارجية» حيث 
جادل الكثيرون أن كل دولار ينفق في دعم الميليشيات القبلية وغيرها من الجماعات» هو 
دولار ينقص من نمو الجيش والشرطة الشرعيين. كانوا على حق من الناحية النظرية» 
ولكنني كنت قد دافعت من دون جدوى عن الاعتبارات السياسية» قائلاً إن التوقيت 
غير مناسب لإيقاف دعمنا للميليشيات المحلية لأن الجيش والشرطة كانوا يأخذون وقتاً 
أطول من المتوقع ليتطوّروا. نحن بحاجة إلى كيان لملء الفراغ في هذه الأثناء وتزويد 
السكان بالأمن على المستوى المحلي. 


وبوصفنا وحدة من القوات الخاصةء كنا إحدى آخر الوحدات التي ما يزال يسمح 
ها بتسيير دوريات في مركبات الهامفي ومركبات التنقل البري بدلا من هذه المركبات 
المحصّنة. وقد كانت OLS yo‏ الهامفي قادرة على أن تعبر كل مكان باستثناء الطرق الجبلية 
الأشدٌ وعورة» ولكنها كانت تفتقر إلى الجانب السفلي المدرّع على شكل حرف ۷ الموجود 
في المركبات المحصّنة ضد الكمائن والألغام» الذي كان يحرف انفجار العبوات الناسفة إلى 
الجانبين. لذلك كان من المحتمل جداً لركاب المامفي أن يصابوا بجروح خطيرة أو يقتلوا 
بعبوة ناسفة مدفونة في الطريق وتنفجر تحت المركبة. 


344 


الفصل التاسع: قبيلة مانجال .. حماية أشخاص لا نستطيع الوصول إليهم 


في الواقع» كانت هذه الرحلة بالتحديد BLE‏ في جبال مديرية موسى خيل في شمال 
غرب ولاية خوست. كنا قد غادرنا في الساعة الواحدة من بعد منتصف الليل من أجل 
تجنب العبوات الناسفة التي تصطف على الطرق شال المقرٌ وغربه في قاعدة العمليات 
الأمامية ساليرنو. كنا نعرف أن مركبة التنقل البري هي المركبة الوحيدة التي يمكنها أن 
تعبر الطرق الجبلية الضيقة المتعرجة التي توصلنا إلى الجبال المصطفة في الأفق» التي تفصل 
خوست عن بقية أفغانستان. 


القلة القليلة من الشيوخ الذين كانوا يمتلكون ما يكفي من الشجاعة للتحدث 
معنا أوضحوا أن الكثير منهم قد استهدفوا من شبكة حقاني ashy‏ للخضوع على مدى 
الأشهر الثمانية عشر الماضية؛ وهو الوضع الذي ترك أراضيهم مرتعاً لنشاط المتمردين 
وانتشرت فيها معسكرات تدريب كبيرة ومراكز لتصنيع العبوات الناسفة. كان مركز 
glee, pall‏ ةدر gl ofl gf AB‏ ودر شك Glin‏ > و E‏ من Bale] Sab‏ 
الإعمار المحلي» ومن ثم A‏ مرة أخرى. ولكي تبقى الأمور أكثر de ge‏ تلقينا تقارير 
متسقة Ob‏ قادة المتمردين يتبجحون أمام قرويي مانجال بالقول إن الأمريكيين "خائفون 
جداً" أن y a4‏ "دباباتهم ذات العجلات" (التسمية الأفغانية للمركبات المحصّنة ضد 
الكمائن والألغام وغيرها من العربات المدرّعة مثل ناقلة المشاة سترايكر) إلى SLA‏ فيا 
يضغط هؤلاء القادة على القرويين لإرسال الشبان إلى حركات التمرد. 


خلال الدورية كان الكثير من المانجال مهذبين لكنهم كانو حذرين. وخلال توقف 
في سوق صغيرة» دخلت إلى متجر صغير من الطين» حيث كنت قادرا على جعل صاحب 
المتجر ينفتح OL‏ بعد شراء حقيبة مملوءة بالبيبسي والحلوى الأفغانية. قال لناإن 
الجميع في القرية يعرف أننا كنا قادمين إلى الوادي. رأيت رقيباً استخباراتياً» واقفاً عند 


الباب» يرفع حاجبيه استغراباً. وتابع صاحب المنجر أنه سعيد لرؤية الأمريكيين مرة 


345 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


أخرى ولكنه WL‏ مراراً وتكراراً لماذا تخلينا عن قبيلته برغم دعمهم للحكومة الأفغانية. 
في zle‏ المطاف J32‏ الحديث إلى معسكر تدريب حقاني الذي تم الإبلاغ عن وجوده 
بالقرب من قريته. هز كتفيه کا لو أنه يقول» "ماذا يمكننى أن أفعل تجاه ذلك؟". 


تقع مانجال في سلسلة جبال استراتيجية تفصل خوست» التي هي ولاية شرقية 
رئيسية على طول الحدود الباكستانية» عن بقية أفغانستان. "إن كنا قد خسرنا مانجال» 
فإننا لا يمكن أن نفقد خوست تاماً كا حدث للروس"» قلت لأحد الرقباء لدي بينا 
تركنا مجلس شورى آخر زرناه ونحن في طريقنا عبر الوادي. حار Me‏ الاستخبارات 
حول إذا ما كان مصدر الكثير من العبوات الناسفة التي تعانيها المنطقة المحيطة بعاصمة 
الولاية من مناطق قبيلة مانجال أو لا؟ وقد عرفنا الجواب من دوريتنا النادرة عبر هذه 
الأراضي. كان جزء من السبب ببساطة أننا م تكن لدينا قوات كافية ملتزمة وقادرة على 
تأمين مناطق مثل منطقة قبيلة مانجال. ولكن أعتقد أن السبب الأكبر هو سوء استخدام 
عتادنا وجنودنا الموجودين على الأرض في أفغانستان. كان تركيزنا على المزيد من المدرٌّعات 
وحماية القوة Ly‏ من الخسائر البشرية قد أدى إلى التنازل عن المبادرة وعن مقاومة 
التضاريس لمصلحة المتمردين» وكلفنا ذلك مصداقيتنا أمام إحدى ST‏ قبائل شرق 
أفغانستان. 


من دون شك» أثبتت المركبة المحصنة ضد الكمائن والمقاومة للألغام BASES Lef‏ 
إنقاذ حياة الأمريكيين بين| نقوم بتنفيذ المهمات» te‏ تطهير الطرق ومرافقة قوافل 
الإمدادات. لقد جعل الوزير غيتس انتشار المركبة المحصنة ضد الكمائن والمقاومة للألغام 
على قائمة أولوياته في عامي 2008 و2009» وأرسل في نهاية المطاف نحو 7,100 منها إلى 
أفغانستان. وكانت تلك مبادرة ضرورية وحسنة النية» ولكن للأسف. كانت لما عواقب 
غير مقصودة على جهودنا لمكافحة التمرد» بسبب سوء إدارة هذه المركبات حالما يتم 
استخدامها في مسرح العمليات. 


346 


الفصل التاسع: قبيلة مانجال .. حماية أشخاص لا نستطيع الوصول إليهم 


كانت المشكلة في أن هذه المركبة المحصنة ضد الكمائن والمقاومة للألغام صمّمت 
Ou‏ العراق وشوارعه» وليس للجبال والطرق الطينية في أفغانستان. LS MOVs‏ ذات 
الأطنان العشرين» وارتفاع عشر أقدام كانت تنقلب في التضاريس الوعرة» وغالباً ما 
كانت ole‏ الطرق الجحبلية تنهار تحتهاء عملت وزارة الدفاع من دون كلل على إرسال 
أحدث المركبات المحصنة ضد الكمائن والمقاومة للألغام والملائمة لجميع التضاريس» التي 
ها مركز ثقل أدنى» بأعداد قياسية وني وقت قياسي» إلى أفغانستان. 


ومع أن مشكلة انقلاب المركبات حلت إلى حد كبير OLS Moke‏ المحسّنة الجديدة» 
ob‏ كلتا المركبتين كانت عريضة جداً وطويلة جداً ومربكة في اجتياز الكثير من القرى 
الأفغانية» أو التنقل عبر الطرق الحبلية المعروفة eb‏ سيئة والأودية الضيقة في مناطق 
الغابات الكثيفة الخضرء حيث كان يعيش معظم أفغان الريف. كان بإمكان هذه المركبات 
اجتياز الطرق المعبّدة أو المحسّنة فقط» وهي التي كانت نادرة في رابع أفقر بلد ني العالمء 
وخصوصاً في الأودية والقرى التي تحدّها الجبال في شرق أفغانستان. 


من وجهة نظري» لم يكمن الخطأ في هذه المركبة المحضصّنة ضد الكمائن والمقاومة 
للألغام أو المركبات المحصنة ضد الكمائن والألغام والملائمة لجميع التضاريس» أو أي 
مركبة مدرّعة أخرى» بل كان اللوم الحقيقي يقع على طريقة تعامل القادة مع استخدام 
المركبات نتيجة نفورهم من المخاطرة ومحاولاتهم الحد من وقوع الإصابات في صفوف 
التحالف على حساب مهمة مكافحة التمرد الأوسع. فحجم المركبات لم يكن ليشكّل عائقاً 
أمام هذه المهمة لو كان قادة الجيش الأدنى رتبة 2 od‏ باستخدام المركبات الصغيرة 
الأخرى للوصول إلى المناطق الصعبة في أفغانستان عندما تدعو الحاجة. على سبيل JUM‏ 
إذا احتاجت وحدة الوصول إلى القرية التي لا يمكن الوصول إليها إلا بواسطة شاحنة 
صغيرة أو هامفي» فهذا إذن ما يجب أن يسمح لهم به» بعد تفخص المخاطر. 


وبدلاً من ذلك فإن ما كنت أجده باستمرار هو أن القادة كانوا يطلبون استخدام 
المركبات المحصنة ضد الكمائن والمقاومة للألغام فقط. وإذا لم يكن لدى الوحدة مثل هذه 


347 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


المركبات أو أي نوع آخر من المركبات المدرّعة» فلن يُسمح لجنودها بمغادرة القاعدة على 
الإطلاق. ويمكن أن تبدو هذه وكأنها قضية تكتيكية طفيفة» ولكن نتائجها كانت ها آثار 
استراتيجية على الكيفية التي أديرت بها ا لحرب» وقدرتنا على الوصول إلى السكان. وكا 
قال لي قائد سرية كان يشعر بالإحباط في صيف عام 2009» "إذا لم تكن هذه المركبة 
المحصنة قادرة على الوصول إلى هناك» فلن نذهب إلى هناك. إنني أحتاج إلى المرونة لأقرر 
نوع المركبة الذي أستخدمه حتى أتمكن من حماية السكان والوصول إلى العدو في أماكن 
يصعب الوصول إليها". 


وبين! نظر قائد آخر أدنى رتبة صوب التلال والجبال المحيطة بمعسكره» اشتكى أنه 
الآن غير قادر على الوصول إلى أكثر من 70/ من المنطقة المسؤول عنها. "يمكن لرجالي 
المسير إلى de>‏ معيّن مع كامل دروعهم البدنية" قاها لي ley‏ كنا نتتجاذب أطراف الحديث 
بالقرب من صف من مركبات الحامفي التي لم يعد قادراً على استخدامها. وما زاد الطين بلة 
أنه كان هناك شرط إضافي بألا يقل العدد عن أربع مركبات حتى يُسمح LI‏ بمغادرة 
حدود المعسكر الآمنة. فإذا لم يكن لدى إحدى الوحدات عدد BLS‏ من هذه المركبات 
العاملة لتلبية الاحتياجات» فلن يتمكنوا من المغادرة حتى يتم إصلاح المركبات. 


خلال زيارتنا للموقع قبل الانتشار في خريف عام 2008 زرت مع GU‏ 
الرئيسيين مخفراً في القلعة القديمة يطل على مدينة خوست. كانت القلعة موجودة على US‏ 
على BL‏ المدينة على بعد خمس دقائق بالسيارة» أو عشرين دقيقة سيراً على الأقدام من 
مكتب حاكم الولاية ومقر قيادة الشرطة في وسط المدينة. وبعد الجلوس في اجتماع مع 
القيادة الإقليمية الأفغانية» بدأت الدردشة مع أحد الرقباء الأمريكيين في الغرفة المجاورة» 
والذي تبيّن أنه مدرب للشرطة. كانت وظيفته تدريب الشرطة على شتى المهارات 
اللازمة للأداء الشرطي الفعال والعمل جنباً إلى جنب مع الشرطة الأفغانية لمساعدتها في 
تعزيز الأمن في المنطقة. وكانت هناك مهمة أخرى غير معلنة وهي العمل كوسيط نزيه أو 
ضمير للشرطة التي شاع فسادها. فبوجود الجنود الأمريكيين > Gob‏ كان الأفغان عادة 


348 


الفصل التاسع: قبيلة مانجال .. حماية أشخاص لا نستطيع الوصول إليهم 


يخجلون, أو على أقل تقدير» يضطرون إلى الابتعاد حتى يتمكنوا من ممارسة التصرفات 
السيئة» مثل ممارسة الرشوة والابتزاز والانتهاكات التي اشتهروا بها. سألت الرقيب: BU‏ 
كان فريق المدربين يعيشون في القلعة على حافة مدينة خوست بدلاً من وسط المدينة مع 
الشرطة. ابتسم وأجاب: "سيديء لقد دفعت Gold‏ إلى الجنون بهذا السؤال نفسه طوال 
فترة خدمتي هذه. ودائياً يرجع الجواب نفسه: خطير جداً. tad‏ هجوم على قيادة 
الشرطة هناك بمعدل كل ستة أسابيع تقريباً". 


سألته: le‏ ألا يمكنم المساعدة في تعزيز دفاعاتهم وزيادة عدد الدوريات 
الأمنية في حال كنتم هناك بدلاً من هنا؟". 


أجاب الرقيب "نعم» سيدي". سألتٌ ما مدى تردد فريق المدربين على قيادة 
الشرطة؟ هز الرقيب كتفيه موضحاً أنه لم يكن لديهم بعد أي من المركبات المحصّنة ضد 
الكمائن والألغام» وأن مركبات الحامفي كانت من أجل الإخلاء في حالات الطوارئ فقط. 
سألت: لماذا لا يذهب فريقه؟. 


"سيديء ينبغي أن يكون لدينا ما لا يقل عن اثني عشر رجلاً حتى يمكننا تسيير 
دورية. وحتى الآن لم يتوافر لدينا أكثر من تسعة رجال» فنحن في الواقع عالقون هنا. علينا 
أن ندعو الشرطة إلى أن تأتي إلى هنا. وقائد الشرطة نادراً ما Gh‏ إلا إذا كنا قد أعددنا له 
eS Hae‏ 


لم يناقض هذا النهج GALI‏ مبادئ مكافحة التمرد فحسب» بل كان متهوّراً أيضاً. 
فاستخدام هذه المركبات الضخمة حصراً مَتَع القوات الأمريكية من الوصول إلى شرائح 
كبيرة من السكان» وسمح LAE‏ العبوات الناسفة التابعة للمتمردين أن تزدهر في المناطق 
التي يسهل الوصول إليها نسبياً بمركبات أخرى غير المركبات المحضّنة ضد AS‏ 
والألغام. وكانت المشكلة أنه إذا وافق قائد كبير على مهمة في مركبة هامفي أو شاحنة 
صغيرة» وتعرّض الجنود الأمريكيون لكمين أو قتلوا بعبوة ناسفةء فإن التحقيق الذي 


349 


المحارب الدبلوماسي : معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


ينجم عن ذلك سيقضي على مهنته على الأغلب. لذا لجؤوا إلى الوسيلة الأكثر أماناً 
للنقل المتاحة هم. ولكن خلاصة القولء أنه لم يكن بإمكاننا أن نحمي وأن نؤثر في سكان لم 
نسمح لأنفسنا بالوصول إليهم. ومع مرور الوقت أصبحت على يقين من أن هذه العقلية 
التي تركز على حماية القوات كانت تسبب إصابات أمريكية على المدى الطويل أكثر Le‏ 
كانت تحول دون وقوعها على المدى القصير. 


كنا أيضاً نرسل رسالة رهيبة لشركائنا من قوات الأمن الأفغانية الذين ينبغي لنا أن 
نتقاسم المخاطر معهم» وإلى الشعب الأفغاني الذي كنا نحاول الفوز بولائه» حين نطلل 
عليهم عبر ست بوصات من الزجاج الثخين والدروع. أضف إلى ذلك أنه إذا كان الجيش 
[الأمريكي] لا يصل إلى مناطق في أفغانستان تفتقر إلى الطرق التي يمكنها تحمّل هذه 
المركبات البالغ وزنها عشرين طناًء فلن يصل إليها الجيش الوطني الأفغاني أيضاً. إنهم 
بالتأكيد لم يكونوا ليجرؤوا على الذهاب إلى أماكن لا يصل إليها الجيش الأمريكي. 


وفي أواخر فترة خدمتي هذه أدركت إلى أي مدى FT‏ النفور من المخاطر سلبياً في 
عمل وكالاتنا المعنية بتقديم المساعدات المدنية أيضاً. فقد اتصل بي أحد قادة فريق مفرزة 
العمليات ألفا التي أشرف عليهاء في عصر أحد الأيام» ليخبرني أن أحد المستشارين 
المدنيين في وزارة الزراعة الأمريكية جاء إليه ينشد مساعدته في الوصول إلى أحد مراكز 
التدريب الزراعي المحلية. سألته "ما المشكلة؟ ألا يمكنه الذهاب إلى المركز مع فريق إعادة 
إعمار الولايات؟". 


أوضح لي ذاك القائد أن مدير مركز التدريب شعر بسعادة غامرة لوجود خبير من 
وزارة الزراعة الأمريكية يساعد طلابه؛ ولكنء بعد اليوم الأول من التدريس» طلب المدير 
من المسنتشار آلا يعود'ثانية.'وفوجيئ المستشار Lede‏ واستاء وبعد iie Cal ST‏ من GLAM‏ 
انتزع أخيراً شرحاً من المدير. لقد جذبت المركبة المحصنة المضادة للكمائن والمقاومة 
للألغام التي استخدمها فريق إعادة إعمار الولايات لإيصال المستشار الكشير من الانتباه 


350 


الفصل التاسع: قبيلة مانجال .. حماية أشخاص لا نستطيع الوصول إليهم 


للمركز. وعرفت المنطقة بأكملها بمن في ذلك المتعاطفون مع طالبان على الفور أن 
الأمريكيين كانوا موجودين. أضف إلى ذلك أنم جعلوا الطلاب عصبيين» وخاصة عندما 
تخذوا مواقعهم حول المركز لتوفير الأمن للأمريكي الموجود في الداخل. وتابع القائد 
قائلاً: "قال المدير إنه بإمكان المستشار العودة فقط في حال أحضره الجيش في مركبات 
مدنية» فينزل هو منهاء ولا يقف الآخرون منتشرين وبنادقهم مصوّبة على الجميع. ولأن 
ابن قائد شرطة المديرية أحد طلبة مركز التدريب» يوجد معه كشير من رجال الشرطة 
الوطنية الأفغانية في الداخل. وقد أكد قائد الشرطة للمستشار أنه سيكون في مأمن هناك 
مع رجال شرطته إن هو عاد للتدريس". 


قلت: "هلا أخبرتنا إلى أي مدى وصل الأمر". 


قال القائد: "أجل. لقد رفض ضابط الأمن الإقليمي الفكرة MUS‏ فضابط الأمن 
الإقليمي في السفارة [الأمريكية] كان المسؤول المكلف بأمن دبلوماسيي وزارة الخارجية 
وغيرهم من المدنيين. ومن الممكن أن يفوّض تلك المسؤوليات في حال كان المدنيون في 
الميدان تحت حماية الجيش في جميع الأوقات. وخلاف ذلكء كان لا بد من أن تنال أي رحلة 
يقوم بها مدني إلى خارج المنطقة المحروسة» من دون حماية الجيشء الموافقة في كابول» 
والنتيجة dole‏ عدم الموافقة. 


قررنا في ale‏ المطاف التحايل وتوصّلنا إلى حل مكن المدني من مساعدة مركز 
التدريب الزراعي بقدر معقول من الأمان. فقد كان يقوم ب "التسلل" بضع مرات في 
الأسبوع إلى مجمّع مفرزة العمليات ألفا التي أشرف عليها مع تباشير الصباح الأولى» 
ليتم إيصاله» مع أحد مترجمينا وأحد رقباء الشؤون المدنية في الفريق إلى المركز في سياراتهم 
الرباعية الدفع. ولم يكن المركز يبعد إلا بضعة كيلومترات في قرية مجاورة. وبإمكانهم 
الذهاب قبل شروق الشمس وتجتب الطريق الرئيسية لتفادي لمخاطر العبوات الناسفة 
وأي أعين متطفلة محتملة لطالبان. وكان الأمر خطيراً من جميع الجوانبء لكننا خففنا حدته 


351 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


نمط يمكن للآخرين التنبؤ به» وأخيرنا المركز فقط بموعد ذهابه. وتأكدنا كذلك من أن 
لدينا اتصالاً لاسلكياً مع رقيب الشؤون المدنيةء وأهم مجهزون بالنظام العالمي لتحديد 
المواقع GPS‏ ولديهم هاتف نقال لنتمكّن من تتبّعهم إذا حدث شيء ما. 


كنت سأخسر وظيفتي على gill‏ إن لم يكن أسوأ من ذلك» لو حدث أي مكروه 
لذلك Gall‏ بعد أن ساعدناه في الذهاب إلى هناك. ولكتي كنت مقتنعاً بأنه ما دمنا فعلنا 
ذلك بذكاء» فإن حصول هؤلاء الأفغان في القرية الوادعة على المساعدة التي تلزمهم أمراً 
يستحق المخاطرة. OL‏ كان الخطر أكبر بكثير أن يكون هناك خبير في الزراعة 
Vy lt‏ قعل ميا le gay‏ مر eee‏ مو eld‏ غا جو ن إل کت 
قد شهدت في واشنطن عشرات الاجتماعات التي AT‏ فيها وزارة الدفاع على وزارة 
الخارجية ووكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة لإرسال المزيد من المدنيين 
لمساعدة الجيش في هذه الأنواع من المهارات الأساسية. لكن في هذه الحالة وغيرها 
الكثير نما شاهدته لم نتمكن من التغلب على انعدام مرونتنا؛ مثل إحاطة المنطقة المحيطة 
بالمدرسة الزراعية بمثل هذه المركبات المحصنة ذات الأطنان العشرين» على الرغم من 
أن مدير المدرسة طلب متا عدم القيام بذلك. وفي الوقت cand‏ أظهرنا أن هناك وسائل 
مبتكرة ومسؤولة لإنجاز هذه المهمة. ولكن الأمر تطلّب من كل واحد bes‏ تحمّل مستوى 
معيّن من المخاطرء وهو أمر لم تكن وكالاتنا المدنية ومعظم القادة العسكريين على 
استعداد لقبوله. 


كانت قيود مكتب الأمن الإقليمي على المدنيين والإصرار على السفر في المركبات 
المحصنة ضد الكمائن والمقاومة للألغام تبدو مشكلات تكتيكية ثانوية» ولكن كان ها 
تداعيات استراتيجية حول كيفية إنجاز مهماتنا في مكافحة التمرد. ومع أن القيود حدّت 
من تعرّض مدنيينا للخطر وأن هذه المركبات المحصنة أنقذت أرواحاً عند التعرض 
هجوم» إلا أنني تساءلتٌ حول إذا ما كان سوء استخدامها كلّفنا أرواحاً على المدى الطويل 


352 


الفصل التاسع: قبيلة مانجال .. حماية أشخاص لا نستطيع الوصول إليهم 


أو لا. Gay‏ للمرء أن يتساءل: لماذا ضاعف المتمردون استخدامهم للعبوات الناسفة على 
الرغم من إدخال المركبات المقاومة للألغام؟ وإذا كانت المركبات فعّالة جدأً فلاذا ما يزال 
طالبان وحقاني وشبكات المتمردين الأخرى تعتمد على العبوة الناسفة كسلاح رئيسي؟ 
كان أحد الأسباب أنهم قد اكتشفوا ببساطة LAs‏ جعل العبوات كبيرة بم يكفي لتدمير 
هذه المركبات. وكان هناك سبب آخر هو أننا عندما نجعل تح ركاتنا تقتصر على استخدام 
العربات de jal‏ نقلل بذلك عدد الطرق التي يمكننا استخدامها بجعلها تقتصر على 
تلك التي يمكنها تحمّل هذه المركبات» ما يسهّل على المتمردين استهدافنا. وثمة سبب آخر 
هو أن الدورية عادة ما تقف في مكانها بعد إصابتها بعبوة ناسفة» ومن ثم هزم LS‏ حتى 
إن بقي كل الجنود على قيد الحياة في le‏ المطاف. 


وفي المحصّلة» كان التأثير الحقيقي للعبوة الناسفة هو منعنا من الذهاب إلى حيث لا 
يريدنا المتمردون أن نذهب. أذهلني فشل الناس في إدراك أن الإصابات ما هي إلا فائدة 
جانبية للعبوات الناسفة. والجائزة الحقيقية لقيادة المتمردين هي فصل تحالف إيساف 
وقوات الأمن الأفغانية عن السكان. ففي كل مرة كنا نضيف طبقة أخرى من الحماية رداً 
على سقوط ضحاياء كان المنتفعون هم طالبان وحقاني. 


وطوال السنوات» شاهدت تطوّر تنقل قوات التحالف في ساحة المعركة في 
أفغانستان» من الشاحنات الصغيرة إلى عربات الهامفي» وعربات الهامفي المدرّعة» 
ومركبات التنقل البريء والمركبات المحصنة ضد الكمائن والمقاومة للألغام الأكبر من أي 
نوع آخرء فيه| أخذ مقاتلو طالبان يصعٌّدون ila‏ العبوات الناسفة ببساطة بصنع عبوات 
أكبر؛ ولذلك لم أفاجأ عندما قرأت بعد ذلك بعام أن مشاة البحرية الأمريكية كانوا 
يخططون لنشر دبابات من طراز أبرامز 1141 ذات الأطنان السبعين في ولاية هلمند في 
جنوب أفغانستان. 


353 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


لقد كانت هياكل الدبابات وناقلات الجند المدرّعة الروسية المتناثرة هنا وهناك في 
أفغانستان خير دليل على أن هذا التصعيد للدروع مقابل المتفجرات» كان لعبة خاسرة. 
فمع أن دبابات أبرامز قادرة على تحقيق إصابات نارية دقيقة من مسافات بعيدة» إلا أن 
المتمردين كانوا قادرين بسهولة على التنبؤ بالطرق القليلة التي يمكننا سلوكها (إلا إذا 
قررنا هدم حقول المزارعين وقنوات الري)» بالإضافة إلى حاملات الوقود AAW‏ اللون 
ومركبات الصيانة التي كانت الدبابات بحاجة إليها. 


عندما أثرت هذه النقاط في الاجتماعات التخطيطية» غالباً ما كان زملائي في قوات 
التحالف يسألونني ما اقتراحاتي "لهزيمة" العبوة الناسفة؟ وكان ردي الأول أن السؤال 
خاطئ. ينبغي ألا نحاول هزيمة العبوة الناسفة» (ily‏ ينبغي أن نعمل على هزيمة المتمردين 
الذين يزرعونها؛ فعلى سبيل المثال» كان الوصول إلى قبائل مثل مانجال ودعمها ضرورياً 
لمكافحة التمرد. لكن فعل ذلك يعني أننا من ا مرجّح أن نتعرّض لإصابات وأن نخاطر 
بنكسات على المدى القصير لتحقيق مكاسب على المدى البعيد. 


قد يبدو هذا الكلام We‏ للمنطق» ولكنني جادلتٌ أننا بحاجة فعلاً إلى مدرّعات 
أقل» وبحاجة إلى أن نكون أكثر مرونة ويتعذر على الآخرين التنبؤ بأفعالنا. كان ينبغي أن 
تكون المركبة المحصنة ضد الكمائن والمقاومة للألغام عنصراً واحداً على قائمة أساليب 
الوصول إلى السكان. وبدلاً من فرض أنه لا يمكن لأي وحدة مغادرة القاعدة إلا في 
مركبة محصنة ضد الكمائن ومقاومة للألغام أو مركبة محصنة وملائمة لجميع التضاريس» 
كان علينا أن نسمح للوحدات باستخدام مركبات الهامفي ومركبات جميع التضاريس» 
والشاحنات الصغيرة deed‏ وحتى الدراجات النارية عندما يكون ذلك مناسباً. ويعد 
عدم قدرة الآخرين على gl‏ بأفعالناء وأحياناً الابتعاد عن الأضواء» والاندماج» أفضل 
أشكال الحاية. فمعرفة الوحدات أن تحركاتها مراقبة في جميع الأوقات يجعلها ملزمة 
باستخدام الخداع؛ مثل تغيير وقت التحرك ما بين الليل والنهار» وتغيير الطرق التي 
تسلكهاء وأنواع المركبات التي تتنقل بهاء ليبقى المتمردون يخمنون باستمرار. فلا يمكن 


354 


الفصل التاسع: قبيلة مانجال .. حماية أشخاص لا نستطيع الوصول إليهم 


لطالبان أن تفخخ وتراقب كل طريق ودرب ووادٍ في أفغانستان» ولكن ما كان في وسعهم 
فعله» وما co glad‏ هو مهاجمتنا على العدد القليل من الطرق التي تتحمل مرور المركبات 
المدرّعة. 


وطوال فترة خدمتي» ازدادت قناعتي بأننا [ay‏ لا نكون قادرين على هزيمة العبوات 
الناسفة» ولكن يمكننا جعلها غير ذات قيمة. ويتطلّب ذلك متا أن نعتمد على الإبداع 
وسعة الحيلة لدى القادة الأدنى رتبة الذين هم أكثر انسجاماً مع الديناميات المحلية 
والتضاريس» وليس مع التكنولوجيا أو الأوامر الدفاعية المصمّمة لمنع وقوع ضحايا مه| 
كلف الأمر. كذلك يتطلب تهميش العبوات الناسفة من قادة الصف الأعلى قبول مخاطرة 
أكبر» oly‏ يسمحوا لمرؤوسيهم ob‏ يخطئوا أحيانا» وإن كانت أخطاء قاتلة. سيتعيّن 
عليهم البدء باللعب لتحقيق الفوز بدلاً من حاولة ES‏ الخسارة. تلك كانت الطريقة 
الوحيدة لبدء التواصل مع الشعب الأفغاني» الذي من شأنه أن هزم طالبان في نهاية 
المطاف. إن عدم القيام بذلك شكّل مخاطرة تمثلت بخسارتنا fold‏ رئيسية؛ مثل مانجال» 
وآخرين مثل مدير المركز الزراعي الذي غدا مقتنعاً بأننا لم نكن على استعداد لبذل ما أمكن 


للوقوف إلى جانبهم والقتال معهم. 


355 


الفصل العاشر 
الشيخ فى خوست .. النفور من المخاطرة وضريبة التقاعس 


كان مركز العمليات التكتيكية الخاص بنا نسخة مصغرة جداً Le‏ يمكن أن تراه في 
المقر التقليدي لكتيبة أو لواء جيش في ختلف قواعد التحالف المنتشرة في الريف الأفغاني. 
كان المركز يقع في غرفة مستطيلة طوها أربعون قدماء ويتألف الركن المحوري للغرفة من 
ثلاث شاشات مسطحة تدعمها قواعد خشبية بطول خمس أقدام. كانت إحدى الشاشات 
تعرض عادة خريطة إلكترونية لأفغانستان تُظهر رموزاً زرقاً متباعدة تشير إلى مواقع 
مختلف الوحدات» تصدرها مرسلات جهاز النظام العالمي لتحديد المواقع الذي يعادل 
حجمه حجم علبة الأحذية يسمى "متتبّع القوة الزرقاء"» وهو إلزامي في كل مركبة تغادر 
قاعدة آمنة لقوات التحالف في أفغانستان. وكانت الشاشة الثانية تعرض باستمرار قناة 
الجزيرة الإنجليزية» التى كانت في كثير من الأحيان تذكر أحداثاً في منطقة عملياتنا قبل أن 
نعلم بها. أما الشاشة الثالثة فكانت تعرض عادة نسخاً إلكترونية من عروض "باور 
بوينت" الإحاطة الخاصة بالمهمة وتُعرف باسم تصوّر العمليات» يقدمها أحد المرؤوسين 
التابعين لي في مفرزة العمليات ألفا. وكان تصوّر العمليات -في أبسط أشكاله- يجيب على 
أسئلة: مَنْ؟ وماذا؟ ومتى؟ وأين؟ ولاذا؟ المتعلقة بالمهمة الحالية. أمافي شكله الأكثر 
تعقيداً فقد كان وحشاً عملاقاً من أربعين إلى خمسين شريحة مع صفحة تلو الصفحة من 
الصور الجوية» والخطط التفصيلية للمناورة» وتقييم المخاطر. 

في مرحلة معيّنة» كنت مستاءً من مركز العمليات التكتيكية. كان المركز قد أصبح 
مسرحاً لعدد لا يحصى من المعارك البيروقراطية حول كل التفاصيل تقريباً لكل عملية 
أردنا تنفيذها. وكان أفراد فريقي يسمون مهمتنا باستهزاء "مكافحة البيروقراطية" بدلا 
من "مكافحة التمرّد". وبدا الأمر كأننا نقضي معظم وقتنا في سلسلة لانهاية om L‏ 


357 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


المعارك الداخلية وتدريبات التنسيق» مع سلاسل لا تعد ولا تحصى من القيادة التي GF‏ 
ها نقض أي مهمة من مهات مفرزة العمليات ألفا. ولا ادل على هذا التعقيد من تصوّر 
العمليات وسلسلة الشرائح الإلزامية المرافقة له في كل نوع من المهام. حدقتٌ في تصوّر 
العمليات ال حالي على الشاشة؛ كان هذا في خضم تحديد المهام الذي يولّد وابلاً من الأسئلة 
من مختلف قياداتنا العليا. أصبح الكثيرون منا يشعرون بالاستياء العميق من تصوّر 
العمليات بوصفه رمزاً للإدارة التفصيلية والنفور من المخاطرة عند منح الموافقة على 
المهام» حتى الأساسية منها. 


في طرف الغرفة» كانت هناك خريطة تضاريسية معلّقة من السقف إلى الأرض» 
لمنطقة العمليات التابعة لي على الحدود الأفغانية-الباكستانية وتشمل ولايات خوست 
وباكتيا وباكتيكا وغزني على الجانب الأفغاني» ووزيرستان الشالية والجنوبية على الجانب 
الباكستاني. وكانت الخريطة مظللة لتوضيح التباينات المائلة في ارتفاع السلاسل الجبلية 
المختلفة. وكم هي كثيرة الليالي التي جلست وحدقت فيها بتلك الخريطة؛ وشعرت 
بالرهبة من جسامة ما كنا نحاول القيام به. كانت هناك علامات صغيرة تُظهر مواقع قوات 
التحالف والجيش الأفغاني» وبدا الأمر كا لو أن اثني عشر وادياً بحجم "الوادي الكبير" 
(جراند كانيون) كانت تفصل بين كل مركز وآخرء وهناك نقط سوداء تمثل القرى» وهي 
مبثوثة مثل الفلفل في كل oly‏ وأخدود. 


أمام الشاشات كان هناك صفان من الطاولات الخشبية الثقيلة المكدّسة بشاشات 
الكمبيوتر والطابعات وأكوام من التقارير الاستخباراتية وعلب المشروبات الغازية. 
وكان للرقيب أول» ومساعد العمليات» وضابط صف العمليات» والضابط التنفيذي» 
وستة من الموظفين الرئيسيين الآخرين أجهزة كمبيوتر محمولة» ومناطق ضصغيرة خاصة 
بهم على طول الطاولات. كان الجميع سعداء ذلك اليوم؛ فقد تلقينا للتو شحنة من 
كراسي المكاتب من ضابط الإمداد في لواء الجيش التقليدي الذي يقع على بعد بضع 
مئات من الأمتار في قاعدة العمليات الأمامية ساليرنو. كانت الكراسي تضاهي ما كنت 


358 


الفصل العاشر: الشيخ في خوست .. النفور من المخاطرة وضريبة التقاعس 


قد رأيته في البيت الأبيض أو البتتاجون» وكانت مختلفة كل الاختلاف عن كراسينا 
المعتادة الباكستانية الصنع المشتراة من السوق المحلية. وكان ضابط العمليات الأصلع 
الضخم» يورك الذي يعمل معي» قد سقط مرتين من كرسيه عندما انكسرت إحدى 
أرجله. وقد بدا مسروراً بشكل خاص وهو متکۍ على سنادة كرسيه الجديد» يتحرك به 
إلى الأمام والخلف. 


قال تود» وهو يدخل إلى الغرفة: "عاد الحاج عزام إلى كاكي كالاي". لقدتمّ 
تدريب تود» وخاصة للتعامل مع مصادرنا الاستخباراتية ية البشرية. كنت أرى أحد 
مترجمينا بجوم عند المدخل Y)‏ يسمح له بالوجود في المنطقة الخاصة)» في انتظار تعليمات 
لكالمة أخرى من مصدر آخر من مصادر تود. وكاكا كالاي هي قرية تقع شرق ساليرنو 
داخل الحدود الباكستانية» حيث بذل أفراد مفرزة العمليات ألفاء وكذلك وحلة المشاة 
المجاورة» قدراً كبيراً من الجهد والدعم لكسب الشيوخ. كان الحاج عزام قائداً من 
المستوى المتوسط مع شبكة حقاني» واشتهر بالوحشية وأساليب التجنيد العدوانية. ناقشنا 
المهمة عن طريق الهاتف مع مفرزة العمليات ألفا-23» التي كانت على الجانب الآخر من 
قاعدة العمليات الأمامية ساليرنو» مرافقة للقوات الخاصة للجيش الوطني الأفغاني. بدأ 
أعضاء الفريق فوراً وضع خطة لقتل أو اعتقال القائد التابع لحقاني. وني الواقع» كانوا 
ينفضون الغبار عن سلسلة من الخطط القديمة» وكنا بحاجة إلى الحصول على إعادة 
الموافقة عليها فقط. يتردد عزام بانتظام ذهاباً وإياباً عبر الحدود مع باكستان؛ وهو عادة كان 
يبقى في أفغانستان نحو أسبوع فقطء وينام في أماكن مختلفة كل ليلة قبل أن يتوجّه إلى 
الأمان في باكستان» ويعرف عنه أنه كان يقوم بالتجنيد في المساجد المحلية بعد صلاة 
الجمعة. كان لدينا تقرير من بر في كاكا كالاي أن عزام سيجمع "تبرعات" من القرية 
خلال زياراته. وفي إحدى المرات طالب بأن تحضر كل واحدة من النساء قطعة من 
مجوهرات زفافهن كمساهمة في الجهاد الذي تشته شبكة حقاني. E‏ 
عدد من الرجال معه إلى باكستان للتدريب. وإذا اتفق أن عضواً في الجيش الأفغاني أو أي 


شخص من الذين يعملون في قاعدة أمريكية كان في بيته عندما at‏ عزام وعصبة من 


359 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


رجاله إلى المدينة على دراجاتهم فمن الأفضل له الخروج من المدينة بسرعة كبيرة. ولم يكن 
عزام يتورّع عن ممارسة الانتقام الوحشي لرفض طلبات التبرع له. وفي مديرية مندوزاي 
قام عزام ورجاله بإطلاق الرصاص في مدرسة للبنات في أثناء ساعات الدراسة بعد أن 
رفض شيوخ مندوزاي تقديم المجندين. وعلى أقل تقدير أردت اعتقال الرجل ووضعه 
في زنزانة في باجرام. والأفضل من ذلك» أردتٌ تسليمه إلى شيوخ مندوزاي؛ فهم 
سيعتنون بالأمر على طريقتهم الخاصة! 


كانت الشمس تجنح للغروبء وأردت أن يستخدم فريقي والقوات الخاصة 
المروحيات لكي يكون لديم الكثير من الوقت للدخول والخروج من المنطقة تحت جنح 
الظلام. كان الطريق المؤدي إلى القرية مملوءاً بالعبوات الناسفة. وإذا ذهب الفريق برأ 
فسيكون عليهم العودة إلى قاعدتنا خلال النهار» ويتعرضون للهجوم بالتأكيد. بالإضافة 
إلى ذلك كان عزام يقظاًء ويقال إنه كان يضع المخبرين في تقاطعات الطرق وعلى التلال 
القريبة من ISIS‏ كالاي للتحذير من أي اقتراب للتحالف. إن الذهاب عن طريق ال من 
دون أن يصل إليه خبر سيكون أمراً صعباً على أقل تقدير. 


قال قائد الفريق جيسون» في لهجة أمر واقع من شخص تحبر الإجراءات عشرات 
المرات: "لن نحصل على الموافقة على هذه المهمة سريعاً. نحن نريد هذا الرجل أكثر من أي 
شخص آخرء لكننا لن نحصل على الإحاطات في الوقت المناسب» ولن نحصل بالتأكيد على 
مروحيات. إن المروحيات وحدها ستتسبّب في حاجتنا إلى موافقتين إضافيتين. سوف نخاطر 
Cady‏ باعل الظرق اة عقن عبن frig OLS MM‏ نشي دو ركان 
جيسون يقصد بكلمة "الاستعاضة" أن الفريق وشركاءهم الأفغان سيقودون المركبات إلى 
موقع قريب با فيه الكفاية من الحدف ليتمكنوا بعدها من السير راجلين» ولكن بعيداً بها فيه 
الكفاية» بحيث لا يسمعهم عزام أو أيّ من الحرّاس المحتملين في القرية. 


قررتٌ رفض قرار قيادة مفرزة العمليات ألفاء واستخدام المروحيات. لقد فهمت 
وجهة نظر جيسون؛ كنا نضيع الكثير من الأيام والليالي في محاولة للحصول على الإسناد 


360 


الفصل العاشر: الشيخ في خوست .. النفور من المخاطرة وضريبة التقاعس 


المروحي وتتأخر المهام أو تتم إعادة توجيه المروحيات في اللحظة الأخيرة» إلى درجة أن 
الرجال أصبحوا يفضلون أن يعرّضوا حياتهم للخطر والعبوات الناسفة على أن يتم إلغاء 
أي مهمة أخرى. كنت أريد هذا الرجل بشدة» ولكن مع المسافة التي يجب اجتيازهاء 
سيكون على الفريق إنهاء العملية برمتها قبل شروق الشمس. كنت أعرف أن عناصر 
مفرزة العمليات ألفا سيضطرون إلى التحرّك مرة أخرى في مركبات التنقل البري على 
الطرق التي تم زرع العبوات الناسفة على Ub gb‏ خلال النهار» عبر قطاع من خوست كانت 
شبكة حقاني تسيطر عليه تماماً. 


وفي الوقت نفسه» كان موظفو وأفراد الاستخبارات والعمليات GIS‏ يعملون 
بحاسة زائدة على إعداد الشرائح التوضيحية للمهمة» التي كان لا بد من تقديمها 
لإحاطة المقارٌ العليا المتعددة التي كان يجب أن تمنحنا موافقتها. وبعد بضع ساعات» وبعد 
مكالمات جنونية ومذكرات تم تجميعها على عجل لوحدة الطيران» بدأت مروحيتان من 
طراز شينوك في مطار قاعدة العمليات الأمامية ساليرنو بتدوير مراوحها في الظلام 
استعداداً للموافقة على المهمة. وتمركز ثلاثون من المغاوير الأفغان خارج مركز عملياتي» 
يسيرون على الحصى جيئة وذهاباً. 


كنت في مكان قريب أصرخ في UI‏ "موافقات مَنْ نحتاج إليها أيضا؟ لقد 
تابعنا الإجراءات كافة في قائمة العمليات المرجعية للطوارئ. لقد حصلنا على الموافقة هذه 
المهمة مسبقاً مرتين. إنه جرد موقع مختلف هذه المرة!". 


لم نتمكن من العثور على بعض الموظفين الرئيسيين؛ وفي حين Cod‏ بعضهم الخطة» 
اقترح آخرون بعض التعديلات» وكان لدى آخرين أسئلة. تطوّرت الخطة بينا كانت 
المكالمات الماتفية ورسائل البريد الإلكتروني تتطاير ذهاباً وإياباً. وبعد أن مرّت ساعات» 
وافق قائد الطيران على استخدام مروحيات النقل من طراز شينوك للمهمة» ولكن 
بالطبع كان يجب أن تكون هناك مروحيات هجومية لإدراج القتال ضمن الخطة. ولحسن 
الحظ» اعتاد ضابط الهجوم لعمليات الطيران المسؤول عن توزيع المهام المجيء إلى حفلات 


361 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الشواء الأسبوعية لدينا لأشهر عدة» ووافق على التنازل عن متطلبات راحة طواقم 
طائرات الهليكوبتر ليتمكنوا من الالتحاق بهذه المهمة. G)‏ محاولة لتجتّب وقوع حوادث» 
تفرض التعليهات على الطيارين حصوهم على عدد من ساعات النوم يتناسب وعدد 
ساعات الطيران؛ وكانت هذه المتطلبات ما تزال تطبّق حتى في مناطق القتال). ومع ذلك 
فإن رئيس قائد الطيران في قاعدة باجرام AA‏ رأى أن تقوم طائرة من دون طيار من نوع 
بريداتور باستكشاف المنطقة قبل أن يلتزم بإرسال طائرات الشينوك. والطائرات من طراز 
شينوك هي مروحيات على شكل سيجار» hy‏ مراوح في الأمام والخلف ويمكنها أن 
تحمل أكثر من ثلاثين جندياً مع عتادهم. وليس فيها سوى رشاشات دفاع على الجانبين 
فقط» وهي عرضة للنيران الأرضية عندما تضيء أنوار ا هبوط. أما الأباتشي» فعلى 
النقيض من ذلك» فهي مروحيات هجومية مدرّعة بنيت لمهاجمة الدبابات والقوات البرية 
بالمدافع وصواريخ هيلفاير الموججهة. كان قائد الطيران قد أمر أن ترافق مروحيات 
الأباتشي جميع طائرات شينوك عند شن المجمات الجوّية. وكذلك كانت هناك أيضاً 
قاعدة دائمة في الميدان؛ وهي أن يكون لجميع عمليات الإخلاء الطبي الجوّية مرافق من 
الأباتشي. وحيث كان علينا أن نكون مستعدين للإخلاء الطبي عند الشروع في age‏ 
كانت النتيجة غير المقصودة أنه تمّ إلغاء عدد من المهمات لأنه لم يكن هناك ما يكفي من 
مروحيات الأباتشي لرافقة مهمات الإخلاء الطبي والهمجوم لجؤي المتعددة الجارية في 
أنحاء أفغانستان. 


كان يورك» ضابط العمليات لدي أيضاً على الحاتف: "أليس من الملزم أن تحرس 
المروحيات من طراز أباتشي طائرات الشينوك! لماذا الآن يريد لطائرات البريداتور أن 
تذهب أولاً قبل المروحيات الهجومية التي تحرس طائرات شينوك؟". 

كنت أعرف أنه كان من المستبعد جداً أن تكون طائرة من دون طيار من طراز 
البريداتور متاحة» وبدأت أتساءل إذا ما كان قائد الطيران فقط لا يرغب في المخاطرة 
بطائرات الهليكوبتر ولا يقول ذلك صراحة. 


362 


الفصل العاشر: الشيخ في حوست .. النفور من المخاطرة وضريبة التقاعس 


الرقيب المسؤول عن طلبات الدعم بالبريداتور في مقرّي الأعلى وعد يورك بأنه 
سيحاول إنفاذ الأمرء لكنه لم dy‏ متفائلاً. وبعد ساعة اتصل الرقيب وأبلغ يورك أنهم 
يمكن أن يحصلوا على البريداتورء ولكن بعد ساعة بسبب ضغوط الطلبيات» وستكون 
متاحة فقط قبل الفجر» أي بعد الوقت الذي قال الشيخ إن عزام يحتمّل أن يغادر فيه. 
وأضاف الرقيب "إن هذا rail‏ ما يمكن القيام به"» وأوضح "وهي الطريقة الوحيدة 
التي سوف تحصل بها على مروحيات". 


قلت: "حسناً! علينا أن نحاول على الأقل» وإلا فسوف نفقد أي دعم بقي GUS‏ 
هذه القرية". 


رن الهاتف النقال في الزاوية: "أين أنت؟"» سأل الشيخ على وجه السرعة. وقال 
إن قائد حقاني كان يشرب الشاي على بعد مجمّع واحد. وأضاف الشيخ الفخور "إنه 
يشتبه G‏ ويعرف أن أبنائي عملوا كمترجمين للمنظيات غير الحكومية الغربية. ويعلم أن 
عائلتي تدعم الحكومة. الشرطة تخشى أن تتحداه. وقال إنه سوف يقتلني. أنا خائف» 
لقد قلت إنك هنا bald‏ 


كان مترجمي يقف خارج مبنى المقر الرئيسي Wy‏ النقال في يده؛ وبين) هو ينقل 
Uy‏ توسلات الرجل العجوزء بدأت عيناه تدمعان. أما تود» رقيب الاستخبارات» فقد 
حدّق في وجهي كا لو أن شخصياً أمثل كل الضباط الذين يقفون حائلاً بينه وبين 
مساعدة هذا الرجل. GS SS‏ كل الأوقات المحبطة عندما كان ضباط الأركان» بدلاً من 
الإجابة بنعم أو لا للقبول بأداء المهمة» يعربون عن "قلقهم" واضعين قيداً إضافياً من 
أجل "تخفيف المخاطر"» أو يسألون Vip‏ إضافياً قبل إرسال تصوّر العمليات إلى 
المستوى الأعلى من الموافقات. 


في هذه المرحلة كنت أصرخ» عبر ال هاتف الآمن» على ضابط عمليات الكتيبة في 
فرقة العمليات الخاصة. لم يكن الذنب ذنبه حقاً. لقد كان على ال هاتف طوال فترة ما بعد 


363 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الظهر والليل لينسّق جميع الأساسيات والإحاطات والموافقات الإلزامية التي ترافق كل 
مهمة قتل أو أسر. كان نظام الموافقة على المهمات نظاماً بيروقراطياً le ELS‏ على مر السنين 
مع تراكم القواعد والمتطلبات. كان [SI‏ من هذه القواعد معنى Gols‏ كما أن تراكم 
المتطلبات بمرور الوقت هو الذي خلق النظام الذي جعلني -باعتباري ضابطاً من القوات 
الخاصة وقائداً من دون أي صلاحية- أبدو وأنا أذهب لمساعدة هذا الرجل وقريته» كا لو 
كنت متهوراً ومضحياً بحياة رجالي؛ لقد كنت غاضباً. 


تشاورت مع تود» وجيسونء ومارك. لن Rad‏ من إعداد كل ماهو مطلوب 
لضرب مجمّع عزام حتى نحو الساعة الرابعة صباحاًء على الرغم من أن هناك فرصة أن 
تكون البريداتور متاحة قبل ذلك. وشدّد تود ومارك على Lal‏ إذا ضربنا منزل عزام ولم 
يكن هناك فسيظن أن شخصاً ما في القرية وشى به» وسيسعى للانتقام. 

وأضاف تود "إن الشيخ مُصر على أن نقتل الرجل عندما نأتي» وليس أن نقبض 
عليه أو نسمح له Mog bl‏ 

قلت: "أنت تعلم ننا لا نستطيع ضمان ذلك". 

"نعم» سيديء بالطبع. ولكن الشيخ يعلم أنه إذا ألقينا القبض على عزام» فسيتم 
الإفراج عنه خلال أشهرء وسوف يعود إلى كاكا كالاي ليلاحقه هو وعائلته ليقتلهم". 

تنهدت قائلاً: "حسناء لا تلغى حالة الاستعداد حتى الشروق في حال أصبحت 
طائرة البريداتور متوافرة أبكر من ذلك". 

وبحلول الساعة 05:00 صباحاً كانت طائرة البريداتور ما تزال غير متوافرة. وفقدٌ 
أفراد القوات الخاصة الأفغانية الأمل وعادوا إلى ثكناتهم» [S‏ أطفئت محركات المروحيات. 
وبدأت الشمس بالظهور خلف الجبال إلى الشرق؛ مشى تود نحوي وقال إن قائد حقاني 
قد انتقل إلى بلدة أخرى بعد صلاة الفجرء وإن الشيخ لم يعد Jody‏ مكاماتنا. 


364 


الفصل العاشر: الشيخ في خوست .. النفور من المخاطرة وضريبة التقاعس 


ترامى إلينا من خلال القصص المتداولة بين عمال القاعدة الأفغان أن القرويين في 
كاكا كالاي قد فقدوا الإيهان بنا. نجا الشيخ» لكنه لن يتحدث إلينا مرة أخرى. وسمعنا 
في وقت لاحق من مصدر آخرء أن الشيخ قام ببيع بعض أراضي عائلته إلى عزام بأسعار 
بخسة. Jd‏ ذلك جزئياً لاسترضاء حقاني» وجزئياً للتعويض عن الدخل الذي فقده أبناؤه 
عندما تركوا وظائفهم كمترجمين مع التحالف؛ لن يسمح لهم والدهم بالعمل معنا بعد 
ذلك. وورد أن الشيخ قال لأبنائه ومجموعة من أصدقائهم الذين كانوا يعملون في قاعدة 
الجيش الأفغاني القريبة: "الأمريكيون لن يقوموا بحايتكم. ولا يمكننا الاعتماد عليهم". 

كان مستوى الإحباط بين ضباط القوات الخاصة من ذوي الرتب الدنيا والمتوسطة 
حول مخطط العمليات مرتفعاً للغاية. فلقد CAS‏ الكثير من نظرائي في الخدمة الميدانية عن 
محاولة تغيير الأمورء بعد أن غدّت عملية الموافقة على المهمة مجرد جزء من الثقافة السائدة. 
وبدلاً من فرض التغيير» وجدنا جميعاً وسائل مبتكرة لتتلاعب على النظام. فمن جهةء CA‏ 
خطاب مكافحة التمرّد على المرونة» وتمكين صغار القادة» وزيادة الوقت المقضي خارج 
القاعدة وبين lA‏ ومن جهة أخرىء كانت لدينا بيروقراطية عسكرية هائلة متعددة 
الطبقات» وكان رد فعلها الغريزي على وقوع الإصابات أو الأخطاء التشغيلية هو معالجة 
الوضع عن طريق اشتراط أن تخضع المههات لمستويات أعلى ومتزايدة من الموافقات الرسمية. 

لم يكن لديّ -حتى بصفتي قائد سرية من القوات الخاصة- السلطة للسماح AA‏ 
بمغادرة قواعدهاء أو حتى أن أغادر أنا شخصياً القاعدة» لأي سبب من الأسباب. كان 
ie‏ أولاً أن أحصل على إذن من خلال تقديم تصوّر العمليات عبر البريد الإلكتروني إلى 
فرقة العمليات الخاصة في باجرام» حتى إن كان الأمر مجرد المشي خارج البوابة الأمامية 
من قاعدتنا للدردشة مع أصحاب المحال في السوق المحلي. وني مشل هذه المهمة المملّة 
والعادية لم يكن علينا سوى أن نرسل عدداً قليلاً من الشرائح التوضيحية! ولكن الأمر 
الذي كان محبطاً للغاية هو مع أنني رائد في القوات الخاصة فلا يمكنني مجرد الحديث مع 
السكان المحليين خارج قاعدتي من تلقاء نفسي. حتى بالنسبة إلى أكثر المهام الروتينية 
SUL‏ يتعيّن على قوة مهام العمليات الخاضة أيضاً إرسال تصوّر العمليات إلى القيادة 


365 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الأعلى» قوة مهام العمليات الخاصة المشتركة المجمّعة» من أجل العلم بالوضع (بحيث 
يعرف رؤساؤنا أين نحن في كل مرة نغادر فيها القاعدة). لقد تلقيت الكثير من المكالمات 
LSL‏ السيئة من ضابط العمليات في قيادتي» عندما كان يغادر فريقٌ ما القاعدة لمهمة من 
دون إنذار مسبق قبل أن تكون القيادات الثلاث العليا على علم به. 

لم يكن هناك حقاً أي شخص محدّد أو قائد يُمكن أن يُلام. تمثلت المشكلة بتراكم 
القواعد طوال العقد الماضيء وعادة ما تكون هذه القواعد 5y‏ فعل لأحداث CAS‏ 
وقعت؛ مثل خلية الاستطلاع المكوّنة من أربعة رجال في قوات البحرية ا لخاصة» التي 
قُضي عليها عام 22005 أو القاعدة التي سيطر عليها المتمرّدون في "وانات" عام 2008. 
كانت الاستجابة الطبيعية لتلك النوعية من الأحداث إضافة تقييد آخر Se‏ من المخاطر 
التي بدت منطقية آنذاك؛ لكن تم في| بعد تطبيقها على الجميع وأصبحت قاعدة ثابتة. 
ومتى أصبحت هذه القواعد ثابتة كان القليل منها هو الذي يتم إلغاؤه بعد فترة» حتى 
تراكمت إلى حد السخافة. على سبيل المثال» رداً على مهمة قوات البحرية الخاصة. التي 
زادها كتاب وفيلم (الناجي الوحيد) شهرة» أصبح لزاماً على جميع الدوريات الراجلة أو 
مهمات الاستطلاع في المستقبل ألا يقل عدد أفرادها عن تسعة رجال كحدّ أدنى. أما 
القاعدة التي وضعت نتيجة لكارثة "وانات" فهي أنه لا يجوز أن يكون هناك أقل من اثني 
عشر من الجنود الأمريكيين في حراسة أي قاعدة في أي وقت من الأوقات. وبعد سنوات 
اتفق أن وجد فصيل في موقع ناء بثهانية عشر جندياً» وكان قائد الفصيل عبطا لأنه م 
يكن a‏ واحد وعشرون رجلا وهو الأدنى الضروري لخروج دورية راجلة مع 
الحفاظ على الحد الأدنى المطلوب AA‏ قاعدته. وكانت الحالة الوحيدة التي يمكنه أن 
يغادر قاعدته فيها هي عندما يتم نقل فرقة من الجنود من وحدة أخرى لتعزيز القوات. 
كانت حركة طالبان المحليّة تعلم أنه في كل مرة تحلّق مروحية يعني ذلك خروج دورية من 
القاعدة في مهمة ما. وعليه لم يكن من المستغرب Bole‏ أن تقع الدورية في كمين. وبدلاً من 
قبول بعض المخاطر والتخفيف من المتطلبات» قزر Fhe‏ قيادة الوحدة نقل الفصيل في 
Aly‏ المطاف وهدم الموقع. 


366 


الفصل العاشر: الشيخ في خوست .. النفور من المخاطرة وضريبة التقاعس 


في عام 2005 زار الرئيس كرزاي وزارة الدفاع الأمريكية ليلتقي وزير الدفاع 
رامسفيلد. وأخبرني زميل كان قد حضر الاجتماع» أن كرزاي اشتكى بشكل صاخب من 
القوات الأجنبية التي تجري عمليات دهم ليلية في المنازل الأفغانية» ما كان يسفر عن مقتل 
مدنيين في بعض الأحيان. رد قائد القوات الأمريكية في أفغانستان ist‏ الجنرال كارل 
إيكنبيري» على الشكوى باشتراط أن تتم الموافقة على جميع الغارات الليلية من قِبّله؛ الأمر 
الذي dm‏ من عدد الغارات ALU‏ ومن المرونة في توقيت مهام الوحدات القتالية. كان 
على الوحدات في وقت لاحق إرسال طلبات المهمة قبل موعدها بفترة تصل إلى سبعة أيام» 
ليتمكنوا من الحصول على الموافقة من خلال تسلسل القيادة. وبعد سنوات» وعلى الرغم 
من الزيادة الهائلة في عدد المهمات وتفاقم التمرّد لم تتغير قاعدة إيكنبيري. وكانت النتيجة 
تخلّفاً منظاً وذاتياً لدى الجيش الأكثر قدرة في العالم. شعرتٌ كا لو كنا نهزم أنفسنا وليس 
طالبان مَنْ تهزمنا. 


في أكتوبر 2009 اعترّضتٌ واشنطن طريقي في الميدان من خلال مساعد وزير 
الدفاع لشؤون العمليات الخاصة مايك فيكرز. كان فيكرز قد خدم سابقاً مع القبعات 
ا لخضر» وكان قد أصبح مشهوراً من كتاب "حرب تشارلي ويلسون" كعميل لوكالة 
الاستخبارات المركزية كان يدعم المجاهدين الأفغان وراء الكواليس في حربهم ضد 
الاحتلال السوفيتي. وبين) eel‏ فريقي» مفرزة العمليات ألفا-222 الإحاطة المطلوبة حول 
وضع مدينة غارديز في ولاية باكتياء سأل فيكرز عن تقييمي الشامل وأي مشكلات كنا 
نواجهها. أجبت: "إن أولويتنا الأولى هي بناء قدرات وحدة الجيش الوطني الأفغاني 
المشتركة العاملة مع فريقي"» ثم أوضحت أننا كنا نعتقد أن التقديرات الحالية لقدرات 
الجيش الوطني GLE‏ كانت مفرطة في التفاؤل» وأن ذلك سيتطلب جهد أجيال قبل أن 
يصبح الأفغان قادرين حقاً على العمل بشكل مستقل. 

أضفت "أولويتنا الثانية هي إضعاف النشاط المتنامي لحركة طالبان وشبكة حقاني 
في المنطقة وسيطرتها التدريجية على المديريات في جنوب غارديز وشرقها". كانت غارديز 


367 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


تقع إلى الغرب من سلسلة الجبال التي بدت على شكل هلال حول خوست إلى الشرق» 
وكانت مركزاً حضرياً رئيسياً على الطرق بين الحدود الباكستانية وكابول إلى الشمال 
الغربي. وكانت أيضاً مقر حكومة ولاية باكتيا. US‏ نحاول Lege‏ الظروف للمشاركة 
القبّلية» ولكننا بحاجة إلى التخلص من بعض العناصر السيئة أولاً. 


قال فيكرز: "حسناًء ما المشكلة؟ لاحقهم". 


أوضحت أنه في المهمات الأكثر تعقيداء مثل مهمة البحث عن Le‏ للأسلحة أو 
اعتقال قائد في شبكة حقاني أو قتله» كان على فرق القوات الخاصة تقديم أربعين شريحة 
عن تصوّر العمليات» والحصول على موافقة من عشرات القيادات إذا أراد الفريق 


سألني فيكرز بتشكك 34 "عشرات موافقات القيادات؟ عدّدها!" . ورمقني المقدم 
الذي كان يرافقه بنظرة من ALS‏ كتف فيكرز. 


"بالتأكيد. الآن» على افتراض أن قائد طالبان المستهدف قد اجتاز كل الخطوات 
للتحقق من أنه شخص سيئ بالفعل» وهي عملية شاقة في Jo‏ ذاتهاء بعد ذلك على أفراد 
مفرزة العمليات ألفا التابعة لي أن يقوموا بإعداد إيجاز للمهمة بأكملها والحصول على 
الموافقة عليه من..."» وبدأت أعد على أصابعي» "واحدء قائد سرية القوات الخاصة؛ 
اثنان» قائد فرقة العمليات الخاصة في قاعدة باجرام؛ ثلاثة» قائد مجموعة القوات الخاصة 
في باجرام؛ أربعة» جنرال القوات الخاصة في كابول المسؤول عن جميع قوات العمليات 
ا لخاصة؛ خمسة» مسؤول ساحة المعركة المحلي (قائد الكتيبة التقليدي)؛ ستة» قائد لواء 
مسؤول ساحة المعركة (قائد اللواء التقليدي)؛ سبعة» القائد العام الإقليمي في باجرام 
لشرق أفغانستان". 


تغضن جبين فيكرز. وتابعث: "ثم إذا كانت المهمة ستتطلب استخدام المروحيات 
التابعة للوحدات التقليدية» كا هو الأمر في معظم الأحوالء يتعيّن علينا إطلاع؛ ثانية» 


368 


الفصل العاشر: الشيخ في خوست .. التفور من المخاطرة وضريبة التقاعس 


قائد كتيبة الطبران؛ وتسعة. قاتد لواء الطيران. وإذا كانت المهمة ملاحقة قيادة طالبان» 
لا بد من الحصول على موافقة قائد قوة إيساف أو أحد نوابه. وهذه عشرة إيجازات". 


تابعت: Le"‏ سيديء کا تعلمون نحن فخورون بأننا دائ نُجري مهامنا مع 
شركائنا من وحدات الجيش الأفغاني. ولكن هذا يعني أيضاً أنه ينبغي إبلاغ قيادتهم. 
لذلك نحن Lal‏ تُطلع قائد كتيبة الجيش الوطني الأفغاني. والذي بدوره يحتاج إلى أن 
يُطلع رئيسه» قائد لواء الجيش الوطني الأفغاني. هاتان الخطوتان هما رقم 11 و12". ولم 
Sx‏ لدي أصابع Se‏ عليها. 


كان لدى الموظفين في كل من هذه المستويات Le got (tla‏ واسعة من الأسئلةء 
ولكل من هذه المستويات حق النقض. 


وأوضحتٌ أيضاً أنه قبل أن يصل تصوّر العمليات إلى الخطوة ASW‏ كان على 
ضابط مسؤول مسكين في قيادتنا التأكد من أنه يتوافق مع قائمة البند 102 المرجعية التي 
تركّز على تنسيق عرض "الباوربوينت"؛ بحيث تبدو طلبات المهمات التي لا تعد ولا 
تحصى القادمة من مفارز العمليات ألفا في أنحاء أفغانستان موحّدة في المظهر عند تقديمها 
لمختلف القادة. 


ولهذه الأسباب» كان يجب تقديم تصوّر العمليات قبل أسبوع من المهمة للحصول 
على موافقات المعنيين وإطلاع كل هذه المستويات عليه. وكلما ارتفع مستوى المهمة» كان 
ينبغي تقديم تصوّر العمليات في وقت مبكر أكثر. 


"تذكر سيديء أن هذا هو فقط لإجراء بحث عن مخبأ أو استهداف قاقد طالباني 
واحد من المستوى المتوسط". 


سأل فيكرز المقدّم بحدّة: "ما الذي نفعله هنا بحق السماء؟". وقبل أن يتمكن 
الأخير من الإجابة» أطل مترجم مفرزة العمليات برأسه من الباب لإعلامنا أن عقيد 


369 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الجيش الوطني الأفغاني وموظفيه في الخارج» ينتظروننا لتناول طعام الغداء. واستغل 
المقدّم هذه الفرصة لإنباء ما كنت متأكداً من أنه يراه جلسة حديث غير ملائمة لمساعد 
وزير الخارجية» وهو برتبة تعادل 4 نجوم وكان مسؤولا لدى وزير الدفاع عن جميع 
سياسات القوات الخاصة. كان رجالي يبتسمون لي ونحن نغادر الغرفة. 


كنت أعرف أن هذا الحوار سيصل إلى قيادتي» ولكني عبّرت عن رأيي. وبحكم 
أنني اصطحبت الكثير من المسؤولين في هذه الأنواع من الرحلات خلال فترة وجودي في 
وزارة الدفاع الأمريكية» فقد كنت أعرف أخهم يريدون ساع آراء غير منمّقة من الجنود 
والمدنيين الأقرب إلى الأفغان والقتال. ولكنني كنت أعرف أيضاً أن أي أسئلة طرحها 
فيكرز عندما عاد إلى قاعدة باجرام الجوّية من شأنها أن تفسر على أنها حالات معزولة» 
ونادرة» ولا تمثل ما يجري على الساحة الواسعة. بالإضافة إلى ذلك لم يكن لدى المسؤولين 
المدنيين الزائرين الكثير من الرغبة لاستجواب الضباط العسكريين في الميدان. 


كانت القضية التي لم نناقشها هي الإجراءات التي يجب أن تحدث قبل تقديم 
تصوّر العمليات. كانت في المقام الأول سلسلة طويلة من جلسات الإحاطة وتصنيف 
المعلومات الاستخباراتية التي كان يجب أن تمرٌ خلال سلسلة من لوحات التقييم في المقر 
الرئيسي في باجرام وكابول» من أجل إثبات أن الأفغاني المعنيّ كان عضواً في التمرّد 
ويستحق الاستهداف قتلاً أو اعتقالاً. كانت العملية شاقة وشاملة» وتتطلّب مصادر عدة 
ذات جودة عالية لأنواع متعددة من المعلومات الاستخباراتية» قبل أن يتم وضع شخص 
على القائمة بأنه "مسموح" استهدافه. كان هذا أحد الأسباب التي جعلتني أنفر من 
واشنطن عندما كان الصحفيُون أو الأكاديميُون UGH‏ يزعمون أن قوات العمليات 
الخاصة تختار استهداف الأشخاص جزافاً أو بناء على معلومة فردية من منافس للقبيلة. 
كنت LE gal‏ على ضرورة إجراء فحص منهجي لتقديم الدليل على أن الأفغاني المعني 
كان حقاً يدعم التمرّدء قبل استهدافه عمداً. ومع ذلك. مثل قضايا أخرى» خرجت 
العملية عن السيطرة مع مرور الوقت» وأصبحت OYI‏ عملية جامدة وبيروقراطية تستنفد 


370 


الفصل العاشر: الشيخ في خوست .. النفور من المخاطرة وضريبة التقاعس 


قدراً هائلاً من موارد الموظفين للمحافظة عليها. وبالإضافة إلى ذلك» ولأن المتمرّدين 
الذين كنا نقترح متابعتهم كانوا يبقون على اللائحة لفترة محدودة فقط» فقد كانت العملية 
برمتها تتكرّر لكل منهم مرّات عدة في السنة» ومع أشكال متعددة من المعلومات الحديثة 
من أنواع متعددة من المصادر الاستخباراتية التي تبيّن أن الشخص ال معني كان يقدّم الدعم 
لحركة طالبان. وكان هذا صعباًء وخاصة عندما كان معظم قادة طالبان من المستويات 
العليا by Re‏ الحدود إلى باكستان خلال فصل الشتاء لأجل الراحة وإعادة التجهّز. 
وبحلول فصل الربيع» عندما يعبر هؤلاء القادة أنفسّهم مرة أخرى إلى أفغانستان لبدء 
موسم القتال» يكون كثير منهم قد سقط من قائمة الاستهداف بسبب قلة النشاط. وعلى 
الرغم من أن شرطة الحدود الأفغانية والمخبرين كانوا يبلغوننا أن قادة طالبان قد بدؤوا 
العودة» كان هناك القليل الذي يمكن فعله تجاه ALIS‏ باستثناء بدء عملية طرح أسماء 
المتمردين المستهدفين مرة أخرى. 


اذا كان يسمح هذه العملية بالاستمرار؟ هل كانت قيادتنا العليا غير مطلعة على 
ذلك» أو كانوا ببساطة لا يرغبون في تغيير النظام؟ كانت الزيارة التي قام بها القائد العام 
للقوات الخاصة في أفغانستان توضح BU‏ كان الجواب شحيحاً عن كلا التساؤلين. عندما 
تطرّق إيجازنا إلى الجنرال حول التحديات التي كانت 38 تواجهها في ولاياتهاء قام ضابط 
العمليات لديّ» يورك المحنك الذي لا يخشى أبداً التعبير عن رأيه» بانتقاد الإجراءات 
المعمول tle‏ واحتجٌ بشكل خاص على تضخمها منذ عام 2003« عندما كان هو والجنرال 
(الذي كان برتبة مقدم في ذلك الحين) يخدمان معاً. وقد فوجئ الجنرال؛ لقد كان قائداً 
جريئاً ذا شخصية آسرة» وأراد لنا أن نكون ناجحين. فأجاب أنه لم يرفض سوى عدد 
قليل من المهمات خلال الأشهر التسعة منذ أن تول القيادة. 


أجاب يورك: "سيديء كا UT‏ السيد فيكرز» فإن الواقع يشهد Seg OL‏ 
نادراً ما يتم رفضها بشكل قاطع من قبل أي قائد على امتداد سلسلة الموافقات. المشكلة 
هى أنها تتعرّض بشدة للاستفسارات» وتتأخر حتى تصبح غير ذات صلة أو أهمية". 


371 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وأضفتٌ أنا: "أو قد يوافق أحد القادة في سلسلة الموافقات على المهمة ولكن مع 
بعض القيود: فقط إذا تمّ توفير عتاد معين Joe‏ من المخاطر. [Sy‏ تعلمون» عادة ما تكون 
تلك الأعتدة غير متوافرة. والمشكلة هي أنه لا يتم النظر سلبياً إلى أي قائد تسبّب في تأخير 
أو تأجيل مهمة. إن الأمن آخذ في التراجع في ولاياي» ويحدث ذلك غالباً بسبب تقاعسنا. 
يجب أن تكون هناك بعض المساءلة عن ذلك. فبين) نتجتّب المسؤولية عن ALL‏ سنخسر 
هذه الحرب". كان بإمكاني أن أرى ملامح وجه مدير مكتب الجنرال وهي تتجهّم 
وعلمتٌ أنني كنت أتجاوز حدودي. طلب مني الجنرال إعطاء بعض الأمثلة على مالم 
يسمح لي أن أفعله بسبب القيود. 


"سيدي» جزء كبير من هذا التراجع مردّه نقص في الموارد» العسكرية والمدنية» 
اللازمة لتنفيذ حملة مكافحة التمرّد بشكل كامل. ومع ذلك» يمكننا أداء عمل أفضل 
بالموارد المتوافرة. لدى المسؤول التقليدي عن ساحة AS pall‏ سياسة تلزمه ألا يستخدم 
جنوده سوى المركبات المحصنة ضد الكمائن والمقاومة للألغام» الأمر الذي LF‏ بشكل 
JUG‏ من حركة الوحدات ويجعل وجودهم يقتصر على المساحات المسطحة المحيطة 
بمدينة خوست» ويمنعهم من الدخول إلى الجبال. حسناً. يمكنني التعامل مع ذلك إذ إن 
تلك المناطق هي الأكثر سكاناً. المشكلة هي أن شبكة حقاني» بدعم المقاتلين الأجانب» 
وضعت سلسلة من معسكرات التدريب ومصانع العبوات الناسفة في الأودية والجبال 
المحيطة بخوست". (وجهت مؤشر الليزر الذي في يدي نحو شريط على شكل هلال 
من الجبال المحيطة بخوست» تظهر على الخريطة التي بحجم الحائط). إنهم يستخدمون 
تلك المخبّات في هذه المناطق النائية لشن هجمات عبر خوست وإلى داخل أفغانستان نحو 
غارديز وكابول. لقد تم مراراً وتكراراً رفض الإذن بالوصول إلى هناك ومهاجمتهم من قبل 
عناصري في مفرزة العمليات ألفا وشركائهم من المغاوير الأفغان". 


سأل الجنرال إذا ما كانت وحدة المهمّة الخاصة التى تعمل بالقرب مثا نشيطة أو لاء 
وهل كانت مرجعيتها تتم خلال سلسلة منفصلة من الأوامر. أخيرتّه حول مهمة ناجحة 


372 


الفصل العاشر: الشيخ في خوست .. النفور من المخاطرة وضريبة التقاعس 


جداً قامت بها الوحدة في منطقتنا مؤخراً: "سيديء كما تعلمون» ليس عليهم التسوّل 
للحصول على المواردء وهم يلاحقون الأفراد ذوي القيمة العالية فقط» ويدخلون 
ويخرجون مباشرة ولا يبقون لتنفيذ حملة أمنية Ab gh‏ المدى في المنطقة» أو لدعم وحدات 
الجيش الأفغاني المشاركة كا نفعل نحن. على سبيل المثال» قامت الوحدة مؤخراً بضرب 
أحد معسكرات تدريب حقاني في مديرية قلندر عندما اتفق وجود شخص ذي قيمة عالية 
في تلك الليلة هناك. كان ذلك بارعاً؛ وصلوا إلى هدفهم ثم انسحبوا في حين كانوا 
E AL ela aie‏ وعندماعادت 
مجموعة من مقاتلي حقاني إلى ا مخيّم ليروا ما حدث» CES‏ فرقة العمليات الخاصة هجوماً 
مدفعياً واسع النطاق وقضت عليهم. الشيء العظيم» gdp‏ هو أن شيوخ المنطقة 
كانوا في قمة السعادة. فقد كان حقاني قد وضع المعسكر في وسط غابة صنوبر» ول يسمح 
للسكان المحليين بجني محاصيلهم ذات العائد النقدي الكبير. وعلى الرغم من أن 
الضربة المدفعية دمرت الكثير من أشجارهم» فقد جاء إلينا موكب من شيوخ قبيلة 
مانجال ليشكرونا على تخليص مناطقهم من حقاني. ونحن GOV‏ خضمٌ تعويضهم عن 
اعد ارد متك Ni gallons EA sol patti els‏ 
ليصلوا إلى تلك الجبال» وللقيام بدوريات وعمليات مسح طويلة الأمد لمواقع AGS‏ 
أخرى مشتبه في وجودها. لقد وردنا تقرير من قاعدة وكالة الاستخبارات المركزية في 
تشابمان بأن هناك شاحتتين تملوءتين بالمقاتلين العرب شوهدتا تسيران في الوادي". 

سأل الجنرال: "ما المشكلة؟". 

سوا ا ا رم ER‏ 
إلينا لا يرتقي إلى مستوى العملية» حيث كان علينا استخدام مروحيات ليلاً للوصول إلى 
eee ae‏ ب قة مختلفة. كانت حكياً بالإعدام 


البطىء Ags‏ أرادوا تقارير استخبارات أفضل» أو ذات جودة أعلى. وكانت المروحيات 
تخضع للصيانة. وكانوا يرون lef‏ مهمة ذات أولوية منخفضة؛ لأننا ل نكن نستهدف فرداً 


373 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


ذا قيمة عالية. وظلٌ الموظفون قلقين من عدم قدرتنا على إيصال فرّق الإخلاء الطبي إلى 
و 


تلك المناطق الضيقة. وقلت: "لذا أحضرت جرّاح الكتيبة إلى هناء وكدّست الإمدادات 
الطبية في مركبات جميع التضاريس كمحطة مساعدات صغيرة» لكن ذلك لم يكن كافياً". 


وأضاف يورك: "تعيّن علينا في نهاية المطاف أن نحوّل موظفينا وأفراد مفرزة 
العمليات إلى أولويات أخرى". 


انتهى الإيجاز والحوار باعتذارنا للجنرال عن اعتراضاتنا. إلا أننا شعرنا بأننا ندين له 
بأنه يدرك مدى إحباطنا. فقلت له: "سيدي» بصراحة» من وجهة نظري أعتقد أنه قد 
لحقت بنا إصابات كثيرة في هذه الجولة. كنا نعلم Lal‏ سنواجه معركة بملاحقتنا 
للمعسكرات التدريبية هذه في بعض التضاريس التي يصعب الوصول إليها. لا أحد يريد 
أن يقول ذلك» ولكن أعتقد أن قوة مهام العمليات الخاصة المشتركة المجمّعة كانت قلقة 
من تحمّل مسؤولية الموافقة على مثل هذه المهمة. لكن المفارقة المحزنة هي أن عدم تعطيل 
تلك المعسكرات ومصانع العبوات الناسفة سوف يتسب بشكل غير مباشر في سقوط 
المزيد من الضحايا على المدى الطويل. فللتقاعس عواقب كذلك". 


أجاب الجنرال: "حسناء مايك. كا تعلم أنت تحديداً» ونظراً إلى خلفيتك» Obs‏ 
أعداد الإصابات هي قضية حقيقية ساخنة. لن تصدق AS‏ التساؤلات والتخمينات التي 
تتدفق من واشنطن عندما يقع حادث مثل معسكر كيتنغ". كان يشير إلى معسكر آخر 
صغير كان قد 5 الاستيلاء عليه عام 2009. وأضاف "لكن مهمتي أن أتأكد من أن 
سياسة النفور من المخاطر هذه لا تتسلل إلى نفسك. دعني أنظر في هذه المسألة برمتها؛ لا 
أستطيع أن أعِدك بأنه بإمكاني تغيير نظام تصوّر العمليات» ولكنني في موقع يؤهلني dat‏ 
معقولاً أكثرء ولو قليلاً". كنا نؤمن بأن الجنرال سيقوم بمحاولة صادقة. ومع ذلك» كنا 
نعرف أنه كلما سقط المزيد من الضحاياء أصبحت الأوامر age gl‏ أكثر تقييداء وارتفعت 
المستويات التي يجب الوصول إليها للحصول عل الموافقة بقيام المهام» وأصبحت 
التفاصيل التي يجب توافرها دقيقة ومفصلة. 


374 


الفصل العاشر: الشيخ في خوست .. النفور من المخاطرة وضريبة التقاعس 


كان الحذر والقلق المفرط من التتائج الأخرى للاختلافات الجوهرية التي كنا 
نتعامل معها في حروب اليوم. وحرب أفغانستان كانت أول حرب مطؤلة في تاريخ 
الولايات المتحدة تجري بقوة من المتطوّعين بدلاً من التعبئة الإلزامية. من وجهة نظريء 
OG‏ التعبئة بشكل مفرط من قبل المؤرخين بسبب وصمة العار في فيتنام. ولكن في 
بعض النواحي المهمة» قد تكون التعبئة هي النظام الأفضل» حيث يلتحق الجنود لأداء 
الخدمة لمدة حددة» وينتصرون في الصراع؛ ومن ثم يعودون إلى وطنهم لمارسة شؤون 
حياتهم المعتادة. كانت لدم شركات عائلية» وفرص عمل» وسبل عيش كانوا تواقين 
للعودة إليها. كان هذا دافعاً هائلاً للقيام JS‏ ما هو ضروري لتحقيق النصر. 


Ll‏ مع تأسيس قوة قوامها المتطوّعونء أصبح الجيش مصدراً للرزق» ولذلك 
أصبحت الحياة المهنية الناجحة هي المهدف الأسمى. وبدأ الجنود» وخاصة الضباطء 
بالتركيز على الخطوات اللازمة للحصول على ترقية في بيئة تنافسية بشكل Y‏ يصدق. وفي 
الوقت الذي أنتج فيه النظام منتجات ذات جودة fol‏ فإنه أيضاً خلق بيئة حيث النجاح 
في المهنة أصبح هو الدافع المهيمن. وأصبح الانتشار في المهام الميدانية لمدة سنة واحدة (وإن 
كان Ee‏ جزءاً من عشرين إلى ثلاثين سنة أخرى من الحياة المهنية الطويلة» التي تنطوي 
على تضحيات شخصية وعائلية كبيرة. وتغيّرت الحوافز بشكل طبيعي مع مرور الوقت؛ 
فالآن أصبح المرء يتجنّب القيام ch‏ عمل من شأنه أن يضر با حياة الوظيفية بدلا من 
القيام JS‏ المخاطر الممكنة لكسب الحرب. كان الحافز للقائد أن يقضي فترة الانتشار 
بأقل عدد ممكن من الإصابات وتجنب الخضوع لتحقيق أو توبيخ على Las‏ مثل 
الإصابات في صفوف المدنيين. وكانت النتائج خسارة الإبداع» والتركيز على حماية 
القوات» والتشكيك المستمر من المقرٌ الأعلى بالضباط ذوي الرتب الدنيا عندما يطلبون 
إسناداً عالي المخاطرء مثل المدفعية والإسناد الجوي القريب. لم يكن هذا اتهاماً شخصياً 
لدوافع سلك الضباط» بل هي عيوب أساسية في نظامنا العسكري الحالي القائم على 
المتطوّعين؛ كانت هذه العيوب تقوّض قدرتنا على تنفيذ استراتيجية مكافحة التمرّد التي» 


375 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


في جوهرهاء كانت تتطلّب انكشاف الجنود على السكان المحليين والمخاطرة» لتحقيق 
النجاح. 


لقد تراكمت كل هذه المتطلبات على Jo‏ السنين لأسباب تبدو وجيهة» بيد أن الأثر 
الباقي fF‏ في أن مغادرة القاعدة أصبحت حدثاً بدلاً من Less‏ روتيناً يومياً. كانت 
المتطلبات الخاصة بالسلامة وحماية القوة والمراجعة على مدار الساعة لقيادات متعددة أعلى 
قد أصبحت عائقاً أمام التفاعل مع السكان. وني هذا الجزء من العام حيث العلاقات 
والثقة مهمة من أجل أي نوع من التقدم» غدت هذه الحواجز عبئاً حقيقياً. في النهاية 
تراجع شعور الأفغان بالأمان» وأصبحوا أكثر عرضة لترهيب طالبان وضغطهاء 
واستمرت خسائرنا بالتراكم. 

وبين) احتدم النقاش في واشنطن في خريف عام 2009 حول عدد القوات التي على 
الرئيس أوباما أن "يزيدها" في أفغانستان» أصبحت على قناعة ob‏ القوات الإضافية لن 
تساعد إلا إذا كنا على استعداد لتحمّل مخاطر أكبر في المدى القصير» والخروج من قواعدنا 
إلى القرى» وتمكين حتى القادة الأدنى رتبة الأقرب إلى الشعب الأفغاني من المشاركة في 
صنع القرار. 


376 


الفصل الحادي عشر 


دهم und‏ 
نظام الاعتقال والإفراج 


بحلول نوفمبر عام 2009» كان الوضع الأمني في غزني قد تدهور إلى درجة أن 
مفرزة العمليات ألفا-21 قد تحوّلت مهامها الرئيسية إلى القيام بشكل شبه حصري 
بعمليات دهم ضد قيادة طالبان. وكانت مجموعة القتال البولندية المسؤولة عن أنشطة 
الأمن وإعادة الإعمار الأوسع في الولاية قد قصرت نشاطها على تسيير دوريات في 
الطريق الدائري بجزئه الذي يمر عبر غزني لإبقائه مفتوحاً. وكان فريق إعادة الإعمار 
المحلي وفريق التنمية الزراعية يتعرضان للهجوم دائاً في كل مرّة يحاولان فيها دخول قرية 
لتنفيذ مشروع تنموي. وظلّت أحياء بأكملها في مدينة غزني تعتبر مناطق محظورة على 
الشرطة الوطنية الأفغانية. وكانت هناك الكثير من المديريات» بما في ذلك أندار» حيث 
JS‏ براين وودز» ومديرية قره باغ في النصف الجنوبي من الولاية» تحت السيطرة التامة 
لتنظيم طالبان» مع عدم تمركز أي وحدات من قوات التحالف أو الجيش الوطني SEI‏ 
هناك. في الواقع عاش حاكم مديرية قره باغ في الأمان النسبي الذي تتمتع به مدينة غزني. 
OV,‏ المنطقة كانت في تلك الحالة السيئة» غادرت خوست مرة أخرى بالطائرة مع مفرزة 
العمليات ألفا-23. وفصيل من مغاوير الجيش الوطني الأفغاني» وجماعة صغيرة من مقر 
مفرزة العمليات برافو التابعة لي. 

كنت» أنا وجرانت قائد فريق مفرزة العمليات -21 محبطّين من عدم قدرتنا 
على بذل المزيد من الجهد لنفهم بشكل أفضل الديناميات السياسية والقبلية التي كانت 
تغذي التمرد في غزني. لقد ناضلنا من أجل وضع استراتيجية لتغيير هذا الوضع بمفرزة 
عمليات ألفا وشركائها المتاحين من الجيش الوطني الأفغاني للقيام بعمليات هجومية. كنا 


377 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


على يقين من أن جزءاً من أسباب تدهور المنطقة يعود إلى تدافع كبار قادة طالبان والقادة 
التابعين لزعيم الحزب الإسلامي قلب الدين حكمتيار نحو المنطقة» حيث شعروا بوجود 
فرصة سانحة لم نظراً إلى الأعداد الصغيرة نسبياً من قوات التحالف والقوات الأفغانية 
في الولاية. وكنا مصمّمين على ممارسة الضغط على هؤلاء القادة الكبار والسكان المحليين 
الذي قاموا بتجنيدهم من خلال تنفيذ أكبر قدر ممكن من عمليات الدهم. كنا نعرف أننا 
بهذا النهج نخاطر بتنفير السكان» لكننا كتا نعلم أيضاً أن ترك هؤلاء القادة في المكان 
ليقوموا بإقناع القبائل أو ترهيبها لكي تعمل لمصلحتهم» كان يشكل خطراً أكبر. 


كان قادة مثل الملا سادن» زعيم حركة طالبان في مديرية قره باغ» هم مَنْ كنا نسعى 
إلى القضاء عليهم. فإذا لم نتمكن من قتل سادن أو إلقاء القبض عليه فإننا على الأقل 
سنجعله يخشى العودة إلى منزله حتى إنه سيبقى في باكستان طوال فصل الشتاء. كان 
أسلافنا في مفرزة العمليات ألفا-21 قد ألقوا القبض على سادن» واحتجزوه في قاعدة 
باجرام الجوية لمدة سنة تقريباًء وأطلقوا سراحه مؤخراً باعتباره يشكل "تهديداً من الحد 
الأدنى". لم يكن لدينا أي فكرة عن كيفية اتخاذ ذلك القرار» ولم تتم استشارة الفريق بشأن 
الآثار المحتملة للإفراج عنه في ولاية غزني. في الواقع» كان جرانت وفريقه قد تلقوا سلسلة 
من التقارير التي تفيد Ob‏ سادن كان يخطب في المساجد المحلية في جميع أنحاء مديرية قره باغ» 
ويقول إن الجيشين الأمريكي والأفغاني لم يتمكنا من المساس به» وإن أي شخص يتعاون 
معنا هو عدو للإسلام. كان نظام الاعتقال والإفراج الذي تطوّر خلال الحرب سبباً رئيسياً 
آخر من أسباب تدهور الوضع في غزني. كان سادن واحداً من بين عدد كبير من قادة 
المتمرّدين الذين تم القبض عليهم من الولاية» وكانوا الآن قد عاد كل واحد منهم إلى مسقط 
رأسه. وكانت المقار الأمريكية في باجرام ببساطة صغيرة جداً ولا يمكنها استيعاب احتجاز 
قادة طالبان بشكل دائم» وخاصةً مع زيادة التمرّد وأعداد الأسرى الذين تحتجزهم قوات 
التحالف. إن من المؤكد أن الوضع برمّته جعلنا نشعر كا لو كنا نضيع وقتنا وجهدناء وغالباً 
ما كان يجعل معنوياتنا منخفضة. وكان بصيص الأمل الوحيد هو أن عدداً صغيراً من قادة 


378 


الفصل الحادي عشر: دهم ليلي .. نظام الاعتقال والإفراج 


المستوى المتوسط للمتمرّدين كانوا قد حاولوا مؤخراً أن يتوصّلوا إلى هدنة مع قوات 
التحالف» بعد أن جعلتهم العمليات ال هجومية يئنون تحت ضغط شديد. كنا نأمل أن يكون 
لسلسلة عمليات الدهم التي خططت مفرزة العمليات ألفا-21 لتنفيذها ضد سادن 
calle ys‏ التأثير فيهم بإرغامهم على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. 


بعد أسابيع عدة من العمل لإعادة سادن مرة أخرى إلى قائمة الأهداف من خلال 
إثبات أنه عاد إلى السلوك السيى» قدّمت مفرزة العمليات ألفا-21 تصوّر عمليات من 
أجل تنفيذ مهمة لقتله أو إلقاء القبض عليه في أحد منازله في قره باغ. أبلغنا المصدر 
الرئيسي للفريق الذي كان أيضاً جاراً لسادن؛ أنه كان في منزله يستعد للمغادرة إلى 
باكستان لقضاء فصل الشتاء. ومن خلال عملية تدقيق قمنا بها عرفنا أن جار سادن كان 
يتصرف بدافع من ثأر عائلي بسبب أرض متنازع عليها. لكننا عرفنا أيضاً من مصادر 
أخرى أن سادن قتل مؤخراً رجل شرطة بإطلاق النار عليه أمام أهل قريته. كما قام بشكل 
منتظم بتسهيل عمليات تهريب شحنات من المتفجرات والأسلحة القادمة من باكستان. 
نحن OYI‏ ببساطة نحتاج إلى ضوءٍ أخضر من شتى القيادة العليا ومن دون تأخير من أجل 
أن نقبض عليه قبل أن يغادر. 


وبين| كنا ننتظر الحصول عل الموافقة التامة على خطط العملية» اعتقدت مفرزة 
العمليات WI‏ أنهم فقدوا سادن مرة أخرى عندما اتصل المصدر وقال إنه غادر منزله. ولم 
يعرف المصدر إذا ما كان سادن ذهب فقط لقضاء الليل في مكان آخر أو أنه غادر لقضاء 
فصل الشتاء بكامله. 


أخبرت جرانت بأن يترك تصوّر العملية الخاص بالمهمة يمضي في سلسلة 
الإجراءات المختلفة للحصول عل الموافقة. لم أكن أريد أن أبدأ الإجراءات من جديد إذا 
حدث وعاد سادن إلى منزله. ورداً على ذلك قال جرانت: "إن قوة مهام العمليات الخاصة 


379 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


المشتركة المجمّعة ستغضب إذا ما استغرق الأمر أسبوعاً لإبلاغ إيساف» وأرسلوا لنا بعد 
ذلك مروحيات Ly‏ نقم بتنفيذ المهمة". 

"أعرف ذلك. تحدّث إلى عناصرك الاستخباراتيين حول إذا ما كان الأمر يستحق 
دهم منزله بأي حال» وربا الوصول إلى مخبأ أسلحته التي يفترض أنه يمتلكها. على الأقل 


خريطة )13( ولاية BF‏ 


Dal 
Kungdi 





وبين| نحن ننتظر الموافقة على تصوّر العملية» قدّمت مفارز العمليات ألفا تعليماتها 
الداخلية الأساسية الخاصة بالمهمة» ثم جلستٌ مع شركائها من القوات الأفغانية لمناقشة 


380 


الفصل الحادي عشر: دهم ليلي .. نظام الاعتقال والإفراج 


المهمة. وجرت مناقشة كل التفاصيل: الترتيب الدقيق لصعودهم ونزوهم من المروحية» 
ومكان هبوط المروحية؛ ومكان وجود gra fll‏ وتحديد عناصر المغاوير أو الشرطة 
الذين سيشاركون ومع أي مشغل عمليات بشكل دقيق» ومن سيحمل المعدات» وتحديد 
تلك المعدات؛ وكيف سيعملون على تقليل الخسائر في صفوف المدنيين» وكيف سيردون 
ا ا 


كانت طريقة دخول مجمّعات الأفغان التي تشبه القلاع تسبّب دائياً بعض الجدل. 
فكثير من إخوتنا التقليديين وحتى نخبة وحدات المهام الخاصة كانوا ينقذون ما سمّوه 
"نداءات الاستسلام"؛ حيث كانوا يحاصرون المجمّعء ثم يعلنون من خلال مترجم لقائد 
طالبان المشتبه بوجوده في الداخل أنه ورجاله حاطون» ويأمرونهم بالخروج. كانت هذه 
الوسيلة تستخدم كمحاولة للحد من الخسائر المحتملة في صفوف المدنيين في أثناء تنفيذ 
الدخول القسري إلى المجمّع. ولم أكن» ولم يكن رفاقي» من مشجعي "نداء الاستسلام". 
وخلافاً لعمليات الدهم التي Lede‏ وحدات المهام الخاصة» كانت مفارز العمليات ألفا 
التابعة لي تزيد قليلاً على ستة عناصر أمريكيين ملحقين بعشرات من قوات الجيش 
الأفغاني أو الشرطة في المهمات» وكان التنسيق المطلوب ل "نداء الاستسلام" يشكل 
تحدياً كبيراً. كنت أفضّل الدخول بصمت» حيث US‏ نحمل سلا قابلة للطي إلى BAA!‏ 
ونستخدمها لإدخال عنصر متسلّل من فوق الجدار الخارجي للمجمّع لكي يقوم من 
الداخل بفتح البوابة المعدنية الموجودة على الجدران الخارجية لمعظم المجمّعات. وعادةً ما 
كان يقوم عنصر أو اثنان من المشغلين بالوقوف على سلالم منفصلة» لمراقبة الحركة داخل 
المجمع le‏ يتسلّل الجميع خلسة إلى الداخل. لم يكن هناك شيء في العام يضاهي النقر 
على جبين أحد قادة طالبان بفوهة بندقيتك وجعله يستيقظ مصدوماً بمجموعة من الجنود 
الأمريكيين والأفغان الذين يرتدون نظارات الرؤية الليلية ويقفون فوق رأسه. لقد أحببت 
إرسال الرسالة بأننا نستطيع الوقوف فعلياً عند أسرة نومهم من دون أن يعرفوا ذلك. كا 
أحببت ذلك الأسلوب الذي لا يثير انتباه بقية سكان القرية في حال دخولنا إلى المجمّع غير 
الصحيح» أو إذا كان هناك عناصر آخرون من طالبان في الجوار. كما أحب هذا الأسلوب 


381 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


جنودُ الجيش الأفغاني Lal‏ لأنه لم يكن مزعجاً في المجوم كنسف الأبواب بالمتفجرات 
واقتحام المنازل من دون استئذان. أيضاً كان الدخول الصامت خطيراً للغاية» ولكن 
تقتصر خطورته على بضعة رجال فقط يتس لقون السلا م في بداية الدهم» ولاسيا 
الشخص الذي يقفز إلى الداخل» وعليه كانت هناك أوقات اضطررنا فيها إلى وضع عبوة 
متفجرات صغيرة على الباب لكي نضمن فتح البوابة» وإصابة كل مَن في الداخل بالصدمة 
لوقت يكفينا للوصول إليهم. 


وابتداءً من صيف عام 2009( بدأنا نتلقى بلاغات منتظمة بأن عناصر طالبان 
كانوا يفخَخون مداخل مجمّعاتهم في الليل بألغام مضادة للأفراد وأسلاك تفجير. وكان من 
الواضح أنها تكتيكات قادمة من العراق. كنت مع مفرزة العمليات ألفا-21 في غزني 
عندما ورد بلاغ بأن حارساً متجولاً قد داس على لوحة ضغط لعبوة ناسفة موجودة تماماً 
داخل باب مجمّع يشغله عناصر طالبان في قندهار. وقد أثار هذا الخبر شجون أعضاء 
الفريق» لأنہم كانوا في وقت سابق من ذلك العام قد دخلوا إلى منزل pee‏ لينفجر في أثناء 
البحث عن الجندي الأمريكي المفقود باو بيرغدال. فبعد تلقي بلاغ بأنه قد يكون محتجراً 
في بلدة على الحدود مع ولاية بكتيكا حيث فقد أثره» تلقى الفريق أمراً بمهاجمة المجمع 
وتفتيشه. وبعد أن وجدوا المنزل فارغاًء اكتشفوا سيارة كانت مركونة في الفناء وصندوقها 
مملوء بالمتفجرات إلى جانب غرف عدة مفخخة بقوالب من مادة سي فور 04 المتفجّرة 
مجهزة لنسف سقف المنزل بأكمله. كان من الواضح أن عناصر طالبان قد استخدموا 


بيرغدال كطعم لإيقاعنا في فخ» وقد حمّدنا الله على فضله لأن المنزل» ولسبب ماء لم ينفجر. 


قال روب» مهندس الفريق» ee‏ كان يقرأ تقريراً عن الأبواب المفخّخة "أولئك 
الأوغاد؛ أعتقد أننا سنضطر إلى الشروع في الدخول عبر الجدران وليس عبر الأبواب!". 
الجسور وراء خطوط العدوء مع أن معظمهم كان يفضل العمل الأخير. كان روب متين 
الجسم وطويل القامة» وكان مظهره يشبه راكبي الأمواج؛ Bale‏ ما كان يصيح: "أوقاتا 
طيبة!"» بينم يرفع إبهامه للأعلى. وبغض النظر عن الوضع» سواء أتقطعت به السبل في 


382 


الفصل الحادي عشر: دهم de‏ 5 نظام الاعتقال والإفراج 


عاصفة ثلجية أم كان يطلق صاروخاً من فوق مركبة محصّنة ضد الكمائن والألغام خلال 
كمين» فإن روب يرد بعبارة "أوقاتاً طيبة!". بعد يوم رأيته يخرج من ورشته في قاعدتهم 
ومعه لوح من الخشب cb grall‏ وهو حاط بمتفجرات مصنوعة من مادة سي فور 
المتفجّرة. كان قد صنعها ليطويها إلى نصفين بحيث يمكن حملها إلى الهدف» ولصقها على 
الجدار الطيني السميك المحيط بمجمع ماء وتفجيرها لتصنع فتحة بحجم رجل في الجدار 
السميك. قال "هذا بالتأكيد سيكون طيباً!". ابتسم وهو يسير إلى الثكنات الأفغانية 
ليريهم هذه الأداة الغريبة الجديدة. 


وحال إعداد خطتنا الأولية للسعي وراء سادن» جلسّت جميع فرقنا مع شركائنا من 
القوات الأفغانية» وكشفنا عن معلومات استخباراتية بالقدر المسموح LS‏ كشفه» وبحثنا 
أفضل السبل لتنفيذ هذه المهمة. وكان لكل قائد أفغاني رأي ختلف حول طريقة تنفيذ هذه 
المهمة. كان بعضهم راضياً بالموافقة فقط؛ وبذل قادة فريقي قصارى جه ودهم لإجبار 
الأفغان على المشاركة في عملية التخطيط» ولكن في معظم الأيام كانت تلك مهمة ABLE‏ 
كان شركاؤنا من القادة الأفغان الأكثر خبرة يصرون بشدة على تفاصيل الإجراءات 
التي يجب أن يتخذها رجالحم. وني المقابل» كان هناك قائد واحد تحديداً يتبع أسلوب عدم 
التدخل على الإطلاق في موضوع التخطيط. وقد علمنا لاحقاً أن سلفه قد تم تجريده من 
رتبته بعد أن أطلق رجاله النار بطريق الخطأ على اثنين من الصبية الصغار لدى اقترابهم 
بسيارة عائلتهم من إحدى نقاط التفتيش. كان قائد السرية يتعمد عدم المشاركة في 
التخطيط للمهمة بحيث كان يتبع مبدأ الإنكار المقبول ليتمكن من إلقاء اللوم على 
الأمريكيين في حال حدوث خطأ ما. 

في وقت متأخر من بعد الظهر» أعلن ضابط العمليات من فريق عمليات القوات 
الخاصة في قيادتنا العليا في قاعدة باجرام الخبر السارٌ oh‏ قام ol‏ بمتابعة تصوّر العملية خلال 
سيره في إجراءات الموافقة. وقال لنا بفخر إنه استطاع أن يحصل لكلا الفريقين على طائرات 
للعمليات الخاصة خصصة لتنفيذ هذه المهمة» وهي مروحيات من طراز شينوك مجهزة تجهيزاً 
خاصاً يقودها طيارون من النخبة يمكنهم إنزالنا على سطح المكان المستهدف في الليل. 


383 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 
قال له جرانت: "سيدىء نعتقد أن سادن غادر منز له قبا , ليلتين". 
جر يدي ر ممرلة قبل لين 


انفجر ضابط العمليات بالرد قائلاً: "اللعنة يا رفاق» أوجدوا شيئاً أفضل نفعله 
بتلك المروحيات. لقد أقمنا الدنيا وأقعدناها لنحصل لكم عليها. إذا تركناها تذهب من 
دون أن نستخدمهاء فإننا لن نحصل عليها مرّة أخرى". 


وبضربة حظ اتصل جار سادن لاحقاً في اليوم نفسه؛ على ما يبدو أن سادن عاد 
لتوّه إلى قريته لقضاء ليلة قبل أن يغادر إلى باكستان. تمت الموافقة على المهمة» ودعونا الله أن 
يبقى الطقس جيداً وألا تتعطل المروحيات. 


بالرغم من الصعوبات البيروقراطية التي كانت تعترض عملية استهداف أحد قادة 
المتمرّدين» ولكن شيئاً في داخلي» شعر بالسعادة حينم تمّ تفويضنا بالانطلاق. وبغض 
النظر عن عدد المرّات التي قمت فيها بذلك» لم يكن هناك شيء في العالم يضاهي تلك 
الدفقة الصغيرة من الأدرينالين التي شعرت بها عندما صعدت إلى المروحية السوداء في 
جوف الليل. لم يكن في مروحيات العمليات الخاصة مقاعد» ومن ثم كان بإمكاننا حشر 
عدد أكبر من الأشخاص فيها. جلسنا جميعاً على أرضية الطائرة مثبّين إلى حلقات معدنية 
صغيرة على صف واحد يمتد من قمرة القيادة حتى منصة الخروج الخلفية للطائرة. وكان 
أزيز محركاتها مرتفعاً بشكل لا يصدق» لذلك كان الجميع يتكلم صياحاً من أجل التواصل 
مع رماة الرشاشات الموجودين على الأبواب» والذين أوعزوا إلينا أين نجلس» وأين نضع 
معداتنا الإضافية. وبصفتي قائد القوة البرية» نزعت خوذتي ووضعت سمعة الرأس التي 
سمحت لي بأن أتحدث إلى الطيارين. وقد استمعت إلى حديثهم عبر اللاسلكي وتنسيقهم 
مع المروحية الخلفية. والأهم من ذلك oel‏ أعطوني Me‏ تنازلياً دورياً للزمن المتبقي لنا قبل 
ا مبوط على هدفناء وقد مررتّه إلى الرجال عن طريق إشارة اليد. 


كانت مروحية إم إتش -47 شينوك مجهزة للعمليات الخاصة: تماماً كالتي US‏ فيهاء 
قد سقطت قبل بضعة أسابيع في غرب OLS‏ ما أسفر عن مقتل سبعة جنود وثلاثة 


384 


الفصل الحادي عشر: دهم ليلٍ 2 نظام الاعتقال والإفراج 


عناصر من إدارة إنفاذ القوانين الخاصة بمكافحة المخدرات. وقد فكرت بهم عندما 
تحر كت طائرتنا ال هليكوبتر على علو منخفض فوق مجموعات متناثرة من القرى الأفغانية» 
ثم قفزت أفكاري نحو عائلتي» كما يحدث دائ) قبل أي مهمة. لم أكن في الحقيقة أخشى 
الموت» لكني كنت مرعوباً من فكرة أن عائلتي ستضطر إلى التعامل معه. وبصفة ciale‏ 
فإن المنطق الذي كنت أفكر فيه هو أنني "إذا مت» فإنني ميت وانتهى الأمر". ولكن 
زوجتي ستكون أمَاً عزباء لبقية حياتها؛ وابنتي ستكبر من دون أبء ووالدتي ستفقد ابنها 
الوحيد. وحتيا» في كل مرة كانت تبدأ فيها هذه السلسلة من الأفكار» كنت أخرج نفسي 
منها وأذكر نفسي بأنني مسؤول عن هؤلاء الرجال» وينبغي لي التركيز في مهماتي. 


كنت أستطيع الرؤية من خلال الزجاج الأخضر لنظارة الرؤية الليلية؛ بعض 
الرجال كانوا نائمين وبعضهم كانوا يعبثون بمعداتهم متململين؛ ومعظمهم كان يحدّق إلى 
خارج المنصة الخلفية المفتوحة للمروحية يراقبون خطوط المنظر الطبيعي وهي تختفي في 
أثناء الطيران. كان كل شيء مظلاً باستثناء الانعكاس الخافت لضوء القمر على الصحراء 
الصكرية: 

وأعلن الطيار قائلاً: "دقيقة واحدة!"» فقمت بتفقد جهازي الخاص بالنظام العالمي 
لتحديد المواقع للمرة الأخيرة لكي أتأكد من أن المروحية تتجه إلى المكان الصحيح. (لقد 
كانوا دائ ينزلوننا ووجهنا معاكس للمكان الذي تم تحديده). كان يتعيّن علي حمل الجهاز 
الخاص بالنظام العا مي لتحديد المواقع وأمد بيدي في المواء الشديد البرودة خارج فتحة 
رامي الرشاش الموجود على الباب حاولا التقاط إشارة. 

وعند نداء "الثلاثين MASE‏ قام الجميع بفك الحلقات التي تربطهم بأرضية الطائرة 
وحاولوا بشكل مترابط النهوض على ركبة واحدة وهم يحملون جميع معداتهم» [ey‏ كانت 
الطائرة تتمايل في الجو من اهتزازات محاولتها ال هبوط. كنت في نهاية مؤخر الشينوك مقابل 
رقيب الفريق» بوبي» وجرانت» بحيث نستطيع أن نكون أول النازلين عند هبوط الطائرة. 


385 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


حال شعوري بن المروحية تبطئ سرعتها وتخفض مؤخرتها على الأرض ثار الغبار 
البني اللون ونفذ إلى المدخل الخلفي المفتوح. وعندما حطّت المروحية بقوة» شعرت كا لو 
أن قوة جبارة صفعت الطائرة لترتطم بالأرض. لقد دفعتني صدمة الهبوط بقوة للأعلى 
وصولاً إلى السقف» وشعرت بصوت انسحاق في عنقي» وسقطتٌ على ركبتي اليمنى. 
أحسست بألم في ساقي وأنا أنمهض بسرعة وأمد رأسي نحو منصة الخروج الخلفية 
للطائرة. وفي الجزء من الثانية الذي بقيت فيه هناك» سمعتٌ إطلاق نيران كثيفة من أسلحة 
أوتوماتيكية في مكانٍ ما بعيد. 


لقد ارتطمنا بالأرض بقوة كبيرة إلى درجة أنني كنت مقتنعاً بأننا سقطنا وتحطمنا. 
وكنت موقناً بأن شخصاً ما خلفي كان ميتاً. وسرى أل#مبرح في ركبتي اليمنى. جاءني 
صوت صياح من ورائي: "انطلق! انطلق! انطلق! اخرج من الطائرة!". أمسك شخص 
ما بدرعي الواقيةء وأنهضني» ودفع بي خارجاً على منصة oy DI‏ الخلفية للطائرة. 
فركضت متحمّساً بفعل دفق الأدرينالين في جسمي إلى أسفل المنصة المنحدرة بأسرع ما 
يمكن للابتعاد عن شفرات المروحية» وخطوت خطوات أخرى» وفجأةً شعرت بأنني 
أسقط سقوطاً حراً. وبعد ثانية لمست قدمايّ الأرض بقوة» وسقطت وارتطم وجهي 
بالتراب في حين ما تزال نظارة الرؤية الليلية مثبّتة على عيني اليمنى. لقد سقطت في فم بئر» 
على BL‏ ناتئة محفورة في الجانب. لحسن الحظ كانت الفتحة صغيرة نسبياً EAS‏ قد CASE‏ 

ii‏ ما من القفز فوقها بخطوة واسعة تماما إلى الحافة الناتئة الموجودة على بُعد أربع 
أقدام تقريباً تحت سطح الأرض. كل ما سمعته من ورائي كان: "لا تتبع الرائد! الف 
madid‏ 
خلال فترة خدمتي السابقة انتابني خوف من الوقوع في إحدى هذه الآبار التي تشبه 
الأنفاق المعروفة باسم "كاريز"» وهي تتألف من صف واحد من الفتحات» يصل عمقها 
في كثير من الأحيان إلى مئات الأقدام وتصل إلى طبقة من المياه الجوفية. كانت تلك 
الفتحات جزءاً من نظام ري قديم» يميّز المناظر الطبيعية في جميع أنحاء أفغانستان بتلك 


386 


الفصل الحادي عشر: دهم ليلٍ z‏ نظام الاعتقال والإفراج 


الفتحات المتعددة المتناثرة هنا وهناك» وبالطبع لم تكن هناك أي علامات ظاهرة للدلالة 


على وجودها. 


لقد ارتعشت وأنا ألتفت بنظري إلى الخلف وأرى اللهاوية السوداء. كما شعرت 
بحرج أكبر عندما مد رقيب اتصالات الفريق» توني» يده ليسحبني. وعندما خرجت Le‏ 
كان يمكن أن يكون ai‏ ارتسمت ابتسامة عريضةٌ على وجهه. فقلت: "اخرس» وشكراً 
للق" 


تحركت المجموعة إلى الأمام عبر زوبعة الغبار الكثيف التي أثارتها مراوح الطائرة 
وهي تغادر. وأوعز بوبي للجميع بالتوقف حتى نتمكن من رؤية المروحية الثانية قادمة. لم 
نكن نريد أن يقوم الطيار بإلغاء عملية by bl‏ بسبب وجودنا في طريقه» أو أن يحدث ما هو 
al fe bags dl pal‏ خرن spl Grey‏ لكوي GLE clang es Vi‏ لكان 
المفترض أن تكون فيه لذلك أوعز لنا بوبي بالتحرّك شمالاً إلى طريق ترابي من شأنه أن 
يوصلنا إلى القرية. 


عندما نظرت إلى الخلف رأيت معظم عناصر شركائنا من الشرطة الأفغانية 
ما يزالون يشكلون دائرة» وكل منهم Sle‏ على ركبة واحدة يقومون بالحراسة وتأمين الموقع. 
ches‏ بهم كل من رقيب الفريق وقائد الفريق لكي يتحرٌكواء ورأيت أحد رجالنا ينحني 
ويمسك بأحد رجال الشرطة ويدفعه بعنف باتجاهنا. في نهاية المطاف Lae WS‏ رتلا 
واحداً ونحن نهرول نحو المجمّع المستهدف أمامنا. وقام at gl‏ الجوي التكتيكي المشترك 
زيكيء بالإيعاز إلى المروحية الحربية من طراز ۸۳-130 التي تحلّق في الأجواء» بأن "تنير" 
المدف. وبعد ثُوانٍ ساط ضوء هائل من الأشعة ما تحت الحمراء مشكلاً بقعة ضوء على 
المجمّع» كا سطع مؤشر ليزري أكثر إشراقاً على باب المجمّع الذي كنا نعتزم دخوله. 


بعد دقائق من التحرّك بدأت أتنفس بصعوبة. فقد US‏ على ارتفاع 7,500 قدم 
نحمل hte‏ "خفيف الوزن" يصل وزنه إلى 50 رطلاً. لاح المجمّع في الأفق بجدرانه 


387 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الطينية التي ترتفع اثنتي عشرة قدماً وأبراجه التي تشبه القلاع. وبين US‏ هرول مباشرةً 
نحو وميض ضوء الأشعة الليزرية ما تحت الحمراء وجدت نفسي أحدّق في أعالي 
جدران المجمّع ونوافذه» بانتظار رؤية بريق نيران بندقية كلاشنكوف أو سماع صوت 
قذيفة صاروخية قادمة باتجاهنا. كان جميع عناصر القوات الأمريكية يراقبون باستمرار في 
كل الاتجاهات بواسطة الأشعة الليزرية ما تحت الحمراء ذات اللون الأخضر المركبة على 


وني لحظة اقترابنا من المجمّع» بحسب الخطة» انقسمت مجموعتان تضم كل منها 
ستة أفراد من الجنود الأمريكيين ومن الشرطة الوطنية الأفغانية لتأمين الجانبين المتقابلين 
للمبنى. وكان لهم هدفان: منع أي أحد من الهرب؛ ومنع أي شخص من تقديم الدعم من 
المجمّعات المجاورة. وني الوقت نفسه ركض ثلاثة عناصر إلى الباب المعدني» حيث قام 
واحد منهم بتوجيه سلاحه إلى الباب» بين| قام الآخران بمد طرفي الشحنة المتفجّرة 
الجدارية المدعومة بالخشب الرقائقي التي أعدها روب. 


كنت في نهاية رتل عناصر اهجوم الرئيسيين هذه المهمة» بحيث أستطيع الوصول 
إلى سطح المبنى بسرعة» والاتصال مع مقر قيادتنا في حال احتجنا إلى تعزيزات إضافية. 
وكان من شأن ذلك أيضاً أن يسمح لكل من جرانت وبوبي بالتركيز على إدارة عمل الفريق 
والشرطة الوطنية الأفغانية. كا أردت أن أتخذ موقعاً وأستمع إلى الاتصالات الجارية عبر 
جهاز اللاسلكي في) بخص مفرزة العمليات ألفا-23 وشركائهم من المغاوير الأفغان» 
الذين كانوا يقومون باقتحام مجمّع آخر في قرية مجاورة» كان يعتبر من المخابئ الأخرى 
للملا سادن. وكان جرانت في خط اهجوم الأول مع عناصر الهجوم» بين تولى بوبي قيادة 
عناصر الأمن. 


GLA‏ رتل خلف الزاوية القريبة من قسم الجدار الذي كان يعتزم روب تفجيره 
لتجنب أي شظايا ترتد من انفجار الشحنة. ومع أمر الحدوء الذي ges‏ مترجمنا باللغة 
"الدارية" المكسرة» تأكد عناصر الفريق من أن عناصر الشرطة المهاجمين كانوا مقابل 


388 


الفصل الحادي عشر: دهم ليلي .. نظام الاعتقال والإفراج 


الجدار وبعيدين عن مكان التفجير. واتصل روب مع جرانت قائلاً له إن الشحنة جاهزة 


85 


ثم بدأ جرانت العدٌ التنازلي للتفجير: "عند إشارتي» 23 22 1"؛ ثم دى صوت 
الانفجار! وتطاير الغبار والحطام في كل مكان» وارتج أفراد الشرطة من صدمة الانفجار. 
حبست أنفاسي» وقلت في نفسي "يا إلهي» يا روب". "انفجار أكبر من اللازم؟"» وهرع 
عناصر الشرطة الوطنية الأفغانية للدخول إلى المجمّع بشكل مرتبك عبر الفتحة التي 
تشكّلت بحجم باب في الجدار. ولحقنا بهم على الفور» وعلت صرخات متنافرة وبلبلة 
داخل المجمّع باللغات الإنجليزية» والدارية» والبشتونية: "انبطحوا!" و"أيديكم للأعلى» 
أيديكم للأعلى» أيديكم للأعلى!". 


كانت أماكن المعيشة منتظمة في صف طويل على شكل حرف L‏ مقابل OLSI‏ 
الخارجي من الجدار إلى يميننا. ولحقتٌ الشرطة إلى الغرفة الثانية وركضت بسرعة إلى 
طريق مسدود. وقفز قلبي من مكانه خوفاً عندما لوّح شرطي أفغاني بندقيته 
الكلاشنكوف في وجهي وهو يحاول التراجع خارجاً من الغرفة الصغيرة. وعندما غادرنا 
المكان كسرتٌ واحدة من العصي المضيئة بالأخضر كانت Jas‏ معلّقة في عتادي 
ورميتها على مدخل الباب كعلامة على أن الغرفة قد تم تفتيشها. وعندما تراجعنا خارجين 
من الغرفة» ندوس على بطانيات وأكياس من البصل» كنت أرى الشرطة وهي تقوم بكل 
لطف بتجميع العديد من النساء والأطفال الصغار إلى غرفة مجاورة. وكانت النساء يتتحبن 


في أثناء انتقاهن من غرفة إلى أخرى. 


تقدم عناصر الشرطة وأفراد الفريق BLL‏ أبعد على طول المبنى الطويل» يرافقون 
رجالا من ختلف الغرف وهم مكبلون بالأصفاد البلاستيكية المعروفة باسم الأصفاد 


المرنة» ويأمرونهم كي يجلسوا القرفصاء ووجوههم إلى الجدار. وأخيراً وجدت ما كنت 


389 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


أبحث عنه: إنه الّرج المؤدي إلى السطح. وقفزت صاعداً الدّرج الضيق» وهو ضيق 
جداً بحيث احتكٌ كتفي والعتاد بالجدران من الجانبين» واتخذت وضعية الرامي جاثياً على 
السطح وأنا أواجه بقية القرية. وكان زيكي خلفي مباشرةً» يتحدث إلى المروحية الحربية 
عبر جهاز اللاسلكي وهو يصعد الدّرج. وأبلغني أن المروحية الحربية قد رصدت شخصاً 
"هارباً" يركض من المجمّع. على ما يبدو أنه كان يختبئ في خندق على بعد مئات من 
الأمتار. وكان معه شيء في يديه» ولكن طاقم المروحية لم يستطع التثبت من أن ذلك 
الشيء كان سلاحاًء ولذلك لم يرغبوا في مهاجمته. 


أبلغت جرانت عبر أجهزتنا اللاسلكية الداخلية» وبدلاً من الجدل العقيم مع الطيار 
الكتوم» أوعز جرانت إلى بوبي لإرسال جزء من القوة الأمنية باتجاه الخندق للتحقق من 
الأمر. وبعد بضع دقائق بدأ ثلاثة من عناصرنا يتبعهم ستة من رجال الشرطة بشق 
طريقهم نحو خط من الأشجار والشجيرات الصغيرة على طول مجرى قناة ري. طلب 
زيكي من المروحية الحربية إنارة المكان» ومرة أخرى سطعت بقعة ضوء على OLSI‏ تنير 
المنطقة بأكملها بضوء كضوء الشمس أخضر اللون. ولمع مؤشر الضوء الذي يشبه شعاع 
الليزر على البقعة» حيث أمكن للمروحية الحربية أن ترى الرجل المختبئ في الخندق. 
وعندما نظرت بالعين المجردة في الظلام الحالك» ذكرت نفسي بالقول المأثور "نحن 
نملك الليل" حقاً. لم يكن لدى الرجل فكرة بأننا قادمون إليه. شاهدت رجالنا يعبرون 
حقلاً وأشعة الليزر الخضراء المنبعثة منهم تتراقص حول بقعة مظلمة في الأدغال. وصدر 
صوت طلقات عدة. واتصل العنصر القائد عبر جهاز اللاسلكي يقول إن الرجل قد ظهر 
مع بندقية في يده. فتلفظت بالشتيمة بصوت غير مسموع وأنا أتحسس على غير هدى 
هوائي جهاز الاتصالات عب رالأقار الاصطناعية المحمول. كنت أتجول ويداي مرفوعتان 
في ol adl‏ مثل God AI SLE‏ محاولة للحصول على إشارة كي أقوم بإبلاغ مقر قيادتنا العليا 
بها جري. ale dy‏ المطاف انضم Gl)‏ جرانت على السطح وبدأ بفتح جهازه الاحتياطي 
الخاص بالاتصال عبر الأقار الاصطناعية. 


390 


الفصل الحادي عشر: دهم ليلي .. نظام الاعتقال والإفراج 


كانت درجة الحرارة 15 درجة فهرنهايت في الخارج» Sy‏ طال وقوفي هناك» بدأت 
أرتعش أكثر. وكنت فعلاً أشعر بالخدر في أصابع قدمي» وكان قد مضى على وجودنا في 
المكان المستهدف حمس وأربعون دقيقة فقط. مشى زيكي وقال "سيدي الرئيس» نحن 
نخسر المروحية 480-130 لإسناد عملية التسلل لمصلحة مفرزة العمليات ألفا-23". 
كانت قيادة الطيران تتطلب وجود مروحية حربية أو مروحيتين هجوميتين قبل وصول 
مروحيات شينوك المسلحة بأسلحة خفيفة لتقوم بتطهير منطقة ا هبوط من أي مقاتلين من 
العدو يحتمل وجودهم قبل إنزال القوات. وبواسطة منظار الرؤية الليلية الذي كنت 
أرتديه CSE‏ من رؤية الخطوط السود العريضة المميزة لمروحيتين من طراز شينوك في 
الأفقء فصليت Be‏ ربع ةلا جلها 


سمعت صخباً فاستدرت BY‏ إلى داخل الفناء. رأيت أحد المترجمين يصفع أحد 
المعتقلين على مؤخرة رأسه. وبعد توقف لنصف ثانية نزل الرجل على الأرض بشكل 
دراماتيكي» أشبه بلاعب كرة سلة يمثل للحصول على خالفة لمصلحته. وفكّرتُ: G"‏ 
فهم يعرفون قواعدنا". كنت رى رتلاً يضم ستة رجال يجلسون القرفصاء وأيديهم مقيّدة 
خلف ظهورهم» ووجوههم إلى الجدار البعيد للمجمّع. وكان ملازم من الشرطةء 
ومترجم» واثنان من عناصر الفريق يقومون باستجواب كل واحد منهم. واستطعت أن 
أسمع عبر الرياح رقيب استخبارات الفريق يقول لأحد الرجال أن يتوقف عن الكذب 
ويطلب منه أن يكشف عن اسم مالك المجمّع. وني الوقت نفسه» أمسك عنصر آخر 
المترجم من ذراعه» واستطعت رؤية ظل العنصر وهو je‏ رأسه لإقناع المترجم بالكف 
عن أسلوب الصفع. 

أشار الرجل الذي كان قد تعرّض للصفع إلى كدمات على ذراعه. وادعى أنه 
تعرّض للضرب في أثناء احتجازه لديناء بعد أسابيع» وفي أثناء نقله إلى أحد مراكز 
الاعتقال التابعة للتحالف. وأثار هذا الاتهام إجراء تحقيق كامل من قيادتنا العليا. وبعد 
ساعات من المقابلات والإفادات تحت القَسَّم من الفريق تولاها ضابطنا التنفيذي» 


391 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


فرانس» تمت تبرئتنا بشكل تام. وقام فرانس» وهو محام ومدّع عام فيدرالي سابق للبيت 
الأبيض» بتنسيق إجاباتنا. فقد أربك الرائد الذي تولى التحقيق at LE‏ هذه 
الاتبامات» وأخيراً جعله يعترف Ob‏ هذه التحقيقات كانت إلزامية استجابة GY‏ اتهام من 
أي معتقل» حتى لو بدا هذا الاتبام وهمياً بشكل صارخ. ولسوء الحظء فإنه لن يكون 
التحقيق الأخير لاحقاً. فقد استغرق كل تحقيق أسابيع عدة» وجعلني أتساءل كيف 
للوحدات التي لم يكن Go‏ شخص مثل فرانس إلى جانبها أن تتصرف في هذه المواقف. 


كان قران زمیلا من مكب مشار الت الأبيقن للرئيس برش كنت ASST‏ 
الإعجاب والاحترام. بعد ظهر أحد الأيام من خريف عام 2008ء كنت LT‏ وفرانس 
نمشي إلى مكتبة الرئيس في الطابق الأرضي من البيت الأبيض. وكان قد اقترح أن نلتقي 
هناك لنستمتع لبعض الوقت» حيث إنه كان يعلم أنني سأجدها غرفة رائعةٌ؛ فهي مكتبة 
كاملة تضم مجموعة كتب لنكولن الشخصية وصورة لجورج واشنطن بريشة الفنان 
جيلبرت ستيوارت. وهناك» وأنا جالس تحت سيف لافاييت» طلبت منه بنوع من 
الاستخفاف أن يرافقني بصفة ضابط تنفيذي لديّ في خدمتي المقبلة في أفغانستان» وهي 
التي كان من المقرر أن تبدأ لاحقاً بعد أربعة أشهر فقط في فبراير 2009. كان فرانس محامياً 
ذكياً جداً وموهوباً وخريج أكاديمية "ويست بوينت"» وشرطياً عسكرياً سابقاً مؤهلاً 
كحارس دورية. ومع ذلك» كان قد مضى على خروجه من الجيش GIS‏ سنوات. 
ضحكنا معاً لاقتراح الانتقال معي في مهمتي على اعتباره أمراً سخيفاً شيئاً ماء وربها كان 
مستحيلاً من الناحية الإدارية وبيروقراطياً على أي حال. وبعد أيام اتصل بي في مكتبي»› 
وقال: "لا أستطيع التوقف عن التفكير في الأمر. لقد خرجت من الجيش قبل أحداث 11 
سبتمبر» ولم أحظ قط بفرصة للخدمة في العراق أو أفغانستان. إذا كنت تستطيع تحقيق 
ذلك فأنا أقبل". 


بالالتحاق بارس ab ll‏ لولاية ماريلانك والاعتراف به عل المستوى الفيدرالي؛ 


392 


الفصل الحادي عشر: دهم ليلي .. نظام الاعتقال والإفراج 


وإلحاقه Geb‏ وحدات القوات الخاصة كضابط شرطة عسكرية. ثم جرى استدعاؤه إلى 
الخدمة الفعليةء وتبيئته للانتقال إلى أفغانستان. لقد كنت فخوراً جداً بمهاراتي في مصارعة 
البيروقراطية. وقد أثارت هذه الخطوة دهشة بعض الناس وامتعاضهم» بمن فيهم رجالي. 
ولكن الكثير منهم غيّروا رأهم بعد الوصول إلى مسرح العمليات عندما وجدوا بيئة 
تقاض مثيرة للصدمة؛ حيث كانت تحقيقات القيادة في كل احتمال ارتكاب إساءة أمراً 
شائعاً. بدءاً من التأكد إذا ما كان عناصري يستطيعون وبسرعة مواكبة جميع التغييرات 
الحاصلة في قواعد الاشتباك, إلى تجميع حزم الأدلة المطلوبة للحفاظ على معتقلينا في 
الحجز. وتوجيه رجالي عبر وابل التحقيقات وانتهاءً بتقديم المشورة في الوقت الحقيقي إلى 
ضباطي خلال العمليات. وكان فرانس شخصاً LEY‏ بثمن بالنسبة إلى الوحدة. وفي 
النهاية» فإن وجود مستشار قانوني حصل على تدريبه في كلية الحقوق في جامعة جورج 
تاون» Joes‏ مواهبه في البيت الأبيض واستخدم القانون لمساعدتنا على إنجاز الأمورء 
كان أمراً يعادل وزنه ذهباً. ومعظم رجالي يتفقون تماماً معي في ذلك. 


في SLE‏ فترة خدمتناء CHES‏ سلسلة من المقابلات التي أجريت مع سجناء طالبان 
أنهم قاموا بتدريب بعضهم بعضاً للاستفادة من القواعد التي نتبعها في الاشتباك led‏ بخص 
المعتقلين. فقيادة طالبان في كويتاء باكستان» أمرت أتباعها برمي أسلحتهم عندما يواجهون 
قوة ساحقة» وهم على علم بأننا لن نطلق النار على الرجال العزّل وأنه سوف يتم 
احتجازهم ومن المرجّح CLAM‏ عنهم. وإذا تم إرسالهم إلى مركز اعتقال أمريكيء كانوا 
يعمدون تلقائياً إلى ادعاء سوء المعاملة ee Y)‏ يعلمون أننا سوف نضطر إلى فتح تحقيق في 
الموضوع) وللاستفادة من الظروف المعيشية النظيفة» كا كانوا يقومون بتحويل المجتدين 
الأقل ولاءً إلى راديكاليين» ويرؤّعون أي سجين كان قد عمل معنا. وكان التأثير الخالص 
لنظام الاعتقال والإفراج الذي اتبعناه عبارة عن انخفاض تدريجي في الدعم من السكان 
لأن قادة طالبان الذين يتم إطلاق سراحهم كانوا يعاقبون القرى الموالية للحكومة أو 
التحالف وينشرون رسالة تفيد بأنه لا يمكن المساس بهم. لقد كان ذلك النظام يلحق 
ضرراً بالغاً بحملة مكافحة التمرد التي أطلقناها. 


393 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


سمعت مع عويل الريح صوت اثنين من الرجال الموجودين في الأسفل في فناء 
المجمع يعترفان أخيراً Le‏ ليسا من المنطقةء ويدّعيان US bel‏ موجودين في قره باغ فقط 
لحضور حفل زفاف. ومع ذلك» عندما تم (Bl je‏ عن صاحب المجمّع ومن هو الشخص 
الذي كانوا يزورونه» ادعيا أنه لا يعرفانه. مشى رجل آخر من العناصر وطلب عبر 
مترجم من الشرطة أن يؤتى هم بأحذية وبعض البطانيات؛ eV‏ كانوا قدبدؤوا 


يرتعشون BLE‏ وهم لا يرتدون سوى قميص الشلوار التقليدي. 
قلت ساخراً: "أتساءل هل كنا لنحصل منهم على المعاملة نفسها؟". 
لم ينبس مترجمي بكلمة» بل قام فقط بتمرير إصبعه عبر حنجرته وهو je‏ رأسه. 


وني الوقت نفسه خرج عدد من ضباط الشرطة الآخرين من المجمّع وانخرطوا في 
نقاش مع رقيب الاستخبارات» ثم نظر الرقيب للأعلى إلى جرانت ly‏ على السطح» 
وضغط على زر جهازه اللاسلكي» وقال: "سيديء نعتقد أن النساء يخبئن ا هواتف 
المحمولة "Le Se gh‏ كيف تريدنا أن نفتشهء ؟" 


فقلت في نفسي: "اللعنة". كان رجال طالبان يعرفون أننا نبذل جهوداً خاصة تجاه 
احترام المرأة الأفغانية من خلال عدم السماح بتفتيشها من قبل الرجال» ولذلك غالباً ما 
كانوا يخبئون محظوراتهم في جلابيب النساء الطويلة والفضفاضة. وبسبب ضيق المكان في 
المروحيات» فإننا J‏ نجلب معنا جندية أمريكية ىا كنا نفعل في العادة» لاستجواب النساء 
وتفتيشهن. كانت قد تكوّنت لدي صورة ذهنية عن ردود الأفعال في اليوم اللاحق على 
الامبامات المتعلّقة باغتصاب ونهب النساء الأفغانيات» وهي قصة من المؤكد أن آلة 
الدعاية الطالبانية سوف تقوم بنشرها. كنت أرى تماماًء في خيلتي» قائد الفريق وأنا على 
OUI‏ طوال اليوم مع قيادتناء والتي ستكون بدورها على GUL‏ مع قيادتها العليا وهي 
تجيب عن سلسلة من الأسئلة. وضغط جرانت على زر جهازه اللاسلكي: "أريد تلك 


394 


الفصل الحادي عشر: دهم ليل .. نظام الاعتقال والإفراج 


الهواتف. لنجعل الشرطة تفتشهن ley‏ يقوم مترجمونا بمراقبتهن من دون وجود أي رجل 
أمريكي في الغرفة"» قال ذلك وهو ينزل الدّرج للمساعدة في التعامل مع الوضع. على 
الأقل سيكون الرجال الأفغان هم من يفتشون النساء وليس نحن. وبعد عشر دقائق 
رأيت مترجماً يخرج من الغرفة وهو يحمل هاتفين محمولين في يده. 


قبل دقائق عدة US‏ قد أوفدنا عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي كان يرافقنا 
للمساعدة في التقاط الصور لقتلى الأفغان حتى نتمكن من التعرف عليهم لاحقاً. كما 
كان العميل يحمل أيضاً جهازاً كان يقوم بتسجيل بصمات الأصابع إلكترونياًء وغيرها 
من البيانات التي يتم تحميلها إلى قاعدة بيانات أكبر للمساعدة في تحديد إذا كان الرجل 
أحد المتمردين المعروفين» أو لا. كنت أعرف أننا قد نواجه ابامات بقتل رجل بريء 
حين تتصل طالبان بوسائل الإعلام المحلية. كان عبء الإثبات بالتأكيد ملقى علينا 
وليس على المتهمين» وخاصة أن هذا الرجل d‏ يبادر بإطلاق النار علينا. بشكل عام 
بذلنا ما في وسعنا لجمع أكبر قدر ممكن من الأدلة بعد كل تماس مع العدوء كا لو كنا في 
مسرح جريمة محلية. وغالباً ما كنت أتسبب بتعريضنا لمخاطر إضافية» ولكنني كنت 
أشعر Gh‏ مضطر إلى القيام بذلك من أجل حماية رجالي من التحقيقات التي كانت تلي 
ذلك في كثير من الأحيان. 


صعد زيكي مرة أخرى يخطو فوق المداخن الصغيرة المبنيّة من الطين والمنتشرة على 
السطح» وأبلّغنا ob‏ إحدى مروحيات شينوك التي كان من المقرر أن Lias SL‏ خلال 
ساعة قد تضررت آلية إنزال عجلاتها عندما ارتطمت بالأرض. تمتمثُ في نفسي قائلاً: 
"هذا عظيم LOL‏ يمكن أن تكون هذه ليلة طويلة! كانت مروحيات العمليات الخاصة 
"شينوك" تقوم بمهامها تحت جنح الظلام فقط من أجل تجنب المخاطرة بمثل هذا العتاد 
القيّم خلال النهار. وإذا لم يتمكنوا من إصلاح المروحية في وقت قريب» فسيكون علينا 
أن نبقى هناك طوال اليوم حتى الليلة القادمة. ومن شأن ذلك أن يجعل اليوم طويلاً في 
قرية من المفترض أنها تضم أسرة الملا سادن وأفراد عشيرته. كان جرانت قد خط ط 


395 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


لدعوة شيخ العشيرة إلى مكتب الحاكم بعد أن عدنا إلى القاعدة» لتفسير سبب اعتقالنا 
لسادن. كنت خائفاً من اندلاع معركة خطيرة في اليوم اللاحق إذا بقينا هناك حتى الصباح. 
ولزيادة الأمر تعقيداًء كان من المتوقع أن Cy‏ عاصفة ثلجية في الليلة القادمة ويرجّح أن 
تمنع المروحيات من أخذنا بعد ذلك أيضاً. وبالإضافة إلى ذلك» فإن مروحيات شينوك لا 
تطير إلا مَثنى تحسباً لحصول عطل ميكانيكي في إحداهماء ولذلك كان من غير الوارد أن 
نطلب من قيادتنا توجيه تعليمات إلى المروحية السليمة لكي تقوم برحلات إضافية 
وحدها. وكان ما يزال في داخلنا الشعور السلبي من جراء حادثة "سقوط الصقر الأسود" 
في الصومال التي وقعت قبل خمسة عشر عاماً وفقدنا فيها ثانية عشر hice‏ وسلسلة 
حوادث إسقاط مروحيات خلال النهار. وكان التساؤل الذي تضطر كل قيادة إلى حساب 
عاقبته هو؛ إذا ما كان عليك أن تخاطر بعتاد قيّم مثل مروحية العمليات الخاصة لإخراج 
بعض الرجالء ثم المخاطرة بالمزيد منهم لاستردادها إذا تعطّلت أو 65 إسقاطها. لقد 
فهمت المعضلة» ولكن الآن بعد أن أصبحتٌ أحد الرجال الذين لم يكونوا يستحقون 
المخاطرة بالعتاد من أجلهم, لم يكن شعوري رائعاً! 


اتصل جرانت عبر جهاز اللاسلكي ببقية Whey‏ ليخبرهم عن الشينوك المعطّلة» 
ويبلغهم بأننا سنبقى في المجمّع ساعات إضافية» إن لم يكن طوال تلك الليلة والليلة التي 
تليها. وسمعتٌ تمتمة بشتائم عدة من الأسفل. وقد لاحظت أن الإحساس بالحرقة في 
قدمي ويدي قد اختفى (ely‏ أصبحتا في حالة خدر. نظرت إلى مقياس الحرارة في ساعة 
يدي وكان يشير إلى أن درجة الحرارة قد انخفضت إلى 11 درجة. على الأقل ساعد البرد 
في إيقاف الألم الذي كنت أشعر به في ركبتي بسبب عملية النزول القاسية. 


وكا لو أن الشرطة الوطنية الأفغانية كانت تقرأ أفكاري» فقد بدؤوا بسحب 
ا لخشب من كومة عند زاوية المجمّع وشرعوا بإشعال النار في متتصف الفناء. إن إضرام 
النار في متتصف غارة ليلية في بلاد طالبان كان ينتهك كل معنى لمعرفتي العسكرية. 
فبالرغم من أنني أردت أن يشعر الرجال بالدفءء فإنني كنت أعلم أن النار ستتحؤل إلى 


396 


الفصل الحادي عشر: دهم dd‏ 3 نظام الاعتقال والإفراج 


مغناطيس لا يقاوم الجذب جميع العناصر المشاركة في المهمة. وعندما رأيت رجال الشرطة 
الأفغانية ينجذبون نحو النار» اتصلت برقيب الفريق وذكرته بأنه لا أحد على السطح للقيام 
بالمراقبة الأمنية إلا أنا والموجّه التكتيكي المشترك وأحد ضباط الشرطة الوطنية الأفغانية. كان 
رقيب الفريق يسير عبر الفناء مع المترجم للتحدث إلى قائد الشرطة حول إرسال بعض 
رجاله إلى السطح» |S‏ دخل في نقاش dle‏ معه بخصوص النار. وتوصلا إلى تسوية» حيث 
وافق القائد على إضرام النار داخل جدران المجمع فقط. ولكنني سرعان ما رأيت نيراناً 
صغيرة تظهر خارج المجمّع في المواقع الأمنية» فقلت في نفسي "إنه هدف مثالي"» ورأيت توني 
يلوّح إلى رجل شرطة كان يقف بجوار قطعة حطب صغيرة تحترق بقصد توجيهه SLAY‏ 
النار. وبصورة نموذجية تماماً عن الأفغانيين» نظر الشرطي إلى توني» ونظر إلى أسفل إلى النار 
التي تحافظ على دفء قدميه» وانحنى ومد يديه وهو يرتدي القفازات لالتقاط قطعة الحطب 
المشتعلة» ومشى ومعه قطعة الحطب نحو توني ورماها عند أقدامه) لمشاركته في الدفء؛ ما 
[ghee‏ معاً هدفين الآن. ورأيت يديّ توني تلوّحان على اتساعهماء وهو يدوس بقوة على النار 
لإخادها بأسرع ما يمكنه. في حين بدا الشرطي حائراً ومرتبكاً قليلاًء ثم سار بكل بساطة 


نحو رفاقه الذين كانوا يقفون حول نار أخرى. 


عاد العنصر الذي كان قد طارد ذلك الشخص المارب بعد أن قام بتفتيش المسجد 
بجوار مجمّع سادن ومعه الكثير من الرجال الآخرين الذين اعتقلهم» ووجّه الأمر إليهم 
ob‏ يجلسوا القرفصاء في مواجهة الجدار. وقام رقيب الاستخبارات» والمترجم» وضابط 
الشرطة الوطنية الأفغانية بإدخال هؤلاء الأسرى واحداً تلو الآخر إلى غرفة» للتحقيق 
مع كل منهم على حدة. [S‏ رأيت خيال اثنين من الجنود يمشيان نحو الغرفة إلى جوار 
رجل يرتدي قناعاً يغطي وجهه بالكامل لإخفاء هويّته. كان من الواضح أن الفريق قد 
حصل على مصدره» وأنه سوف يساعدنا على التعرّف على الملا سادن ورجاله. 


تلقينا معلومات بأن الطيارين كانوا يحلّقون في طريقهم إلى قندهار لاسترداد 
مروحية أخرى على أمل عودتها في الوقت المناسب لانتشالنا؛ وسيكون الوقت ضيقاً 


397 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


لإخراج كلا الفريقين قبل طلوع الفجر. وبدأت آنا وجرانت» في مناقشة الحالات الطارئة» 
وقررنا أنه إذا لم تتمكن المروحيات من انتشالنا والعودة بنا إلى القاعدة وانتشال الفريق 
الآخر في الوقت المناسب» فسنمكث جميعاً في مكاننا لكي نوخد صفوفنا وندافع عن أنفسنا 
من داخل المجمّع في اليوم اللاحق إذا اضطررنا إلى ذلك. وباعتبار أن الطرق بين هذه 
القرية والقاعدة الرئيسية في غزني مزروعة كلها بالعبوات الناسفة» أدركنا أنه من غير 
المرجّح أبداً أن تقوم المجموعة القتالية البولندية المتمركزة في قاعدة غزني بإرسال قوة برية 
لتأتي وتقوم بإخراجنا. وهم لن يقولوا ذلك صراحةً بالطبع» وبدلاً من ذلك سيقومون 
بسلسلة غير واقعية من الطلبات الموججهة إلى مقر القيادة الأمريكية في باجرام للحصول 
على الدعم؛ كأن يطلبوا مهندسي تطهير الطرق وطائرة مرافقة. وسيكون عليهم أيضاً أن 
يطلبوا الإذن من قيادتهم في وارسوء وبذلك يجعلون المهمة غير مسوغة أساساً. وهكذاء 
كنت أعرف أننا سنكون وحيدين إلى حد كبير» وبدأتٌ في وضع الخطط الحربية حول كيفية 
توحيد صفوفناء واتباع أفضل السبل للتعامل مع القرية في صباح اليوم القادم. 


وأخيراً قام الرجال المحتّجزون بخلط القصصء وتعرّفوا إلى سادن صاحب المجمّع 
وقائد طالبان الذي US‏ نبحث عنه. مشيت إلى الرجل حيث كان مجلس القرفصاء في 
مواجهة الجدار مع بطانية تكسو كتفيه» وتساءلت مرة أخرى: هل كان يمكن لهذا الرجل 
أن يجلب لنا بطانيات وأحذية» |S‏ فعلنا معه؟ وكزته لكي يقف فالتفت ونظر Y‏ كانت له 
it‏ اعتنى بها جيداًء ورأس حليق» ووجه مملوء بالتجاعيد. حملق G‏ للحظة في الظلام؛ 
فقام شرطي اللهزارة الذي كان BE‏ على حراسته بوكزه بكعب بندقيته كي يخفض رأسه. 
وقفت هناك أحدّق فيه وهو Galle‏ القرفصاءء أفكر إذا ما كان الكلام معه مجدياً نظراً إلى 
نظام الاحتجاز العقيم الذي نتبعه. فحتى لو ESE‏ من العودة به إلى باجرام» فمن المر ججح 
أن يتم إطلاق سراحه خلال أقل من سنةء ليعود من جديد إلى إرهاب المنطقة. كم أن 
لدى جاره» خبرناء بالتأكيد أموراً كثيرة ليشعر GL‏ تجاههاء وقد يتوقف عن العمل معنا. 
كنت أعلم أن استخفاني وإحباطي LIS‏ يطغيان على حكمي» وتحدثت للشرطي الواقف 
بالجوار لكي يأخذ سادن إلى البوابة بحيث يكون جاهزاً عندما kp‏ بالمغادرة. 


398 


الفصل الحادي عشر: دهم ليلي .. نظام الاعتقال والإفراج 


بعد ذلك بقليل وردتنا معلومات Ob‏ المروحيات في طريقها إليناء وبدأث في تأمين 
محيطنا. أعطيت مترجمنا 10 آلاف بالعملة الأفغانية (نحو 200 دولار) كتعويض عن 
الخشب الذي أحرقناه والثقب في جدار المجمّع والنوافذ التي تضررت. فأعطاها إلى رجل 
كبير في السن قال إنه قريب أحد الرجال الذين احتجزناهم. لقد آلمني أن أعطيه هذا JUI‏ 
ولكنني كنت أعرف أيضاً أن التعويضات ستكون مهمة في جهودنا للتعامل مع شيوخ 
القرية في وقت لاحق» وحالما يخرج سادن من المشهد. إن هذا المبلغ سيكون جزءاً من 
رسالتنا ob‏ قضيتنا ليست مع قبيلتهم أو قريتهم أو حتى مع عائلة سادن» بل مع سادن 
نفسه» ودعمه الذي قدّمه لقتل الجنود ورجال الشرطة الأفغان الذين كانوا برغم كل 
شيء مواطنين من US‏ نفسه» ومسلمين. 


عندما خرجنا في رتل نمشي نحو الحقل المفتوح إلى نقطة الالتقاء التي سوف 
تأخذنا منها المروحية» لحقت بنا إحدى النساء إلى الخارج» وهي تنتحب بأعلى صوتها. 
قلت في نفسي: "هذه هي المرة الأولى من نوعها"؛ Balai‏ ما كانت تبقى النساء في المجمّع 
عند مغادرتنا. خطر لي أنه ليس لديها أي فكرة عما سوف نفعل بالرجال الذين كنا 
نأخذهم. من الممكن أننا كنا نأخذهم لإعدامهم. جعلت أحد المترجمين يعود ويخبر المرأة 
بأننا أخذهم إلى مقر الشرطة في مدينة غزني» وقلت له أن يترك ها رقم SAI BLA‏ 
لقائد الشرطة. وتمتم أحد الجنود الذين يمشون معي كما لو كان يتحدّث إليها قائلاً: 
"إليك هذه النصيحة. توقفي عن السماح لزوجك بقتل الناس ولن يحدث ذلك". 

واستمرت المرأة باللحاق بنا والنحيب. تساءلت ونحن في طريقنا إلى نقطة الالتقاء 
إذا ما كانت معلوماتنا الاستخباراتية خاطئة؛ هل قمنا بدهم مجرد عائلة بريئة وأوجدنا 
المزيد من المتمرّدين بهذه العملية؟ هل كان كل ما جرى في هذه العملية مجرد محاولة من 
جانب خبرنا للقضاء على منافسين قبليين في القرية؟ 

وبعد بضع دقائق جاءت المروحيات وتسببت بتطاير الغبار والحجارة وقطع الجليد 
علينا في أثناء هبوطها. وقام بوي بالتأكد من عدد أفراد مجموعتنا على منصة الخروج الخلفية 


399 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


للطائرة» وجلست في مقعدي» ورفعت نظارات الرؤية الليلية عن عينيٌ» وأزحت الدرع 
الواقية التي كانت تضغط على كتفي طوال الساعة الماضية. هكذا كانت تجري معنا معظم 
مهام الأعمال العسكرية المباشرة» مع وجود اختلافات طفيفة؛ لقد كانت تتم من دون أي 
اشتباكات نارية بطولية أو تفجيرات ضخمة تسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا 
المدنيين» كا كانت تزعم وسائل الإعلام الدولية في كثير من الأحيان. على العكس من 
ذلك» عندما US‏ نقوم بتنفيذ مهمتنا بالشكل الصحيح» كنا نهاجم الهدف المعادي بدقّة 
مطلقة قبل أن يتسنى للعدو فرصة سحب أي سلاح. وقد تم إنجاز معظم هذه المهام من 
دون إطلاق رصاصة واحدة. 


في اليوم اللاحق استدعينا الكثير من خبرينا إلى القاعدة لكي نريهم صور الرجال 
المحتجزين لدينا. لقد تعرّفوا على ثلاثة من الرجال على أنهم قادة في طالبان» وكان الرجل 
الذي أطلقنا عليه النار على ما يبدو أحد الملالي الذين 14255 سادن بالأموال التي تم جمعها 
من القرويين» كا كان يقوم بتخزين الأسلحة في المسجد بشكل منتظم. ولسوء الحظء لم 
نتمكن من تحديد موقع المبلغ الذي كان يقوم بنقله بشكل محموم في تلك الليلة. ذهب 
فرانس للعمل على تجميع حزم الأدلة المطلوبة لإدخ ال الرجال إلى الحجز لمدة طويلة. 
وتساءلت مرة أخرى كيف يمكن لوحدة ليس فيها محام أن تحصل على موافقة لجنة 
الاحتجاز على اعتقال المشتبه فيهم. كانت حزمة الأدلة هذه تتألف في العادة من 25 إلى 30 
صفحة» وتشبه المذكرات الرسمية التي يتم إعدادها للمحكمة؛ لقد آتت أعمال فرانس 
أكلها؛ وبحلول نهاية فترة الخدمة كنا مسؤولين عن LAA‏ وثلاثين معتقلاً من أصل ستين 
تم قبول اعتقاللهم في باجرام من جميع فرق قوة مهام العمليات الخاصة المشتركة المجمّعة في 
ذلك العام. 


وكان القبض على الملا سادن هو الجزء السهل من المهمة» أما الجزء الصعب فكان 
الاستفادة من غيابه. وفي اليوم اللاحق زار جرانت القائد البولندي وضغط عليه 
للاستفادة من المجال الذي أفسحته إزاحة الملا سادن من bgt‏ بإرسال فصائله وفرق 
إعادة إعمار الولايات التابعة ها إلى مديرية قره باغ من أجل التواصل مع السكان. وبالرغم 


000 


الفصل الحادي عشر: دهم x cde)‏ نظام الاعتقال والإفراج 


من التأكيدات السابقة» fees‏ البولنديون من الأمر بادعاء أن قره باغ ماتزال منطقة 
خطيرة جداً. فإنه لم يكن هناك من خيار أمام مفرزة العمليات ألفا-21 سوى الاستمرار في 
ضرب قيادات التمرد بأشد قوة ممكنة. 


لحسن الحظ» وعلى مدى الأسابيع الثلاثة اللاحقة» وللمرة الأولى في فترة خدمتناء 
حصلنا على الأعتدة القيّمة التي تشمل المراقبة والاستخبارات والمروحية. وبدأت وحدة 
من القوات البحرية الخاصة الأمريكية في الجوار أيضاً شنّ هجمات داخل المنطقة. وبدا 
أخيراً أن القيادات العليا في باجرام وكابول أدركت خطورة الوضع في غزني. وقد AG‏ 
مفرزة العمليات ألفا-21 ومفرزة العمليات ألفا-23 Gls‏ عمليات إضافية -أشبه بالدهم 
الليلي للقبض على الملا سادن- أسفرت عن مقتل أو اعتقال معظم قادة المتمرّدِين 
الرئيسيين من المستوى المتوسط في مديريتين رئيسيتين في الولاية. كان لدينا ما يكفي من 
المعلومات لتنفيذ أربع عشرة مهمة ماثلة» ولكن الكثير من العمليات المقترحة إمالم 
تحصل عل الموافقة في الوقت المناسب أو ألغيت بسبب أحوال الطقس السيئة أو 
مشكلات صيانة المروحيات. 


وجدت الفرق أيضاً وسائل مبتكرة للإيقاع بين طالبان وقادة الحزب الإسلامي 
بقيادة قلب الدين حكمتيار والاستفادة من تنافسهماء بحيث يشتبه كل منهما في أن الآخر 
كان يقف إلى جانبنا ويتسبّب في الدهم. وبعد أيام قليلة من انتهاء العمليات» اتصل أحد 
قادة طالبان بجنرال بالجيش الأفغاني في قاعدته خارج مدينة غزني وألمح إلى أنه يرغب في 
الدخول في مفاوضات للمصالحة وإعادة الاندماج مجدداً في المجتمع الأفغاني. ووعد 
بجلب عشرات من مقاتليه معه. استغرق الأمرٌ بعض الوقت لتحديد إذا ما OLS‏ هذا 
التواصل مقبولاً أو لا. واتضح أنه توجّه حقيقي» ويمكن أن يشكّل خطوةً kage‏ إلى الأمام 
في ولاية غزني. كان مستوى النجاح في التعامل مع محاولة قائد طالبان لمقاربة التصالح أمراً 
حاس)؛ وكان قادة المتمردين الآخرين الذين ربا كانوا يقفون على الحيادء يراقبون الأمر 
لمعرفة ما يحدث. والجدير SUL‏ أن كل قادة طالبان الذين حاولوا إعادة الاندماج في 
المجتمع خلال فترة انتشارنا هناك عامي 2009 و2010, فعلوا ذلك بعد فترة من الغارات 


401 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الناجحة التي نفُذناها. Gy‏ هذه الحالة» قال القائد الطالباني إنه كان سيأتي لأنه تعب من 
كونه Lyle‏ ومن مقاتلة قادة طالبان الآخرين. وبعبارة أخرى» US‏ نحقق رد فعل إيجابياً من 
التعامل بالعصا (التعامل بالقوة)؛ والآن علينا تقديم بعض FI‏ (المكافأة). 


بعد الاتصال الأولي» Cry‏ إلى زملائي الموجودين في المكاتب المختصّة بالسياسة 
بشأن أفغانستان في البنتاجون والبيت الأبيض» نظراً إلى عدم وجود آلية أو برنامج جادٌ 
لرعاية المتمرٌّدين الذين أرادوا الانشقاق عن طالبان. وفي حال وجود سياسة أو برنامج 
في هذا الشأنء (es‏ بالتأكيد لم يرسلا إلينا. فقبل أشهر عدة من هذا الانتشار في ولاية 
غزني» كان أحد قادة طالبان من المستوى المتوسط مسؤولاً عن مديريات عدة في ولاية 
وردك إلى الشهال من غزني قد تعهّد بوقف القتال ضد الحكومة الأفغانية. ومع ذلك 
وكجزء من الاتفاق» Clb‏ من القائد ورجاله تسليم أسلحتهم وتم إجبارهم على حل 
مجموعتهم. بعد شهور من هذا الاتفاق dole] Ley‏ إدماجهم» جرى اختطاف قائد 
المجموعة من منزله» وقام حلفاؤه السابقون بقطع رأسه بوحشية. 


وغنيّ عن القول أن حركة طالبان ومن خلال هذا العمل الشنيع كانت تبعث 
برسالة إلى الأعضاء الآخرين في التمرّد» dy‏ نحصل على حالات أخرى من إعادة الإدماج 
في تلك المنطقة طوال الفترة الباقية من العام. وكان برنامج إعادة الإدماج» على ما هو عليه» 
مشايهاً للتعامل مع المافيا في نيوجيرسي من دون برنامج لحاية الشهود. أرسلت قيادة 
إيساف توجيهات تركّز على dole]‏ دمج المقاتلين من المستوى الأدنى في مجتمعاتهم القروية» 
في حاولة لإيجاد وظائف iad‏ واعتبار الشيوخ المحليين مسؤولين عن سلوك هؤلاء 
المدججينء في المستقبل» ولكن لم يكن هناك شيء حول كيفية حماية هؤلاء الرجال من انتقام 
OWL‏ وبدالي أن توفير برنامج الحاية كان خطوة أولى مهمة. كان يجب علينا أن نطلب 
منهم التخلي عن الأسلحة الثقيلة Oly‏ نسم ح هم بالاحتفاظ ببنادقهم الكلاشنكوف من 
أجل IA‏ الفردية الأساسية. ربا كان الأمر الأفضل من ذلك أن يكون تحفيزهم لحاية 
مناطقهم ضد التمرد كنوع من مفهوم قوة دفاع عن القرية تماثلة لبرنامج مجموعات الدفاع 


402 


الفصل الحادي عشر: دهم ليلي .. نظام الاعتقال والإفراج 


Gull‏ غير النظامية في فيتنام. كنت أشعر Ob‏ إعادة إدماج المقاتلين مدعومة بحماسة من قبل 
شتى القيادات العسكرية» في واشنطن» وبالتأكيد من قبل حلفائنا في أوروباء ولكن 
التخطيط بشأن كيفية تحقيق إعادة الإدماج على أرض الواقع لم يتجاوز مرحلة كونه حبراً 
على ورق. كانت الأساسيات» مثل ال هدف العام من البرنامج» ما تزال غير واضحة 
بالنسبة إليّ بصفتي قائد عمليات» هل أردنا إقناع هؤلاء الرجال للقتال بنشاط إلى Lisle‏ 
وجانب الحكومة الأفغانية ضد مواطنيهم السابقين؟ هل أردناهم على الأقل أن يكونوا 
أقل ELL‏ في حماية قراهم ورفض نفوذ طالبان؟ أو كان القصد هو نزع سلاحهم تماماً 
وإعادة إدماجهم مجدداً في المجتمع؟ 


باعتباري أعمل من دون أي خطة جادة لإعادة الإدماج» أوعزت لرجالي OL‏ 
يأخذوا زمام المبادرة في المفاوضات مع أحدث محاولة ميل للتصالح في ولاية غزني. أبلغني 
جرانت أنه قبل وصولناء كان قد وصل مسؤول وزارة الخارجية الملحق بفريق إعادة إعمار 
الولايات» وهو مندوب التحالف بخصوص أي مفاوضات محتملة بين الحكومة الأفغانية 
المحلية والمتمرّدين. ولكن جهود التواصل السابقة بشأن الراغبين في التصالح coal‏ على ما 
يبدو إلى نتائج غامضة نسبياًء مثل طلب القَسّم باتباع مبادئ الدستور الأفغاني» pads‏ 
الولاء للحكومة الأفغانيةء وتسليم عدد صغير نسبياً من الأسلحة الصغيرة. وكانت 
المشكلة الكبرى أنه لم يكن واضحاً داخل الحكومة الأمريكية مَن الذي كان يجب أن يقود 
زمام المبادرة في جهود إعادة الإدماج. ولحسن Ld‏ أن قائد المتمردين هذه المرة تواصل 
مع الجيش الوطني الأفغاني» الذي كان يعتبره الكثيرون في غزني بأنه أكثر جدارة بالثقة من 
الحكومة المدنية المحلية. وهذا ما أعطى جرانت نفوذاً بيروقراطياً لأخذ زمام المبادرة داخل 
التحالف في المفاوضات باعتبار أننا كنا النظير الطبيعي للجيش الوطني الأفغاني. وبعد 
أسابيع عدة من الأخذ والرد لم يقبل قائد المتمرّدين الحضور لإجراء المفاوضات معنا وجهاً 
لوجه. وأرسلت مفرزة العمليات ألفا BL,‏ له عبر شبكة من المخبرين تؤكد مسؤوليتها 
عن سلامته وأنه لن يتم استهدافه. وبدا أن هذا أدى إلى نجاح الوسيلة» والتقى قائد 
المتمردين مع بمثل عن الجيش الأفغاني على مشارف مدينة غزني. وقد وصل الرجل 


403 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وبجعبته مطلبان هما: التدريب على العمل والحاية. وكلاهما بدا معقولاً بالنسبة إلينا. ومع 
ذلك» أشار جنرال الجيش الأفغاني إلى أن الوظائف غير متاحة للجميع في أفغانستان» وأنه 
سيكون من المستحيل عليه أن يشرح لسكان غزني لماذا يحصل الرجال الذين دعموا 
حركة طالبان على الدعم الحكومي والتدريب على العمل» في حين أن الأشخاص الذين 
قاوموها ودعموا الحكومة لا يحصلون على شيء. كانت القضية الكبرى بالنسبة إلى قائد 
طالبان هي أنه لم يكن هناك شيء من قبيل برنامج حماية الشهود لحايته من الانتقام. 
وبالرغم من وعد الجيش الوطني الأفغاني بتسيير دوريات إضافية في المنطقة المحيطة 
بقريته» فإن ذلك لم يكن كافياً. وطالب القائد بأن يكون قادراً على الحفاظ بمجموعته كلها 
كإجراء دفاعي لهم ولأسرهم. وبطبيعة الحال أراد أيضاً أن يحتفظ بأسلحته» على JANI‏ 
بنادقهم الكلاشنكوف وعدد قليل من الرشاشات الخفيفة. وبعد الكثير من النقاش» على 
المستوى المحلي» وعبر العشرات من رسائل البريد الإلكتروني المتبادلة مع سلاسل قيادتنا 
المختلفة» أصر قائد المجموعة القتالية البولندي على أن هذا لا يمكن السماح به. وبدأت 
المفاوضات تطول» وقد LALT‏ غبرنا Ob‏ الشائعات بخصوص المناقشات كانت تنتشر. 
وبعد أسبوع تلقينا معلومات تفيد بأن القائد قد عاد إلى باكستان. لم نكن نعرف إذا ما كان 
قد عاد إلى كنف طالبان أو أن لديه سبباً مشروعاً آخر للسفر إلى هناك. بدأنا نتتساءل هل 
كان هذا الجهد كله حيلة لجعلنا نوقف العمليات ونخفف الضغط. وفي le‏ المطاف» 
اتصل القائد مرة أخرى واستمرت المفاوضات إلى حين إعادتنا إلى الولايات المتحدة. 
واضطر جرانت إلى تسليم زمام الجهود إلى alt‏ ولم نسمع عما حدث في نهاية الأمر. 


كان السبب الرئيسي في عدم LSE‏ من إتمام الصفقة هو أنه م تكن هناك سياسة 
متماسكة من جانبنا. كان يجب أن يمر كل جانب من جوانب الاقتراح عبر السلاسل 
المختلفة للقيادات: الجيش الوطني الأفغاني» والقوة الدولية للمساعدة الأمنية (إيساف)» 
والقوات الخاصة»ء ووزارة الخارجية [الأمريكية]ء والحكومة الأفغانية. لقد استغرقنا 
أسابيع للتوصّل إلى توافق في الآراء والرجوع إلى قائد طالبان لإبلاغه بالموقف. [ey‏ كانت 
حياته في خطر بسبب تواصله معنا. 


404 


الفصل الحادي عشر: دهم ليلي .. نظام الاعتقال والإفراج 


وهكذاء كنا في دوامة سلبية في ولاية غزني ونحن على أبواب عام 2010؛ مع قلة من 
الجنود لتوفير قدر أساسي من الأمن» وثغرات في سياستنا القائمة على الاعتقال 
والإفراج» وغياب كامل لبرنامج إعادة الإدماج. لقد نفذت مفرزة العمليات ألفا-21 
وشركاؤها من الشرطة الوطنية الأفغانية» وغالباً مع مفرزة العمليات دلتا 23 
ومغاويرهاء الدهم تلو الدهم من أجل صد مد حركة طالبان التي كانت تزحف نحو 
مدينة غزني من جميع الاتجاهات. وقد شبّهت الفرق جهودها بعملية "جز العشب": فقد 
أبقوه قصيراً قدر استطاعتهم» ولكنه ببساطة Jb‏ يعاود النمو أطول وأطول. كان أملي 
الوحيد يتمثل بوجود وحدات إضافية من الجيش الوطني الأفغاني» أو أن ad‏ الزيادة في 
أعداد القوات الأمريكية -التي تجري مناقشتها في واشنطن- طريقها إلى غزني بسرعة» 
بحيث لا يتمكّن أحد قادة طالبان من ملء الفراغ الذي نشا بعد أن أزحنا رجالاً مشل 
سادن من ساحة المعركة. وكان واضحاً أنه حين أعود إلى واشنطن سيتعيّن the‏ توضيح 
حجم الضرر الذي كانت تسبّبه سياسة الاعتقال التي نتبعها في Ladle‏ لمكافحة التمرّدى 
والضغط لتحسين إجراءات التعامل مع إعادة إدماج عناصر طالبان في المجتمع الأفغاني. 


405 


الفصل الثاني عشم 


صعود اللحية السوداء 
مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


صاح الرقيب القائم على الحراسة الليلية في Gold‏ من مدخل القيادة: "سيدي! 
قوات 3-2 مشتبكة!". كنت أمشي عائداً إلى حجرت بعد رحلة عبر ممر وعر بين حاويات 
المعيشة المؤلفة من طابقين والمراحيض في مبنى قيادتي الرئيسي. وكانت الساعة الثانية 
والنصف صباحاً من يوم 23 نوفمبر 2009. فاستدرتٌ وركضتٌ عائداً إلى مركز 
العمليات» حيث يوجد رقيبي الأول كيفن» الذي يتمتع بالخبرة ورباطة الجأش؛ وكان 
يورك يحوم فوق جهاز اللاسلكي. |S‏ كان رقيب العمليات لدينا يتحدّث على BUI‏ مع 
قيادتنا الرئيسية في باجرام. 


وصاح اللاسلكي: "إلى أرو هيد 60-2 معك أرو هيد 3-2 يطلب إخلاء طبياً 
فورياً. لدينا جريح قتال أمريكي مصاب بإصابات خطيرة. لقد انفجرت بنا عبوة ناسفة. 
ليس هناك اشتباك آخر بيننا وبين العدو حالياً. اتنظروا المعلومات التفصيلية المتعلقة 
بالإخلاء الطبي والأعراض الحيوية للمصابين". 


تساءلتٌ بصوت عالٍ: "كيف - بحق الجحيم - انفجرت بهم عبوة ناسفة ليلاً؟". 
عرفت أن مفرزة العمليات ألفا-23 كانت تقوم بدورية ليلية. كها عرفت أن الدورية لم 
تكن روتينية على الإطلاق. فقد غامر الفريق بالدخول إلى مديرية صباري» قلب شبكة 
حقاني في ولاية خوست. by‏ أثناء أول لقاء لي مع قائد الكتيبة التقليدية المسؤول عن 
خوست أشار إلى دائرة حمراء كبيرة على خريطته الجدارية» وقال: "صباري. بلد حقاني. إنها 
قاعدة دعمهم القبلي في خوست. ستنفجر بك عبوة ناسفة لا محالة هناء وهناء وهناء وتماماً 


على أي طريق يمكنها أن تحتمل سير مركبة محصّنة ضد الكمائن والألغام نهاراً". كانت 


407 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


إحدى سراياه تتشارك موقعاً مع حاكم مديرية صباري وقائد الشرطة. ومع أنه كان لهم 
وجود» OL‏ مساحة سيطرتهم ونفوذهم كانت محدودة نتيجة المسافة التي يمكنهم قطعها 
سيراً على الأقدام من مواقعهم القتالية. وكانوا يتعرّضون بشكل مستمر للمضايقات 
وال هجوم, ولم يكونوا يجرؤون على ارتياد الطرق إلا إذا كانوا خلف فريق لتطهير الطريق 
[من العبوات الناسفة]؛ أي قافلة كاملة من المركبات الهندسية البطيئة الحركة المجهّزة 
للكشف عن العبوات الناسفة خاصة. 


خريطة (14) 


- 


yr 5 E 


fi. oP 
Ma SF تاذو شاه‎ ga i N 


in oo ie لع‎ ee 





لقد جعل نجاح أجهزة التشويش على صواعق التفجير اللاسلكية من بُعده وهي 
التي في حوزتناء معظم جماعات المتمردين يعود ببساطة إلى العمل as‏ سلك من العبوة 


408 


الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


الناسفة إلى مكان اختباء قريب وتفجير العبوة الناسفة عند اقتراب هدفهم منها من 
خلال نقطة قدح؛ مثل شجرة أو كومة من الصخور. وكانت أخطر العبوات الناسفة هي 
تلك المزودة بصفيحات ضغط تعمل حين تدوسها الضحية. ولأن المتمردين كانوا 
يحرصون على عدم التسبّب في سقوط ضحايا من المدنيين» الأمر الذي يمكن أن يقوّض 
الدعم الذي يتلقونه ويهدر العبوة الناسفة» Lal‏ ما كانوا يستخدمون العبوات الناسفة 
التي تعمل بالضغط ليلاً؛ أضف إلى ذلك أن الظلام يكون شديداً جداً بحيث لا يتيح 
og Feil‏ العبوات الناسفة رؤية العلامات التي استخدموها لمحاذاة مركباتنا مع 
المتفجرات» ولذلك ES‏ نشعر OLYL‏ نسبياً في ساعات الصباح الأولى عند اجتياز ما 
ole‏ إخوتنا التقليديون مناطق محظورة. 

وكانت مفرزة العمليات ألفا-23» في محاولة منها لتجتّب أسئلة المعنيين التي لا 
نباية لها والتدقيق الذي يصاحب أي نوع من العمل الهجومي أو البحث الليلٍ» قد أرسلت 
وثيقة تصور العمليات عبر سلسلة القيادة على أنها دورية آلية روتينية. وهذا معناه أنه لم 
يكن مطلوباً سوى الموافقة عليها من قبلي ومن قبل قيادتي المباشرة» ويمكن تلقّي هذه 
الموافقة في غضون يوم واحد. لقد وافقتُ على المهمة وأوصيتٌ رئيسي بالموافقة. وكنت 
أدرك الخطر؛ فمن المحتمل أن تشتمل المهمة على تفتيش مدرسة دينية تؤوي عادة 
عشرات الشبان. ولكنني علمتٌ أيضاً أن جيسون. ومارك ومغاوير الجيش الوطني 
الأفغاني يخططون بعناية Oty‏ الدفاع عن أنفسهم. لقد كانت مخاطرة محسوبة» ولكن 
البدائل كانت عدم الذهاب على الإطلاق» أو قضاء أسبوع في الكفاح لنيل موارد من غير 
المحتمل أن يحصلوا عليها. وقد Colo‏ على دفع فرقي كلها إلى زيادة وتيرة عملها وتكرار 
عدد المرّات التي تعمل بها مع الشركاء الأفغان في مهمات مشتركة. ولم يكلف الفريق نفسه 
حتى عناء طلب الإسناد من طائرة مروحية هذه المرّة لأنه كان يعرف أنه لن يحصل عليها 
إلا إذا كانت لديه معلومات مؤكدة Ob‏ ثمة DH‏ متمردين موجوداً. وبدلاً من ذلك اختار 
الفريق السير في الطرق والممرّات الخلفية بمركبات التنقل البري lee‏ يقوم رجلان 
باستكشاف الطريق قبله. 


409 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وبعد شهور من انتشارنا ES‏ قد جمعنا كومة من التقارير التي تفيد بأن مدرسة دينية 
في قرية تدعى كوندي كالاي كانت نقطة عبور معروفة لمقاتلي حقاني القادمين من 
باكستان. كما وصلتنا تقارير تفيد Ob‏ عدداً كبيراً من الرجال على دراجات ناريّة كانوا 
يخرجون بانتظام من هذه المدرسة لمضايقة أي شخص يشتبهون في تعامله مع الحكومة 
الأفغانية أو قوات القوة الدولية للمساعدة الأمنية (إيساف). وكان الفريق يعاني وقتاً 
عصيباً في معرفة التوقيت الدقيق لخروج تلك الدرّاجات. وعلى أمل أن يحالفهم BL‏ 
قرروا زيارة المدرسة للفت انتباه المدير المسؤول عنها. 


كما عمد الرقيب مات» رقيب الاستخبارات في مفرزة العمليات ألفاء إلى جمع 
سلسلة من التقارير عن اثنين من الميسرين لنشاط حقاني كانا يعيشان بالقرب من المدرسة 
وساعدا الجماعات المسلحة بشكل غير مباشر من خلال تزويدها بالإمدادات» أو 
الأسلحة. أو JUN‏ ولم يكن الفريق والمغاوير متيقنين LE‏ بأن الرجلين سيكونان في المنزل 
في ذلك المساء تحديداًء ولكنهم خططوا لزيارة كل مجمّعات المباني. وفي أحسن الأحوال» 
سيمكن العثور على الرجلين واستجوابها. وني أسوأ الأحوال» سيعلم الميسران أننا 
علمنا حقيقته| وأن معيشتهم| ستغدو أصعب قليلاً في المستقبل. Coty‏ الفريق إضافة 
الشك والارتباك إلى هذه الأنواع من المهمات بال حمس فقط على مقربة من مسمع عائلتي 
الرجلين حول وجود أجهزة تنضّت في المنزل وآليات بم على سياراتهم|. كما دأبوا على 
فعل أشياء أخرى مثل رمي مذكرة تضم أسماء قادة معروفين في شبكة حقاني وأرقام 
هواتفهم في محاولة لتعزيز الشك لديهم. 

Casey‏ جالساً وأنا أصغي لساعات إلى اتصالات الفريق اللاسلكية» ولكن كل ما 
كانوا يقولونه كان يدور في فلك نقاط التفتيش الروتينية وكلمات الشيفرة. ولذلك قررت 
أخذ إغفاءة قصيرة. ويبدو نم لم يكتشفوا أي شيء يستدعي الملاحظة في تلك المدرسة. 


كانت المحاولة "عقيمة". 


410 


الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


وبعد ساعات» وقفنا صامتين في مركز العمليات التكتيكية التابع لي» ونحن نحدّق 
في جهاز اللاسلكي بانتظار رقم سجل المعركة لإدراج أسماء الذين أصيبوا. وأخبرنا 
مسعفنا أنه ذاهب إلى عيادة ساليرنو للصدمات» في قاعدة العمليات الأمامية» للتحضير 
لمساعدة الأطباء حين يتم إحضار الرجل الجريح. 

وجاء صوت عبر الشبكة: "أرو هيد 0-2 معك 3-2". وحصلت وقفة طويلة. 
"جريحنا.. الآن قتيل معركة".. وكان الصوت مرتعشاً بشكل واضح. وانتصب شعر 
رأسي Gey‏ حلقي حين زعق اللاسلكي من جديد. "رقم سجل AS pall‏ يتبع.. كونوا 
على استعداد". وقفة أخرى. pg"‏ 8-7-4-5". 


٠. 


وقال يورك: "إنه مات بوسينو 5 


cel"‏ يا الله". Lis‏ وقفنا هناك وحسب» متجمّدين من هول المفاجأة. ونظر U‏ كيفن 
Ay ys‏ وكافحتٌ أنا للحفاظ على رباطة جأشي. 


على ما يبدوء فإنه بعد أن قاد أحد مغاوير الجيش الوطني GL‏ سيارته الهامفي» 
سقطت في حفرة» فقرر الفريق التخلي عن النزول من المركبات eA‏ مباشرة إلى SAIS‏ 
كالاي لأنهم كانوا متأخرين. وحاولوا تطويق المجمّع الأول لميسري حقاني المشتبه فيهماء 
ولكن المغاوير تاهوا وذهبوا إلى البيت غير الصحيح. وبعد انتظار أكثر من عشر دقائق 
لإعادة المغاوير إلى المكان الصحيح في الجانب الخلفي للمجمّع» قرر الفريق الدخول من 
دونهم. وكانت النساء والأطفال مستيقظين ومجتمعين بالأصل في غرفة واحدة. وكان 
واضحاً أن الرجلين LE‏ هناك do je‏ وغادرا. وكان من الواضح أيضاً أن تعثّر المغاوير 
الصاخب في الظلام أفقدهم عنصر المفاجأة. وأصيب الفريق بإحباط لا Ga‏ من 
تصرف المغاوير» ولاسيا نهم كانوا قد تمرّنوا على المهمة لساعات في الليلة السابقة. وعمد 
الفريق إلى تفتيش منزل آخر مجاور بسرعة وانتقلوا إلى المدرسة. وتحدّثوا إلى مدير المدرسة 
التي كانت فارغة على نحو غير معهود؛ إذ عادة ما يكون هناك عشرات الطلاب الذكور 
ينامون فيها. وقال جيسون وملازم الجيش الوطني الأفغاني بحزم لمدير المدرسة إنهم يراقبون 


411 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


مدرسته من GAN‏ ويتفقدونهاء وإنهم سيعودون إذا سمعوا أي كلام عن دعم مدرسته 
Gt‏ وحيث إن القلق انتاب مفرزة العمليات ألفا بأنها انكشفت» قرّرت المفرزة قطع 
المهمة والعودة إلى القاعدة. وسلكوا الطرق الخلفية عبر قرية باشا كالاي. وكا كان إجراؤهم 
القياسي المعتاد» قاد الفريق والمغاوير المركبات وأنوارها مطفأة تماماً مستخدمين نظارات 
الرؤية الليلية. وتطوّع اثنان من العناصر لاستكشاف وجود عبوات ناسفة أمامهم» وكل 
منهما يقود مركبة كل التضاريس. وكان منطقهم بسيطاً ونبيلاً: أن تنفجر قنبلة تحت مركبة 
كل التضاريس وتقتل رجلا واحداً أفضل من أن تنفجر قنبلة تحت مركبة تنقّل بي وتقتل 
ثلاثة أو أربعة رجال. وفي تلك الليلةء تناوب مات وجيف» رقيبا الاتصالات الأولان في 
الفريق» على عملية الاستكشاف قبل القافلة. وهرع أحدهما قبل الآخر فيا كانا يشقان 
طريقهم| بثبات عبر مرّات وطرق تتسع بصعوبة لسيارة صغيرة. وفور خروجهم من وادٍ 
جاف LEE‏ توقف جيف أمام كومة من الصخور تسد الجانب الأيمن من الطريق. وأسرع 
مات متجاوزاً ob‏ وانحرف إلى الجانب الأيسر من الطريق. 

وأدى الانفجار إلى قذف هيكل مركبة EL‏ البالغ وزنه 220 رطلاً عشرين قدماً في 
الهواء والظلام. وضغط الجميع على فرامل مركباتهم. وعلى الفورء قفز فيل» أصغر عناصر 
الفريق ولكنه مسعف ذو خبرة كبيرة» من مركبة التنقل البرّي التي في المقدمة وركض إلى 
هيكل مركبة كل التضاريس المشتعل الذي كان فيه مات قبل لحظات قليلة. وانضم 
جيسون إليه» وبدأ الرجلان البحث بشكل محموم عن مات» يصرخان بعلامة النداء 
الخاصة به "اللحية السوداء" (بلاكبيرد)» مراراً وتكراراً. وقفز الآخرون من مركباتهم 
ووجهوا المغاوير الأفغان المرافقين للجوء إلى حيط آمن لحايتهم من كمين تالٍ. وعندما 
عثر جيسون وفيل على Pele‏ يكن واضحاً إذا ما كان ما يزال على قيد الحياة. وباشر فيل 
عمله بسرعة ولكن بدقة ورباطة جأشء محاولاً إسعافه. وسرعان ما أصبح واضحاً أنه 
ما من أمل. فقد لفظ مات أنفاسه الأخيرة» وأصاب الخبرٌ الفريق بالصدمة. 


وبانتظار مروحية الإخلاء الطبي لنقل جثمان GL‏ أزال الفريق ما تبقى من مركبة 
مات بالمتفجرات والقنابل اليدوية الحارقة. أرادوا ألا يعطوا مقاتلى حقاني متعة التقاط 


412 


الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


الصور إلى جانب بقايا المركبة في اليوم التالي ونسخها في أقراص الفيديو (دي في دي) التي 
كانوا يبيعونها في أسواق ميرام شاه بباكستان. 


مارك فوق Olde‏ مات وأمسك يده. ورسم علامة الصليب على صدره وقبّله ALS‏ الوداع 
على جبينه. 


ومع إقلاع المروحية» صبّ الفريق جام غضبه فوراً على المجمّع الواقع على بعد 
اثنتي عشرة ياردة خلف الفجوة في الطريق وهيكل المركبة المحترق. فمن المحال في 
المناطق الريفية في أفغانستان» حيث عاشت العائلات في المنازل نفسها مئات السنين» 
والجميع يعرفون بعضهم Lae‏ ألا يكون سكان المنزل على علم» على الأقل» بمن حفر 
الحفرة في الطريق الترابية الوعرة. هذا على افتراض آم لم يحفروها بأنفسهم. ومن الواضح 
أن الحفرة قد حفرت في الجانب الأيسر من الطريق» ووّضعت المتفجرات» وتم ترتيب 
الصخور لتوجيه المركبات مباشرة نحو القنبلة. وتم تفجير العبؤة الناسفة إما بواسطة 
سلك أو صفيحة ضغط ربا تم تسليحها عن بعد. وفتح المغاوير والكثير من العناصر 
بوابات المجمّع وأبوابه تنتابهم رغبة في الانتقام» وأخرجوا ستة رجال وكبّلوهم بأصفاد 


وبحلول الوقت الذي أتيح للفريق فيه إخلاء جثان مات وتفتيش المجمّع» كانت 
الشمس تزحف فوق JLH‏ الشرقية صوب الشرق على امتداد الحدود الباكستانية. 
وصدح أذان صلاة الفجر من مآذن المساجد في جميع أنحاء الريف. وكان معنى انتهاء 


الظلام أن الفريق أصبح عرضة للمزيد من تفجيرات العبوات الناسفة. ومنذ البدء في 
استخدام المركبات المحصّنة ضد الكمائن والألغام؛ RE‏ رد فعل المسلّحين ببساطة في نصب 
عبوات ناسفة ST‏ وأقوى للتغلّب على التصفيح الإضافي؛ فلو أن فريقاً انفجرت به عبوة 


من هذا النوع» فسيعني ذلك الموت المؤكد لأفراد الطاقم جميعاً. 


413 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وهناك» في قاعدة العمليات الأمامية ساليرنوء أمر كيفن مفرزة العمليات برافو 
بتجهيز مركباتنا لتكون على استعداد [RAS‏ قوة رد سريع. وكانت مفرزة العمليات ألفا- 
3 تواجه يوماً طويلاً وأكثر صعوبة» وكنا نخشى أن يكون كل المتمردين في صباري 
يحتشدون لمهاجمة الفريق من جديد فيا كانوا يحاولون المناورة عائدين إلى القاعدة. و لحسن 
ا لحظ» بعد ساعات من التوتّر» SE‏ الفريق من العودة إلى قاعدتنا من دون وقوع حوادث. 
وكانت الملامح البادية على وجوه الرجال وهم يدخلون بوابة قاعدة العمليات الأمامية 
ويركنون مركباتهم مزيجاً من الغضب والصدمة والإرهاق. وبدأ مارك فوراً حزم أمتعته 
ليتمكن من مرافقة جثان مات إلى الوطن. وطلبتٌ منه أن يتوقف. ويأخذ نفساً Ligne‏ 
ويفكّر في إرسال شخص آخر. فبوصف مارك الرقيب في الفريق» كان يُعَدٌ عمود الفريق 
الفقري» وأنا في حاجة إليه لإبقاء رجاله في المعركة. قلت له: "لا يمكن لهذا الفريق أن 
يتوقف عن العمل في غيابك. لن تتوقف الحرب في غيابك» وأنا في حاجة إلى مفرزة 
العمليات code WW‏ والمغاوير هناك" قلتها ونا أشير فوق كتفي صوب البوابة. 


أجاب مارك بصوت منخفض والدموع تترقرق في عينيه: "أريد أن أكون هناك مع 
DL‏ وعائلته". 


أجبثه بحزم مشوب بالرفق: "أريد منك التركيز على الأحياء والحفاظ على أرواح 
من تبقَى من هؤلاء الرجال وإبقاءهم SL‏ للقتال. علينا جميعاً أن نضع حزننا جانباً 
ونتعامل معه في وقت لاحق". وني نهاية المطاف» رضخ للأمر» وقام الرقيب الأول كيفن 
بمرافقة جثان مات إلى الوطن. إنني أعرف حجم الألم الذي كابده مارك لعدم ذهابه إلى 
هناك» ولكن علينا كقادة أن نضع مشاعرنا والألم الذي يعتصر قلوبنا جانباً» ونركز على 
المهام التي تنتظرنا. 

وأقمنا في تلك الليلة مراسم تأبين وداعية لمات قبل إقلاع الطائرة التي تقل جثانه في 
قاعدة العمليات الأمامية ساليرنو. وربضت طائرة الشحن من طراز سي-130 في الظلام 
على coll‏ الصغير ومراوحها تدور وباب أرضيتها متدل صوب عيادة القاعدة. وكان 


414 


الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


هناك وهج أزرق خافت يملأ داخلها الفارغ. وبدأ الجنود يتدفقون من شتى GLU‏ لوداع 
ا لجان من الممشى الممتد من العيادة إلى الطائرة» وفوجئت بعدد الذين خرجوا. كان هذا 
دليلاً على كثرة الذين SL FT‏ فيهم في القاعدة. فلأن مهاراته كانت متعدّدة جداًء تعامل 
بشكل منتظم مع الجميع؛ من الطيارين إلى حللي الصور الجغرافية-المكانية الذين شاركوا 
في مهمات التخطيط. كان زعي في الفريق وفي وحدتنا بأكملها. وكان يتمتع بخبرة قتالية في 
العراق وجاء إلينا مؤخراً من وحدة الخدمة الفعلية. وبالرغم من أنه كان جديداً نسبياً على 
الجيش» بعد أن كان يعمل bd‏ دوريات في ماساشوستس قبل الالتحاق Ath‏ فإنه 
كان بارعاً وبشكل لا يُصدّق في كل جانب تقريباً من جوانب كونه عنصراً في القوات 
الخاصة. 


كان مات Lt‏ بحق عبارة "طويل القامة؛ داكن البشرة» وسياً". كان يبدو 
اضطر الفريق للتعامل معها الرد على الدفق المستمر من الرسائل الواردة إلى هاتف مات 
المحمول في الأسابيع التي أعقبت وفاته وشرح ما حدث للكثير من النسوة؛ من 
العاملات في Je‏ التعهدات إلى قائدات الطائرات في مسرح العمليات. ومن أفضل مآثره 
قصة موعده الغرامي مع قائدة مروحية. فعلى ما يبدو أن مات لفت أنظار قائدة مروحية 
شينوك في أثناء زيارتها لقاعدة باجرام الجوية بهدف زيادة التمويل للعمليات. وبعد 
أسابيع» حين كانت تقود مروحيتها في مهمة إمداد روتينية» أعلنت عبر اللاسلكي Leal‏ 
Gls‏ مشكلة تتعلق بالصيانة. وتعيّن عليها المبوط بمروحيتها بشكل مريح في قاعدة 
أمامية تصادف أن مات ومفرزة العمليات ألفا كانوا فيها يعدّون العدة للانطلاق في مهمة. 
وبعد نحو ثلاثين دقيقة وموعد غرامي سريع مع EL‏ مشكلة الصيانة بأعجوبة 

[by‏ كان جنود قاعدة العمليات الأمامية ساليرنو يصطفون لتأدية مراسم الوداع» 
صعد رجال مفرزة العمليات ألفا-23 إلى ثلاجة حفظ الموتى الصغيرة الملحقة بالعيادة 


415 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


Wy‏ نظرة الوداع على مات. وقاموا بفتح سحّاب الكيس الذي يحوي جثانه ليضعوا في 
داخله قبّعة فريق "بوسطن ريد سوكس" ونظارته الشمسية التي كان يحبها. وضحكوا في 
سرهم وهم يتخيلون مدى دهشة الجندي المسؤول عن شؤون الموتى حين يفتح كيس 
جثان Sb‏ لتحضيره للدفن. كان كل فريق يتعامل مع خسائره بطريقته. وقد غلّف هذا 
الفريق عبء الحزن الثقيل الذي يرزح تحت وطأته بروح الدعابة. كانوا يعرفون أن هذا هو 
ما كان مات سيرغب في تحقيقه. 


ودّفمَ الرجال ببطء lee‏ مات الملفوف بالعلم على عربة نقالة عبر صفوف الجنود 
إلى الطائرة الرابضة. وكانت المجموعة الأخيرة تضمٌ المغاوير الأفغان. وقف كل جندي 
منتصباً كالعمود في وضعية الاستعداد» مرتدياً برّته الزيتية المموّهة وقبعته ا لخضراء الفاتحة 
اللون» يؤدي تحية ترقى إلى مرتبة الكمال. كان ذلك تكرياً يليق بجندي OS‏ الاحترام 
العميق» وعلامة على الصلة الطيّبة التي كوّنها مات معهم. 


وقام مسؤولو التحميل في سلاح الجو بإنزال SL lee‏ بعناية إلى أرضية طائرة 
الشحن وتبتوه بالأحزمة في مكانه بلطف. ووقف صف من مئات الجنود في وضعية 
الاستعداد في الظلام [Gd‏ كان يتم إغلاق باب أرضية الطائرة. وجلس الفريق على الأرض 
معه» ووضع كل متا يداً عليه في كانت الطائرة تقلع إلى باجرام» المحطة الأولى من رحلة 
OL‏ الطويلة إلى الوطن. ونظرت إلى كيفن وأخبرته عن مدى امتناني له لتطوّعه لمرافقة 
SL‏ في الرحلة إلى الديار. لقد كان الاضطلاع بهذه المهمة صعباً ويبعث على الأسى» 
ومكننى ذلك من مواصلة التركيز على الوحدة. 

$ ١ 5 

جلست في الطائرة على المقعد الشبكي في ALI‏ أفكر في نظام الإبلاغ عن الخسائر 
والمساعدة» الذي جرى تطويره طوال سنوات منذ بدء الحرب في العراق وأفغانستان» 
والذي يوضع OW‏ موضع التطبيق. لا بذ من أن الجنود المسؤولين عن سجلات الموظفين 
في مقرّي قد عمدوا أصلاً إلى مراجعة "نموذج وفاة" Eile‏ ذاك المسح الاستطلاعي EU‏ 


416 


الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


للهمة والسابق للانتشار الذي ملأناه جميعاً. وقد عَدّدتٍِ النماذح طريقة التعامل مع كل 
جانب من جوانب الأمور التي نودّها في حال وفاتناء انتهاءً بالموسيقى التي نرغب في أن 
تُعَرّف في جنازتنا. Gay‏ علي وعلى كيفن مراجعة كل نموذج لتجتّب تكرار السخرية 
الجنائزية من القتلى السابقين من أصحاب القبعات الخضر الذين طلبوا حضور نجوم 
سينائيين مراسم التشييع» أو طلبوا أن يتم دفنهم في الفناء الخلفي لبيت الزوجة السابقة. 
وكانت المركبة التي تقل قسّ الجيش ومسؤولاً عسكرياًء ليقوما بذلك "القرع املصيري" 
على الباب الأمامي لمنزل عائلة بوسينوء تشق طريقها إلى بيته في فلوريدا. 


ولاو لزه Se‏ ني امسو راك سنك ب isle ke‏ 
الل سا LS OLS WLS tly‏ موق اسسعتهاراننا AN‏ وغ الد 
يستجوبون الرجال الأفغان الذين اعتقلتهم مفرزة العمليات ألفا-23 من المجمّع السكني 
بالقرب من موقع الانفجار. وتوقفثٌ في مقرنا في باجرام للالتقاء بالمحلّلِين في مديرية 
الاستخبارات 1-2 [تدعم رئيس هيئة الأركان المشتركة] الذين كانوا يغربلون كميات 
هائلة من البيانات لاستكمال المعلومات حول مََنْ كان يتحدّث إلى مَنْ قبيل الانفجار 
وبعده. وكانوا لا ينعمون بالنوم تقريباً منذ وفاة مات قبل cold‏ وإني أقدّر تفانيهم جداً. 
كذلك أقدّر سخرية الموقف. فلسنوات» حين كنت أعمل في البتتاجون (وزارة الدفاع)» 
وني البيت الأبيض» وفي الميدان» كنت أشكو أن أجهزة استخباراتنا العملياتية تركّز أكثر 
من اللازم على استهداف قادة المتمرّدين. وكان هذا جانباً مها من مكافحة التمرّدء ولكنني 
اعتقدث Gl‏ أن هذا طغى Les‏ على العمل الذي يماثله أهمية وهو فهم الديناميات المحلية 
القبلية» ودوافع أمراء الحرب» ومصادر الفسادء وغيرها من العوامل التي كانت تجعل 
الناس يدعمون التمرّد. والآن» ها أناذا أحث كل مَن أمكنني حثه لتخصيص وقته 
لاستهداف قتلة مات. 


كان أحد قادة حقاني على وجه الخصوص يفاخر في الكثير من المساجد في جميع 
أنحاء صباري Ob‏ رجاله زرعوا العبوة الناسفة التى نجحت في قتل أمريكي. وكان يسرد 


417 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


أيضاً نجاحه أمام رؤسائه في ميرام شاه المقر المعروف لشبكة حقاني التي كانت خارج 
نطاق سيطرتناء في باكستان. وقال للناس في مساجد صباري إن الأمريكيين» شأهم شأن 
أدنى شخص في الحكومة الأفغانية رتبة» لن يقدروا على المساس به أبداً. وهو يعتقد أن هذا 
Ad‏ سبباً قوياً يدعو الناس الطيبين في صباري إلى الاستمرار في مساعدة شبكة حقاني إلى 
أن تحقّق انتصارها الحتمي. وكانت جلسات تبجّحه المتعددة مصدر سقوطه؛ حيث LSE‏ 
منه ومن جميع شركائه. فبعد بضعة أيام» أكد الفريق في باجرام» الذي يعمل مع رجالي في 
ساليرنوء المعلومات المقدّمة من عدد من المخبرين. SÉ s‏ رجالنا من حصر مواقع قائد 
شبكة حقاني» وصانع عبواته الناسفة» والكثير من رجاله» في مجموعة من المجمّعات 
السكنية بالقرب من قرية خولبيسات. كانت القرية قريبة بشكل مدهش من قاعدة 
العمليات الأمامية ساليرنو. وكدليل آخر على ما EH‏ كبار الضباط Ce FSU‏ 
وحدات متعددة أخرى تنفيذ المهمّة بالنيابة عناء ىا عرضت Lyle‏ عتادها الاستخباراتي 
للمساعدة في ضبط الحناة. 


ونشرت قياداتنا العليا مركبة تجريبية E‏ ا "آس AssHammer" „La‏ 
لقدرتها على العثور على مواقع المتمرّدين وتحديدها بدقة متناهية. وعادة ما كانت الطائرات 
أو الطائرات من دون طيار المزوّدة بأجهزة تجسّسية متخصّصة هي التي تنفذ هذه LAM‏ 
ولكن هذه الطائرات كانت سلعة نادرة ولم يكن ممكناً إبقاؤها معنا إلا لوقت محدود فقط. 
ولكن مركبة ال "آس هامر" يمكن أن تبقى في حوزتنا طوال مدة المهمّة. 


وبعد نحو عشرة أيام» تلقى تود مكالمة في وقت متأخر من مساء أحد الأيام من 
أحد مخبرينا في مديرية صباري أفاد فيها Ob‏ قائد حقاني وصانع قنابله كانا مجتمعين في تلك 
الليلة في أحد المجمّعات السكنية التي كنا قد حدّدناها. Oy‏ الموافقة على مهمتنا وفق ما 
سميناه "تصور العمليات على أساس السبب الداعي" الذي أتاح لنا تزويد المعنيين 
بالمعلومات اللازمة قبيل تنفيذ المهمّة عبر سلاسل القيادة المتعدّدة» بحيث تتم الموافقة 
مسبقاً على موقع المهمّة وتصوّرها ومن ثمّ يمكننا مباشرة العمل بسرعة حال تلقينا نوعاً 


418 


الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


معيناً من أمر المباشرة» مثل مكالمة من مصدر. وني الواقع» كانت مسألة تعقّب تعقب ما يزيد على 
العشرة من قادتنا الذين يتعيّن علينا الحصول على موافقتهم النهائية تستغرق وقتاً طويلاً 
بشكل لا يصدق. كنا على يقين من أنه لا يمكن إنجاز كل ذلك في غضون بضع ساعات 
ge as‏ فلتي a‏ كيرا Aces) CU ts Sa alls, ts eG‏ 
ذلك أننا US‏ نعرف أصلاً من المخططين في وحدة الطيران أن مروحياتهم المجومية أباتشى 
emery‏ كه نزي ترم CEN‏ لمات ردنك دن كبرق E OPER‏ 
مروحيات الشينوك. ومن جديد, قرّرنا المجازفة AST‏ بسبب نقص موارد الطيران وعملية 
الموافقة على مهمتنا ا معقدة التي فرضناها بأنفسنا. وقدّمنا المهمة عن طريق التسلسل 
باعتبارها دورية آلية ليلية. dy‏ يغب عن بالي أن هذا هو بالضبط نوع القرار الذي كنت قد 
اتخذته في الليلة التي سبقت مهمّة Sb‏ النهائية. وقررنا جلب مفرزة العمليات ألفا-22 
من Yel‏ خارج مدينة غارديز في ولاية باكتيا المجاور لتكون في حوزتنا القوات اللازمة 
لتفتيش كل المجمّعات السكنية المشتبه بها في وقت واحد. وسمينا العملية "صعود اللحية 
Melo gull‏ بلاكبيرد رايزينغ. 


واقتضت الخطة التحرّك في ثلاث قوافل منفصلة إلى موقع النزول من OLS MN‏ عند 
de pot‏ من التلال تبعد نحو ثانية كيلومترات عن قرية خولبيسات. ولم نكن نريد 
المخاطرة بقيادة مركباتنا في أي مكان بالقرب من القرية» لأن صباري مشهورة بسمعتها 
السيئة بوجود شبكة حبري حقاني الذين يمكنهم بسهولة تنبيه مجموعة من المقاتلين وقلب 
المعادلة ضدنا. وغادرت مفرزة العمليات ألفا-22 ومفرزة العمليات ألفا-23» وفي كل 
منهما فصيل من المغاوير الأفغان» في قافلتين منفصلتين وبنظارات الرؤية الليلية» وهم 
يتجهون إلى موقع النزول من المركبات. وكانت خلية القيادة والسيطرة التابعة لي من 
مفرزة العمليات برافوء التي تضمني وفرانس ويورك وكيفن وأشخاصا آخرين» تسير 
متأخرة با يقرب من ثلاثين دقيقة. وبقي رقيب العمليات التابع لي هناك في المقر يحرسه. 
وانتقلنا في خليط من المركبات؛ المركبات المحصنة ضد الكمائن والألغام؛ ومركبات التنقل 
البرّي؛ ومركبات كل التضاريس المناسبة لوعورة الطرق التى كنا نخطط للسير عليها. كنا 


419 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


نعرف أن قادة حقاني دفعوا أموالاً للقرويين الذين يسكنون في المجمّعات بالقرب من 
قاعدتنا لتنبيه فرقهم ا متخصّصة بالعبوات الناسفة عندما تغادر مركباتنا البوابة الرئيسية» 
ولذلك غادرنا عمداً من نقاط خروج مختلفة وانتقلنا إلى الموقع في ثلاثة اتجاهات متباينة. 
وعند وصولناء كانت مفرزتا العمليات ألفا وفصيلتا المغاوير حميعها راجلة بالأصل» 
ومستعدة لبدء مسيرة المشي الطويلة إلى أهدافها. 


ds‏ نصل J‏ الموقع من دون وقوع حادث. فقد ارتطمت إحدى مركبات التنقل 
البرّي بحفرة ضحلة hd‏ كانت القافلة تشق طريقها عبر واد ضيق. وانكسرت الوصلة 
التي تربط المحور بالإطار الأيسر. فبقي كيفن ويورك هناك مع مركبة ثانية لتوفير الأمن» 
lee‏ حاول ميكانيكي إصلاح المركبة. وكنا قد اخترنا بعض مسارات الطرق الوعرة 
البغيضة جداً للإبقاء على عنصر المفاجأة» وسيكون من الصعب» في أحسن الأحوال» 
قطر المركبة المتعطلة عبر متاهة من الأودية والمنعطفات الضيقة والقاسية. ولحسن LA‏ 
كنا قد نشرنا مركبة "آس هامر" على أعلى ib‏ مجاورة» بحيث LSE‏ أجهزة التجسّس فيها 
من تحديد خط رمي إلى الأهداف. وفور وصول مشعْلي أجهزة التجسَّس إلى قمة التل؛ 
اتصلوا لإخبارنا بأنباء خيفة: "أرو هيد 0-2.. معك آس هامرء هناك رجلان يتحدّثان عن 
مركبة أمريكية معطّلة". 


إذا فقدنا عنصر المفاجأة» أمكن أن يكون هؤلاء الرجال يسيرون صوب ف 
وسيكونون أبعد ما يكون عن أي نوع من أنواع الإسناد. وحيث إننا أسمينا المهمّة دورية ليلية 
بسيطة» لم يكن لدينا أي عتاد paak‏ مثل طائرات بريداتور أو إسناد جوي قريب. والآن 
يتعيّن Che‏ أن أقرر إذا ما كنا على وشك أن نطلب المستحيل» أو كان يتعيّن عل إلغاء المهمّة. 
وكان الوضع سيئاًء SV‏ مع رغبتي العارمة في إلقاء القبض على dS‏ مات» لا يمكنني إرسال 
أكثر من ستين عنصراً ومغواراً في كمين بإحدى أشد المناطق عدائية في أفغانستان. 


IL‏ طاقم آس هامر إذا كان في وسعهم تحديد مكان الرجلين أو لاء فأجابوا 
Lal‏ کانا قادمين بالتأكيد من اتجاه خولبيسات. كان الرجلان يتحدثان عن إرسال بعض 


420 


الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


"الأصدقاء" لمساعدة AS‏ من الواضح el‏ استخدما TES‏ يا لكا Wa‏ 
i‏ ع رساك cule‏ لهاضة AS‏ 


وطلبتٌ من فرانس الاتصال بقاعدة العمليات الأمامية ساليرنو لمعرفة إذا ما كانت 
هناك أي مركبات أخرى معطّلة في صباري أو أي طريق رئيسية. كما Clb‏ منه ضهان 
إبلاغ كيفن» الذي كان ما يزال يعمل على إصلاح المركبة المعطّلة؛ بها جري» وأن يتخذ 
أقصى درجات الحيطة والحذر. 


كذلك أجريت Bole‏ سريعة مع جيسون ومارك» اللذين يعطيان تعليمات نهائية 
لقائد فصيل المغاوير» ULE‏ وهو رجل بشتوني قصير ونحيل من ننجرهار. وكانت 
مفرزة العمليات ألفا-22 قد غادرت بالأصل مع مغاويرهاء LEY‏ كانت مسؤولة عن 
الإغارة على أبعد مجمّع سكني. "يا رجال» أعلم أنكم لا تريدون ساع هذا الخبر» لكننا قد 
نكون عرضة للخطر. علينا اتخاذ قرار بسرعة. أنا مستعد لسماع الاقتراحات» ولكني أميل 
إلى سحب المفرزة-22 والقتال في يوم آخر". 

وأجاب مارك: "مايك» أنت تعرف ماذا تعنى هذه المهمّة لنا. المصدر اتصل للعو 
بتود في خليته وأكد (al‏ في أحد المجمعات السكنية التى حدّدناها. الأوغاد هناك!". 

كان مرجم الفريق يترجم حديثنا لخالد» الذي قال: "سيديء يجب علينا القيام 
بهذا الأمر. أنا أعرف هؤلاء الناس. إنهم أبناء جلدتي. بشتون. إننا في حالة حرب لألف 
سنة. القوة هي الشيء الوحيد الذي ps‏ مه هؤلاء الناس". وأطبق قبضته. "يجب أن 
نظهر لشعب خوست أننا أقوى من Lele‏ حقاني. يجب علينا أن نبرهن أن الحكومة 
الأفغانية ستكون المنتصرة. إنها الطريقة الوحيدة التي تجعل الشعب الأفغاني يتبعنا بدلاً 
من أن يتبعهم". 

وقفنا هناك Leal,‏ الصمت وعتمة الليلة الباردة فيه) ظلت كليات خالد معلّقة في 
الهواء. 


421 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وهرول فرانس نحو المجموعة. "أا السادة» تركث SU‏ جهاز SLAW‏ هناك 
مركبة أمريكية أخرى معطّلة. الوحدة في ساليرنو أرسلت للتو مركبة إنقاذ خارج البوابة 
الرئيسية لسحب المركبة المعطّلة على الطريق الرئيسي إلى الشرق من الحدود. قد لا 
تكون مركبتنا تلك هي التي يتحدثون عنها". 


لم نكن نعلم علم اليقين» ولكنني شعرت بأنه ثمة احتمال أكبر كثيراً بأن المتمرّدِين 
كانوا يتناقشون في أمر المركبة المحصّنة المعطّلة على الطريق الرئيسية وليس مركبة التنقّل 
البرّي التابعة لنا الموجودة في حفرة ضمن مجموعة من التلال المعزولة. وكانت مهمّتي 
كقائد إدارة الخطر الماثل واتخاذ هذه الأنواع من القرارات. كان عل قحيص الحقائق» 
والتكاليف FA‏ على التصرف» والتكاليف الناجمة عن عدم التصرف. وقد تجتبت اتخاذ 
قرارات مفرطة الجرأة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. 


خريطة (15) 
hhe‏ عملية age"‏ اللحية السوداء" 


2 
i 

: 

$ 
> 
: 
8 

هم 

3 
: 
N 
5 
x 
> 
. 
Hi 
$ 
$ 
> 
5 
1 
3 

: 

+ 


tarte 
San awennne ng 


Senet” 
۰ 


.. إن هاجدة السمليات 
اللتقدمة ماليرنو 





422 


الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


قلت وأنا أصافح ملازم المغاوير: "حسنٌ. اذهبوا واقبضوا عليهماء يا رجال". 
وعرف ما قصدثّه من دون ترجمة. Cad‏ وأعطى الأوامر لرجاله الواقفين حول مركباتهم 


ورجعت إلى الخلف وراقبت من خلال منظار الرؤية الليلية جيسون ومارك 
والملازم WE‏ وهم يقومون Carey‏ رجاهم. كانت نظارات الرؤية الليلية الخاصة بالمغاوير 
من النوع القديم» ورفض أغلب المغاوير استخدامها. وحاول أفراد مفرزة العمليات ألفا 
مراراً وتكراراً شرح مدى أهميتها في جعلهم قادرين على الرؤية ليلاً في أثناء المهام. ومع 
ذلك EST‏ الكثير من رجال المغاوير يضعون هذه النظارات في الجيب الجانبي 
لسراويلهم المموّهة مربوطة بأحزمتهم بقطعة حبل رقيقة. ويبدو أنه في التبديل الذي سبق 
وصولنا أضاع أحد المغاوير نظارته» فأرسلت وزارة الدفاع الأفغانية المغوار الذي فقد 
نظارته إلى السجن في محاولة لإرسال رسالة قوية إلى كل الرتب. ونتيجة لذلك» آثر الكثير 
ا ل ل SE‏ 
فيلقون مصير زميلهم. وتابعث الوضع فيما كان صف المغاوير يبتعد وهو يتعثر ويدوس 
فوق عقبات غير مرئية في الحقل الذي كانوا يعبرونه في طريقهم إلى أهدافهم. 


وبشكل عام» اعتقدت أن مفهوم إنشاء المقاتلين المغاوير كان فكرة جيدة. وكا هي 
الخال في كثير من LEM‏ جاءت الفكرة من القاعدة إلى القمةء ومن التجربة الميدانية» 
واستغرقت سنوات حتى تحوّلت إلى واقع ملموس. وتنطوي الفكرة الأصلية على أخذ 
كتيبة واحدة من كل ستة ألوية في الجيش الوطني الأفغاني» وتزويدها بتدريب إضافي» 
وبمعدات وأسلحة أمريكية متقدمة» وتعيين مفرزة العمليات الخاصة ألفا للاستمرار في 
تدريبهم ومرافقتهم في العمليات. وكان اهدف هو إنشاء بنية ماثلة لكتيبة صاعقة يمكنها 
مواصلة الضغط على قيادة المتمرّدين في إطار الجهد الأوسع الرامي إلى جعل الجيش 
الوطني الأفغاني يضطلع تدريجياً بهذا الدور بدلاً من قوات التحالف. 


423 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وعدت بذاكرتي إلى عشرات الاجتماعات في البتتاجون حول سياساتنا المتعلّقة 
ببناء الجيش الوطني الأفغاني ودعمه. وكانت المناقشات والجدالات المتعلقة بالسياسات 
553 على حجم الجيش وقدراته واكتفائه. وأكدت أنا وزملائي باستمرار لقيادتنا أن 
سبعين ألف جندي من الجيش الوطني الأفغاني لن يكفوا أبداً LAS‏ الأمن في أفغانستان. 
فقد جرى اختيار ذاك الرقم بشكل عشوائي» في صيغة معقدة استخدمت مُدخلات من 
المجتمع الدولي عبر هيئة حكومية أمية-أفغانية مشتركة لصنع القرار دُعيت "المجلس 
المشترك لمراقبة التنسيق"» ومن قدرات "القيادة الانتقالية الأمنية المشتركة لأفغانستان" 
التابعة لقيادة التدريب الأمريكية على تدريب القوات بمواردها المحدودة» ومن 
الكونجرس الذي )5 بتخصيص الأموال. وضعّط مكتبي في البنتاجون مراراً على القيادة 
الانتقالية الأمنية المشتركة لأفغانستان وعلى هيئة الأركان المشتركة للشروع في تقييم FEST‏ 
استراتيجيةً لتحديد أعداد قوات الأمن الأفغانية المطلوبة لتلبية الاحتياجات الأمنية 
القصيرة الأمد والطويلة الأمد في أفغانستان. 


وظللت أسأل في اجتماع تلو اجتاع: "كيف نعرف أن سبعين ألفاً هو العدد 
الصحيح؟ كيف نعرف أن لدينا التوليفة الصحيحة من القوات؟ هل يتضمّن هذا العدد ما 
يكفي من طواقم الدعم-الطواقم اللوجستية» وكوادر التدريب» ومسؤولي المشتريات-أو 
ترانا نخطط لأن تقوم الولايات المتحدة بتوفير ذلك النوع من الدعم في السنوات 
المقبلة؟". وبعبارة أخرى» لم يكن الحجم المستهدف للجيش الوطني الأفغاني BU‏ على 
أساس قائمة بالاحتياجات تم وضعها بالتنسيق مع الأفغان» [aly‏ على أساس ما اعتقدنا 
Lil‏ قادرون على تحصيله من الكونجرس وما يمكن لعدد محدود من مدربي التحالف 
العسكريين أن ينجزوه في أفغانستان. وفي الواقع» ضغط علينا وزير الدفاع [الأفغاني] 
عبدالرحيم ورداك مراراً في أثناء زياراته إلى واشنطن قائلاً إنه في حاجة إلى قوة أكثر عدداً 
وأفضل تجهيزاً لتنفيذ المهمات الشاقة التي ينهض بها جيشه. وقد كان ورداك المتعلّم في 
الولايات المتحدة صوتاً متعقَلاً ثابتاً في بناء جيش محترف موالٍ لحكومته المدنية والدستور 
الأفغاني. وكان ملتزماً بصدق ببناء أفغانستان أفضل» وشاكراً حقاً للولايات المتحدة. 


424 


الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


وطوال السنوات المتعددة التي دأب فيها على المجيء إلى واشنطنء ازداد إحباطه لعدم 
قدرته على تحويل مجرى الأمور في أفغانستان» ولكنه لم ينتقدنا bd‏ ولسوء الحظ Op‏ قيامه 
بطلب طائرات مقاتلة متطورة ودبابات» لم يكن في مصلحة طلبه المحق بتعزيز القوات 
الأفغانية؛ لأن ذلك col‏ إلى صرف النظر عن طلباته على أساس أن مصدرها وزير دفاع 
دولة من دول العالم الثالث يطلب المزيد من أجل الحصول على المزيد فحسب. وضاعت 
في الزحام رسالته بأن أفغانستان تعيش في جوار صعب وتحتاج إلى جيش أكثر قدرة من 
جرد قوة مشاة خفيفة بسيطة مجهزة لبّسط الأمن الداخلي كا تراءى للبنتاجون. 


وني الوقت نفسه» حثثنا هيئة الأركان المشتركة والجيش على زيادة عددالمدربين 
لتحسين نوعية الجيش الوطني الأفغاني وزيادة عدده. ودفعنا قضيتنا في بيروقراطيات 
السياسات والجيش من خلال نائب مساعد وزير الدفاع ميتش شيفرز» وهو تاجر 
ات وسوول تفيل سان 2h‏ 6 نافع سهان يمنا أن رع dobl‏ كابزل Fines‏ 
مستشار أول لوزارة المالية. ودأب ميتش على الإشارة إلى انعدام التناسق الواضح في 
استراتيجيتنا. وأبرزت المراجعة الاستراتيجية 2007 التي أجراها البيت الأبيض للحرب 
في أفغانستان الجيش الوطني الأفغاني بوصفه دعامة أساسية لتحقيق النجاح والمساعدة 
على الانسحاب في نهاية الملاف؛ ومع ذلك كانت القيادة الانتقالية الأمنية المشتركة 
لأفغانستان تعاني نقصاً مزمناً في الأفراد. وفضلاً عن ذلك» كان موظفوها خليطاً من 
وحدات الحرس الوطني» والمتعاقدين» والجنود المعارين من القوات البحرية والسلاح 
الجوي. وكذلك ضغطنا لتعزيز التاسك والمستوى العالي من التدريب الموجود في أفضل 
وحدات الخدمة الفعلية لديناء مثل الفرقتين 82 و101 المجوقلتين. 

ولقد وجدت أن مسألة النوعية في القيادة الانتقالية الأمنية المشتركة لأفغانستان 
ومقاومة استخدام أفضل وحدات مشاتنا في التدريب أمر مؤسسات في الجيش» وليس 
نتيجة خلاف على السياسات. وكانت خلاصة القول أن مَن كانوا برتبة عقيد أو فريق 
أول ويقودون ألوية وفِرّقاً أرادوا قيادة تلك القوات في المعارك» وليس تقسيمها إلى فرق 
تدريب صغيرة ملحقة بحيث يمكن te‏ بالجيش الوطني الأفغاني. فقيادة وحدة عمليات 


425 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


في العراق وأفغانستان URS‏ نقطة انطلاق حاسمة في المسيرة المهنية لأي ضابط. ونتيجة 
Ce pill Lge cuted AU‏ وتقديم المشورة. المنوطة بالقيادة الانتقالية الأمنية المشتركة 
لأفغانستان» إلى جنود الاحتياط المعارين» بينها تم التعامل مع مهمة مكافحة التمرد من قبل 
وحدات المشاة في الخدمة الفعلية. Caley‏ من دون جدوى بأن أفضل وحداتنا يجب أن 
تنفذ عمليات مكافحة التمرّد من خلال الجيش الوطني الأفغاني» وليس بشكل مستقل عنه. 


Ib,‏ "طلب القوات" الرسمي طوال عام 2007 ونصف عام 2008 من جانب 
القيادة الانتقالية الأمنية المشتركة لأفغانستان, المعروف باسم 622 RFF‏ والمتضمّن طلب 
توفير مدرّبين إضافيين» بلا استجابة. ومن ال 2,391 جندياً اللازمين لتدريب اليش 
الوطني الأفغاني وتوجيهه. لم يعيّن سوى $1,062 أي بنسبة 44/. أما التزامنا مع الشرطة 
الأفغانية فكان أسوأء إذ كانت نسبة التلبية 39/ فقط. وحين كتا ما نزال نعمل على زيادة 
عدد القوات في العراق» Wy‏ أن حصلت أفغانستان على قوات إضافية» كان العمل يجري 
على تعزيز وحدات ded‏ عمليات قتالية وليس القيام بمهام التدريب وتقديم المشورة. أما 
حلفاؤنا الأوروبيون في الناتو (حلف شال الأطلسي) فكانوا متخلّفين أكثر في الوفاء 
بالتزاماتهم بتوفير المدرّبين» حيث لم تتم الموافقة إلا على 31 من 71 من فرق التوجيه 
اللازمة لمشاركة الجيش الوطني الأفغاني. وكان من المحبط جداً أن تتبتى قيادتنا تطوير 
الجيش الوطني الأفغاني والشرطة كجهد رئيسي استراتيجي في الحرب في الوقت الذي 
يلاقي فيه طلب المدربين المدمجين الرفض بشكل منهجي. وقد اعترف تقرير البتتاجون 
الرسمي إلى الكونجرس حول الحرب الأفغانية في تلك السنة Ob‏ مهمة التدريب كانت 
تفتقر إلى العدد الكافي من المدربين» ولكنه أوضح ببساطة أن "عمليات الانتشار في 
أفغانستان تتم بمراعاة الأولويات اللأخرى في بعض مناطق العالم".! 


وقد حثت الولايات المتحدة المجتمع الدولي في فبراير 2008 على منح الموافقة على 
تحقيق زيادة معتبرة في عدد الجيش الوطني الأفغاني من 70 ألف جندي إلى 80 LAST‏ ومن 
ثم زيادة أخرى إلى 134 ألفاً في أواخر ذلك العام. وفي سلسلة الاجتماعات وجلسات 


426 


الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


الإحاطة في البنتاجون والكونجرس» قدّرت القيادة الانتقالية الأمنية المشتركة لأفغانستان 
أنه سيتم نشر 80 ألف جندي في ساحة القتال بحلول ùle‏ عام 2010. وشعرتٌ في ذلك 
الوقت ob‏ أهداف القيادة الانتقالية الأمنية المشتركة لأفغانستان لم تكن واقعية كلية في 
تقديرها الوقت الذي خصصوه لأنفسهم» ولاسيا في ضوء النقص المزمن في عدد 
op Sul‏ الذين تقدّمهم الولايات المتحدة والناتو. وتقول القيادة الانتقالية الأمنية المشتركة 
لأفغانستان في ذلك العام إن "الحدف البعيد المدى من قوات الأمن الوطنية الأفغانية هو 
بناء وتطوير قوة de fe‏ وطنياًء ومحترفة» ومتوازنة عرقياً» ومسؤولة ديمقراطياً» ومنظمة 
ومدرّبة» ومجهّزة لتلبية احتياجات البلد الأمنية؛ ومموّلة من الميزانية (ميزانية الحكومة 
الأفغانية)".2 


وكڵ من عمل مع الجيش الوطني الأفغاني في الميدان يعرف أن معظم الجنود 
وقادتهم متفانون حقاً في بناء أفغانستانَ أفضل لأطفام؛ وأنهم يعرفون أن الأمر 
سيستغرق سنوات متعددة (إن لم يكن أجيالاً) من التدريب والتوجيه قبل أن يتمكن 
الجيش الوطني الأفغاني من تحقيق إنجازات بارزة في JLE‏ المهمة الموكلة إليه. وكان GIA‏ 
الأروع هو توفير الدعم الكامل للجيش الوطني الأفغاني من الميزانية الأفغانية؛ فقد وصل 
التمويل الأمريكي وحده للجيش الوطني الأفغاني عام 2008 إلى 1.7 مليار دولار 
أمريكي» وهو رقم لم يتوقع الأفغان بلوغه بعد عقود من الزمانء إذ لم يزد ناتج أفغانستان 
المحلي الإجمالي برمته عام 2008 على 10 مليارات دولار إلا قليلاً.3 

وإنصافاً للقيادة الانتقالية الأمنية المشتركة لأفغانستان لا بد من الاعتراف Leb‏ 
كانت تنهض بمهمّة صعبة جداًء فقد بدأ الأفغان من نقطة متدنّية جداً. ولعل التحدي 
الأكبر Ob J‏ أغلبية المجندين كانوا tote‏ حتى إن بعضهم لم يكن يعرف كيف يوفع 
اسمه أو AG‏ وأقل منهم بكثير مَنْ يعرف شيئاً ما عن الرياضيات الأساسية اللازمة 
للملاحة» أو الإسناد الناري» أو الخدمات اللوجستية. وكان بعضهم يعاني حساسيات 
ثقافية تحول دون بقائهم متمركزين فترات طويلة بعيداً عن أسرهم» أو تحمّل SLEW‏ 


427 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


بسبب القتال المستمر. وقد استغرقت الأنظمة الأساسية» مثل تجهيز كشوف الرواتب 
تمهيداً لصرفهاء سنوات؛ ما جعل الكثير من الوحدات تبقى شهوراً من دون تلقّي أي 
شكل من أشكال الراتب. وحين كان الجنود الأفغان يتلقون الراتب في النهاية» غالباً ما 
كانوا يختفون لأسابيع عدة وهم يقطعون البلاد LEY‏ رواتبهم نقداً إلى عائلاتهم. ونتيجة 
ذلك» كانت معدلات الغياب من دون إذن والوجود في قطاعات الجيش سيئة جداً في 
أحيان كثيرة. وعانى مركز التدريب الأساسي للجيش Lake‏ الاضطرار إلى ضخ جنود 
أفغان جدد في الوحدات للحلول محل أولئك الذين غادروهاء الأمر الذي حدّ بشكل كبير 
من مستويات الخبرة لدى وحدات القوات الأمامية. 


وكنتٌ أؤكد أن غياب الكوادر البشرية في أفغانستان يعد مشكلة مهمّة 
وسيستغرق Gb‏ أجيالاً. ونَعيّنَ علينا تقديم النصح والتوجيه لأولئك الذي تم تعيينهم 
حديثاً برتبة ملازم ورقيب طوال تدرّجهم في SW‏ واضطلاعهم بمستويات متزايدة من 
المسؤولية على مدى عشرين إلى ثلاثين Lele‏ من حياتهم العسكرية. واعترض الكثير من 
نظرائي في الوكالات والجيش قائلين إنه ge WAY‏ جعل الجيش الوطني الأفغاني قادراً 
على العمل بمفرده في غضون بضع سنوات» لا بضعة عقود» وأن الجدول الزمني الطويل 
الذي تبتيته أن لم يكن معقولاً من الناحية السياسية. وقد كانوا مصيبين في ذلك بعض 
الشيء. ولكن المسألة استدعت قيام القيادة في واشنطن بتحديد توقعات واقعية بالتعاون 
مع الكونجرس. والمجتمع الدولي» والرأي العام الأمريكي» تجاه شدة التحديات التي 
واجهناها والأساس المنطقي لانتهاج أسلوب طويل الأجل. وبدلاً من ذلكء رأيت 
المسؤول تلو المسؤول يعلن احتالات تحقيق النجاح في عهده. وبعد أشهر فقط من انتهاء 
خدمتي عام 2006 ورؤية ال حالة الوليدة للجيش الوطني الأفغاني» حضرث سلسلة من 
جلسات الإحاطة التي عقدها اللواء روبرت دربين» الذي IST‏ لنا في مكتب وزير الدفاع 
للسياسات أن الجيش الوطني الأفغاني يتجه بشكل متسارع نحو امتلاك نسبة كبيرة من 
الكتائب العسكرية القابلة للعمل بشكل مستقل عام 2008.* وعندما اتضح أن هذا لن 


428 


الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


يحدث» أكد café‏ اللواء روبرت كون» عام 2007 وبأرقام مستهدفة أعلى» أنه يعتزم 
تسريع وتيرة زيادة عديد الجيش الوطني الأفغاني ليكون جاهزاً للعمل إلى حد كبير بمفرده 
في أواخر عام 2011. ولكن بحلول عام 2011ء عُدَّت اثنتان فقط من كتائب الجيش الأفغاني 
ال 180 قادرتين على تنفيذ عمليات قتالية بشكل مستقل.” وكانت تلك حالة أخرى من 
حالات الانفصام التي حدثت بين واقع ما كان يجري في الميدان» وتوقعات واشنطن. 


ولا ريب في أن نمو الجيش الوطني الأفغاني وتطوّره واجها تحديات خطيرة على 
المدى الطويل. ولكن من المهم أن ندرك بشكل عام أن الجيش الوطني الأفغاني شكلء في 
نواح كثيرة» قصة نجاح شامل بالنسبة إلى أفغانستان وقوات التحالف. وكان الجيش 
ووزارة الدفاع متوازنين عرقياًء وكانا أكثر المؤسسات احتراماً في البلاد. والأهم أنه نادراً 
ما كان هناك - هذا إن كان هناك أصلاً - حديث عن انقلاب أو تحديات عسكرية أخرى 
للحكم المدني» الأمر الذي Ley‏ شائعاً جداً في دول العام الثالث التي تعجٌ بالأوضاع 
السياسية الفوضوية. وعلى المستوى التكتيكيء كان أداء الوحدات الصغيرة جيداً غالبا 
وذلك عند تزويدها بالتدريب المناسب والقيادة اللائقة. ولكن لعدد من LL‏ كان 
تدريب الجيش الوطني الأفغاني وتطويره ونشره أمراً متفاوتاً ومتقطعاً U‏ يقرب من عقد 
من الزمان. ولم يكن ذلك مرذه غياب جهد الكثير من المحترفين العسكريين الموهوبين 
والمتفانين من كثير من الدولء بل كان. في المقام الأول» نتيجة لعدم كفاية التركيز والانتباه 
والموارد على المستوى الاستراتيجي الوطني. وفي ضوء تلك العوامل» بالإضافة إلى 
التحديات الحائلة التي تواجه الأفغان» رأيت أننا لم نكن واقعيين البتة في تقديرنا للوقت 
اللازم لتمكين الجيش الأفغاني من العمل بمفرده وليكون VES‏ حقاً. 


وبين| كنت واقفاً بجانب مركبتي المخصّصة للتنقل البرّي في خوست» استمعتٌ 
لشبكتي اللاسلكي الداخليتين الخاصتين G5 de‏ العمليات ألفا-22 و23 وهما في طريقه| 
إلى الأهداف في إطار عملية "صعود اللحية السوداء". 


429 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


قال صوت عبر اللاسلكي: "إلى أرو هيد 0-2 معك 2-2. الهدف بلو-4 عديم 
الجدوى. تقدّم نحو بلو-6". 


كانت الفرق قد قزرت استخدام أساليب الدخول الصامت لتفادي تنبيه المتمرّدين 
الذين يمكن أن يكونوا نائمين في المجمّعات المجاورة. وكانت الفرق والمغاوير يحملون 
JL.‏ خفيفة وقابلة للطي من الألمنيوم من أجل تسلق الجدران الخارجية الموجودة في 
البيوت الأفغانية. ومع اقتراب مفرزة العمليات ألفا-23 من أحد الجدران الخارجية في 
منزل صانع العبوات الناسفة» وهو هدفها الرئيسي» أشاروا إلى المغاوير لفك سلالمهم. 

e £ 

وعلى الرغم من الساعات الطويلة التي أمضيت في أثناء التدريب» وجد المغاوير صعوبة 
في Eb‏ السلالم وإحكام قفل الأرجل معاً. وبعد أن شاهدهم مارك لدقائق عدة وهم 
يحاولون بصخب توصيل القطع في الظلام» تولى الأمر بنفسه. أمالوا السلالم على الجدار 
الطيني بارتفاع عشر أقدام وأشاروا إلى قائد ا مغاوير لتسلق الجدار واجتيازه. رفض» بين| 
ظل واقفاً عند قاعدة السلم Se‏ رأسه في الا تجاهين. كنا قد ضغطناء كفلسفة عملياتية» لكي 
يدخل الأفغان أولاً البيوت الأفغانية. وكانت قيادة المغاوير قد وافقت بصّدر رحب على 
أن ذلك هو النهج الأفضل» واعتقدت أن ذلك من شأنه تخفيف بعض الانتقادات للقوات 
الأمريكية التي تشنّ غارات ليلية. ومن سوء حظ الملازم خالد أنه كان مكلفاً يدف آخر 
وم يمكن أن يُطلب منه التدخحل. ووسط موجة إحباطء دفع مارك بالمغوار جانبا» وتسلّق 
السلم» وهبط على الجانب الداخلي للجدار. ومرت لحظات تملوءة بالتوثر بعد نزوله في 
الداخل إلى أن فتح البوابة بإزاحة المزلاج الكبير الذي كان يحكم ABLE]‏ 


شعر مارك بالراحة لفتح البوابة» وتنحّى جانباً مع اندفاع مجموعة المغاوير إلى داخل 
المجمّع. اعتدل رجلان LIS‏ نائمين في الفناء ورفعا أيدي) على الفور. اندفع المغاوير إلى 
داخل غرفة خلفهم. اندلع إطلاق نار. انسحب ثلاثة من المغاوير بسرعة إلى خارج 
الغرفة وركضوا حول ركن المنزل. وتعدّر مغوار في أثناء خروجه من الغرفة من دون 
بندقيته ويداه تمسكان ببطنه. اندفع فيل نحو الباب وألقى بقنبلة صوت يدوية داخل الغرفة 
بهدف صعق الموجودين داخلها وليس قتلهم. ودخل برفقة تود بمجرد انفجار القنبلة 


430 


الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


بندقيتيهما من طراز إم -4. 


ونادى فيل عبر الشبكة قائلاً: "الغرفة مؤمَنة. قتيلان من العدو". وسرعان ماتم 
التعرّف إلى هوية الرجلين باعتبارهما قائد شبكة حقاني وصانع العبوات الناسفة اللذين 


ويبدو أنه عندما دخل المغاوير الغرفة» أطلق أحد المتمردين النار من بندقيته 
الكلاشكر ف صا بذلك بتدقية oh all‏ الأول وراشا يده UL IL‏ فتقهفر المخاوير 
الثلاثة خلفه» مصدومين ALL‏ وركضوا مغادرين الغرفة بدلا من الاشتباك مع 
الرجلين وقتلهما على النحو الذي تدرّبوا عليه. وأنهى فيل وتود المهمّة. 


و 


ورد مارك te‏ باللاسلكي قائلا: "إلى أرو هيد 0-2 معك أرو هيد 3-2 جائزة 
كبرى» قتيلان من العدو. جميع الأفراد الأمريكيين سالمون. أحد المغاوير أضيب إصابات 
طفيفة. لا حاجة إلى إخلاء طبي في هذه المرحلة. الهدف الرئيسي لأرو هيد 2-2 مؤمّن 
أيضاً. مفرزتا العمليات ألفا تتقدمان نحو أهداف المتابعة". وفي موقع النزول من 
LI‏ كات ادل Lely dole Oli il by‏ فكلة نات فلا 


أجبت: "علم. سوف نبث نداء القوات مشتبكة ونزوٌدكم ببعض الإسناد الجوي 
SIL‏ في أثناء رحلة العودة. كنت متوتّراً بشأن هؤلاء الرجال الذين يقتحمون مهاوي 
الردى ثم يقطعون BLU‏ الطويلة إلى مركباتنا مشياً. رفع فرانس النداء إلى قيادتنا العلياء 
وطلب تحليق أقرب طائرة مراقبة فوقهم. 

Gy‏ هذه الأثناء» كان كيفن ما يزال يحاول إصلاح المركبة المعطّلة. فقد دار الإطار 
الأمامي الأيسر جانباً وأصبح متعامداً مع السيارة. وكانت القطعة المطلوبة موجودة في 
قاعدة العمليات الأمامية cg le‏ لكن لم يكن هناك مجال OY‏ تصل سيارة الإنقاذ من 
القاعدة إلى البقعة التي كانت المركبة حصورة فيها. واستطاع رقيب العمليات لدينا إقناع 


431 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


سرب المروحيات بإرسال إحدى مروحيات الاستطلاع الصغيرة ذات الطيارين من طراز 
01-8 لإحضار القطعة إلينا عند مغادرته في دورياته الليلية. وبعد ساعات» كان كيفن 
يؤرجح خيطاً من الأشعة ما تحت الحمراء على حبل في دائرة كبيرة لتوجيه المروحية. 
وبدأت المروحية تحوم فوقه مباشرة eg‏ بدأت في الانخفاض بين منحدرات حادة تشبه 
الجروف» مع الانزلاق يساراً ويميناً بعناية لتفادي الاصطدام بالشجيرات والأشجار 
الناتئة من الجروف. وبينما كان كيفن واقفاً وسط العاصفة الترابية المعمية المثارة من مروحة 
الطائرة» حاول أن oy‏ نظره على مساعد الطيار وهو يدلي حقيبة كبيرة بها قطعة الغيار من 
باب المروحية. وازداد قلقه مع استمرار هبوط المروحية إلى أن اضطر إلى الانبطاح على بطنه 
بين| مزلقة الطائرة لا تعلو رأسه إلا بقدم واحدة. وأسقط مساعد الطيار الحقيبة» وابتعدت 
المروحية عن الوادي الضيق واختفت متسارعة في ظلام الليل. وبينا نفض كيفن التراب 
عنه» انتزع زميلنا الميكانيكي قطعة الغيار من الحقيبة وأدرك على الفور وجود خطأ. 


قال: "حضرة الرقيب أولء إنها القطعة غير الصحيحة. el‏ قابضة الإطار الأيمن 
SIN‏ كين 


وفي نهاية المطاف» GF‏ مارك من المناورة بمركبة محصّنة ضد الكمائن والألغام من 
موقع إنزالنا إلى المنطقة. ربط الفنّي العجلة في وضع شبه عمودي وربط المركبة المعطّلة 
خلف المركبة المحصّنة الأكبر حجر بكثير. وبين| بدأت المركبة المحصّنة تشق بقوة طريق 
عودتها إليناء أحدثت في أثرها خندقاً ضحلاً مع جرّها محور مركبة التنقل البرّي على 
الأرض. لم نكن على يقين قط بالكيفية التي سنعيدها بها إلى قاعدة العمليات الأمامية 
ساليرنو» لكن على الأقل أصبحنا مجتمعين. 


وجاء الصوت اللاحق من de leew‏ المركبة: "إلى أرو هيد 0-2» معك آس هامر. لدينا 
حركة. يبدو أن الطلقات النارية من الحدف الأولي أفاقت الأشرار. هناك أفراد يتكلمون؛ 
إنهم يسعون إلى التواصل مع صانع العبوات الناسفة» ويشكلون مجموعة كبيرة للذهاب 
والتحرّي". 


432 


الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


انتابتني رغبة في أن أجعل مفرز العمليات ألفا كلتيه) تنصبان كميناً مقاتلي حقاني 
القادمين. سئمت كثيراً من أن أكون Elo‏ في موقع رد الفعل تجاه كمائن المتمرّدين. كنت Saf‏ 
أن أعكس الموقف لمصلحتناء بيد أن الفجر كان على وشك الانبلاج خلال ساعات 
معدودة» وكانوا بالتأكيد يحظون بميزة اللعب على أرضهم. كان ما يزال يتعيّن على 
المفرزتين والمغاوير قطع مسافة طويلة مشياً. ناديت على جيسون ومارك وقيادة مفرزة 
العمليات ألفا-22» وأحطتهم بالموقف. وافقواء وأوقفوا متابعة الأهداف» وبدؤوا العودة 
إلى المركبات. 


اتصلت قيادتنا العليا واستفسرث هل ما تزال لدينا فرق تقاتل؟ ذلك أن جميع 
الطائرات من دون طيار من طراز بريداتور وغيرها من عتاد جمع الاستخبارات والمراقبة 
والاستطلاع كانت مخصّصة لقوات مقاتلة أخرى» وأرادوا معرفة حقيقة موقفنا من حيث 
ضرورة الاستعجال بإرسال الطائرات. وبقدر ما كنت أريد تغطية جؤية» لم يكن بإمكاني 
أن أسحبها من آخرين وأنا مرتاح الضمير. أجبت أن الوضع تحت السيطرة ولا يستدعي 
الإستاد. 

وبعد ذلك بساعة» ومن اتجاه خولبيسات» تمكّنت من أن أرى على البُعد طوابير من 
الجنود الذين يعبرون الحقول» وكذلك ومضات كشّافاتهم التي تعمل بالأشعة ما تحت 
الحمراء. ومع اقترابهم من موقع النزول من المركبات» رأينا المغاوير وهم يوجّهون 
بأسلحتهم عدداً من المتدرّبين. 

كانت الفرق والمغاوير مرهقين» وبدؤوا يملؤون المركبات de gall‏ المنتشرة حول 
محيطنا البيضاوي الشكل تقريباً. ووضع ستة موقوفين خلف عربة ال هامفي ذات الخلفية 
المسطّحة. كانت الشاحنات ملوءة بالفعل بجنود محشورين على جانبي سطح العربة. 
اقتربْت لأجد الموقوفين تمدّدين على أرضية ظهر المركبة وأيديهم مكبّلة خلف ظهورهم» 


والمغاوير يضعون أقدامهم فوقهم. 


433 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


كان الطريق CAN‏ الوحيد للعودة إلى ساليرنو يسمى رسمياً "طريق ألاسكا"» ولكن 
الوحدة التقليدية المسؤولة عن ولاية خوست كانت تطلق عليه اسم "طريق العبوات 
الناسفة". كانت تلك الوحدة لا تسير على ذلك الطريق WS‏ أو نهاراً إلا في مركبات محصّنة 
ضد الكمائن والألغام» وخلف مركبات متخصّصة في فتح الطرقات ومزوّدة بأجهزة 
الكشف عن العبوات الناسفة. وقد أكدوا لنا أننا لو سرنا على طريق لاسكا في النهار فإن 
احتمال انفجار عبوة ناسفة في طريقنا مؤكد بنسبة 100/. ووضعنا خطة لعودة معظم القوة 
إلى ساليرنو عبر طرق فرعية» ومحاولة جلب قابض آخر لمركبة النقل من أجل إخراجها. أما 
المركبة Bead‏ ضد الكمائن والألغام ومركبة النقل البري المعطّلة فستتأخران عن باقي القوة 
وستكون معهم| عربة أخرى محصّنة ضد الألغام والكمائن لزيادة الأمان. وبعد بضع ساعات» 
خرجت قافلتنا من الطرق الفرعية في مجموعة التلال القريبة من قاعدة ساليرنو» ونظرتٌ 
فرأيت مركبتنا المحصّنة تسر بأقصى سرعة ممكنة على طريق لاسكا متجئبة الحفر التى 
احتكاك المحور بسطح الأرض الصخرية. وكانت العجلة المربوطة قد اختفت تماماً. يبدو أن 
صبر كيفن ويورك والمجموعة قد نفد بعد مغادرتنا فقرروا تجربة حظهم بالسير على طريق 
العبوات الناسفة» ولكن - الحمد لله - لم يُصب أحد منهم بأذى. 


أكد مخبرونا في اليوم اللاحق أن قائد شبكة حقاني وكبير صانعي العبوات الناسفة 
فيها هما اللذان فتلا. وقد أثار ذلك بهجة كبيرة في قلب قائد شرطة المديريةء الذي لم يكن 
54 منذ وصوله إلى الولاية على الخروج علناً في المنطقة المحيطة بصباري» ولكنه في اليوم 
اللاحق قاد سيارته من مدينة خوست إلى مركز مديرية صباري. كما اتصل غفورزاي» 
وهو tol‏ وجهاء قبيلة مانجال» ليعبر عن شكره ومباركته هذا النجاح. كانت هناك عداوة 
بين قبيلة المانجال وقبيلة مقبل» وهي إحدى القبائل التي تدعم شبكة حقاني في صباري» 
الأمر الذي جعلنا ندرك الباعث الحقيقي وراء بهجته. ومع ذلك كان ساعه وهو يعبّر عن 
امتنانه أمراً طيباً. كا تلقّى قائد فصيل المغاوير اتصالاً للتهنئة من قيادته في كابول. كان 


434 


الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


أكثر ما فرحنا به هو استعداد قائد شرطة المديرية للاستفادة من هذا الوضع بالعودة إلى 
إقليمه والعمل مع الوحدة التقليدية في صباري وفريق إعادة الإعمار في ولاية خوست لملء 
الفراغ وتنفيذ عمليات في المنطقة» ورب إقامة مشروع يؤتي نتائج سريعة في خولبيسات. 


وفي اليوم اللاحق استجوبنا المحتجزين الستة من خولبيسات» وشمل الاستجواب 
بعض الأسئلة الأساسية. (Sy‏ هي الحال دائ)» حرصنا على حضور مسعف كل بضع 
ساعات» والاحتفاظ بسجل يبيّن عدد مرّات تقديم الطعام والماء. كا التقطنا صوراً على 
فترات منتظمة ليكون لدينا إثبات إذا Lad‏ أحدّهم لاحقاً بأي نوع من الانتهاكات» كما 
حدث في غزني. 

كنا نعرف أن لهؤلاء الرجال يدا في مقتل Sle‏ ولكننا كنا نعرف أيضاً أنه لا يتوافر 
في حالتهم الحد الأدنى من الشروط اللازمة لسجنهم في مركز الاحتجاز في باجرام. 
فبرغم أنه كانت لدينا تقارير مؤكدة Ob‏ الكثير منهم 19255 صانع العبوات الناسفة بمواد 
لصناعتها أو ساعدوا في دفنهاء فإن مركز الاحتجاز لم يكن يقبل إلا المتمرّدين الذين 
نستطيع إثبات أنهم جزء من هيكل القيادة» Lol‏ المقاتلون الأدنى مستوى» فيجب تسليمهم 
للشرطة المحلية. كنا نعرف أن نتيجة ذلك WE‏ هي خروجهم من السجن عن طريق 
الرشوة أو الحصول على إطلاق سراح رسمي. فأطلقنا سراحهم بأنفسنا بعد بضعة أيام. 
كان قائد شرطة الولاية قد رفض تسلّمهم بحجة نقص الأدلة. ولسوء الحظ لم يكن 
بإمكاننا إطلاعه على التقارير الاستخباراتية التي لديناء فضلاً عن الساح بتقديمها في 
محكمة أفغانية. US |S‏ نشك في أن قائد الشرطة لا يريد استفزاز شبكة حقاني من أجل 
عدد من المقاتلين من الصف الأدنى. 

وني اليوم اللاحق لإطلاق سراح أولئك الرجالء تلقيتٌ اتصالاً عاجلاً من 
الوحدة التقليدية المتمركزة في ساليرنو. وحالما رفعت ساعة الهاتف قال المقدّم وهو في 
حالة هياج: "إذاعة خوست تقول إننا أعدمنا أمس الرجال الستة الذين كانوا محتجزين في 
إطار مهمتك الأسبوع الماضي". 


435 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 
MN aM. |‏ 


"وجد الستة كلهم بجانب طريق ألاسكا وأيديهم مقيّدة خلف ظهورهم وقد أطلق 
الرصاص على رؤوسهم من الخلف. وتتهم الإذاعة مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 
بإعدامهم بناء على أوامر الأمريكيين. لا نعرف من أين حصلت الإذاعة على هذا ال هراء. 
فأرسلنا فريق علاقاتنا العامة إلى الإذاعة لمحاولة إقناع إدارتها بعدم صحة هذا الخبر". 


سألته: "أليست وكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة هي التي تول هذه 


الإذاعة؟". 


فأجاب: "أجل. حدث شىء من هذا القبيل عندما وصلنا إلى خوست لأول مرة 
العام الماضي» والوكالة تتبع سياسة عدم التدحل. وهي تقول إن دورها يقتصر على 
تقديم التمويل لتأسيس إذاعة تنقل الأخبار لسكان خوست» من دون إملاء الأخبار التي 


صحتٌ به قائلاً: "مالم تتعارض تلك الأخبار بشكل صارخ مع المصالح 
الأمريكية". 


وأنا أستمع إلى الإذاعة» رحت أفكر بها حدث» فبرغم أنه لم يكن أمامنا خيار سوى 
إطلاق سراح أولئك الرجالء فقد Us‏ متأكدين أن لهم يداني إعداد العبوات الناسفة» 
فنشرنا بهدوء شائعات مفادها أنهم قالوا كل ما يعرفونه عن شبكة حقاني في صباري. كنا 
نظن أن هذا سيؤدي على أقل تقدير إلى إثارة الشكوك داخل الشبكة وجعل الشبهات 
تحوم حول الرجال. ولكن شبكة حقاني الشبيهة بالمافيا أعدمت الرجال بسبب اعترافهم» 
مرسلة بذلك رسالة إلى بقية مؤيديهاء ثم اتهمتنا نحن بإعدامهم. 


اتيت فور إل معسكر الاو وتحدقت إل فاتك السرية الأفغانية. OLS‏ رؤسناوه 
قد اتصلوا به وهددوه بإعفائه من مهامه. قال لي بصوت مرتجف: "أا القائد مايك. لا 


436 


الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


يمكن إقالتي من منصبي. أنا جندي منذ حمس وعشرين سنة» وهذا العمل هو الوحيد 
الذي أتقنه. قد يزج بي في السجن". 


أخبرته أن عليه الذهاب إلى الإذاعة على الفور ليقول ما يعرفه في هذا الشأن: "يجب 
أن تقول لأهل خوست إن الجيش ليس مسؤولاً عن هذه الجرائم» وأن تخبرهم أين ومتى 
أطلقت سراح هؤلاء الرجال. الشعب الأفغاني يحترم الجيش» وعندما يسمع الناس 
صوتك» سيدركون أنك رجل صادق وجندي صالح". 


وافق القائد على فعل ما اقترحته عليه» وبعد بضع ساعات كان يتكلّم عبر الإذاعة. 
وانضمٌ إليه قائد شرطة صباري الذي أكد هويات الرجال وانتماءهم إلى شبكة حقاني» ثم 
تحدث عن تحسّن الأوضاع في الولاية. ولكن للأسف» بعد بضعة أسابيع تم نصب كمين 
لقائد الشرطة تقل على إثره إلى المستشفى وظل يعالّج شهوراً قبل أن يخرج تماماً من المشهد 
لأنه حاول إعادة بسط سيطرة الحكومة في صباري. 


لم نعرف قط من الذي أمر بإعدام أولئك الرجال. كانت تلك حركة وحشية 
ولكنها ذكية من جانب المتمرّدين» وقد agai‏ ذلك. ولكن مالم أفهمه قط هو تعامل 
قيادتي معي بمنطق "المتهم مذنب إلى أن تثبت براءته". قضيت ساعات طوالاً وأنا أشرح 
على الحاتف تسلسل الأحداث. كا قضى فرانس ساعات مع كتيبة القوات الخاصة 
والمغاوير وهم يكتبون شهادات موقعة تحت القسّم. ولكي أكون منصفاً فقد كان مصدر 
الضغوط التي تمارس علينا لتفسير ما حدث هو قيادة إيساف في كابول وقيادة اللواء 82 
المجوقل في باجرام» وليس قيادتي العليا. كانوا يسألون تحديداً عن سبب قيام المغاوير بنقل 
الرجال إلى BE‏ المديرية وإطلاق سراحهم هناك. ولماذا لم يرافقهم أحد من مفرزة 
العمليات ألفا. كا سئلنا عن سبب عدم تسليم الرجال إلى الشرطة وعدم تصوير عملية 
إطلاق سراحهم. كانت الأسئلة لا تنتهي وكان مضمون إجاباتي ماثلاً لإجاباتي عندما 
قتلت الشرطة الأفغانية في غزني الفتاة الصغيرة. لا يمكن أن نتبع سياسة تقوم على تسليم 


437 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


زمام القيادة إلى الأفغان ثم نتساءل عن أسباب النتائج التي لا تعجبنا. نحن شجُعنا قائد 
المغاوير على العمل مع قائدي شرطة الولاية والمديرية» وهذا ما فعله الرجل. هذه هي 
Silas E AA‏ شترينا كاميرات 


وفي اليوم اللاحق LB‏ المتمرّدون ضربة جديدة» حيث وُجد الأب والابن اللذان 
زودانا ad A‏ اشح عفان وسام العبوات الناسفة مشنوقين 
في ضواحي القرية» وقد ثبتت على جثتيهما ورقتان فيه اتبامات el‏ "أبناء كرزاي" 
و"أعداء أفغانستان". 


استشاط تود غضباً وقال: "لقد طلبتٌ (gee‏ أن يغادرا البلدة. حتى إنني أعطيتهم| 
JU‏ للبقاء في كابول بعض الوقت. ولكنهم لم يفعلا ذلك ك هو واضح. LIS‏ معلمين 
ولكل [gee‏ عائلة. LIS‏ يريدان فقط أن نخلّصهم من أولئك السفلة. لا أفهم لماذا لم يصغيا 
لما "bald‏ 


Co‏ من الغرفة لأتنشّق بعض المواء النقي» ورحت أفكر في SLs‏ وعائلته. 
تذكرت أوراق مركز البحوث والمناقشات حول السياسات التي جرت في واشنطن 
وأوروبا تجاه ضرورة تنسيق الجهود بين العمليات ال هجومية والعمليات الاستخباراتية 
a‏ لي ا P‏ 
قتل مخبرينا في أعقاب العملية. هذا كله يفسرلماذا تع تعتبر عمليات مكافحة الإرهاب 
Care‏ بين أنواع الحروب الحديثة. 

نجحت عملية "صعود اللحية السوداء" في الانتقام bs eal‏ وأرسلت رسالة 
مفادها أن قيادة شبكة حقاني ليست بمأمن Lbs‏ وأفسحت المجال أمام قائد الشرطة 
المحلية لبسط سلطته. كان هذا مؤشراً آخر إلى أنه ما زال أمام الجيش الوطني الأفغاني 
الكثير ليفعله. كان أداء المغاويرء وحدة النخبة في الجيش الوطني الأفغاني» قد تَحَسّن كثيراً 


438 


الفصل الثاني عشر: صعود اللحية السوداء .. مغاوير الجيش الوطني الأفغاني 


من الناحية التكتيكية» ولكنهم يحتاجون إلى وقت طويل حتى يصبحوا قادرين على 
التخطيط بشكل مستقل» وتوفير الدعم اللوجستي لعملياتهم. وزادت قناعتي أكثر من أي 
وقت مضى بأنه سيتعيّن علينا العمل في شراكة مع الجيش الأفغاني خلال السنوات 
العشرين المقبلة على أقل تقدير. 


439 


الفصل الثالث عشر 
على الحدود مع باكستان 
لهب الصاروخ الأحمر 


كنا نقف على السور الترابي في نقطة مراقبة حدودية لرجال شرطة الحدود 
الأفغان» وكنت أتحدّثء أنا وقائد فريقي بوبي» عن الدوريات في ذلك اليوم مع عزيزء 
قائد الشرطة المحلية المشهور في شكين في ولاية باكتيكا [جنوب شرق أفغانستان]. 
وفجأة سمعنا صوت أزيز حاد لصواريخ قادمة من جهة باكستان إلى المكان الذي نقف 
فيه» كانت ترسم قوساً في السماء متجهة نحو قاعدة الشرطة الحدودية» ومفرزة 
العمليات ألفا في قاعدة العمليات الأمامية "ليللي" في شكين خلفنا. وهكذا بدأت 
الطقوس شبه اليومية التي fast‏ بإطلاق صواريخ أو قذائف مدفعية من قبل مقاتلي 
طالبان من مخابئهم في باكستان. 


صاح اثنان من عناصر الفريق الجددء "قادمة!"» ley‏ هرعوا للاحتماء تحت أقرب 
المركبات. لم أتحرك تقريباً لأنني لم أميّر مسار الصواريخ بسرعة كا فعلوا هم. نظرتٌ في 
ull‏ البعيد نحو المخفر الحدودي للجيش الباكستاني المعروف باسم "المخفر 28". 
وكانت آثار الدخان الأبيض قادمة من أسفل تلك النقطة الحدودية» الرابضة على تلة 
صغيرة على مسافة بضعة كيلومترات. "ابن الزانية"» مرت العبارة في ذهني عندما أدركتٌ 
مدى قرب المخفر الباكستاني 28 من المكان الذي أطلقت منه الصواريخ. لم يكن هناك أي 
احتمال يوحي ob‏ الجنود الباكستانيين لم يروا ما حدث» ومع ذلك لم يظهر أي رد فعل من 
جانب الجيش الباكستاني. النقاط الحدودية كانت محروسة بواسطة عناصر من شرطة 
الحدود تُعرف باسم "قوات حرس الحدود"» ويتم تجنيد هؤلاء من السكان المحليين الذين 
WE‏ ما يكونون متعاطفين مع طالبان؛ ولكن أفراد حرس الحدود كانوا يعملون تحت قيادة 


441 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


ضباط محترفين من الجيش الباكستاني. والفكرة الأهم هي أن باكستان قد تكون حليفاً 
رسمياً للولايات المتحدة» ولكن في المناطق النائية والحدودية» شاهدنا مراراً أدلة تؤكد أن 
الباكستانيين يساعدون مقاتلي طالبان ويشجعونهم ويتعاطفون معهم؛ وني أفضل الأحوال 
يغضون الطرف عن bleed‏ ومن المؤسف أننا US‏ دائ نسهم في جعل الأمور أسوأ مما هي 
عليه» من خلال التردّد في الرد على هجج|تهم» وهذا التردّد كان يسهم في تشجيع المهاجمين 
ويرسل رسالة عن مدى ضعفنا إلى السكان المحليين. 


خريطة (16): ولاية باكتيكا 





442 


الفصل الثالث عشر: على الحدود مع باكستان .. هب الصاروخ الأحمر 


في خريف عام 2009 كانت قاعدة مفرزة العمليات ألفا-25» على الحدود الجنوبية 
الشرقية لأفغانستان مع الجارة باكستان» تتعرّض للقصف بصواريخ وقذائف بمعدل مرة 
كل يومين أو ثلاثة أيام. dy‏ مرات كثيرة كانت الصواريخ غير دقيقة ول تحدث أضراراً 
تذكر. ولكن عندما نظرت إلى الأسفل» حيث الرجلان اللذان كانا يزحفان للخروج من 
تحت السيارة» أدركت مدى الذعر الذي أصا) بسبب وابل القذائف المستمر. وطوال 
موسم القتال الصيفي أصبحت النيران الصاروخية أكثر دقة» حيث تحسّنت مهارات 
طالبان في التسديد على الأهداف. ولحسن الحظ أن تلك القاعدة كانت مبنية بجدران من 
الطين بسماكة ثلاث أقدام [نحو متر] وكانت تشبه ثكنة ألامو [سان أنتونيو» تكساس] مع 
أسلاك شائكة حادة. ولكن إحدى الرشقات الصاروخية ضربت مؤخراً أحد المدافع 
التابعة لفصيل المدفعية التي كانت متمركزة قرب مفرزة العمليات ألفا-25 في قاعدة 
العمليات الأمامية "ليللي". وأدى الانفجار إلى تدمير واحدة من قطعتي المدفعية في 
القاعدة» كا أشعل مستودع الذخيرة القريب من المكان الذي كان مملوءاً بقذائف مدفعية 
من she‏ 105 ملم. كا أدى الانفجار المائل إلى تدمير Ole‏ عدة» وجرح رقيب الاتصالات 
في الفريق أندريه» الذي كان موجوداً في الجوار. وهناك هجمات صاروخية أخرى أصابت 
مباني عدة بالشظايا. وكان الفريق يتوقع أن gat‏ أحد الصواريخ يوماً ما إصابة مباشرة. 
ولحسن الحظ لم يُقتل أي عنصر من الفريق» ولم يُصب أي منهم إصابة خطيرة. ولكن نظراً 
إلى أن القاعدة تتعرّض للصواريخ وقذائف الحاون بشكل أسبوعيء فإن كل فرد في الفريق 
كان يشعر أن المسألة مسألة وقت [لحدوث الإصابة المباشرة]. ولا حاجة إلى القول إن 


عرفنا أن المتمردين يعيشون ويتدرّبون في معسكرات داخل باکستان» وكانوا 
يعبرون الحدود في الليل» وينصبون صواريخهم على الصخور المستوية أو على قضبان 
معدنية مرفوعة عن الأرض. وبعد كل هجوم كانوا يضبطون هدفهم بشكل طفيف بتغيير 
الصخرةء أو نقل المنصة المعدنية. ثم يربطون الصواريخ بجهاز توقيت بحيث تنطلق 


443 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


القذائف في صباح اليوم اللاحق» وينسحبون عائدين عبر الحدود إلى باكستان. وجهاز 
التوقيت هذا يشعل صاعقاً في الوقت المحدّدء وتنطلق الصواريخ نحو القاعدة المستهدفة. 

أصبح لدينا أدلة متناسقة ودامغة على أن حرس الحدود الباكستانيين ووحدات 
الجيش المتمركزة في النقاط الحدودية» لا يتجاهلون هجمات المتمردين فحسب» بل كانوا 
يساعدونهم بشكل مباشر. الأمر المحزن بشأن هذا الحجوم الأخير هو أنه في الليلة السابقة 
عرفنا أن هذا الهجوم سوف يقع» وم يكن مسموحاً لنا أن نفعل أي شيء تجاهه. وني اليوم 
السابق» Eas‏ قد وصلت جواً إلى قاعدة العمليات الأمامية "ليللي" لزيارة مفرزة 
العمليات ألفاء ووقفت في مركز عمليات تلك القاعدة العسكرية مع بوبي بينما كنا نراقب 
الحدود من خلال عدسات كاميرات للمسافات البعيدة» مركبة على برج مرتفع فوق 
القاعدة. وراقبنا بواسطة تلك الكاميرات» التي توفر لقطات مقرّبة» مساحات من المنطقة 
المحايدة تمد بين القاعدة العسكرية وشريط المواقع العسكرية على طول الحدود 
الأفغانية-الباكستانية. وشاهدنا شاحنات "بيك-آب" صغيرة كان من الواضح أنها ليست 
عسكرية» تصعد إلى سفح التلة التي توجد فيها النقطة العسكرية الباكستانية-28. وقفز 
من الشاحنات نحو عشرة رجال وحملوا على أكتافهم ما كان يبدو أنابيب معدنية طويلة. 
وبعد أن تركوا الشاحنات عند أسفل التل» توجُهوا نحو أحد مواقع الإطلاق التي كانت 
تُستخدم منذ زمن طويل لإطلاق الصواريخ على قاعدة العمليات الأمامية. 

حاولنا أن نطلق عليهم النار بواسطة فصيل المدفعية المتمركزة في قاعدة العمليات 
الأمامية مع مفرزة العمليات ألفاء ولكن القيادة العليا لفصيل المدفعية» التي كانت مختلفة 
عن قيادتنا وكانت تبعد مئات الكيلومترات عن عاصمة تلك الولاية من باكستان» ردت 
علينا بأن موقع طالبان كان قريباً جداً من المخفر الباكستاني» ولذلك لا يستطيعون الموافقة 
على إطلاق النار عليهم» والمخاطرة بوقوع أضرار جانبية بين الباكستانيين. قال بوبي 
ساخراً: "أمَا من أحد يرى أنه ثمة خطأ في هذه العبارة؟". 

تابعنا مراقبة الرجال بكاميراتناء بين| كانوا ينزلون ويصعدون الأودية» ويصعدون 
التلال ويحملون الأنابيب عبر الأراضي القاحلة. وانتظرنا حتى ابتعد الرجال وأصبحت 


444 


الفصل الثالث عشر: على الحدود مع باكستان .. لهب الصاروخ الأحمر 


هناك مسافة أبعد بينهم وبين الموقع العسكري الباكستاني» وطلب بوبي من قائد سرية 
المدفعية أن يطلب الإذن مرة ثانية لإطلاق النار عليهم. 

أجاب قائد فصيل المدفعية وهو يضع سمعة الحاتف من يده: "إن قيادتنا تسأل: هل 
كان الرجال يحملون أي أسلحة؟". 


أجابه بوبي» "ألا تكفي الأنابيب الطويلة الماثلة لقاذفات الصواريخ عيار 107 
ملم؟". 

قال الملازم» "كلا يا سيديء يبدو أن ذلك ليس كافياً. لقد نقلت لهم ذلك. يريدون 
أن يعرفوا إذا كنا نستطيع أن نحدّد بوضوح wel‏ يحملون بنادق كلاشنكوف أو قواذف 
صاروخية أو شيئاً من هذا القبيل". 

حدقنا جميعاً في شاشة التلفاز بضع دقائق. "انظروا! ذلك الرجل بالتأكيد يحمل 
كلاشتكوف". استطعنا أن نرى الرجل وهو يكافح لكي يبقي البندقية معلقة على كتفه بين 
كان يحمل الأنبوب. 


عاد الملازم إلى الحاتف. وقال Ey‏ كان يجول الغرفة جيئة Lady‏ وهو بخفض نظره 
إلى أرض الغرفة ومن الواضح أنه كان يشعر با حرج. 

في هذه اللحظة كانت الشمس قد غربت خلف الجحبال» ولم نعد قادرين على رؤية 
أي شيء يتحرّك على الأرض. وقال بوبي وهو يغادر الغرفة من دون توجيه الكلام إلى 
شخص معيّنء "أيها الرجال» تستطيعون الجلوس هنا وانتظار قدوم الصواريخ لتخرّب 
فطوركم في الصباح» ولكن سوف نكون خارج المبنى حين وصوها". 

شعرت بالأسى حال ذلك الملازم. لقد تعرّض للتوبيخ في وقت سابق من ذلك 
el‏ لأنه ردّ بإطلاق النار عندما تعرّضت القاعدة لوابل من الصواريخ من الجهة 
المقابلة عبر الحدود. ومع أن الأمر كان "بديياً" في قواعد الاشتباك وهو أن ترد بالنار 


445 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


عندما تُطلق عليك النار» فإن إطلاق النار إلى داخل باكستان كان يُعتبر مسألة حسّاسة 
جداً. وما زاد الأمر سوءاً» أن الباكستانيين قدّموا شكوى تقول إن أحد جنودهم جرح 
بشظية من قذائف مدفعيتنا. ومن المؤسف أن هذا النوع من الحوادث أصبح شائعاً على 
نحو متزايد في بيئة الحرب المملوءة بالنزاعات والخلافات في تلك الفترة. وأصبح رد الفعل 
التلقائي على أي نوع من المجال الرمادي هو عدم القيام بأي فعل. وصار الضباط الصغار 
خائفين من التحقيق معهم على أخطاء ارتكبوهاء أكثر من خوفهم من طالبان. 


في صباح اليوم اللاحق وبعد مغادرتنا لقاعدة العمليات الأمامية "ليللي" في 
منتصف الليل متجهين إلى المواقع العسكرية الحدودية الأفغانية» كنا نراقب الصواريخ 
وهي تنهمر حول قاعدة "ليللي". قام بوبي بالاتصال هاتفياً وأعطى إحداثيات موقع 
إطلاق الصواريخ إلى فصيل المدفعية» وطلب منهم أن يردوا على الفور لتدمير أي 
صواريخ متبقية يمكن أن تُطلق على القاعدة. كان المتمردون أحياناً يقومون بإشعال 
صواعق الصواريخ يدوياً بدلا من استخدام جهاز التوقيت» ولذلك كان دائاً لدينا أمل في 
احتمال أن نقتل بعض المتمرّدين في تلك المنطقة. ورد الملازم الموجود في القاعدة على طلبنا 
بأنه يجب عليه الحصول على إذن أولاً. وتمتم أحد الموجودين SUE‏ "يا للمسكين» ها نحن 
نلتقي ثانية مع المقدم مايكلز"» وكان يشير بذلك إلى قائد كتيبة المشاة المتقيّد بالتعلييات 
ls >‏ الذي كان يشترط الحصول على موافقته على كل مهمة لإطلاق نيران المدفعية. 


كان فصيل المدفعية يعمل وفق قواعد اشتباك مختلفة وأكثر صرامة من القواعد 
التي نعمل بها. وكانت القواعد تنص بوضوح على أنه يحق لأي جندي أو وحدة بشكل 
طبيعي الدفاع عن النفس بالرد بإطلاق النار عندما يتعرّض لنيران معادية مؤثرة» hie‏ 
الصواريخ التي تسقط على قاعدتهم. ونظراً إلى أن الوسائل المتاحة لرد النار كانت مدفعية» 
فهناك فرصة كبيرة لوقوع إصابات بين المدنيين» ولذلك كان مايكلز يصر على أن يقوم هو 
شخصياً بإعطاء التصاريح لجميع مهمات المدفعية. ولكنه لم يكن يعطي الإذن بإطلاق 
النار إلا بعد أن يقوم العاملون لديه بمراجعة صور الأقمار الاصطناعية لكل موقع 


446 


الفصل الثالث عشر: على الحدود مع باكستان .. لحب الصاروخ الأحمر 


مستهدف للتأكد من أنه لا يوجد مساكن مدنيين قرب المنطقة المستهدفة. والمشكلة هي أنه 
كان هناك الكثير من الأسئلة تدور جيئة وذهاباً بين الملازم المسكين وطاقم مايكلز وكانت 
تستغرق Wy‏ طويلاً للبت فيها؛ ومن ثم ل يكن لإطلاق النار أي SE‏ فعّال بعد إضاعة 
كل ذلك الوقت. حتى إن أعطي الإذن بإطلاق النارء يكون مقاتلو طالبان قد غادروا 
الموقع منذ وقت طويل» عندما تنطلق نيران المدافع. 


بالطبع» لاحظ مقاتلو طالبان بعد فترة أنه في كل مرة يشتون فيها هجوماًء ومع أن 
المجوم يكون قريباً من بيوت أفغانية» فإنهم لم يواجهوا ردا يُذكر. ولذلك لم يكن مستغرباً 
eel‏ بدؤوا يكثفون هجماتهم AST‏ فأكثر من أماكن بجانب بيوت القرويين» وحتى من 
داخل بيوت القرويين الأفغان. وهذه النتيجة غير المتعمّدة لسياستنا جلبت القتال إلى 


مسافة قريبة من المدنيين أكثر من أي وقت مضى. 


كل مرة كانوا يطلقون الصواريخ على قاعدتناء ولا نرد» ما حدا بزعيم طالبان المحلي 
المسؤول عن فرق الصواريخ» حاجي زامان. إلى أن يباهي في المسجد خلال خطبة الجمعة 
قائلاً إن الأمريكيين ضعفاء وواهنون. وقد سخر حاجي زامان من oiled‏ وزيري 
وخاروتي AY‏ تساندان الجيش» وقال عنهما kel‏ ناعمتان وتخشيان القتال. وقد أحدثت 
کلاته فلاف كرا شيف الثقافة القبلية السائدة» حيث القوة تعني القدرة على البقاء؛ ومن 
ثم فإن ضبط النفس من جانبنا وعدم الرد بإطلاق النار م يكونا يحظيان بأي تقدير. وكانت 
4[ علينا اللعنة إذا رددنا بإطلاق النار وألحقنا الضرر بمدنيين أفغان أبرياء» كا JA‏ علينا 
اللعنة إذا مارسنا ضبط النفس. 

ورداً على هذه السخرية» بدأت مفرزة العمليات ألفا-25 بتكثيف جهودها لإقناع 
حكاء قبيلتي وزيري وخاروتي بعدم السماح للمتمرّدين بإطلاق الصواريخ على قاعدة 
العمليات الأمامية "ليللي" من داخل قراهم. أما قائد الشرطة الذي يحترمه السكان 
(ويخشونه)» عزيز» فقد ترأس اجتماعات بالتشاور الوثيق مع بوبي؛ وقد تطلّب الأمر 
استخدام مزيج بارع من التهديدات والرشاوى والمناشدات لإثارة مشاعر الفخر 


447 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


والاعتزاز لدى البشتون لحت شيوخهم على التصرف. وجاءت التهديدات في صيغة 
اقتراحات ob‏ تضطر قاذفات أمريكية إلى الرد على هجمات الصواريخ» حتى إن انطلقت 
من أمكنة قريبة من مساكن الشيوخ. كا تم تحذيرهم أيضاً من أن العيادة الطبية في قاعدة 
"ليللي" التي فتحت أبوايها أمام السكان المحليين» سوف تكون مُجبرة على إغلاق أبوابها 
قريباً إذا استمرت هجمات المتمرّدين. وتمَثلت الرشوة في صيغة مشروعات صغيرة يمكن 
أن تُعطى لمقاولين يقترحهم الشيوخ. أما المناشدات لإثارة مشاعر الفخر والاعتزاز 
البشتوني فقد جاءت في صيغة تساؤلات ماكرة طرحها عزيز عن المسؤول حقاً عن 
قراهم؛ هل هو حاجي زامان ومقاتلو طالبان أو الشيوخ؟ وبعد أسابيع من اللقاءات 
والوعود بمشروعات» قام الشيوخ المحليّون أخيراً بإبلاغ حاجي زامان بوجوب إيقاف 
إطلاق الصواريخ من أماكن قريبة من بيوت القرية» وإذا لم يلتزم بذلك فسيواجه غضب 
الميليشيات القبلية المحلية (شيلواستي). 


اعتقدوا نهم فاقوا حاجي زامان Flas‏ ولكن الوغد الذكي أعطى أوامر لفريق 
الصواريخ أن يبدؤوا GULL‏ الصواريخ من داخل مساكن مهدمة ومهجورة» وكان يأمل 
أننا لن نستطيع أن نميّز بين المواقع» ولن نرد على الصواريخ. وكان محقاً في اعتقاده؛ ذلك 
أن مايكلز وطاقمه لا يستطيعون أن يميّزوا في صورالأقار الاصطناعية إذا ما كانت المباني 
مسكونة بالناس أو بالأغنام. وبعدما JIE‏ مقاتلو طالبان إلى هذا التكتيك» أمضت مفرزة 
العمليات ألفا أسابيع وهي تقوم بدوريات لرصد جيع المباني المهجورة الموجودة ضمن 
مدى المدفعية في القاعدة» والتقطوا صوراً لتلك المباني وقاموا بتوثيق مواقعها. وقد 
تعرضوا لكمائن مرتين في تلك الدوريات» وخسر عزيز خمسة من رجاله» من بينهم نائبه» 
في انفجار عبوة ناسفة. 


بعد أن قدّم بوبي جميع المعلومات المتوافرة لديه وأرسلها إلى طاقم كتيبة المشاة» وافق 
مايكلز أخيراً على السماح لفصيل المدفعية بالرد على النيران بحسب تقديرها. ولكن 
ناته db preven Dele‏ دور يق ل مكات aged E E‏ اذاف Kb‏ 


448 


الفصل الثالث عشر: على الحدود مع باكستان .. هب الصاروخ الأحمر 


يجب أن يكون بعيداً مئات عدة من الأمتار عن النقطة الفعلية التي أأطلقت منها الصواريخ 
اذ انض قن He eel)‏ ربج نانس USS TO‏ باس سوه عرق 
المدفعية يجب أن تبتعد عنه خشية احتمال أن يكون البدو يقيمون في ذلك المبنى. وعندما 
اتصل بوبي ليخبرني عن هذا الشرط الجديد» كدت أقع عن مقعدي. كان اتفاقنا يسمح 
بالرد على مصادر النيران» ولكن تم تعطيله عمداً بهذا الشرط. لقد كنت أعرف أن 
الجنرال ماك كريستال لم يقصد قط أن تكون تعليماته بشأن الإصابات بين المدنيين موضع 


وعلى رأس هذه القواعد بشأن استخدام المدفعية لقصف مناطق قريبة من منازل 
الأفغان» أصبح الرد على نيران طالبان عندما yal,‏ من داخل أراضي باكستان أشد 
تعقيداً من السابق. عندما GE‏ النيران من باكستان» فإن الإذن للمدفعية بالرد على النار 
يجب أن يأتي من مستويات قيادة أعلى من المقدم مايكلز وطاقمه» وهذا يستغرق وقتاً 
أطول. وكان هذا التأخير أحد الأسباب التي ساعدت uo jell‏ على النجاة مرة تلو المرة. 
كما شجع المتمردين على استهداف تلك القاعدة بدقة كبيرة. وني نهاية المطاف» جرح رجال 
عدة من مفرزة العمليات ألفا-25 بسبب نيران طالبان. أضف إلى ذلك الانتصار الدعائي 
الذي قدّمناه مراراً ta‏ طالبان. 


على الموقع الحدودي أبلغني بوبي أن ملازم فصيل المدفعية كان ما يزال يسعى إلى 
الحصول على إذن بالرد على إطلاق النار. أجبث: "لم لا نحاول استخدام سلاح الجو؟". 
كنت أشهد بنفسي ما يفعله هذا الفريق هناك طوال شهور. اتصل رقيب الاتصالات في 
الفريق بقيادتنا عبرالأقمار الاصطناعية لكي يبلغهم أننا ما نزال نتعرّض لنيران المتمرّدين 
وسوف نقصف موقع الصواريخ المعادية. وكان كل من في مسرح العمليات يستطيع 
سماع مكالمتنا عبر شبكة الأقمار الاصطناعية» وبعد بضع دقائق صرخ رقيب الاتصالات 


449 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


من مركبته ليقول إن المقدم مايكلز يتحدّث على هاتف الأقمار الاصطناعية ويريد أن يتكلم 
مع الضابط المسؤول. قلت لبوبي فوراً إني سأردّ على هذه المكالمة بنفسي. 


قال مايكلز بحزم: "الرائد والتزء أريد أن أكون واضحاً تجاه أمر ما من البداية؛ هذا 
SLE‏ معركتي» وأنت ليس لديك» وأقوطا ثانية» ليس لديك الإذن لقصف ذلك الموقع! إن 
موقع القصف ذاك قريب جداً من موقع الجيش الباكستاني» وموقع القصف الآخر الذي 
ذكرته يقع داخل مجمّع مبانٍ مدنية". 

أجبته: "يا سيدي» هذه ليست مسؤوليتك. أنا قائد القوة البرية الموجودة على 
الأرض هناء ونحن نتعرّض لنيران معادية مباشرة"» وحاولت الحفاظ على صوتي منتظ. 
ذكرته أنني أحصل على الموافقات على التصرف عبر سلسلة قيادتي المنفصلة» وقد تأكدنا 
من أن المبنى Gall‏ كان مهجوراً". 


"أا الرائد لم أتسبب بإصابة واحدة بين المدنيين الأفغان في معظم أيام السنة التي 
قضيتها هناء ولن يحدث هذا اليوم بسببك. هذا مجال معركتي» ويجب عل التعامل مع 
عواقب أخطائك". هذا أشبه بلاعب الظهير GT‏ كرة القدم الأمريكية] الذي يتبجّح بأنه 
قضى الموسم الكروي بأكمله من دون أن يواجه لاعباً يقطع كرته» ولكنه في الوقت ذاته 
لم يمرر أي كرة. لقد غدا عدم ارتكاب أخطاء مقياساً للنجاح! 

أعدثٌ BUI‏ إلى مكانه في العربة وكنت على وشك الخروج من جلدي عندما 
سمعت قرقعة مدفع ال هاون خلفي. نظرت إلى الخلف وشاهدت مجموعة من شرطة 
الحدود الأفغان يبتسمون وهم يضعون قذيفة ASU‏ في مدفع هاون عتيق روسي الصنع. 
يبدو أن عزيز سئم تراخينا فبما مقاتلو طالبان يقصفون قاعدته» التي كانت مجاورة لقاعدة 
العمليات الأمامية "ليللي". ولذلك أعطى الأوامر لجنوده من فريق الماون أن يبدؤوا 
إطلاق النار على موقع الصواريخ الطالباني قرب المخفر-28. وعندما بدأ رجال عزيز 


450 


الفصل الثالث عشر: على الحدود مع باكستان .. لهب الصاروخ الأحمر 


يطلقون الرشقة الثانية سمعنا صوت قصف مدفعي من بعيد قادم من جهة الموقع 
الباكستاني. ومرت قذيفة المدفعية الباكستانية على مسافة مرتفعة فوق رؤوسناء ولكنها 
كانت كافية لجعل بوبي يبرع إلى عزيز ليطلب منه أن يطلب من رجاله التوقف قبل أن 
يتصاعد تبادل النيران أكثر من ذلك. وبنظرة غضبى على محيا عزيز» صرخ طالباً من فريق 
الحاون التوقف عن إطلاق القذائف. 


بعد ذلك طلبنا من المراقب الجوي التكتيكي المشترك لسلاح الجو ا لخاص بمفرزة 
العمليات ألفا استدعاء ضربة جوية لذلك الموقع. وكان الطيار الذي يقود القاذفة بي-1 
التي تدور في الجو لاحظ بعض الرجال وهم يركضون نازلين أسفل واد بعيد عن موقع 
إطلاق الصواريخ. أعطيت إذناً بالقصف وأعطيت الطيار الأحرف الأولى من اسمي. 
وكان جهاز التسجيل في قمرة الطيار يسجل المحادثة. وإعطاء الطيار الأحرف الأولى من 
اسمي بصفتي قائد القوة البرية» من شأنه أن يعفيه من أي مسؤولية فيها لو حدث خطأ 
وأسقطنا قذائف على قوات صديقة أو مدنيين. وكان المراقب الجوي التكتيكي المشترك 
لسلاح الجو يبتسم ابتسامة عريضة؛ لأنه غير خوّل باستدعاء ضربة جوية واحدة منذ 
الشهور التي أعقبت التوجيهات التي أصدرها الجنرال ماك كريستال. وقال بصوت She‏ 
من دون أن يوجّه حديثه إلى أحد محدّد: "إن رد الفعل ILM‏ فيه من قبل الجميع تجاه أوامر 
ماك كريستال قد شل قدرات أقوى سلاح جو في العالم". 


وساد صمت طويل بعد توجيه المراقب الجوي التعليهات النهائية للقاذفة» وم يقطع 
ذلك الصمت سوى هسه الخفيف وهو يعد تنازلياً للانفجار. وهذا يمكن أن يتحول إلى 
يوم رهيب فيا لو أخطأ الطيار المدف وأصبنا الموقع العسكري الباكستاني. سمعناصوت 
قرقعة ودوي انفجارء تبعه وميض انفجار لاحقء في منطقة منخفضة عبر الوادي» وكان 
هذا يعني أن القذائف أصابت صواريخ إضافية أو خبأ أسلحة أو مستودعاً. وصرخ بوبي: 
"مبروك! لقد أصبنا المزيد من الصواريخ". 


451 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وردت المكالمة اللاحقة من قيادتنا العليا؛ وقال ضابط العمليات لبوي على BLA‏ 
العامل عبر EY‏ الاصطناعية» "تعرفون يا رجال أنه يتعين Ste‏ الذهاب إلى هناك 
وإجراء تقدير لأضرار المعركة". إن التعليهات التكتيكية الآتية من الجنرال ماك كريستال 
تأمر أي وحدة تستخدم المدفعية أو الضربات الجوية أن تجري تقيياً لأضرار المعركة» أو 
القصف "عندما يكون ذلك ممكناً تكتيكياً". وهذا معناه الذهاب إلى موقع الحدث 
والتحقق» والتقاط الصور وتوثيق آثار الانفجارات. وبهذه الطريقة» عندما تقوم الآلة 
الدعائية لحركة طالبان المحلية باستدعاء وسائل الإعلام الدولية خلال ساعات من وقوع 
الحادثة وتزعم أن عشرات المدنيين قُتلوا نتيجة الضربة» يكون لدى قوات التحالف في 
الأصل أدلة تنافض ادعاءاتهم» من دون الحاجة إلى إرسال وحدة إلى الموقع مرة ثانية. 
كانت USA‏ أنه "حين يكون إجراء التقدير Like‏ تكتيكياً" فإن جزءاً من التعلييات 
يضيع في متاهات القيادات الفرعية المتعدّدة» وقد أصبح تقدير أضرار المعركة إجراء 
إجبارياً بعد كل ضربة» بغض النظر عن الوضع التكتيكي والخطر الماثل. وبالعكس» فقد 
حرمت بعض الوحدات من الإذن لتنفيذ ضربات؛ لأنها لم تكن قادرة على الوصول إلى 
الموقع لإجراء تقدير لأضرار AS all‏ وبدا الأمر وكأن القادة كانوا يستعيضون عن شرط 
"حين يكون التقدير ممكناً تكتيكياً" ب "لن تحصلوا على الدعم إلا إذا..". 

أمكنني سماع بوبي يجادل ضابط العمليات عبر هاتف الأقمار الاصطناعية قائلاً إن 
فريقه كان يذهب إلى المواقع بعد كل قصف مدفعي وإن مقاتلي طالبان أدركوا نمط 
سلوكهم. وكان بوبي يقول: "من المحتمل أن يكون الطريق إلى الموقع المقصوف مزروعاً 
بالعبوات الناسفة. إنهم يعرفون أننا قادمون". 

طلب ضابط العمليات من بوبي بتعاطف أن يرسل رجال الشرطة ومعهم كاميرا. 
فقال له بوبي إن عزيز ورجاله من الشرطة لن يذهبوا وحدهم لأنهم يخافون التعرّض 
لنيران الرشاشات الثقيلة من قبل الباكستانيين في قاعدتهم. إن شرطة الحدود الأفغانية 
يتبادلون قذائف الماون ونيران الرشاشات البعيدة المدى بشكل منتظم مع المواقع 


452 


الفصل الثالث عشر: على الحدود مع باكستان .. هب الصاروخ الأحمر 


العسكرية الباكستانية على الجانب الآخر من الوادي. الود مفقود لدى الطرفين. كان أفراد 
شرطة عزيز يعرفون أنه إذا كان الجنود الأمريكيون معهم فإنه من المحتمل ألا يطلق 
الباكستانيون النار عليهم» وني هذه الحالة لن يقلقوا إلا من طالبان. لقد بدأ سائر فريق 
تقدير أضرار المعركة بالاستعداد حتى قبل أن يغلق بوبي جهاز اللاسلكي. كانوا يعرفون 
النتيجة التي ستتمخض عنها هذه المحادثة. 


تبادلتٌ أنا وبوبي نظرات الاستسلام وأمسكنا بأسلحتنا. أصبح عزيز واقفاً بجانبنا OV‏ 
وهو يبز رأسه. قلت لم|: "سوف أذهب في المركبة الأولى". والمركبة الأولى عادة هي المرججحة 
أكثر من سواها OY‏ تصطدم بعبوات ناسفة تعمل بصفيحات الضغط تنتظرنا. أجاب بوبي» 
"كلاء UT‏ أعرف الطريق؛ سوف أكون في المقدمة في المركبة المحضّنة ضد الكمائن والألغام". 
وبدا عزيز يقدّر موقفنا بأننا لم نطلب منه أن يتقدمنا وهز رأسه بهدوء بجدية واحترام معبراً عن 


تقديره OV‏ بوبي» بصفته قائد الفريق» سوف يعرّض نفسه للخطر الأكبر. 


ذكرتني هذه الحادثة بالجدل الذي دار حول معركة غانجغال في شمال شرق 
أفغانستان عام 2009. لقد استمعنا حينها إلى المعركة على جهاز اللاسلكي في مركز 
العمليات» حيث تعرضت مجموعة صغيرة من مستشاري الجيش والبحرية ترافق دورية 
للجيش الأفغاني لكمين وهي في طريقها لمقابلة شيوخ قرية غانجغال. ساد الصمت في 
الغرفة عندما سمعنا مكالمة تقول إن عدداً من جنود المارينز فقدوا في المعركة. وقد مُنح 
الرقيب البحري داكوتا ماير من قوات المارينز وسام الشرف في وقت لاحق لأنه وجد 
جثامين جنود المارينز المفقودين وأنقذ حياة جنود آخرين. ولكن النقيب في الجيش الذي 
تولى قيادة المعركة» باعتباره قائد القوة البرية» واسمه ويليام سوينسون. لم يحصل على 
الإسناد المدفعي والجوي القريب الذي طلبه مرات متعددة بسبب قرارات قيادته العليا 
الواقعة على بعد عشرات الكيلومترات. ولكن النقيب سوينسون. الذي اخترق كمين 
طالبان الثلاثي المحاور للبحث عن جنود المارينز المفقودين» لم يتلق وسام الشرف إلا بعد 
أربع سنوات أخرى بسبب اللوم الغاضب الذي وجّهه إلى الضباط الأعلى منه خلال 


453 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


التحقيق الذي تلا الحادثة. وبحسب الوثائق المتوافرة التي وصفت مقابلة سوينسون خلال 
التحقيق اللاحق» فقد انتقد قواعد الاشتباك المعمول بهاء وانتقد القيادة المتمثلة في الضباط 
الذين أحجموا عن إسناده» وانتقد الاستجواب الذي تعرّض له من قبل ضباط الأركان في 
حين كان هو تحت النيران يطلب الإسناد المدفعي. وسأل سوينسون المحققين: "عندما يتم 
تحميلي المسؤولية من قبل ضابط أعلى أو شخص جالس في مركز عمليات تكتيكية ينعم 
با هواء ol‏ فلماذا أنا هناك -بحق الجحيم- "Sel‏ وأضاف أنه تم استجوابه في 
مناسبات سابقة» وقد أصيب بالإحباط نتيجة الإجراءات المعقّدة اللازمة للحصول على 
إذن لإطلاق النار» حتى في أوقات الشدة. وأوضح سوينسون» "أنا (slo‏ أحصل على هذه 
الرسائل المجنونة التي تقول لي تنبه» تقول قيادة اللواء إنك لا تستطيع رؤية ا هدف'. أنتٍ يا 
قيادة اللواء الموجودة في جلال آبادء تباً لك! إنني أحدّق في الهدف. إنني أسمع أشد الأمور 
جنوناً على جهاز اللاسلكي أحياناً. أناس لا يقومون بشيء سوى الانتقاد وتحميل 
الآخرين المسؤولية. فحين أكون مستعداً لتحمل المسؤولية رسمياً عن أمر من الأمور فنا 
أعرف تماماً أهمية وضرورة التأكد من أن القذائف سوف تضرب المكان الذي يُفترض أن 
تضربه. أنا أعرف عواقب وقوع إصابات بين المدنيين". 

المفارقة هي أن الحوادث المشايهة لما حدث في قرية غانجغال وما كنا نعانيه في شكين 
كانت أمراً مألوفاً. فحادثة غانجغال لم تشتهر إلا لوجود صحفي مرافق» هو جوناثان لانداي 
من ماك كلاتشي. وكانت معركة غانجغال والكثير من المعارك الأخرى المشابهة دليلاً آخر 
على النفور من المخاطر التي كبّلت جهودنا في أفغانستان. أما المفارقة المحزنة فكانت أنه [AS‏ 
أصبحنا تقييديين أكثر» P‏ تفاعلنا مع الأفغان» وازداد الوضع الأمني سوءاً. 

بدا لنا المخفر الحدودي الباكستاني-28 على البعد بين| US‏ نسير في قافلة مركبات 
متجهين صوب موقع إطلاق الصواريخ. إلى أن أصبحت الطريق شديدة الوعورة على 
المركبة المحصنة ضد الكمائن والألغام الثقيلة والعريضة. ثم ترجّلنا وانطلقنا مشياً. كانت 
الرحلة صعبة وكانت تتطلّب Ce‏ صعود المرتفعات ونزول الأودية الشديدة الانحدار 


454 


الفصل الثالث عشر: على الحدود مع باكستان .. هب الصاروخ الأحمر 


والمشي بين الشجيرات التي يصل ارتفاعها إلى الخصر. وكان الطقس حاراًء ونظراً إلى أن 
أفراد شرطة الحدود الأفغانية كانوا صائمين في شهر رمضان» لم يكن مباحاً لهم شرب 
ell‏ أو تناول الطعام من مطلع الفجر. لذلك بذلت قصارى جهدي كيلا أشرب جرعة 
ماء أمامهم. وأصيب الجميع بالتوتر عندما لاح في الأفق المخفرٌ الحدودي الباكستاني 
الذي كان قد قصمّنا بالمدفعية» رابضاً على 5 


US ley‏ نتجه نحو موقع إطلاق الصواريخ, لوّح أحد المترجمين بيده لبوبي لكي يأتي» 
وقد كانت الحماسة تعلو وجهه. اتجهت أنا أيضاً نحو ذلك المترجم وشاهدته يضغط 
بإصبعه على جهاز اللاسلكي الذي يحمله. وقال: "هذا باكستاني يتحدث إلى طالبان!" إن 
حاجي زامان وآخرين من طالبان WE‏ ما يتواصلون بواسطة أجهزة لاسلكي بعيدة 
المدى. لقد قمنا ببساطة بشراء واحد من تلك الأجهزة من السوق المحلية» وكان المترجم 
المرافق لنا يواصل البحث بين القنوات المستخدمة حتى يجد القناة التي يستخدمها مقاتلو 
طالبان. استمعنا إلى الحديث بين| كان المترجم يترجم الكلام الصادر عن المخفر العسكري 
الباكستاني POLY‏ المتمرّدين Ob‏ الأمريكيين قادمون» وحدّد لهم المكان المناسب للاختباء 
وأخبرهم بعدم وجود إسناد جوي لنا. 

نظر أحد العناصر إلى بوبي وقال له: "سيديء هذا خبر سيئ. سوف نتعرّض 
لضربة» ونحن هنا مكشوفون تماماً. فنظر إلِيّ بوي وكأنه يقول: "حان دورك". هززت CAS‏ 

أومأ برأسه إلى الرقيب المرافق وقال: "اطلب من المراقب الجوي التكتيكي للقوات 
المشتركة توجيه إحدى الطائرات في SH‏ للقيام باستعراض للقوة". وهذا يعني أن يطلب 
من الطائرة التي تقوم بدورية دائمة عالياً في سماء أفغانستان» التحليق على علوٌ منخفض 
فوق موقعناء لكي تجعل الجميع يعرفون أن القوة الجوية موجودة» ولكي تحمل طالبان على 
التفكير مرتين قبل نصب كمين لنا. 


قال نرا تجو الحدود: "فلنذهب". 


455 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


كنت أنا وبوبي متشبثين برأينا وعنيدين» وكانت لنا مواقف صلبة جداً تجاه عدد من 
القضايا بخصوص انتشار القوات» ولكننى أحببت جرأته. كنا بعيدين عن المركبات 
المصفحة» وكنا نمشي ونحن مكشوفون بشكل خطير فوق تلال وعرة وليس لدينا أي 
غطاء يُذكر. ومع ذلك» فقد أراد أن يوصل رسالة إلى طالبان (والباكستانيين) بأنهم إذا 
نصبوا كمينا لناء فسوف يكونون مكشوفين بالقدر نفسه» لسلاح الجو الأمريكي. 


es‏ كنا نواصل سيرنا نحو موقع إطلاق الصواريخ» نظرت إلى الأعلى نحو 
الموقع الحدودي الباكستاني وفكرت في النقاشات التي دارت في واشنطن حول ما يجب 
فعله بشأن بناء علاقات أوسع وأعمق مع باكستان» وبشأن دعمهم لمقاتلي طالبان. لقد 
حضرت عدداً لا تُحصى من الاجتماعات في غرفة العمليات في البيت الأبيض مع نائب 
مستشار الأمن القومي لمكافحة الإرهاب GU‏ الرئيس بوش» خوان زاراتي؛ ومدير فريق 
موظفي الأمن القومي لجنوب آسياء مارك ويبر؛ وقيصر الحرب دوغ لوت. وفي تلك 
الاجتماعات US‏ نناقش سياستنا التي تبدو متناقضة تجاه باكستان. من الناحية الأولى» ما 
كان في مقدورنا أن نواصل الحرب بنجاح في أفغانستان من دون موافقة رجال الحكومة 
الباكستانية» والسماح لنا باستخدام مطاراتهم وموانئهم وطرقهم وم جام الجوي لنقل آلاف 
الأطنان من الرجال والمعدات التي نحتاج إليها. كا قذّموا لنا عوناً شديد الأهمية في جال 
مكافحة الإرهاب من خلال القبض على عدد من كبار نشطاء القاعدة» وفي المقابل CAS‏ 
باكستان مساعدات بقيمة 20 مليار دولار من الولايات المتحدة الأمريكية. 


كانت المشكلة الرئيسية الواضحة كالشمس التي يتم تجاهلها هي الترسانة النووية 
الباكستانية» US (ey‏ نتجادل حول هذه القضايا. هنا توجد دولة فيها ind‏ أضعاف عدد سكان 
العراق» أو أفغانستان» وهي تبني أسلحة نووية بأسرع ما يمكنها لتعويض نقاط الضعف التي 
يشكو منها جيشها التقليدي في مواجهة الند. وفي الوقت ذاته» لدينا تقارير متعددة عن تنظيم 
القاعدة والتنظيهات المتطرّفة الأخرى Leb‏ تضع خططاً للاستيلاء على الأسلحة النووية 


456 


الفصل الثالث عشر: على الحدود مع باكستان .. لهب الصاروخ الأحمر 


الباكستانية» إما من خلال إسقاط حكومة برويز مشرفء أو من خلال التعاون مع علماء 
نوويين باكستانيين ذوي ميول متشدّدة لإنجاز عمل بتواطؤ داخلي. إن فكرة حدوث أحد 
هذين التطورين أصبح Yel‏ واقعياً. وإذا بدأنا بالرد على دعم باكستان لطالبان؛ إلى أي مدى 
نحن مستعدون للقيام بذلك؟ هل نستطيع أن نتحمّل عواقب أن نجعل باكستان عدواً لنا؟ 
هل نحن مستعدون لضرب معسكرات تدريب المتمرّدين ومراكز قياداتهم في باكستان» 
ومحاربة دبابات الجيش الباكستاني ومدفعيته في أثناء دخولنا تلك المنطقة وخ روجنا منها؟ هل 
نحن مستعدون لإسقاط سلاح الجو الباكستاني وطائراته التي زودته بها الولايات المتحدة» 
لكي نضمن أننا نستطيع أن ننقل عن طريق الجو الإمدادات التي لم نعد نستطيع إرساها عبر 
الطرقات البرية؟ كلما بدأنا نفكر بهذه السيناريوهات السوداء, كنا دائ نتراجع» ونبدأ البحث 
عن طريقة أخرى لإقناع الجيش الباكستاني لكي باجم طالبان. 


ولإضافة المزيد من التعقيدات» تلقينا في ربيع 2008 عدداً من التقارير التي تقول إن 
تنظيم القاعدة يضع اللمسات الأخيرة على مخططات لشن هجوم جديد على الأراضي 
الأمريكية. والأمر المزعج le‏ هو الخبر القائل إن تنظيم القاعدة نجح في تجنيد متشدّدين 
يحملون جوازات سفر أوروبية وأمريكية ونقلهم إلى معسكرات تدريب في باكستان. أذكر أنني 
قرأت تقريراً يتضمّن تهديداً في ربيع 2008» ما جعلني أتساءل إذا ما كان من الصواب أن آخذ 
أسرتي إلى حفلة عيد الفصح في البيت الأبيضء مع أننا US‏ متحمّسين لحضور تلك الحفلة. 
واتضح لاحقاً أن ذلك التهديد لا أساس له من الصحةء ولكن قراءة تقارير من هذا النوع 
بشكل أسبوعي يؤثر بالتأكيد في تفكير المرء. ولا نستطيع أن نبقى راضين عن أنفسنا أو 
hl sek.‏ 


وافقت مع أولئك الذين أرادوا توسيع عملياتنا لمكافحة الإرهاب ضد خابئ 
القاعدة في مناطق القبائل في باكستان. وكان سلاحنا الرئيسيء طائرات من دون طيار من 


طرازي بريداتور وريبر. US‏ نستهدف مجموعة صغيرة من كبار قياديى القاعدة آنذاك. 


457 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


ورأى كثيرون مناء ضرورة توسيع قائمة المستهدّفين وتوسيع قائمة الحالات التي تخوهم 
شنّ ضربات أيضاً. bs‏ حوّلين في تلك الفترة بضرب الأهداف فقط عندمانكون 
متأكدين من دقة المعلومات. My‏ جانب خوان» Ayla‏ وآخرين في وكالة الاستخبارات 
المركزية والبتتاجون» كنت أريد توسيع فتحة الترخيص لتشمل توجيه ضربات حتى عند 
الشك "ببصيات" القاعدة. على سبيل SLA‏ إذا اعترضنا أنواعاً معينة من الإشارات 
يمكن أن تقودنا إلى موقع معيّن, أو إذا عرفنا أن قيادياً إرهابياً يسافر دائ في عربة محدّدة 
وأن تلك العربة واقفة في حرم مبنى معروف لتنظيم القاعدة» bre‏ يمكن لنا تفجير ذلك 
المبنى. وإضافة إلى المجمات في حال الشكٌ ببصمات. كنا نريد أيضاً توسيع قائمة قيادات 
القاعدة التي سمح لنا باستهدافها من عشرة أسماء إلى عشرين lel‏ بحيث تشمل قادة 
متمردي طالبان وحقاني. 


ولكن كان هناك تردّد داخل دائرة الرئيس الداخلية بشأن تصعيد عملياتنا. ول أكن 
متأكداً إذا ما كان هذا العناد يُعزى للرئيس نفسه. أو لمستشاره لشؤون الأمن القومي 
ستيفن هادلي» أو كانت هناك قضايا أخرى ضاغطة تجبرهم على استبعاد هذه القضية من 
الحسبان. وكان جزء من السبب يكمن في التقييات المستمرة من قبل أجهزة الاستخبارات 
التي تقول إن تكثيف عملياتنا لمكافحة الإرهاب بصورة عامة» وضربات الطائرات من 
دون طيار بصورة خاصة» سوف تسبّب أضراراً أكثر من الفوائد المتحققة على المدى 
البعيد. وتأكيدهم أن ضربات الطائرات من دون طيار سوف تزيد من غضب الشعب 
الباكستاني ضد الولايات المتحدة» وتوفر المزيد من المتطوعين المتطرفين لمصلحة الجماعات 
المتشدّدة. وإضافة إلى ذلك» ومع السيطرة الضعيفة للرئيس برويز مشرف على السلطة في 
ذلك الربيع» كان الشعور العام السائد في البيت الأبيض أن عملياتنا لمكافحة الإرهاب في 
باكستان يجب أن LS‏ بحكمة لكي نتجئّب المزيد من الأحداث التي تزعزع استقرار 
حكومة مشرفء والمخاطرة باحتمال قدوم حكومة أكثر تشدّداً وأقل تعاوناً معنا eed‏ 
محل حكومة مشرف. 


458 


الفصل الثالث عشر: على الحدود مع باكستان .. هب الصاروخ الأحمر 


كان هناك مجموعة متا تشمل مارك وخوان تشكّك بشكل جماعي في صحة هذه 
التقيييات. ولم نصدق أنه ستكون هناك تأثيرات سلبية كبيرة لتكثيف الضربات كا كانت 
تقول تقارير الاستخبارات. ولحسن LH‏ نشر المعهد الجمهوري الدولي نتيجة استطلاع 
رأي في تلك الفترة» وكانت النتيجة تعرز رأينا. أظهر استطلاع الرأي أن هناك قبائل عدة 
في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية التي يغيب عنها القانون» كانوا قد سئموا 
وجود القاعدة والجماعات المتشدّدة الأخرى» ومن المثير للاستغراب أنه كلما كان المشارك 
في الاستطلاع يعيش في مكان أقرب إلى مناطق القبائل كان تقبّله للضربات أكبر. 
وحرصت على إرسال ملخص للاستطلاع في أحد التقارير المسائية إلى نائب الرئيس مع 
تحليلي القائل إن ردود الفعل على تكثيف الضربات ستكون أقل مما ذُكر في تقديرات 
أجهزة الاستخبارات. وبغض النظر عن التقييمات» فإن الرد العسكري الساحق ضد 
باكستان» الذي سيكون مطلوباً من جانب الشعب الأمريكي في حال تعرّضنا هجوم 
إرهابي مشابه هجوم 11 سبتمبر» سوف يلحق ضرراً كبيراً من حيث تشويه صورة 
الولايات المتحدة في أذهان الناس» وزعزعة الاستقرار السياسي في باكستان» أكثر بكثير 
من تأثيرات زيادة وتيرة الضربات في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية. 


وقعت BH‏ حوادث إضافية بوتيرة سريعة في ربيع 2008 أسهمث في تغيير التفكير 
الجماعي في البيت الأبيض نحو القيام بعمل أكثر شراسة للرد على دعم باكستان 
للمتمردين. وخلال بضعة أسابيع بعد نشر استطلاع الرأي الذي أجراه المعهد الجمهوري 
الدولي» حدث هجوم انتحاري بسيارة مفخخة على السفارة الهندية في كابول» وتسبّب 
الانفجار في مقتل عدد من الدبلوماسيين النود. 


ترافقت هذه الأحداث كلها مع ازدياد ملحوظ في التقارير التي تتحدّث عن 
#بديدات للولايات المتحدة على أراضيهاء ما دفع الرئيس بوش إلى القيام بعمل حاسم. 
وزيرستان الجنوبية» قرب شكين وأنغور آداء وأسفرت الغارة عن مقتل عدد من نشطاء 


459 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


القاعدة.“وردّت الحكومة الباكستانية على هذه الغارة بقطع جميع الإمدادات البرية 
[الأمريكية] التي تُنقل عبر باكستان إلى أفغانستان. ولم أشاهد في حياتي الجيش الباكستاني 
والحكومة الباكستانية يردان بهذه الحدّة. وبالإضافة إلى الاستياء الشعبي بشأن انتهاك 
سيادة باكستان» فقد تلقينا دلائل موثوقاً مها تفيد بأن الجيش الباكستاني أعطى أوامر إلى 
وحداته على الحدود بإطلاق النار على أي أمريكيين يقتربون من الحدود. وفي اليوم 
اللاحق واجهت اثنتان من المروحيات الأمريكية كانتا في مهمة دورية روتينية ely‏ من 
نيران رشاشات ثقيلة من خفر حدودي باكستاني. ولحسن الحظ لم يصب أحد» ولكن من 
الواضح أن باكستان أخذت خطوة على الطريق نحو العداء الكامل تجاه الولايات 
المتحدة» وهي في طريقها إلى التحول من حليف صعب المراس إلى عدو صريح. وبعد 
سلسلة من النقاشات على مستويات عالية» تعهّدنا للجيش الباكستاني أننا لن نشنّ أي 
غارات إضافية عبر الحدود. ولكن الباكستانيين قدّموا تنازلاً ووافقوا على عدم إلزامنا 
بإبلاغهم مسبقاً في حال شنّ أي أنواع أخرى من الضربات» مثل ضربات الطائرات 
من دون طيارء أو المدفعية البعيدة المدى. وبدلاً عن إبلاغهم مسبقاً» تعهّدنا peels ob‏ 
في أثناء tol all Las‏ وبهذه الطريقة لا يستطيعون تحذير المتمرّدين. وعلى الصعيد 
الداخلي» وافق الرئيس الأمريكي على شنّ ضربات عند الشك في وجود "بصمات" 
للإرهابيين» وعلى توسيع قوائم الأهداف لتشمل المزيد من نشطاء وقياديي القاعدة 
وطالبان وحقاني. وكان ذلك في رأيي يعتبر خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح نحو تحجيم 
قدرات القاعدة» وحرمانها من التخطيط لتنفيذ عمليات على الأراضي الأمريكية. فإذا 
كان نشطاء القاعدة في حالة فرار مستمر للنجاة بأرواحهم» فلن يتسنى لمهم التخطيط 
هجوم مشابه هجوم 11 سبتمبر. 

ولكن هذه القرارات [الأمريكية] لم نمث تغييراً يُذكر في الحسابات الاستراتيجية 
للحكومة الباكستانية. وني مذكرة سياساتٍ ES‏ إلى نائب الرئيس قمتٌ بتسليط الضوء 
على ست خطوات كنت أعتقد أنه يجب على الولايات المتحدة أن تأخذها لتغيير سلوك 
باكستان والتعامل مع ملاذات المتشدّدين: 


460 


الفصل الثالث عشر: على الحدود مع باكستان .. هب الصاروخ الأحمر 


يتعين على الولايات المتحدة تعزيز التزاماتها الطويلة الأجل بشأن جهود الحرب في 
أفغانستان. ونحن بحاجة إلى إظهار Lil‏ سنظل في المنطقة لفترة ley ab gb‏ من خلال 
a SS Seas‏ امد توكو فين الزن بعد SoS SS aris‏ 
جهودنا على العراق وإسناد حرب أفغانستان إلى حلف LISI‏ فإن باكستان كانت 
تعزز رهاناتها بدعم طالبان. نحن بحاجة إلى إظهار أننا سنكون الطرف الرابح» وأنه 
ينبغي للباكستانيين التعاون معنا بدلاً من التآمر GAS‏ 

كان ينبغي للولايات المتحدة أن تفرض عواقب باهظة على مساعدة المتشددين في قتل 
جنود أمريكيين أو جنود الناتو أو الجنود الأفغان. وكان يجب علينا أن B85‏ ضربات 
في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية ضد غابى المتمرّدين» حتى إن كان ذلك 
سيشكل خطراً على علاقتنا مع باكستان. 


ينبغي لوزارة الدفاع أن تبدأ بشكل سريع وحازم تحويل خطوط الإمدادات البرية 
بعيداً عن أراضي باكستان» نحو طرق أخرى. ول يكن هناك سوى عدد قليل من 
الخيارات المقبولة» نظراً إلى وجود إيران في الغرب وروسيا في Se‏ ولذلك OLS‏ 
علينا تقديم بعض التنازلات للروس» في مجالات ومناطق أخرى من سياستنا 
الخارجية. ونظراً إلى أن نحو 90/ من إمداداتنا الحربية المتوجّهة إلى أفغانستان كانت 
تمر عبر باكستان» فقد كنا بحاجة إلى الباكستانيين أكثر مما هم بحاجة إلينا. 


ينبغي للولايات المتحدة أن تواصل تقديم المساعدات العسكرية لباكستان فقط ضمن 
الحدود التي تساعد الجيش الباكستاني في محاربة الجماعات المتشدّدة» مثل شراء أجهزة 
ينبغي لنا إعلان برنامج الطائرات من دون طيار على SU‏ لقد كان ذلك أسوأ سر 


تحتفظ به أمريكاء وقد ذُكر مرات عدة من قبل أعضاء مجلس الشيوخ وكبار 
Lath ly pel‏ عه Lhe‏ با انعدو he‏ تن ol pra‏ ولا خاد 


461 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


السلبية عن الضربات. ونظراً إلى أننا رفضنا مناقشة البرنامج Like‏ صار الشعب 
الباكستاني وبقية العام يستمدون معلوماتهم من معلّقين غير مطّلعين ومن ناطقين 
باسم طالبان» حيث كان هؤلاء يضخَّمون عدد الإصابات بين المدنيين» ويقلّلون 
الإصابات بين الإرهابيين» ويغطون على مشاركة باكستان في البرنامج» ويتهمون 
الولايات المتحدة بأنها تدوس على سيادة باكستان في المناطق القبلية غير الخاضعة 
gY‏ قانون. 


6 ينبغي للولايات المتحدة الأمريكية أن تلوّح بإمكانية الدخول في اتفاق نووي مدني 
[مع LOSE‏ مشابه للاتفاق الذي أبرمته مع اند في تلك الفترة» فقط بعد أن تحرز 
تقدّماً ملموساً ضد التشدّد. وسوف يتيح هذا الاتفاق للشركات الأمريكية تبادل 
تكنولوجيا المفاعلات النووية مع الأطراف الباكستانية بها ينسجم والقواعد والقوانين 
الدولية. وباكستان بدورها كانت متلهّفة للحصول على مصادر إضافية للطاقة» 
ولذلك Ob‏ احتمال إبرام هذا الاتفاق كان يمكن أن يشكل حافزاً قوياً لإحداث تغيير 
إيجابي في سلوك باكستان. 


وقد تم تبني بعض هذه التوصيات في نهاية المطاف؛ وكان البنتاجون يقوم بشكل 
هادئ بتوسيع خطوط إمداداتنا في الشهال عبر أراضي روسيا وآسيا الوسطى» وكان 
ذلك يسمح لنا بتحمّل أضرار أي قرارات مستقبلية بقطع إمداداتنا البرية عبر باكستان. 
وتغيّرت مكوّنات مساعداتنا العسكرية من أشياء تحتاج إليها باكستان لمحاربة لهند إلى 
أشياء تحتاج إليها لمحاربة طالبان. وبنهاية عام 2008» ارتفع عدد الهجمات التي نفذتها 
الطائرات من دون طيار ضد المتشدّدين في المناطق القبلية الباكستانية إلى تسعة أضعاف ما 
كانت عليه في السنة السابقة؛ وكان لهذه الضربات SE‏ كبير في قدرة تنظيم القاعدة على 
التخطيط لهجمات على الأراضي الأمريكية.” ولكن» S‏ أظهرت هجمات الصواريخ على 
قاعدتنا في شكين بعد سنة من ذلك التاريخ» نجد أنه لم حدث تغيير يُذكر في مستوى الدعم 
الذي تقدمه باكستان لمقاتلي طالبان. 


462 


الفصل الثالث عشر: على الحدود مع باكستان .. هب الصاروخ الأحمر 


وعلى الحدود واصلنا مراقبة المخفر الباكستاني-28 الذي كان يقدّم التعلييات 
والنصائح لمجموعة من مقاتلي طالبان الموجودين في المنطقة. ففي كل مرة كانت تحلّق 
طائرة حربية أمريكية فوق تلك المنطقة كان المخفر الباكستاني يتصل بالمتمزدين ويحذّرهم 
قائلاً هم: "الطقس يتغير إلى الأسوأ". وكان المتمرّدون يردون على التحذير بأنهم سوف 
"يقر ن الحفلة" عندما ae a‏ ال al‏ ويصل "SG 5 a)i‏ 


أخيراً صعدنا إلى قمة التلّة التي كانت موقعاً لإطلاق الصواريخ علينا. وصرخ 
أحد أفراد شرطة الحدود الأفغان "عبوة ناسفة!". تجمّدنا في مكاننا للوهلة الأولى» وتبيأنا 
لمواجهة الانفجار» ثم مشينا ببطء إلى الأمام لنرى قذيفة مدفعية محشورة تحت أجمة» 
وكانت مدفونة جزئياً مع أسلاك خارجة منها. وعندما حاولنا الالتفاف حول OLSI‏ 
وجدنا قذائف أخرى عدة. قمنا بتمشيط المنطقة بحذر شديد» ES y‏ نأمل أن نجد 
متمرّدين مقتولين في المواقع التي قصفناها سابقاً بالطائرة أو بالمدفعية. واضح أن مقاتلي 
طالبان خلّفوا وراءهم أكثر من ست عبوات ناسفة من قياسات مختلفة مزروعة 
كمتفجرات مضادة للأفراد» ومن بينها مجموعة من قذائف الهاون مربوطة مع بعضها 
بعضاً بشريطء ومعلّقة في شجرة بمستوى ارتفاع الكتف تقريباً. ولا أدري BU‏ لم تنفجر 
هذه العبوات الناسفة. قام عدد منا بتعطيل العبوات ببساطة بقطع الأسلاك (وعندما 
Sif‏ هذه العملية الآن أرى آنا جنون مطبق). كانت الحدود معلّمة بحزمة وحيدة من 
الأسلاك الدائرة الشائكة تمتد على de‏ النظر. وحين فتشنا تلك المنطقة حتى خط الحدود. 
ثم توجُهنا شالا باتجاه المخفر الباكستاني-28» شاهدنا بضعة أماكن كانت الأسلاك 
الشائكة فيها مقطوعة أو ملقاة على الأرض. 

وفجأة صعدنا تلّة ليست عالية وعثرنا على سبعة صواريخ روسية الصنع من عيار 
7 ملم ذات فتيل يحترق» وهو موصول بجهاز توقيت قرب مؤخر الصواريخ. تراجعنا 
على الفور» GIA,‏ بوب عبر اللاسلكي مع قاعدة العمليات الأمامية "ليللي" ليحذّرهم 
من أن الصواريخ قادمة نحوهم. تبادلنا أنا وبوبي النظرات. من المستحيل أن نسمح لهذه 


463 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد Plas‏ القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الصواريخ بالانطلاق. وكان يمكن لأحد هذه الصواريخ أن يكون الفائز بجائزة يانصيب 
طالبان لو سجّل إصابة مباشرة لأحد المباني. ركضنا نحو مؤخرات الصواريخ ونحن 
نمسك مقصات الضادات الطبية ا موجودة في علبة الإسعافات الطبية» وبدأنا نحاول 
بشكل محموم قطع فتائل الاشتعال التي SAA‏ الموصولة بأجهزة التوقيت. وركض 
آخرون وانضموا إلينا وسحبوا سكاكين الجيب» وأي شيء آخر يمكن أن يقطع الفتيل. 
وكانت أيدينا ووجوهنا على مسافة بضع بوصات من مؤخرات الصواريخ» وكانت 
الفتائل المشتعلة تقترب مسرعة من هياكل الصواريخ» ونجحنا في قطع الفتائل في اللحظة 
المناسبة» ومنعنا الصواريخ من الانطلاق. 


وعندما تنفُسنا الصعداء؛ انفجر الصندوق الأسود الصغير الذي كان يُستخدم 
كجهاز توقيت وخرجت ألسنة اللهب منه خلف الصواريخ تماماً. وفجأة تحرك مجموعة 
من الجنود ذوي القبعات الخضر الذين كان يُفترض أن تكون أعصابهم فولاذية» 
وتراجعوا إلى GLI‏ وكانوا يتعثرون chy‏ وهم يزحفون للابتعاد عن مكان الانفجار. 
ولكن الصواريخ لم تنفجرء وبدأنا Lee‏ نضحك بشكل هستيري على الموقف بأكمله. 
كانت لحظة سريالية غريبة» وكتا نقف خلف تلك الصواريخ» على مسافة أمتار قليلة من 
الحدود الباكستانية» ومع مجموعة من مقاتلي طالبان الذين كانوا يقفون في مكانٍ مافي 
الجوار ويتتظرون ليوقعونا في كمين» في حين كان حلفاؤنا السابقون [الباكستانيون] 


يتفرّجون علينا من قاعدتهم في أعلى التلّة. 


قطع المراقب الجوي التكتيكي للقوات المشتركة مجريات الحفلة بإخبارنا LT‏ نفقد 
الإسناد ا لحري UN)‏ على يقين أنه هو السبب الوحيد لإنقاذنا من التعرّض لكمين في ذلك 
اليوم) OY‏ طائرة الإسناد الجوّي تم سحبها لمؤازرة وحدة أخرى مشتبكة؛ ولذا حان 
الوقت لنخرج من هناك. وقمنا بسرعة بتجميع العبوات الناسفة التي تم تعطيلهاء 
ووضعنا شحنة متفجرة فوقهاء وقمنا بتفجيرها في مكانها. ووضع كل واحد És‏ صاروخاً 


464 


الفصل الثالث عشر: على الحدود مع باكستان .. هب الصاروخ الأحمر 


من she‏ 107 ملم على كتفه» وعدنا أدراجنا إلى مركباتنا ومن ثم إلى قاعدتنا من دون 


التعرّض لحوادث أخرى. 


وبعد أيام» عقب عودت إلى قاعدتي في خوست» انطلق صاروخ وحيد من المنطقة 
نفسها وسقط خارج العنبر الميكانيكي التابع لمفرزة العمليات آلفا-25» وقد ملا العنبر 
بالشظايا. ولحسن BH‏ لم يكن الميكانيكيون في المبنى في ذلك الصباح. وركض بوب إلى 
فصيل المدفعية ليبدأ الضغط عليهم للحصول على إذن بالرد على النار. ومرة ثانية جاءت 
الأوامر لمفرزة العمليات ألفا لإجراء تقييم لأضرار المعركة بعد أن سمح لفصيل المدفعية 
بإطلاق النار أخيراً. ومرة ثانية احتج بوبي لسلسلة قيادتناء وقال إن المتمرّدين سيكونون 
في انتظارناء ولكنه تلقى أوامر بالذهاب لتقدير الأضرار مهما كانت الظروف. وعندما 
اقترب الفريق من موقع إطلاق الصاروخ» بدأ كلب الكشف عن المتفجرات يشم الأماكن 
حول قاعدة أجمة. واتجه أندريه» رقيب الاتصالات الذي جرح عندما انفجرت ذخيرة 
مدفعية إثر هجوم سابق بالصواريخ» إلى الأجمة للتحقق من المكان. 


دفع ذلك الانفجار أندريه في الهواء ثم سقط إلى الخلف» وعلى بعد نحو 20 قدماً 
سقط على مؤخرته» ثم استلقى على ظهره فاقداً الوعي» وكانت ساقه وقدمه اليّمنيان 
مغطاتين ce LL‏ والفوضى والدخان يان المكان. 


كانت ساق أندريه مملوءة بالشظايا والتراب» وكان هناك فتحة كبيرة في مؤخر كعبه. 
واستطاع الفريق الطبي الموجود مع مفرزة العمليات ألفا إبقاء حالته مستقرة» وإيقاف 
النزف؛ ومن ثم لم يفقد الكثير من الدماء قبل وصول مروحية الإخلاء الطبي. زرث 
أندريه في المستشفى في قاعدتي في خوست. نجا من الانفجار في ذلك اليوم» ثم قرروا 
لاحقاً بتر قدمه بدلاً من أن يقضي حياته وهو يعاني ألما مؤكداًء وعدم قدرة على الحركة. 


كانت الاشتباكات المستمرّة على الحدود قرب شكين Vite‏ على الصراعات المستعرة 
صعوداً وهبوطاً على طول الحدود بين أفغانستان وباكستان. Easy‏ دائياً أعرف أن الوضع 


465 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


كان سيئاًء ولكنني لم أكن أعرف أنه بهذا القدر من السوء حتى خبرثّه بنفسي. بالنسبة 
«A‏ كان الموقف يكشف ضخامة وكثافة الدعم العسكري الباكستاني LAL‏ طالبان. كا 
كان يفضح عدم جدوى المحاولة لدحر حركة تمرّد لا تنعم بملاذ آمن فحسب» Lily‏ تتمتع 
بالدعم من جانب دولة. وبعد زيارة أندريه» جاء بوبي وعدة عناصر آخرين من مفرزة 
العمليات ألفا-25 إلى مستشفانا في خوست وقد أصيبوا بجروح خطيرة» وتحدّثوا إل 
بطريقة شخصية وصريحة جداً عن إخفاق سياستنا تجاه باكستان» وكيف أن هذه 
السياسة تؤثر في حياة جنودنا. وكان إجراء نقاشات سياسة نظرية في البيت الأبيض 
بشأن ما يجب أن نقوم به أمراً مختلفاً Lis‏ عن رؤية جنودك وأصدقائك مشوّهين بسبب 
إخفاق تلك السياسة. ولم أستطع أن أخفي مشاعري بأنني خذلت أولئك الرجال خلال 
وجودي في واشنطن. إن ردودنا الفاترة على احجمات التي نتلقاها عبر الحدود في الميدان 
أسهمت في جعل الأمور أسوأ ما كانت عليه» وفي تفاقم خطورة الوضع. 


خرجتٌ من هناك وأنا مقتنع أكثر من أي وقت مضى بصحة توصياتي التي 
أرسلتها إلى البيت الأبيض. ونظراً إلى الانتشار الواسع في تلك المنطقة للنظرة تجاه 
الولايات المتحدة بأنها ليست جادة بشأن تقديم التزام طويل الأجل تجاه أفغانستان» فإن 
الدعم الباكستاني للمتمرّدين الأفغان يصبح مفهوماً مع أنه ليس مسوغاً. وقد حان الوقت 
لتغيير سياستنا نحو استخدام عصا أغلظ بقصد تحطيم قيادات المتمردين وتدمير 
ملاذاتهم» في حين ما يزال لدينا قوات معتبرة في أفغانستان. وكتا بحاجة إلى التفكير بشكل 
جدّي في شن ضربات عبر الحدود الباكستانية بواسطة القوات الأمريكية ضد شبكة 
حقاني وقيادة طالبان. والمرة الوحيدة التي رأيت فيها الجيش الباكستاني يعيد التفكير حقاً 
في سلوكه» كانت بعد الغارة التي قمنا بها عبر الحدود عام 5.2008 ES‏ أعرف أن هناك 
bE‏ تترتّب على هذا الأسلوب؛ مخاطر رهيبة حتى ذلك التاريخ في مواجهة كل حادثة مع 
باكستان إلى درجة أن صانعي السياسة الأمريكيين قد تخلوا عن سياسة عصا الترهيب» 


466 


الفصل الثالث عشر: على الحدود مع باكستان ...لب الصاروخ الأحمر 


الآخرين» وكذلك الأفغان الذين دعموهم» كانوا يستحقون سياسة أفضل. كانوا 
يستحقون إجراء تغيير في دينامية العلاقة الأمريكية-الباكستانية. لم يعد في مقدورنا 
الاستمرار في السياسة والأسلوب نفسيهاء على حساب حياة المزيد من الجنود 


الأمريكيين.» وخسارة احترام ودعم الأفغان ذاتهم الذين كنا نحاول حمايتهم. 


467 


الفصل الرابع عشر 


قبائل شامكاني .. مبادرة الدفاع المجتمعي 


توافد شيوخ ولاية باكتيا الشرقية إلى قاعة المؤتمرات الكبرى في قصر الحاكم في 
عاصمة باكتياء مدينة غارديز. ولطالما مرني اللباس الرسمي لشيوخ البشتون بعائمهم 
السود والرمادية التقليدية بطرفها الطويل المتدلي على كتفهم الأيمن. ارتدى كل منهم 
الشلوار التقليدي من مختلف درجات الألوان الترابية مع السترة» وكانت وجوههم جميعاً 
تبدو عليها تجاعيد عميقة pally‏ يغزوها الشيب. وباستثناء النظارات التي يستخدمها 
بعضهم» بدا وكأنهم لم يغْيّروا مظهرهم منذ مئات السنين. وكان الرجال العشرون أو نحو 
ذلك قد تحمّلوا عناء سفر يوم كامل على الطرق الوعرة للاستاع إلى نائب الحاكم 
عبدالرحمن مانجال وهو يعلن إطلاق مبادرة الدفاع المجتمعي قرب البلدة الحدودية 
شامكاني شرق باكتيا. 


كانت مبادرة الدفاع المجتمعي برنايجاً ole‏ قيادة القوات الخاصة الأمريكية في 
أفغانستان لتطوير قوات الدفاع الذاتي على مستوى المجتمع المحلي في المناطق الريفية 
والنائية في أفغانستان» ولاسيا في الجنوب والشرق حيث يمن البشتون» وحيث كان 
التمرد أقوى. وكان لدى معظم قبائل البشتون في جنوب وشرق أفغانستان تقليد يتمشل 
بالميليشيات القبلية التي تُدعى أربكايء ويرجع تاريخها إلى قرون مضت. كانت القبيلة 
تدعو الأربكاي لحاية المصالح القبلية مثل الأراضي الخصبة» أو لفرض المراسيم 
الصادرة عن الشيوخ. وعلى الجانب الآخر من الحدود» في مناطق البشتون في باكستان» 
كانوا يُسمون التكوينات الماثلة "SEI"‏ (العسكر). كانت الأنظمة الملكية الأفغانية 
السابقة تستخدم تقليدياً سلسلة معقدة من التحالفات مع ختلف القبائل والأربكاي 
لتحقيق الاستقرار النسبي في الريف المنقسم في أفغانستان. في الواقع» خلال الفترة المستقرٌة 


469 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الأخيرة في أفغانستان» في أثناء حكم سلالة مصاحبان )1978-1929( استخدم ملوك 
الأفغان مزيجاً من الاستراتيجيات المركزية واللامركزية لتوفير السلام والاستقرار 
النسبيين. وقامت القوى الوطنية» مثل الجيش الأفغاني» بإرساء الأمن في المناطق الحضرية 
وعلى طول الطرق الرئيسية» في حين US‏ المجتمعات المحلية بنشر الأمن في المناطق 
الريفية بدعم كابول لميليشياتهم. 

كان لقاؤنا في غارديز في خريف عام 2008 مع نائب الحاكم مانجال خطوة مهمة 
نحو dale]‏ إحياء مفهوم الأربكاي في شرق أفغانستان. فقد جرى تبميش الأربكاي بفعل 
توليفة من برامج نزع السلاح المدعومة من التحالف» ومراعاة رغبة الرئيس كرزاي في 
BUHI‏ على السيطرة على الجيش والشرطة مركزياًء والترهيب الذي تمارسه طالبان» 
أضف إلى ذلك مجالس الشورى القبلية التي حكمتهم على مر السنين منذ أحداث 11/ 9. 
ولكن الرغبة العارمة في كبح cle‏ التمرد» إلى جانب تحسّن فهم الديناميات القبلية في 
أفغانستان بحلول عام 2009( أثمرت حركة جديدة داخل أوساط العمليات الخاصة 
ols‏ بالاستفادة من دعم القبائل التي تملك الجرأة de glal‏ نفوذ طالبان. وبحلول موسم 
القتال صيف عام 2008 كانت حركة طالبان والقبائل المتحالفة معها قد اشتطت في عدد 
من المجالات؛ من اهجوم على المدارس والمراكز الطبية» إلى فرض الضرائب والتعدي على 
الممتلكات القبلية مثل الأراضي الخصبة والمعابر الحدودية المربحة. بدأ عدد من القبائل 
js cå gal‏ لأسبابه الخاصة» بتحويل الأربكاي ضد طالبان وشبكة حقاني بأعداد متزايدة. 
Sal‏ قيادة التحالف الاستفادة من ظهور هذه الميليشيات المناهضة لطالبان» والتي 
تبادر من تلقاء نفسها إلى حماية مجتمعاتها. خلال العام اللاحق تبلوّر هذا النوع من 
المساعدات المخصّصة في مشروع تجريبي في مقاطعة وارداك» ومن ثم EE‏ برنامج 
مبادرة الدفاع المجتمعي الأكثر رسمية. 


رحب نائب الحاكم مانجال بكل شيخ بشكل شخصي بإعلان اسمه وقبيلته 
ومديريته» بين اتخذ الشيوخ مقاعدهم حول طاولة المؤتمر الطويلة. ثم شكر مانجال 
وزارة الخارجية وممثل وكالة التدمية الدولية التابعة للولايات المتحدة من فريق إعادة إعمار 


470 


الفصل الرابع عشر: قبائل شامكاني .. مبادرة الدفاع المجتمعي 


الولايات الذين جلسوا إلى يمينه على رأس الطاولة. وكان يجلس إلى جواري عند الجدار 
مؤسسة راند البحثية» كان يقدّم المشورة للقائد العام لقوات العمليات الخاصة في 
أفغانستان حول كيفية تنفيذ وتوسيع برنامج مبادرة الدفاع المجتمعي. كنت قد عملت مع 
سيث في أثناء وجودي في البنتاجون والبيت الأبيض. وقد عملنا مع الآخرين على دفع 
مؤسسة الأمن القومي في واشنطن لسنوات نحو فهم أدق لمجريات الأحوال وإشراك 
القبائل في أفغانستان. كنت مسروراً للغاية لجلوسي هناك معه ونحن نطلق المشاركة 
القبلية وبرنامج الدفاع الذي تمنيناه لسنوات في السابق. 


بدأ Cat‏ الحاكم الحديث: "أصدقائي» إخواني» زملائي رجال القبائل» لقد pal‏ 
إلينا رفاقنا الأمريكيون اليوم ونحن نعلن مبادرة جديدة؛ لدعمنا في كفاحنا من أجل 
أفغانستان أفضل. وهم سيساعدوننا على تنظيم وتدريب الأربكاي للدفاع بشكل أفضل 
عن قرانا وأراضينا. لقد تعهّدوا بتوفير المعدات لرجالكم. إخواني» يجب علينا أن نول 
مسؤولية الأمن في بيوتنا وقرانا. لقد استمر انعدام الأمن هذا با فيه الكفاية. يجب علينا 
تحمّل مسؤولية السلام والازدهار في مناطقناء وهذا يشمل منع أعداء أفغانستان من 
استخدام الأراضي القبلية لدينا كقواعد لمهاجمة هذا البلد. يجب أن نوقف أولئك الذين 
يجعلون الأجانب يأتون عبر حدودنا لخلق المتاعب في أفغانستان. سنبدأ برنامج مبادرة 
الدفاع المجتمعي في المديريات حول شامكاني. وسوف يتضمّن ذلك عمل الأمريكيين 
بشكل وثيق جداً مع رجالكم. وفي بعض الأحيان يجب أن يعيشوا في قراكم". وأو مألي؛ 
ولقائد فريقي» فيتزء الذي كانت مفرزة العمليات ألفا-26 التابعة له مسؤولة عن المناطق 

استمر مانجال في شرح المعايير الخاصة بالبرنامج» التي كنا قد ناقشناها معه في 
سلسلة من الاجتماعات التي كانت تهدف إلى الحصول على دعم الحكومة الأفغانية. 
وأوضح للشيوخ أننا لا ننوي تقديم الأسلحة إلى رجاهم إذ إن معظم الرجال الأفغان 
كان السلاح في حوزتهم Le‏ كا لا ننوي تجنيد رجال إضافيين لقواتهم. اقتصر نطاق 


47] 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


البرنامج على تزويد مجموعات الأربكاي الموجودة بالمؤن والتدريب التكتيكي الدفاعي» 
ومنح الأولوية للمناطق التي طلبت مساعدتنا. كان الكثير من الرجال في الغرفة قد طلبوا 
هذا النوع من الدعم من فيتزء منذ أشهر cite‏ لمساعدتهم في الدفاع عن أراضيهم ضد 
تكتيكات التخويف والإكراه التي تمارسها شبكة حقاني لدعم قضيتها. وني مقابل مقاومة 
غارات حقاني عبر الحدود, فإن مفرزة العمليات ألفا-26 وفريق إعادة إعمار الولايات 
سيوفران للقرية والمنطقة المحيطة بها حزمة من المشروعات. وتابع مانجال: "لن يدفع 
الأمريكيون الال لرجالكم» بدلاً من ذلك سوف تتلقى قراكم مشروعات تنموية إضافية؛ 
وهذا البرنامج بهدف إلى إفادة القبيلة والقرية» وليس الأفراد. وسيكون الأمريكيون أيضاً 
هنا لدعمكم إذا شنّت شبكة حقاني هجوماً ضدكم. سوف يكونون قادرين على حمايتكم 
بالطائرات وقصف المعتدين". 


قطب عدد من الشيوخ جبينهم عند إعلان أننا لن نقدم رواتب» وأعرب أحدهم 
عن اعتراضه. 


فأجاب مانجال: "إن رجالكم هم من المتطوعين بالأصلء إنهم الحرّاس الليليون في 
الأسواق وني الطرق المؤدية إلى حاصيلكم وأشجار صنوبركم. وسوف تدفعون نفقاتهم 
من تحصيل الأموال في القرية» ىا كنتم تفعلون lo‏ يا أصدقائي. ولكن المشروعات 
الجديدة التي يعدنا بها الأمريكيون سوف تجلب المزيد من فرص العمل لشعبكم. يجب 
عليكم الجلوس معهم وإخبارهم باحتياجاتكم". 


طلب ممثل وزارة الخارجية» الذي كان عنصراً جديداً في فريق إعادة إعمار 
الولايات ولم يشارك في الكثير من مناقشاتنا السابقة» من مانجال توضيح كيف ستتم 
إدارة الأربكاي. وكانت تلك إحدى أهم النقاط» من وجهة نظري: كيف سيتم منع 
الأربكاي من أن تصبح ميليشيا جامحة أخرى خارج سيطرة الحكومة المركزية فتقوم 
بافتراس المواطن الأفغاني العادي. أجاب مانجال: "سيتم اختيار أعضاء الأربكاي من 
قبل مجالس الشورى القبلية التي تمثل مجتمعاتهم؛ وسيكون هؤلاء الرجال» بصفتهم زعماء 


472 


الفصل الرابع عشر: قبائل شامكاني .. مبادرة الدفاع المجتمعي 


القبائا.» مسو ولين ع: > وجب أن ية ن ga‏ لاء القادة تهم د Le)‏ ختارونه"» 
بائل» مسؤولیں عم ال al r‏ یمم 
وكرّر الجملة بلغة البشتو قبل التوقف قليلاً ليتيح للعبارة الرسوخ في الأذهان: "سيرتبط 


كنت LAL Lage‏ الإبقاء على مجلس الشورى Lal‏ بدلاً من فرد واحدء باعتباره 
الكيان المسؤول عن الأربكاي» وذلك لترسيخ دور المجلس كمؤسسة حكم رئيسية 
وحتى لا نقوم بدعم زعيم متجبّر حلي من دون قصد منا. كنت قد شرحت هذه النقطة 
عشرات المرات في اجتماعات حول مبادرة الدفاع المجتمعي مع المنظمات غير الحكومية» 
وممثلي الأمم المتحدة المحليين» ومسؤولي وزارة الخارجية» ووكالة التنمية الدولية» 
وضباطنا العسكريين أيضاً. ساورهم القلق جميعاً من أن تكون القوات الخاصة 
الأمريكية تعود» بطريقة تشبه رعاة البقرء إلى سياسة دعم أمراء الحرب لتحقيق مكاسب 
أمنية على المدى القصير. وكانوا في كل مرة يعبّرون عن هذا القلق» لذلك شرحت 
للحاضرين أن الأربكاي سيكونون خاضعين لحكم مجلس الشورى وسيطرته؛ كا 


كانت الحال {glo‏ 


+ 


2 


وقف أحد شيوخ قبيلة جاجي» وقال: "نحن ندعم هذا البرنامج. إننا في حاجة 
إليه منذ سنوات متعددة. أعطونا المعدات التي نحتاج إليهاء وسوف نيزم أولئك الكلاب» 
حقاني. (...) لا ينفعون قرانا وأراضينا؛ وهددون بإغلاق مدارسنا؛ ويسرقون من 
أطفالنا مستقبلهم» وهم يأتون ويجبروننا على منحهم الرجال للقتال. جيشنا ليس كبيراً بها 
يكفي لحاية الحدود وكل وادٍ في أفغانستان» لذلك يجب علينا أن نقف وندافع عن قرانا". 


انتابتنى AI‏ وأنا أصغى إلى هذا الرجل وإلى ردود الأفعال الإيجابية الأخرى من 
الشيوخ» Les‏ استمر الاجتماع. وقف IS‏ منهم وألقى خطاباً ماثلاً. كان سيث يبتسم. 


لقد مز وقت طويل؛ ونحن ندفع منذ سنوات من أجل هذا النوع من البرامج في واشنطن» 
OV‏ ها نحن هنا نلعب دوراً فاعلاً في تنفيذه على أرض الواقع. 


473 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


قبل هذا clear VI‏ في غارديز بسنة واحدة فقط» كنت أناقش بقوة مميزات مشل هذا 
البرنامج في وضع ختلف جداًء كانت تلك المرّة في مبنى المكتب التنفيذي القديم المزركش 
بالقرب من البيت الأبيض في أثناء مراجعة استراتيجية الرئيس بوش لسياساتنا في 
أفغانستان. وكان اقتراح وضع برنامج دعم قبلي رسمي أحد أكثر ال موضوعات إثارة 
للجدل في مراجعة خريف عام 2008. وجاءت المعارضة الرئيسية من وزارة الخارجية 
وممثلٍ أجهزة الاستخبارات في المراجعة. كانت ممحاوف وزارة الخارجية ذات شقين: 
"الأولء أنهم حاولوا تنفيذ مثل هذا البرنامج من قبل» ففي عام 2007 دعمت وزارة 
الخارجية برنايجاً يُسمى الشرطة الوطنية الأفغانية المساعدة» وكان الحدف منها دعم 
الشرطة الرسمية بمدّها بمجندين محليين من بعض أكثر مناطق البشتون عرضة 
للمتمرّدين. تم إخضاع المجندين لتدريب مختصر ونش رهم ليكونوا بمنزلة درع ضد 
التمرّد المتنامي بسرعة. في البدايةء دعمتٌ البرنامج بحماسة من مكتبي في وزارة الدفاع» 
ونصحتٌ قيادتي أن تفعل الشيء نفسه. ولكن سرعان ما أدركنا أن البرنامج كان على 
وشك أن Gly‏ العقبات نفسها التي تعانيها قوة الشرطة العادية التي كلفت وزارة 
الخارجية تطويرها أيضاًء وهي عقبات تتمحور حول انعدام الرقابة والدعم الكافيين. 
وكانت الدولة غير قادرة على نشر ما يكفي من المدنيين في المناطق الخطيرة» حيث توجد 
حاجة إلى الشرطة المساعدة» لذا تمت الاستعانة بالمتعاقدين بمبالغ هائلة مقابل التدريب 
والإشرافء ولم يتمكّن هؤلاء بسبب محدودية التعاقدات من الاشتراك مع الشرطة في 
المناطق الخطيرة. وهكذا وبمجرد أن غادرت الشرطة المساعدة مركز التدريب الأساسي» 
لم تكن لدينا القدرة على معرفة إذا ما كان هؤلاء الوكلاء الحديثو التدريب يسبّبون ضرراً 
أكثر ما كانوا ينفعون عن طريق استغلال سلطاتهم أو لاء كما لم نكن نعرف أيضاً إذا ما 
كانوا يذهبون إلى العمل أصلاً. وكانت تلك هي المشكلة نفسها التي واجهتها وزارة 
الخارجية لسنوات مع الشرطة الوطنية. بحلول أوائل عام 2008 كانت لدينا فكرة ضئيلة 
عن عدد أفراد الشرطة المساعدة الذين ما يزالون يعملون. أو أين ISLS‏ يعملون. وبعد 
هذا بوقت قصير تم إلغاء البرنامج. 


474 


الفصل الرابع عشر: قبائل شامكاني .. مبادرة الدفاع المجتمعي 


كان مصدر القلق الآخر لوزارة الخارجية أن الرئيس كرزاي سيعترض؛ فهو برغم 
جميع أخطائه» قد أفلح في إدارة التوازن بين الجماعات العرقية الرئيسية في أفغانستان: 
البشتون والطاجيك والأوزبك والهزارة. وكانت وزارة الخارجية على ثقة OL‏ كرزاي 
سيعترض عل البرنامج الذي سوف ينظر إليه على أنه يفضّل البشتون على الجماعات 
الأخرى. |S‏ سيعترض Lad‏ كما قالواء على البرنامج الذي سيعزز الميليشيات المحلية 
التي يمكن أن تتنافس مع جيش الحكومة المركزية والشرطة. وكانوا على حق في أنه كان من 
الضروري ضبان اقتناع كرزاي وحكومته بالبرنامج» ولكنني شددت على أننا بحاجة إلى 
اتخاذ قرار جماعي كجزء من المراجعة لنضمن انضمام كرزاي ووزرائه الرئيسيين إلى برنامجنا. 


ذكرتٌ خلال المراجعة الاستراتيجية أن أي برنامج دفاع قبلي» على عكس برنامج 
الشرطة المساعدة» يجب أن يحظى بدعم مفارز العمليات ألفا التابعة للقوات الخاصة 
الذين تم تدريبهم وتجهيزهم بشكل فريد للعيش مع القبائل» وأنهم سيوفرون الإشراف 
الذي كان من العناصر الحاسمة لضان عدم إساءة استخدام البرنامج» كما سيقومون 
بدور مساند لا غنى عنه عندما Gl‏ انتقام طالبان الذي لا مفر منه. كان عنصر الإشراف 
[yal‏ ا من وجهة نظري» وكان يشكل الفارق الرئيسي عن برامج أخرى كنا قد 
جربناها في الماضي. وشرحتٌ نموذجاً مشابماً هو برنامج الجنود الفلاحين الناجح في 
كولومبياء حيث جمع الرئيس ألفارو أوريبي؛ عندما جاء إلى السلطة.» عشرات الآلاف من 
"الجنود الفلاحين" على مدار السنة للمشاركة في خطة الطوارئ التي تنفذها الحكومة 
الوطنية LAY‏ التمرد المستعر وعنف المخدرات الذي كان يجتاح كولومبيا. وي هذا 
البرنامج» أتمٌ المزارعون الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 سنة» الخدمة العسكرية 
الإلزامية البالغة ثمانية عشر شهرا في قراهم ضمن برنامج المراقبة الدفاعية المجتمعية. وقام 
الجيش الكولومبي بوضع كادر من رقباء الجيش النظامي ليكونوا مسؤولين عن 
مجموعات الفلاحين الجنود» ما أضفى حيوية على البرنامج» كا تم تعيين جهة تتولى أمر 
المساءلة والإشراف والتدريب والدعم اللوجستي. وبعد ثانية عشر شهراً من الخدمة» 
عرص على المزارعين عقود للتجنيد في الجيش أو اختيار جال التدريب المهني للمساعدة في 


475 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


انتقاههم إلى قوة العمل المدنية. وكنت على قناعة بأنه بإطار ماثل» حيث تمكن تعبئة 
الأربكاي في أفغانستان ids‏ العقبات التي كانت وزارة الخارجية [الأمريكية] تسلط 
الضوء عليها. 


اعترضت أجهزة الاستخبارات بأنه من الخطر على الولايات المتحدة أن تعمد إلى 
فرز القبائل الأفغانية إلى رابحين وخاسرين. وأكدت أننا نجهل تماماً ماهية الناس في 
النظام الاجتماعي المعقّد في المناطق الريفية في أفغانستان» وسوف يتم التلاعب بنا لمصلحة 
كل قبيلة على حساب منافساتها. فبدعم قبيلة واحدة وتنظيمها يمكن أن نتسبب في تفاقم 
التوترات مع خصومهاء ومن ثم نستجلب عدم الاستقرار في مناطق لا علاقة لها بطالبان. 
وكان مثلو الاستخبارات على حق في أن الأفغان أولاً وقبل كل شيء ماهرون في 
استغلالنا لتحقيق أجندتهم الخاصة. ولكنني وجدت الحجة مثيرة للسخرية؛ فقد OLS‏ 
الكثير من الناس يضغطون على أجهزة الاستخبارات لسنوات» من دون نجاح يذكرء 
لترسيخ المزيد من الموارد لجمع معلومات اجتماعية وسياسية وثقافية مهمة جداً لجهود 
مكافحة التمرّد. في الواقع» كانت هذه واحدة من آخر التوصيات في المراجعة» وكانت 
تنص على توجيه شتى وكالات الاستخبارات لتجميع البيانات التي لديهاء في قاعدة 
بيانات قبّلية واحدة يمكن أن يصل إليها كل من يحتاج إليها. كا Gust‏ أن جهلنا هذا هو 
بالضبط السبب الذي ie‏ عيش الفرق في القرى» حتى تتمكن من التوصل إلى فهم دقيق 
لمجريات الأحوال على مدار اليوم من أجل معرفة مَنْ يقوم بماذاء ولمصلحة مَنْ. 


ذكر dee‏ مجلس الاستخبارات الوطني في المراجعة المجموعة OL;‏ المجتمع الدولي 
قضى الكثير من السنوات» وصرف الملايين من الدولارات» على برنامج نزع سلاح 
الميليشيات. وقد نجح في نزع أعداد هائلة من الأسلحة من الميليشيات التي هيمنت على 
أفغانستان منذ انسحاب الاتحاد السوفيتي. وقال أحد الممثلّين: "سوف تفتح أبواب 
الجحيم إذا أعدتٌ تسليح هذه المجموعات» ولن نستطيع السيطرة عليهم؛ وقريباً جداً 
سيبدؤون تحدي قوات الجيش والشرطة الشرعية". ورد مشارك آخر بأن الميليشيات 


476 


الفصل الرابع عشر: قبائل شامكاني .. مبادرة الدفاع المجتمعي 


الضخمة التي في حوزتها الدبابات والأسلحة الثقيلة» التي دمّرت البلاد OL)‏ الحرب 
الأهلية كانت تمل الصورة النمطية لأمراء الحرب الأوزبك والطاجيك في شمال 
أفغانستان. وبالمقارنة» كانت ميليشيات البشتون القبلية صغيرة ومشتتة وخاضعة 
لإشراف مفرزة العمليات ألفا التابعة للقوات الخاصة. 


انقسمت وجهات النظر في وزارة الدفاع حول البرنامج المقترح» ولكن أوساط 
القوات الخاصة كانت تدعم الفكرة بحماسة. ورأى كثيرون أن هذا يعيد إلى الأذهان أعظم 
نجاحاتهم التاريخية» على سبيل JEU‏ عندما اندجت مفارز العمليات ألفا مع قبائل الجبال 
في فيتنام. ومع ذلك» اعترضت القيادة الانتقالية الأمنية المشتركة لأفغانستان» التي هي 
القيادة التدريبية» على أساس أن كل مورد تخصص لتدريب القوات القبلية سيكون على 
حساب الموارد المخصّصة لقوات الجيش والشرطة الأفغانية الوطنية. فبعد أن ناضلت 
القيادة الانتقالية الأمنية المشتركة لأفغانستان لتحسين مواردها وزيادتها منذ أمد» كنت 
متعاطفاً مع خاوفها. ومع ذلك» كنت أرى أن الجداول الزمنية القصيرة الأمد ليست 
واقعية» وأن إنشاء قوة عسكرية وشرطة مستقلة بالكامل كان جهداً يتطلّب عشرات 
السنين. كانت قبائل كثيرة في أفغانستان تتوسّل إلينا لمساعدتهاء وكان بالإمكان دعمها على 
المدى القصير بتحويل القليل نسبياً من المواردء بينا تستمر القيادة الانتقالية الأمنية 
المشتركة لأفغانستان في بناء الجيش والشرطة على Gall‏ الطويل. 


شدّد الدكتور إليوت كوهين» الأستاذ البارز في الشؤون العسكرية ومستشار 
الوزيرة كوندوليزا رايس SILT‏ على LT‏ بحاجة إلى تفكير جديد يعكس الزخم المتزايد 
للتمرّد» وقال إن ما كان زملاؤه في وزارة الخارجية وأجهزة الاستخبارات يقترحونه يصب 
في الاتجاه نفسه. hed g‏ المجموعة على النظر إلى الصورة الأعم: "الطبيعة الأساسية 
لنهجنا الاستراتيجي هي التي على المحك هنا حقاً. هل نحن نتبع استراتيجية 'من أعلى إلى 
أسفل' أم من أسفل إلى أعلى'؟". 


477 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


يعتقد أنصار استراتيجية "من أعلى إلى أسفل" أننا لن نتمكّن من إرساء الاستقرار 
والأمن في أفغانستان من دون حكومة مركزية قوية قادرة على تقديم الخدمات للأفغان في 
جميع أنحاء البلاد. sles Lf‏ استراتيجية "من أسفل إلى "el‏ فيص رون على أن أفغانستان 
لطالما كانت مجتمعاً لامركزياً بشكل جوهري» ما يجعل من الضروري بناء المؤوسسات 
المحلية لخلق الأمن والاستقرار. شعرت بأننا بحاجة إلى اتّباع كلا النهجين على حد سواء. 
والحقيقة أن إنشاء مؤسسات حكومية قوية في دولة مركزية يساعد على ضان الاستقرار 
على Gull‏ الطويل» ولكن هذه الجهود ستحتاج إلى ما لا يقل عن جيل. وقلتٌ إن بناء 
الدولة "من del‏ إلى أسفل" وجهود مكافحة التمرّد التي كانت حور استراتيجيتنا بحاجة 
إلى أن توضع ee‏ إلى جنب مع البرامج المحلية» مثل de‏ اليد إلى القادة المحليين الشرعيين 
لإشراكهم في توفير الأمن والخدمات على مستوى القرى والمديريات. وإذا تم الأمر 
بشكل صحيح» فإن البرامج المحلية ستوفر الوقت للعمل على بناء الدولة» ويمكن تحويلها 
في نهاية المطاف إلى قوات أمن خاضعة لسيطرة الدولة عندما يصبح لفعل ذلك معنى. 
ومن شأن هذه الاستراتيجية أن تتكامل مع حملة مكافحة التمرّد من خلال الاستفادة من 
آلاف المقاتلين القبليين لحاية أمن سكان الأرياف» ما يتيح للقوات الدولية والقوات 
الأفغانية الرسمية التركيز على كبرى البلدات والمدن. اعتبرتٌ أن بناء شراكات قوية مع 
القبائل المتتشرة على امتداد الحدود بين أفغانستان وباكستان يمكن أن يكون حاساً هزيمة 
المتمرّدين المتمركزين في المناطق القبلية غرب باكستان. وعن طريق كل مفرزة عمليات ألفا 
من القوات الخاصة في أفغانستان والمكوّنة من اثني عشر Shey‏ بإمكاننا تنظيم مئات من 
المقاتلين القبليين وتقديم المشورة إليهم. وكان المفتاح هو كيفية ربط جهود نجي "من 
أعلى إلى أسفل" و"من أسفل إلى أعلى" بحيث يعملان cles‏ بدلاً من أن يتعارضا. أوافق 
على أنه ثمة ble‏ كبيرة» ولكن لم أشعر oh‏ كان لدينا خيار آخر بين الخيارات المتاحة 
لإخاد زخم طالبان. 


بعد نقاش مستفيض كان الموقف في المسودة النهائية لتوصيات المراجعة هو أن 


478 


الفصل الرابع عشر: قبائل شامكاني .. مبادرة الدفاع المجتمعي 


فصل الربيع اللاحق» 2009. وبحلول الخريف» جرى تحويل البرنامج إلى "مبادرة الدفاع 
المجتمعى" الذي كنا نعلنه في ولاية باكتيا. 


خريطة (17): ولاية باكتيا 


x فارديز‎ 

Ti 
joa ty 

v / S 


5 ae fer Lf py قاعدة العمليات‎ 
A : oo Agile) امية‎ 

قاعدة الكمليات. A‏ 

الأمامية (تشاهبمان) 2 
3 





أول موقع تم فيه تطبيق مبادرة الدفاع المجتمعي في ولاية باكتيا هو شامكاني» 
المسؤولة عنه مفرزة العمليات ألفا-26 وقائد فريقهاء فيتز. كانت شامكاني أول مفترق 
طرق وسوقاً داخل الحدود في aly‏ بين الشرق والغرب يمتد من باكستان وصولاً إلى 
عاصمة ولاية غارديز في المناطق الداخلية من شرق أفغانستان. ومن وجهة نظر قبلية» 
كانت المنطقة أكثر حساسية وتعقيداً مما هي JLH‏ في الشرق عادة. وصف لي عالم 
إنثروبولوجيا [اختصاصي في علم الإنسان] Ley‏ الاختلافات بين القبائل في شرق 
أفغانستان وجنوبها: "إنها مثل المقارنة بين قاعات البلدية في نيو إنغلاند وبين مزارع 


479 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الجنوب. في نيو إنغلاند» إذا أردت ALE‏ المجتمع كنت تخطب في مجلس بأكمله. إنه 
الشيء نفسه في شرق أفغانستان؛ إذا رغبت في خاطبة قبيلة» تحدّث إلى مجموعة كبيرة من 
الشيوخ المجتمعين» ويمكن أن يكون من الصعب جداً التوصّل إلى أي نوع من التوافق أو 
القرار. أما في جنوب أفغانستان» فالأمر مثل المزارع الجنوبية» إذا رغبت في مخاطبة قبيلة» 
تحدّث عادة إلى ملك القبيلة أو شيخها. إن الترتيب الحرمي أوضح بكثير في الجنوب 
وأسهل في ما يخص التعرّف إلى الزعيم الذي يسيطر على رقعة واسعة من الأراضي". 


توجّد خمس قبائل رئيسية من البشتون في المنطقة المحيطة ببلدة شامكاني» وتشكل 
القبائل شبكة معقّدة من التنافسات والتحالفات التي [shied‏ شبكة حقاني مراراً وتكراراً 
لمصلحتها. شغلت قبيلة شامكاني» التي تشترك مع البلدة والمديرية باسمهاء معظم المنطقة 
المحيطة بقاعدة مفرزة العمليات ألفا. وإلى الشرق على الحدود الباكستانية توجد قبيلتا 
مقبل وجاجيء اللتان كانتا تتنافسان على معابر حدودية عدة غير رسمية مربحة. وكانت 
شبكة حقاني في باكستان توفر الأسلحة والإمدادات إلى قبيلة مقبل لقاء دعمها [GLb]‏ 
ضد الحكومة. وإلى الجنوب والغرب والشمالء تنتشر قبيلة المانجال؛ التي تمتد أراضيها 
بعيداً إلى الجنوب وإلى ولاية خوست المجاورة» حيث كنت أتعامل مع أحد زعماء القبائل 
الفرعية» الملا غفورزاي. وكانت قبيلة المانجال قد انتقلت إلى أراضي شامكاني القبلية 
طوال الجيل السابق واحتلت أجزاء منها. وكان هذا مصدراً كبيراً للتوتر الذي ولد في 
بعض الأحيان» معارك طويلة. وأخيراً كانت هناك قبيلة كوتشي البدوية» مع قطعاها من 
الإبل والأغنام» التي كانت تعبر كل الحدود. 


وحيثما تحالفت القبائل ضد بعضها بعضاء كانت تنشب نزاعات حول الموارد 
والأراضي أدت إلى دوامة لا هاية ها من عمليات الثأر. ففي إحدى زياراتي للفريق في 
شامكاني» كان فيتز» الأمريكي -الأيرلندي» الواقعي» الأصهب اللحية» وهو الذي 
يتحدث بلكنة أهل بوسطن؛ يستضيف جلسة شورى للمساعدة في التوسط في نزاع بين 
قبيلتين. وكانت ال حالة مثالاً جيّداً tty‏ كيف يمكن لمشروع تنموي سليم النيّة أن يذكي في 


480 


الفصل الرابع عشر: قبائل شامكاني .. مبادرة الدفاع المجتمعي 


الواقع التوتّرات القبلية. وكان مثالا أيضاً على مدى حاجتنا إلى أن نكون متقدّمين جداً في 
فهمناء ومنسجمين مع الديناميات المحلية. كانت القضية OF‏ منظمة غير حكومية صغيرة 
Lb gf‏ وكالة التنمية الدولية للولايات المتحدة شرعت في العمل على تمهيد طريق يمتد من 
معبر حدودي غرباً إلى سوق بلدة شامكاني. رحب الجميع بفكرة الطريق؛ ولكن othe‏ 
مانجال ومقبل أوشكتا حرفياً على قتل بعضهم| بعضاً والقضاء على طاقم العمل OY‏ 
المهندسين احتاجوا إلى تغيير مسار الطريق قليلاً قبل أن يمكن تمهيده. 


وكان هذا الأمر (ge‏ جداً بالنسبة إلى الشيوخ؛ OY‏ الطرق كانت تشكّل تقليدياً 
علامة dus‏ على حدود العقار. وعندما لاح النزاع أول مرة» حاول فيتز البقاء خارج 
الموضوع وتحويله إلى حاكم المديرية» للسماح للحكومة الأفغانية بحل هذه القضية. 
وللأسف. كا هي ال حال في أفغانستان في كثير من الأحيان» كان حاكم المديرية من قبيلة 
مانجال» وكذلك قائد الشرطة؛ ومن ثم لم يكونا موضع ثقة منافسيها في قبيلة مقبل. 
وتعيّن على فيتز المشاركة شخصياً في حل النزاع عندما بدأ رجال حقاني التدخل إلى جانب 
قبيلة مقبل من خلال مهاجمة طواقم العمل في الطريق. بعد أيام قليلة من الهمجوم جاء 
الكثير من شيوخ مانجال وقائد الشرطة إلى قاعدة مفرزة العمليات ألفا زاعمين أن لديم 
معلومات عن المجموعة "المتمرّدة" التي تشن الهجات. ولم نستغرب اتهامهم زعماء قبيلة 
مقبل بذلك. كان فيتز وفريقه» لحسن ELI‏ قد أقاموا علاقات مع شيوخ قبيلة مقبل 
وكانوا واثقين من أنهم لم يكونوا من بين مهاجمي طاقم الطريق. وني جلسة الشورى PLS‏ 
كل وفد صكوك ملكية ووثائق موقعة من مسؤولين حكوميين سابقين» وکل يڏعي حقه في 
الأراضي المتنارّع عليها. وبعد جلسة ماراثونية» عمد فيتز إلى إجراء تسوية بين الطرفين» 
وإرضاء زعيمي الطرفين بمشروع صغير لكل منههما. sy‏ السماح با مضي قدماً في 
مشروع الطريق. 


لم تنتو النزاعات الأخرى سلمياً كهذا. فإلى الجنوب من شامكاني» في الجبال التي 
تفصل بين ولايتي باكتيا وخوست» حاولت الحكومة المحلية التوسّط في نزاع بين شتى 


481 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


فصائل قبيلتي مانجال ومقبل على قطعة من الغابات الغنية بأشجار الصنوبر. وكان T‏ 
الصنوبر محصولاً مها لكل القبائل» ولكن الحدود غير الواضحة كانت دائاً مصدر عداوة. 
وني غضون اشتعال التوتّرات» سلّحت شبكة حقاني قبيلة مقبل» الأصغرء بالرشاشات 
الثقيلة ومدافع الحاون لمهاجمة قرى المانجال والاستيلاء على الأراضي المتنازع عليها. 
شاهدنا من مقرّي تبادل إطلاق النار الكثيف بين الفريقين» ما أسفر عن مقتل عشرات 
الرجال من كلا الجانبين. حاولت الحكومة المحلية التفاوض لحل النزاع» ولكن من دون 
جدوى. وبكل celas‏ أرسلت جماعة حقاني وفداً للمساعدة في التوصل إلى he‏ وتمكُنوا 
بضربة واحدة من زيادة حدة التوترات» وضان ولاء قبيلة مقبل بتزويدهم بالأسلحة» 
وجعل الحكومة تبدو dies‏ وتعزيز شرعيتهم باعتبارهم وسيطاً لحل المشكلات. 
واكتشفنا في وقت لاحق أن قبيلة مقبل تسدد Lp yo‏ من خلال السماح لحقاني بإقامة 
معسكرات تدريب للمسلحين ومنشأة لصنع القنابل على أراضيها. 


كان فيتز وفريقه يلتقون يومياً ole jy‏ معظم القبائل المحيطة بشامكاني» في محاولة 
للحفاظ على وضعهم كوسيط محايد. وكنتٌ على قناعة بأنه يتعين علينا العمل على 
استراتيجية مختلفة. US‏ على الحياد» ولكن رجال > AS‏ طالبان وحقاني كانوا يجبرون 
القبائل ويرهبونها للعمل معهم. كان علينا أن نبدأ بدعم القبائل التي كانت تطلب دعمنا. 
Ces,‏ أتعاطف مع أولئك الذين ينتقدون القوات الأمريكية لانحيازها إلى جانب أو آخر 
في هذا النوع من المشكلات» ولكن Sele‏ طالبان وحقاني كانتا توظفان استراتيجية ISS‏ 
تعتمد على إشراك القبائل والتلاعب بها لتنفيذ أجنداتهاء وشعرت بقوة أنه لم يكن أمامنا 
خيار سوى أن نبدأ بفعل الشيء نفسه أو الاستمرار في أن يفوقونا دهاء. 

واجهث مفرزة العمليات ألفا-26 صعوبة في إنشاء وتشغيل برنامج مبادرة الدفاع 
المجتمعي برغم الحماسة الأولية التي أبداها شيوخ القبائل في الاجتماع في غارديز. مبدئياً 
اختار فيتز قرية حوكمزاي» جنوب شامكاني» لعدد من الأسباب. أولاًء كانت القرية نقطة 
توقف رئيسية معروفة للمسلحين المتسللين من باكستان إلى داخل أفغانستان. وإذا نقل 


482 


الفصل الرابع عشر: قبائل شامكاني .. مبادرة الدفاع المجتمعي 


فيتز مفرزة العمليات ألفا إلى هناك» وبدأ تدريب وتنظيم أربكاي [ميليشيا] قبيلة 
شامكاني» فسيكون باستطاعته أن يعطّل Lab‏ رئيسياً استخدمه مقاتلو حقاني في 
مسارهم من باكستان لتنفيذ هجمات في ولاية خوست إلى الجنوب» وفي عمق أفغانستان 
إلى الغرب. ثانياًء كانت هناك ثلاث قبائل تقف في مواجهة بعضها بعضاً في حوكمزاي. 
وكان فيتز يأمل أنه من خلال الوجود الفعلي Lee‏ يمكنه أن يؤثر بشكل أفضل في 
الزعامات القبلية» والتوسط في سلسلة من النزاعات التي كانت تمثل مصادر توثّر ثابتة. 
ولكن اللبادزة ارت de es‏ نتيجة Lt‏ خر أن مفرزة العمليات الفا كانت خطط 
للانتقال إلى القرية. حاول الفريق مرّتين الانتقال إلى حوكمزاي ولكن أفراده اشتبكوا مع 
عشرات المقاتلين الذين شتوا هجمات من التلال على طول الطريق إلى القرية. وفي إحدى 
المرّات» استنجد الفريق بمروحيات أباتشي الهجومية لإبعاد المجمات ويل أكثر من 
عشرين مسلحاً. كان من الواضح أن أتباع حقاني لا يريدون وجود مفرزة العمليات 
ألفا-26 في القرية. وقبل أن يتمكن الفريق من القيام بمحاولة ثالثة» لجأت Lele‏ حقاني 
إلى أساليبها الوحشية عن طريق خطف نجل أحد شيوخ قبيلة شامكاني الذين دعموا 
وجود مبادرة الدفاع المجتمعي في حوكمزاي. وبعد ذلك شرعوا في تعذيبه وكانوا يبون 
الأصوات على الهواء مباشرة عبر محطة إذاعية مقرصنة نصبوها في الجبال. وكان ذلك 
عملاً وحشياً قاسياً. وني اليوم اللاحق وصل وفد من حوكمزاي» في حالة من الارتباك 
بسبب الضغط الشديد من حقاني» إلى قاعدة الفريق لسحب العرض. 


ولمساعدة مفرزة العمليات ألفا-26 في تأسيس البرنامج» Coa‏ أوامر بأن أحرّك 
إحدى الفرق الشقيقة» وهى مفرزة العمليات ألفا-24», من قاعدة العمليات الأمامية 
تشاب ان بولاية coer gt‏ شالا إلى شامكان. 


وكجانب مأساوي» بعد شهر فقط من انتقال مفرزة العمليات ألفا-24 وشغور 
مكانها في تشاببمان» قام عميل مزدوج لتنظيم القاعدة» هو مام خليل البلوي» بتفجير 
سترته الناسفة في ساحة أماكن المعيشة السابقة للفريق» ما أسفر عن مقتل سبعة من 


483 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


موظفي وكالة الاستخبارات المركزية. وكان من بين القتلى رئيسة القاعدة جنيفر ماثيوزء 
وضابط الدعم اللوجستي لديهاء ليز هانسون» وأحد الضباط المسؤولين عن عملاء 
الوكالة» هارولد براون» وجميعهم عملوا بشكل وثيق معنا. كان مجمع مفرزة العمليات 
ألفا-24 ملاصقاً لمجمع وكالة الاستخبارات المركزية في OGLE‏ لذلك عندما جاء الوقت 
لاستخلاص المعلومات من البلوي» الذي ادّعى أنه يعرف مكان وجود الرجل الثاني في 
تنظيم القاعدة» أيمن الظواهري» قررت وكالة الاستخبارات المركزية حينها أن تعقد 
الاجتماع في مجمّع القوات الخاصة الشاغر. كانت جنيفر مختلفة عن رؤساء القاعدة 
الآخرين الذين عملنا معهم. فبعد أن تولّت القيادة في تشابمان» بادرت بزيارتي وقالت لي 
إنها أرادت أن تتعاون معنا في عدد من المبادرات. ولم تكن هذه هي الحال [Slo‏ مع زملائنا 
في وكالة الاستخبارات المركزية؛ فقد كان موقف الكثيرين منهم: "سنطلبكم حين نحتاج 
إليكم". 

كنت أزور قرية قرب قاعدتنا في قاعدة العمليات الأمامية ساليرنو عندما سمعنا 
دوي الانفجار» ورأينا سحابة تشبه الفطر على الطريق قرب تشابمان. سارعنا إلى الموقع 
لنحاول مساعدة المصابين» وقامت وحدة الطيران المتمركزة في ساليرنو بإنزال مروحية 
شينوك خارج المجمّع لإخلاء الجرحى. كانت المناظر مروّعة في تشابوان وفي مستشفى 
الحوادث في ساليرنو» حيث تم علاج المصابين. للأسف ألقي اللوم على جين في وقت 
لاحق في وسائل الإعلام» وني التحقيق الداخلي للوكالة؛ YY‏ سمحت للبلوي بدخول 
المجمّع من دون تفتيش. لقد اتخذت القرار باعتبار أنه كان مصدر معلومات ثميناً إلى 
درجة أا أرادت أن تخلق جواً من الثقة من بداية الاجتماع» وأحسّت بأن تفتيش الرجل 
الذي كان من المفترض أنه يجازف بحياته لمساعدتنا يمكن أن fy‏ هذه الدينامية. أضف 
إلى ذلك أن المخابرات الأردنية قد شهدت له. ومع Lel‏ كانت محللة (وإن كانت أحد 
المحللين الأكثر موهبة في الوكالة فيم| يمختص بتنظيم القاعدة)» إلا أنهالم تكن ضابط 
عمليات» ورأى الكثير من القادة الذين يمارسون عملهم في كراسيهم الوثيرة» في أعقاب 
ما حدثء أنها كانت تقوم بعمل يفوق طاقتها كقائد للقاعدة في منطقة قتال. لقد لمستٌ 


484 


الفصل الرابع عشر: قبائل شامكاني .. مبادرة الدفاع المجتمعي 


قدراً لا بأس به من كراهية النساء في أعقاب التفجير. من تجربتى الخاصة أقول Lel‏ كانت 
حسنة الاطلاع وشديدة الصلابة» وعملت بشكل جيّد معنا من أجل المهمة الكبرى؛ ولا 
شك في أن ذكراها تستحق أفضل من ذلك. 


في شامكاني» وبدعم من مفرزة العمليات ألفا-24» حاولت مفرزة العمليات -UÍ‏ 
6 العمل مع قبيلة مقبل إلى الشرق من قاعدتها قرب ال حدود الباكستانية. عرف الفريق 
أن مقبل قبيلة صغيرة وني كثير من الأحيان تتعرّض للتهميش من قبل جيرانها الأكبرء 
المانجال. كان زعماء مقبل يشكون باستمرار من أن الوظائف الحكومية الرئيسية مثل 
منصب حاكم المديرية وقائد الشرطة والكثير من المناصب المحلية بها في ذلك ناكب 
الحاكم؛ يُسيطر عليها دائ منافسوهم. ومع أننا ES‏ نعلم أن عدداً من شيوخ مقبل كانوا 
على علاقة وثيقة بزعماء المتمرّدين الرئيسيين في باكستان» فإنهم بدوا منفتحين جداً 
لمبادرات الفريق بتقديم المشروعات وتدريب ميليشيا الأربكاي الصغيرة التابعة هم. كا 
كانت قبيلة مقبل تسيطر أيضاً على معابر حدودية غير رسمية» ما زاد من أهميتها بالنسبة 
إلينا. بدا أن سلسلة جلسات الشورى بين الكثير من الشيوخ من مجموعة من القرى في 
مناطق مقبل في طريقها للتوصّل إلى إجماع على أن المنطقة كانت مستعدة لقبول مفرزة 
العمليات الفاون Legh ob‏ ووجد je pil‏ دعا كيرا يمك استغجاره Leal) EELS‏ 
عند تدريب أربكاي قبيلة مقبل. وبدأت المناقشات حول أنسب المشروعات التنموية 
للمنطقة. ولكن [an‏ كانت مفرزة العمليات ألفا تستعد للانتقال إلى المكان» جاءت 
مجموعة من شيوخ مقبل إلى القاعدة ورفضت LAE‏ السماح للفريق باستئجار المجمّع الذي 
كان قد 95 تحديده. وبعد أسابيع من المفاوضات اقترح شيوخ مقبل حلاً وسطاً: سوف 
يرسلون الأربكاي إلى قاعدتنا للتدريب بدلاً من أن ينتقل الفريق للعيش في القرية ويعمل 
معهم بشكل مباشر. وبالطبع» ما زالوا يريدون إقامة مشروعات عدة تنموية في 
منطقتهم. تدارسنا عرضهم» ولكن في نهاية الملطاف» أصررنا على أن يعيش الفريق في 
القرية. فالعيش في وسط الأفغان كان ضرورياً لتحقيق الحدف من مبادرة الدفاع 
المجتمعي؛ لأنها كانت الطريقة الوحيدة التي يمكن أن توفر الإشراف المناسب وتخفف 


485 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


كل المخاوف التي أثارها منتقدو البرنامج. ونحن ببساطة لن نكون قادرين على الاطلاع 
الدائم على مستجدات المنافسات القبلية المتحوّلة دوماً من داخل قاعدة الفريق المحصّنة 
على ll‏ من وجهة نظريء كان "التنقل" ذهاباً وإياباً إلى ساحة المعركة أحد أهم 
الأسباب التي جعلتنا نكابد لفهم التمرّد واحتوائه. 

في AY:‏ المطاف EE‏ من الجلوس مع أحد الشيوخ خلال زيارة للقاعدة في 
شامكاني» pathy‏ لي الرجل سبب تغيير رأيه: "نحن نعتقد أنكم لن تبقو قوا معنا. الكثيرون مثا 
لايحبون dole‏ حقاني وطرقها الوحشية» ولكن قبيلتنا صغيرة. وهم يدعمهم الجيش 
الباكستاني. والجيش الأفغاني ليس في هذه المنطقة. عندما وافقنا على قبول دعمكم» كنا نعتقد 
نكم ستدعموننا وتحموننا وتبزمون حقاني بطائراتكم عندما يهاجمنا. ولكن رئيسكم يقول 
إنكم ستغادرون أفغانستان. لا يمكننا أن نرهن حياتنا بین أيديكم إذا كنتم ستتركوننا". 


حدث هذا في ديسمبر عام 2009. كان الرئيس أوباما قد أعلن زيادة القوات 
الأمريكية في خطاب ألقاه في ويست بوينت. ولكن استعراض القوة والالتزام اللذين 
أبداهما إعلان الزيادة قلّ kela‏ عندما أعلن الرئيس موعداً محدداً لانسحاب القوات. 
أتذكرٌ بوضوح شعوري بالرعب عندما شاهدث الخطاب في مقرّي. هتف يورك: "لقد 
أخبر العالم ننا مغادرون. بحق السماء» من الذي سيخاطر بحياته الآن للعمل معنا؟". 
كان هناك ضابط آخر يشاهد الخطاب معناء قارن إعلان الزيادة ثم تحديد موعد 
الانسحاب بموقف الرئيس روزفلت معلناً ساعة الصفر (يوم الإنزال) في يونيو 1944 
ولكنّه قال للألمان LEY‏ إن القوة ستترك المكان بعد ذلك بعام. وسأل سؤالاً بلاغياً: BL"‏ 
تظن الألمان كانوا سيفعلون؟ ينتظروننا؟"؛ لا يمكننا أن نبعث برسالة أسوأ لطالبان» 
والمنطقة» والشعب n‏ 


paw fll‏ بي ا بطريقة أو بأخرى, بأمر 0 حتى إنه لم يأبه بإعلان 
زيادة القوات. لم يسمع سوى: "أمريكا ستغادر البلاد". 


486 


الفصل الرابع عشر: قبائل شامكاني .. مبادرة الدفاع المجتمعي 


للأسف Eos‏ قد شهدت WL AW‏ تقريباً مع الملا غفورزاي من قبيلة مانجال في 
خوست قبل بضعة أيام فقط. كنت قد طوّرت علاقتي معه في النصف الثاني من عام 2009 
في أعقاب ما كان يسمى حروب الصنوبر مع قبيلة مقبل. وكان غفورزاي زعي حترماً 
لقبيلة فرعية من ALS‏ مانجال الكبيرة» وكان لديه بضع مئات من محاربي الأربكاي 
المجهزين تجهيزاً جيداً يتبعون أوامره. وبحلول ديسمير 62009 وبعد العشرات من 
أكواب الشاي وساعات من المناقشات معي» كان غفورزاي على استعداد أن يلتزم بتقديم 
أسماء رجاله ليتم ترشيحهم لبرنامج مبادرة الدفاع المجتمعي» ومعارضة حقاني Like‏ 


الختامية لتثبيت هذا التعاون» أصبح غفورزاي بارداً في تعامله معي. عادة كان ak‏ 
"بأخذي في الأحضان"٠‏ وبعدها تجري بيننا مناقشة مفعمة بالحيوية حول عائلتيناء وما 
يجري في الوادي الذي تعيش فيه قبيلته. ولكن هذه المرة بقي جالساً على الوسائد المصطفة 
على الحدار البعيدء [ey‏ دخلتٌ عليه. وبعد بعض المجاملات الغريبة» اكتشفتٌ السبب. 
قال بصرامة: "لم يفارقنا الشك في أنكم ستتخلّون عنًا. BE OV‏ رئيسكم. اعذرني Le‏ 
القائد مايك» لا يمكن لرجالي العمل معكم OVI‏ سوف يقوم مقاتلو حقاني باستهدافنا 
يومياً. إن هم سابق فضل (he‏ ومن دون دعمكم» سيصلون في نهاية المطاف إلى كل واحد 
eo‏ ومن Mle‏ 


Soo,‏ عليه Ob‏ إعلان الرئيس كان يركز حقاً على إرسال جنود أمريكيين إضافيين» 
وأضفت: "إنه بخطط في نهاية المطاف لسحب التعزيزات التي يرسلها الآن. ستعود 
مستويات القوات لدينا ببساطة إلى ما هي عليه الآن» وسيكون ذلك بعد سنوات في 


opdi 


غابت عنه الفروق الدقيقة في الاستراتيجية: UI"‏ آسف» يا صديقي. بضع سنوات 
لا تعني شيئاً في هذا الشطر من العالم. وإلى أن تصبح أمريكا مستعدة للتعهّد OL‏ يقف 


487 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


أحفادها جنباً إلى جنب مع أحفادي في هذه الحرب» لا يمكنني العمل معك". كان ذلك 
مثالاً صارخاً على الأثر الفوري لإعلان السياسة [سحب القوات] على أرض الواقع. 


balas‏ الكثير من الدروس في حاولاتنا إنشاء تلك المواقع الأولية في الأيام الأولى 
لبرنامج الدفاع المجتمعي. تعلمنا أنه كان علينا التحرّك بسرعة كبيرة عندما أعطانا 
الشيوخ الضوء الأخضر GW‏ ونعمل معهم. إذا انتظرناء فسيقوم المتمرّدون» أو غيرهم 
من الزعماء المحليين الذين لم يوافقواء بالتحرّك بسرعة ومارسة ضغط كبير على الشيوخ 
ليبتعدوا عنا. وتعلّمنا أيضاً أن علينا أن نوازن بين اختيار المواقع على أساس مدى رغبتنا في 
التأثير في العدو مقابل المكان الذي يمنحنا دعم القبائل الأكبر. كان علينا أن نتبع الدع 
والأهم من ذلك cal‏ وبالمعنى الاستراتيجي» كان علينا أن نرسل إشارة عن عزم أمريكا 
والتزامها بالوقوف مع هؤلاء الناس. كانت بيروقراطية الأمن القومي في واشنطن تتصارع 
على عدد القوات. كانت الأرقام مهمة» ولكن الأهم هو تقديم تأكيدات على المدى الطويل 
لشعب من المفترض أننا نحميه. 


بالرغم من التحديات التي واجهت إنشاء برنامج الدفاع المجتمعي في مناطق 
مسؤوليتي» فإن البرنامج اكتسب في نباية المطاف Lj‏ وتمتع بنجاح متزايد. وكان جزء من 
السبب أن قيادة العمليات الخاصة في أفغانستان» وبشكل بحسب LA‏ كانت متكيّفة في 
نهجها واعتمدت الدروس المستفادة من الميدان. الأهم من ذلكء أنها طوّرت برنامجاً أمنياً 
محلياً يركز فقط على استخدام الميليشيات القبلية لتعزيز الأمن» ضمن برنامج استقرار 
كامل يركز على معالجة أسباب الصراع المحلية. ووفقاً لذلك» تطوّر اسم البرنامج ليصبح 
"عمليات استقرار القرى". ودعمت هذه النسخة الأكثر نضجاً وقوة مفارز العمليات ألفا 
بفرق الشؤون المدنية» وفرق العمليات النفسية» وفرق المشاة» وميزانيات التنمية الصحية. 
وأضبخت de‏ 85 الحمليات Lill‏ مشا لور ن yo‏ والقسية kee Wy‏ يعيكن 
عناصرها بين الأفغان ليكونوا قادرين على التفاعل معهم بسهولة» ولكي يكون على دراية 
كافية با كان يدور في مجتمعاتهم. وما زالت مجالس الشورى القبلية تقوم بترشيح الرجال» 


488 


الفصل الرابع عشر: قبائل شامكاني .. مبادرة الدفاع المجتمعي 


dale‏ من مقاتلي الأربكاي المنتمين إليهاء للمشاركة في برنامج عمليات استقرار القرى. 
ولكن أصبح هؤلاء الرجال الآن هم الشرطة المحلية الأفغانية» ويعملون رسمياً تحت 
إمرة رئيس شرطة المديرية الأفغاني. هذا يعني أن الرجال أصبحوا يتقاضون راتباً ols‏ هم 
صلة رسمية بالحكومة. والآهم من ذلك» أنه 5 إرسال مجموعات من ضباط القوات 
الخاصة للتنسيق مع المسؤولين المحليين الأفغان في المديريات والولايات التي لديا برامج 
عمليات استقرار القرى. وكان لدى هؤلاء الضباط مهمة ناجعة تهدف إلى المساعدة على 
ربط القبائل والقرى GULL‏ الحكومي الأفغاني الرسمي؛ ومن ثم التأكد من أن المسؤولين 
المحليين يدعمون الشرطة المحلية. وكانوا حلقة الوصل المهمة بين استراتيجيات "من 
أسفل إلى أعلى" و"من أعلى إلى أسفل". 


حظي البرنامج في الجنوب بنجاح متزايد؛ نظراً إلى الطبيعة الأكثر هرمية للقبائل 
وبعدها عن ملاذات طالبان وحقاني في باكستان. على سبيل المثال سقطت خاكريزء التي 
كانت فيم مضى مركزاً اقتصادياً حلياً مزدهراً في ولاية قندهار» فريسة لتمرّد طالبان 
المتنامي الذي استخدم المديرية ملاذاً آمناً لشن هجمات على مدينة قندهار. ولكن بعد إنشاء 
برامج عمليات استقرار القرى» تم تمكين القرى المحلية من حماية نفسها ومقاومة ترهيب 
طالبان. وخلال عام 2009ء 5 إنهاء سيطرة طالبان على المديرية من خلال الدفاع المحلي» 
والمشروعات التنموية» وتعزيز العلاقات مع الحكومة الأفغانية. وفي غضون ستة أشهرء 
أعيد فتح كل متجر في السوق الذي كان مغلقاًء ما أدى إلى انبعاث الاقتصاد المحلي من 
جديد. كما عملت فرص العمل الإضافية على تحفيز الرغبة في دعم الأمن المحلي. 
وبالإضافة إلى ذلك استعادت مجالس الشورى المحلية مرة أخرى أهميتها في تسوية 
النزاعات القبلية» ما ساعد على مواجهة تدخل طالبان كوسيط لحل المشكلات. 


وفي غرب أفغانستان» أصبح وادي زركو في ولاية هرات مثالاً آخر على إمكانات 
برنامج عمليات استقرار القرى. عُرف الوادي oh‏ كان ملاذا آمناً للعدو ونقطة عبور 
لطالبان. وكانت قاعدة مدفعية القوات الخاصة عند مدخل الوادي تتعرّض للهجوم 


489 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


بشكل مستمرء ويرجع ذلك أساساً إلى أن القبائل في الوادي كانت تغض الطرف عن 
أنشطة طالبان. وكان يتمٌ إسكات أولئك الأفراد الذين كانوا يقاومون أويعملون مع 
مفرزة العمليات ألفا. وغالباً ما جنّد قادة طالبان أشخاصاً من القبائل التي لم يكن لدى 
شيوخها Ble‏ قوي لمقاومتهم. وبدلاً من الرد على هجمات المتمرّدين بتحصين 
الأساسات وتعزيزهاء LS‏ كانت ممارستنا في السابق» تمكُنت اثنتان من مفارز العمليات ألفا 
المتمركزة هناك من إقناع القبيلتين الرئيسيتين في الوادي بالسماح لما بالانتقال إلى قرية على 
حدود أراضي القبيلتين. وفي غضون أشهر من انتقال الفرق تمكّنت من إنشاء علاقات 
قوية مع الزعامة القبلية المحلية. وبعد تلبية احتياجات القرى عن طريق المشروعات 
المحلية والحاية الفعلية للشيوخ» توقفت هجرات العبوات الناسفة تماماًء وبدأ السكان 
المحليون الكشف عن المخابئ التي كان المتمردون قد خزنوا فيها الأسلحة استعداداً 
لعمليات مستقبلية. وبحلول موعد إعادة الانتشار في أوائل عام 2010( كنت أقرأ تقارير 
عن شيوخ كانوا لا يتحدثون مع بعضهم بعضاً لسنوات» وأصبحوا OW‏ يجتمعون في 
مجالس الشورى» وعن رجال محليين أصبحوا يعملون في وادي زركو بدلاً من البحث عن 
عمل في إيران. ونقلت مقالة في صحيفة "آرمي تايمز" عن حاكم المديرية لال محمد قوله: 
"إن الوضع الأمني أفضل بكثير منذ انتقلت القوات الخاصة إلى وادي زركوء وأنا أقدّر 
وجودهم في الوادي» فهو منطقة خطيرة جداً".! وذكر المقال أيضاً أن أكثر من حمس قرى 
مجاورة أخرى قد طلبت ضمّها إلى البرنامج بعد تلمّسها فوائده. وكنتٌ أشعر بسعادة 
غامرة أيضاً وأنا أقرأ عن التقدّم في المناطق التي Eas‏ مسؤولاً عنها سابقاً. كان لدى مفارز 
العمليات ألفا في شامكاني وخوست وشكين عدد متزايد من برامج عمليات استقرار 
القرى. وكان أكثر ما يبعث على السرور سلسلة من التقارير» با في ذلك تقديرات 
الاستخبارات القومية حول أفغانستان» والتي ذكرث أن قيادة طالبان وحقاني تعتبران 
برنامج عمليات استقرار القرى تبديداً استراتيجياً لتمرّدها. 


لقد أدى نجاح هذا البرنامج إلى إعادة تركيز جهود أجهزة القوات الخاصة للجيش 
والقيادة على توليفة الاستقرار الريفي وتدريب النخبة من الجيش الأفغاني بدلاً من التركيز 


490 


الفصل الرابع عشر: قبائل شامكاني .. مبادرة الدفاع المجتمعي 


على استهداف قادة طالبان. نقلت مقالة في صحيفة "آرمي تايمز" عام 2011 عن العقيد 
دونالد بولدوك» وهو أحد أجرأ أصحاب القبعات الخضرء قوله: "يشكل برنامج 
(عمليات) استقرار القرى والجهود الرامية إلى إنشاء وحدات مغاوير في الجيش الوطني 
الأفغاني معاً أهم أولويات قوة مهام العمليات الخاصة المشتركة المجمّعة". واعترف 
بولدوك ob‏ هذا أبعد ما يكون عما كانت الحال عليه قبل بضع سنوات» عندما كانت قوة 
مهام العمليات الخاصة المشتركة المجمّعة "أكثر تركيزاً على العمليات 'الحركية' لإلقاء 
القبض عل المتمردين وقتلهم". واعترف Ob‏ "قوات العمليات الخاصة كان لديا نمج 
يركز على العدو من أجل تحديد كيف كنا ننفذ العمليات.. وكقائد كتيبة على مدى GAS‏ 
خدمة» أسأل: هل قمنا بعمليات تركز على السكان؟ بالتأكيد قمنا بذلك» ولكنني كنت 
أركّز على العدو لأنه يمثل تهديداً وجودياً ويعمل في المناطق الريفية بشكل فعّال جداًء 
لذلك قمنا بملاحقته. كانت نظريتي آنذاك: الضغط والملاحقة والعقاب. أما شعاري الآن 
فهو: الوجود والصير والمثابرة".2 


كان الدعم المتحمّس لبرنامج عمليات استقرار القرى Gk‏ من المستويات المختضّة 
بالعمليات في واشنطن. شعرتٌ بسعادة غامرة لرؤية هذا المستوى من الدعم. لقد جعل 
الجنرال بترايوس الحصول على الدعم الكامل من الرئيس كرزاي للبرنامج إحدى أهم 
أولوياته عندما تولى قيادة إيساف في صيف عام 2010. فبتاريخ 14 يوليو 2010 قال 
السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع [الأمريكية] جيف موريل في مؤتمر صحفي: lee”‏ نحن 
نعمل بشكل متزامن على وتيرة أعلى بكثير ونُضعف حركة طالبان بحيث تكون أقل تهديداً 
هذه المجتمعات المحلية» يمكننا الاستفادة من السكان المحليين المسلحين والراغبين في 
القيام بدور الشرطة في المجتمع". 

وأوضح موريل أن قوات الشرطة المحلية ليست ميليشيات. S‏ وافق كرزاي على 
خطة لوضع ما يصل إلى عشرة آلاف من أفراد الشرطة المجتمعية في الخدمة» وأمر بدفع 
رواتبهم من الحكومة وأن يكون عملهم خاضعاً لسيطرة وزارة الداخلية الأفغانية. 


491 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


وأضاف موريل قائلاً: "إن الأمر يتعلّق بجعل السكان المحليين يعملون» بحيث 
يمكنهم حماية مجتمعاتهم من أشخاص ينبغي ألا يكونوا موجودين فيها؛ ومن ثم العمل مع 
المؤسسات الأمنية الراسخة؛ قوات الجيش والشرطة الأفغانية» وقوات التحالف. للتأكد 
من أن أولئك الأشخاص لا يشكلون تهديداً لمجتمعاتهم". 


وقال مسؤولون آخرون إن الأمثلة على تكاتف القرويين الأفغان معاً لمنع طالبان من 
الوصول إلى مدنهم كانت مشجّعة. وقال موريل: "لقد شاهذنا أمثلة واضحة على قيام 
المجتمعات المحلية dye‏ محاولات طالبان التسلل إلى مناطقها وترهيبها. ورأينا كذلك» 
أمثلة على مجتمعات قد لا تكون تقدّمت بشكل لافت للنظر» ولكن من الواضح أنها تريد 
ذلك وتبحث عن المساعدة للقيام به".* 


كان التأييد الرسمي من كرزاي نباً hebs‏ لكن وضع البرنامج تحت إشراف وزارة 
الداخلية غير الفعّالة والمشهورة بفسادها أثار قلقى. فخلال مناقشات في البيت الأبيض 
عام 2008« ذكرت أن مثل هذا البرنامج يجب أن يكون أشبه بالحرس الوطني أكثر من 
كونه جرد شرطة مُساعِدة. شعرت Ob‏ إخضاع هذا البرنامج الشديد الحساسية لسلطة 
إحدى أقل الوزارات أداء وأضعفهاء كان خطأ. إن الأمر الأكثر منطقية أن تكون وحدات 
الدفاع المجتمعي تابعة للجيش ووزارة الدفاع اللذين يتمتعان بقدرة أكبر» ويمكنهم| تقديم 
دعم لوج جستي أفضل. 


على امتداد العام اللاحق أشاد عدد من مؤسسات الفكر والصحفيين العاملين في 
أفغانستان بالنجاح المتزايد للبرنامج. وفي أكتوبر 2011 شهد الأميرال بيل ماكريفن» قائد 
قيادة العمليات الخاصة» أمام لجنة القوات المسلّحة في مجلس النواب» بقوله: "لقد SHS‏ 
أكبر نجاحاتنا في أفغانستان على يد ضباط Cissy‏ ضباط القوات الخاصة الذين كانوا على 
الأرض يحاولون تغيير المشهدء إذا جاز لنا التعبير» من حيث علاقاتنا مع الأفغان. إن 
عمليات استقرار القرى» وتطوير الشرطة المحلية الأفغانية» هي أكثر جهد واعد لدينا في 
أفغانستان في الوقت الحالي".* وبحلول منتصف عام 2012 كان برنامج عمليات استقرار 


492 


الفصل الرابع عشر: قبائل شامكاني .. مبادرة الدفاع المجتمعي 


القرى قد امتد ليشمل أكثر من ثمانين مديرية فيها ما يقرب من سبعة عشر ألفاً من 
عناصر الشرطة المحلية في كل مناطق أفغانستان. حضرت دورة تدريبية قبل الانتشار 
تُسمّى "الأسبوع الأكاديمي" تستضيفها قيادة العمليات الخاصة» حيث يُمضي عناصر 
مفارز العمليات ألفا الذين هم على وشك الانتشار في أفغانستان بضعة أيام في حضور 
دورات عن كل شيء؛ بدءاً من المفاوضات وصولاً إلى الديناميات ALB‏ وكان كثير من 
الناس يقولون إن القبعات الخضر قد عادت أخيراً إلى جذورها التاريخية باستخدام 
تدريبها اللغوي والثقافي لتقويض المتمرّدين بحرمانهم من الدعم القبلي. وكان أحد قادة 
مفارز العمليات ألفا قد عاد جواً من أفغانستان لتبادل الدروس المستفادة مع المجموعة 
وقدّم عرض شرائح عن تجاربه. وكانت قد استقبلته لدى وصوله إلى الوادي في البداية 
انفجارات العبوات الناسفة وإصابتان. احتوت أولى شرائح العرض على صور لمركبات 
مدرّعة» ورجال يرتدون العتاد الشخصي الكامل» وأخرى لمشاهد من المعارك. ولكن 
بعد أن عمل مع فريقه بشكل وثيق مع الشيوخ» وقاموا بتجنيد الشرطة المحلية الأفغانية» 
وإقامة نقاط تفتيش» وإلقاء القبض على أحد قادة طالبان» بدأ الوادي يتجه نحو 
الاستقرار. وأظهرت الشرائح في نهاية فترة خدمته رجاله وهم يتجؤّلون في جميع أنحاء 
الولاية في شاحنات هايلوكس الصغيرة من دون دروع واقية للجسم» ولا يرتدون سوى 
لباس الشلوار التقليدي فوق سراويلهم المموّهة. dy‏ يواجه معركة نارية واحدة في 
الشهرين الأخيرين من فترة خدمته» واتسعت مظلة الاستقرار لتغطي الوادي المجاور؛ 
والأهم من US‏ أن مفرزة العمليات WI‏ أعادت تأسيس مجلس الشورى المحلي ليكون 
السلطة التي قامت حينها بالتوسّط لحل نزاع طويل الأمد على حقوق المياه بين ثلاث قبائل 
وحاكم المديرية. 

هذا لا ينفي أن البرنامج كان محفوفاً als. DULL‏ جداً في اللقاء نفسه بسبب ما 
سمعته من أن وزير الداخلية» وهو من الطاجيك من شمال أفغانستان» لم يسمح بتوسعة 
برنامج عمليات استقرار القرى إلى الجنوب البشتوني مالم يكن هناك المستوى نفسه من 
التوسّع في الشمال الذي يسيطر عليه الطاجيك. وعلى الرغم من الحاجة إلى برنامج 


493 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


استقرار القرى إلى حد أكبر بكثير في الجنوب والشرق» حيث كان من الواضح أن تمرّد 
طالبان أقوى؛ أصر الوزير أن يُقدّم لإخوته في العرق الموجودين في الشمال المستوى نفسه 
من الاهتمام والدعم» لا بل ازداد انزعاجي بعد معرفتي أن الوزير قد أصر أيضاً على 
تزويد الميليشيات في الشمال بالأسلحة والإمدادات والتدريب. ولكن أفراد مفرزة 
العمليات ألفا لم يكونوا في حاجة إلى العيش مع الشرطة المحلية الطاجيكية. وبدلاً من 
ذلك يمكن أن يقوموا بزيارهم من وقت لآخرء وأن يقوموا بالإشراف عن بعد. كان من 
الواضح أن تلك الاستراتيجية ترمي ي إلى استغلال برنامج استقرار القرى من أجل إعادة 
تنظيم ميليشيات التحالف الشالي السابقة استعداداً لمواجهة حركة طالبان البشتونية في 
أعقاب الانسحاب الأمريكي. فكانت محاولة التلاعب بالبرنامج تمهيداً لعودة محتملة إلى 
حرب أهلية سيناريوهاً كابوسياً بالنسبة إلينا نحن الداعمين للبرنامج جميعاً. 


ومع ذلك» كنت مقتنعاً بشكل عام Lil‏ كنا في نهاية المطاف نضع الأمور في نصابها 
الصحيح على عدد من المستويات. شعرتٌ بأنني قد أسهمتٌ فعلاً في دفع المجهود الحربي 
في اتجاه إيجابي عن طريق الحصول على دعم لبرنامج مثل عمليات استقرار القرى» من 
البتتاجون والبيت الأبيض؛ ومن ثم الإشراف على تنفيذه ميدانياً في الكثير من المناطق. 
كان البرنامج يتطلّب من كل عناصر مفارز العمليات ألفا الخروج بشكل دائم من 
القواعد والذهاب إلى القرى. كنا نتغلّب على حركة طالبان في لعبتها الرامية إلى الاستفادة 
من الصدوع الموجودة في المجتمع الأفغاني. (ey‏ التحق المزيد من القرويين بالشرطة 
المحلية» لم يتم فقط إقصاء حركة طالبان مادياً خارج القرى» ولكن أقيم حاجز نفسي بين 
الشعب والمتمرّدين. لقد SE‏ الأفغان من السفر بحرية أكثرء والذهاب إلى المدارس من 
دون خوف» وممارسة المزيد من التجارةء واستخدام نُظم العدالة التقليدية لمعا لجة 
النزاعات. وبالإضافة إلى ذلك» كان برنامج عمليات استقرار القرى مستداماً على المدى 
الطويل بوجود أعداد صغيرة نسبياً من القوات الأمريكية يمكن استخدامها لتأمين القرى» 
في حين كانت قوات الجيش والشرطة الأفغانية تنشغل بتأمين المدن والطرق الرئيسية. 
ومع ذلك» وعلى الرغم من النجاحات الأولية» كان البرنامج ما يزال عرضة لإساءة 


494 


الفصل الرابع عشر: قبائل شامكاني .. مبادرة الدفاع المجتمعي 


الاستخدام ويتطلب مشاركة مستمرة من قبل قواتنا الخاصة. ونظراً إلى شعار إدارة أوباما 
حول انسحاب القوات الأمريكية المقاتلة» نتساءل: هل لدينا ما يكفي من الوقت لجعل 
نتائج برنامج عمليات استقرار القرى دائمة؟ وهل كان برنامج عمليات استقرار القرى 
هو الاستراتيجية الصحيحة التي تم تنفيذها بعد فوات الأوان؟ أكثر ما يثير للقلق هو: هل 
سيؤدي الانسحاب السريع من الإشراف على الشرطة المحلية من قبل قواتنا الخاصة 
إلى ضرر أكثر من النفع على المدى الطويل؟ 


495 


الفصل الخامس عشر 


واشنطن مرة أخرى 
وداعاً للمشكلات 


عندما غادرت البيت الأبيض في 19 يناير 2009ء كان معظم أعضاء فريق الأمن 
القومي لدى الرئيس أوباما ينظرون إلى أفغانستان على أنها "الحرب الجيّدة" مقارنة 
ب "الحرب السيئة" في العراق. وبالفعل كان أوباما قد وصف أفغانستان» أيام ترشّحه 
للرئاسة» eb‏ "حرب الضرورة" ويجب الانتصار فيها. وعندما عدت إلى واشنطن في 
ربيع 2010» أذهلني مدى تغيّر النقاش القومي بشأن أفغانستان عن العام الماضي. ذلك 
أن النقاش قد تغيّر من "كيف ننجح؟" إلى "ما مدى السرعة التي ينبغي لنا الانسحاب 
TL,‏ وعقب مراجعتين مثيرتين للخلاف أجريتا بشأن استراتيجية OLY JI‏ المتحدة 
الأمريكية تجاه أفغانستان عام 2009ء اكتشف مسؤولو إدارة أوباما مدى صعوبة تحقيق 
النجاح في أفغانستان وحجم الأموال المطلوبة لإعادة الأمور إلى نصابها. ويبدو أن الرئيس 
قد أذعن للمؤسسة العسكرية في الموافقة على زيادة القوات» Ey‏ يرغب OV‏ وبشكل 
واضح في تركيز جهوده على القضايا الداخلية. وبرغم تدفق آلاف الجنود الأمريكيين إلى 
أفغانستان عام 2010» سرعان ما اكتشفتٌ أن رغبة الرئيس في إنهاء المشاركة الأمريكية في 
الحرب قد أثرت في كل جانب من جوانب إدارته» ley‏ من الضغط عل المؤسسة 
العسكرية لوضع جدول زمني لتخفيض عدد القوات» إلى التفاوض مع حركة OLJ‏ 
والإشارة إلى أن تنظيم القاعدة قد هُزم أساساً. 


عدت إلى مكتب وزير الدفاع = قسم السياسات الخاصة بأفغانستان وباكستان. 

وبا أني قد عملت مع نائب الرئيس ديك تشيني» كنت أتوقع ترحيباً حاراً من القيادة 
Z e £ & .‏ 

الديمقراطية الجديدة في البتتاجونء برغم أنني أعتبر من الناحية الفنية موظفاً مدنياً غير 


497 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلى القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


سياسي. وكانت المفاجأة السارة الترحيب الكريم الذي حظيتٌ به من نائب مساعد وزير 
الدفاع الجديد ديفيد سيدني» الذي كلفني على الفور بقضية حساسة» وهي تمثيل 
البنتاجون في إعداد إطار سياسات للتفاوض مع حركة طالبان. ومع ذلك» وعقب 
سلسلة اجتماعات في البيت الأبيض مع المجموعة الصغيرة التي تتولى استراتيجية 
التفاوض» سرعان ما صحوت من الوهم. لقد كان الموضوع المهم» أكثر من كل شيء 
على ما يبدوء الذي كنا نناقشه هو كيفية إنهاء الحرب وليس كيفية النصر فيها. 


من وجهة نظري» كان إعداد معايير للمفاوضات مع طالبان شيئاً يفتقر إليه 
المجهود ا حربي في السابقء وكانت هناك حاجة ماسّة إليه. ومع ذلك» كان توقيت الجهد 
وراك E Bad ee‏ لاما عر ون ارام 
طوال العام السابق في أفغانستان أن الحرب في عام 2010 تُعتبر» في أفضل أحواهاء طريقاً 
مسدوداً. نحن OW‏ ندفع باتجاه حادثات مصالحة بسرعة أكثر مما ينبغي» وكان يجب أن 
ننتظر حتى نتفاوض من موقع قوة. كا أن كثيراً من الأفغان رأوا في هذا الجهد أول 
خطوة رئيسية باتجاه التخلي عن أفغانستان. حاولث تقديم وجهة نظري من خلال 
خبراتي في الميدان» فأوضحت أن طالبان تحقق انتصارات في الكثير من مناطق البلاد؛ 
ومن ثمّ فسوف يُنظر إلى التواصل من أجل التفاوض في هذه المرحلة على أنه يأس. 


Ss‏ فوراً بأن هناك أجندة أخرى» ولاسي) داخل وزارة الخارجية ومكتب 
السفير ريتشارد Ay Spe‏ الممثل الخاص لأفغانستان وباكستان. لقد بدأ المسؤولون 
يضغطون ol ZL‏ المصالحة كهدف ينجز في حد ذاته. وبالإضافة إلى ذلك» كانت جهود 
إشراك الأقليات الإثنية الأفغانية في المفاوضات المحتملة ضئيلة» ما يتركهم يتشككون 
في أن الولايات المتحدة الأمريكيةء والرئيس كرزاي» وطالبان وباكستان كانوا يبرمون 
صفقة ضد مصالحهم. ومع مرور العام» بدأت وزارة الخارجية تكثف جهودها l‏ 
يتعلق بالمضي قدماً في هذا الاتجاه» واستخدام محادثات المصالحة كآلية لإنماء الحجرب 


بسرعة. 


498 


الفصل الخامس عشر: واشنطن مرة أخرى .. وداعاً للمشكلات 


Gy‏ الوقت ذاته كنت أشارك في المحادثات في البيت الأبيض ووزارة الخارجية حول 
إذا ما كان الوقت مناسباً لعقد اتفاق مع طالبان. وكنت أحضر أيضاً سلسلة مناسبات 
لإحياء ذكرى الذين سقطوا من وحدتي في المعارك. كانت المناسبات مرهقة عاطفياً بالطبع. 
Sa Fe‏ هذه المناسبات باليوم التذكاري في المقبرة الوطنية في أرلينغتون. وفكرت وأنا 
أمشي بين صفوف شواهد القبور الجديدة في القسم رقم 60 من مقبرة أرلينغتون» إلى أي 
مدى ضللنا طريقنا في أفغانستان. وبين الوقت الذي أمضيته في البتتاجون والبيت 
الأبيض وفترات الخدمة المتعدّدة في الميدان» تبلورت فكرتي. كنت مقتنعاً أكثر من أي وقت 
مضى أن المؤرخين سينظرون في أمر الحرب وسيعزون فشلها إلى مجموعة من الأخطاء 


الاستراتيجية الرئيسية. 


لعل الخطأ الأكبر هو أن إدارة بوش (بمن فيها أنا بدَوري الصغير) لم تحدّد أهدافاً 
واضحة لوجودنا في أفغانستان» بمجرد هزيمة طالبان والقاعدة في أواخر عام 2001. لقد 
ركزت القوات الأمريكية على مهمة مكافحة الإرهاب من خلال القضاء على العناصر 
المتبقية من نظام طالبان» لكنها كانت بطيئة جداً في تبنّي استراتيجية لضان إبقائهم 
مهزومين. التردّد الأولي لإدارة بوش في القيام بعملية بناء الدولة في أفغانستان في الوقت 
الذي تحوّل فيه تركيزنا إلى العراق» أدى إلى تفاقم الوضع؛ لأنه أسفر عن تأخير تبني هدف 
نهائي يحدد النجاح في أفغانستان. dy‏ ظل الفراغ الذي نتج عن تغير استراتيجيتناء أعادت 
حركة طالبان تجميع صفوفها في ملاذها الآمن في باكستان» وأعادت فرض نفسها بالقوة. 
وظل الوضع هكذا حتى المراجعة الاستراتيجية التي أجرتها الحكومة الأمريكية عام 
6» عندما استخدمنا مصطلح مكافحة التمرّد؛ ومن ثم قبلنا ضمنياً أننا نواجه تمرّداً. 
وفي نهاية المطاف» وجدنا أنفسنا نعود بفتور إلى dle‏ بناء الدولة عندما أدركنا حجم الجهد 
المطلوب لإعادة تمكين الحكومة وقوات الأمن الأفغانية لكي تقف على أقدامهاء وأدركنا 
أن استراتيجية "الدولة الرائدة" غير فعّالة. ومع ذلك» وبحلول هذا الوقت» كان قدتم 
تسليم المهمة إلى حلف الناتو الذي لم يستطع أعضاؤه الاتفاق على تعريف لمصطلح 
مكافحة التمرّد؛ ومن ثم الاتفاق على خطة عملية لمكافحته. 


499 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


ونتيجة لغياب التركيز الاستراتيجي» كان جهدنا الحربي يفتقر إلى الموارد الكافية. 
اشتدت حركة التمرد» عاماً تلو FV‏ وجاء ردنا في شكل محاولات فاترة لكي نواكب 
التصعيد في العام اللاحق. ولكننا وجدنا أنفسنا نطارد العنف ول نتمكّن قطّ من أن نسبقه 
مسافة تتيح لنا تقليصه. كانت لدينا في أفغانستان دولة عدد سكانها أكبر من العراق» وتمتد 
عبر تضاريس هي الأكثر وعورة على وجه الأرض. ويضاف إلى ذلك ضعف البنية 
التحتية» وغياب الموارد الظبيعية والقاعدة الضريبية» وعدم القدرة على الوصول إلى 
الموانى البحرية» ووجود ملاذ آمن للمتمردين في باكستان المجاورة» والفقر المدقع» ومعدل 
أميّة مروّع يصل إلى 75/. ومع ذلك لم نخصّص سوى نزر يسير من الموارد لهذا الجهد 
مقارنة با خصّصناه للعراق. 


لقد حاولنا تعويض نقص الموارد الأمريكية من خلال الاعتاد على حلف الناتو. 
وكا obs‏ من خبرتي مع القوات ا هولندية» والبولندية» والفرنسية» فنحن نستهين 
بشكل كبير بحجم الضعف الذي اعترى الجيوش الأوروبية منذ تهاية الحرب الباردة حتى 
اليوم. لم تكن هذه الجيوش ببساطة جاهزة للقيام بحملة موسّعة تبعد آلاف الأميال عن 
أوروباء وني أحد الأماكن الأكثر صعوبة في العالم. كانوا جاهزين لمهمة لحفظ السلام على 
غرار المهمة التي قاموا بها في البوسنة» وليس لحملة معقدة وعنيفة لمكافحة التمرّد إلى 
جانب العمل مع شريك في الجيش والشرطة الأفغانية يؤدي مهامه بصعوبة. وما إن 
أصبحت قوات الناتو على أرض أفغانستان حتى وجّدت نفسها غير قادرة على مكافحة 
التمرّد نظراً إلى الأساليب المختلفة على نحو جذري للدول الأعضاء في تعاملها مع الأمرء 
والقيود المفروضة عليها من قبل حكوماتها. إضافة إلى ذلك. فإن نقل القيادة من الولايات 
المتحدة الأمريكية إلى حلف الناتو عام 2006» أرسل رسالة إلى المنطقة مفادها أن تلك هي 
البداية لإنهاء وجود القوات الأمريكية في أفغانستان. وفي نهاية المطاف» أدى ذلك التحوّل 
إلى عدم الوفاء بالوعود المقدَّمة للشعب الأفغاني» وإلى الإحباط والفراغ الأمني الذي 
استغلته حركة طالبان. 


500 


الفصل الخامس عشر: واشنطن مرة أخرى .. وداعاً للمشكلات 


كان من بين الأخطاء الحاسمة الأخرى عجزنا عن إثناء باكستان عن دعم حركة 
طالبان وشبكة حقاني» وغيرها من المجموعات الأخرى التي تخدم أهدافها الاستراتيجية. 
وعدت إلى واشنطن أكثر اقتناعاً من أي وقت مضى بأن الجيش الباكستاني لا ينوي تغيير 
أساليبه» إلا إذا اعتقد أن قطع العلاقات مع المسلّحين سيكون مفيداً في تحقيق أهدافه. وما 
دمنا قد أعلنًا انسحابنا Whe‏ (الذي ترك لباكستان التعامل مع الفوضى في أفغانستان)» 
ومع استمرار تقديم المليارات لدعم الجيش الباكستاني» فلن يكون هناك حافز كبير لهم 
ليغيروا أساليبهم. 


Let,‏ فإنني على اقتناع ob‏ التاريخ سينظر إلى إعلان الرئيس أوباما الخاص 
بزيادة القوات في الوقت ذاته الذي أعلن فيه جدولاً زمنياً لسحبهاء باعتباره أنه سوء 
حساب استراتيجي خطير في سياستنا الخاصة بالحرب. وني الوقت الذي أعلن فيه 
الرئيس إرسال الموارد التي يستحقها العسكريون والمدنيون الأمريكيون منذ فترة طويلة» 
فقد ألغى التأثير الإيجابي هذه الموارد قبل أن تصل. [Sy‏ وعدء عقب مرور 18 شهراً من 
خطابه في ديسمبر 2009 في ويست بوينت معلناً زيادة القوات» ألقى الرئيس أوباما خطاباً 
في يونيو 2011 يوضح فيه استراتيجيته للانسحاب؛ ليس سحب القوات الإضافية ehai‏ 
بل القوات القتالية كافة أيضاً بحلول عام 2014. لقد تحدّث أوباما عن التركيز على "إنهاء 
الحرب" و"بناء الدولة من الداخل" وليس من الخارج.' كان ذلك آخر دليل على أن الإدارة 
كانت تتمنى زوال المشكلات» وليس لديا أي نية لتقديم الالتزام الطويل المدى اللازم 
لاستقرار المنطقة ومنع إعادة ظهور الملاذات الآمنة التي يمكن أن يستخدمها الإرهابيون 
لمهاجمة الولايات المتحدة الأمريكية مرة أخرى. ونتيجة UU‏ قررت ترك العمل في 
الحكومة والانتقال إلى القطاع الخاصء على أمل أن أستمر في الخدمة في مجال آخر. 


وبمجرد أن أعلن الرئيس نيته سحب جيع القوات القتالية بنهاية عام 2014 أخذ 
النقاش في واشنطن يقتصر على عدد قوات الدعم التي ستبقى» والجدول الزمني لشحب 


501 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


بقية القوات. وأخيراً تمت تسوية هذه القضية عندما أعلن الرئيس أنه سيتم سحب جميع 
القوات العسكرية» بغض النظر عن المهمة التي تقوم cle‏ قبل نهاية عام 2016. اتسمت 
هذه المناقشات التي دارت حول عدد القوات والجحداول الزمنية لسحبها بالأهمية» ولكن 
غابت عنها مسألة أكثر أهمية. فقد كانت القضية الاستراتيجية الأهم هي الإشارة التي 
أرسلها أوباما إلى حلفائنا وأعدائنا والمنطقة: أمريكا تغادر المنطقة. وكانت هذه الإشارة 
كافية لتتسبب في جملة من المشكلات الكبيرة المتعلقة بالمجهود الحربي القائم. 


AGI‏ بدأت المنطقة بأسرها في المناورة استعداداً ل "أفغانستان ما بعد رحيل 
الأمريكيين"» بطرق تتعارض في معظمها مع مصالح الولايات المتحدة. وهذه المناورات 
جارية حتى اليوم. إن ما d‏ تقدّره إدارة أوباماء وما تزال لا تقدّره تماماً هو أن الشعب 
الأفغاني والحكومة الأفغانية» والباكستانيين والنود والإيرانيين وبقية آسيا الوسطى لم 
يكونوا يستمعون إلى الفروق الدقيقة في السياسات الخاصة بحجم ونوع القوات 
الأمريكية التي سيتم الإبقاء عليها. وكل ما سمعوه هو الانسحاب الأمريكي والمغادرة. 
Ky‏ يثير القلق» أن كل ما سمعته حركة طالبان وتنظيم القاعدة من خطاب 2011 هو أنهم 
نجوا من زيادة القوات» وأن ما عليهم سوى الانتظار بضع سنوات أخرى فقط» حتى يتم 
الانسحاب الأمريكي النهائي عام 2016. كانت المنطقة بأسرهاء وما تزال» تتحوّط من 
الولايات المتحدة ولا تنحاز إليها. 

ثانياًء حذّر وزير الدفاع روبرت غيتس من دون مواربة» قبيل ترك منصبه (في 
الوقت نفسه الذي ألقى فيه أوباما خطابه عام 2011 تقريباً)» من أن حلفاءنا الأوروبيين 
سيستخدمون الانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية كضوء أخضر للخروج أيضا. 
وبرغم التفجيرات التي حدثت في مدريد ولندن» OP‏ الأوروبيين كانوا غاضبين بسبب 
اشتراكهم في "حرب أمريكا" في أفغانستان قبل سنوات. وسماعهم الرئيس يؤكد أننا 
سنترك أفغانستان» أدى إلى تفكيك أي عزم متبق لدى ال حلفاء» بل إن عدداً من الحكومات 
الأوروبية قد سرع في الواقع من جداول انسحابه. كما أن انخفاض عدد القوات قد ali‏ 


502 


الفصل الخامس عشر: واشنطن مرة أخرى .. وداعاً للمشكلات 


إلى حد كبير قدرة المدنيين في الحكومة الأمريكية - الذين كانوا يعملون تحت حماية القوات 
العسكرية - على دخول الولايات الأفغانية وتقديم المساعدة للشعب الأفغاني في يتعلق 
بالزراعة» وحكم القانون» والتنمية الاقتصادية. وعقب إعلان الرئيس» سرعان ما أعدّت 
الوكالات المدنية جداول الانسحاب الخاصة thy‏ ومن ثم تخلّت عن وجودها الضعيف 
أصلاً في القواعد الأمامية» وقلّصت التمويل. وخلال زيارة إلى قندهار هذا العام» وصف 
أحد LS‏ القادة العسكريين الأمريكيين وكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة بأنها 
مصدر لعدم الاستقرار وليست مصدراً للاستقرار بسبب وجودها الضعيف في 
المقاطعات؛ ومن ثم عجزها عن الوفاء بوعودها للشعب الأفغاني. 


We‏ كان كل أفغاني تحدثت إليه في السنوات التي تلت عودتي إلى واشنطن؛ من 
الوزراء إلى Ze te‏ السابقين» يساوره قلق متزايد إزاء احتمال تجدّد الحرب الأهلية في 
أعقاب الانسحاب الأمريكي. ويعتقد أصدقائي من الطاجيك والأوزبك والهزارة أن 
الولايات المتحدة الأمريكية تعقد صفقة مع كرزاي وطالبان وتتخلّ عنهم. وقد بدأ عدد 
وافر من أبرز القادة الطاجيك - نائب وزير الداخلية محمد داود (الذي اغتيل على يد 
حركة طالبان)» ورئيس جهاز الاستخبارات السابق عمر الله صالح» ووزير التعمير 
غ ا ieee te‏ يقضون مزيداً من الوقت في بلداتهم الأصلية 
بعيداً عن كابول» من أجل إعادة تشكيل التحالفات والشبكات القديمة. واتضح لي أن 
التحالف الشهالي السابق» الذي قاوم حركة طالبان البشتونية خلال فترة حكمها 
الوحشية» كان يعيد تنظيم صفوفه. ولسوء حظ الولايات المتحدة الأمريكية» شملت هذه 
الجهود التواصل مع الحلفاء القدامى في إيران وروسيا والهند» حيث كان يُنظر إليهم جميعاً 
على أنهم أكثر موثوقية من الولايات المتحدة الأمريكية. 

وهذا ما جعل سياستنا في أفغانستان سياسة قائمة على التمني والافتراضات؛ 
فنحن نفترض أن الجيش الوطني الأفغاني والشرطة الأفغانية سوف يستطيعان الوقوف 
على الأقدام بعد انسحابنا من هناك. وحتى كتابة هذه السطور ما يزال لدينا مستشارون في 
قيادات الجيش الأفغاني العليا. ومع ذلك» فإن معرفة المستشارين بكيفية أداء الجيش في 


503 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


SLA‏ والمناطق الحدودية تستقى من المعلومات والتقارير التي تكتبها الفصائل والسرايا 
التي لا يوجد فيها مستشارون أجانب. وهكذاء لا توجد لدينا سوى وسائل قليلة لمعرفة 
أدائهم» وعندما يتم سحب جيع المستشارين عام 2016 سوف نكون على جهل تام بأداء 
الجيش والشرطة الأفغانية ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة. وإذا كانت افتراضاتنا حول 
قوات الأمن خاطتة» وأنهم لا يستطيعون أن يعتمدوا على أنفسهم» فقد لا نعرف ذلك إلا 
بعد فوات الأوان. 


ونحن نفترض أيضاً أن الأفغان سوف يستطيعون إدارة تحوّل سياسي ناجح 
لرئيس يخلف كرزاي. ونأمل أن تنظر جميع المجموعات العرقية في أفغانستان» وخاصة 
الجيش الوطني الأفغاني الذي pee‏ عليه الطاجيك» إلى النتيجة [خليفة كرزاي] على Lef‏ 
شرعية نسبياًء وأن يمنح جيران أفغانستان الحكومة الجديدة فرصة للنجاح. وكا ذكّر 
الرئيس كرزاي CSG‏ الرئيس الأمريكي ديك تشيني خلال زيارته| الأخيرة عام 22008 
فإنه لم يترك أي زعيم أفغاني منصبه في تاريخ البلاد بطريقة سلمية» فكل رئيس في نهاية 
المطاف إما أن ينفى وإما أن يُعدم؛ ومن ثم يبدو أن هذا الوقت هو الأسوأ بالنسبة إلينا 


لتخفيض عدد قواتنا. 


Ll‏ تستند السياسة ا حالية إلى افتراض أن تنظيم القاعدة لا يستطيع العودة 
بعد انسحابنا. وأرى أن هذا افتراض خطير dae‏ نظراً إلى حالة عدم الاستقرار المتزايدة في 
باكستان» وتراجع وجود القوات الأمريكية وقوات التحالف وتزايد التوتر العرقي» 
وما يزال الجيش الأفغاني وقوات الشرطة يحتاجان إلى سنوات طويلة حتى يستطيعا القيام 
بعمليات مستقلة. وعليه» يجب أن يتم إدراج استراتيجية مكافحة الإرهاب ضمن 
استراتيجية أوسع نطاقاً مكافحة التمرد» OY‏ الشعب الذي يواجه الانتقام من المتطرّفين لن 
يكون مستعداً لمواصلة تزويدنا بالمعلومات الاستخباراتية التي نحتاج إليها. وبالإضافة إلى 
ذلك» ومن خلال تجربتي» فإن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والجيش يعتمد كل 
منهما على الآخر في| يتعلّق بتوفير الإمدادات وحماية قواعدهما المختلفة القريبة من الحدود 
الباكستانية. وفي ظل انسحاب الجيش» فأنا على يقين.من أن وكالة الاستخبارات المركزية 


504 


الفصل الخامس عشر: واشنطن مرة أخرى .. وداعاً للمشكلات 


الأمريكية سوف تواجه صعوبة كبيرة في الحفاظ على كثافة عمليات مكافحة الإرهاب 
نفسها ضد تنظيم القاعدة في باكستان» التي كانت ناجحة جداً في ملاحقة قيادتها 
باستمرار. وفي ظل هذه الديناميات» لم أجد حتى OYI‏ شخصاً يدعم استراتيجية التخفيض 
للقوات التي تنتهجها الإدارة الأمريكية قادراً على إخباري بها نحن فاعلون إذا كانت كل 
هذه الافتراضات خاطتة» وإذا استطاع تنظيم القاعدة العودة بعد انسحابنا. إن عودة تنظيم 
القاعدة في سوريا والعراق» جنباً إلى جنب مع ظهور مجموعات مثل الدولة الإسلامية في 
العراق وسورياء يُظهر Ble‏ استراتيجية التمني هذه. وني حالة باكستان» إذا ساءت الأمور 
وعاد تنظيم القاعدة إلى الصعود مرة أخرى» فسيصبح هناك شيء أكثر أهمية على المحك: 
الأسلحة النووية. 


خلاصة القول» هي أن سياستنا تتسم بالغموض» وسيدفع الشك في احتمال كون 
افتراضاتنا تستحث الجميعٌ إلى التخمين والتحوط بطرق غير بناءة» أو لا. كما قال لي رجل 
أعمال أفغاني مؤخراً: "أشعر كما لو أن بلدي بالكامل يسير بسرعة نحو الماوية. LADY‏ 
من المسؤولين الحكوميين إلى أدنى القرويين» يعرف ما الذي نوك ore‏ ولا أرغب في 
القيام بأي استثمارات في أعمالي» ولا أريد حتى ترك أموالي في مصرف أفغاني» إلى أن 
تتكوّن لديّ فكرة عما سيحدث". قام هذا الرجل والكثير من زملائه في رابطة أعمال 
وطنية بنقل أموالهم من أفغانستان إلى دبي» ودول مجاورة أخرى. وبا مخل» قال لي أستاذ 
زراعة بجامعة كابول إن منحاً متعددة من المنظات الدولية قد أوقفت مؤقتاًء ما أسفر عن 
تسريح عدد من مساعدي الباحثين وإلغاء برنامج تكميلي زراعي. وأضاف: "المجتمع 
الدولي بأسره يقوم بإعادة تقييم استثاراته في الشعب الأفغاني لأن الأمريكيين قرروا 
الانسحاب. لا نريد مليارات الدولارات من الولايات المتحدة» بل نريد أن تقول أمريكا 
للجميع أن يتوقفوا عن حزم أمتعتهم بقصد الرحيل!". 

في أواخر عام 22012 Cb‏ أن ألقي كلمة أمام مجموعة من موظفي 
الكونجرس بشأن ما أعتقد أنه الاستراتيجية الطويلة المدى في أفغانستان» وبا أنني كنت 
أعارض بقوة استراتيجية الانسحاب» بدأت حديثي بتأمل تاريخي في دولة حليفة في شرق 


505 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


آسيا كانت بنيتها التحتية واقتصادها الزراعي في حالة يرثى لها عقب عقود من الحرب 
والاحتلال. كان النظام السياسي في هذه الدولة يعاني الفساد والخلل» وشعبها يعاني فقراً 
مدقعاً. وكانت نسبة التعليم فيها عام 1945 أقل ما هي في أفغانستان اليوم. ومع ذلك» فقد 
قدّمت الولايات المتحدة الأمريكية» خلال حمسين عاماًء استشارات طويلة المدى للجيش 
ولاستقرار الاقتصاد وبناء رأس مال بشري حتى استطاعت هذه الدولة التحول إلى قوة 
صناعية» ورائدة في المجال التكنولوجيء وديمقراطية فاعلة. هذه الدولة هي كوريا الجنوبية. 


ومع أنه ليس بتشبيه دقيق» إلا أنه يجدر تذكير الموظفين الشباب ly‏ كان مكناً عندما 
أقرت الولايات المتحدة الأمريكية أن تحقيق الاستقرار في دولة ما كان شأناً مهما لمصاحها 
القومية على المدى الطويل. وبالطبع كان الأمر سيبدو انتحاراً سياسياً للرئيس أيزنهاور أن 
يعلن في الخمسينيات أن الولايات المتحدة الأمريكية خططت للاحتفاظ بقوات في كوريا ' 
الجنوبية للعقود الخمسة أو الستة المقبلة» تماماً ىا سيكون صعباً على الرئيس أوباما أن يواجه 
الشعب الأمريكي برسالة BU‏ اليوم. لكن أيز :هاور قدم مسوغات مقنعة حول أهمية الحد 
من انتشار الأيديولوجيا الشيوعية في كوريا بالنسبة إلى أمننا القومي» وهيأ الوضع لتبقى 
الولايات المتحدة الأمريكية منخرطة في شبه الجزيرة الكورية حتى أصبح لدينا حليف 
مزدهر يسهم في الاستقرار العالمي. قدّمت المسوغات التي تصبّ في اتجاه أنه ينبغي لنا أن 
نفعل الشيء ذاته في أفغانستان الآن؛ فمنع التطرّف من أن يستعيد معقله في أفغانستان 
لتهديد المنطقة مرة أخرى lary‏ الأراضي الأمريكية» Sle‏ في أهميته اليوم أهمية وقف انتشار 
الأيديولوجيا الشيوعية منذ عقود خلت. وفي الواقع نحن نعلم من الكنز الثمين المتمثل 
بالاتصالات الداخلية التي تم الاستيلاء عليها خلال الغارة على ا بن لادن» أن كبار 
قادة تنظيم القاعدة وطالبان قد ناقشوا استغلال الفراغ الذي aa‏ رحيل القوات الأمريكية 
مق Okita‏ عاد تررسيع الي ودر فى الناطق ال فع السسيطرة الشكومة في 
المنطقة الحدودية؛ ومن ثم تركيز اهتم|مهم على باكستان وترسانتها النووية. 


506 


الفصل الخامس عشر: واشنطن مرة أخرى .. وداعاً للمشكلات 


ورداً على تشكّك العاملين في الكونجرس بشأن إذا ما كانت هذه الاستراتيجية قابلة 
للاستمرار على المدى الطويل أو لاء أوضحتٌ أنه بحلول عام 2010 كان قد تبدّى لنا أن 
لدينا صيغة ناجحة في أفغانستان بعد أن تعلمنا من قرابة عقد من الأخطاء. وبرغم كل 
أخطائنا السابقة» شعرت بأن لدينا الكثير من المكوّنات الرئيسية التي يمكن أن تحقق 
درجة من الأمن» le‏ يسهم في ازدهار القطاع الخاص والتنمية. كانت لدينا فرق من القوات 
الخاصة التي تشترك مع القبائل الرئيسية في المناطق الريفية في حرمان طالبان من تجنيد 
المؤيدين والحصول على الدعم. وكان لدينا فريق يقدم النصح في الأمور التكتيكية للجيش 
الأفغاني وقوات الشرطة على مستوى منخفض» بحيث إذا ما تمت مواصلة هذه الجهود 
على المدى الطويلء فإنه يمكنها أن تساعد على تشكيل جيل جديد من القادة الأفغان الذين 
يتولون حماية بلدهم. 


م Fal‏ وقتها أو OV‏ إلى ترك قوات أجنبية كبيرة في أفغانستان إلى ما لا نهاية» غير 
أنني أؤكد قناعتي ob‏ تخفيض عدد القوات كان يجب أن يتم بطريقة تدريجية واعتماداً على 
الظروف الأمنية وليس على جدول زمني عشوائي. ولا شك في أن التخفيض المحسوب 
للموظفين المساعدين والمعدات في ظل وجود قوات ومدنيين في قرى الريف الأفغاني وفي 
أوساط قوات الأمن الأفغانية» كان سيتطلب من القيادة العسكرية أن تغيّر بشكل جذري 
درجة تقبّلها للمخاطر. ربا لا تكون القواعد مريحة بالقدر cab gl‏ ورب لا تكون فرق 
الإخلاء الطبي جاهزة على النحو المبتغى leas‏ لايكون لدى كل مستوى من القيادة 
الرؤية الكاملة لكل مهمة. ولكنني مقتنع بأن Whey‏ ونساءناء عسكريين ومدنيين» الذين 
يخاطرون بأرواحهم» سيقبلون بمخاطر أعلى» إذا سمحت قيادتنا بذلك. 

لو LT‏ واصلنا استراتيجية الانخراط مع القبائل التي كانت قد بدأت تؤتي ثمارهاء 
مع مواصلة تحسين أداء قوات الجيش والشرطة الأفغانية» لاستطعنا ترسيخ المكاسب 
التي حققناها خلال فترة زيادة القوات. إضافة إلى ذلك» في عام 2010 بدأت الشركات 
المتعدّدة الجبسيات والمستثمرون في إدراك إمكانات قطاعات التعدين والزراعة 


507 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


والاتصالات الواعدة في أفغانستان. ويزخر قطاع التعدين على وجه الخصوص بإمكانات 
حقيقية غير مستغلّة من الرخام والأحجار الكريمة والمعادن النادرة مغل الليثيوم» قادرة 
على تأهيل رابع أفقر اقتصاد في العالم. ولكن البرلمان الأفغاني ووزراء الحكومة يحتاجون إلى 
إرشاد طويل الأجل لسن قوانين وإجراءات تجذب الاستثارات الخارجية. وبدلاً من 
القيام بذلك» فقد تمّ سحب الكثير من الخبراء وتقليص برامج الإرشاد والتوجيه بحلول 
عام 2013 في إطار استراتيجية الانسحاب الأوسع نطاقاً. 


واختتمت حديثي بتأكيد أنه يتعين علينا أن نتمسّك بالرؤية الطويلة الأجل بالنسبة 
إلى أفغانستان لكي نحدٌ من أيديولوجيا التطرّف كا فعلنا في كوريا ضد الشيوعية. إن أكثر 
ما تحتاج ad]‏ أفغانستان هو رسالة إيجابية وثابتة من الولايات المتحدة مفادها: "نحن معكم 
على المدى البعيد OY‏ دعمنا لكم ضد عدم الاستقرار والتطرّف يصب في مصاحتنا 
القومية". حتى O)‏ تم تخفيض عدد قواتنا تدريجياً بشكل غير معلّن [SD‏ حدث في كوريا» 
من خمسين ألفاً في الستينيات إلى خمسة وعشرين ألفاً Ce sl‏ فسيكون JA‏ هذه الرسالة 
آثار إيجابية عميقة. وإذا وصلت رسالة الالتزام هذه من الولايات المتحدة الأمريكية إلى 
الشعب GLY‏ والحكومة الأفغانية» والجيش الباكستاني» فإنهم سيكونون أكثر 
استعداداً للعمل معنا بدلاً من الحذر تجاهنا. 


ويرى الكثير من الخبراء أن معظم الأمريكيين» وبالتبعية الكونجرس» غير 
مستعدين لتقديم مثل هذا الالتزام الدائم في جنوب آسيا. أنا متأكد من أن قيادتنا في 
واشنطن لم تشرح للشعب الأمريكي مطلقاً ما الذي سنفعله إذا انزلقت أفغانستان مرة 
أخرى في الفوضىء Uy‏ تنظيم القاعدة خطته بالزحف مجدداً إلى المناطق التي تسيطر 
عليها حركة طالبان لإعادة oly‏ نفسه. لم تشرح قيادتنا قط الاحتمال الحقيقي لقيام هذه 
القوى نفسها بزعزعة استقرار باكستان المسلحة نوويا» كما م تشرح أن استقرار جندوب 
آسيا يرتبط مباشرة بمصا حنا القومية وحماية أراضينا. وبدلاً من ذلك» سمع 
الأمريكيون جميعهم كم هي صعبة هذه الحرب؛ ومن ثم يجب أن ننسحب. ولا شك في أن 


508 


الفصل الخامس عشر: واشنطن مرة أخرى .. وداعاً للمشكلات 


دعم أفغانستان» |S‏ فعلنا مع ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية عقب الحرب العالمية الثانية» 
سيكون جهداً شاقاً ومكلفاًء ولكن التكلفة ستكون هزيلة مقارنة بمحاولة إعادة كسب 
ثقة الشعب الأفغاني بعدما خذلناهم للمرة الثالثة. وختاماًء أعتقدٌ جازماًء ىا قال لي الملا 
غفورزاي خلال احتساء الشاي في خوست» وجوب أن نكون مستعدّين لإلزام أحفادنا 
بالوقوف إلى جانب أحفاده! 


509 


11. 


الهوامش 


الفصل الأول 


Gall, Carlotta “Cheney and Afghan Milestone,” New York Times, December 20,1. 
2005. 2 (http://www.nytimes.com/2005/12/20/international/asia/20afghan.html? 
_r=0). 


Franks, Tommy, with Malcolm McConnell, American Soldier (New York: Regan 
Books, 2004. p 324. 


“Rumsfeld Declares the End to Combat Operations in Afghanistan,” Fox News, 
May 1, 2003. (http://www.foxnews.com/story/2003/05/01/rumsfeld-declares- 


major-combat-over-in-afghanistan). 
2003 مجموعة القوات الخاصة ب/ 2/ 220 يوليو‎ wil ghl ملاحظات‎ 
ملاحظات المؤلّفء مؤتمر أسبوعي عبر الفيديو مع هيئة الأركان المشتركة والقيادة المركزية»‎ 
.2004 أكتوبر‎ 


Radio Free Europe/Radio Liberty, “Afghanistan: A Chronology of Suicide 
Attacks Since 2001,” January 17, 2006. (http://www.rferl.org/content/article/ 
1064789.html). 


ملاحظات al hl‏ الاستراتيجية الأمريكية لمكافحة المخدرات في أفغانستان» 2004 

ملاحظات المؤلّفء اجتماع مجموعة العمليات بين الوكالات بخصوص أفغانستان» وزارة 

الخارجية الأمريكية» سبتمبر 2004. 

United Nations, Office of Drug Control (UNODC), “World Drug Report,” 2005, 
p 180. 

ملاحظات المؤلّف» مكتب شؤون أفغانستان في هيئة الأركان المشتركة» الاجتاع بين مكتب 

وزير الدفاع لشؤون السياسات والاستقرارء والمكتب الإقليمي» إبريل 2005. 


Jones, Seth G. In the Graveyard of Empires: America’s War in Afghanistan (New 
York: Norton, 2009), p 243 


511 


.10 


16. 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


ملاحظات المؤلف» جلسات إحاطة القيادة المركزية وهيئة الأركان المشتركة» يونيو 2005. 


ملاحظات المؤلف» اجتماعات مع الفريق إيكنبيري» هيئة الأركان المشتركة ومكتب وزير 


.2005 الدفاع لشؤون السياسات» يوليو‎ í 


ملاحظات المؤلف, اجتماع مجموعة العمليات بين الوكالات بخصوص أفغانستان» وزارة 

الخارجية الأمريكية» ديسمبر 2004. 

ملاحظات المؤلف» اجتماع وفد الناتو العسكري» 2005. 

Aldinger, Charles “U.S. to Cut Troop Level in Afghanistan,” Reuters, December 
20, 2005. 


.204 مرجع سابق» ص‎ «Jones, In the Graveyard 


الفصل الرابع 


United Nations, General Assembly, Security Council (SC). The Situation in 
Afghanistan and Its Implications for Peace and Security, Report A/61/326- 
S/2006/727, September 11, 2006. 


Luehrs, Christoff “Provincial Reconstruction Teams: A Literature Review,” 
Prism 1, no. 1 (2009), pp. 95-102 


Baron, Kevin “Gates: ‘Congress Is Part of the Problem’ in State, USAID Short- 
falls,” Stripes Blank RSS Test, Stripes Central, August 23, 2010. 


ISAF Fact Sheet,” ISAF Headquarters, NATO, 2006. 


“USAID fact Sheet,” Washington DC: US Agency for International 
Development, January 27, 2006. 


“USAID Fact Sheet,” Washington DC: U.S. Agency for International Develop- 
ment, January 27, 2006. (http://2001-2009.state.gov/p/sca/rls/fs/2006/60029. 
htm). 


الفصل الخامس 


Phillips, Michael M. “U.S. Takes Over Flight in Helmand,” Wall Street Journal, 
September 13, 2010. 


512 


12 


.13 


14 


.15 


17 


الموامش 


الفصل السابع 
eed‏ قاعدة العمليات الأمامية ريبللي بهذا الاسم تيمّناً بالعقيد البحري الأسطوري من حقبة 
فيتنام» جون ريبللي» والد أحد زملائي في معهد فرجينيا العسكري الذي كان بطل كتاب جسر 
دونغ ها. وكانت القاعدة تقع إلى الجنوب مباشرة من تارين كوت» عاصمة ولاية أوروزغان. 
قال العقيد كينيث ف. ماكنزيء الابن» قائد وحدة مشاة البحرية (القادرة على تنفيذ عمليات 
خاصة)» في إشارة إلى العقيد جون و. ريبللي» الذي تحمل قاعدة العمليات الأمامية الجديدة 
اسمه: "هو بطل بالنسبة إلى سلاح مشاة البحرية. إنه حارب حقيقي ورجل "PAE‏ ويقول 
ميلكس: "تحَيّى قاعدة العمليات الأمامية في أفغانستان, التابعة لوحدة مشاة البحرية-22 
(القادرة على تنفيذ عمليات (als‏ البطلّ البحري". ويدرج ماکنزي \ Iil A‏ ريبللٍ ضمر 
المجموعة الصغيرة من قادة البحرية الذين يَذكرهم تاريخ سلاح البحرية بكل فخر واعتزاز. 
الفصل الثامن 
ملاحظات al gl‏ رحلة الوزير غيتس إلى أفغانستان» 2007. 
ملاحظات المؤلف. الاجتماعات بين الوكالات قبل قمة ريغا وبعدهاء 2007. 
ملاحظات المؤلف» جلسة إحاطة بخصوص عدد أفراد قوة إيساف» 2007. 
ملاحظات المؤلف» اجتماع وزراء دفاع الناتو» مقر الناتوء 2007. 
ملاحظات المؤلف. مؤقر عبر الفيديو لوزير الدفاع الأمريكي» 2007. 
ملاحظات cual gli‏ لحنة نواب باكستان» 2008. 
ملاحظات المؤلف» اجتاع مجلس الأمن القومي» 2008. 


8. Ballard, John R., David W. Lamm, and John K. Wood. From Kabul to Baghdad 
and Back: The U.S. at War in Afghanistan and Iraq Annapolis MD: Naval In- 
stitute Press, 2012). 


ملاحظات المؤلف. اجتماع مجلس الأمن القومي» 2008 
الفصل التاسع 


1. Feickert, Andrew. Mine-Resistant, Ambush-Protected (MRAP) Vehicles: Background 
and Issues for Congress, Fort Belvoir VA: Defense Technical Information Center, 


2009, Fas.org. Congressional Research Service, January 18, 2011. 


513 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الفصل الثاني عشر 
Report on Progress towards Security and Stability in Afghanistan, 2012, p. 17.‏ 
2 ا مرجع السابق» ص 14 
A .3‏ جع نفسه» ص 58. 


4. اللواء روبرت دربين والنائب الأول لوزير الداخلية لشؤون الأمن - أفغانستان» موقر صحفى 
للواء روبرت دربين والوزير عبدا هادي خالد - البنتاجون» يناير 2007. 
Mora, “Only 2 of 180 Afghan Battalions Can Operate Independently of U.S.‏ 


Forces,” CNSNews.com, September 27, 2011. (http://cnsnews.com/news/article/ 


only-2-180-afghan-battalons-can-operate-independently-us-forces). 
الفصل الثالث عشر‎ 
Mazzetti and Schmitt, “Pakistanis Aided Attack in Kabul, U.S. Officials Say,” 


New York Tuimes, August 1, 2008. 


Mazzetti and Schmitt, “Bush Said to Give Orders Allowing Raids in Pakistan,” 
New York Times, September 10, 2008. 


New America Foundation, Drone Database, (http://natsec.newamerica.net/drones/ 


pajistan/analysis). 


الفصل الرابع عشر 


Naylor, “Program Has Afghans as First Line of Defense,” Army Times, July 20, 
2010, (http://www.armytimes.com/article/20100720/news/7200336/Program-has- 
Afghans-first-line-defense). 


2 المرجع السابق. 


Garamone, Jim “Karzai Approves Plan to Keep Taliban Out of Villages,” 


American Foreign Press Service, July 14, 2010. 


McRaven, “Testimony before House Armed Services Sub-Committee on 


Capabilities and Emerging Threats,” September 22, 2011, (http://armedservices. 


514 


اهوامش 


house.gov/index.cfm/201 1/9/the-future-of-u-s-special-operations-forces-ten- 


years-after-9-1 1-and-twenty-five-years-after-goldwater-nichols). 
الفصل الخامس عشر‎ 


1. Obama, Barack “Transcript: Obama’s Speech on Afghanistan War Withdrawal,” 
CNN, June 22, 2011. 


2. Savada, Andrea M., and William Shaw. South Korea: A Country Study 
(Washington DC: Government Printing Office for the Library of Congress, 1990). 


515 


المصادر والمراجع 


Afghanistan National Independent Peace and Reconciliation Commission, “40 Armed 
Taliban from Ghazni Province Along with Their Weapons Joined the 


Reconciliation Program,” Press release. May 2009. 
Aldinger, Charles “U.S. to Cut Troop Level in Afghanistan,” Reuters, December 20, 2005. 


Allen, John R., Michele Flournoy, and Michael O’Hanlon. Toward a Successful Outcome 
in Afghanistan, Washington DC: Center for New American Security, May 2013. 


Associated Press, “Commanding Generals of NATO-Led International Security Assistance 
Force in Afghanistan,” November 20, 2012. (http://www.foxnews.com/world/2012/ 


11/20/commanding-generals-nato-led-international-security-assistance-force-in/). 


Bajer, Justyna “Top Polish Officials Visit Troops in Ghazni Province,” Afghanistan 
International Security Assistance Force. Press release. N.D. (http://www.isaf. 
nato.int/article/isaf-releases/top-polish-officials-visit-troops-in-ghazni- 


province.html). 


Ballard, John R., David W. Lamm, and John K. Wood. From Kabul to Baghdad and Back: 
The U.S. at War in Afghanistan and Iraq (Annapolis MD: Naval Institute Press, 
2012). 


Barno, David W. “Fighting the Other War,” Military Review, September—October 2007. 


Baron, Kevin “Gates: ‘Congress Is Part of the Problem’ in State, USAID Shortfalls,” 
Stripes Blank RSS Test, Stripes Central, August 23, 2010. 


Belasco, Amy. Troop Levels in Afghan and Iraq Wars, FY2001-FY2012: Cost and Other 
Potential Issues. Report R40682, Washington DC: Congressional Research Service, 
July 2, 2009. 


Bergen, Peter “The Battle for Tora Bora: How Osama bin Laden Slipped from Our Grasp— 
The Definitive Account,” New Republic, December 22, 2009. (http://www. 
newrepublic.com/article/the-battle-tora-bora). 


——. Holy War, Inc.( New York: Free Press, 2001). 


517 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


Bergen, Peter, and Katherine Tiedemann “The Drone War,” New Republic, June 3, 2009. 


Brennan, John O. “The Ethics and Efficacy of the President’s Counterterrorism 
Strategy,” Remarks presented at the Woodrow Wilson International Center for 
Scholars, April 30, 2012. (http://www.wilsoncenter.org/event/the-efficacy-and- 


ethics-us-counterterrorism-strategy/). 


Cerami, Joseph R., and Jay W. Boggs, (eds.) The Interagency and Counterinsurgency 
Warfare: Stability, Security, Transition, and Reconstruction Roles. Carlisle PA: 


Strategic Studies Institute, U.S. Army War College, December 2007. 


Chandrasekaran, Rajiv. Little America: The War within the War for Afghanistan (New 
York: Knopf, 2012). 


Cheney, Dick. In My Time (New York: Threshold, 2011). 


Coll, Steve. Ghost Wars: The Secret History of the CIA, Afghanistan, and Bin Laden, from 
the Soviet Invasion to September 10, 2001 (New York: Penguin, 2004). 


Connable, Ben, and Martin C. Libicki. How Insurgencies End, Santa Monica CA: RAND 
Corporation, 2010. 


Dobbins, James F. After the Taliban: Nation-Building in Afghanistan (Washington DC: 
Potomac Books, 2008). 


Fair, Christine “Pakistani Power Play,” Foreign Policy, November 5, 2012. 


Feickert, Andrew. Mine-Resistant, Ambush-Protected (MRAP) Vehicles: Background and 
Issues for Congress, Fort Belvoir VA: Defense Technical Information Center, 2009, 


Fas.org. Congressional Research Service, January 18, 2011. 


Feith, Douglas J. War and Decision: Inside the Pentagon at the Dawn of the War on 
Terrorism (New York: Harper, 2008). 


Fishstein, Paul, and Andrew Wilder. Winning Hearts and Minds? Examining the 
Relationship between Aid and Security in Afghanistan, Boston: Feinstein In- 


ternational Center, 2011. 


Flynn, Michael T., Matt Pottinger, and Paul D. Batchelor. Fixing Intel: A Blueprint for 
Making Intelligence Relevant in Afghanistan, Washington DC: Center for New 
American Security, 2010. 


518 


المصادر والمراجع 


Franks, Tommy, with Malcolm McConnell, American Soldier (New York: Regan Books, 
2004). 


Gall, Carlotta “Cheney and Afghan Milestone,” New York Times, December 20, 2005. 
(http://www.nytimes.com/2005/12/20/international/asia/20afghan.html?_r=0). 


Galula, David. Counterinsurgency Warfare: Theory and Practice (Westport CT: Praeger 
Security International, 2006). 


Garamone, Jim “Karzai Approves Plan to Keep Taliban Out of Villages,” American 


Foreign Press Service, July 14, 2010. 


Grau, Lester W., and Michael A. Gress. The Soviet-Afghan War: How a Superpower 
Fought and Lost (Lawrence: University Press of Kansas, 2002). 


Green, Daniel R. The Valley’s Edge: A Year with the Pashtuns in the Heartland of the 
Taliban (Washington DC: Potomac Books, 2012). 


Hopkins, Nancy, ed. Afghanistan in 2012: A Survey of the Afghan People , Washington 
DC: Asia Foundation, 2012. 


International Crisis Group. Afghanistan: The Long, Hard Road to the 2014 Transition, Asia 
Report No. 236, October 8, 2012. 


“ISAF Fact Sheet,” ISAF Headquarters, NATO, 2006. 


Jalali, Ali Ahmad, and Lester W. Grau. The Other Side of the Mountain: Mujahideen 
Tactics in the Soviet-Afghan War, Quantico VA: U.S. Marine Corps, Studies and 
Analysis Division, 1999. 


Jones, Seth G. In the Graveyard of Empires: America’s War in Afghanistan (New York: 
Norton, 2009). 


Kaplan, Robert D. Soldiers of God: With Islamic Warriors in Afghanistan and Pakistan , 
New York: Vintage Departures, 2001. 


Lawrence, T. E. The Evolutions of a Revolt, Ft. Leavenworth KS: Combat Studies, Institute 
Studies Press, 1920. 


Luehrs, Christoff “Provincial Reconstruction Teams: A Literature Review,” Prism 1, no. 1 
(2009): 95-102. 


519 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


Mazzetti, Mark, and Eric Schmitt “Bush Said to Give Orders Allowing Raids in Pakistan,” 
New York Times, September 10, 2008. 


“Pakistanis Aided Attack in Kabul, U.S. Officials Say,” New York Times, August 1, 
2008. 


McRaven, William “Testimony before House Armed Services Sub-Committee on 
Capabilities and Emerging Threats,” September, 22, 2011. (http://armedservices. 
house.gov/index.cfm/201 1/9/the-future-of-u-s-special-operations-forces-ten-years- 


after-9-11-and-twenty-five-years-after-goldwater-nichols). 


Milks, Keith A. “22d MEU (SOC)’s FOB in Afghanistan Pays Homage to Marine Hero,” 
Official Website of the United States Marine Corps, May 10, 2004. 


Mora, Edwin “Only 2 of 180 Afghan Battalions Can Operate Independently of U.S. 
Forces,” CNSNews.com, September 27, 2011. (http://cnsnews.com/news/article/ 


only-2-180-afghan-battalions-can-operate-independently-us-forces). 
Naylor, Sean D. Not a Good Day to Die (New York: Penguin, 2005). 


“Program Has Afghans as First Line of Defense,’ Army Times, July 20, 2010. 
(http://www.armytimes.com/article/20100720/news/7200336/Program-has- 
Afghans-first-line-defense). 


Neumann, Ronald E. The Other War: Winning and Losing in Afghanistan (Washington DC: 
Potomac Books, 2009). 


Obama, Barack H. “Transcript: Obama’s Speech on Afghanistan War Withdrawal,” CNN, 
June 22, 2011. 


Phillips, Michael M. “U.S. Takes Over Flight in Helmand,” Wall Street Journal, September 
13, 2010. 


Program for Culture and Conflict Studies. Provincial Overview: Paktya Province. 


Monterey CA: Naval Postgraduate School, November 15, 2011. 


Radio Free Europe/Radio Liberty, “Afghanistan: A Chronology of Suicide Attacks Since 
2001,” January 17, 2006. (http://www.rferl.org/content/article/1064789. html). 


Rashid, Ahmed. Descent into Chaos: The United States and the Failure of Nation Building 
in Pakistan, Afghanistan, and Central Asia (New York: Viking, 2008). 


520 


المصادر والمراجع 


Report on Progress toward Security and Stability in Afghanistan: Report to Congress. 
Washington DC: Department of Defense, June 2008. 


“Rumsfeld Declares the End to Combat Operations in Afghanistan,” Fox News, May 1, 
2003. (http://www.foxnews.com/story/2003/05/01/rumsfeld-declares-major-combat 


-over-in-afghanistan/). 
Saum-Manning, Lisa “Comparing Past and Current Challenges to Afghan Local Defense,” 


Small Wars Journal, December 27, 2012. 


Savada, Andrea M., and William Shaw. South Korea: A Country Study (Washington DC: 
Government Printing Office for the Library of Congress, 1990). 


Shreckengast, Seth A. “The Only Game in Town: Assessing the Effectiveness of Village 
Stability Operations and the Afghan Local Police,” Small Wars Journal, March 27, 
2012. 


Tanner, Stephen. Afghanistan: A Military History from Alexander the Great to the War 
against the Taliban (Philadelphia: Da Capo, 2009). 


Tariq, Mohammed Osman. The Tribal Security System (Arbakai) in Southeast Afghanistan. 


Crisis States Research Centre Occasional Paper No. 7, December 2008. 


Tyson, Ann S. “Afghan Supply Chain a Weak Point,” Afghanistan Mission to the UN in 
New York, March 6, 2009. 


United Nations, General Assembly, Security Council (SC). The Situation in Afghanistan 
and Its Implications for Peace and Security, Report A/61/326-S/2006/727, 
September 11, 2006. 


United Nations, Office of Drug Control (UNODC), “World Drug Report, 2005.” 


USAID/Afghanistan “Performance Monitoring Plan,’ December 16, 2012. (http:// 


afghanistan.usaid.gov/en/about/performance_monitoring). 


“USAID Fact Sheet,’ Washington DC: U.S. Agency for International Development, 
January 27, 2006. (http://2001-2009.state.gov/p/sca/rls/fs/2006/60029.htm). 


U.S. Embassy in France “U.S. Bronze Star Medal of Valor Posthumously Awarded to 
French Navy Commando Loic Le Page Recognizing Heroic Combat Action in 


Maruf Valley, Afghanistan,” Press release, November 22, 2006. 


521 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


Vanden Brook, Tom “JED Attacks Keep Rising, U.S. adjusting,” USA Today, September 7, 
2006. (http://usatoday30.usatoday.com/news/world/iraq/2006-09-07-ied-us_x.htm). 


Wyler, Liana Sun, and Kenneth Katzman. Afghanistan: U.S. Rule of Law and Justice Sector 
Assistance. Report R41484, Washington DC: Congressional Research Service, 
November 9, 2010. 


522 


أسد الله (نقيب)» 2210 6211 6212 6213 214 

إسرائيل» 97 

أسطول حوامات» 67 

أسعد (قائد فريق الشؤون المدنية التابع لدولة 
الإمارات العربية المتحدة)ء 6144 6145 6156 
160.158« 161« 163» 165« 167« 168« 
9 170« 171 

الإسكندر المقدوني» 103 

الأسلاف الصليبيون» 97 

أسلحة الدمار الشامل» 267 77 

505 .456 6302 224 cary gill الأسلحة‎ 

أسلحة بيولوجية» 77 

إسماعيل خان» 64 66 

آسيا الو سطی» 6175 2291 462 

آسياء 280« 281« 2291 6311 502 506 

أشجار المانجروف» 186 

أصحاب القبعات 221 6 87 688 89ء 6118 
9 196« 417« 491 

أصواف باتاغونياء 28 

إعادة إعمار الولايات» 66 692 93. 295 6134 
144« 146« 6147 6148 6149 150« 6151 
153« 155« 6156 6157 158« 159« 162« 
1 179 238. 242( 245 350 400« 
3 470« 472 

أفريدي» 6163 165« 6166 168( 6169 6170 171 

أفضلي (نائب قائد وحدة الشرطة الوطنية 
الأفغانية )» 21« 23 232 39 


523 


الفهارس 


i 

أبوظبي» 62 91 6179 181 

الاتحاد السوفيتي» 136( 226 

أتشين (مديرية)» 65 6139 6140 6145 6155 6156 
7 158« 6159 6161 163« 165« 168« 
9 170« 306 330 

أجهزة الاتصالات اللاسلكية جو-أرض» 228 

أجهزة الاستخبارات الأمريكية» 77 

أجهزة التشويش» 6141 229, 289. 408 

الاحتلال السوفيتي» 661 63. 140 367 

أحداث 11 سبتمبر» 47 686 87 392 

إدارة مكافحة المخدرات» 659 668 69 671 6175 
176 

إدارة مكتب وزير دفاع» 59 

الإذاعة الأفغانية المحلية» 69 

الأراضي الفلسطينية» 65 

الأردنء 93 

الأرشيف الوطني» 77 

أريس (القوة الخاصة الفرنسية)» 2207 6218 231 

إريك إدلمان (وكيل الوزارة لشؤون السياسات)» 


291 
أسامة بن لادن» 612 614077 6305 342( 506 


إسبانياء 81 286 
الاستخبارات الأمريكية» 117 
الاستخبارات الباكستانية» 224 268 
LSI pal‏ 249 

إستونياء 288 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


«492 «489 «488 «486 «482 .481 479 8 
«503 «502 «501 «500 «499 .498 .497 «493 
513 «512 «511 «508 «507 «506 «505 4 

أفلام هولیوود» 161 

الأفيون» 658 659 667 270 6160 175 

الاقتصاد الأفغاني» 12 

الاقتصاد الناشى» 58 

الأقيار الصناعية, 636 37 39« 640 642 47 6144 
4 200. 228 

ألاباماء 119 181 

ألامو (معركة دامية من معارك حرب الاستقلال 
بين جيشي تكساس والمكسيك)» 201 443 

آلان (قائد القوة الفرنسية)» 6207 6209 6213 


230 
ألمانيا» 14« 32« 79« 685 111« 286« 509 


أليشيا كريستنسن» 17 

أمراء الحرب» 62 c63‏ 664 65 677 98 162» 
7 473 

الأمم المتحدة» 6140 6175 314 

الأمن القومي الأمريكي, 234 

آندرسون» 17 

أندريه هوليس» 658 67 

أوروياء 10« 99 6139 6175 2229 2233 6286 
7 307 315« 324« 403. 500 

أوزبكستان. 657 63 

الأيديولوجيا الشيوعية؛ 614 6310 506 

إيران» 614 93. 6175 6183 6184 185 269« 
281« 461« 490« 503 

إيريك (رقيب أول)» 115« 6121 6129 131» 132 


524 


624 17 615 614 613 612 211 610.9 ol أفغانستان»‎ 


«44 42 39 637 36 633 31 230 628 6 

«61 660 58 657 655 654 53 152 648 «45 

«72 671 «70 «69 «68 «67 <66 665 63 2 

4 ذل 676 677 678 679 680 681 682 83« 

699 <98 <97 93 .92 91 «89 «88 «87 5 
«112.108.107.105 ¿103 «102 «101 .100 
6137 6136 6135 6134 6119 61186116 <115 
6149 6148 6147 6146 6145 6141 «140.139 
«160.157 6155 6154 6153 6152 6151 «150 
6179 6177 6175 6173 «171 165 164 1 
«200 6199 6198 «186 184 182 .181 «180 
6218 (217 6212 6211 «207 «205 «202 1 
+230 (229 (227 6226 «225 «224 2223 2 
«240 (238 236 6235 234 2233 232 1 
«269 (268 2263 2261 2256 «255 242 1 
«281 (280 6279 (278 277 4+ 0 
«290 (289 2288 (287 2286 «285 284 2 
«301 300 6298 ,297 294 ,293 292 1 
6311 6310 309 308 «307 «306 304 2 
6320 6319 318 317 6316 314313 2 
2333 0331 0326 «325 324 (323 «322 1 
6347 346 345 343 342 341 336 4 
6367 (362 359 357 «355 354 353 0 
«386 (384 376 0375 «372 371 369 38 
«424 «420 .416 «413 «404 .402 393 2 
6443 «441 .438 429 .428 .427 426 5 
«466 «465 «461 «460 .456 «455 454 3 
«477 (476 «475 (474 4413 471 470 9 


الفهارس 


17 براين دافي»‎ 119 th pl 
230 629 ¢28 627 623 «21 617613 آیزنہاور» 9 296, 506 براين وودزء‎ 
«129 «126 6120 655 54 34 321 286 «79 إيطالياء‎ 
«190 «189 «188 «187 «185 «131 «130 77 أيمن الظواهري»‎ 
«337 «270 2261 2258 2253 252 4 G 
377 
82 las باراك أوياماء 11 614 312 319 6325 6376 براين‎ 
262 (260 122 6119 28 براين»‎ 506 «502 «501 «497 .495 6 
508 البرلمان الأفغاني» 82ء‎ 229 «228 «209 «yu sb 
283 «251 المولندي»‎ OU 64 توا‎ ole LAL 
2806233 باكستان, 6 12« 13 23.14 38 45 52 65 22 بروكسل»‎ 
برونسوم (مقر قيادة الجنرال من بقايا الحرب‎ «139 6135 103 (99 «86 82 97 


140« 160 6165 167« 6175 182« 183« الباردة)» 280 


4 207 217« 221 223 224 225 بريداتور (طائرة من دون طيار»» 37 49) 77 


131« 196« 362. 420« 433« 457 
بريطانياء 133» 179» 233 

بسم الله خان (رئيس أركان الجيش الأفغاني)» 211 
البشتون» 26« 80 86 88› 91 117» 6136 £140 


6277 6270 2258 «247 2235 230 06 
6304 «302 .301 «298 ,2291 «281 «279 
6325 6318 6317 6316 6313 6312 «305 


6393 6384 6379 6378 63716359 «341 
«469 «448 .268 «250 211 «174 0 


4 475 477« 480 
البصمة الخفيفة» 62 64 65 
بقعة ctl‏ 41 2242 2275 282( 284 


«444 .443 .442 .441 (418 .410 4 
«460 «459 .458 «457 1456 .449 .446 
6479 478 .469 .466 .465 .462 .461 
6499 .498 .497 .489 .485 .482 .480 


بلدة سانجين» 6178 6184 6186 6193 6196 6197 
0 501« 504. 506« 508. 513 


باكول» 114 بلدة a‏ بولداك»› 205« ¢206 207« 218( 6220 
بالوتشي» 275 1 2222 223. 227 

بانتز كرادوك )458 قوات حلف الناتو)» 290 بلدة معروف» 64 65. 206( 216« 458 

بانيشرء 185» 187» 2258 262 بن فريكل» 279 

البحرين» 93 البنتاجون» 5 9 617 34 645 58) 60 01 74 676 
براين (المسعف)» 27 82 164 81 87) 92. 99. 116« 130« 6148 6154 175« 


525 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


التحالف والحكومة الأفغانية» 51> 62 

تركياء 81« 286 

تريب (رقيب أول أسلحة مفرزة العمليات)» 
6 266« 267« 271 

التسامح الديني» 97 

تشريعات إصلاحية» 152 

تشوراء 242« 244, 2248 2249 250 6251 6252 
255« 256« 260. 2266 2275 282« 335 

التطرف الأيديولوجيء 14 

التغيير البيروقراطي» 233 

تکساس» 201« 2206 443 

تل المقبرة» 256. 262« 269 

تنظيم القاعدة» c11‏ 614 63» 668 677 95 697 98( 
99. 115« 140« 168« 6173 6177 178 6180 
185« 195« 6197 198« 199« 200« 201« 207« 
2 214213 215 216( 218 224 234« 
5 247 2264 271 272 214 279( 289« 
2 303 305) 316 318« 333( 6342 348« 
4 365 366. 376« 396« 398« 400« 412« 
4 4123 431. 443 444. 445« 446« 448« 
9 456. 457« 459. 460« 462« 483« 484« 
5 502.497« 504« 506« 508« 513 

تود» 139» 140› 6144 6163 359) 363. 364› 
8 430« 438 

تورا بوراء 140.6117 163» 165 

تورخام (معبر)» 6157 160 

تومي فرانکس» 62 

توني (رقيب أول ومحارب قدیم)» 228 630 31 
32« 387« 397 


«277 2233 «232 «227 218 203 «202 4 
«294 «290 (287 2285 2284 282 281 8 
«344 308 .303 «302 )301 2299 296 5 
«471 462 «427 «426 «424 417 402 9 
514 .499 «497 4 

بنك التنمية الآسيوي» 157 

البنك الدولي» 153 157 

البوسنة» 10 80« 6229 6287 314 500 

بولندا» 286 

البيت الأبيض» 65 613 615 616 634-617 41 649 
58« 65« 150 6154 155« 2203 2233 277« 
8 294« 295 296. 297« 298 299« 
300« 301 304« 305« 306« 308« 316« 
324« 334« 342« 359« 0392 393 402« 
417« 425« 456. 457« 458« 459« 466« 
1 474« 492« 494« 497« 498« 499 


بیتر بیرجن» 1» 17612 

بیتسبیرغ ستیلرز» 215 

بيروت» 91 

بیشاور» 104 

بيشوه (كولونيل)» 173» 6174 178 
البيلاو الكابلٍ» 164 


بيل كاهيل» 17 






E an 
2241 2239 2235 6100 95 690 80 تارين كوت»‎ 
«251 250 «249 248 «247 244 2 
513 2282 +275 «272 «260 5 
205 تاكوماء‎ 
246 التايلينول»‎ 


526 


الفهارس 


جلسة الشورى» 166» 481 

الجماعات الإجرامية» 72 

97 الإخوان المسلمين»‎ dele 

جمعة أحمد البواردي الفلاسي» 88 

107 الأحمر»‎ JUI dae 

جمهورية أفغانستان الإسلامية» 60 

الجمهورية الفرنسية» 231 

جنوب آسياء 9 41 642 697 6142 2220 6234 
4 295, 297, 299« 301« 306« 311« 
6 508 

جنوب أفغانستان» 686 88 6160 ¢180 6236 
286« 300« 306« 353« 480 

الجنود الإماراتيون» 91 

الجنود اللأمريكيون, 612 648 663 270 6116 183» 
8 278 288. 4289 301« 315« 348« 
9 366« 381« 388« 453« 467« 497 

جنود الجيش الوطني الأفغاني» 26« 78ء 6130 
4 341 

الجنود الفرنسيون» 230 

الجهاد المعوي» 167 

جهاز MK19‏ الأوتوماتيكي» 120 

جهاز اتصالات الأقار الصناعية» 228 

جهاز الاستخبارات الأمريكي» 134 

جهاز الأمن القومي» 62 

جهاز المخابرات الباكستانية» 224 

جهاز تعقب القوة الزرقاء» 214 

جو بلادي» 17 

جوانتانامو» 260 


توني بلير» 286 

تويوتاء 106» 139 6188 205 

تيم جونز» 286 

تيئيسي» 198 

E 

جاب دي هوب «at‏ 286 

جاكرتاء 91 

جاكسونفيل» 17 

جامعة برينستون. 281 

جامعة جورج تاون» 65 393 

جامعة خوست» 93 

جامعة کابول» 99 

جامعة ييل» 65 

6235 »183 6160 6150 .90 محمد خان»‎ Ole 
275 «274 «247 2 

جبهة الوطن» 17 

جرانت (قائد فريق مفرزة العمليات (UÍ‏ 224 
3 35 38 639 45 646 647 48« 49« 50« 
4 6378 6379 384« 388( 6389 6390 
4 395 396 400« 403 

6129 6127 6126 6125 6122 .120 9 celal = 
6187 6181 6170 6168 «167 «131 «130 


6197 (194 «192 191 6190 (189 8 
198 

الجزائر» 231 

الجزيرة العربية» 92 

2142 6140 6139 6136 »135 6117 coll جلال‎ 
«164 «163 6158 (156 6146 «145 4 


454 «171 «168 5 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


6288 2285 2275 256 2250 «249 .238 
6350 (336 329 (328 307 «301 «291 
«404 .403 3776370 369 367 9 
6426 «425 (424 .423 411 409 5 
504 (503 491 «438 .429 «428 7 

جيم (بروفيسور في جامعة برينستون)» 6280 
81 299, 6305 311 

جيم شين (معاون وزير الدفاع لشؤون آسيا)» 
0 21 299« 4306 311 


جيمس جونز» 679 2306 471 





حامد كرزاي» 211 614 41 42 643 44 45 49 
9 60< 61< 65« 66« 70« 86« 90« 104« 
150« 151« 160« 6165 6175 183« 223« 
256« 275« 299 307« 308« 320« 6321 
2 323« 367 438„ 470« 475« 491« 

492« 498« 503« 504 
الحدود الأفغانية» 613 671 6206 325» 6358 6371 
444. 446. 452« 455 

الحدود الإيرانية» 679 236 

الحدود الباكستانية» 657 6223 339 2340 346« 
9 368 413« 464« 466« 480« 485« 504 

الحرب الأفغانية» 9 10» 66» 117» 426 

حرب الأفكار» 5» 41» 85» 86» 97 

الحرب الباردة» 234« 257» 280» 287. 500 

الحرب العالمية الثانية» 614.10 85( 2286 6296 
0 509 


الجيوش الأوروبية» 500 





260 259 YY حاجى‎ 


جورج بوش الابن» 41 42 43 644 45 665 
07 203, 2286 6287 294« 298« 
1 304. 6309 6310 6313 6315 6319 
4 392« 456« 459« 474 499 

جوردو (مساعد طبي)» 6181 6187 ¢190 6191 
2 194« 196 

جوش (ضابط)» 181 6183 6184 185 

جول آغا شيرزايء 66. 6144 160 

جولدووتر-نیکولز» 152 

جون أبي زيد. 70 

جون بولتون (رئيس الأركان CS pW‏ 41 

جون هانه» 17 

جون وود» 42 297 

جيزاب» 6257 259 

جيسون (قائد فريق مفرزة العمليات (U‏ 226 
5 36 37« 38 360) 409« 411« 412« 
1 423« 433 

الجيش الأمريكي» 11» 643 685 87) 6113 6119 
0 237. 288. 325 350 

الجيش الباكستاني» 82 224« 225 268( 6313 
316 317« 441« 450« 457« 460« 461« 
466« 486« 501« 508 

الجيش البريطاني» 199 

الجيش الكولومبي» 60» 475 

الجيش الوطني الأفغاني» 44» 653 61) 663 66( 73» 
9 86« 90. 96. 101« 113« 118« 6126 
130.127 135« 198« 199« 200« 205« 
206« 207. 209« 210« 211« 212« 213« 
214« 215« 216« 230( 235« 236« 237« 


الفهارس 


«396 395 0394 .393 «382 381 8 
«441 «405 «404 «402 «401 «400 8 
«450 «449 «448 «447 .446 .444 3 
«460 «458 «457 456 «455 «453 «452 
«475 «470 «466 «464 «463 «462 «461 
«493 «492 «491 «490 .489 .482 8 
«502 «501 «500 «499 «498 «497 «494 

3 504. 506« 507. 508 
الحزب الإسلامي الأفغاني» 665 103» 105» 6110 
11 116« 126« 130« 132« 136 

الحزب الجمهوري» 42 

حسين (قائد الفصيل الإماراتي)ء 6108 6113 
120.119« 126 

حقاني» 6136 336( 341 344« 345« 346« 6359 
361« 363 364 365 367« 368« 372« 
373« 407. 410« 411« 412« 417« 418« 
9 421 431 1433 1434 435« 436« 
7 438« 466« 470« 472« 473« 480« 
481. 482« 483« 486« 487« 501 

حقول الخشخاش» 6174 6177 227 

الحكم الرشيد» 203 

الحكومة الأفغانية» 652 253 662 6145 6150 6152 
2 209 232« 241« 248« 256« 275« 
7 312« 313« 323« 343 402« 403« 

489 «471 «427 «421 «418 0 

الحكومة الأمريكية» 60» 68. 73» 135» 6175 
7 231 234« 281« 285( 304« 403« 
499. 503 

الحكومة ال هولندية» 241 322 


529 


الحرب العالمية ضد الإرهاب» 67 231 

حرب العراق» 93 97 

حرب النجوم» 215« 296 

87 غير التقليدية»‎ AI 

الحرب غير النظامية» 87( 148 

الحرب في الجزائر» 231 

الحرب في العراق» 89 

حرب فيتنام» 114« 147 218 282 

حركة طالبان» 5 e11‏ 13 14 221 222 23 224 
6 28 30 33 34 35 37 039 40 43 
4 45< 46 47« 48« 50 51 52 53 355 
7 59 60« 61« 62« 63« 65« 66« 68« 69« 
1 4 76 77 80« 82« 86« 87« 88« 90« 
91 92. 94 95 96. 97« 98« 99« 100« 
01 102« 109 112« 115 118117« 
5 6136 141 142 150« 154« 157« 
9 160« 166« 167« 170« 171« 173« 
6 177 179 180 182« 183« 184« 
185« 186« 6187 188 189« 192« 195« 
6 199« 202« 203« 205« 206« 207« 
209« 211« 212« 213« 215 217« 218( 
0 221 2222 223 224« 225« 228« 
9 230 235« 240« 242« 247( 248« 
9 250« 252« 253 254« 255« 256« 
7 258 259 262« 2263 264« 265( 
6 2267 268« 269« 270« 271« 273( 
4 275« 279« 281« 283 292 293( 
8 309 316 326« 329« 335« 336( 
338« 339« 340( 341« 351« 353« 355( 
6 367 368 369« 371 376 377( 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الدستور الأفغاني» 64 

الدعم الجوي» 33) 45ء 6129 6131 195( 196 

الدعم الشعبي الأوروبي» 70 

ده بالا (مدينة أفغانية)» 166 

دهراود» 241« 2242 244 2245 2247 2249 252 

165 lak. 

دوغلاس فيث» 63 

دوغلاس لوت» 41 645 6150 297 298 306« 
7 311« 313« 314 315« 6316 317« 
8 456 

دول الخلیج» 52 

الدول العربية المسلمةء 93 

الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش)» 505 

دولة الإمارات العربية المتحدة» 22 618 88, 90 692 
3 133« 134: 6140 6144 145« 160« 161« 
162« 165 168+ 2235 2236 2238 240« 244« 
245« 246. 2248 2251 252 253( 6254 257« 
5 266. 275: 330. 333 

الدولة القائدة» ]6< 62. 64ء 70ء 73ء 279 83 

دونالد رامسفيلد, 663 270 74) ¢76 681 682 
8 184« 203« 278« 367 

دي تشوبان» 98 

ديري كوين» 261 

ديفيد (مدير العمليات الخاصة لقوات التحالف)» 
2 207« 285. 308 

ديفيد بارنو» 662 65» 66 274 276 278 285 

ديفيد بترايوس (قائد القوات الأمريكية في 
العراق)» 291 292 2311 491 

ديفيد رودريغيز (قائد القيادة الإقليمية)» 290 


حلف شمال الأطلسي (الناتو)» 610 11» 61713 
6 78 79 80« 81 82 6153 6173 6179 
2 184 201« 212« 2218 6228 6232 
233« 234« 236 6251 6277 278« 280« 
281« ¢284 285 6286 2287 288« 289« 
0 291 292« 293« 300« 306« 307« 
8 312 314 324« 426« 427« 461« 
499« 500« 512« 513 


حمد (رقيب إماراتي)» 6133 253» 266» 273 






o 
73 الخدمات اللوجستية»‎ 


خزائن الحكومة المركزيةء 152 

الخطوط الأمامية» 54 

الخطوط الخلفية» 54 

الخلافات الطائفية والعرقية» 77 

خلايا المتمردين» 53 

خوست» 6 6149 335) 336« 0337 6341 6343 
5 346 348 357 358 361« 368« 372« 
7 407 408 421 429 434. 435 436« 


509 «487 «483 «480 «466 «465 7 





دار بوتوماك للكتب» 17 

الداري (لغة تستخدم في أفغانستان)» 685 165 

دان فاتا (مساعد الوزير المسؤول عن شؤون 
الناتو)» 291 

دان ماك-نيل» 62. 289 290 

الدانمارك» 286 

505 »185 6173 «162.92 91 «ys 

الدرع الواقية» 114 


530 


الفهارس 


ريبل» 235« 238 239« 245« 250« 253 259( 265 
ريتشارد تشيني» 9 

زابل (ولاية أفغانية)» 93. 98 211 

زلماي خليل coal)‏ 62) 65» 66 74« 76 

زيكي» 36› 38) 387 390« 391 395 





سامانثا رافيتش» 17 

سامي (مترجم)» 6109 110» 6117 2121 122» 
123« 126« 6127 128( ¢129 131« 132 

سايبروء 167 

سبارتاکكوس» 2258 259( 2260 2268 270« 273 

ستانلي ماكريستال» 33 40 41 45 648 183 

ستيفن هادلي (مستشار الأمن القومي الأمريكي)» 
41 298« 310« 312« 318« 458 

سجن أبو غريب» 97 

سجن غوانتانامو الأمريكي. 97 

سد كاجاكي» 6173 186.180 6194 252 

سراييفو. 80 

سرية المشاة ا مولندية» 238 

سرية النخبة الإماراتية لمكافحة الإرهاب» 133 

سرية برافو» 57 6187 6248 255 2256 6265 
6 342 377. 414. 419 

سكوت (ضابط Colles‏ 6196 200 

سلاح الآر بي جي» 6108 4122 123 

سلاح البحريةء 6148 513 

سلاح الحو الأمريكي» 97 260« 264 

السلطة الأفغانية المحليةء 149 


00 0 ow 


ديفيد ريتشارد» 6233 284 

ديفيد سيدني (نائب مساعد وزير الدفاع)» 498 

ديفيس )3513( 6156 157» 6158 6163 171 

ديك تشيني (نائب الرئيس الأمريكي)» 041 £60 
4 300 301« 303 304« 305« 310« 320« 
321 322 323 334. 342 497« 504 

ديلانور (قرية أفغانية), 694 95. 96 

i‏ ال 

ذا فورتي يبر أولد فيرجن» 120 

6169 6160 91 .89 c1 e atl ذوو القبعات‎ 
493 «464 «367 «254 2247 5 

راشد (لقبه سبارتاكوس»» انظر: سبارتاكوس 

راوود» 282 

الرسوم الجمركية» 6152 160( 222 

رشاش PKM‏ روسي الصنع» 119 

رشاش البي كي سي» 219 

رشاش جاتلينج» 257 

رشاش دوشكاء 187« 188» 6195 215 

روبرت تشارلز» 68 69 

روبرت غيتس (وزير الدفاع (Se‏ 45 
7 232 2278 279 287( 288( 289« 
290. 293. 294 306. 6309 6314 6315 
319« 346« 502« 513 

روبرت كون (قائد القيادة الأمنية الانتقالية)» 
0 429 


روبن ‘c=‏ 254 
روسياء 461 503 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 





السلطة الهولنديةء 239 شينواري» 140« 161« 165« 6168 6169 170 
سلوفاكياء 288 شيوخ أندار» 47 50 
Lid glo‏ 288 
سهل شومالي» 103 
j‏ صاروخ كروزء 92 
سوبربان» 142 
صدام حسین» TT‏ 
السوق السوداءء» 213 8 
f pelaga‏ الصليب الأحمرء 107 
سومر (رقيب (Jal‏ 116 6117 6118 6119 6121 
j‏ صناديق التنمية» 153 
122« 123« 6127 6128 6129 6130 6131 
«Ske pall‏ 233 
132« 6133 6134 135« 6136 328( 329 الصين» 139 


سينار ناوا (وادي)» 98 










ضباط الأركان المشتركة» 78 
الضباط الفرنسيون» 227 


ضباط شؤون مدنية» 148 


شامان (مدينة باكستانية)» 207« 222 

الشرطة الأفغانية» 21« 23« 29 30» 39( 46ء 48, 
9 61« 73 74 75« 82« 102« 109 120« 
7 218« 220 294 314« 0348 387« 











71 426 437. 477 492. 494« 500« طائرات أباتشي» 257( 265 

3 504 507 طريق الحرير» 6103 139 
الشرطة القضائية الأمريكية» 152 الطريق الدائري» 53« 66. 180» 200« 309« 377 
الشرطة المحلية الطاجيكية» 494 
ried ab „ó‏ 248 ظاهر شاه 60 
الشرق اللأوسطء 9 642 62 93. 2220 6277 

279« 280. 284. 294« 304 
شنداند» 42 عبدالرازق (مساعد مسؤول قندهار)» 6205 6222 
شون (رقيب اتصالات)» 6181 6186 6187 188« 3 230 

9 190« 191« 192« 194« 197« 198 عبدالرحيم ورداك (وزير الدفاع الأفغاني)ء 2209 
الشؤون المدنية» 50» 95. 6140 144» 6145 146› 1 424 

8 159« 244( 246« 351« 488 عبدالرشيد دوستم» 64 
شير محمد أخونزاده» 6175 182( 235 عبدالله ale‏ 82 


532 


الفهارس 


فرانکس» 70 

الفرق المدرعة السوفيتية» 103 

فرقة المشاة 25 الأمريكية» 235 

فرقة طائر الفينيق» 2237 238 

فرنساء 218« 2227 229( 231 286 

فريق الكريكيت الأفغاني» 45 

فصائل فلاح» 180« 185« 186 187 189 194 
فلّوجة أفغانستان, 199 

فلوريداء 17( 417 

فهيم )28( 6108 £109 120 

فورت براغ» 55» 57 

فورد رینجر» 294 329 

فيالق الرومان» 258 

فيتنام» 147 6153 292« 375« 403 4477 513 
فيلق المارينز» 79 


+ 


3 

قاذفة القنابل الأوتوماتيكية 19-IL‏ 93 

قاري باريال» 110« 113» 135 

قاعدة العمليات المتقدّمة روبنسون, 6196 6198 
0 201 

قاعدة باجرام» 39 47: 50» 275 2103 105« 107» 
10 77 135 140( 144« 
158« 170« 71 198¿ 205« 207« 227« 
8 237« 238. 248 260« 261« 263« 
9 320« 360« 362 365« 368« 370« 
378« 383« 398) 4400 401« 407« 415« 
6 417« 418« 435« 437 

القاهرة» 91 


533 


عبيد الله» 225 

53 250 49 48 .47 «lee 

العراق» 610 613 654 58« 63 665 674 676 677 
8 79 83« 90 97 699 6102 112« 135« 
141« 147« 6148 6152 183« 184« 203« 
1 2233 242« 269 2277 278« 279« 
281 287. 2290 291, 292« 293« 294« 
8 300 6301 0308 6311 315« 6318 
4 347 382« 392( 415« 416« 426« 
461.456. 497. 499« 500 

عمر dil‏ صالح (رئيس جهاز الاستخبارات 
السابق)ء 503 

عملية التاج الثلاثي» 135 

عملية الحرية الدائمةء 57 279 2236 281 

(251 2250 249 1248 .235 Sod pw عملية‎ 
283 «282 275 2274 2270 2259 6 

عملية ريفردانس» 176 

عملية طروادة» 282 

d 

غارسيا (قائد سرية القوات الخاصة)» 239 6240 
2 244« 248 

غرفة عمليات البيت الأبيض»ء 13 

الغزو السوفيتي» 81 

غول آغا شيرزاي» 6160 6161 162( 168 6171 
222« 223 

غيرنسي (معسكر)» 27 

ف 


فرانك» 6131 132» 119 


المحارب الدبلوماسي: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


القيادة المركزية الأمريكية» 62 
قيصر الحرب» 41 150« 297« 298 





0 


= 


کابول» 39 49 51« 73 676 678 679 281 85« £98 
103« 116« 6119 6120 130+ 6135 139« 142« 
145« 146« 147« 149 6151 6155 6156 6157 
162« 173+ ¢174 ¢220 2230 237 250« 251« 
8 2275 280« 307. 308 2309 341« 351« 
8 370 372 401. 425 434« 437« 438« 
459« 470« 503« 505 

كابيسا (ولاية أفغانية)» 103« 104. 109 

كارل إیکنبیري» 11 678 82 6118 184» 309› 
7 512 

كارولينا الشمالية» 655 57 

كال ريبكن» 45 

كرديز (مدينة)» 146 

كريس» 198 

101 IGAS 

كوبراء 270 

كوراء 6107 6108 ¢109 110 113» 6114 6115 


6328 6135 6134 6128 6127 «120 6119 


329 
509 6506 612 الجنوبية»‎ Ly 9S 


كوريا الشمالية» 281 

كوسوفوء 287« 300 

كولن باول» 74 

كولومبياء 60« 68« £69 71« 240« 475 

الکونجرس» 58« 59 666 6147 6151 6152 203 
318( 424. 426« 428« 505« 507« 508 


s5 





534 


قائد القوات الأمريكية» 11 662 6118 6291 367 

قائد قيادة العمليات الخاصة الإماراتية» 88 

القبائل الأفغانية» 14» 65» 230« 241 476 

قبائل الهزارة» 214 

قبيلة أشاكزاي, 2222 223 

قبيلة الشينواري البشتونية» 116» 117 165 

قبيلة أندار» 222 23ء 28 246 247 248 53« 377 

قبيلة باراكزاي» 160 242 

قبيلة بوبالزاي» 90 242 284, 285 

قبيلة نورزاي» 90. 94. 160« 217« 6222 6223 
4 259« 274« 285 

قلب الدين حكمتيار» 665 6103 341« 6378 401 

قلعة موسى» 65 6173 6177 179 6185 6186 
194« 195« 196« 201 202 320« 333 

قناة الجزيرة» 69» 357 

قندهار (ولاية أفغانية)» 610 657 666 69. £80 
5 86« 95< 96 101 160« 181« 183« 
199« 200 201« 207 209« 210« 220« 
221. 222« 223. 228( 238. 239 245« 
0 260« 263« 271« 272« 293« 308« 
2 382« 397« 489« 503 

القوة الدولية للمساعدة الأمنية (إيساف)» 633 
0 48 66. 079 82« ¢88 6150 212« 233« 
7 238 278 280( 283. 284( 286« 
8 2289 290« 291 293« 306« 307« 
8 309« 6313 6315 353( 369. 380« 
2 404« 410« 437« 491« 513 

قوة المهام المشتركة )180( 62 

القيادة البريطانية» 202 


الفهارس 


مجلس الأمن القومي» Al‏ 659 2233 279( 296 
7 2298 299 311« 312 6315 319 513 

مجلس التعاون لدول الخليج العربية» 93 

مجلسا النواب والشيوخ» 61 

المحارب الدبلوماسي» 12 

المحاربون الأفغان, 199 

محاكاة الغرق (طريقة (Code‏ 259 

محطة سي إن إن» 50 

محمد (مترجم «(sail‏ 85« 290 95. 96. 99( £101 
5 136« 161« 163« 164« 165« 490 

محمد إحسان ضياء (وزير التعمير السابق)» 503 

محمد بن زايد آل coke‏ 179 

محمد داود (نائب وزير الداخلية)» 6173 177» 
9 202 333« 503 

محمد عثاني» 47 

المدارس الدينية» 6136 274 

مدرید» 502 

مديرية أندار. 623.22 28 

مديرية تشارتشينوء 271 

مديرية جيزاب» 2252 253 

مديرية رودات» 163 

مديرية نيش» 94 

مركبات الحامفي» 24 228 32 91 93 94« 133 
141 142 6144 6157 159« 6180 200« 213« 
4 215« 217 6248 254« 6258 329 344« 
7 348 349 353( 0354 411« 433 

مركبات بانهارد المدرعة الفرنسية» 94 6133 
0 190« 266« 333 


مركبات بوشماستر» 264 


كوندوليزا رايس» 74 82 310 6314 317 477 
كويتاء 6225 316« 6317 393 


17 hs 


لانتشتول» 32 

لشكركاه؛ 6179 180 

لندن» 502 

اللويا جيرغاء 60 

لويس لو باج pare)‏ كوماندوز (gid‏ 217 

الليثيوم» 508 

م 

13 بوتشينوء‎ gals 

مادیسون» 198 

مارك 93 246« 247 249( 251 254« 256( 
7 62 263« 2266 269+ 0297 413« 
4 421 4430 431« 432« 456« 459 

ماري بيث لونغ» 658 667 284( 294( 306 

65 17 شتریمکي»‎ pyle 

ماکاروف» 268 

ماكس المجنون (فيلم)» 264 

2196 (195 6191 6184 6129 658 ›39 «ble 
«300 «294 +280 273 253 «210.200 
487 «436 «421 «374 367 9 

مايكل ج. والتز» 1» 109 e11‏ 12 450 

مجالس الشورى» 615 664 £90 6100 101( 470« 
472« 488« 489« 490 

المجتمع الدولي» 72« ¢73 102» 6109 6145 155» 
424« 426« 476« 505 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتل القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


الملك أمان الله 165 

المملكة المتحدة» 61» 70 

منجور» 221 222 224 25 227 628 32( 34) 247 
8 49 5150 52 53« 54 

252 6105 cel vad! المنطقة‎ 

منطقة الخليج» 92 

منطقة عمليات أوركاء 179 

المنظيات غير الحكومية» 95) 2100 61506140 153» 
616 162« 166 240 245« 473 

منيب» 2253 275 

مؤسسة نيو أمريكاء 17 

موسى» 6173 6181 186» 188( 194 

مونيكا لين براون» 320 

ميتش شيفرز (نائب مساعد وزير الدفاع)» 291 
9 425 

ميري بيث لونج» 17 


المسيسبى؛ 198 






ننجرهار» 117» 6140 160 6165 330 421 
نهر هلمند» 244 
نيكو تاك (مقدم» قائد فريق إعادة الإعمار)» 241 


نيوإنجلاند بيتريوتس» 215 


A 





هجات 11 سبتمبرء انظر: أحداث 11 سبتمبر 
هرات (ولاية أفغانية)» 10 57 64» 66. 178 489 
الهزارة» 226 39 117» 215« 398) 4475 503 
JUI‏ الأحمرء 134 140 144 145« 6153 156 


536 


251 هولندية مدرعة»‎ OLS ys 

مركز التجارة العالمي» 57 

مزار الشريف» 182 

مستشفى أفريدي» 167 

المستوصفات الصحية» 37 

شاة البحرية» انظر: فيلق المارينز 

مصر» 93. 300 

مطار باجرام» 239 337 

مطيع الله (قائد الشرطة)» 253« 260 

199 cil gale معركة‎ 

181 العسكري»‎ Lie pd معهد‎ 

مفرزة العمليات ألفا-221 624.21 626 634 638 
7 652 53 6337 6377 6378 6379 382« 
1 405 

مفرزة العمليات UÍ‏ -23 223 624 626 627 6359 
7 388 391« 407. 409« 414« 415« 
7 430 

المقبرة الوطنية في أرلينغتون» 499 

المقدم لوفيفر» 2227 2229 231 

مقدونياء 288 

مكتب التحقيقات الفيدرالي» 6152 395 

مكتب آيزنهاور التنفيذي» 9 

الملا باري» 242« 244« 247 248 

الملا برادار. 225 

الملا حسماني» 221 223 224 27« 28 634 35) 36( 
7 38 39 40 45 46 47« 48« 49« 50« 
621 5553 

الملا عمر» 182( 225 316 

الملا غفورزاي» 342« 344« 480 487 509 


الفهارس 


«321 «319 +307 306 «296 «293 «285 
2370 367 «352 343 «325 «324 «322 
2428 «424 .405 .403 .392 3716 4 
«491 «488 «473 471 .466 .456 .438 

508 «503 «501 «497 

والت (ضابط ارتباط القوات الجوية الأسترالية)» 
2 253 254« 255 

وزارة إعادة الإععار والتنميةء 109 

وزارة الأمن الداخلي والجمارك وحماية الحدود. 152 

204 271 270 68 «59 658 »16 cde LI وزارة‎ 
6155 (153 6152 6150 «148 «147 5 
«297 296 «289 «279 233 6177 «176 
«351 (344 342 314 «311 305 2 
«474 «473 «472 470 .404 .403 .352 
512 «511 «499 .498 «477 476 5 

وزارة الداخلية الأفغانية» 176» 491 

وزارة الدفاع» 9 58.16 59 663 66( 67( 68 

«149 «148 «146 «87 82 79 75 40 
«250 ¢236 (233 6178 «175 «160 «152 
«367 (352 «347 «307 «303 «297 1 
«477 474 «461 «429 .423 «417 0 

492 .491 

وزارة الزراعة» 149 350 

وزارة الصحة, 6145 162( 168 

وزارة العدل» 152 

وزيرستان الشمالية» 13» 325 341 

وكالة الاستخبارات المركزية» 160 6170 293« 2303 
117 317 373« 458« 484« 504 

الوكالة الأمريكية للتنميةء 58 59) 68 c69‏ 109» 
6 147 149« 153« 155« 157« 176 


هلمند (ولاية أفغانية)» 669 86 6101 6135 173» 
5 176 6177 178 6179 6181 6182 6185 
6 1&7« 193« 6199 201« 232« 235« 236« 

353 333 (332 320 315 2 

503 .462 456 «319 «316 302 224 cul 

هندوكوش (سلسلة (Sle‏ 685 105 

هنغارياء 288 

هولنداء 81 2239 322 

هيلاري كلاجيت» 17 

هيئة الأركان المشتركة, 59 675 93ء 6147 6148 
3 279« 281« 291« 2294 6297 298« 
9 417 424« 425« 511« 512 


9 


واحة العين» 90 

الوادي الأخضرء 2251 252 

وادي باغران» 173 

وادي بالوتشي» 248( 2250 2251 252( 2255 
6 257 262+ 2263 274« 335 

وادي تاجاب» 65 6103 6105 4109 6110 111» 
3 6116 6118 6134 135« 6179 181« 
3 270« 328« 331 

وادي سينار لاواء 90 

وادي لوغار ناوا» 98 

وادي معروف» 5 205 213( 2216 221« 6222 
3 316 

655 651 641 »15 613 e11 610665 ol واشنطن»‎ 
«118 «78 «75 667 665 «62 «60 «59 7 
«183 «177 162 6158 «154 (148 6 
«280 «279 «277 «228 «203 «201 4 


المحارب الدبلوماسى: معارك أحد مقاتلي القبعات الخضر من واشنطن إلى أفغانستان 


ولاية غزني» 5» 221 22 223 28 46 47 53( 
005717 398 6399 6401 
2 403 404. 405« 435« 437 

ولاية فرح» 41 

ولاية مينيسوتاء 42. 

ولاية. وايومنغ» 27 

ويدينج كراشرزء 120 

ويست بوینت» 24: 392( 486 501 

6212 6211 2210 6209 «207 «206 «205 «bs 
221 6218 (216 6215 «214 «213 

ويليام فالون (قائد القيادة المركزية)» 290 


وينشسترء 264 









ا 
اليابان» 14» 85< 509 


يوسف (نقيب في القوات الخاصة الإماراتية)» £90 
1 94 


538 


وكالة التنمية الدولية التابعة OLY WU‏ المتحدة 
الأمريكية, 195 255» 436 470 503 

لولايات المتحدة الأمريكية؛ 10 11 612 613 627 
2 3ف 44 58 61« 62« 66« 67« 68 72« 
4 76 78 079 81« 82« 83« 88« 89« 97« 
9 102« 6103 134 136« 6146 150« 6151 
2 153 160 6171 184« 195« 206« 212« 
3 236 237 239 241 247( 2249 275( 
7 280 281 288( 289« 309« 311 6314 
1 323 324 327 315 404« 424« 426« 
7 456 457 458« 459« 460« 461« 462« 
6 476. 497« 498« 500« 501« 502« 503« 
5 506 508 

ولاية أوروزغان» 85« 86 90. 93. c94‏ 96 298 
9 100 101 115 135« 6148 ¢150 6160 
9 182« 2235 236 238« 239. 240« 241« 
5 251 258 259 260. 262( 268« 282« 
4 2288 322« 330« 332« 335« 513